الأب


الأبوة الروحية والأبوة النوعية

حفظ النوع سر من أسرار الحياة الكبرى التي دقت عن الفهم ، وحارت في تعليلها عقول الأساطين من أهل العلم والحكمة وهو ولا ريب يجري على قانون مطرد في جميع طبقات الأحياء ، وان كنا نحن لا نعلم كنهه (۱) ولا نسير عمقه ، ولا تزيد عن استقصاء بعض الملاحظات التي تقارب الحقيقة ، أو أقرب ما نستطيع الوصول اليه وأهم هذه الملاحظات التقريبية أنه يجري على سنة المكافاة والتعويض في معظم حالاته ، فيقابل النقص في جانب بالزيادة في جانب آخر ، ويقابل القصور في مزية من المزايا بالاتقان في مزية اخرى . فالأحياء السفلى عرضة للعطب (۲) الكثير في طور الولادة و الحضانة ، فيقابل هذا أن الأحياء السفلي ترسل ذرياتها بالألوف وألوف الالوف ، فيبقى منها القليل الكافي لدوام النوع بعد فناء الكثير والأحياء العليا يقل عدد المولود منها في البطن الواحد ، فيقابل هذا أن تطول حضانتها والعناية بها ، وتجد من وسائل الصيانة ما يعوض الكثرة في الأحياء السفلي ويغلب أن يزيد النسل حين تكون زيادة النسل هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيعها الفرد لخدمة نوعه وضمان دوامه، فاذا تيسرت للفرد وسائل مختلفة لخدمة نوعه فقد يجوز ذلك على نسله وينتقص من قسمته في أبنائه ، كأنما خدمة النوع ضريبة مفروضة على كل فرد في صورة من الصور ، فاذا أداها في صورة أعفي منها في الصور الأخرى ، أو كأنما هي مواهب و ارزاق لا پستوليها الفرد الواحد الا بثمن غال يحسب عليه ، ويؤدي $ ا. كله الشيء : نهایتا ۴ - التلف حسابه للنوع على نحو من الانحاء والانسان هو أقدر المخلوقات الحية على خدمة نوعه بوسائل كثيرة لا تنحصر في تحديد النسل وزيادة عدده فهل يجوز لنا أن نقول : ان العظماء الذين حرموا النسل قد أدوا ضريبتهم باصلاح شئون الناس ، فلم يبق من اللازم المفروض عليهم أن يؤدوا هذه الضريبية من طريق الذرية ؟ ان قلنا ذلك فانما نقوله على سبيل الملاحظة التقريبية التي أشرنا اليها ، ولا نبلغ بتلك الملاحظة فوق مبلغها من اليقين الذي تستحقه، فغاية مبلغها عندنا أنها تستوقف النظر للتأمل والمراجعة ولا تفضي بنا الى الجزم أو الى التغليب فبعض العظماء من أكبر خدام النوع لم يتزوجوا ، وفيهم أنبياء معظمون لا شك في سيرتهم من هذه الناحية كعيسی عليه السلام . و بعض العظماء الذين تزوجوا لم يرزقوا الذرية ، أو رزقوا ذرية كلها اناث ، أو رزقوا ذرية من الاناث والذكور ولم يعيشوا ، أو عاشوا ولم يعمروا ولا كانوا على حالة مستحبة من الصحة والنجابة وتواريخ العظماء في جميع نواحي وفي جميع العصور ، حافلة بالشواهد التي تعزز تلك الملاحظة وتجعلها خليقة (۱) بالتأمل و المراجعة : يدخل فيهم القديسون كما يدخل فيهم الحكماء ، و يدخل فيهم العلماء كما يدخل فيهم رجال الفنون والمخترعون ، و يدخل فيهم القادة العسكريون والسياسيون ولا يصعب على أحد أن يدير بصره الى فترة من الزمن في بلده قريب يعرفه حق المعرفة ليشاهد مصداق ذلك في نفر من عظمائه و مشهور به ، وحسبنا في مصر أسماء جمال الدين الأفغاني ، ومحمد عبده ، وسعد زغلول ، وعبد الله قد يسم ، ومصطفى كامل ومصطفى فهمي ، و محمود سامي البارودي ، وحافظ ابراهیم • فاذا جاز لنا أن تقف عند تلك الملاحظة وأن نتأمل مغزاها وجاز لنا أن نفهم أن اصلاح شئون النوع الانساني ضريبة تغني

