قصة :الجراد في المدينة
يحكى في قديم الزمان مدينة تملك من الأنهار و الحقول ما يهب كل ما تحتاج إليه،فلم تعرف يوما الجوع والحزن، غير أن الناس الذين يسكنون في بيوتها كانوا يحبون الكلام ، فلا يعملون سوى القليل ،وما تبقى من وقتهم يضيع في الكلام،
وحدث في يوم من الأيام أن وفد إلى المدينة رجل يقطن في قمة الجبل، فأخرجه أنه أبصر جراما لا يحصى عدده يطير متجها نحو مدينتهم، فارس العديد من أهل المدينة إلى إلقاء خطب طويلة تشكر للرجل إنذاره وشرعت المدينة تستعد لمجابهة الجراد؛ نظم الشعراء قصائد تذمر الجراد وتهديده بالهلاك و أنشد المجنون الأغاني التي تمجد قوة المدينة،و تعرب عن كراسيهم للجهاد و نقبل في الكتب القديمة ذات الأوراق الصفراء عن براهين تثبت ان الجراد مهزوم لا محالة،و آبتكرت ثياب جميلة كي يرتديها من يريد محاربة الجراد وكتبت بالطباشير على جدران الأبنية كلمات تسخر من الجراد...
و عقد إجتماع حضره معضم أهالي المدينة،
وتكلم فيه خطباء يملكون ألسنة طويلة،
فتدفق من أفواههم سيل من الكلمات،
و شتموا الجراد بحمية :
(الجراد تافه) ...
(الجراد قبيح)...
ونهض رجل عجوز اشتهر بفصاحته و قد تكلم برصانة ومقار،فقال: "إذا أردنا أن ننتصر على الجراد إلى مدينتنا..." قيل أن الجراد أتى عقابا ،وقيل إن الرياح هي التي تحمل الجراد إلى حيث تشاء
و أقبل الجراد بينما كان أهل المدينة منهمكين في الجدال، و كان كل فريق يحاول أن يتبث صحة رأيه بمختلف الوسائل.و احتل الجراد المدينة،و لم يرحل عنها ، و لا يزال يأكل العشب و السنابل و القمح و أوراق الأشجار
المصدر :
قصة: زكرياء تامر سلسلة المستقبل للأطفال دار الفتى العربي ،الطبعة 3، 1982