على سلمى وإن نأت الخيام

على سلمى وإن نأت الخيام

​على سلمى وإن نأت الخيام​ المؤلف ابن شهاب


على سلمى وإن نأت الخيام
من المضنى التحية والسلام
سلام من فؤاد منذ ولى
وفارقها تولته السقام
على سلمى السلام ومن سواها
فاهداء السلام له حرام
مهاة صانها الرحمن عما
به العشاق تعذل أو تلام
كلفت بها وبي كلفت فكل
بصاحبه معنى مستهام
كلانا مغرم ولنا حديث
غريب لا يترجمه الكلام
ولم أنس الوداع وما جرى لي
غداة السير إذ عز المقام
بكت خوف النوى وبكيب قهرا
دما فبها وبي لعب الغرام
تبث إليّ شكواها فأشكو
إليها والدموع لها انسجام
تناشدني أترجع عن قريب
فقلت نعم وللدهر احتكام
وأزمعت الرحيل وفي فؤادي
لوحدتها لهيب واضطرام
رحيلاً أشرعت نحوي عوالي
أسنته وفوقت السهام
يهون علي دون فراق سلمى
فراق الروح لو هجم الحمام
ألا يا دارها من بطن واد
به نبت الخزامى والبشام
سقاك العارض الوسمي سحا
وحيا ذلك الشعب الغمام
ترى هل تجمع الأيام شملي
بها أو هل لفرقتنا التئام
فإني من محبتها قتيل
وكم بالحب قد قتل الكرام
إليها قبلتي ولها صلاتي
وحجّي والتنسّك والصيام
ويعروني لذكراها اهتزاز
عرفت به ووجد واصطلام
لها مهما تراءت في معاني
صفات الحسن بدء واختتام
بها اتّسقت كما بأبي جديد
خليفة جده اتسق النظام
بنى في كاهل العلياء برجا
منيعاً لا ينال ولا يرام
قواعده على التقوى أقيمت
وحسبك ما على التقوى يقام
فريد الدهر طود الفخر إنسان
عين العصر قدوتنا الهمام
إلى السمحا دعا حتى استجابت
لدعوته إلى الله الأنام
أتاه الطالبون من النواحي
على أعتابه لهم ازدحام
فأرشد للهدى من ليس يدري
لعمرك ما الحلال وما الحرام
به افتخر الزمان على عصور
بها انتشر الأكابر واستقاموا
إذا عدت أئمتهم فهذا
مجدد عصرنا لهم الإمام
به سيؤون باسمة سرورا
وحق لها وربك الابتسام
به ابتهجت مدائن حضرموت
تريم الخير والصفرا شبام
إمام من بنى الزهراء ما أن
له إلا بخالقه اهتمام
ضحوك للأرامل واليتامى
عبوس إذ يخاطبه الطغام
يناجي ربه بحضور قلب
وذل حين يعتكر الظلام
ويفنى بالحبيب عن البرايا
إذا أخذوا مضاجعهم وناموا
أبا الأشبال خذ بيدي فقير
تولى سر مضغته الحطام
غريب نازح في أرض شرك
على أرجائها انطبق القتام
أضاع العمر في لعب ولهو
بمعركة الخطاء له اقتحام
عن الخيرات تقعده ذنوب
وأوزار وزلاّت عظام
له نفس عن العليا جموح
وليس لها ليردعها زمام
بطلعتك استجار أسير ذنب
وتسويف وجارك لا يضام
فإنك محسن علماً ونعتاً
وذو الإحسان يلزمه القيام
وأنت العروة الوثقى يقينا
فهل للعروة الوثقى انفصام
وحبل الله أنت بلا نزاع
ولي بك أيها الحبل اعتصام
ودم في نعمة وعليك بعد
الرسول صلاة ربك والسلام