فؤاد بذكر الظاعنين موكل
فؤاد بذكر الظاعنين موكل
فُؤادٌ، بذِكْرِ الظّاعنينَ، مُوَكَّلُ،
وَمَنزِلُ حَيٍّ فيهِ، للشّوْقِ، مَنزِلُ
أرَاحِلَةٌ لَيلى، وَفي الصّدرِ حاجَةٌ،
أقَامَ بِهَا وَجْدٌ، فَمَا يَتَرَحّلُ
سَلامٌ عَلى الحَيّ الذينَ تَحَمّلُوا،
وَعَجلانُ من غُرّ السّحابِ مجَلجَلُ
فكمْ كَلَفٍ في إثرِهمْ ليسَ يَنقضِي،
وَكمْ خِلّةٍ من بَعدهم ليسَ توصَلُ
وَقَفْنَا على دارِ البَخيلَةِ، فانبَرَتْ
بَوَادِرُ قد كانتْ بها العَينُ تَبخُلُ
على دارِسِ الآياتِ عَافٍ، تَعاقَبَتْ
علَيهِ صَباً ما تَستَفيقُ، وَشَمْألُ
فلَمْ يَدْرِ رَسْمُ الدّارِ كَيفَ يُجيبُنَا،
وَلا نحنُ من فرْطِ الجَوَى كيفَ نَسألُ
أجِدَّكَ هَلْ تَنسَى العُهودَ، فينطوِي
بها الدّهرُ، أوْ يُسْلَى الحَبيبُ، فيَذهَلُ
أرَى حُبّ لَيلى لا يَبيدُ، فيَنقَضي،
وَلا تَلْتَوي أسْبَابُهُ، فَتُحَلَّلُ
مُعَنًّى بهِ الصْبّ الشّجيُّ، المُعَذَّلُ
عَلَيْهِ، وَذو الحُبّ المُعنّى المُعَذَّلُ
سَتَأخُذُ أيدي العِيسِ منهُ، إذا انتحى
بأشخاصِها جُنحٌ منَ اللّيلِ، ألْيَلُ
إلى مَعْقِلٍ للمُلْكِ، لوْلا اعتِزَامُهُ
وَمِنْعَتُهُ، ما كانَ للمُلْكِ مَعقِلُ
وَمَكرُمَةِ الدّنْيا، التي لَيسَ دونَها
مُرَادٌ، وَلا عَنْ ظِلّهَا مُتَحَوَّلُ
إلى مُصْعَبيّ العَزْمِ يسْطُو فيَغتَذي،
وَمُتّسِعِ المَعرُوفِ يُعطي فيُجزِلُ
فتًى لا نَداهُ حَجْرَهُ، حينَ يَبتَدي،
وَلا مَالُهُ مِلْكٌ لَهُ حِينَ يُسألُ
إِذا نَحْنُ أَمَّلْنَاهُ لَمْ يَرَ حَظَّهُ
زَكَا، أَو يَرَى جَدْواهُ حَيْثُ يُؤَمَّلُ
لَهُ قَدَمٌ في المَجدِ تَعْلَمُ أنّهُ
بِسُؤدَدِها يُرْبي مِرَاراً، وَيفَضُلُ
إذا جادَ أغضَى العَاذِلُونَ، وَكَفَّهمْ
قَديمُ مَسَاعيهِ الذي يَتَقَيّلُ
ومَنْ ذا يَلُومُ البَحرَ إنْ باتَ زَاخراً
يَفيضُ، وَصَوبَ المُزْنِ إنْ باتَ يهطِلُ
وَلَمْ أرَ مَجْداً كالأمِيرِ مُحَمّدٍ،
إذا مَا غَدا يَنْهَلُّ، أوْ يَتَهَلّلُ
حَياةُ النّفوسِ المُزْهَقاتِ، ومَأمِنٌ
يَثُوبُ إليهِ الخائِفونَ، ومَوْئلُ
أُعِيرَتْ بهِ بَغدَادُ صَوْبَ غَمامَةٍ،
تُعِلُّ البِلادَ مِنْ نَداها، وَتُنهَلُ
وَقد فقَدَتْ أُنسَ الخِلافةِ، وَانتحى
على أهلِها خَطبٌ، من الدّهرِ، مُعضِلُ
وَلِيتَهُمْ، وَالأُفْقُ أغْبَرُ عِنْدَهم،
وَجَوُّهُمُ، عَن صَيّبِ المُزْنِ، مُقفَلُ
فجَاءَ بكَ الصّنعُ الذي كانَ ذاهِباً،
وَجيدَ بكَ الصّقعُ الذي كانَ يُمحِلُ
وَما كنت إلا رحمة اللهِ ساقها
إليهم ودنُياهم أتتْ وهي تُقبلُ
ويَوْمُهُمُ السّعدُ الذي ضَمّ أمرَهُمْ
إليكَ، هوَ اليَوْمُ الأغَرُّ المُحَجَّلُ
تَلِينُ، وَتَقْسُو شِدّةً وَتَألّقاً،
وَتُمْلي، فتَستأني، وتَقضِي، فتَعدِلُ
ومَا زِلْتَ مَدْلولاً على كلّ خِطّةٍ
مِنَ المَجدِ، ما تَرْقَى وَلا تَتَوَقَّلُ
تَداركني الإحسانُ مِنكَ، وَمَسّني
على حاجةٍ، ذاكَ الجَدا، وَالتّطَوّلُ
ودَافَعْتَ عنّي، حينَ لا الفَتحُ يُبتَغى
لِدفْعِ الذي أخشَى ولا المتوكلُ
لَعَمرِي لَقَدْ وَحَّى ابْنُ مخْلَدَ حاجَتي
وأَسْعَفَني عَفْواً بما كُنْتُ أَسْأَلُ
أطَاعَكَ في رِفْدِي رِضاً وتَقَبُّلاً،
لِمَا تَرْتَضِي مِنِّي وما تَتَقَبَّلُ
هُو الْمَرْءُ يأَتي ما أَتيْتَ تَحرِّياً
ويُعْطِي الَّذي تُعْطِي اتِّباعاً ويَبْذُلُ
يُبَادِرُ مَا تَهْواهُ حتّى يَجيئَهُ
تَوَخٍّ، فيَمضِي أوْ يقُولُ فيَفعَلُ
فَلا تكذِبَنْ عَنْ فَضْلِهِ وَوَفائِهِ،
فَمن هُوَ في هَذينِ إلاّ السّمَوْألُ