عطفت كأمثال القسي حواجبا

عطفت كأمثالِ القسيّ حواجبا

​عطفت كأمثالِ القسيّ حواجبا​ المؤلف ابن نباتة المصري


عطفت كأمثالِ القسيّ حواجبا
فرمت غداةَ البين قلباً واجبا
بلواحظٍ يرفعنَ جفناً كاسراً
فتثير في الأحشاء هما ناصباً
ومعاطفٍ كالماء تحتَ ذوائبٍ
فأعجب لهنّ جوامدً وذوائبا
سود الغدائر قد تعقرب بعضها
ومن الأقاربِ ما يكونُ عقاربا
من كل ماردةِ الهوى مصريةٍ
لم تخش من شهب الدموع ثواقبا
لم يكف أن شرعت رماح قدودها
حتى عقدنَ على الرماحِ عصائبا
أفدي قضيبَ معاطفٍ ميادةٍ
تجلو عليّ من اللواحظ قاضبا
كانت تساعدني عليه شبيبتي
حتى نأت فنأى وأعرض جانبا
واذا الفتى قطع السنين عديدةً
شابَ الحياةَ فظلّ يدعى شائبا
يا أختَ أقمارِ السماءِ محاسناً
والشمسِ نوراً والنجومِ مناسبا
ان كابدت كبدي عليك مهالكا
فلقد فتحت من الدموعِ مطالبا
كالتبر سيالاً فلا أدري به
جفني المسهد سابكاً أم ساكبا
كاتمتُ أشجاني وحسبي بالبكا
في صفحِ خدّي للعواذلِ كاتبا
دمعي مجيبٌ حالتي مستخبراً
للهِ دمعاً سائلاً ومجاوبا
وعواذلي عابوا عليك صبابتي
وكفاهم جهلُ الصبابةِ عائبا
ما حسن يوسف عنك بالنائي ولا
دمُ مهجتي بقميصِ خدّك كاذبا
بأبي الخدودَ العارياتِ من البكى
اللابساتِ من الحرير جلاببا
النابتات بأرض مصرَ أزاهراً
والزاهرات بأرض مصر كواكبا
آهاً لمصر وأين مصرُ وكيف لي
بديار مصرَ مراتعاً وملاعبا
حيثُ الشبيبةُ والحبيبةُ والوفا
في الأعربينِ مشارباً وأصاحبا
والطرف يركعُ في مشاهد أوجهٍ
عقدت بها طرر الشعور محاربا
والدهرُ سلمٌ كيفَ ما حاولتهُ
لا مثل دهري في دمشق محاربا
هيهات يقربني الزمان اذىً وقد
بلغت شكايتي العلآء الصاحبا
أعلا الورى همماً وأعدل سيرةً
وأعز منتصراً وأمنعَ جانبا
مرآة فضل الله والقوم الأولى
ملأوا الزمانَ محامداً ومناقبا
الحافظين ممالكاً وشرائعاً
والشارعينَ مهابةً ومواهبا
لا يأتلي منهم امامُ سيادةٍ
من أن يبذّ النيرات مراتبا
إما بخطيّ اليراعِ إذ الفتى
في السلم أو في الحرب يغدو كاتبا
فاذا سخا ملأ الديار عوارفاً
واذا غزا ملأ القفار كتائبا
فاذا استهل بنفسه وبقومه
عدّ لمفاخرَ وارثاً أو كاسبا
ابقوا عليَّ وقوضوا فحسبتهم
وحسبتهُ سيلاً طماَ وسحائبا
ذو الفضل قد دعيت رواة فخاره
في الخافقينِ دعاءها المتناسبا
فالبيتُ يدعى عامراً والمجدُ يُد
عى ثابتاً والمالُ يُدعى السائبا
ما رحبتهُ القائلونَ مدائحاً
إلاّ وقد شملَ الاكفّ رغائبا
نعم المجددُ في الهدى أقلامهُ
أيامَ ذو الاقلامَِ يُدعى حاطبا
تخذَ المكارمَ مذهباً لما رأى
للناسِ فيما يعشقون مذاهبا
وحياطةَ الملكِ العقيمِ وظيفةً
و مطالعَ الشرفِ المؤيد راتبا
والعدلَ حكماًُ كاد أن لا يغتدي
زيدُ النحاة به لعمروٍ ضاربا
والفضل لو سكت الورى لاستنطقت
غررُ الثنا حقباً به وحقائبا
واللفظ بينَ إناءةٍ وإفادةٍ
قسمَ الزمانُ فليسَ يعدمُ طالبا
وعرائس الاقلام واطربي بها
سودَ المحابرِ للقلوبِ سوالبا
المنهبات عيوننا وقلوبنا
وجناتهنّ الناهبات الناهبا
سحارة تحكي كعوبَ الرمحِ في
روعٍ وتحكي في السرور كواعبا
لا تسألن عن طبها متأملاً
واسأل به دون الملوكِ تجاربا
يا حافظاً ملك الهدى كتابهُ
سرّت صحائفها المليكَ الكاتبا
يا سابقاً لمدى العلى بعزائم
تسري الصَّبا من خلفهنّ جنائبا
يا فاتحاً لي في الورى من عطفهِ
باباً فما آسى على إغلاق با
يا من تملكني الخمولُ فردّهُ
بسلاح أحرفهِ فولى هاربا
يا معتقاً رقي وباعثَ كتبه
للهِ دركَ معتقاً ومكاتبا
يا غارساً مني نباتَ مدائح
من مثله يجنى الثمار غرائبا
إن ناسبت مدحي معاليكَ التي
شرُفت فانّ لكلّ سوق جالبا
أهدي المديح على الحقيقة كاملا
لكمو وأهدي للورى متقاربا