عرج بأطراف الديار وسلم

عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ

​عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ​ المؤلف كثير عزة


عَرِّجْ بِأَطْرَافِ الدّيارِ وَسَلَّمِ
وإنْ هِيَ لم تَسْمَعْ ولم تَتَكَلّم
فقد قدُمتْ آياتُها وتنكَّرتْ
لِمَا مَرَّ مِنْ رِيحٍ وأَوْطَفَ مُرْهِمِ
تأمَّلتُ منْ آياتِها بعدَ أهلِها
بأطرافِ أعْظَامٍ فأَذْنَابِ أزْنُمِ
محانيَ آناءٍ كأنَّ دروسَها
دروسُ الجوابي بعد حولٍ مُجرَّمِ
يَقُولُ خَليلي سِرْ بنا أيَّ موقفٍ
وَقَفْتَ وَجَهْلٍ بالحَلِيمِ المعمَّمِ
تَلُومُ وَلَمْ تَعْلَمْ بأسرارِ خُلّةٍ
فتُعذرَ إلاّ عنْ حديثٍ مُرجَّمِ
فإنْ كنتُ لم أجهل فقد لمتَ ظالماً
وإن كنتُ قد أزرى بيَ الجهلُ فاحلُمِ
وفي الحلمِ والإسلامِ للمرءِ وازعٌ
وفي تركِ طاعاتِ الفؤادِ المتيَّمِ
بَصَائِرُ رُشْدٍ للفَتى مُسْتَبينَةٌ
وأخلاقُ صدقٍ علمُها بالتَّعلُّمِ
وَلِيتَ فلم تَشْتِمْ عليّاً ولم تُخِفْ
بريّاً ولم تقبلْ إشارةَ مجرمِ
وأظْهَرْتَ نورَ الحقِّ فاشتَدَّ نُورُهُ
على كُلِّ لَبْسٍ بارِقِ الحَقّ مُظْلمِ
وَعَاقَبْتَ فيما قَدْ تَقَدّمْتَ قَبْلَهُ
وأعرضتَ عمّا كانَ قبل التّقدُّمِ
وصدَّقْتَ بالفِعْلِ المقالَ مَعَ الذي
أتيتَ فأمسى راضياً كلُّ مسلِم
تَكَلَّمْتَ بالحَقّ المُبينِ وإنّما
تَبَيّنُ آياتُ الهُدى بالتّكلّمِ
ألا إنما يكفي الفَتَى بَعْدَ زَيْغِهِ
مِن الأوَدِ البَادِي ثِقافُ المقوِّمِ
وَقَدْ لَبِسَتْ لُبْسَ الهَلُوكِ ثيابَهَا
تراءى لك الدُّنيا بكفٍّ ومعصمِ
وَتُومِضُ أحياناً بعينٍ مريضَةٍ
وتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الجُمَانِ المُنظَّمِ
فأعرضتَ عنها مشمئزّاً كأنّما
سقتك مدوفاً من سمامِ وعلقمِ
وَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَجْبَالِهَا في ممَنَّعٍ
وَمِنْ بَحْرِهَا في مُزْبِدِ المَوْجِ مُفعَمِ
وما زلتَ توّاقاً إلى كلّ غايةٍ
بَلَغْتَ بها أعْلَى البِنَاءِ المُقَدَّمِ
فلما أتاكَ المُلْكُ عفواً ولم يَكُنْ
لطالبِ دُنيا بعْدهُ مِن تَكَلُّمِ
تركتَ الذي يفنى وإنْ كانَ مونقاً
وآثرْتَ ما يَبْقَى برأيٍ مُصَمِّمِ
وأضررتَ بالفاني وشمَّرت للّذي
أَمَامَكَ في يومٍ مِنَ الشّرِّ مُظلِمِ
وَمَا لَكَ إذا كُنْتَ الخليفة مانع
سوى الله من مال رغيب ولا دم سم
سما لكَ همٌّ في الفؤادِ مؤرِّقٌ
بلغتَ بِهِ أَعْلَى المَعَالِي بسُلّمِ
فما بينَ شرقِ الأرضِ والغربِ كلِّها
منادٍ ينادي من فصيحٍ وأعجمِ
يقولُ: أميرَ المؤمنين ظلمتني
بأخذٍ لدينارٍ ولا أخذِ درهمِ
ولا بسطِ كفِّ امرئٍ غيرِ مجرمٍ
ولا السَّفكِ منهُ ظالماً ملءَ محجَمِ
ولو يستطيعُ المسلمونَ تقسَّموا
لكَ الشَّطْرَ من أعمارِهِمْ غيرَ
فعشتَ به ما حجَّ للهِ راكبٌ
مُغذٌّ مطيفٌ بالمقامِ وزمزمِ
فأربحْ بها من صفقةٍ لمبايعٍ
وأعظمْ بها أعظمْ بها ثمَّ أعظِمِ..