6 العظمة ، وفي جميع الأمم، $ < 4

او جديرة 6 عن ضريبة الذرية في بعض الأحوال . فأين ترانا نجد تلك الضريبة في أرفع حالة وأغلى قيمة ان لم نجدها في رسالة نبوية، تتناول الأجيال بعد الاجيال ، وتتناول الملايين في كل جيل ؟ .. وأي أبوة انسانية تغني عن أبوة اللحم والدم كما تغني أبوة النبي الذي يتكفل بتربية الأرواح في أمته ، وفي أمم لا يلقاها في زمانه ، و أمم لا تزال تستجد بعد زمانه إلى أقصى الزمان ؟ نذكر هذا حين نذكر حظ (۱) محمد من الأبوة الروحية و من الأبوة النوعية ، و ثرى تكافؤا في الجانبين جديرا بالملاحظة والاعتبار الا ما أثقل ثمن الاصلاح ! الا ما أحق المصلحين بالتمجيد وحسن الجزاء • فمحمد الأب كان أصلح الآباء ، ثم فجع في بنية فجيعة (۲) لا يداري فيها ألم الانسان الا صبر الأنبياء ومن الناس من لا يكون صديقا صالحا ، ولا سيدا صالحا ولا زوجا صالحا ، ولكنه أب صالح بره ببنيه لأن الرحم بين الآباء والأبناء أدنى الأرحام الى المودة وأحراها بتحريك الشفقة فيمن لا يشفق على أحد فكيف تكون الأبوة في نفس صلحت للصداقة ، وصلحت للسيادة ، وصلحت للزوجية، لأنها تصلح للعطف الذي يعم القريب والغريب ، ويشمل القوي والضعيف ؟ ذلك أب تعلم كيف يفرح بابنائه 4 6 6

