كتاب الأحكام الشرعية الكبرى
كتاب الحشر والجنة والنار باب قرب الساعة


كتاب الحشر والجنة والنار


باب قرب الساعة

عدل

وقول الله تعالى : {وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب} وقوله عز وجل : {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة} .

البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا أبو غسان ، حدثني أبو حازم ، عن سهل قال : قال رسول الله - - : " بعثت أنا والساعة هكذا . ويشير بإصبعيه فيمدهما " .

البخاري : ثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، ثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت من مغربها فرآها الناس آمنوا أجمعين ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلين لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يزيد بن هارون ، عن العوام قال : حدثني جبلة بن سحيم ، عن مؤثر بن عفازة ، عن عبد الله بن مسعود قال : " لما كان ليلة أسري برسول الله - - لقي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة متى هي ، فبدءوا بإبراهيم ، فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ، فسألوا موسى ، فلم يكن عنده منها علم ، فردوا الحديث إلى عيسى فقال : عهد الله إلى فما دون وجبتها ، فأما وجبتها فلا يعلمها إلا الله ، فذكر من خروج الدجال فأهبط وأقتله ، فيرجع الناس إلى بلادهم ، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، لا يمرون بماء إلا شربوه ، ولا بشيء إلا أفسدوه ، فيجأرون إلي ، فأدعو الله فيميتهم ، فتجوى الأرض من ريحهم ، فيجأرون إلي ، فأدعو - الله تعالى - فيرسل السماء بالماء فتحمل أجسامهم ، فتلقيها في البحر ، ثم تنسف الجبال ، وتمد الأرض مد الأديم ، فعهد الله إذا كان ذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم ، لا يدري أهلها متى تفاجئهم بولادتها ليلا أو نهارا " .

قال العوام : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله ، وقرأ : {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون . واقترب الوعد الحق ... .} " .

مؤثر بن غفازة شيباني ، يكنى أبا المثنى .

باب أي يوم تقوم الساعة

عدل

الترمذي : حدثنا قتيبة ، أنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن النبي - - قال : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة " .

قال أبو عيسى : حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا أبو عامر العقدي ، ثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة ، عن جده ، عن سعد بن عبادة ، أن رسول الله - - قال : " سيد الأيام يوم الجمعة ، فيه خمس خلال : فيه خلق الله آدم ، وفيه أهبط ، وفيه توفي الله آدم ، وفيه ساعة لا يسأل العبد ربه شيئا فيها إلا آتاه ، ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم ، وفيه تقوم الساعة ، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا جبال ولا رياح ولا بحر إلا وهو يشفق من يوم الجمعة أن تقوم الساعة فيه " .

وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن النبي - - إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ، وإسناده صالح .

أبو داود : حدثنا هارون بن عبد الله ، ثنا حسين بن علي ، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله - - : " إن أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ؛ فإن صلاتكم معروضة علي . قال : قالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ - قال : يقولون : بليت - فقال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " .

قال أبو عيسى في كتاب " العلل " : سألت محمدا عن هذا الحديث ، فقال لا أعرفه إلا من حديث حسين الجعفي . قال : ورأى هذا عبد الرحمن بن يزيد ابن تميم ، وهو منكر الحديث ، قال : وأبو أسامة وغيره يروون عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر ، وهو عندي عبد الرحمن بن يزيد بن تميم . وذكر أبو محمد ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن تميم ، وذكر تضعيفه عن أحمد بن حنبل وأبي زرعة وأبي حاتم ، وقال : يقال هو الذي روى عنه أبو أسامة وحسين الجعفي ، فقالا : عبد الرحمن بن يزيد بن جابر . قال ابن أبي حاتم : قدم الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم ويزيد بن يزيد بن جابر ، ثم قدم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر بعد ذلك بدهر ، فالذي يحدث عنه أبو أسامة ليس هو ابن جابر .

باب ذكر النفخ في الصور

عدل

الترمذي : حدثنا سويد ، أنا عبد الله ، أنا أبو العلاء ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - - : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخ فينفخ . فكأن ذلك ثقل على أصحاب النبي - - ، فقال لهم : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .

البزار : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي ، ثنا أبو أحمد ، ثنا خالد بن طهمان ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - - : " كيف أنعم وصاحب القرن التقم القرن ، وحنى الجبهة واستمع الإذن متى يؤمر بالنفخة فينفخ . فكأن ذلك شاق على أصحاب رسول الله - - ، فقال : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل " .

قال : وثنا محمد بن عبد الرحمن ، ثنا روح بن عبادة ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عمار الدهني ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - - : " كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر ، قلنا : يا رسول الله ، ما تأمرنا ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل " .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا مؤمل بن إسماعيل ، ثنا سفيان - يعني : الثوري - عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - - : " كيف أنعم وصاحب الصور شاخص بصره محن ظهره ينتظر متى يؤمر فينفخ فيه ؟ قالوا : يا رسول الله ، ماذا نقول ؟ قال : قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل " .

رواه الطحاوي : عن ابن أبي عمران ، عن عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن جعفر الوركاني ، كلاهما عن جرير ، عن الأعمش عن أبي صالح ، عن أبي

سعيد ، عن النبي - - .

ورواه أيضا عن أبي أمية ، عن أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني ، عن موسى بن أعين ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - .

الترمذي : حدثنا سويد بن نصر ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، أنا سليمان التيمي ، عن أسلم العجلي ، عن بشر بن شغاف ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : " جاء أعرابي إلى النبي - - ، فقال : ما الصور ؟ قال : قرن ينفخ فيه " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، وقد روى غير واحد عن سليمان التيمي ، ولا نعرفه إلا من حديثه ، انتهى كلام أبي عيسى . أسلم العجلي وبشر بن شغاف ثقتان .

باب كم بين النفختين

عدل

مسلم : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ما بين النفختين أربعون . قالوا : يا أبا هريرة ، أربعون يوما ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت . ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل . قال : وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا ، وهو عجب الذنب ، ومنه يركب الخلق يوم القيامة " .

باب قول الله تعالى : {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده}

عدل

النسائي : أخبرنا الربيع بن سليمان ، ثنا شعيب بن الليث ، ثنا الليث ، عن ابن عجلان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - - قال : " قال الله - تبارك وتعالى - : كذبني ابن آدم ، ولم يكن ينبغي له أن يكذبني ، وشتمني ابن آدم ، ولم يكن ينبغي له أن يشتمني أما تكذيبه إياي فقوله : إني لا أعيده كما بدأته ، وليس آخر الخلق أعز علي من أوله ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا ، وأنا الله الأحد الصمد ، لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد " .

