فلو أني وليت الحكم يوما
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً
ووُلِّيتُ العقوبةَ والخِصاما
لقرَّتْ عينُ من يهوى الجواري
وعاقبتُ الذي يهوى الغُلاما
مص
أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
سألتُكَ أيَّما أشجى حديثا
وأطيبُ حين يُعتَنق التزاما
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أجاريةٌ مغَنَّجةٌ رداحٌ
تزيدُك للغرامِ بها غراما
أم آمردُ قد أجافَ الإبطُ منه
له أير كأيرك حين قاما
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهةٌ
يُريدُكَ للدَّارِهمِ لا لشيْءٍ
وتلك تذوبُ عِشْقاً واهتماما
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجديةٍ
إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاةُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجانن أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهةٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجديةٍ
إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ له
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاةُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّةٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابةِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتىً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكيةٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانةٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكيةً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكيةٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامةُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً
لا زينةً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحةٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنةٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنةٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونةً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاةٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌأجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهةٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجديةٍ
إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاةُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّةٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابةِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتىً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكيةٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانةٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكيةً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكيةٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامةُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً
لا زينةً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحةٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنةٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنةٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونةً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاةٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ
رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ
في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ
صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ
تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل
ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم
وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ
مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ
عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ
فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ
إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة
منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ
علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ
فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا
منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ
قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ
يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبةٌ
حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ
فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا
بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم
فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ
أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم
ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ
وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصره أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلةٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهةٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهةٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجديةٍ
إلا استراحةَ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعةِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلةٍ قتْلى وآسرةٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونةً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبةً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاةُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهيةً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفةٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّةٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابةِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتىً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكيةٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانةٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكيةً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكيةٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامةُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً
لا زينةً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحةٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنةٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنةٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونةً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاةٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ
رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ
في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ
صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ
تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل
ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم
وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ
مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ
عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ
فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ
إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة
منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ
علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ
فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا
منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ
قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ
يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبةٌ
حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ
فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا
بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم
فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ
أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم
ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ
وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصر
كأنَّهُ النَّاسُ طُرّاً وهْو إنسان
أغرُّ أبلجُ ما زالت لمادحِه
دعوى عليها لفضلٍ فيه برهان
له مُحَيّاً جميلٌ تَستدلُّ به
على جميل وللبُطْنانِ ظُهرانُ
وقلَّ من ضَمِنَتْ خَيْراً طَوِيَّتُهُ
إلا وفي وجههِ للخيرِ عنوان
يلقاكَ وهْو مع الإحسان معتذرٌ
وقد يُسيىءُ مُسِيءٌ وهو مَنان
زمانُه بنداه مُمْرعٌ خَصب
كأنه من شهور الحول نيسان
أضحى وما شاب يدعوه الأنامُ أباً
بحقِّه وهُمُ شِيبٌ وشبان
تقدَّمَ النَّاسَ طُرّاً في مذاهبهِ
وإن تقدَّم تلك السنَّ أسنان
وذي وسائلَ يُزْجيهنَّ قلت له
انبذْ رشاءك إنَّ الماء طوفان
ياذا الوسائلِ إن المستقى رَفِقٌ
ليستْ له غيرَ أيدي الناسِ أشطان
يمَّمْتَ يمَّا أساحَ اللَّهُ لُجَّتَهُ
في أرضهِ فخرابُ الأرض عُمرانُ
ما من جديب ولا صَدْيانَ نَعْلَمُه
وكيف يُلفى مع الطوفان صديان
لاقى رجالاً ذوي مجدٍ قد اغتبقوا
آساره ولقوهُ وهو صبحان
يُضْحِي وليس على أخلاقِهِ طبعٌ
ولا على الغُرِّ من آرائه ران
اعفى البريةِ عن جُرم وأجملُها
صفْحاً وإن سيمَ وترا فهو ثعبان
ما إن يزالُ إزاء الوِتْرِ يوتره
نقض ومنه إزاء الذنب غفران
يستحسنُ العفو إلا عن مُنابذةٍ
في العَفْوِ عنها لرُكْنِ العز إيهان
وهَّابُ ما يأمنُ العِقبانُ واهبهُ
طلاَّبُ ما للتَّغاضي عنه عقبان
إذا بدا وجهُ ذَنْب فهو ذو سنةٍ
وإن بدا وجْه خَطْب فهْو يقظانُ
يقظانُ من روع وسْنانُ من وَرَع
يا حبَّذا سيِّدٌ يقظانُ وسنان
مُفكِّرٌ قبل صُبْحِ الرأي متئد
مُشمِّرٌ بعد صبحِ الرأي شيحان
تلقاهُ لا هُوَ مِنْ سرَّاءَ خادعةٍ
غِرُّ ولا هو من ضرَّاء قُرحان
يجِلُّ عن أن تُحَلَّ الدهرَ حَبْوتُهُ
يوما إذا طاش مِفراحٌ ومحزان
ما خفَّ قطُّ لتصريفٍ يُصرِّفهُ
وهل يخِفُّ لنفخ الريح ثهلان
يا من يبيتُ على مجرى مكائدِهِ
نكِّبْ لك الويلُ عنها فهْي حُسبانُ
ذو حكمةٍ وبيانٍ جلَّ قدرهُما
ففيه لقمانُ مجموعٌ وسحبان
وما لسحبانَ جُزءٌ من سماحتِهِ
ولا للقمانَ لو جاراه لقمان
ساواهما في الحجى واحتاز دونهما
فضلَ الندى فلهُ في الفضل سُهمان
معانُ عُرفٍ وعرفانٍ وقلَّ فتىً
في عصرهِ عندهُ عُرفٌ وعِرفان
مُساءلُ القلبِ مسؤولُ اليديْنِ معاً
كلا وعاءيْهِ للمُمتاحِ ملان
صاحي الطباعِ إذا ساءلتْ هاجِسهُ
وإن سألتَ يديْهِ فهْو نشوان
يُصَحِّيهِ ذِهنٌ ويأبى صحوه كرمٌ
مستحكم فهو صاحٍ وهو سكرانُ
لا يعْدَمُ الدهرَ صحواً يستبينُ به
حقّاً عليه من الإلباس أكنان
وينطقُ المنطقَ المفتونَ سامعُهُ
والمنطق الحسنُ المسوعُ فتَّان
وليس ينفكُّ من شكرٍ يظلُّ له
من راحتَيْهِ على العافين تَهتان
شُكرٌ ولكنّهُ من شيمةٍ كرُمَتْ
لا من كؤوسٍ تعاطاهُنَّ ندمان
يجودُ حتى يقولَ المُفرطون له
قد كاد أن يخلفَ الطوفانَ طوفان
تعتادهُ هزةٌ للجودِ بينةٌ
فيه إذا اعتاده للعُرف لهفان
ريحٌ تَهُبُّ له من أرْيَحيته
يهتز للبذل عنها وهو جذلان
يهتزُّ حتى تراهُ هزَّهُ طربٌ
هاجتْهُ كأس رنَوْناةٌ وألحانُ
كم ضنَّ بالفرضِ أقوامٌ وعندهُمُ
وفْرٌ وأعطى العطايا وهْو يدَّان
ثنى إليه طُلى الأحرار أنَّ لهُ
عَهْداً وفيا وأنَّ الدهرَ خوَّان
وساقَ كلَّ عفيفٍ نحو نائله
مقالهُ أنا والعافونُ إخوان
أضحى غريباً ولم يحلُلْ بقاصيةٍ
من البلادِ ولا مَجَّتْهُ أوطان
بل غرَّبتْهُ خِلالٌ لم يَدَعْنَ لهُ
شِبْهاً وللنَّاسِ أشباهٌ وأخدان
يفْديه مَنْ فيه عن مقدار فديته
عند المفاداة تقصيرٌ ونُقصان
قومٌ كأنَّهُمُ موتى إذا مُدحوا
وماكُسوا من حبير الشعر أكفان
ثوابهُمُ أن يُمَنُّوا مسْتَثيبهمُ
وهل يُثيبُ على الأعمالِ أوثان
لله مُختارهُ ما كانَ أعلمهُ
بكلِ ما فيه للرحمن رضوان
ما اختار إلاَّ امرءاً أضحتْ فضائلُه
يُثنى عليه بها راضٍ وغضبان
رأى أبا الصقر صقرا في شهامتِهِ
فاختارَ مَنْ فيه للمُختارِ قُنعان
