عبقرية عمر (المكتبة العصرية)/ثقافة عمر



ثقافة عمر


اذا تكلمنا ثقافة عمر بلغة العصر الحاضر جاز لنا أن نقول: انه كان رجلا وافر الحظ من ثقافة زمانه ، وانه كان أديا مؤرخا فقيها ، مشارکا في سائر الفنون ، مدربا على الرياضة البدنية، خطيا مطبوعا على الكلام ، فليس أرجح من نصيبه في ثقافة زمانه نصيب . ظل في اسلامه كما كان في جاهليته عظيم الشعف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية ، بل ظل كذلك بعد قيامه بالحرية واشتغاله بجلائلها ودقائقها التي لا تدع وقته فراغا لغيرها ، فكان يروي الشعر ويتمثل به ويحث على رواته ويعتدها من تمام المروءة والمعرفة كما قال لابنه عبد الرحمن : « يا بني انسب نفسك تصل رحمك و احفظ محاسن الشعر يحسن أدبك ، فان من لم يعرف نسبه لم يصل رحمه . ومن لم حفظ محاسن الشعر لم يؤد حقا ولم يقترف أديا » وقال للمسلمين عامة : « ارووا الأشعار فانها تدل على الأخلاق . ونظر الى فائدته العملية كما نظر الى متعته الأدبية ، فقال فيه انه جذل من كلام العرب يسكن به الغيظ وتطفأ به الثائرة ويبلغ به القوم في ناديهم وتعطى به السائل . وكانت متعته بطرائف الأدب من متع الحياة التي لا يبالي الموت لو نصيبه منها ، فكان يقول : « لولا أن أسير في سبيل الله ، وأضع جبهتي ، وأجالس اقواما ينتقون أطايب الحديث كما ينتقون أطايب الثمر لم أبال أن أكون قد مت ، واذا اقترنت العبادة باستطراف الحديث المهذب عند عمر ما يبلغه فضل الأدب عنده من ثناء و تقریظ وقد كان اعظام الرجل في عينيه بمقدار حذقة للحديث وقدرته على (1) أي كثير (1) أي بلغ شفافه ، وهو : غلاف قلبه . (۳) أي الطرائف (4) أصل الشجرة وغيرها (5) مدح الانسان وهو بحق أو باطل . (6) أي مهارته واجادته . فذلك غاية . -11- هو من (1)

. 1 الابانة والمنطق الحصيفة". فنظر يوما إلى هرم بن قطبة ملتفا في بت بناحية المسجد وقد عرف تقديم العرب له في الحكم والعلم وهو دمامة ،) ما رضا لة ومنظر زري"، فأحب أن يكشفه ويسبحكمته ، فسأله في علقمة ابن علاثة وعامر بن الطفيل : أرأيت لو تنافرا اليك اليوم أيهما كنت تنفر .. فأجابه الرجل : يا أمير المؤمنين ! لو قلت فيهما كلمة لأعدتها جذعة ، أي لأعاد الحرب فتية كما كانت ، فأثني عليه وقال : لهذا العقل تحاكمت إليه العرب ! .. وجاءه وفد فيه الأحنف فتركهم جميعا واستفتح ما عنده من الحديث فأعجبه وأعظم قدره وعقد له الرئاسية الى أن مات... و سره أن عاد العرب الى رواية الشعر بعد أن شغلهم عنه الجهاد في سبیل الدين ، فكان يقول أن الشعر «كان علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه ، فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم ، ولهيت عن الشعر وروايته ، فلما كثر الاسلام وجاءت الفتوح واطمأنت العرب بالامصار راجعوا رواية الشعر فلم يئلوا الى ديوان مدون ، ولا کتاب مکتوب ، فألفوا ذلك وقد هلك هلك بالموت والقتل فحفظوا أقله وذهب منهم أكثره . ومن ناحية الأدب فيه ، و ناحية الدين معا ، حثه على تعلم العربية « لأنها تثبت العقل وتزيد في المروءة ، وقد أوصى بوضع قواعد النحو لأنه قوام العربية الخليفة هو عمر الأديب طوال حياته ، لم ينكر من الشعر الا ما ينكره المسئول عن دين ، ولم ينس قط أنه الأديه الحافظ الراوية الا حيث ينبغي أن ينسى ذلك ليذكر أنه القاضي المتحرز" الأمين فنهى عن التشبيب بالمحصنات كما نهى عن الهجاء ، وجيء له بالحطيئة متهما بهجاء الزبرقان بن بدر حيث يقول فيه : دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فانك أنت الطاعم الكامي ننسى أنه الأديب الراوية ولم يذكر الا أنه القاضي الذي يدرأ الحدود (!) أي الايضاح • (۲) استحکم عقله (۳) طیلسان من خز ونحوه (4) قبح . (5) أي محتقر · (6) أي يختبر " (۷) أي قرية • (۸) أي يلجأوا . (9) الحرز : الموضع الصين ، وتحرز منه : أي توقاه . (۱۰) النسيب بالنساء من العرب من ولم يزل عمر 6

مره ۱۹

. (۲) بالشبهات، ولا يحكم بما يعلم دون ما يعلمه أهل الصناعة ، وقال للزبرقان : ما أسمع هجاء ولكنها معاتبة ، ، ثم سال حسان ثابت ففضی بأنه هجاه وأفحش في هجائه ، فحبسه وأنذره ونهاه أن يعود الى مثلها ، فانتهى طوال حياة عمر ، ثم عاد الى الهجاء بعد وفاته واستعداه تمیم بن مقبل على النجاشي لأنه قال في قومه بني العجلان : اذا الله عادي أهل لؤم وذلة فعادی بنی العجلان رهط ابن مقبل فذكر قضاءه ولم يذكر روايته للشعر ، وقال على سنة القضاة يدفع الحدود بالشبهات : انه دعاء والله لا يعادی مسلما قال تمیم : فأنه يقول عنا : قبيلته لا يغدرون بذمة ولا يظلموني الناس حبة خردل فقال عمر : ليتني من هؤلاء قال

وانه يقول :

تعاف الكلاب الضاريات لحومهم وتأكل من عوف بن کعب بن نهشل فقال شمر : كفى ضياعا بمن تأكل الكلاب لحمه قال تميم

وانه يقول :

ولا يردون الماء الا عشية فقال : ذلك أصفى للماء وأقل للسكاك ( أي الزحام ) قال تمیم

وانه يقول :

وما العجلان الا لقولهم خذ العقب واحلب أيها العبد واعجل فقال كلنا عيد ، القوم أنفعهم لأهله قال تميم : قوله أولئك أولاد الهجين" "وأسرة الل ئیم ورهط العاجز المتنال فقال : أما هذا فلا أعذرك عليه : وحبس الشاعر وضربه وأنذره لئن عاد ليضاعفن له العقاب وقد تجوزنا فقلنا : ان عمر نسی علمه بالشعر ليذكر ابراء الذمة في القضاء . وقد حاول ذلك جهده فأفلح لو يفلح أديب في نسيان أدبه (1) أي طريقهم . (۲) العهد (4) الذين يردون الماء . (5) المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي (1) اللئيم (1)