4 ونعلم كيف يحزن حين يفجع في أولئك الأبناء و من الراجح أن الملف الأبوي لم يتمثل قط في مولد أحده من أبناء محمد عليه السلام كما . تمثل في مولد ابنه الذي سماه باسم جده الأكبر أملا في أن يصبح بعده خليفته الأكبر " ولعل العطف الأبوي قد تمثل في تشييع هذا الطفل الصغير ، أشد من تمثله في استقباله ميلاده كانت أسباب كبيرة توحي إلى قلب محمد العظيم شوقه الطويل الى استقبال ذلك الوليد : ا- نصيب ۴- الفجيعة : المصيبة كان منها أن محمدا عر بي يحرص على العقب(۱) من بعده كحرص كل رجل من أبناء القبائل وأصحاب العصبية : فخورون بالنسب ، فخورون بالعقب، يحفظون سيرة السلنا ويتوقون (۲) الى استبقاء الخلف على نحو لا يعهده الحضريون (۳) وان كان حب النارية فطرة مركبة في جميع الطباع . و محمد كان يحب التكاثر (4) لنفسه ، ويحبه لأمته ويوصي المسلمين أن يستكثروا من النسل ما استطاعوا ، ليفاخر بهم الأمم وفرة وعزة ، فاشتياقه الى العقبة من الذكور خليقة عربية تقترن بالخليقة (5) الانسانية والخليقة النبوية ، فتزداد قوة على قوتها التي ركبت في جميع الطباع و كان من أسباب هذا الشوق القوي : طول العهد بالأبناء بعد من ولدتهم له السيدة خديجة رضي الله عنها ، وشماتة أناس من شانئيه سماه بعضهم بالأبتر (6) لانقطاع معظم نسله : وفي ذلك نزول الآية الكريمة : «ان شانئك هو الأبتر (۷) فقد مضي نيف وعشرون سنة لم تلد له في خلالها زوجة من زوجاته ، ومات في هذه الفترة كل أولاده ما عدا فاطمة رضي الله عنها التي ماتت بعده بقليل : مات القاسم ، والطاهر ، طفلين وماتت زينب ، ورقية ، و أم كلثوم ، بعد أن تزوجن ، ولم يتعوض من فقدهن ما يعزیه بعض العزاء فجيعة تضاعف الشوق الى الوليد المأمول و طول انتظار يضاعف الحب له ، كما يضاعف الشوق اليه : ولسنا ندري لم طالت الفترة التي مضت على أزواج النبي جميعا بغير عقب ؟ ولكنا لا نستبعد تحليلها باجتماع المصادفات التي لا يندر أن تجتمع في أمثال هذه الأحوال : فعائشة البكر التي لم يتزوج النبي بكرا غيرها قد مات عنها عليه السلام وهي دون العشرين ، و هي سن قد تبلغها المرأة ولا تلد ، وان كانت ولودا فيما بعدها . أما أزواجه الأخريات اللاتي تزوجن قبله فلا نعلم من أخبارهن أنهن أعقبن لأزواجهن الاولين خلفا غير رملة أم 4 H ا. أي الولد والذرية 2- يشتاقون ۲- اي اهل المدي - كثرة 0- الطبيعة 6 - الإبئر : من 4 عقي له ۷ - الآية : من سورة الكوثر . ۱۲۳ حبيبة ، و هند بنت أمية المخزومية ، وهذه كانت مسنة اليوم بشی بها النبي عليه السلام ، و في عمر لا يستغرب فيه امتناع الولادة • فكلهن ما عدا هاتين لم يلدن للنبي ولا لزوج قبله ، و اجتماع هذه المصادفة ليس بالعجيبة المعضلة التي يصعب تعليلها ، اذا تذكرنا أن النبي قد توخی(۱) في اختيارهن تلك الأغراض العامة التي أجملناها في الفصل السابق ولم يتحر منها النسل خاصة : و هي : الايواء الشريف والمصاهرة . و بعضهن - بل معظمهن - قد لقين من الشدائد والمخاوف وعناء (۲) الهجرة البعيدة، ما يعقم الولود . فاذا أضفنا الى ذلك معيشة الكفاف ، وضريبة العظمة النبوية التي أشرنا إليها على سبيل الاحتمال ، واشتغال النبي فيما بين الخمسين و الستين بتعزيز الدين و قمع (۳) الفتن ودرء (4) الاخطار - لم يكن فهم تلك الظاهرة الحيوية بالأمر العصي على التعليل

