فؤاد كطرفك أمسى عليلا

فؤاد كطرفك أمسى عليلا

​فؤاد كطرفك أمسى عليلا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


فؤاد كطرفك أمسى عليلا
وجسمٌ كخصرك يشكو النحولا
وأضناه حبُّكِ حتّى اغتدى
كما تبصرين ضعيفاً نحيلا
فريقاً به إنّه في هواك
على حالة في الهوى لن تحولا
يبيت بطرفٍ كثير السهاد
فلم يذق الغمض إلاّ قليلا
وشوّقه البرق جنح الدجى
وندب الحمامة ليلاً هديلا
فأصبح يشكو حريق الفؤاد
ويقذف من مقلتيه سيولا
وتسكرني نسمات الشمال
فأغدو كأني سُقيت الشمولا
وكم شرب الصب من عبرة
بذكر الأحبّة دهراً طويلا
فما بلَّ فيها غليل الحشا
وكيف تبلّ الدموع الغليلا
قتلتم أحبتنا المستهام
وكم راح مثل المعنّى قتيلا
ورَّوضتمو روض هذا الهوى
وربع التصبّر أمسى محيلا
ولما أخذتم بترحالكم
أخذتم فؤادي أخذاً وبيلا
غداة استقلَّت حُداة الظعون
تجوب المهامة ميلاً فميلا
فهلاّ بعثتم إلينا النسيمَ
فكان النسيمُ إلينا رسولا
بَخِلْتُم بطيف يزور المحبّ
وما كنت أعهد فيكم بخيلا
سددتم سبيل خيال الكرى
فما وجد الطيف نحوي سبيلا
قفا يا خليلي دون الغوير
ولا يتركنّ الخليل الخليلا
لنقضي حقوق ديار عفت
ونبكي الديار فنسقي الطلولا
وكانت بروجاً لتلك البدور
فيا ليتها لم تلاق الأفولا
فيا دارنا عداك الحيا
وجرّت عليك الغوادي ذيولا
لعينيك قد ذلّ أختَ المها
فهان وكان عزيزاً جليلا
إلى كم أداري وأرضي الوشاة
وأسمعُ في الحب قالاً وقيلا
لقد لامني في هواك العذول
وألقى على السمع قولاً ثقيلا
فضلَّ العذول ضلالاً بعيداً
وحاول أمراً غدا مستحيلا
إذا المرء ضلّ سبيل الغنى
فأنوار عثمان تهدي السبيلا
إلى بذل نائله المستفاد
نؤم إلأيه قبيلاً قبيلا
متى أنكرت فضله الحاسدون
أقامت عليه المعالي دليلا
وإن حلّ نائله موطناً
ينادي الهنا بالعناء الرحيلا
سريع الإجابة سؤاله
وما زال في كل خير عجولا
نما فرعهُ إذ زكا أصله
فطاب فروعاً وطاب أصولا
وفيه نمت روضة المكرمات
ولم ير عود الأماني ذبولا
وقد رفع الفضل بعد الخمول
فلا شهد الفضل فيه الخمولا
وجدّ فنال بما قد سعى
مقاماً عليّاً ومجداً أثيلا
ولِم لا ينال العلى ماجد
يمدّ إلى المجد باعاً طويلا
ولما استظّل به الخائفون
رأوه لذلك ظلاً ظليلا
أخو البأس يمنع صرف الزمان
ويعطي المقلّ عطاءً جزيلا
يُنيل وإن لامه اللائمون
ومن يمنع الغيث أن لا ينيلا
تعشَّقْتُ علويَّ فضل العلوم
فما تبتغي بالمعالي بديلا
لقد جئت في معجزات الكمال
وها أنت تعبي بهن الفحولا
وحيّرت فيها فهوم الرجال
فأبهتَّ فيما أتيت العقولا
عزائمك الكاشفات الكروب
تكاد الجبال بها أن تزولا
ولله من هممٍ في علاك
تعيد الحزون سريعاً سهولا
فلو رمت قلع الرواسي بها
أعدت الرواسي كثيباً مهيلا
وأفنت يمينك جمع الحطام
لكي تستحق الثناء الجميلا
وأبقيت في الدهر ذكراً حميداً
تذاكره الناس جيلاً فجيلا
بخطك صيّرت طرف العلى
كحيلاً وخدّ الأماني أسيلا
أتى بقوافٍ إليك العُبَيْدُ
تجول بمدحك عرضاً وطولا
أجزني عليها الرضا بالقبول
فأقصى المنى أن أنال القبولا