اذا

عن كل منهل الوراد" صدر عمر مسی عمر

، وخي

فسله

عن (1) عمر .. 4 . . ومن ولكنه مطلب ما أستطيع. قط ولن يستطاع . فكان عمر في تخريجه للكلام وعلمه بما تنصرف اليه معانيه أخبر بالشعر من قاض لا يفقه منه الا ظاهر لفظه ومعناه المشهور عن عمر انه كان عليما بتاريخ العرب وأيامها ومفاخر انسابها كعلمه بالمتخير من شعرها ولسائر أمثالها جنح الى ذلك بطبعه ونقله عن أبيه ، وكثيرا ما كان يقول كما جاء في انبيان والتبيين : سمعت ذلك الخطاب ولم أسمع ذلك عن الخطاب و من وصاياه :« تعلموا النسب ولا تكونوا كتبط السواد اذا سئل قرية كذا ». ومنها : « عليكم بطرائف الأخبار، علم الملوك والسادة ، وبها تنال المنزلة والحلوة عندهم عن أحدهم عن أهله قال . فانها من 4

بن مسعود يقول : د کان عمر 9 6 عمر ... # وفقه عمر بالشريعة التي كان مسئولا عن نفاذها مشهور بين الفقهاء .کاشتهار أدبه و اطلاعه على تاريخ قومه . فكان عبد أعلمنا بكتاب الله ، وأفقهنا في دين الله ، وكان اذا اختلف أحد في قراءة الآيات قال له : اقرأها كما قرأها عمر ، وأطنب فقال : « لو ان علم عمر بن الخطاب في كفة ميزان ، ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم - بعلمهم ، ولقد كانوا يروون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم وقال ابن سيرين : « أذا رأيت الرجل أنه بزعم أعلم من عمر دينه ) وكل ما فسر به آي القرآن في معرض الحكم والعظة فهو التفسير الراجح في وزن العقل والدين ، وكل ما استخرجه من أحكام الشريعة فهو الحكم الواضح الصحيح ونصائحه للعلماء والمتعلمين نصائح عالم يعرف ما هو يجمل بالعلماء في طلبه، فكان يقول : « تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم ، وتواضعوا لمن تتعلمون منه وتواضعوا لمن تعلمون ، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم ، وكان و أن يكونوا أوعية الكتاب وينابيع العلم ، ويسألوا الله رزق يوم بيوم ، (1) اي مال (۲) أطنب الرجل : أتي بالبلاغة في الوصف مدحا العلم وماذا يوصي طلابه 6 6 كان أو ذما . ۱۹۷ . ولا يضيرهم الا يكثر لهم ، ولا يزال يذكرهم أن التفقه مقدم على السيادة فتفقهوا قبل أن تسودوا » ولم يقصر نصائحه على علم الدين وحده ولا علم الأدب واللغة وحده ، بل تناول كل ما عرف من معارف زمانه فقال : « تعلموا من النجوم ما يدلكم على سبيلكم في البر والبحر ولا تزيدوا عليه » ولا شك أن نصائحه العملية في طلب العلم كانت أغلب من تاجه النظرية فيه .شأنه في ذلك شأن رجل الدولة الذي يعلم الناس ما ينفعهم ويصلح معاشهم ويهذب أخلاقهم ... ولكننا مخطئون أن فهمنا هذا القول الذي رويناه في علم النجوم انه كان يكره الزيادة الحديثة فيه كما عرفناها نحن في أيامنا ، فانما الزيادة التي كرهها هي تلك الزيادة التي كانت على عهده تخوض في التنجيم وتربط أقدار الناس بالكواكب وتجعل منها أربابا لعبد وأرصادا تؤتمن على أسرار الغيب . وذلك ما نهی عنه الآن وتعد النهي عنه من تحقيق العلم الصحيح .. ولم يفته الحرص على المعرفة التي تخترع منها منافع للناس في أمر المعاش . فطلب الى أبي لؤلؤة غلام المغيرة ان ينجز ما ادعاه من اختراع طاحون تدار بالهواء ، وهو علم الصناعات کما انتهى إليه في عصره ، لا يضيره انه قسط ضئيل، بل حرصه عليه مع ضالته دليل على ما يلقاه تشجيع المناعة يوم يراها جليلة كبيرة الآثار . على أن زبدة الثقافة كلها في أقطاب الحكم وعظماء الأعمال انما تتلخص في شيء واحد : هو الدراية بالناس ونفاذ البصر في شؤون الدنيا وصدق الخبرة بدخائل النفمن البشرية ، أو هو ما نسميه في أيامنا هذه بالرأي السليم والحكمة العملية ، وهو مجال كان عمر بن الخطاب قليل النظراء فيه ، وحفظت له كلمات في معانيه يندر مثيلها بين كلمات الحكام ، ولا بكثر مشیلها كلمات الحكماء فاي كلمة أدل على النفس البشرية من قوله : « ليس العاقل الذي عرف الخير الشر ، ولكنه الذي يعرف خير الثرين ) (۱) المراد : خلاصتها باعتبار أن الزبدة خلاصة اللبن ، أو دسامتها لما في الزبد من دسم • منه (1) و . من –۱۹۸ .

