قاسي الجوانح لين الاعطاف

قاسي الجوانح لين الاعطاف

​قاسي الجوانح لين الاعطاف​ المؤلف ابن نباتة المصري


قاسي الجوانح لين الاعطاف
أهواه في الحالين غصن خلاف
رشأ من الأتراك إلا أنّ في
جفنيه ما في الهند من أسياف
أدنى حياصته الى أردافه
فانظر لزخرفها على الاحقاف
واعجب لشكوى الخصررقة حاله
ومن الغنى لشكاية الأرداف
ولتاركي في حبه وكأنما
إنسان عيني مبتلى برعاف
أفديه عسال القوام اذا مشى
واذا يشاء فمعسل الترشاف
تلتفّ قامته بوارد شعره
فأرى الشقا في جنةٍ ألفاف
ولقد أرى طرق الرشاد بتركه
لكنّ قلبي مولع بخلافي
واشقوتي منه بخصر مخطف
نهب السلوّ وناظرٍ خطاف
إن خاب سائل أدمعي في حبه
فلكثرة الإلحاح والإلحاف
وأكاد أصدق ثمّ يطمعني به
بشر يغير الدرّ في الأصداف
لا اليأس يثبت لي عليه ولا الرجا
فكأنني في موقف الأعراف
ولربّ ذي عذلٍ اذا بلَ البكى
ردني باكر مسمعي بنشاف
مالي وللعذل في متحكمٍ
لي في الهوى مضنٍ لديه وشاف
إني لأطلب لا لشيءٍ وصله
إلاّ لينظر في الوصال عفافي
ما كان في العشرين يهفو منطقي
أيكون في الخمسين فعلٌ هاف
شيمٌ عن السلف الذكي ورثتها
لا في الصبي عييت عليّ ولا في
لي حين أنسب أسرةٌ عربيةٌ
كادت تعدّ الشهب من أحلافي
وفضائل ما قد سمعت وأنها
لمسامع الأشراف كالأشناف
ولرب وردٍ عفته لتدلكٍ
ولو أنه نهرُ المجرة طاف
ما أجور الأيام في إهمالها
حقي وأعدلها عن الانصاف
أشكو التأخر في الزمان وهذه
شيمي لديه وهذه أسلافي
عطفاً أحال الدين والدنيا على
حالي فعندك يحسن استعطافي
إن لم أبت ضيفاً لبابك قادماً
فاجعل كتابي واحدَ الأضياف
وأجزت باب قرى عوائد نحوه
أن لا يجوز لديه حذف مضاف
من أين للآمال مثلك كافلٌ
أم أين للأحوال غيرك كاف
أنت الغياث اذا الغمائم أخلفت
وعد الثرى بالدرّ في الاخلاف
والمسماحة في الندى آلافه
والواحد المربي على الآلاف
غيث الشآم ونيل مصر اذا شئت
يوماً وضاقت رحلةُ الإيلاف
مدت الى قاضي القضاة يدُ الرجا
فأمدها بعوائد الإتحاف
هو كعبة الفضل التي قد أغربت
أهل المقاصد حولها بطواف
أقلامه مثل السهام سديدةٌ
لكنها للوفد كالأهداف
حفيت بوفد الآملين فكلها
يسعى الى لفيا المؤمل حاف
في كفّ فياض النوال كأنها
لمعُ البروق بعارضٍ وكّاف
لا عيبَ فيه سوى عطاءٍ مخجلٍ
جهد المدائح زائد الإسراف
وثنا يشف ضياؤه فكأنما
في أعين الاعداء منه أشافي
أوصاف مجدٍ أينعت فترنمت
بالسجع فيها ألسنُ الوصاف
ومناقب قد يممت أمد العلا
فقفت سوابقها الحسان قواف
وفخار بيتٍ في السيادة وازنٌ
ما بيت نظم فخاره بزحاف
بيتٌ أبو دلفٍ بناه وبالغت
انباه في شرف وفي إشراف
ما فاخرته العرب الاّ هاشماً
فغدت لديه هشيمة الاناف
أو سامت الفرس الاوائل عزه
لتقطعت اكتاف ذي الاكتاف
تبقى على مرّ الزمان وغيره
عاف الذرى متوعر الاكناف
يا من مقام فخاره المحمود لم
تحتج دلائله الى كشّاف
وضحت بهمتك العلوم فكلها
إجماع متفق بغير خلاف
ووراك صلى السابقون وسلمت
آداؤهم من مثبتٍ أو ناف
وبك ازدهى الشرع المنيف مقامه
وأقر رائد روضه المستاف
يحميه رمحٌ من يراعك نافذٌ
ويقيك درعٌ من سجلك ضاف
واذا استشار الملك رأيك في دجى
أمرٍ ثنيت الصبح في الإسراف
عجباً لمثلك كيف يهمل حالتي
من بعد ذاك العطف والاسعاف
وليَ المصيف وفي حشاي حرارةٌ
للهم فوق حرارة المصطاف
وكفى عداتي أنني مافيّ أن
ورد الشتا إلا لساني داف
ومن الحوادث أن عزمي والصبى
أودى فليت الحادثات كفاني
ولبعد بابك وقدُ نارٍ في الحشا
ترمي بكل شرارة كطراف
بالرغم أن يجفو ترابك مبسمي
لكنه غدر الزمان الجافي
ولئن قعدت فان ركبَ مدائحي
متواصل الاعناق والايجاف
خذها اليك كلامةٍ مسرودةٍ
يوم الفخار وحلة أفواف
نظمتها لك والنجوم كأنها
في الافق من تعب المسير غواف
والنسر ينهض بينها بقوادمٍ
لكنهنّ عن العيان خواف
فأتتك من صنف الجمال بديعة
والنظم مثل بنيه ذو إنصاف
في الناس من يمشي على رجلين في
نظمٍ ومن يمشي على أخلاف