من لا يزالُ لديهِ من مذاهبهِ
بين الرشادِ وبينَ الغيَ فُرقان
طِرفٌ من الخيلِ يمتدُّ الجراء به
في غيرِ كْبوٍ إذا ما امتدَّ ميدان
وللموفَّقِ تبصيرٌ يُبصّرهُ
بالخطِّ والناسُ طُرٍّا عنهُ عميان
أهدى إليه وزيراً ذا مُناصحةٍ
لم يختلفْ منهُ إسرارٌ وإعلان
أضحى به بَيْنَ توقيرٍ وعافيةٍ
من المآثم لا يلحاه دَّيانُ
وكم أميرٍ رأيناهُ تكنَّفهُ
في الدِّينِ والمالِ آتياعٌ وخسران
يجبي له الإثم والأموالَ عاملهُ
فالإثمُ يحصلُ والأموال تُختان
حاشى الموفقَ إن الله صائنه
عن ذاك والله للأخيار صوان
تلكم أمورٌ وليُّ العهْدِ ينْظِمُها
نظْمَ القلادةِ إحكامٌ وإتقانَ
في كفِّ كافٍ أمين غيرِ مُتَّهم
غنَّى بذلك مُشَّاءٌ ورُكبان
فالمُجتبى مُجتبىً في كلِّ ناحيةٍ
كانتْ مناهبَ والديوان ديوان
يامن إذا الناسُ ظنُّوا أنَّ نائلهُ
قد سال سائلهُ فالناس كُهَّان
إنِّي رأيتُ سؤالَ الباخلينَ زِناً
وفي سؤالك للأحرارِ إحصان
إذا تَيمَّمكَ العافي فكوكبُهُ
سعْدٌ ومرعاهُ في واديكَ سعدان
إليك جاءتْ بوَحْشِ الشعر تحملها
حُوش المطيِّ الذي يعتام حِيدان
جاءتْ بكل شَرودٍ كلَّ ناحيةٍ
كعاصفِ الريح يَحْدُوها سليمان
ألحاظُ برقٍ إذا لاحتْ مُهَجَّرةً
واستوقدتْ من أوار الشمس حران
همَّتْ بأنْ تَظْلِمَ الظِّلمانَ سُرعَتُها
وكاد يظلُمها من قال ظِلمان
تطْوي الفلا وكأن الآلَ أرْدِيةٌ
وتارةٌ وكأنَّ الليلَ سيجانُ
كأنها في ضحاضيحِ الضَّحى سُفُنٌ
وفي الغمارِ من الظَّلماءِ حيتان
تَرْجوكَ يا مَنْ غدا للناسِ وهْو أبٌ
ولم تشبِ وهُمْ شِيبٌ وشُبَّان
بل أيُّها السيِّدُ الممنوح ثروتَه
ملكاً صحيحاً إذا المُثْرُون خُزان
تِبيانُ ذلك أن أطلِقْتَ تَبذُلها
بدْءاً وعَوْداً وللأشياء تبيان
وما غُللتَ بِغُلِّ البُخْلِ عنْ كرم
وقد يُغَلُّ بغُلِّ البُخل أيمان
أحيى بك الله هذا الخَلْقَ كُلَّهُم
فأنتَ روحٌ وهذا الخلقُ جُثمان
وقد ظننتُ وحولُ الله يعصمني
من ذاك أن نصيبي منك حرمان
أساءَ بي منك مِحسانٌ وما شَجِيتْ
نفسْ بمثلِ مسيءٍ وهو مُحسان
ضاقت بلواي أعطاني بما رَحُبَتْ
ولن تضيق بغوثي منك أعطانُ
يشكوكَ شعري ويستعديك يا حكمي
ويا خَصِيمي ويا مَنْ شأْنُه الشَّان
وما لمثلك يستعدِي مُؤمِّلهُ
أنَّى وعدلُك بينَ النَّاسِ ميزان
أنت الذي عدلتْ في الأرضِ سيرتُهُ
حتى تواردَ يعْفورٌ وسِرحان
وأنصف الناس منه أنه رجلٌ
يُخيفهُ اللَّهُ إسلامٌ وإيمآن
وأسعدُ الناسِ سلطانٌ له وَرَعٌ
عليه منهُ لأهلِ الحقِّ سلطان
ما بالُ شِعْرِيَ لم تُوزَنْ مثوبتُه
وقد مضتْ منه أوزانٌ وأوزانُ
أمِثْلُ شِعْريَ يُلوى حقُّه وله
عليك من خِيمك المحمودِ أعوان
أمْ وَعْدُ مثلك لا يُجبى لآملهِ
وقد تهادَتْهُ أزمانٌ وأزمان
مالي لديكَ كأنِّي قد زَرَعْتُ حَصىً
في عام جدب وظهرُ الأرض صفوان
أما لزرعي إبَّانُ فأنظرهُ
حتى يريعَ كما للزرعِ إبان
أعائذ بك يسْتسقي بمَعطشةٍ
وفي يمينك سَيْحانَ وجيحان
في راحَتَيْكَ من اليمَّيْن لجُّهما
وفي بنانك أنهارٌ وخُلجان
وقد يُسوَّفُ بالإسقاء ذو ظمأ
ولن يسوَّفَ بالإسقاء غصّان
وبي صدى وبحلقي غُصَّةً برج
فاعْجَلْ بغوثِكَ إن الرِّيثَ خِذلان
وليس مثلك بالمخذول أمِلُه
إذا أطاع جميلَ الفعلِ إمكان
إن لا يُكْنُ وجدَ حُرٍّ ملءَ همته
فقد يمُدُّ وعاءٌ وهو نصفان
ما حمدُ مَنْ جادَ إن كظَّتْه ثروتُه
ما الحمد إلاَّ لمُعطٍ وهْو خُمصان
نوِّلْ فإنك مَجْزِيٌّ وإنَّ معي
شُكراً إذا شئتَ لم يخلطْهُ كُفران
وإن أبيتَ فحسبي منك عارفةً
أن امتداحكَ عند الله قُربان
والحرُّ يسغَبُ دهرا وهو ذو سعة
والعَفُّ يَطوِي زَمانا وهو سَغبانُ
وللبلاءِ انفراجٌ بعد أمنةٍ
ورعيةُ الدَّهرِ إعجافٌ وإسمان
وللإله سجالٌ مِنْ فواضلهِ
كلُّ امرىء ناهلٌ منها وعَلاَّن
إن لا يُعنِّي على دَهرِي أخو ثِقةٍ
من العباد فإنَّ اللَّهَ مِعوان
أو يبطُلُ الحقُّ بينَ الناسِ كُلِّهُمُ
فليسَ للحقِّ عند الله بُطلان
خُذها أبا الصقْرِ بكْرا ذاتِ أوشيةٍ
كالروْض ناصَى عراراً فيه حوذان
واسلم لراجيك مَسعوداً وإن تربَتْ
ممَّن يُعاديكَ آنافٌ وأذقان