(۲) لا وأى نفاذ في تركيب الطبائع أمضى من نفاذه اذ يقول : « ما وجد أحد في نفسه كبرا الا من مهانة يجدها في نفسه » ? . أليس هذا بعينه هو مركب النقص الذي يلهج به علم النفس الحديث { .. وأي رأي في تجربة الناس أصدق من رأيه حين يقول : « لا تعتمد على خلق رجل حتى تجربه عند الغضب » أو حين أثني بعضهم على رجل أمامه فسأله : أصحبته في السفر ؟ .. أعاملته ؟ .. فلما أجابه نفيا قان : در فأنت القائل بما لم تعلم » ؟ . وأي فهم المعنى الاستعداد للعمل أقرب من فهمه حين ينصح العاملين : د اذا توجه أحدكم في الوجه ثلاث مرات فلم ير خيرا فليدعه" ? .. كذلك سداد جوابه حين سئل فيمن يشتهي المعصية ولا يقارفها وفيمن ينتهي عنها وهوز يشتهيها أيهما أفضل وأجزل مثوبة عند الله ، فكتب في هذا فصل الخطاب اذ قال : « ان الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ، أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر كريم ). وكذلك وصيته بكتمان السر وتبيينه لحسن عقباه حين قال : « من كتم سره كان الخيار بيده » • وكذلك وصيته في الحب والبغض حين قال : « لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا » وكذلك مخافته محنة الفراغ على الناس أشد مخافته محنة الخمر حين قال : « أحدر کم عاقبة الفراغ فانه أجمع الأبواب المكروه من السكر) وكذلك وصاياه التي كانت تحفل بها كتبه الى الولاة وخطبه في الصلوات والأعياد كلها آيات من هذه الحكمة العملية التي هي خلاصة الثقافة المحمودة في أقطاب الحكم خاصة ، وفي كل رجل يزاول شؤون الحياة على التعميم اما مشاركته في سائر الفنون والمعارف التي كانت میسورة على عهده فمنها المستغرب عند من يتخيل صورة عمر من جملة أخباره ، ولا يتقصی فيها الى التفصيل (1) أي عيب و نقص 0 (۲) أي فليتر که • (۳) أي صواب من . . ۱۱۱ تقصيرا عن ذاك . فاستقدم .. عمر من فقليل من يتخيل أن عمر كان يعرف « جغرافية و الشرق كاحسن ما يعرفها رجل في وطنه ، ولكنه كان يعرفها حقا عن سماع وعن رؤية وعن زكانه تعين السمائع والرؤية . بل كان يفرض على الولاة أن يحيطوا بعلم ما يتولونه من البلاد ويعزل من پری عمار بن ياسر امير الكوفة لما شكوه اليه وقالوا في شكواهم اياه : « أنه لا يدري علام استعمل» وجعل يسأله عن المواقع والبلدان من بلاد العرب والفرس حول الكوفة سؤال مطلع خبير ، ثم عزله لتقصيره بعد اختباره . ومن الواجب أن نشك في كل خبر يوهم أن كان يجهل معرفة . المعارف العملية التي يحتاج اليها في تدبير الدولة ، فلا يعقل مثلا أنه كان يجهل المعرفة العامة بالحساب وقد كان تاجرا منذ نشأته في الجاهلية وكان يحضر الجيوش ويعرف ما هي الالوف وما هي عشرات الألوف ، فاذا استفسر عن رقم فلن يكون الا استفسار نجاهل واستعظام وليس بجهل وغرارة كما جاء في أخبار الخراج من هجر والبحرين : قال أبو هريرة ما فحواه : قدمت من هجر والبحرين بخمسمائة ألف درهم . فأتيت عمر بن الخطاب ممسيا أسلمه اياه فسأل کم خمسمائة ألني درهم قال : وتدری کم خمسمائة ألف قلت : نعم مائة ألف ومائة ألف خمس مرات قال : أنت ناعس ، اذهب فبت الليلة حتى تصبح ! .. فكل شيء يجوز أن يفهم من هذه القصة الا ان كان يجهل ذلك الرقم ولم يسمع بمثله قبل ذلك ، وهو الذي شهد الدولة وحسابها من شهد أبي بكر وأحصى الجند والمال في عهده انما هي غبطة واستعظام ، وليس هو جهلا بدلالة هذا الرقم في جملة الحساب واذا فل من يتخيل علم بالجغرافية والحساب فأقل أولئك من السماع والغناء ، ولكنه كان يسمع ويفني في بعض الأجيان ، ولا ينهى عن غناء الا أن تكون فيه غواية تثير الشهوات . جي (۱) أي علم وفهم • (۲) أي غفلة . (۳) في وقت المساء (4) من معاني الغبطة : المسرة ، وحسن الحال

هو 7 .. قلت . درهم عمر عمر من يتخيل له حظا فقال : دعوه خرج عمر عمر عمر عمر

+ عمر (۳) هو له برجل يغني في الحج وقيل له : أن هذا يعني وهو محرم فان الغناء زاد الراكب ... وروی نائل مولی عثمان عفان انه في ركب وعثمان وابن عباس ، وكان نائل رهط من الشبان فيهم رباح بن المعترف الفهري الذي كان يحدو" ويجيد الحداء والغناء . فسألوه ذات ليلة أن يحدد لهم فأبي وقال مستنكرا : معد !.. قالوا: احد فان نهاك فانته نجدا اذا كان السحر قال له : کف فان هذه ساعة ذكر . ثم كانت الليلة الثانية فسألوه أن ينصب لهم نصب العرب . فأبى وأعاد استنكاره بالأمس قائلا: .. قالوا له كما قالوا بالأمس : انصب نان نهاك فانته . فنصب لهم نصب العرب حتى اذا كان السحر قال له

کف فان هذه ساعة ذكر . ثم كانت الليلة الثالثة فسألوه أن يغنيهم

غناء القيان فما الا أن رفع عقيرته بغنائهن حتى نهاه وقال له : كف فان هذا ينفر القلوب . وكان يخرج للحج ومعه من يحسن الغناء فيقترح عليه أن يعنی شعرا ويؤثر أن يكون ذلك من شعره خرج مرة للحج ومعه خوات بن جبير وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف فاقترحوا على خوات أن يغنيهم من شعر ضرار ، وقال عمر : بل دعوا أبا عبد الله فليغن من بنیات فؤاده". فما زال يغنيهم حتی كان السحر فهتف به عمر : ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا وجاءه قوم فذكروا أن أمامهم يصلى بهم العصر ثم يتغنى بأبيات من الشعر ، فقام معهم اليه واستخرجه من منزله وسأله فيما بلغه عنه ، و استنشده الأبيات التي يغنيها ، فأنشده : وفؤادی کلما نبهته عاد في اللذات يبغی تعبی لا اراه الدهر الا لاهيا في تماديه فقد برح بھی یا قرين السوء ما هذا الصبا فني العمر كذا باللعب وشباب بان منی نمضي قبل أن أقضى منه اربی (1) الغناء للابل حتى تجد في سيرها ، (۲) الأمة مغنية كانت أو غير مغنية ، وجمعها : القيان ۰ (۳) صوت المغني والباكي والقاريء . (4) أي من شعره .

(1), من 6 .. ? و و (1) نفس لا كنت ولاكان الهوى التقى المولی وخاف وارهبي فأعاد البيت الأخير ، وقال لمن شكوا اليه : من كان منكم مغنيا فليغن هكذا .. وكان مرة في سفر فرفع عقيرته بالغناء وأنشد : وما حملت ناقة فوق رحلها أبر وأوفي ذمة من محمد فاجتمع الركب اليه ، فقرأ فتفرقوا . فعل ذلك وفعلوه مرات ، فصاح بهم : « يا بني المتكاء ! .. اذا أخذت في مزامير الشيطان اجتمعتم ، وإذا أخذت في كتاب الله تفرقتم ? .. » لا يلومهم على الغناء وسماعه ، وانما يلومهم أن يؤثروه على سماع القرآن مرات . ولا شك أن الشغف بالشعر الجزل والحديث الرائق" والصوت الحسن لا يجتمع في نفس الا اجتمع معه ذوق للجمال وسرور بكل حسن جميل . ولكن أين يقع هذا من صرامة عمر وبأسه وشدة حجره على زينة الحسان ؟ فقد دخل في روع أناس أنها جميعا من نقائض حب الجمال ، وقد سمعنا هذا فعلا من أدباء يجلون "عمر ولا يحسبون ذوق الجمال من مأثور حسناته ، لأنه كان شديدا في الحجاب وكان ينفي الفتيان الحسان صنع بنصر بن حجاج ومعقل بن سنان ، وكان يقول : « استعينوا بالله من شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ... وعندنا نحن أنه هذا جميعه ينم على الاحساس بخطر الجمال وطغيان فتنته ، ولا ينم على غفلة عنه وقلة مبالاة بأثره . وما نخال أحدا من المترخصين في الحجاب كان يؤمن بسلطان الجمال أبلغ بسلطانه ، أو كان يعرف حق المرأة في الشوق اليه كما عرفه وأمر برعايته ، فانه كان ينكر على الآباء أن يكرهن فتياتهم على قباح الوجوه ويوصيهم : « ألا تكرهوا فتياتكم على الرجل القبيح فانهن يحببن ما تحبون ) وجاءت له امرأة بزوج أشعث أغبر تسأله الخلاص منه ، فأمر به أن يحم" وأن تقلم أظفاره ويؤخذ من شعره ، ثم قال له ولمن في مجلسه واصنعوا لهن فو الله انهن ليحبين أن تتزينوا كما تحبون أن يتزين لكم » فكل ما روي عن عمر من الشدة والرفق في معرض الجمال فهو دلیل (1) أي عهد ۰ (۲) ضد الركيك . (۲) بمعنى الحسن : (4) يعظمون .. (5) المغبر الرأس : (6) من الاستحمام - کیا . من ایمان عمر (1)