أبو بكر بن أبي خيثمة قال : ثنا إبراهيم بن المنذر وإبراهيم بن حمزة الزبيدي قالا : ثنا عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام القرشي الأسدي ، عن عبد الرحمن بن عائش المسمعي الأنصاري ، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي ، قال ابن المنذر : عن جده عبد الله ، وقال ابن حمزة : عن أبيه ، قالا جميعا : عن لقيط بن عامر " خرج وافدا إلى النبي - - ومعه صاحب له يقال له : نهيك بن عاصم بن المنتفق ، قال لقيط : فخرجت أنا وصاحب لي حتى قدمنا على رسول الله - - المدينة لانسلاخ رجب ، فأتينا رسول الله - - حين انصرف من صلاة الغداة ، فقام في الناس خطيبا ، فقال : أيها الناس ، ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام إلا لأسمعنكم ، ألا فهل من امرئ بعثه قومه ، فقالوا له : اعلم لنا ما يقول رسول الله - - ، ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال ، ألا إني مسئول هل بلغت ؟ ألا اسمعوا تعيشوا ، ألا اجلسوا ألا اجلسوا . فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت : يا رسول الله ، ما عندك من علم الغيب ؟ فضحك لعمر الله ، وهز رأسه ، وزعم أني أبتغي سقطة ، فقال : ضن ربك بخمس من الغيب لا يعلمها إلا الله . وأشار بيده ، قلت : وما هن يا رسول الله ؟ قال : علم المنية ، قد علم متى منية أحدكم ، ولا تعلمونه ، وعلم المني متى يكون في الرحم ، وقد علمه ولا تعلمونه ، وعلم ما في غد ، قد علم ما أنت طاعم غدا ولا تعلمه ، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم أزلين مشفقين ، فيظل يضحك قد علم أن غوثكم قريب . قال لقيط : لم نعدم من رب يضحك خيرا . قال : وعلم يوم الساعة . قلت : يا رسول الله ، إني سائلك عن حاجتي ، فلا تعجلني ، قال : سل عما شئت قلت : يا رسول الله ، علمنا ما تعلم الناس ، وما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحدا من مذحج التي تربو علينا ، وخثعم التي توالينا ، وعشيرتنا التي نحن منها . فقال : تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم ، ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصيحة ، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربك ، فأصبح ربك يطوف في الأرض ، وخلت عليه البلاد ، فأرسل ربك السماء بهضب من عند العرش ، فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ، ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه حتى يخلقه من قبل رأسه ، حتى يستوي جالسا يقول : ربك : مهيم لما كان فيه ، فيقول : يا رب ، أمتني أمس ، أو اليوم . لعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله ، فقلت : يا رسول الله ، كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلى والسباع ؟ قال : أنبئك في مثل ذلك في إل الله ، الأرض أشرفت عليها وهي مدرة بالية . فقلت : لا تحيا أبدا ، ثم أرسل ربك عليها السماء ، فلم تلبث عليها إلا أياما حتى أشرفت عليها ، فإذا هي شرية واحدة ، فلعمر إلهك ، لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض ، فتخرجون من الأصواء ومن مصارعكم ، فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم . قال : قلت : كيف يا رسول الله ، ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه ؟ قال : أتبئكم بمثل ذلك في إل الله ، الشمس والقمر آية صغيرة ترونها ساعة واحدة ، ويريانكم لا تضامون في رؤيتهما ، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونها . قلت : يا رسول الله ، فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه ؟ قال : تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا تخفى عليه منكم خافية ، فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم ، فلعمر إلهك ما تخطيء وجه واحد منكم منها قطرة ، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء ، وأما الكافر فتحطمه مثل الحميم الأسود . ألا ثم ينصرف نبيكم ، ويفرق على أثره الصالحون ، فيسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمره يقول : حس . يقول ربك : أو إنه ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ والله ناهلة قط رأيتها فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليه قدح يطهره من الطوف والبول والأذى ، وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منهما واحدا . فقلت : يا رسول الله ، فبم نبصر ؟ قال : بمثل ساعتك هذه . وذلك مع طلوع الشمس في يوم أسفرته الأرض ، وواجهته الجبال . قال : قلت : لم رسول الله ، فبما نجزى من سيئاتنا وحسناتنا ؟ قال : الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يغفر . قلت : يا رسول الله ، أما الجنة أما النار ؟ قال : لعمرك إلهك إن النار لها لسبعة أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما ، وإن للجنة لثمانية أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما . قلت : يا رسول الله ، فعلى ما نطلع من الجنة ؟ قال : على أنهار من عسل مصفى ، وأنهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وماء غير آسن وبفاكهة ، فلعمر إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه ، وأزواج مطهرة . قلت : يا رسول الله ، إن لنا فيها أزواجا ، أو منهن مصلحات ؟ قال : الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذتكم في الدنيا ويلذونكم ، غير أن لا توالد . قال : قلت : يا رسول الله ، أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه ؟ فلم يجبه النبي - - ، قال : قلت : يا رسول الله ، على ما أبايعك ؟ قال : فبسط النبي - عليه السلام - يده ، وقال : على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وزيال الشرك ، ولا تشرك بالله إلها غيره . قال : قلت له : وإن لنا ما بين المشرق والمغرب ؟ قال : فقبض النبي - - يده وسط أصابعه ، وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه ، قل : نحل منها حيث شئنا ، ولا يجني على امرئ إلا نفسه . قال : فبسط يده ، وقال : ذلك لك ، تحل حيث شئت ، ولا تجني عليك إلا نفسك . قال : فانصرفنا عنه ، وقالوا : هاء إن ذين هاء إن ذين - أراه قال - لمن نفر لعمر إلهك ، لمن نفر إن حدثت ؟ إلا أنهم من أتقى الناس لله في الدنيا والآخرة ، فقال له كعب بن الخدارية - أحد بني أبي بكر بن كلاب - : من هم يا رسول الله ؟ قال : بنو المنتفق ، بنو المنتفق - قالها ثلاثا - أهل ذلك منهم ، أهل ذلك منهم . قال : وانصرفنا وأقبلت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، هل لأحد ممن مضى خير في جاهليتهم ؟ فقال رجل من عرض قريش : والله إن أباك المنتفق لفي النار . قال : فلكأنه وقع حر بين وجهي ولحمه مما قال لأبي على رءوس الناس ، قال : فهممت أن أقول : وأبوك يا رسول الله ، ثم إذ الأخرى أجمل ، فقلت : يا رسول الله ، وأهلك ؟ قال : وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قرشي أو عامري مشرك ، فقل : أرسلني إليك محمد فأبشرك بما يسوءك تجر على وجهك وبطنك في النار . فقلت : يا رسول الله ، وما فعل بهم ذلك ، وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه ، وكانوا يحسبونهم مصلحين . قال : ذلك بأن الله - جل ثناؤه - بعث في آخر كل سبع أمم نبيا فمن عصى نبيه كان من الضالين ، ومن أطاع نبيه كان من المهتدين " .

هذا لفظ ابن المنذر ميزته من لفظ إبراهيم بن حمزة ، وبينهما اختلاف يسير ، وزاد ابن المنذر شيئا . قال إبراهيم بن حمزة في حديثه : الأنصاري القباني من بني عمرو بن عوف ، فقال : " حين انصرف عن صلاة الغداة " وقال : " بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله " ولم يذكر قصة المني ، ولا ذكر قول لقيط : " يا رسول الله ، إني سائلك عن حاجتي ، ولا تعجلني . قال : سل عما شئت " . وقال : " ثم تبعث الصائحة " وقال : " يخلقه من عند رأسه " وقال : " إلا الله " في الموضعين وقال : " فلم يلبث عليها إلا أياما " وقال : " فتطفحه " وقال : " يفترق على إثري الصالحون " وقال : " إلا أن يعفوا " وقال ابن الخدارية : وقال : " بنو المنتفق مرتين " وقال : " أهل ذلك منهم " قالها مرة واحدة ، وقال : " على عمل لا يحسبون " . بالباء ، وقالها ابن المنذر بالنون .

باب يبعث كل أحد على نيته وعلى ما مات عليه

عدل

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عبيد الله بن القبطية قال : " دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة أم المؤمنين ، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به ، وكان ذلك في أيام ابن الزبير ، فقالت : قال رسول الله - - : يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم . فقلت : يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارها ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته " .

مسلم : حدثني حرملة بن يحيى التجيبي ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر ، أن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على أعمالهم " .

البخاري : حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله ، أنا يونس بهذا الإسناد وهذا الحديث .

قال مسلم : وحدثنا قتيبة وعثمان بن أبي شيبة ، قالا : ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : سمعت النبي - - يقول : " يبعث كل عبد على ما مات عليه " .

