عفابطحان من قريش فيثرب

عَفَابَطِحَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَثْرِبُ

​عَفَابَطِحَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَثْرِبُ​ المؤلف ابن مقبل


عَفَابَطِحَانٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَثْرِبُ
فَمُلْقى الرِّحالِ مِنْ مِنىً فالمُحَصَّبُ
فَعُسْفانُ،إِلا أَنَّ كُلَّ ثَنِيَّةٍ
بِعُسْفَانَ يَأْوِيهَا مَعَ اللَّيْل مِقنَبُ
فَنِعْفُ وداع فالصِّفاحُ فمكّةٌ
فليسَ بها إلاَّ دماءٌ ومَحْرَبُ
أَلَهْفي على القومِ الذينَ تحمَّلوا
معَ ابنِ كُرَيْزٍ في النفيرِ فأوعَبوا
ولهفي لخِلاَّتٍ عُرِضْنَ عليهمُ
كَأَنَّ حُلُومَ الشَّاهِديهنَّ غُيَّبُ
خِلالٌ تأبَّاها الأريبُ ولمْ يكُنْ
ليَبْصِرَ ما فيهنَّ إلاَّ المُهَذَّبُ
لِيَبْكِ بَنُو عُثْمَانَ،مَادَامَ جِذْمُهُمْ،
عليهِ، بأَصْلالٍ تُعَرَّى وتُخْشَبُ
لِيَبْكُوا عَلَى خَيْرِ البَرِيَّةِ كُلِّهَا
تَخَوَّنَهُ رَيبٌ منَ الدهرِ مُعْطِبُ
تَواكَلَهُ الأقتالُ: باغٍ، وخاذِلٌ
بعيدٌ، وذو قُربى حسودٌ مُؤَلِّبُ
فَغُودِرَ مَقْتُولاً بِغَيْرِ جَرِيرَةٍ
ألا حبَّذا ذاكَ القتيلُ المُلَحَّبُ
قَتِيلٌ سَعِيدٌ مُؤْمِنٌ شَقِيَتْ بِهِ
نفوسُ أعاديهِ، شهيدٌ مُطَيَّبُ
نَعَاءِ عُرى الإسلامِ والعدلِ بعدَه
نَعاءِ! لقدْ نابَتْ على الناسِ نُوَّبُ
نَعاءِ ابنَ عَفَّانَ الإمامَ لِمُجْتَدٍ
إِذَا البرْقُ لِلرَّاجِي سَنَا البَرْقِ خُلَّبُ
وملجإٍِ مَهْرُوئِينَ، يُلْفى بهِ الحَيا،
إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هُوَ الأُمُّ والأَبُ
لديهِ لأَنْضاءِ الخَصَاصِ موارِدٌ،
بِأَذْرَائِهَا يَأْوِي الضَّرِيكُ المُعَصَّبُ
ويَاعَجَبَا لِلدَّهْرِ أَنَّى أَصَابَهُ
ومِنْ مثلِ ما لاقى ابنُ عفَّانَ يُعجَبُ
فَلَمْ يَرَ رَاءٍ مِثْلَ عُثْمَانَ هَالِكاً
على مثلِ أيدي مَنْ تَعَطَّاهُ يَشجُبُ
فلا وَأَلَ الناعي البعيدُ منَ الأذى
ولا أفلتَ القتلَ القريبُ المُؤَلِّبُ
وإِلاَّ يُبَكِّ الأَقْرَبُونَ بِعَوْلَةٍ
فِراقُهُمُ عثمانَ يوماً ويندُبـُ وا
فَإِنَّا سنَبْكِيهِ بِجُرْدٍ كَأنَّهَا
ضِرَاءٌ دعاها مِنْ سَلُوقَ مُكَلِّبُ
ومَوْتٍ كَظِلِّ اللَّيْلِ يَشْهَدُ وِرْدَهُ
نَشاشيبُ يَحدوهُنَّ نبعٌ وتَأْلَبُ
وذِي عَسَلاَنٍ لَمْ تُهَضَّمْ كُعُوبُهُ
كما خَبَّ ذئبُ الرَّدْهةِ المُتَأَوِّبُ
وضَربٍ إذا العَوْدُ المُذَكِّي عَدا بهِ
إلِىَ اللَّيْلِ حَتَّى قُنْبُهُ يَتَذَبْذَبُ
وأَشْمَطَ مِنْ طُولِ الجِهَادِ اسْتَخَفّهُ
ومَأْوَى اليَتَامَى الغُبْرِ عَامُوا وأَجْدَبُوا
يدارِسُهم أمَّ الكتابِ، ونَفْسُهُ
تُنَازِعُهُ وُثْقَى الخِصَالِ،وَيَنْصَبُ
وبَيْضٍ منَ الماذِيِّ كَرَّهَ طَعمَها
إلى المَشْرَفِيَّاتِ القَتيرُ المُعَقْرَبُ
ولم تُنْسِني قَتلى قُريشٍ ظعائنٌ
تَحَمَّلْنَ حَتَّى كَادتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ
يُطِفْنَ بِغِرِّيدٍ يُعَللُ ذَا الصِّبَا
إذَا رَامَ أُرْكوبَ الغَوَايَةِ أَرْكَبُ
فَدَعْ ذَا. ولكِنْ عُلِّقَتْ حَبْلَ عَاشِقٍ
لإحدى شِعابِ الحَيْنِ والقتلِ، أرنبُ
منَ الهِيفِ مَيْدانٌ ترى نَطَفاتِها
بمَهْلِكةٍ أَخْرَاصُهُنَّ تَذَبْذَبُ
أَنَاةٌ كَأَنَّ المِسْكَ دُونَ شِعَارِهَا
يُبَكِّيهِ بالعَنبَرِ الوردِ مُقطبُ
كَأَنَّ خُزَامَى عَالِجٍ طَرَقَتْ بِهَا
شَمَالٌ رَسِيسُ المَسِّ،بَلْ هِيَ أَطيَبُ
فَبَاكَرَهَا حِينَ اسْتعَانَتْ حُقُوُفُهَا
بشَهباءَ، شارِيَها منَ القُرِّ أنْكَبُ
أَإِحْدَى بَنيِ عَبْسٍ ذَكَرْتَ ودُونَهَا
سَنِيحٌ، ومنْ رملِ البعوضةِ مَنكِبُ
وكُتْمَى ودُوَّارٌ،كأَنَّ ذُرَاهُمَا،
وقَدْ خَفِيَا إِلاَّ الغَوَارِبَ، رَبْرَبُ
ومِنْ دُونِ حَيْثُ اسْتَوْقَدَتْ مِنْ ضَئِيَدةٍ
تَنَاهٍ بِهَا طَلْحٌ غَرِيبٌ وَتَنْضُبُ
يَظَلُّ بِهَا ذَبُّ الرِّيَادِ كَأَنَّهُ
سُرادِقُ أعرابٍ بحَبْلَيْنِ مُطْنَبُ
غدا ناشطاً كالبربريِّ وفي الحشا
لُعَاعَة مَكْرٍ في دَكادِكَ مُرْطَبُ
تَحَدَّرُ صِبْيَانُ الصَّبَا فَوْقََمْتنِهِ
كما لاحَ في سِلْكٍ جُمانٌ مُثَقَّبِ
لَيَاحٌ،تَظَلُّ العَائِذَاتُ يَسُفْنَهُ
كَسَوْفِ العذارى ذا القرابةِ، مُنْجِبُ