وهكذا على الأحماس به ، واكبار خطره ، وليس بدليل على الغفلة عنه واستصغار

أثره ، وربما كانت الشدة والحجر أدل على ذلك الرفق والمحاسنة . من

تا د ا (۲) ومن الآداب العامة التي لها حظ من ذوق الجمال في معارض السياسة أدب الذكريات الذي لا يستغني عنه ولاة الأمر الموكلون بأحياء معالم الدول والاحتفال بمراسمها وأعيادها ففي هذا الأدب كان لعمر النصيب الذي يعنيه , فهو الذي اخنار أو وافق على اختيار يوم الهجرة بداية للتاريخ الاسلامی ، وانه لأصلح يوم يؤرخ به الاسلام . لأن العقائد كما قلنا في « عبقرية محمد » « تقاس بالشدائد ولا تقاس بالفوز والغلب ، و كل انسان يؤمن حين يتغلب الدين وتفوز الدعوة ، أما النفس التي تعتقد حقا ويتجلى فيها اتصار العقيدة حقا فهى النفس التي تؤمن في الشدة ، و تعتقد ومن حولها صنوف البلاء) وكلما اقترح على عمر ذوق الذكرى ، كان مجيبا الاصغاء إليه . فكان يحترم وفاء بلال واقلاعه عن الأذان بعد وفاة النبي عليه السلام . ولكنه دعاه إلى الأذان تلبية لاقتراح الجلة من الصحابة في يوم وداع دمشق بعد الفتح المبين . فبينما المسلمون يشهدون الصلاة الجامعة اذا بالصوت الذي انقطع بعد النبي يرتفع رويدا رويدا في الفضاء ويسري رويدا رويدا من الأسماع الى الصدور . والتفتوا وكأنهم يسألون : ماذا ? .. هل عاد محمد الى الأرض ؟ .. ان لم يكن قد عاد فقد عاد الحنين اليه أقوى ما ينبعث من صوت انسان الى صدر انسان فذابت قلوب لا يذيبها الهول ، وبكى أشيب أولئك الأبطال وأصبرهم على حر القتال اقتراح فيه نفحة من ته . ...

  • * *

واذا كان عمر المعجب بالجمال مستكنا وراء ستار يحوجنا الى النظر من ورائه فعمر الرياضي المشغول بالرياضة البدنية ظاهر لنا بعمله وقوله ، (۱) أي يظهر • (۲) له نفحة طيبة : أي رائحة . (۳) سادتهم وعظماؤهم (4) أي شيئا فشيئا . (5) أي أكبرهم . (۱) و بسيرته في الجاهلية وسيرته بعد الاسلام ، وسيرته بعد الخلافة الى أن فارق الحياة فكان يصارع في المواسم ويسابق على الخيل ، وكان ينوط مجد العرب بالرياضة والفروسية ويكتب إلى الأمصار أن « علموا أولادكم السباحة والفروسية.ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر» ولا يفتأ يذكرهم انه « لن تخور قوى ما دام صاحبها بنزع وینزو » أي برمي بالقوس ويركب ظهور الخيل بغير رکاب من کلا شدقيه أما الخطابة فقد كانت فيه من صفات البنية ولم تكن من صفات الذهن و کفی ، فكان له. فم يمتلىء بالكلام حين يخطب كأنه خلق ليقول ، ولوحظ عليه أنه كان ينطق بعض الحروف - كالصاد به وهي تنطق في الأغلب من شدق واحد وكان جهوري الموت واضح النطق سليم الشفتين في اخراج الحروف ، وکتابته كلها كأنها خطب ومرتجلات تقرأها فكأنك تصغي اني خطیب لا تفقد منه الا الصوت المسموع ... ولا نطباعه على الكلام الذي لا تصنع فيه كان بستسهل كل كلام يوافق طبعه ولا يستصعب من الخطب الا الذي يغير من نظرته إلى الناس و يلجئه الى المداراة والباطل . فكان يقول : « ما تصعدنی کا تصعدني خطب النكاح ». والتمس ابن المقنع علة ذلك فقال :« ما أعرفه الا أن يكون أراد قرب الوجوه من الوجوه ، ونظر الحداق من قرب في أجواف الحداق ، ولأنه اذا كان جالسا معهم كانوا كأنهم نظراء وأكفاء ، واذا علا المنبر صاروا سوقة ورعية » والتمس الجاحظ علة ذلك فروي عن أناس أنهم رجعوا باستصعاب عمر الخطب النكاح الى « أن الخطيب لا يجد بدا من تزكية الخاطب ، فلعله كره أن يمدحه بما ليس فيه فيكون قد قال زورا وغر القوم من صاحبه » وكلا القولين جائز في بيان وجه المخالفة بين طبع عمر والتكلم في محافل النكاح . فهو مطبوع على (1) أي يعلق : (۲) الفطرة ، (۳) العالي الصوت : (4) أي شق علي (5) جمع حدقة ، والحدقة : سواد العين : (6) أي عوام الناس سلام (1)... ۲۰ = 1 6 تمییز کلامه أن يتكلم الى الناس كلام رجل يقود الرجال ، ومطبوع على الصدق الذي تنقل على صاحبه المداهنة، وهي مما لا غنى عنه في هذا المقام ، ولو كان الخاطب من الأكفاء وقد اختلفوا في نظمه الشعر فزعم الشعبي : أنه كان شاعرا ورويت له أشعار لا تشبهه ولا ترضيه ، ونفي هو نظمه للشعر حين قال : « لو كنت أقول الشعر لرثيت أخي زيدا » ولا طائل في هذا الخلاف ، لأنه لن ينتهي إلى رأی قاطع يسكت عليه ، ولكنما المهم في هذا الصدد أنه كان مطبوعا على التعبير وله عبقرية فيه ، أو أن تعبيره كان خاصا به لا يشبهه تعبير سواه ، فهو تعبير عمري