حزن الأبوة طال اشتياق النبي إلى الوليد المأمول ، وتجدد اشتياقه في أثر كل زواج ، حتى جاءته مارية القبطية من قطر بعيد ، ومن معدن غير المعدن الذي يختار ، لايواء المحزونات وتقريب الأسر والعصبيات ، فبشرت النبي بعقب لعله غلام ، واجتمع في هذه البشارة اشتياق نيف وعشرين سنة ، ورجاء لا ينتهي بانتهاء الزمان ۰۰"وولد ابراهيم ! ۰۰ ولد الطفل الذي نظر ابوه اليه يوم موا مولده فامتد به الأمل مئات السنين بل ألوف السنين ، و تخير له الاسم الذي وراءه أعقاب كأعقاب جده الأعلى ، ليكون أبا و یکون له أحفاد ، و يكون أحقاد ثم مات ذلك الطفل الصغير ومات ذلك الأمل الكبير مات كلاهما والأب في الستين .. أي صدمة في ختام العمر ؟ ۵ الأحفاده من بعدهم ا - تجري وقمد ۲- مشقة ۲- ضربه - دفع • ۱۲ - 4 . أي أمل في الحياة ؟.. الدين قد تم ، وهذه الآصرة (۱) قد انقطعت فليس في الحياة ما يستقبل وينتظر : كل ما فيها للاشاحة والادبار مات الطفل ولما يدرك السنتين مصاب صغير ان كانت المصائب تقاس بسنوات المفقودين ولكن المصائب في الأعزاء انما تقاس بمبلغ عطفنا عليهم والصغير أحوج الى العطف من الكبير المستقل بشأنه وانما تقاس بمبلغ تعويلهم علينا ، وتحويل الصغير على وليه أكبر من تعويل الكبير وانما تقاس بمبلغ الأمل فيهم ، والأمل يطول في بداءة الطريق وقد يقصر في منتصف الطريق انما تقاس الام المفقودين بأعمار الفاقدين ، وأي مصاب أفدح (۲) من مصاب الستين وما بعدها في الأمل الوحيد الواصل بينها و بين الزمان ماضيه و آتیه ؟ ما تخيلت محمدا في موقف أدنى الى القلوب الانسانية من قفه على قبر الوليد الصغير ذارف العينين مكظوم الوجد (۳) ضارعا الى الله نفس قد نفشت (4) الرجاء في نفوس الألوف بعد الألوف ، وهي في ذلك الموقف قد انقطع لها رجاء عزیز : رجاء وا أسفاه لا يحييه كل ما ينفثه المصلح في الدنيا من رجاء • وكأني محمد كان يومئذ أقرب إلى قلوب الخالفين من بعده مما كان الجالسين حوله أقرب الناس اليه كان أقرب الناس اليه زوجاته أمهات المسلمين ، و كن يحببنه النساء الأزواج ، ولكن حبهن اياه لم يكن في هذا الموقف من المقربات العاطفات ، لأنه حيا أثار غيرتهن من أم الوليد المأمول، فاحتجب من عطفهن بمقدار تلك الغيرة و بمقدار ذلك الحب ، ولا لوم عليهن فيما طبع عليه الانسان ، وفيما لا يقصيه ولا يقدرن عليه و كان أقرب الناس اليه أصحابه الخاشعون بين يديه ، و ، وكان مو ، ومع $ غاية ما حسا 6

1 ا- الرابطة 1- اثقل واشد 3- يكتم حزنه 4 - النفث ، اللفخ ۱۲۵ ملايعرف 9 اكبارهم السيد الأنبياء ينسيهم أنه أب من الآباء ، بل أنه أب أرحم من سائر الآباء - ظنوا أن النبي لا يحزن ، كما ظن قوم أن الشجاع لا يخاف ، ولا يحب الحياة ، وأن الكريم قمة المال . لكن القلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له في الكرم ، و القلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة ، والقلب الذي لا يحزن لا فضل له في الصبر ، انما الفضل في الحزن و الغلبة عليه ، وفي الخوف و السمو عليه ، و في معرفة المال و الايثار عليه . وفضل النبي في نبوته وفي أبوته أنه حزن و بکی ، وتلك هي الصلة بينه و بين قلب الإنسان ، و بينه و بين الناس ، و أي نبي تنقطع بينه و بين القلب الانساني صلة كهذه الصلة التي تجمع أشتات القلوب ؟ روی أسامة بن زيد أن زينب بنت النبي أرسلت اليه : « ان ابنتي قد حضرت فاشهدناه فأرسل اليها عليه السلام يقول : « أن الله ما أخذه وما أعطى ، وكل شيء عنده مسمی ولتصبر فأرسلت تقسم عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا ، فرفع الصبي في حجر النبي ونفسه تقعقع (۱) ، ففاضت عينا النبي صلى الله عليه و سلم - فقال له سعد : « ما هذا يا رسول الله ؟ » ۰ قال : « هذه رحمة وضعها الله في قلوب من شاء من عباده ، ولا يرحم الله من عباده الا الى حمام » ما هذا يا رسول الله ؟! هذا رسول الله في أصدق ما تكون عليه رسالة الرسل : في الرحمة ، وفي الآصرة الانسانية ، و غير هذا لن يكون ومحمد قد اتقى رؤية طفل يموت لابنته وهو كهل غير يائس من العقب، فكيف يكون حزنه على فلذة كبده ابراهيم ومو بعده ذاهب الرجاء في الأبناء ؟! .. لقد كان حزنه لموته بمقدار فرحه بمولده ، و كان فرحه بمولده بمقدار أمله فيه ، واشتياقه اليه فلتحتسب 9 و پیمر . تضطرب . ۱۲۹ هو التوسع وان العطف الانساني كله ليتجه إلى تلك النفس الزكية وهي تتوسع فرحا بالوليد المأمول حلق الأب المتهلل شعر وليده وتصدق بزنته فضة على المساكين ، وذلك الذي وسعه رجل كان أقدر الرجال على وجه البسيطة غير مستثني فيها رؤساء ولا ملوك • جاء بأقصى ما عنده من الفرح واقصى ما عنده من التوسعة ، ولو شاء لقد كان وزن الوليد کله درا وجوهرا بعض ما يستطيع في ذلك اليوم الأغر الميمون و بمقدار هذا الفرع الطهر يوم الاستقبال كان الحزن الوجيع يوم الوداع : خرج الرجل الذي اضطلع بأعباء الدنيا ومن فيها وهو لا يضطلع بحمل قدميه : خرج يتوكأ على صديق عطوف إلى حيث يحمل الوليد آخر مرة في حجره الأبوي قبل أن يودعه حجر التراب ، و كان يستقبل الجبل بوجهه فقال : يا جبل ! لو كان بك مثل ما الهدف ، ولكن انا لله وانا اليه راجعون أي والله ! انها لاحدى الفواقر(۱) التي يحملها اللحم والدم ولا تحملها صخور الجبال

