قم ناشد الأسلام عن مصابه

قم ناشد الأسلام عن مصابه

​قم ناشد الأسلام عن مصابه​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


قم ناشد الأسلام عن مصابه
أصيب بالنبي أم كتابه
أم أنَّ ركب الموت عنه قد سرى
بالروح محمولا على ركابه
بلى قضى نفسُ النبيّ المرتضى
وأجدرج الليلة في أثوابه
مضى على اهتضامه بغضة
غص بها الدهر مدى أحقابه
عاش غريباً بينها وقد قضى
بسيف أشقاها على اعترابه
لقد أراقوا ليلة القدر دماً
دماؤها انصببن بانصبابه
تنزل الروح فوافى روحه
صاعدة شوقاً إلى ثوابه
فضج والاملاك فيها ضجة
منها اقشعر الكون في إهابه
وانقلب السلامُ للفجر بها
للحشر إعوالاً على مُصابه
الله نفس أحمد من قد غدا
من نفص كل مؤمن "أولى به"
غدره ابن ملجم ووجهه
مُخضَّبٌ بالدم في محرابه
وجه لوجه الله كم عفرت
في مسجد كان "أبا ترابه"
فاغبر وجه الدين لا صفراره
وخُضّب الإيمانُ لاختضابه
ويزعمُون حيثُ طلّوا دمهُ
في صومهم قد زيد في ثوابه
والصوم يدعو كل عام صارخاً
قد نضحوا دَمي على ثيابه
إطاعةٌ قتلُهم مَن لم يكن
تُقبلُ طاعاتُ الورى إلاّ به
قتلتُم الصلاة في محرابها
ياقاتليه وهو في محرابه
وشق رأس العدل سيف جوركم
مذشق منه الرأس في ذبابه
فليبك "جبريل" له ولينتحب
في الملأ الأعلى على مصابه
نعم بكى والعيثُ من بُكائه
ينحب والرعد من انتحابه
منتدباً في صرخةٍ وإنّما
يستصرخُ «المهديّ» في انتدابه
ياأيها المجوب عن شيعته
وكاشف الغُمّى على احتجابه
كم تغمد السيف لقد تقطّعت
رقابُ أهلِ الحق في ارتقابه
فانهض لها فليس إلاك لها
قد سئم الصابرُ جرع صابه
واطلب اباك المرتضى ممن غدا
مُنقلباً عنهُ على أَعقابه
وقل ولكن بلسان مرهف
واجعل دماء القوم في جوابه:
يا عصبة الالحاد أين من قضى
مُحتسباً وكنتِ في احتسابه
أين أميرُ المؤمنين أوما
عن قتله اكتفيت في اغتصابِه
لله كم جُرعة غيظٍ ساغها
بعد نبيّ الله من أَصحابه
وهي على العالم لو توزعت
أشرقت العالم في شرابه
فانع إلى أحمد ثقل أحمد
وقُل له يا خير مَن يُدعى به
إنَّ الأُلى على النفاقِ مَرَدوا
قد كشفوا بَعدك عن نِقابِه
وصيروا سرح الهدى فريسة
للغيِّ بين الطلسِ من ذِيابه
وغادروا حقَّ أخيك مُضغةً
يلوكها الباطلُ في أنيابِه
وظلَّ راعي إفكهم يحلبُ مِن
ضرع لبون الجور في وطابه
فالأمة اليوم غدت في مجهل
مذ قتلوا الهادي الذي تهدى به
لم يتشعَّب في قريشِ نسبٌ
إلاّ غَدا في المحضِ مِن لُبابه
حتى أتيت فأتى في حسب
قد دخل التنزيل في حسابه
فيالها غلطة دهر بعدها
لا يَحمدُ الدهر على صوابِه
مشى إلى خُلفِ بها فأَصبحت
أَرؤُسهُ تتبع من أَذنابِه
وما كفاه أن أرانا ضلة
وِهادُه تعلو على هِضابه
حتى أرانا ذئبَه مُفترساً
بين الشبول ليثه في غابه
هذا أمسر المؤمنين بعدما
ألجأهم للدين في ضِرابه
وقادَ من عُتاتِهم مَصاعباً
ما أسمَحت لولا شبا قِرضابِه
قد أَلفَ الهيجاءَ حتى ليلها
غرابه يأنس في عقابه
يمشي إليها وهوَ في ذِهابِه
أشد شوقاً منه في غيابه
كالشبل في وثبته والسيف في
هبته والصل في انسيابه
أرداهُ من لو لَحظته عينُه
في مأزق لفر من إرهابه
ومر من بين الجوع هارباً
يود أن يخرج من إهابه
وهوَ لعمري لو يشاءُ لَم يَنل
ما نال أشق القوم في آرابه
لكن غدا مُسلِّماً مُحتسِباً
والخير كل الخير في احتسابه
صلّى عليه الله من مضطهدٍ
قد أغضبوا الرحمن في اغتصابِه