باب في النفخة الثانية وذكر أول من يفيق منها وقوله الله تعالى : {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله قم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}

مسلم : حدثني زهير بن حرب وأبو بكر بن النضر قالا : ثنا يعقوب بن إبراهيم ، أنا أبي ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : " استب رجلان رجل من اليهود ورجل من المسلمين ، فقال المسلم : والذي اصطفى محمدا على العالمين . وقال اليهودي : والذي اصطفى موسى على العالمين . قال : فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم وجه اليهودي ، فذهب اليهودي إلى رسول الله - - ، فأخبره ما كان من أمره وأمر المسلم ، فقال رسول الله - - : لا تخيروني على موسى ؛ فإن الناس يصعقون ، فأكون أول من يفيق ، فإذا موسى - عليه السلام - باطش بجانب العرش ، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي ، أم كان ممن استثنى الله - عز وجل " .

البخاري : حدثني الحسن ، ثنا إسماعيل بن خليل ، أخبرنا عبد الرحيم ، عن زكريا بن أبي زائدة ، عن عامر ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إني من أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة ، فإذا أنا بموسى معلق بالعرش ، فلا أدري أكذلك كان أم بعد النفخة " .

وللبخاري أيضا في بعض ألفاظ هذا الحديث : " فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " .

رواه عن محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن عمرو بن يحيى ، عن أبيه ، عن أبي سعيد عن النبي - - .

باب أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات

عدل

مسلم : حدثني الحسن بن علي الحلواني ، ثنا أبو توبة - وهو الربيع بن نافع - ثنا معاوية - يعني ابن سلام - عن زيد - يعني أخاه - أنه سمع أبا سلام ، قال : حدثني أبو أسماء الرحبي ، أن ثوبان مولى رسول الله - - حدثه قال : " كنت قائما عند رسول الله - - فجاء حبر من أحبار اليهود ، فقال : السلام عليك يا محمد . فدفعته دفعة كاد يصرع منها ، فقال : لم تدفعني . فقلت : ألا تقول : يا رسول الله . فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله . فقال رسول الله - - : إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي . فقال اليهودي : جئت أسألك . فقال له رسول الله - - : أينفعك شيء إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني . فنكت رسول الله - - بعود معه ، فقال : سل . فقال اليهودي : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله - - : هم في الظلمة دون الجسر . فقال : فمن أول الناس إجازة ؟ قال : فقراء المهاجرين . قال اليهودي : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : زيادة كبد النون . قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها . قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : من عين فيها تسمى سلسبيلا . قال : صدقت . قال : وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي ، أو رجل ، أو رجلان . قال : ينفعك إن حدثتك ؟ قال : أسمع بأذني . قال : جئت أسألك عن الولد . قال : ماء الرجل أبيض ، وماء المرأة أصفر ، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله ، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله . قال اليهودي : لقد صدقت ، وإنك لنبي ، ثم انصرف ، فذهب ، فقال رسول الله - - : لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علم بشيء منه حتى آتاني الله به - عز وجل " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا علي بن مسهر ، عن داود ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : " سألت رسول الله - - عن قوله عز وجل : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فأين تكون الناس يومئذ يا رسول الله ؟ فقال على الصراط " .

باب أين يحشر الناس

عدل

البزار : حدثنا إبراهيم بن المستمر ، ثنا محمد بن بكار بن بلال الدمشقي ، ثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : قال النبي - - : " الشام أرض المحشر والمنشر " .

وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد إلا رجل حدث به لم يتابع عليه ، فرواه عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر .

سعيد بن بشير قد تقدم ذكره في باب ذكر بيت المقدس من آخر كتاب الحج .

باب صفة الأرض التي يحشر الناس عليها

عدل

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا خالد بن مخلد ، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير ، حدثنا أبو حازم بن دينار ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - - : " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد " .

باب ما تكون الأرض يوم القيامة

عدل

مسلم : حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث ، حدثني أبي ، عن جدي قال : حدثني خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله - - قال : " تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يكفؤها الجبار بيده كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة . قال : فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : بلى . قال : تكون الأرض خبزة واحدة كما قال رسول الله - - قال : فنظر إلينا رسول الله - - ، ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، فقال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : بلى . قال : إدامهم بالام ونون . قالوا : وما هذا ؟ قال : ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا " .

باب كيف يحشر الناس يوم القيامة

عدل

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا يحيى بن سعيد ، عن حاتم بن أبي صغيرة ، حدثني ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله - - يقول : " يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا . قلت : يا رسول الله ، النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : يا عائشة ، الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض " .

البخاري : حدثنا قيس بن حفص ، ثنا خالد بن الحارث ، ثنا حاتم بهذا الإسناد مثله : " قلت : يا رسول الله ، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : الأمر أشد من أن يهمهم ذلك " .

النسائي : أخبرنا عمرو بن عثمان ، ثنا بقية ، ثنا الزبيدي ، أخبرني الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، أن رسول الله - - قال : " يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا . فقالت له عائشة : يا رسول الله ، فكيف بالعورات ؟ قال : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " .

مسلم : حدثنا محمد بن مثنى وابن بشار - واللفظ لابن مثنى - قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " قام فينا رسول الله - - بموعظة ، فقال : يا أيها الناس ، إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين} ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم - - ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي . فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول : كما قال العبد الصالح : {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} قال : فيقال : إنهم لم يزالوا مدبرين على أعقابهم منذ فارقتهم " .

الترمذي : حدثنا أحمد بن منيع ، ثنا يزيد بن هارون أنا بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده قال : سمعت رسول الله - - يقول : " إنكم محشورون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

مسلم : حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد - واللفظ لزهير - قالا : ثنا يونس بن محمد ، ثنا شيبان ، عن قتادة ، ثنا أنس بن مالك " أن رجلا قال : يا رسول الله ، كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال : أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة . قال قتادة : بلى وعزة ربنا " .

وروى الترمذي : من طريق حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أوس ابن خالد ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف : وصنفا ركبانا ، مشاة ، وصنفا على وجوههم . قبل : يا رسول الله ، كيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم ، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك " .

قال : هذا حديث حسن .

باب دنو الشمس من الناس يوم القيامة وقيامهم في العرق على قدر أعمالهم

عدل

مسلم : حدثنا الحكم بن موسى ، ثنا يحيى بن حمزة ، عن عبد الرحمن ابن جابر ، حدثني سليم بن عامر ، حدثني المقداد بن الأسود قال : سمعت رسول الله - - يقول : " تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل - قال سليم بن عامر : فوالله ما أدري ما يعني بالميل ؟ أمسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين - قال : فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبيته ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما . وأشار رسول الله - - بيده إلى فيه " .

روى الليث بن سعد هذا الحديث عن معاوية بن صالح ، عن أبي عبد الرحمن ، عن أبي أمامة عن النبي - - قال فيه : " تدنى الشمس يوم القيامة على قدر ميل ، ويزاد فيها كذا وكذا تغلي منها الهوام ، كما تغلي القدور على الأثافي " .

ذكره قاسم بن أصبغ قال : ثنا أبو بكر محمد بن معاوية القرشي ، عن جعفر ابن محمد ، عن عبيد بن آدم ، عن أبيه ، عن الليث بن سعد .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن مثنى وعبيد الله بن سعيد ، قالوا : ثنا يحيى - يعنون ابن سعيد - عن عبيد الله قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - - : {يوم يقوم الناس لرب العالمين} قال : يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " وفي رواية ابن مثنى قال : " يقوم الناس " ولم يذكر يوم .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد - عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إن العرق ليذهب يوم القيامة في الأرض سبعين عاما ، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس - أو إلى آذانهم . بشك ثور أيهما قال .

البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثني سليمان ، عن ثور بن زيد ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ، ويلجمهم حتى يبلغ آدانهم " .

