عوجي علينا واربعي ربة البغل

عوجي علينا واربعي ربة َ البغلِ

​عوجي علينا واربعي ربة َ البغلِ​ المؤلف جرير



عوجي علينا واربعي ربة َ البغلِ
 
وَلا تَقْتُليني، لا يَحِلّ لكمْ قَتلي
أعاذلُ مهلاً بعضَ لومكَ في البطلِ
 
و عقلكَ لا يذهبْ فانَّ معي عقلي
فإنّكَ لا تُرْضِي، إذا كُنتَ عاتِباً،
 
خليلكَ إلاَّ بالمودة ِ والبذلِ
أحقا رأيتَ الظاعنينَ تحملوا
 
مِنَ الغِيلِ أوْ وَادي الوَرِيعة ذي الأثلِ
لَياليَ إذْ أهْلي وَأهْلُكِ جِيرَة ٌ،
 
و إذْ لا نخاف الصرمَ إلا على َ وصلِ
وَإذْ أنَا لا مَالٌ أُرِيدُ ابْتِيَاعَه
 
بمَالي وَلا أهْلٌ أبِيعُ بِهِمْ أهْلي
خليليَّ هيجا عبرة ً أوْ قفا بنا
 
على مَنْزِلٍ بَينَ النّقِيعَة ِ وَالحَبْلِ
فإنّي لَبَاقي الدّمعِ إنْ كُنْتُ بَاكِياً
 