6 وصرخ أسامة حين بكی رسول الله ، فنهاه رسول الله و قال : البكاء من الرحمة والصراخ من الشيطان حزن كما ينبغي له أن يحزن أما الحزن الذي لا ينبغي له فهو الصراع الذي نهى عنه ، وهو أن تنکسف الشمس يوم موت ابراهيم فيحسب المسلمون أنها انكسفت لموته ، ويقول الأب الذي انكسفت الشمس حقا في عينيه :« کلا ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته ! » - 1 أو تخسفان ولكن في أكباد المحزونين ، وليس في كبد السماء • ا- الفواقر : الدواهي . 9 ما أكرم الآباء أو كان من الحتم أن يكون محمد مثال الآباء كما كان مثال الأنبياء ؟.. كذلك شاء القدر القادر ، وكذلك رأينا محمدا مثال الأب يوم ولد له ابراهيم، ومثال الأب ذهب عنه ابراهيم يتمنى طفل سلو جاز أن يتمنى الاطفال - أبوة أرحم ولا از کی من هذه الأبوة في الحالتين بل كان محمد مثال الأب حيثما كان له نسل قريب أو بعيد ، وذكر أو أنثى ، وصغير أو كبير أرأيت الى الحسن بن فاطمة وقد دخل عليه فركب ظهره وهو ساجد في صلاته ؟ أن النبي في صلاته لهو النبي في مقامه الأسنی (۱) وان النبي في مقامه الأسني ليشفق أن يشغل الصبي عن لعبه فيطيل السجدة حتى ينزل الصبي عن ظهره غير معجل، ويسأله بعض أصحابه : لقد أطلت دك ؟ فيقول ان ابني ارتحلتي (۲) فكرهت أن أعجله ! أرأيت الى فاطمة تدخل البيت أشبه الناس مشية بمشية محمد ؟.. أرأيت الي حنان يفيض على القلب كحنانه حين يرى فتاة تشبه أباها في مشيته وسمته ! تلك فاطمة بقية الباقيات من الأبناء والبنات ، يختصها النبي بمناجاته في غشية وفاته : اني مفارق الدنيا فتبكي انك بي فتضحك .. في هذا الضحك وفي ذلك البكاء على برزخ (۳) الفراق بين الدنيا والآخرة أخلص الود والحنان بين الآباء والأبناء سرها بنبوته ، وسرها بأبوته ، فضحكت ساعة الفراق لأنها ساعة الوعد باللقاء وكذلك فارق الدنيا أكرم الأنبياء ، وأكرم الآباء سکو

ا- الرفيع ۴- اي جعلن رالحة له ۳- البرزخ : العاجل واللحاصل بين الشيئين . ۱۲۸