مفرداته وتركيبه لا يلتبس بتعبير. أحد من أهل عصره حتى ليسهل

كل كلام ويصعب تزوير القول عليه ولو أحكمت المحاكاة فمن خصوصياته في التعبير انه كان يقول : « لولا الخليفي الأذنت » وهو يعني الخلافة ولا يقصد الأغراب . ومنها وهو ينقل خبر اسلامه الى خاله : « وجئت الى خالى فأعلمته فدخل الى البيت وأجاف الباب » أي أوصده !۔ ومنها وهو يصف ما وقع في نفسه من الآية التي تلاها أبو بكر رضي الله عنه حين أنکر موت النبي فقال : « والله ما الا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلای » يعني انه عجز عن القيام . و منها في الكتابة والقراءة ينهي عن المجلة فيها : « شر الكتابة المشق و شر القراءة الهذرمة ، وأجود الخط أبينه » يذكر امرأة كانت تسقي الناس يوم أحد : انها كانت تزفر للناس القرب » أي تحملها ومنها في المشورة: « الرأي الفرد كالخيط السحيل ، والرأيان كالخيطين المبرمين، والثلاثة مرارا لايكاد ينتقض» ومنها حين كتب الى أبي عبيدة بعد ولايته الخلافة : « ... سرية الا في كثف الناس » (۱) اظهار خلاف ما يبطن (۲) السرعة في القراءة (۳) الخيط السحيل : سهل القطع (4) أي المفتولين ، فيكون قطعهما شاقا . (5) أي حبلا (6) النعض في الحمل : ضد الابرام هو ومنها وهو ولا تبعث . . (۳) des هو ومنها حين شكا اليه الشاکی هجاء الشاعر الذي قال فيه : ولا يردون الماء الا عشية اذا صدر الوراد عن كل مورد فقال ذلك أنفي « للسكاك » أي الزحام ومنها في سماحه بالبكاء : « ما لم يكن نقع أو لقلقة » أي ما لم يثر التراب ويفرط في العويل ومنها وقد حار بأهل الكوفة : « أعضل بي أهل الكوفة ما يرضون بأمير ولا يرضاهم أمير » . ومنها : « أن قريشا تريد أن تكون مغویات مال الله » أي مصائد تحتجنة لها دون عباد الله ومنها : « تمعددوا واخشوشنوا واقطعوا الركب وانزوا على الخيل نزوا» أي تزيوا بزي العرب من عدنان ومنها : « فرقوا بين المنايا واجعلوا الرأس رأسين ، ولا تلقوا بدار معجزة » أي تقيموا ومنها : « فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع ولا الذی بایعه تغرة أن يقتلا» أي أن يتعرضا للقتل ومنها : « ... ان الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في الضلالة ، فافهموا ما توعظون به ، فان الحريب من حرب في دينه » بريد المسلوب ومنها وقد بامرأة سافرة ابرزها زوجها فقال : « هذه الخارجة وهذا المرسلها لو قدرت عليهما اشترت بهما ) أي لأغلظت القوله لهما ومنها لما سألوه لم حصب المسجد فقال : « هو أغفر للنخامة وألين في الموطن » أنى أستر للبصاق ومنها : « ثلاث من الفواقر: جار مقامة ان رای حسنة سترها ، وان رأي سيئة أذاعها ، وامرأة أن دخلت عليها لسنتك وان غبت عنها لم تأمنها ، وسلطان أن أحسنت لم يحمدك ، وان أسأت قتلك » ولسنتك : أي تناولتك بلسانها ومنها وهو يخاطب سعد بن عبادة يوم السقيفة : « لقد هممت أن أطاك (1) أي غبار ۰ (۲) شدة الصوت . (۳) احتجنته : اذا جذبته بالمحجن الى نفسك • (4) أي منكنيفة . (9) أي يظهرها : (6) أي فرشته با سی (4).. (o) E ۲۰۱ حتی تندر عضدك ، أي تسقط ومنها وهو تكلم عن امرىء القيس : « خسف لهم عين الشعر فأفتقر عن معانی اور اصح بصر » أي استنبط عين الشعر وشق طريق المعاني وأتي بالشوارد الحسان ومنها وهو يتكلم عن نصيب المسلمين في الغنائم و بیت المال : « والله لئن بقيت ليأتين الراعی بجبل صنعاء حظه هذا المال وهو مكانه قبل أن وجهه » أي قبل أن يخجل ويحمر وجهه في ومنها قوله لاعرابي استفتاه في صيد ظبي وهو محرم : « أتقتل في الحرم وتغمص الفتيا !»، أي نعيبها ولا ترضاها ! من حمر طلبه • G

  • * *

وانما هي (1) (۳) وأشباه هذا كثير لا تخلو منه خطبة أو حديث أو کتاب ، تعمدنا أن نكثر شواهده لنرى أنه ليس بالمصادفة وليس بالتكرير لنمط واحد من العبارات ويلحق بهذا تسمية مواليه بين أسبق وأسلم ويرفأ وفرقد وذكوان و فروخ وما شابه هذه الأسماء . وهي تسمية مفردة تكاد تقتصر عليه ، الطبيعة العمرية تمثلت في صيغة الكلام وفي اختيار الأعلام . فلا تستطيع أن تسميها اغرابا أو عسلطة أو تعملا بنحو من أنحائه، اذ ليس وراءها قصد متفق في هذه الصيغ ، وأبين ما يبين فيها أنها البداهة هنا وهناك ، وانها تترجم عن الطبيعة العمرية أصدق ترجمة وأشبهها بصاحبها ، فهي قوية خشنة مستقلة جادة خالية من الزخرف . وهكذا كان المتكلم وهكذا كان كلامه الذي ينطبع عليه حين يكون منطبعا على التعبير ، فلو أن كلمات تتمثل رجلا لتراءى لنا مثال هذه في خلقه وخلقه كما كان من عفو عمر من الكلمات شخص عمر

کان عمر من ومحصل هذه الأخبار جميعا أن نخبة المثقفين في العربية ، وكان وافر السهم في ثقافة قومه وعصره ، وكان الجانب العملي من (1) الاغراب : الإتيان بالغريب (۲) الكلام بلا نظام ، و كلام معسلط : مخلط ۰ (۳) أي تصنعا . (4) أي الحظ .

