فؤادي من الآمال في العيش مجدب

فؤادي من الآمال في العيش مجدب

​فؤادي من الآمال في العيش مجدب​ المؤلف إبراهيم عبد القادر المازني


فؤادي من الآمال في العيش مجدب
وجوى مسود الحواشي مقطب
تمر بي الأيام وهي كأنها
صحائف بيضٌ للعيون تقلب
كأن لم يخط الدهر فيهن أسطرا
يبيت لها الإنسان يطفو ويرسب
شغلت بماضي العيش عن كل حاضرٍ
كأني أدركت الذي كن أطلب
وما كلت الأيام من فرط عدوها
ولا عطل الأفلاك خطبٌ عصبصب
وما فتئ المقدار يمضي قضاءه
وما انفك صرف الدهر يعطي ويسلب
وما زلت ظهر الأرض في جنباته
مراحٌ لم يبغي المراح وملعب
ولكن قلباىً خالجته همومه
ترى أي ملهى طيب ليس يجنب
وكيف يسري عنه ملهى ومطرب
وما يطبيه غير ما بات يندب
لقد كان الدنيا بنفسي حلاوةٌ
فأضجرني منها الأذى والتقلب
وقد كان يصيبني النسيم إذا هفا
ويعجبني سجع الحمام ويطرب
ويفتنني نوم الضياء عشيةً
على صفحة الغدران وهي تسبسب
فمالي سقى اللَه الشباب وجهله
أراني كأني من دمائي أشرب
وما لي كأني ظللتني سحابة
فها من مخوفات الأساود هيدب
وليلٍ كأن الربح فيه نوائحٌ
على أنجم قد غالها منه غيهب
تجاوبها من جانب اليم لجةٌ
نزاءر فيها موجها المتوثب
كأن شياطين الدجى في أهابه
تغنني على زمر الرياح وتغرب
لقيت به ذا جنةٍ وتدلةٍ
له مقلةٌ عبرى وقلبٌ معذب
فقلت له ويلي عليك ولهفي
ترى أين يوميك السرى والتغرب
ركبت الدجى والليل أخشن مركبٍ
فهل لك عند الليل ويبك مطلب
فقال وفي عينيه لمعٌ مروعٌ
وفي شفتيه رجفةٌ وتذبذب
ليهن ترابٌ صم حسنك أنه
سيرويه منه عارضٌ متصبب
سقاها ورواني من المزن سمحةٌ
فإني في ملحودها سأغيب
كفاني إذا ما ضم صدري صدرها
تحية سحب قلبها يتلهب
أأنت معيني إن قضيت بدمعة
يحدرها عطفٌ علينا ويسكب
فقلت له ما لي لدى الخطب عبرةٌ
تراق ولا قلبٌ يرق ويحدب
سكنت فما أدري الفتى كيف يغتدي
تجد به الأشجان طوراً وتلعب
ولكنني إن لم تعنك مدامعي
سأستهول الموت الذي بت تخطب
سأصرخ أما هاجت الريح صرخةً
تقول لها الموتى ألا أين نهرب