عام جديد

​عام جديد​ المؤلف علي محمود طه


غنّ بالهجرة غاما بعد عام
و ادع للحقّ و بشّر السّلام
و ترسّل يا صديقي نغما
و تنقّل بين أمواج و غمام
صوتك الحقّ فلا يأخذك ما
في نواحي الأرض من بغي و ذام
كن بشير الحبّ الحبّ و النّور إلى
مهج كلمي و أكباد دوامي
هجرت أوطانها و اغتربت
في مثاليّ من المبدإ سام
أنفت عيش الرّ قيق المجتبى
و أبت ذل الضّمير المستضام
يا دعاة الحقّ هذي محنة
تشغل الرّوح بمشبوب الضّرام
هذه حرب حياة أو حمام
و صراع الخير و الشّر العقام
خاضها الإسلام فردا، و هدى
بيراع، و تحدّى بحسام
هجرة كانت إلى الله، و في
خطوها مولد أحداث جسام
أخطأ الشّيطان مسراها، فيا
ضلّة الشّيطان تلك الموامي!
آب الخيبة من غايته
و هو فوق الأرض ملعون المقام
صفحات من صراع خالد
ضمّنت كلّ فخار و وسام
لم تتح لجبّار طغى
أو لباغ فاتك السّيف عرام
بل لداع أعزل في قومه
مستباح الدّم مهدور الذّمام
زلزل العالم من أقطاره
بقوى الرّوح على القوم الطّغام
و بنى أوّل دنيا حرّة
برئت من كلّ ظلم وأثام
تسع النّاس على ألوانهم
لم تفرّق بين آري و سامي
حاطم الأصنام: هل منك يد
تذر الظّلم صديعا من حطام؟
لم تطلقها حجرا أو خشبا
و يطاق اليوم أصنام الأنام!!
و عجيب صنعهم في زمن
أبصر الأعمى به و المتعامي!
آدميّون قزامى انتحلوا
منطق الآلهة الشّم العظام
و تراهم مثلما تسمعهم
صور الوهم و أحلام النّيام
بشّروا النّاس بدنيا، ويحهم!
أيّ دنيا من دمار و حمام؟
تسلب النّاس حجاهم و ترى
أمم الأرض قطيعا من سوام
قيل للحقّ، و ما أعجبه
في ادّعاء لفّقوه و اتهام!
قيل للخبز، فهل أطعمهم
حاتم الحرب سوى الموت الرّكام
سدّدي بالنّار قوسا و اصرعي
مارد الشّر بمشبوب السّهام
ضلّت الأرض بليل داهم
يحذر النّجم دجاه المترامي
دميت أعيننا في جنحه
و اشتكت حتّى خفافيش الظّلام
يا قلوبا ضمّها الشّرق على
مورد للحقّ و الحبّ التّوأم
و شعوبنا جمعتها أمّة
بين مصر عراق و شآم
و بطونا من بقايا طارق
في البقاع الجرد و الخضر النّوامي
ما شدا شعري بها إلاّ هفت
بالقباب البيض أو حمر الخيام
كلّ روح بهدى من حبّها
كلّ قلب بشعاع من غرام
تذكر القربى و تستندي بها
مشرق الآمال في مطلع عام
و ترجّى عودة المجد الذي
أعجز الباني، و أعيا المتسامي
من بيوت هاشميّات البنى
عروش أمويّات الدّعام
و نتاج من نهى جبّارة
و تراث من حضارات ضخام
قل لها يا عام لا هنت و لا
كنت إلاّ مهد أحرار كرام
ذاك مجد لم ينله أهله
بالتّمني، و التّغني، و الكلام
بل بآلام، و صبر، و ضنى
و دموع، و دم حرّ سجام
قل لها إنّ الرّحى دائرة
و اللّيالي بين كرّ و صدام
فاستعدّي لغد إنّ غدا
نهزة السّبّاق في هذا الزّحام!
و اجمعي أمرك لليوم الذي
يحمل البشرى لعشّاق السّلام!