. موقفه .. أغلب وأظهر من جوانبها النظرية، كما هو المعهود في ساسة الأمم وعواهل) الدول ، وان كان هذا لا يمنع أنه اشتاق الى نفائس الشعر ، و أطايب الأدب، لما يجده فيها من راحة النفسي، ومتعة الخاطر ويستطرد بنا الكلام على ثقافته العربية إلى الكلام على موقفه من الثقافات الأخرى في زمانه ، وعلى حقيقة الرواية التي شاعت وتواترت عن مكتبة الاسكندرية التي قيل أنه أمر بإحراقها ، فهل هو الآمر باحراقها كما جاء في تلك الرواية ? .. واذا كان هو الأمر بذلك فما دلالته على تفكيره ? وما وجهد المتبعة فيه ؟.. فحوى تلك الرواية بأن عمرو ابن العاص رفع اليه خبر المكتبة الكبرى في الاسكندرية ، فجاءه الجواب منه بما نصه : « أما الكتب التي ذكرتها فان كان فيها ما يوافق كتاب الله قفي كتاب الله عنه غني : وان كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة اليه ، فتقدم باعدامها » قال مفصل هذه الرواية : فوزعت الكتب على أربعة آلاف حمام بالمدينة ومضت ستة أشهر قبل أن تستنفد لكثرتها ! .. وأحرى شيء أن يلاحظ في مسألة المكتبة هذه أن الذين ادحضومة وأبرأواء عمر من تبعتها كان معظمهم من مؤرخي الأوربيين الذين لا يتهمون بالتشيع للمسلمين ، وكانوا جميعا من الثقات الذين يؤخذ بنتائج بحثهم 6 (1) في هذا الموضوع : ما وه فالمؤرخ الانجليزي الكبير ادوارد جیبون Gibbon صاحب کتاب ير الدولة الرومانية في انحدارها وسقوطها » يسرد الحكاية ويعقب عليها قائلا : « أما أنا من جانبي فاتنی شدید الميل الى انكار الحادثة وتوابعها على السواء ، لأن الحادثة العجيبة في الحق كما يقول مؤرخها اذ يسألنا هو أن نسمع جری ونعجب ! وهذا الكلام الذي يقصه أجنبي غريب يكتب على تخوم ميدية بعد ستمائة سنة يوازنه ويرجح عليه ولا شك سکوت اثنين من المؤرخين كلاهما مسیحى وكلاهما مصری ، وأقدمهما البطريق يوتيخيوس Eutychius الذي توسع في الكتابة عن فتح الاسكندرية ، وان القضاء الصارم الذي نسب الى البغيض الى (۱) جمع عامل ، والعاهل : الملك الأعظم كالخليفة ۲۱۰) أدحضوها : أبطلوها عمر f . (۳) (6) أنتونين الى عصر . " أصحاب الفهم الصحيح المستقيم من فقهاء المسلمين الذين يفتون بتحريم احراق الكتب الدينية التي تغنم من اليهود والمسلمين في الحرب ، وما كان من الكتب دنيويا لثينا" سواء ألفه المؤرخون أو الشعراء أو الأطباء أو الفلاسفة فحكمهم فيه أن يستخدم على الوجه المشروع لمنفعة المؤمنين وقد تعزى الى مقدمي الخلفاء بعد محمد غيرة أخرى من ذلك بالهدم والابادة . ولكن لو صح هذا لوجب أن تنفذ الأوراق سريعا لقلة المادة المحترقة !.. فلا نرجع الى نكبة المكتبة في الحريق الذي أصابها على غير قصد بیدی قیصری وهو يدافع عن نفسه ، ولا الى تعصب المسيحيين الأوائل الذين كانوا يدبرون الوسائل تدبيرا لتعفية الآثار المتخلفة من أيام عبادة الأصنام ، ولكننا ننحدر شيئا فشيئا من عصر ثيوديسيوس فنعلم من سلسلة الأنباء المعاصرة أن القصر الملكي وهيكل سرائیس لم تبق فيهما تلك الأسفار التي جمعها البطالسة وبلغت في احدی الروايات أربعة آلاف وفي رواية أخرى سبعة آلاف ، ولا يبعد أن تحفل الكنيسة ومعهد البطارقة بذخيرة من الأوراق والأضابير ، فان كانت هذه هي الوقود الذي أفنته الحمامات بما كان فيها من جدل بين القائلين بعديد الطبيعة المسيحية والقائلين بتوحيدها فقد يرى الفيلسوف وعلى فمه ابتسامة أنها كانت في الحمامات أنفع لبنتى الانسان !.. » والدكتور الفرد بتلر Butler المؤرخ الانجليزي الذي أسهب في تاريخ فتح العرب لمصر والاسكندرية يلخص الحكاية وينقضها ابتداء لأن حنا الذي قيل انه خاطب شمرو بن العاص في أمر المكتبة لم يكن حيا في أيام فتح العرب لمصر .. ثم ينقضها لأسباب شتى منها أن كثيرا کتب القرن السابع كانت الرق" وهو لا يصلح للوقود ، وانها لو قضى الخليفة باحراقها لأحرقت في مكانها ولم يتجشموا نقلها إلى الحمامات مع امکان شرائها الحمامات بعد ذلك بأبخس الأثمان ، واننا لو صرفنا النظر عن الكتب المخطوطة على الرق لما كفى الباقي من ذخائر المكتبة الوقود أربعة آلاف حمام مائة وثمانين يوما ، (1) المنهم : (۲) أي تنسب ۰ (۳) أي أشد ۰ (4) يقال : عما المنزل : . (5) نوع من الجلد الرقيق يكتب فيه . (1) اي تكلفه على مشقة فلبيوتوس (0) من (1) ما فيه من التعب من أي درس و (1) ه ه ة أوهام عن وهذا عدا الشك الذي يعتو القصة من تأخر كتابتها زهاء خمسة قرون ونصف قرن بعد فتح الاسكندرية ، ثم كتابتها بعد ذلك خلوا من المصادر والاسناد ، بل هذا عدا ما قيل من احتراق المكتبة في السنة الثامنة والأربعين للميلاد ، وفيما تلا ذلك من الفتن والقلاقل بين طوائف المسيحيين والمستشرق کازانوفا يسمى الحكاية أسطورة ويقول انها نشات بعد تاريخ الحادثة بستة قرون ، وينقضها لمثل الأسباب التي تخصناها من كتاب بتلر ، ثم يقول : وهنالك أعتراض أخطر مما تقدم وهو أن ما ذكر عن يحيى النحوی منقول عن كتاب الفهرست لابن النديم في أواخر القرن العاشر ، وفيه أن يحيی هذا عاش حتى فتحت مصر وكان مقربا من عمرو ولم يذكر شيئا عن مكتبة الاسكندرية . فحادثة المكتبة اذن ابن القفطي أخذها عن خرافة كانت شائعة في عصره ) ثم يمضي في تفنيده فيقول : « وقد تساءل ابن خلدون مخلفات الفرس والأشوريين والبابليين والقبط التي حرقها عمر عند فتح العرب وقال ابن خلدون في كلام آخر : ان العرب لما فتحوا بلاد الفرس بسأل بن ابی أبي وقاص عما أمر به في شأن الكتب التي بها فأمره بالقائها فی اليم " فانتقلت القصة فارس الى الاسكندرية مع الزمن ، وفل الخيال فعله في تحريفها « وقد وقع تحريف في هذه الخرافة في بعض دوائر المعارف حيث نقل عن سبرنجل أن مكتبة الاسكندرية حرقها العرب عند فتح مصر وأن الخليفة المتوكل أنشأها من جديد ، وأن الترك فتحوا الإسكندرية سنة ۸۹۸ وأضرموا فيها النار على عهد أحمد طولون ... ولكن أحمد طولون لم يفتح مصر ، وانما أقامه خليفة بغداد حاكما عليها . فلا علاقة للترك اذن بهذا الحادث المزعوم » قال : « وفي سنة ۱۸۷۷ ذكر الكونت دی لندبرج أن أحد الضباط الانجليز اتهم نابليون الأول باحراق مكتبة الاسكندرية » قال : « وسلم هنا بالسبب الذي من أجله ظهرت هذه الخرافة في (1) أي يعيبها . (۲) اللوم و تضعیف الرأي : (۳) اليوم : البحر • (4) أضرموا : أي أشعلوا عم من - ه . 6 .