باب ذكر الموازين

عدل

وقول الله تعالى : {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}

مسلم : حدثني أبو بكر بن إسحاق ، ثنا يحيى بن بكير ، حدثني المغيرة - يعني : الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة اقرءوا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} " .

الترمذي : حدثنا سويد بن نصر ، أنا عبد الله ، عن ليث بن سعد ، حدثني عامر بن يحيى ، عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الحبلي قال : سمعت عبد الله ابن عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله - - : " إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا . أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب . فيقول : أفلك عذر ؟ فيقول : لا يا رب . فيقول : بلى ، إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم عليك اليوم . فيخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فيقول : أحضر وزنك . فيقول : يا رب ، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ! فقال : إنك لا تظلم . قال : فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، فلا يثقل مع اسم الله - عز وجل - شيء " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

قال الترمذي : وحدثنا عبد الله بن الصباح الهاشمي ، ثنا بدل من المحبر ، ثنا حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري ، ثنا النضر بن أنس بن مالك ، عن أبيه قال : " سألت النبي - - أن يشفع لي يوم القيامة ، فقال : أنا فاعل . قال : قلت : يا رسول الله ، فأين أطلبك ؟ قال : اطلبني أول ما تطلبني على الصراط . قال : قلت فإن لم ألقك ؟ قال : فاطلبني عند الميزان . قلت : فإن لم ألقك ؟ قال : فاطلبني عند الحوض ، فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

باب ذكر الصحف

عدل

وقول الله تعالى : {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا

الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - في قول الله - عز وجل - : {يوم ندعو كل أناس بإمامهم} قال : " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ، ويمد له في جسمه ستون ذراعا ، ويبيض وجهه ، ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد ، فيقولون : اللهم ائتنا بهذا أو بارك لنا في هذا . حتى يأتيهم ، فيقول : أبشروا لكل رجل منكم مثل هذا . قال : وأما الكافر فيسود وجهه ، ويمد له في جسمه ستون ذراعا على صورة آدم ، فيلبس تاجا من نار ، فيراه أصحابه ، فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا ، اللهم لا تأتنا بهذا . قال : فيأتيهم ، فيقولون : اللهم أخره . فيقول : أبعدكم الله ، فإن لكل رجل منكم مثل هذا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا همام ، حدثني قتادة ، عن صفوان بن محرز المازني قال : " بينما أنا أمشي مع ابن عمر آخذا بيده إذ عرض رجل ، فقال : كيف سمعت رسول الله - - في النجوى ؟ قال : سمعت رسول الله - - يقول : إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم ، أي رب . حتى قرره يذنوبه ، ورأى في نفسه أنه هلك قال : سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ، ألا لعنة الله على الظالمين " .

باب شهادة النبي صلى الله عليه وسلم وأمته لنوح يوم القيامة بالتبليغ

عدل

وقول الله تعالى : {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}

البخاري : حدثني يوسف بن راشد ، ثنا جرير وأبو أسامة - واللفظ لجرير - عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " يدعى نوح يوم القيامة ، فيقول : لبيك وسعديك يا رب . فيقول : هل بلغت ؟ فيقول : نعم . فيقال لأمته : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير . فيقول : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته . فيشهدون أنه قد بلغ ، ويكون الرسول عليكم شهيدا ، فلذلك قوله : {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} " . والوسط : العدل .

ومن طريق محمد بن جرير الطبري : ثنا أبو كريب ، ثنا ابن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن المغيرة بن عتبة بن النهاس ، أن مكتبا لهم حدثهم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي - - قال : " إني وأمتي لعلى كوم يوم القيامة مشرفين على الخلائق ، ما أحد من الأمم إلا ود أنه منا أيتها الأمة ، وما من نبي كذبه قومه إلا نحن شهداؤه يوم القيامة أنه قد بلغ رسالات ربه ، ونصح لهم . قال : والرسول عليكم شهيد " .

قال أبو علي : المكتب المذكور في هذا الحديث هو يزيد الفقير .

باب ذكر أول من يدعى يوم القيامة

عدل

البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني أخي ، عن سليمان ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة عن النبي - - قال : " أول من يدعى يوم القيامة آدم ، فتراءى ذريته ، فيقال : هذا أبوكم آدم . فيقول : لبيك وسعديك . فيقول : أخرج بعث جهنم من ذريتك . فيقول : يا رب ، كم أخرج ؟ فيقول : أخرج من كل مائة تسعة وتسعين . فقالوا : يا رسول الله ، إذا أخذ من كل مائة تسعة وتسعون ، فماذا يبقى منا ؟ قال : إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود " .

باب ذكر أول ما يقضى بين الناس فيه

عدل

البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، ثنا أبي ، ثنا الأعمش ، حدثني شقيق سمعت عبد الله قال النبي - - : " أول ما يقضي بين الناس في الدماء " .

باب ذكر أول من يكسى يوم القيامة

عدل

البخاري : حدثني محمد بن بشار ، ثنا غندر ، ثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : " قام فينا النبي - - فخطب فقال : إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا {كما بدأنا أول خلق نعيده} الآية ، وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم ، وإنه سيجاء برجال من أمتي ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : يا رب أصحابي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول كما قال العبد الصالح : {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم} إلى قوله : {الحكيم} فيقال : إنهم لم يزالوا مدبرين على أعقابهم " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا ابن أبي بكير ، عن حماد بن سلمة ، عن علي ابن زيد ، عن أنس بن مالك أن النبي - - قال : " إن أول من يكسى حلة من النار إبليس يضعها على حاجبه ، ويسحبها من خلفه ، وذريته من خلفه ، وهو يقول يا ثبوراه . وينادون : يا ثبوراهم . قال : فيقال لهم : لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ، وادعوا ثبورا كثيرا " .

علي بن زيد قد تقدم ذكره ، وذكر من ضعفه ووقفه .

باب المساءلة وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما منكم أحد إلا يكلمه الله يوم القيامة "

عدل

الترمذي : حدثنا هناد ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله - - : " ما منكم من رجل إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ، وليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ، ثم ينظر أشأم منه فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ، ثم ينظر تلقاء وجهه ، فتستقبله النار . قال رسول الله - - : من استطاع منكم أن يقي وجهه النار ولو بشق تمرة فليفعل " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

الترمذي : حدثنا عبد الله ، أنا الأسود بن عامر ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله بن جريج ، عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله - - : " لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل ، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه " .

قال : هذا حديث صحيح حسن ، سعيد بن عبد الله بن جريج هو بصري مولى أبي برزة ، واسم أبي برزة نضلة بن عبيد .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ، ثنا مالك بن سعير أبو محمد التميمي الكوفي ، ثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله - - : " يؤتى بالعبد يوم القيامة ، فيقال له : ألم أجعل لك سمعا وبصرا ومالا وولدا ، وسخرت لك الأنعام والحرث . وتركتك ترأس تربع فكنت تظن أنك ملاقي في يومك هذا ؟ قال : فيقول : لا . قال : فيقول : اليوم أنساك كما نسيتني " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح غريب .

الترمذي : حدثنا عبد من حميد ، ثنا شبابة ، عن عبد الله بن العلاء ، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزم الأشعري ، سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله - - : " إن أول ما يسأل عنه يوم القيامة - يعني : العبد - أن يقال له ألم نصح جسمك ونرويك من الماء البارد ؟ " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، ويقال : ابن عرزب ، وابن عرزم أصح .

باب مجادلة العبد عن نفسه

عدل

مسلم : حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر ، حدثني أبو النضر هاشم بن القاسم ، ثنا عبيد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : " كنا عند رسول الله - - فضحك ، فقال : هل تدرون مم أضحك ؟ قال : قلنا الله ورسوله أعلم . قال : من مخاطبة العبد ربه ، فيقول : يا رب ، ألم تجرني من الظلم ؟ قال : يقول : بلى . فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني . قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا ، وبالكرام الكاتبين شهودا . قال : فيختم على فيه ، فيقال : لاركانه انطقي . قال : فتنطق بأعماله ، قال : ثم يخلي بينه وبين الكلام ، قال : فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل " .

أبو بكر بن أبي شيبة : عن يزيد بن هارون ، عن الجريري ، عن حكيم بن معاوية ، عن أبيه أن النبي - - قال : " يجيئون يوم القيامة على أفواههم الفدام ، فأول ما يتكلم من الإنسان فخذه وكفه " .

باب تفسير {يومئذ تحدث أخبارها}

عدل

الترمذي : حدثنا سويد بن نصر ، أنا عبد الله بن المبارك ، أنا سعيد بن أبي أيوب ، ثنا يحيى بن أبي سليمان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : " قرأ رسول الله - - : {يومئذ تحدث أخبارها} قال : أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها ، أن تقول عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا . قال : فهذه أخبارها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

باب تقرير المؤمن على ذنوبه

عدل

مسلم : حدثنا زهير بن حرب ، ثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز قال : " قال رجل لابن عمر : كيف سمعت رسول الله - - يقول في النجوى ؟ قال : سمعته يقول : يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه حتى يضع عليه كنفه ، فيقرره بذنوبه ، فيقول : هل تعرف ؟ فيقول : رب أعرف . قال : فإني سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى صحيفة حسناته ، وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رءوس الخلائق : هؤلاء الذين كذبوا على الله " .

مسلم : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا أبي ، ثنا الأعمش ، عن المعرور بن سويد ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - - : " إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة ، وآخر أهل النار خروجا منها : رجل يؤتى به يوم القيامة ، فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، وارفعوا عنه كبارها ، فيعرض الله عليه صغار ذنوبه . فيقال : عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ؟ فيقول : نعم . لا يستطيع أن ينكر ، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ، فيقال له : إن لك مكان كل سيئه حسنة . فيقول : رب قد علمت أشياء لا أراها ها هنا . فلقد رأيت رسول الله - - ضحك حتى بدت نواجذه " .

باب في القصاص

عدل

الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن محمد بن عمرو بن علقمة ، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ، عن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه قال : " لما نزلت : {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير : يا رسول الله ، أيكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا ؟ قال : نعم . فقال : إن الأمر إذا لشديد " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا محمد بن أبي عدي ، عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد قال : " لما نزلت هذه الآية : {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير : يا رسول الله ، أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب ؟ قال : نعم ، لتكررن عليكم حتى يؤدي كل ذي حق حقه . قال : الزبير : إن الأمر إذا لشديد " .

النسائي : أخبرني أحمد بن المعلى بن يزيد ، ثنا صفوان بن صالح ، ثنا الوليد ، ثنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله - عز وجل - له كل حسنة كان أزلفها ، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها ، ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها " .

مسلم : حدثنا قتيبة وابن حجر قالا : ثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - - قال : " أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . قال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه ؛ أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ، ثم طرح في النار " .

البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا معاذ بن هشام ، أخبرني أبي ، عن قتادة ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - - قال : " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، فيتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة ، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا " .

الطحاوي : حدثنا علي بن أبي شيبة ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا همام بن يحيى ، عن القاسم بن عبد الواحد المكي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ابن عبد الله ، عن عبد الله بن أنيس قال : سمعت رسول الله - - يقول : " يقول الله - عز وجل - يوم القيامة : لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ، ولأحد من أهل النار عنده مطلمة حتى أقصه منه حتى اللطمة . فقلنا : وكيف وإنما نأتي الله - عز وجل - عراة غرلا بهما ؟ قال : بالحسنات والسيئات " .

البخاري : حدثنا إسماعيل ، حدثني مالك ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " من كانت عنده مظلمة لأخيه ، فليتحلله منها ، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم ، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته ، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه " .

باب قصاص البهائم بعضها من بعض

عدل

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر ، قالوا : حدثنا إسماعيل - يعنون ابن جعفر - عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " .

أبو بكر الشافعي : حدثني أحمد بن هارون البرديجي الحافظ ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا أبو داود ، ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : " رأى رسول الله - - شاتين يتناطحان ، فقال : يا أبا ذر ، تدري فيم يتناطحان ؟ قلت : لا يا رسول الله . فقال : لكن الله - جل وعز - يدري ، ويقضي بينهما يوم القيامة " .

باب من نوقش الحساب عذب

عدل

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر ، جميعا عن إسماعيل ، قال أبو بكر : ثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - - : " من حوسب يوم القيامة عذب . فقلت : أليس قد قال الله - تعالى - : {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} ؟ فقال : ليس ذلك الحساب ، وإنما ذلك العرض ، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب " .

قال مسلم : وحدثني عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي ، ثنا يحيى بن سعيد القطان ، ثنا أبو يونس القشيري ، ثنا ابن أبي مليكة ، عن القاسم ، عن عائشة ، عن النبي - - قال : " ليس أحد يحاسب إلا هلك . قلت : يا رسول الله ، أليس الله يقول : {حسابا يسيرا} ؟ قال : ذلك العرض ، ولكن من نوقش الحساب هلك " .

باب ما جاء أنه يجعل لكل مسلم فداه من النار

عدل

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو أسامة ، عن طلحة بن يحيى ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله - - : " إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول : هذا فكاكك من النار " .

ولمسلم في لفظ آخر في هذا الحديث : " لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا " .

رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عفان بن مسلم ، عن همام ، عن قتادة ، عن عون وسعيد بن أبي بردة ، كلاهما عن أبي بردة بهذا الإسناد .

باب ذكر الحوض

عدل

مسلم : حدثنا ابن أبي عمر ، ثنا يحيى بن سليم ، عن ابن خيثم ، عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، سمع عائشة تقول : سمعت رسول الله - - وهو يقول بين ظهراني أصحابه : " إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم ، فوالله ليقتطعن دوني رجال ، فلأقولن : أي رب مني ومن أمتي . فيقول : إنك لا تدري ما عملوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب وابن نمير ، قالوا : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواما ، ثم لأغلبن عليهم ، فأقول : يا رب ، أصحابي أصحابي . فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " .

مسلم : حدثنا داود بن عمرو الضبي ، ثنا نافع بن عمر الجمحي ، عن ابن أبي مليكة قال : قال عبد الله بن عمرو بن العاص : قال رسول الله - - : " حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، ماؤه أبيض من الورق ، وريحه أطيب من المسك ، كيزانه كنجوم السماء ، فمن شرب منه ، فلا يظمأ بعده أبدا " .

قال : وقالت أسماء ابنة أبي بكر : قال رسول الله - - : " إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم ، وسيؤخذ أناس دوني ، فأقول : يا رب ، مني ومن أمتي . فيقال : أما شعرت ما عملوا بعدك ، والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم . قال : فكان ابن أبي مليكة يقول : اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا ، ونفتن عن ديننا " .

مسلم : حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، أنا عبد الله بن وهب ، أخبرني عمرو - وهو ابن الحارث - أن بكيرا حدثه ، عن القاسم بن عباس الهاشمي ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن أم سلمة زوج النبي - - أنها قالت : " كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ، ولم أسمع ذلك من رسول الله - - ، فلما كان يوما من ذلك ، والجارية تمشطني ، فسمعت رسول الله - - يقول : أيها الناس . فقلت للجارية : استأخري عني . قالت : إنما دعا الرجال ولم يدع النساء . فقلت : إني من الناس ، فقال رسول الله - - : إني فرطكم على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذي البعير الضال ، فأقول : فيم هذا ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول : سحقا " .