على كُلّ دارٍ، حَلّها مَرّة ً أهْلي
تُرِيدِينَ أنْ نَرْضَى وَأنْتِ بَخِيلَة ٌ،
 
و منْ ذا الذي يرضي الأحباءَ بالبخلِ
لعمركِ لولاَ اليأسُ ما انقطعَ الهوى
 
وَلَوْلا الهَوَى ما حَنّ مِن وَالِهٍ قَبلي
سقى الرملَ جونٌ مستهلٌ ربابهُ
 
وَما ذاكَ إلاّ حُبُّ مَنْ حَلّ بالرّملِ
متى تَجمَعي مَناً كَثيراً، وَنَائِلاً
 
قليلاً تقطعْ منكِ باقية ِ الوصلِ
ألا تَبْتَغي حِلماً فتَنهَى عنِ الجَهلِ،
 
و تصرمُ جملاً راحة ً لكَ منْ جملِ
فلا تَعْجَبَا من سَوْرَة ِ الحُبّ وَانظُرَا
 
أبَا خَالِدٍ! لا تُشْمِتَنّ أعَادِياً
ألا ربَّ يومٍ قدْ شربتُ بمشربٍ
 
سقى الغيمَ لمْ يشربْ بهِ أحدٌ قبلي
وَهِزّة ِ أظْعَانٍ، كَأنّ حُمُولَها،
 
غداة َ استقلّتْ بالفَرُوق، ذُرَى النّخلِ
طَلَبْتُ وَرَيَعانُ الشّبابِ يَقُودُني،
 
و قد فتنَ عيني أو توارينَ بالهجلِ
فَلَمّا لحقْنَاهُنّ أبْدَينَ صَبْوَة ً،
 
و هنَّ يحاذرنَ الغيورَ منَ الأهلِ
على سَاعَة ٍ لَيْسَتَ بِساعَة ِ مَنظَرٍ،
 
رَمَينَ قُلُوبَ القَوْمِ بالحَدَقِ النُّجلِ
وَما زِلْنَ حتى كادَ يَفْطِنُ كاشِحٌ
 
يزيدُ علينا في الحديثِ الذي يبلي
فلمْ أرَ يوماً مثلَ يومٍ بذي الغضا
 
أصَبْنَا بهِ صَيْداً غَزِيراً على رِجْلِ
ألذَّ وأشفى للفؤادِ منَ الجوى
 
و أغيظَ للواشينَ منهُ ذوي المحلِ
وَهاجِدِ مَوْماة ٍ بَعَثْتُ إلى السُّرَى،
 
و للنومُ أحلى َ عندهُ منْ جنى َ النحلِ
يكونُ نُزُولُ الرَّكْبِ فِيها كَلا وَلا،
 
غِشاشاً، وَلا يدنُونَ رَحْلاً إلى رَحلِ
ليَوْمٍ أتَتْ دُونَ الظِّلالِ سَمُومُهُ،
 
وَظَلّ المَها صُوراً جَماجمُها تَغلي
تمنَّى رِجالٌ مِنْ تَميمٍ ليَ الّردَى،
 
و ما ذادَ عنْ أحسابهمْ ذائدٌ مثلي
كَأنّهُمُ لا يَعْلَمُونَ مَوَاطِني،
 
و قدْ علموا أنيَّ أنا السابقُ المبلي
فَلَوْ شاء قَوْمي كانَ حِلمي فِيهُمْ،
 
و كانَ على َ جهالِ أعدائهمْ جهلي
لَعَمْرِي لَقَدْ أخزَى البَعيثُ مجَاشِعاً،
 
وَقالَ ذَوُو أحسابهِمْ: ساء ما يُبْلي
لعمري لئنْ كانَ القيونُ تواكلوا
 
نوارَ لقدْ أبتْ نوارُ إلى َ بعلِ
ليَ الفضلُ في أفناءِ عمروٍ ومالك
 
وَما زِلتُ مُذْ جارَيْتُ أجرِي على مهلِ
و ترهبُ يربوعٌ ورائي بالقنا
 
و ذاكَ مقامٌ ليسَ يزري بهِ فعلي
لَنِعْمَ حُمَاة ُ الحَيّ يُخشَى وَرَاءهُم
 
قَدِيماً وَجِيرَانُ المَخَافَة ِ وَالأزْلِ
لَقَدْ قَوْسَتْ أمُّ البَعيثِ، وَلم تَزَلْ
 
تزاحمُ علجاً ثادرينْ على كفلِ
تَرَى العَبَسَ الحَوَليّ جَوْناً بكُوعِها
 
لها مَسَكاً في غَيرِ عاجٍ وَلا ذَبْلِ
لَياليَ تَنْتَابُ النِّبَاجَ، وَتَبْتَغي
 
مَرَاعِيهَا بِينَ الجَداوِلِ وَالنّخْلِ
وَهَلْ أنْتَ إلاّ نَخْبَة ٌ من مُجاشعٍ
 
تُرَى لحَية ٌ في غيرِ دِينٍ وَلا عَقْلِ
بني مالكٍ لا صدقَ عندَ مجاشعٍ
 
و لكنَّ حظاً منْ فياشٍ على َ دخلِ
و قدْ زعموا أنَّ الفرزدقَ حية ٌ
 
و ما قتلَ الحياتِ منْ أحدٍ قبلي
و ما مارستْ منْ ذي ذبابٍ شكيمتي
 
فيفلتَ فوتَ الموتِ إلاَّ على َ خبل
و لما ارتقى القينُ العراقيُّ باستهِ
 
فَرَغْتُ إلى القَينِ المُقَيَّدِ في الحِجْلِ
رَأيْتُكَ لا تَحْمي عِقالاً وَلمْ تُرِدْ
 
قتالاً فما لاقيتَ شرٌّ منَ القتلْ
وَلَوْ كُنتَ ذا رَأيٍ لمَا لُمتَ عَاصِماً،
 
وَما كانَ كُفؤاً ما لَقيتَ منَ الفَضْلِ
و لما دعوتَ العنبريَّ ببلدة ٍ
 
إلى غَيرِ ماء لا قَرِيبٍ، وَلا أهْلِ
ضللتَ ضلالَ السامريَّ وقومهِ
 
دَعَاهُمْ فظَلّوا عاكِفِين على عِجلِ
فلما رأى أنَّ العنبريَّ كأنما
 
تَرَى بنَسِيء العَنبَرِيّ جَنَى النّحلِ
فأوردكَ الأعدادَ والماءُ نازحٌ
 
دَليلُ امرِىء ٍ أعطَى المَقادة َ بالدَّحلِ
ألمْ ترَ أني لا تبلُّ رميتي
 
فمنْ أرمِ لا تخطئْ مقاتلهُ نبلى
فَباتَتْ نَوَارُ القَينِ رِخْواً حِقابُها
 
تُنازِعُ ساقي ساقِها حَلَقَ الحِجْلِ
تقبحُ ريحَ القينِ لما تناولتْ
 
مِقَذَّ هِجَانٍ إذْ تُساوِفُهُ فَحْلِ
فأقسمتُ مالاقيتِ قبلي منَ الهوى َ
 
و أقسمتُ ما لاقيتِ منْ ذكرٍ مثلي
 
يودونَ لوْ زلتْ بمهلكة ٍ نعلي