قدوم كما حيي قدوم غمام

قدوم كما حيي قدوم غمام

​قدوم كما حيي قدوم غمام​ المؤلف ابن نباتة المصري


قدوم كما حيي قدوم غمام
وعود الى الأوطان عود حسام
فهذا على الرواد أكرم حاتم
وهذا على الاسلام خير محامي
لك الله من سارٍ الى أربٍ سرى
هلالٍ الى أن غار بدر تمام
دعاك إلى أرض الحطيم تذكر
وغيرك مشغول الهوى بحطام
فلله وفر من حلالٍ بذلته
على بلدٍ زاكي المحل حرام
وما هيَ إلا همةٌ تغلبية
تروم من العلياء كلّ مرام
حوت أمد الدنيا من المجد وانبرت
تشق الى الأخرى صنوف زحام
وما ضرّ ركباً كنت نجعة أهله
تعذر زادٍ أو صروفُ غمام
فوالله ما برق البشاشة خلّبٌ
لديك ولا غيم الندى بجهام
يطوف بك الحجاج في كل منزلٍ
اذا ذعرتهم سحبه بفطام
كأنهم قبل الوصول تعجلوا
طوافهم في كعبة ومقام
اذا ذكروا الركن اليماني يمموا
مواهب ركن للعفاة شآمي
كريم الثنا يجدي الركاب كأنه
لنفحته قد حلّ دار سلام
لقد ظفرت منكم قسيّ ظهورها
لدى عرض البيدا بخير سهام
وأحسن بها حيث الزمان يروعها
نشاطاً كأن النصل ثنيَ زمام
تمدّ جناحي ظلها في هجيرةٍ
فتحسبها في البيد خيط نعام
اذا خلعت وجه الفلا بمناسمٍ
تفاءل حاديها بنيل مرام
إلى أن أتت أرض المقام كأنها
من البشر فيها بشرت بمقام
ويمم هاتيك المناسك أروعٌ
تهمّ على أعطافه بسلام
إذا هو ولى قبلة البيت وجههُ
فيا فضل محرابٍ وفضل إمام
حلفت بما ضمّ المحصب والصفا
وبالبدن في لباتهن دوامي
لطابت على علياه طيبة دوره
غدت لمساعي حجّه كختام
وجئت جلال المصطفى منك قائماً
بشرعته الغراء خير قيام
وعدت الى الأوطان مقتبل الهنا
يمدّ اليك السعي رأس غلام
وشرفت أرضاً قد وطئت كأنما
وهادُ الشرى منها فروع أكام
وتشرح أرض الشام فيك غرامها
بضعف نسيم أو حنين حمام
وما أرقت حتى سريت كأنما
مقامك فيها كان طيف منام
بقيت على أولاد آدم منعماً
وعن كل سام قد علوت وحام