منه

(1). القرن الثالث عشر ولم تظهر قبل ذلك » ... « ففي أواخر القرن الثاني عشر رجعت مصر الى حكم خلفاء بغداد وأبلى صلاح الدين بلاءه في الحروب الصليبية واتصر على المسيحيين فلقبه الشعب بفاتح مصر ، وقرن بين اسمه واسم عمر بن الخطاب وكان الابن القفطى أب يعجب بصلاح الدين ولاه صلاح الدين قضاء القدس ، وعاصر عبد اللطيف البغدادي وهو من المعجبين مشله بصلاح الدين ، فتلاقيا في القدس وسمع هذه الأسطورة التي توسع ابن القفطي في نقلها . فكان أول من الف هذه الأسطورة من حاشية صلاح الدين لتزكية حاكم مصر الجديد . ومما يروى عن صلاح الدين ، انه باع كنوز القصر والمكتبة فبقيت هذه الرواية الى القرن الثامن عشر یوشیها ما ينسجه الخيال حول الخرافة العمرية . ثم اتخذت صورتها التاريخية منذ ذلك العهد تعززها خرافات أخرى لحقت بعمر ووافقت معنى قوله الا كتاب الله » ومن المشارقة الذين تناولوا حكاية المكتبة المؤرخ الكبير جورجی زيدان في الجزء الثالث من كتابه « تاريخ التمدن الاسلامي ) حيث قال : انه كان يميل إلى نفي الحكاية ثم عدل عن ميله هذا إلى قبولها وأورد من أسباب ذلك « ان حكاية احراق مكتبة الاسكندرية لم يختلقها أبو الفرج تعصب دینی ، ولا دسها أحد بعده ، بل هو نقلها عن ابن القفطى وهو قضاة المسلمین عالم بالفقه والحديث وعلوم القرآن واللغة والنحو والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل ، وكان مصدرا محتشما الكتب ما لا يوصف وكانوا يحملونها اليه من الآفاق وكانت مكتبته تساوي خمسين ألف دينار . ولم يكن يحب من الدنيا سواها وله حكايات غريبة عن غرامه بالكتب ولم يخلف ولدا فأوصى بمكتبته لناصر الدولة صاحب حلب ، وله مؤلفات عديدة في التاريخ والنحو واللغة وفي جملتها كتاب أخبار مصر من ابتدائها إلى أيام صلاح الدين في ستة مجلدات و کتاب تراجم الحكماء الذي نحن في صدده (1) الوشي : نقش الثوب و تزيينه ، ومعنی پوشیها : يزينها ويحسنها . (۲) تعززها : أي تقويها قاض من بعد نضج عمر الخلفاء الراشدين عندنا صدق وان ابن القفطي وعبد اللطيف البغدادي أخذا عن مصدر ضائع . وأما خلو كتب الفتح من ذكر هذه الحادثة ، فلا بد له من سبب ، والغالب أنهم ذكروها ثم حذفت التمدن الاسلامی و اشتغال المسلمين بالعلم ومعرفتهم قدر الكتب فاستبعدوا حدوث ذلك في فحذفوه أو لعل لذلك سببا آخر ، وفي كل حال فقد ترجح رواية أبي الفرج ونرى نحن أن ابن القفطى كان أولى ممن تقدموه بالسكوت عن حريق المكتبة بأمر الخطاب لو كان الذين تقدموه قد سكتوا عنه العرفانهم قدر الكتب وغيرتهم على سمعة الخلفاء الراشدين ، فان ابن القفطي لا يجهل قدر الكتب ولا يسبقه سابق من المؤرخين في المغالاة ابنفاسة المكتبات . فلا بد من تعليل أصوب من هذا التعليل لسكوت المؤرخين المسلمين والمسيحيين الذين شهدوا فتح مصر عن هذه الحكاية إلى أن نجمت بعد بضعة قرون عمر بن

6 6 فمن جملة هذا العرض لآراء نخبة من الثقات في هذه المسألة يحق لنا أن نعتقد أن كذب الحكاية أرجح من صدقها ، وانها موضوعة في القرن الذي كتبت فيه ولم تتصل بالأزمنة السابقة له بسند صحيح ، وربما كانت مدسوسة على الرواة المتأخرين للتشهير بالخليفة المسلم وتسجيل التعصب الذميم عليه وعلى الاسلام واذا كانت هذه الحكاية من تلفيق النيات السيئة فالمعقول ألا توضع قبل القرن السادس الهجري الذي تسربت فيه الى الكتب المدونة ، وهذا يفسر لنا كل غموض يستوقف النظر في الحكاية من جميع أطرافها لأن تلفيق هذه الحكاية يستلزم عناصر شتي لا تجتمع كلها في وقت واحد قبل القرن السادس للهجرة فهو يستلزم أن يكون المتفق عليها بالأقوال والأحوال التي أثرت عن الخطاب وفيها ما يجعل حكاية المكتبة قرية التصديق مشابهة لما (۱) نجم الشيء : ظهر وطلع • (۲) أي الفبيع المذموم عمر بن ما دونت لأنهم يتوخاه الخليفة في أوامره ونواهيه ... ولم تكن هذه الأقوال والأحوال معلومة مستفيضة الخبر بين المسلمين أنفسهم عند فتح الاسكندرية فضلا عن المسيحيين أو الاسرائيليين ، وانما عمت واستفاضت بعد السير وجمعت المتفرقات ويستلزم تلفيق الحكاية ، للتشهير بالخليفة المسلم ، أن يكون الملفق عارفا بما في هذه التهمة من المعابة ، شاعرا بما فيها من الاعتساف" والغرابة ولم يكن هذا أيضا مفهوما في أيام فتح اسكندرية بين خصوم الاسلام ، كانوا قد تعودوا احراق الكتب والتماثيل واعتبار الوثنية وبقاياها رجسا من عمل الشيطان يستحق نار الدنيا قبل نار الجحيم ، وما من عارف بالكتب بينهم الا كان يستمع بحماسة القياصرة المسيحيين في تدمير التحف الإغريقية ولا سيما « ثاودیسیس » الذي أحرق هياكل شتى فيها ولاشك كتب كثيرة من بقايا المكتبة التي عليها الخلاف وقد يستلزم تلفيق الحكاية أن تكون مصر وأخبارها موضع اهتمام ومثار قیل و قال ، ولم تكن مصر قط قبلة أنظار العالم كما كانت في أوقات الحروب الصليبية ، کانت ميدان الفصل ومناط الظفر والهزيمة بين جيوش الدنيا المحشودة فيها أو على أبوابها وقد يستلزم كذلك أن يكون العصر عصر حزازة بين الاسلام وخصومه كما كان عصر الحروب الصليئة وما قبله بقليل . أولئك أن يشترك في القيل والقال حافظو الكتب الإغريقية في بيزنطية وشواطيء آسيا الغريبة وهي البلاد التي كانت موطىء أقدام الجيوش في الكر والفر والقدوم والاياب ، ومنها تدفق حافظو الكتب الى أوربا عندما أغار الترك على بيزنطية فتلفيق الحكاية اذن كان عجيبا في أيام فتح الاسكندرية وما تلاها من الأزمنة الى زمان القفطى والبغدادي وأبي الفرج الملطى ، ولهذا لم تظهر حكاية المكتبة في تلك الأيام و تلفيقها في عصر الحروب الصليبية غير عجیب الاجتماع الأسباب التي (1) أحاديث ملفقة : أي أكاذيب مزخرفة . (۲) يتحراه ويقصده ۰ (۳) الأخذ على غير الطريق (4) القذر " (5) وجع في القلب من غيظ هی ¿ وقد يستلزم مع جميع من تلك الأرجاء 6 يستلزمها ذلك التلفيق ، ولهذا ظهرت فيه وأمدنا نلهورها فيه بالسبب الذي يبطل العجب ويفسر الغوامض التي لا يفسرها تعليل معروف غير هذا التعليل

