فراشتي رأت النور الذي ظهرا

فراشتي رأت النور الذي ظهرا

​فراشتي رأت النور الذي ظهرا​ المؤلف عبد الغني النابلسي


فراشتي رأت النور الذي ظهرا
نور الوجود الحقيقي يخطف البصرا
وهاجها النفخ في الناي الرخيم وقد
بدا الجمال من الوجه الذي بهرا
فألقت النفس منها فيه فاحترقت
فلم تغادر لها عينا ولا أثرا
والناس قد جهلونا في فراشتنا
على اختلاف لهم في حقنا اشتهرا
فقال بعض هوت للنار تعبدها
والبعض قال عليها وهمها قهرا
وقال بعض لها عشق يهيج بها
فتحسب النار نورا والهوى غدرا
وكلهم أخطأوا فيها الصواب ولم
يشعر بها غير حر يعرف القمرا
يدري التجلي من الغيب الفريد على
من كان للفاعل الحق الحقيق يرى
هذا ومن عجب أن الفراشة لا
تبقى على حالها لما قضت وطرا
وكلما سقطت في الأرض محرقة
عادت كما هي داعي سرها جهرا
حتى تعود إليه وهو يحرقها
وباطل هي وهو الحق قد ظهرا
نحن الفراش جميعا حول شعلته
نطوف لكن درت عشاقنا الخبرا
كما أتى في كتاب الله يوم يكون
الناس هم كالفراش البث منه طرا
وليس يدري الذي لا عشق فيه إلى
وجه المليح ولا كيف الغرام جرى
في الغيب نور حقيقي يجل فلا
يهواه إلا الذي عمن سواه سرى
له ظهور بأشكال قد اختلفت
فيعشقون له الأشكال والصورا
وهو الجميل فلا شيء يشابهه
والقلب يعرف من كل القلوب برى
يا ناظرون قفوا ما عندكم خبر
حتى تذيبوا الحشى والعقل والفكرا
فراشكم لا يرى نور المليح ولا
ذاك الجمال الذي عندكم قد استترا
وإنما جيف الدنيا لكم فتن
وغيركم قلبه غيب الغيوب درى