مسلم : وحدثني محمد بن حاتم ، ثنا عفان بن مسلم ، ثنا وهيب ، سمعت عبد العزيز بن صهيب يحدث قال : ثنا أنس بن مالك أن النبي - - قال : " ليردن على الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني ، فلأقولن : أي رب أصيحابي أصيحابي ؟ فليقالن : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " .

قاسم بن أصبغ : حدثنا أحمد بن زهير ومحمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ في المسجد الحرام - واللفظ له - قالا : ثنا مالك بن إسماعيل النهدي أبو غسان ، ثنا يعقوب بن عبد الله القمي الأشعري ، عن حفص بن حميد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - - : " إني ممسك بحجزكم هلم عن النار ، وتغلبوني ، تقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب ، وأوشك أن أرسل حجزكم ، وأفرط لكم على الحوض ، و تردون علي معا وأشتاتا ، فأعرفكم بأسمائكم وسيماكم كما يعرف الرجل الغريبة في إبله ، فيؤخذ بكم ذات الشمال إلى النار ، وأناشيد فيكم رب العالمين : أي رب رهطي ، أي رب أمتي . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم كانوا يمشون بعدك القهقرى " .

يعقوب وحفص صالحان .

البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا محمد بن مطرف ، حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال النبي - - : " إني فرطكم على الحوض ، من مر علي يشرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم " .

قال أبو حازم : فسمعني النعمان بن أبي عياش ، فقال : هكذا سمعت من سهل ؟ فقلت : نعم . فقال : أشهد على أبي سعيد لسمعته ، وهو يزيد فيها " فأقول : إنهم مني . فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك . فأقول : سحقا سحقا لمن غير بعدي " .

البخاري : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، ثنا محمد بن فليح ، ثنا أبي ، ثنا هلال ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلم .

فقلت : أين ؟ قال : إلى النار . والله قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص فيهم إلا مثل همل النعم " .

مسلم : حدثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن مثنى وابن بشار - وألفاظهم متقاربة - قالوا : ثنا معاذ - وهو ابن هشام - حدثني أبي ، عن قتادة ، عن سالم ابن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري ، عن ثوبان ، أن نبي الله - - قال : " إني لبعقر حوضي أذود الناس عنه لأهل اليمن ، أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم . فسئل عن عرضه ، فقال : من مقامي إلى عمان . وسئل عن شرابه ، فقال : أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، يثعب فيه ميزابان يمدانه من الجنة : أحدهما من ذهب ، والآخر من ورق " .

قال مسلم : وثنا يحيى بن حبيب الحارثي ومحمد بن عبد الله الرزي قالا : حدثنا خالد بن الحارث ، عن سعيد ، عن قتادة قال : قال أنس بن مالك : قال رسول الله - - : " نرى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء " .

ثنا زهير بن حرب ، ثنا الحسن بن موسى ، ثنا شيبان ، عن قتادة ، ثنا أنس ابن مالك ، أن نبي الله - - قال مثله وزاد : " أو أكثر من عدد نجوم السماء " .

قال مسلم : وحدثني حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن أنس بن مالك حدثه ، أن رسول الله - - قال : " قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن ، وإن فيه من الآباريق كعدد نجوم السماء " .

قال مسلم : وثنا عاصم بن النضر و هريم بن عبد الأعلى - واللفظ لعاصم - قال : ثنا معتمر ، سمعت أبي ، ثنا قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - - قال : " ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة " .

البخاري : حدثنا هدبة بن خالد ، ثنا همام ، ثنا قتادة ، ثنا أنس بن مالك عن النبي - - قال : " بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : الكوثر الذي أعطاك ربك ، فإذا طيبه - أو طينه - مسك أذفر " شك هدبة .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا أبو عبد الصمد العمي عبد العزيز بن عبد الصمد ، ثنا أبو عمران الجوني ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر قال : " قلت : يا رسول الله ، ما آنية الحوض ؟ قال : والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في ليلة مظلمة مصحية من آنية الجنة ، من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا يحيى بن صالح ، ثنا محمد بن المهاجر ، عن العباس ، عن أبي سلام الحبشي قال : " بعث إلي عمر بن عبد العزيز ، فحملت على البريد ، فلما دخل عليه قال : يا أمير المؤمنين ، لقد شق علي مركبي البريد . فقال : يا أبا سلام ، ما أردت أن أشق عليك ، ولكني بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان ، عن النبي - - ، فأحببت أن تشافهني به قال أبو سلام : حدثني ثوبان ، عن النبي - - قال : حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ، ماؤه أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأكاويبه عدد نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا ، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرون ، الشعث رءوسا ، الدنس ثيابا ، الذين لا ينكحون المتنعمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد . قال عمر : لكني نكحت المتنعمات ، وفتح لي السدد ، ونكحت فاطمة بنت عبد الملك ، لا جرم لا أغسل رأسي حتى يشعث ، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وقد روي هذا الحديث عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان .

روى البزار قال : حدثنا إسحاق ، ثنا الحسين بن الحسن بن عطية ، عن أبيه ، عن عطية ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - - : " إن لي حوضا ما بين بيت المقدس إلى الكعبة ، أبيض من اللبن ، فيه عدد الكواكب آنية ، وأنا فرطكم على الحوض ، ولكل نبي حوض ، وكل نبي يدعو أمته ، فمنهم من يرد عليه فئام من الناس ، ومنهم من يرد عليه ما هو دون ذلك ، ومنهم من يرد عليه العصابة ، ومنهم من يرد عليه الرجلان والرجل ، ومنهم من لا يرد عليه أحد ، فيقول : اللهم قد بلغت ، اللهم قد بلغت - ثلاثا - أحسبه قال : وأنا أكثر الأنبياء تبعا " .

الحسين والحسن ضعيفان .

باب ذكر الصراط ودرجات الناس في المرور عليه

عدل

أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن أبي الفضل ، عن الشعبي ، عن عائشة قالت : " قلت : يا رسول الله ، أتذكرون أهاليكم يوم القيامة ؟ فقال : أما عند ثلاث فلا : عند الكتاب ، وعند الميزان ، وعند الصراط " .

أبو خالد الأحمر اسمه سليمان بن حيان ، ثقة مشهور ، وأبو الفضل الذي يروي عن الشعبي اسمه عبيد بن أبي أمية ، والد يعلى بن عبيد ، وهو ثقة ، والشعبي هو عامر بن شراحيل ، إمام جليل أدرك خمسمائة من الصحابة أو أكثر .

مسلم : حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي ، ثنا محمد بن فضيل ، ثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة . وأبو مالك ، عن ربعي عن أبي هريرة وحذيفة قالا : قال رسول الله - - : " يجمع الله - تبارك وتعالى - الناس ، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا استفتح لنا الجنة . فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ، لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله . قال : فيقول : إبراهيم : - عليه السلام - : لست بصاحب ذلك ، إنما كنت خليلا من وراء وراء ، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما . فيأتون موسى - عليه السلام - فيقول : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه . فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك . فيأتون محمدا - - ، فيقوم ويؤذن له ، فترسل الأمانة والرحم ، فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ، فيمر أولكم كالبرق . قال : قلت : بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق ؟ قال : ألم تروا إلى البرق كيف يمر ، ويرجع في طرفة عين ، ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم - - قائم على الصراط ، فيقول : رب سلم سلم . حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا ، قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به ، فمخدوش ناج ، ومكدوس في النار . والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا " .

البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، ثنا الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال : " قلنا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في رؤية الشمس إذا كانت صحوا ؟ قلنا : لا . قال : فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارون في رؤيتها ، ثم قال : ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى تبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها السراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد عزير ابن الله . فيقال : كذبتم لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا . فقال : اشربوا . فيتساقطون في جهنم . ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله . فيقول : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا . فيقال : اشربوا . فيتساقطون ، حتى يبقى من كان يعبد الله - عز وجل - من بر أو فاجر فيقال لهم : ما يجلسكم ، وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : فارقناهم ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون ، وإنا ننتظر ربنا - عز وجل . قال : فيأتيهم الجبار - جل ثناؤه - في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ؟ فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقال : هل بينكم وبينه آية تعرفونها ؟ فيقولون : الساق . فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى كل من كان يسجد لله رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد ، فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يؤتى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم . قلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : مدحضة مزلة عليه خطاطيف ، وكلاليب ، حسكة مطلفحة لها شوكة عقيفة تكون بنجد يقال : لها السعدان ، المؤمن عليها كالطرف ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار ، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون : ربنا إخواننا كانوا يصلون ، معنا ويصومون معنا ، ويعملون معنا . فيقول الله : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه ، ويحرم صورهم على النار ، وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه ، وإلى أنصاف ساقيه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فاخرجوه ، فيخرجون من عرفوا . وقال أبو سعيد : وإذا لم تصدقوني ، فاقرءوا {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها} ، فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون ، فيقول الجبار - جل وعز - : بقيت شفاعتي . فيقبض قبضة من النار ، فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له الحياة ، فيبنون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، وقد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، وإلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، فأدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه ، فيقال لهم : لكم ما رأيتم ، ومثله معه " .

البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة " أن الناس قالوا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله - - : هل تضارون في القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فإنكم ترونه كذلك ، يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه . فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها - أو منافقوها ، شك إبراهيم - فيأتيهم الله ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاءنا ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ، فيتبعونه ، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم ، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ، ودعوى الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم ... " وذكر بقية حديثه .

وللبخاري : أيضا في بعض ألفاظه من الحديث : " فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته " رواه عن أبي اليمان ، عن شعيب ، عن الزهري ، عن سعيد وعطاء ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - .

ولمسلم بن الحجاج - رحمه الله - في هذا الحديث : " قالوا : يا ربنا ، فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ، ولم نصاحبهم ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، ولا نشرك بالله شيئا - مرتين أو ثلاثا " . وقد تقدم في كتاب الإيمان .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن سعيد وإسحاق بن منصور ، كلاهما عن روح ، قال عبيد الله : ثنا روح بن عبادة القيسي ، ثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير " أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود ، فقال : نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك ، فوق الناس قال : فتدعى الأمم بأوثانها ، وما كانت تعبد الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك ، فيقول : من تنظرون ؟ فنقول : ربنا . فيقول : أنا ربكم . فيقولون : حتى ننظر إليك . فيتجلى لهم تبارك وتعالى يضحك قال : فينطلق بهم ويتبعونه ، ويعطي كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا ، ثم يتبعونه ، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله ، ثم يطفأ نور المنافقين ، ثم ينجو المؤمنون ، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء ، ثم كذلك ثم تحل الشفاعة ، ويشفعون حتى يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتون نبات الشيء في السيل ، ويذهب حراقه ، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا ، وعشرة أمثالها معها " .

أبو بكر بن أبي شيبة : قال : ثنا هاشم بن القاسم ، ثنا أبو عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي ، عن برد بن سنان الرهاوي ، أخبرني أبو يحيى الكلاعي قال : سمعت أبا أمامة يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " إني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه ، تزل يده مرة فتصيبها النار ، وتزل رجله مرة فتصيبها النار ، قال : فتقول له الملائكة : أرأيت إن بعثك الله من مقامك فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته ؟ قال : فيقول : إي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئا . قال : فيقولون له : قم فأمش سويا . قال : فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط . فيقولون له أخبرنا بأعمالك التي عملت فيقول في نفسه : إن أخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني قال : فيقول : لا ، وعزته ما أذنبت ذنبا قط . قال : فيقولون : إنا لنا عليك بينة : قال : فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من الآدميين ممن كان يشهد في الدنيا فلا يرى فيقول : هاتوا بينتكم . فيختم الله على فيه وتنطق يداه ورجلاه وفخذه بعمله ، فيقول : إي وعزتك لقد عملتها ، وإن عندي للعظائم المطمرات . قال : فيقول الله : اذهب ، فقد غفرتها لك " .

وأبو يحيى اسمه سليم بن عامر .

باب بعث النار

عدل

البخاري : حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، ثنا الأعمش ، ثنا أبو صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي - - : " يقول الله : يا آدم فيقول : لبيك وسعديك . فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار " .

باب ما جاء أن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون

عدل

مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " يقول الله - عز وجل - : يا آدم . فيقول : لبيك وسعديك والخير في يديك . قال : يقول : أخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين . قال : فذاك حين يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد . قال : فاشتد ذلك عليهم ، قالوا : يا رسول الله ، أينا ذلك الرجل ؟ فقال : أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل . قال : ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة . فحمدنا الله - عز وجل - وكبرنا ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة . فحمدنا الله وكبرنا . ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة ، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلده الثور الأسود ، أو كالرقمة في ذراع الحمار " .

وفي بعض الألفاظ الحديث من الزيادة : " اللهم هل بلغت " .

باب ما جاء في أهل الفترة

عدل

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن الحسن عن الأسود بن سريع عن النبي - - قال : " يعرض على الله - تبارك وتعالى - : الأصم الذي لا يسمع شيئا ، والأحمق ، والهرم ، ورجل مات في الفترة ، فيقول : الأصم : رب جاء الإسلام وما أسمع شيئا . ويقول الأحمق : رب جاء وما أعقل شيئا . ويقول الذي مات في الفترة : رب ما أتاني ذلك من رسول - قال أبو بكر : وذهب عني ما قال الرابع - قال : فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه ، فيرسل إليهم - تبارك وتعالى - : ادخلوا النار . فوالذي نفس محمد بيده ، لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما " .

وحدثنا محمد بن المثنى ، ثنا معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة مثل هذا الحديث غير أنه قال في آخرها : " فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن لم يدخلها دخل النار " .

وهذا الحديث قد روي عن غير أبي هريرة ، ولا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد ، وقد روى ثوبان عن النبي - - ، وعن الأسود بن سريع من غير وجه ، وعن أنس ، وعن أبي سعيد الخدري .

باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها تغلب غضبه

عدل

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا المغيرة - يعني : الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - : " لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي " .

مسلم : حدثني علي بن خشرم ، ثنا أبو ضمرة ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن عطاء بن ميناء ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لما قضى الله الخلق كتب في كتابه على نفسه فهو موضوع عنده : إن رحمتي تغلب غضبي " .

البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أنا شعيب ، ثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن الله لما قضى الخلق كتب عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي " .

مسلم : حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أن سعيد بن المسيب أخبره ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله - - يقول : " جعل الله الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه " .

ولمسلم في لفظ آخر : " كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض ، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة " .

وفي لفظ آخر : " أخر الله تسعة وتسعين يرحم الله بها خلقه يوم القيامة " . وقد تقدم الحديثان في كتاب الأدب .

