فاروس الثاني
فاروس الثاني
نبأ في لحظة أو لحظتين
طاف بالدّنيا و هزّ المشرقين
نبأ، لو كان همس الشّفتين
منذ عام، قيل إرجاف و مين!
و تراه أمة بالضّفتين
أنّه كان جنين العلمين
موسيلني! أين أنت اليوم؟ أين؟
حلم؟ أم قصّة؟ أم بين بين؟
قصر فينيسيا إليك اليوم يهدي
لعنة الشّرفة في قرب و بعد
عجبا! يا أيّهذا المتحدّي
كيف ساوك سقوط المتردّي؟
إمبراطورك في همّ و سهد
صائحا في لياه لو كان يجدي؟
أين فاروس ولّيت بجندي؟
أبن ولّيت بسلطاني و مجدي؟
أعتزلت الحكم؟ أم كان فرارا
بعد أن ألفيت حوليك الدّمارا
سقت بالمجزرة الزّغب الصّغارا
بعد أن أفنيت في الحرب الكبارا
يا لهم في حومة الموت حيارى
ذهبوا قتلى و جرحى و أسارى
يملأون الجوّ في الرّكض غبارا
و قبورا ملأوا وجه الصّحارى
أعلى الصّومال أم أديس أبابا
ترفع الرّاية، أم تبني القبابا
أم على النّيل ضفافا و عبابا
لمحت عيناك للمجد سرابا
فدفعت الجيش أعلاما عجابا
ما لهذا الجيش في الصّحراء ذابا؟
بخّرته الشّمس فارتدّ سحابا
حين ظنّ النّصر من عينيه قابا
يا أبا القمصان جمعا ة فرادى
أحمت قمصانك السّود البلادا؟
لم آثرت من اللّون السّوادا؟
لونها كان على الشّعب حدادا!
جئت بالأزياء تمثيلا معادا
أيّ شعب عزّ بالزّيّ و سادا
إنّه الرّوح شبوبا و اتّقادا
لا اصطناعا بل يقينا و اعتقادا
موسيليتي قف على أبواب رةما
و تأمّلها طلولا و رسوما
قف تذكّؤتها على الأمس نجوما
و تنظرها على اليوم رجوما
أضرمت حولك في الأرض التّخوما
تقتفي شيطانك الفظّ الغشوما
أو كانت تلك روما أم سدوما
يوم ذاقت بخطاياك الجحيما؟
هي ذاقت من يد الله انتقاما
لأثام خالد عاما فعاما
يوم صبّت فوق بيروت الحماما
لم تذر شيخا و لم ترحم غلاما
من سفين يملأ البحر ضراما!
ذلك الأسطول كم ثار احتداما
أين راح اليوم؟ هل رام السّلاما؟
أم على الشّاطئ أغفى ثم ناما؟
أيّ عدوان زريّ المظهر
بدم قان ز دمع مهدر
حين طافت بحمى الأسندر
أجنح من طيرك المستنسر
تنشر الموت بليل مقمر!
يا لمصر! أترى لم نثأر
بيد المنتقم المستكبر؟
أترى تذكر؟ أم لم تذكر
موسيليني! لست من أمس بعيدا
فاذكر المختار و الشّعب الشّهيدا
هو روح يملأ الشّرق نشيدا
و يناديك، و لا يألو و عيدا:
موسيليني! خذ بكفّيك الحديدا
و صغ القيد لساقيك عتيدا
أو فضع منك على النّصل وريدا
فدمي يخنقك اليوم طريدا!!