كأني كسوت الرحل جونا رباعيا

كأنيّ كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعياً

​كأنيّ كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعياً​ المؤلف الشماخ بن ضرار


كأنيّ كَسَوْتُ الرَّحْلَ جَوْناً رَبَاعياً
بليتيهِ من زرَّ الحميرِ كلومُ
عَلنْدى مِصكّاً قدْ أضرَّ بعانةٍ
لما شذَّ منها أو عصاهُ عذومُ
تربعَ أكنافَ القنانِ فصارةٍ
فمازانَ حتى قاظَ وهو زهومُ
إلى أنْ علاهُ القيظُ واستنَّ حولهُ
أَهابيُّ منها حاصِبٌ وسَمُومُ
وأعوَزَهُ باقي النطافِ وقلّصَتْ
ثَمائِلُها وفي الوجوهِ سُهومُ
و حلأها حتى إذا تمَّ ظمؤها
و قد كادَ لا يبقى لهنَّ شحومُ
فطلَّ سراةَ اليومِ يقسمُ أمرهُ
مُشِتُّ عليهِ الأمرُ أَيْنَ يَرومُ
و أقلقهُ همٌّ دخيلٌ ينوبهُ
وهاجرةٌ جرّتْ عليهِ صَدومُ
برابيةٍ يَنحطُّ عنها مُعَشِّراً
و يعلو عليها تارةً فيصومُ
وظلّتْ كأَنَّ الطيرَ فوقَ رؤوسِها
صِياماً تُراعى الشمسَ، وهو كظومُ
مخافة مخشيَّ الشذاة عذورٍ
لنابيهِ في أكفالهنَّ كلومُ
إلى أنْ أجنَّ الليلُ وانقضَّ قارباً
عليهِنَّ جيّاشُ الجِراءِ أَزومُ
و كمشها ثبتُ الحضارِ ملازمٌ
لما ضاعَ من أدبارهنَّ لزومُ
فأوردها ماءً بغضورَ آجناً
لهُ عرمضٌ كالغسل فيهِ طمومُ
بحضرتهِ رامٍ أعدَّ سلاجماً
وبالكفِّ طَوْعُ المركفيْنِ كَتُومُ
فلمّا دَنتْ للماءِ هِيماً تعّجلتْ
رباعيةٌ للهادياتِ قدومُ
فدَّلتْ يديْها واستغاثتْ بِبَرْدِهِ
على ظَمأٍ منها وفيهِ جُمومُ
فأهوى بمفتوقِ الغِرارْين مُرْهَفٌ
عليه لؤامُ الريشِ فهو قَتُومُ
فأنفذَ حضنيها وجالَ أمامها
طميلٌ يفرّي الجوْفَ وَهْوَ سليمُ
فولّتْ وولّى العيْرُ فيها كأنَّما
يلهبُ في آثارهنَّ ضريمُ
وغادَرَها تكبو لِحُرِّ جبينِها
كلا منخريها بالنجيعِ رذومُ