غير قلبي أراه يسطيع صبرا

غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا

​غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا​ المؤلف مصطفى صادق الرافعي


غيرُ قلبي أراهُ يسطيعُ صبرا
وسوى علتي من الحبِّ تبرى
أنا لم يبقَ بينَ جنبيَّ إلا
كبدٌ من لوعةِ الشوقِ حرَّا
فدعوا اللومَ إنما هو لؤمٌ
وقديماً ولدتْ والعينُ عبرى
ما عليكم من الغرامِ إذا ما
كانَ حلوَ المذاقِ أو كانَ مرَّا
إن تكنْ تصغرُ المصئبُ فالنف
سُ ترى فيكم المصائبُ كُبرى
كرجالِ الوباءِ في طلعةِ الطا
عونِ أيامَ زلزلَ الويلُ مصرا
سفهاءُ كمثلِ ما افتضحَ العر
ضُ لئامٌ كالعسرِ لم يبقِ يسرا
والذي أثقلَ الرواسي أني
لأرى ظلكم على الأرضِ صخرا
لا يغرَّنَّ من يلومني الصم
تُ فإني رأيتُ في الصمتِ أجرا
أإذا نالَ من كريمٍ سفيهٌ
أتقيموا لهُ السفاهةَ عذرا
ليتَ هذا الزمانَ يرجعُ يوماً
من زمانِ الصبا ويأخذ عمرا
يومَ كانَ الفؤادُ كالروضةِ الغنا
ءِ تجني يد الهوى منهُ زهرا
والليالي كالطيرِ ناحتْ فخلنا
ها تغني وهنَّ يبكينَ قسرا
والأماني على الهوى حائماتٌ
مثلَ سربِ القطا إذا جئنَ نهرا
وإذا همَّ أن تنولني يمنى يدي
هِ همتْ بسلبي يسرى
أنا يا دهرُ لم أسئْ لكَ يوماً
فلماذا أساءني الهمُّ دهرا
قد رآني مما تحمَّلَ صدري
لو أتاني السرورُ لم يلقَ صدرا
ولعمري لم أمشِ في الأرضِ إلا
قامَ بي أن تحتَ رجليَّ قبرا
يا نجومَ السماءِ ما لكِ تزهي
نَ كلانا قد باتَ يعشقُ بدرا
إن تعيني على همومِ الليالي
فاحملي شطرها وأحملُ شطرا
أجدُ الهمَّ كلما نقصتهُ
ساعةً بالرجاءِ زادتهُ أخرى
وبنا حسرةٌ تزجُّ لها الأر
ضُ فهل أنتِ في سمائكِ حَسْرى
ما على من هويتِ لو حملَ البر
قَ سلاماً واستودعَ الريحَ سرا
هو أدرى بما أحاولُ منهُ
وأنا بالذي يحاولُ أدرى
ألفَ الصدَّ والتجافي غدراً
وأذى الصب والتجني كبرا
من يحييهِ والنسيمُ إذا هبَّ جفا
ني والصبحُ أطولُ هجرا
وصحابي إذا افتقرتُ إليهم
زادنب الأغنياءُ عني فقرا
خلقَ اللهُ ذا الجمالَ متاعاً
غيرَ أنَ الجميلَ بالتيهِ مَغْرى
وأرى الصدَّ لذةً وشقاءً
ومن النفعِ ما إذا زادَ ضرَّا
فاحذري يا نجومُ بدركِ إني
أجدُ الحسنَ صارَ في الناسِ سرا