عاد ربيع الأرض فاستيقظت

عاد ربيعُ الأرض فاستَيقظت

​عاد ربيعُ الأرض فاستَيقظت​ المؤلف رشيد أيوب


عاد ربيعُ الأرض فاستَيقظت
وزَحزَحت عن مُقلَتَيها الحجاب
ظَنّت بأنّي قلتُ يا مهجتي
قُومي فقد عاد زمانُ الشباب
لم أدرِ إذ أوصَدتُ بابَ المُنى
أنّ لنفسي ألف بابٍ بابٍ وباب
فالبُلبلُ الصّدّاحُ في روضهِ
تُسكتُه هوجُ الرّياح الغضاب
والنجمةُ الغرّاءُ في أفقها
يحجبها عن العُيونِ الضّباب
إن لم يكن صدرُ الفتى عامراً
بالصّبر ظلّ العيش رهن الخراب
والمرء في الدنيا بشتى المنى
يحيا ولو كانت كلمعِ السراب
لولا بقايا ذكرياتٍ رسَت
في القلبِ لم يقوَ عليها العذاب
ما اغرَورَقت عيني على فائتِ
قد مرّ من عمري مُرورَ الشهاب
يا دمعَةً جالت لذكرِ الصِّبَا
في مُقلةٍ قد جعّدتها السنون
خافت عليها العينُ من لائمٍ
فغَيّبَتها في زوايا الجفون
ويا فُؤاداً خافقاً بالجوَى
خفتُ عَلَيهِ يعتريهِ السّكون
ذا علّةٍ أمسى ولكنّهُ
يبدو صَحِيحاً كي يُضلّ الظنون
هيّا بنَا نمشي إِلى رَوضَةٍ
بعيدةٍ كي لا ترانا العيون
حيثُ أغاني الحبّ في زهوهِ
قد ردّدتها الطيرُ فوق الغصون
حيثُ رواياتُ الصِّبا قد بدَت
في مسرح الأحلام تنفي الشجون
حيثُ معاني الله في خلقهِ
حيثُ جمالُ الكونِ حيثُ الفنون
هذا مجالٌ واسعٌ للمنى
وكلُّ شيءٍ بالأماني يهون
دوزَنتُ قيثاري على نَغمَةٍ
تحبّها نفسي لبُعد القرار
ورحتُ أطوي روضةً روضةً
وأنشد الأشعارَ طولَ النّهار
كأنّني قد سرتُ في جنّةٍ
لوِ استطاع القلبُ فيها لطار
تجدو بيَ الأحلامُ في عالمٍ
قاصٍ عن الدنيَا بعِيدِ المَزار
فلا جليسٌ غير زهر الرّبى
ولا أنيسٌ غير صوت الهزار
حتى إذا لاحت نجومُ الدّجى
تذكّرَ الأصحابُ نائي الديار
وَهَبَّ مِن أحلامِهِ ناسياً
ما مرّ بالذكرى وأرخى السّتار