تلحقه عصر الا أننا على الرغم من كل هذا نفرض أن عمر بن الخطاب أمر باحراق مكتبة الاسكندرية ، فما الوصمة التي هذا الأمر؟.. ولماذا کان يحرم عليه أن يحرقها ويجب عليه أن يستبقيها ويفتح أبوابها ؟ .. ولماذا كان ينبغي أن يكون على يقين أنها شيء مفيد للمسلمين ولغيرهم من الأمم ، وأنها ذخيرة من ذخائر العالم لا يجوز التفريط فيها ? .. أمن النقص في تفكير الإنسان أن ينشأ بمعزل عن بلاد اليونان وعن حكماء اليونان فلا يطلع على الفلسفة اليونانية ?.. أكانت فائدة تلك الكتب واضحة كل الوضوح من أحوال أقوامها الذين حفظوها ، ان صح أنهم حفظوها ؟ أن أحوال الروم والقبط في ذلك العهد لم يكن فيها دليل واحد على أنهم محتفظون بينهم بمعرفة نفيسة ، وان ضياع كتبهم فيه ضياع الذخيرة ذخائر العالم التي لا يجوز التفريط فيها فقد كانوا على شر حال الضعف والفساد والجهل والهزيمة والشقاق والتهالك على سفساف الأمور . فاذا كان عمر غیر مطالب بعلم اليونانية أو غير ملوم على فوات الاطلاع عليها ، وإذا كانت أحوال الأمم أهلها لا تدل على قيمتها بل تسوغ "الاعتقاد بخلوها من كل قيمة ، فأین العيب في تفكيره آن صح انه فکر على ذلك المنوال { .. الانسان أن يكون عدوا للمعرفة على اطلاقها ، ولم يكن عدوا للمعرفة ولا رضا عنها ، بل كان مشغوفا بها حيث رآها ، دينية كانت أو أدبية ، ومن قومه أتت أو غیر قومه فكان يستشير الغرباء في تدوين الدواوين ومنافع الصناعة ولا ينهى علم شيء الا أن تكون فيه فتنة أو ضلال (۱) العيب والعار : (۲) تجيز . الفلسفة التي هي 6 { هو انما هسب عمر مهر من عن . ب-۲۱ 6 وكان ولا ريب يؤثر للمسلمين أن يقبلوا على دراسة القرآن ويقدموا فهمه على فهم كل كتاب ، وهذا واجبه الأول الذي لا مراء فيه ، وما من أحد مطالب بهذا الواجي قبل أن يطالب به عمر على التخصيص ، لأنه الخليفة الذي في عهده انتشر المسلمون بين أقطار المشرق وخيف عليهم أشد الخوف أن ينحل العقد الذي جمعهم وبث فيهم الهمة والبأس هو وسودهم على العالمين .

(T). . عمر وفي الأخبار التي تقلت بهذا الصدد، أن رجلا أنبأه أنهم لما فتحوا المدائن أصاب كتابا فيه كلام معجب . فسأله : أمن كتاب الله ؟.. فقال : لا ... فدعا بالدرة فجعل يضربه بها وهو يقرأ : « الر . تلك آيات الكتاب المبين ، أنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ... ) ثم قال : « انما أهلك كان قبلكم أنهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والانجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من العلم » رويت هذه الرواية عن عمر بن میمون عن أبيه ، وليس فيها ما يأباه العقل ولو حكمنا على عمل عمر بحكم الدنيا وحكم التجربة الواقعية و تركنا حكم الدين والايمان الى حين فبالتجربة الواقعية أيقن أن المسلمين بكتابهم خرجوا من الظلمات الى النور وانتصروا على من حاربوه وعندهم كل كتاب وما فرغ المسلمون بعد من قراءة القرآن ولا انقضت على تداوله، بينهم سنوات . فكيف يرضي الخليفة الذي يهمه أمر رعاياه أن ينصرفوا عنه الى کتب لا يؤمن ما فيها .. وكيف يكون الحال اذا تفرقوا شذر مذر ولهم في كل بلد قراءة غير هذا الكتاب الذي لم يفرغوا منه ولم يستوعبوا كل ما فيه ؟.. أمن عداوة المعرفة هذا أو من ایثار المعرفة التي تتقدم على غيرها .. واذا لم تتقدم هذه المعرفة على غيرها في السنوات الأولى من تداول القرآن الكريم فمتى تتقدم .. ومتى يعطى القرآن حقه الفقه والوعي والاقبال ? .. وأين هي الغنيمة الروحية التي تعدل في كتاب من الكتب بعض ما غنمه المسلمون بوحي القرآن في صدر الإسلام .. (1) أي ينفرط - (۲) أي جملهم سادة • (۳) الآية : ۲۰۲ من سورة من ? يوسف ه۲۱ 6 ذلك أنه عدو فعلى أي فرض من الفروض ، لم يكن في تصرف عمر ما يأباه العقل الذي ينظر إلى الحقائق المشهودة والآثار الواقعة ، ويجوز أنه أمر باحراق مكتبة الاسكندرية على أبعد احتمال ، ولكن الذي لا يجوز لمنصف أن يفهم من الثقافة وهو الأديب الفقيه الخطيب ، وهو قد وازن بين معرفة ظاهرة النفع ، ومعرفة مجهولة ظواهرها كلها تغری باتهامها . ولا لوم عليه أن يولد حيث يجهلها . ولا لوم عليه أن يتهمها وهي لم تنفع أهلها يوم رآهم يخبطون في الضلالة والهزيمة ، ولا يقال عقل يفكر هذا التفكير أنه لم يفكر على هدي مستقيم -- شن لے (1) يخبطون : أي يضربون .