قلبي وسمعي في شغل عن الفند

قلبي وسمعي في شغل عن الفند

​قلبي وسمعي في شغل عن الفند​ المؤلف لسان الدين الخطيب


قلبي وسمعي في شغل عن الفند
فأقصر اللوم عني اليوم أو فزد
قد كنت أصغي لما توحي إلي به
لو كان قلبي قبل اليوم طوع يدي
وكم كتمت وأسررت الهوى زمنا
طي الجوانح حتى خانني جلدي
وشيمة النفس إن أخفت سريرتها
بدت شواهدها يوما على الجسد
قالوا الهوى بعد بعد الدار منتكث
فقلت هذا قياس غير مطرد
سلوا عن الحب من قلبي مجربه
فما المقلد يوما مثل مجتهد
سقى الإله زمان الوصل صوب حيا
جون الربابة لا نزر ولا ثمد
وجاد ربعا على أكناف كاظمة
كنا به من لذيذ العيش في رغد
والكأس تجلى عروسا في منصتها
والروض يرفل في أثوابه الجدد
والسحب تبكي وثغر الزهر مبتسم
والنرجس الغض ساه والغمام ند
عهود أنس وأيام لنا انصرمت
أخنى عليها الذي أخنى على لبد
ما للزمان رمت نحوي نوائبه
فأقصدتني بلا عقل ولا قود
وسدد الدهر دوني كل شاحبة
زرقاء أسمى شباها فلذة الكبد
سطا علي وقد قل النصير وهل
يرجى الغناء لدى كف بلا عضد
وسار أبناء دهري في سيرته
ويشبه الأب حقا منجب الولد
تخذتهم عدة للدهر فانقلبوا
وهم علي لدهري أعظم العدد
من منصف بين آمالي وغايتها
فقد تجاوزن في مطلي على الأمد
كأنني لم أنط بالنجم من هممي
ولم أسر في المعالي سير متئد
ولا اتخذت من الأنصار لي وزرا
فكان يوسف بعد الله معتمد
ولا نظمت على لباته مدحي
نظم الحلي على لبات ذي غيد
خليفة من صميم العرب دوحته
فيها انتهى المجد مستوفى ومنها بدي
في كفه لبني الآمال بحر ندى
عذب المذاقة هين غير ذي زبد
لو أن راحته فاضت أناملها
في الغيث لم يقتصر يوما على بلد
إن أبهم الخطب أذكى في دجنته
رأيا يفرق بين الغي والرشد
وإن عدا الدهر أبدى من أسرته
وكفه رأي حيران وريى صد
وإن نظرت إلى لألاء غرته
يوم الهياج رأيت الشمس في الأسد
حتى إذا محص الله القلوب بها
ولا دفاع لحكم الواحد الصمد
وقفت والروع قد ماجت جوانبه
بحيث لا والد يلوي على ولد
وصلت يوم التقى الجمعان منصلتا
كالصقر في السرب أو كالليث في النقد
فأصبح دين الله لا تخفى معالمه
وأصبح الملك مرفوعا على عمد
إن الحروب سجال طالما وهبت
في اليوم فرصتها واسترجعت لغد
لا يغرر الروم ما نالوا وما فعلوا
فإن ذلك إملاء إلى أمد
فللقلوب من الغماء منصرف
بما تقدم في بدر وفي أحد
وإن دون طلاب الثأر أسد وغى
من قومك الغر أو آبائك النجد
قد أقلعوا كل مشحوذ الغرار إلى
شن الغوار وسلوا كل ذي ميد
والعزم باد وصنع الله مرتقب
والفتح منتظر إن لم يحن فقد
وعادة النصر لا تستبط مقدمها
إن لم توافك في سبت ففي أحد
وهاكها من بنات العرب ساحرة
هيفاء تختال بين الدل والغيد
ولست يوما على شعر بمقتصر
ولا بأبيات منظوم بمنفرد
وإنما أنا روض والعلوم له
غيث فأي جنى إن شئته تجد
بقيت في ظل ملك غير منصرم
مصاحب غير محصور إلى أمد