عجبا لغي الحب لاح سبيله

عجبا لغي الحب لاح سبيله

​عجبا لغي الحب لاح سبيله​ المؤلف ابن دارج القسطلي


عجبا لغي الحب لاح سبيله
ولرشد حلمك كيف ضل دليله
ولعيش صب لا يرق حبيبه
مما شجاه ولا يفيق عذوله
ولقاتل بالهجر غير مقاتل
يفديه من مضض العتاب قتيله
إن خط في جو السماء مثاله
بدرا فبين جوانحي تمثيله
أو شرد التسهيد طيف خياله
عن ناظري ففيهما تخييله
ولهان فيه ما فقدت من الكرى
لو كان من نظري إليه بديله
أو كان حكم هواه لا تحريمه
وصلي عليه ولا دمي تحليله
غصن يميس به الصبا فيقيمه
طورا وتوهمه الصبا فتميله
فكأنه في لمح طرفي عاثر
وتقيه تفديني له فتقيله
وتكاد أنفاسي تزايل متنه
لولا كثيب منه ليس يزيله
فكأنما يشتق من حركاته
نغم الغناء خفيفه وثقيله
لو أنه يشتق من أعطافه
عطف يعلل لوعتي تعليله
وعليل لحظ الطرف أعدى طرفه
قلبي بداء لا يفيق عليله
سلب الملاحة في الظباء وفي المها
حتى استبد بجزئها تكميله
أنفا لمن سكن الترائب أن يرى
يطأ التراب شبيهه ومثيله
ولقد حفظت له أمانة لاعج
بالشوق يغلي في الفؤاد غليله
وضربت من دمي على خدي له
غرما غرامي بالقضاء كفيله
فلئن صبوت فلست أول عاشق
نبع الهوى فهوى به تضليله
ولئن صبرت فلست بدع مفارق
غالت حبيب النفس عنه غوله
ولئن سلوت فأي أسوة واعظ
ألهاه عن قمر السماء أفوله
فسما إلى الملأ الأجل بهجرة
وافى بها الرحمن وهو خليله
وهناك يا منصور همت بهمة
فيها سلو المستهام وسوله
طلبا لحظ لا يذل عزيزه
من حظ غي لا يعز ذليله
فهدى وأهداني إليك مبرزا
شهدت له في السابقات عدوله
وعجلا عليك به الجلاء مهندا
صدقتك عن قرع الحروب فلوله
وعفت محاسنه العدى فكأنها
في معهد الوطن الفقيد طلوله
إن يصده رهج الوغى فشعاعه
بالعلم لماع الجلاء صقيله
أو تخلق البلوى حمائل حليه
فعلى التجمل والمنى تجميله
أو تقطع الأيام عهد ذمامه
فالصبر واصل حبله موصوله
فآتاك يا منصور فاقد غمده
برجاء مجرور إليك ذيوله
رسف المقيد في أضاليل الدجى
والقفر والبحر المحيط كبوله
كربا كموج البحر لا إهلاله
إلا إليك بها ولا تهليله
فليهن ذا أمل إليك مآله
وجلاء مرتحل إليك رحيله
وظلام ليل في جبينك صبحه
وهجير قيظ في ذراك مقيله
وليهننا وليهنك العيد الذي
بسناك أشرق صبحه وأصليه
عيد إليك سلامه وقوامه
ونظامه وزحامه وحفوله
وعلى الإله معاده وعتاده
وإيابه وثوابه وقبوله
وليهن كل مليك شرك عيده
يوم إليك بلوغه ووصوله
ضلت به سبل الشرائع واهتدت
بشريعة الزلفى إليك سبيله
ناش على دين السجود وما درى
قبل السجود إليك ما تأويله
أنساه قدرك ما أضل صليبه
وأراه سيفك ما حوى إنجيله
فأجار محياه إليك نزاعه
وأعزه بك في الورى تذليله
ولئن حمى عنك ابن مير محلة
في شامخ أعيا النجوم حلوله
ونماه ملك لا يضعضع تاجه
ووقاه عز لا يخاف خموله
فلقد دعاك إلى رضاك ودونه
غول الضلال حزونه وسهوله
أصبى إليك من الصبا وأحن من
أفق ونت عنه إليك قبوله
وأجل قدرك عن سواه وقدرما
أخفى إليك نجيه ودخيله
عن صدق غيب بالكتاب يبثه
أو برح شوق بالرسول يقوله
فهوى وصفحته إليك كتابه
وهفا ومهجته إليك رسوله
عجلا إلى أمل دنا تعجيله
وجلا به أجل نأى تأجيله
لله ما رحلت إليك رحاله
طوعا وما حملت إليك حموله
غاز وناصره عليك خضوعه
سار وطاعته إليك دليله
نشر اللواء زماعه ونزاعه
فطوى المهامه نصه وذميله
ولقد خلعت قبل دونه
بردا تفيض على الفضاء فضوله
لجبا من الخلق المضاعف نسجه
أشبا من الأسل المثقف غيله
شرقا به لوح الهواء وجوه
غرقا به عرض البلاد وطوله
مستقبلا بجنوده وبنوده
ملكا يهل إليك حين تهوله
ولشدما ماجت به أمواجه
حتى أسالته إليك سيوله
بصورام في طيهن تراته
وذوابل في لمعهن ذحوله
غاب تساود ناظريه أسوده
من بعد ما اختالت عليه خيوله
فمشى إليك به الزحام كأنه
عان يقصر خطوه تكبيله
مبهور أنفاس الحياة كظيمها
وغضيض لحظ الناظرين كليله
حتى تنفس روحه في راحة
علياء مقبولا بها تقبيله
ورفعت ناظره بنظرة باسط
للأمن مبلوغا بها تأميله
فأريته كيف ارتجاع حياته
ولتلك أيسر ما بدأت تنيله
من فيض عرف تستقل كثيره
ولقد يزيد على الرجاء قليله
نزلا يذكره العراق ومصره
ملكا ودجلته يداك ونيله
وشروق شمس لا يحين غروبها
في برد ظل لا يحور ظليله
ورأي صريع الخطب كيف تقله
ورأى عثور الجد كيف تقيله
ورأى ذليل الحق كيف تعزه
ورأى عزيز الشرك كيف تديله
ورأى صدوع الدين كيف تلمها
ورأى كثيب الكفر كيف تهيله
ولئن تقدم في رضاك قدومه
فلقد تزود من نداك قفوله
خلائق من طيبهن خلوقه
وشمائل من صفوهن شموله
ومعالم لعلاك لا تعظيمه
لسوى مشاهدها ولا تبجيله
فلها بقدر الروم وهي أرومه
وزرى بملك الصفر وهي أصوله
ابن اصطفى قحطان عزة ملكه
ومن التبابع جذمه وقبيله
ولمن نمى سبأ بسبي ملوكها
واستخلفت أذواؤه وقيوله
ولمن تتوج بالمكارم تاجه
علوا وكلل بالهدى إكليله
سطعت على الأملاك غرة وجهه
نورا وأشرق بالندى تحجيله
فالله يعلي قدره ويزيده
صنعا وينسىء عمره ويطيله
في عز نصر لا زمان يخونه
وبقاء ملك لا مديل يديله