باب في الشفاعة

عدل

مسلم : حدثنا قتيبة وإسحاق ، قالا : ثنا جرير ، عن المختار بن فلفل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " أنا أول الناس يشفع في الجنة ، وأنا الأكثر الأنبياء تبعا " .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا أبو عامر ، ثنا زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي ، عن أبيه عن النبي - - قال : " إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطبيهم وصاحب شفاعتهم غير فخر " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا يونس بن محمد ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى " أن رسول الله - - كان يحرسه أصحابه ، فقمت ذات ليلة فلم أره في منامه ، فأخذني ما حدث وما قدم ، فقمت أنظر ، فإذا معاذ بن جبل قد لقي مثل الذي لقيت ، فسمعت صوتا مثل هدير الرحاوين يجوزهما ، فوقفا على مكانيهما فجاء رسول الله - - من قبل الصوت ، فقال : هل تدريان أين كنت ، أو فيم كنت ؟ قالا : أين ؟ قال : أتاني آت من ربي فخيرني بين أن يدخل شطر أمتي الجنة ، وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة . فقالا : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلنا في شفاعتك . فدعا لهما ، وأقبل وأقبلا معه ، فكلما لقيه رجل سأله حتى استقبله عظم الناس ، فأخبرهم ، فقالوا : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلنا في شفاعتك . فقال : أنتم في شفاعتي ، ومن لقي الله لا يشرك به شيئا فهو في شفاعتي " .

البخاري : حدثنا محمد بن مقاتل ، أنا عبد الله ، أنا أبو حيان التيمي ، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عن أبي هريرة قال : " أتي النبي - - بلحم ، فرفع إليه الذراع ، وكانت تعجبه ، فنهش منها نهشة ، ثم قال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون مم ذلك ؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس ، ويبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول الناس : ألا ترون ما قد بلغكم ، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول : بعض الناس لبعض : عليكم بآدم . فيأتون آدم فيقولون له : أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى إلى ما قد بلغنا . فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غبري اذهبوا إلى نوح . فيأتون نوحا ، فيقولون : إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وقد سماك الله عبدا شكورا ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كنت لي دعوة دعوتها على قومي ، نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم . فيأتون إبراهيم ، فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن بغضب بعده مثله ، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث - نفسي نفسي

نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى . فيأتون موسى ، فيقولون : يا موسى

أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ،

ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله

مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها ، نفسي نفسي

نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى . فيأتون عيسى ، فيقولون : يا عيسى ، أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، وكلمت الناس في المهد ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله قط ، ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد . فيأتون محمدا ، فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق ، فآتى تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي ، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ، ثم يقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع . فأرفع رأسي ، فأقول : أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، أمتي يا رب .

فيقال : يا محمد ، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال : والذي نفسي بيده إن ما بين المصراعين من مصارع الجنة كما بين مكة وحمير ، أو كما بين مكة وبصرى " .

مسلم : حدثني هارون بن سعيد الأيلي ، عن ابن وهب ، أنا مالك بن أنس ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة ، أخبرني أبي ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - - قال : " يدخل الله أهل الجنة الجنة ، يدخل من يشاء برحمته ، ويدخل أهل النار النار ، ثم يقول : انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان ، فأخرجوه . فيخرجون منها حمما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر الحياة - أو الحياء - فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل ، ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية ؟ ! " .

وحدثنا حجاج بن الشاعر ، ثنا عمرو بن عون ، أنا خالد ، عن عمرو بن يحيى بهذا الإسناد ، وقال : " فيلقون في نهر يقال له : الحياة " ولم يشك وقال : " كما ينبت الغثاء في جانب السيل " .

الترمذي : حدثنا هناد ، ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله - - : " يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا حمما ، ثم تدركهم الرحمة ، فيخرجون ، ويطرحون على أبواب الجنة ، قال : فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتوا كما ينبت الغثاء في حميل السيل ، ثم يدخلون الجنة " .

قال : هذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا محمد بن مثنى ، ثنا سالم بن نوح ، ثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ، وأما الذين يريد الله - تبارك وتعالى - إخراجهم فتميتهم النار ، ثم يخرجون منها ، فيلقون على نهر الحياة ، فيرش عليهم من مائها ، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، ويدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة : الجهنميين ، فيدعون الله - تعالى - فيذهب ذلك الاسم عنهم " .

ثنا محمد بن بشار ، ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، عن أبي سلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي - - نحوه .

البخاري : حدثنا هدبة بن خالد ، ثنا همام ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - - قال : " يخرج قوم من النار بعد ما مسهم منها سفع ، فيدخلون الجنة ، فيسميهم أهل الجنة : الجمهنميين " .

أبو داود الطيالسي : ثنا شعبة ، عن حماد عن ربعي ، عن حذيفة ، عن النبي - - قال : ليخرجن أقوام من النار منتنين قد محشتهم النار ، فيدخلون الجنة برحمة الله وشفاعة الشافعين ، يسمون : الجهنميين " .

البزار : حدثنا زهير بن محمد والحسين بن مهدي - واللفظ لزهير - أخبرنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن ثابت ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله - - : " إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة " .

الطحاوي : حدثنا محمد بن علي بن داود ، ثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال : سمعت أبا بكر بن عياش ، عن سليمان التيمي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الجنة صفوفا وأهل النار صفوفا ، فينظر الرجل من صفوف أهل النار إلى الرجل من صفوف أهل الجنة فيقول له : يا فلان ، أما تذكر يوم اصطنعت إليك معروفا في الدنيا . فيقول : اللهم إن هذا اصطنع لي معروفا في الدنيا . قال : فيقال له : خذ بيده ، وأدخله الجنة برحمة الله - عز وجل . قال أنس : أشهد أني سمعت رسول الله - - يقوله " .

وذكر الطحاوي أيضا قال : ثنا علي بن شيبة ، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنا النضر بن شميل ، أنا أبو نعامة العدوي ، ثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل ، عن والان العبدي ، عن حذيفة ، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : " أصبح رسول الله - - ذات يوم ... . " فذكر حديثا طويلا من حديث يوم القيامة ، ثم ذكر فيه شفاعة الشهداء قال : " ثم يقول الله - عز وجل - : أنا أرحم الراحمين انظروا في النار هل فيها من أحد عمل خيرا قط ، فيجدون في النار رجلا ، فيقال له : هل عملت خيرا قط ؟ فيقول : لا ، غير أني أمرت ولدي إذا مت فاحرقوني بالنار ، ثم اطحنوا في حتى إذا كنت مثل الكحل ، فاذهبوا بي إلى البحر فاذروني في الريح ، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا ، فيعاقبني إذ عاقبت نفسي في الدنيا عليه . قال الله : لم فعلت ذلك ؟ قال : من مخافتك . فيقول : انظر ملكا ، أعظم ملك ، فإن لك مثله وعشرة أمثاله " .

أبو نعامة العدوي اسمه عمرو بن عيسى بن سويد ، بصري ثقة ، وأبو هنيدة ثقة ، وكذلك والان ، وهو والان بن بيهس ، ويقال : والان بن قرفة ، ذكر ذلك البخاري - رحمه الله .

مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، كلاهما عن جرير ، قال عثمان : ثنا جرير عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - - : " إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها ، وآخر أهل الجنة دخولا الجنة : رجل يخرج من النار حبوا ، فيقول الله - تبارك وتعالى - له : اذهب فادخل الجنة . فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى ، فيرجع ، فيقول : يا رب ، وجدتها ملأى . فيقول الله له : اذهب فادخل الجنة . قال : فيأتيها ، فيخيل إليه أنها ملأى ، فيقول : يا رب وجدتها ملأى . فيقول الله له : اذهب فادخل الجنة ، فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها - أو إن لك عشرة أمثال الدنيا - قال : فيقول : أتسخر بي - أو تضحك بي - وأنت الملك . قال : لقد رأيت رسول الله - - ضحك حتى بدت نواجذه ، قال : فكان يقال : ذاك أدنى أهل الجنة منزلا " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب - واللفظ لأبي كريب - قالا : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار : رجل يخرج منها زحفا ، فيقال له : انطلق فادخل الجنة . قال : فيذهب ، فيدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل ، فيقال له : أتذكر الزمان الذي كنت فيه ؟ فيقول : نعم . فيقال له : تمنى . فيتمنى ، فيقال له : لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا . فيقول : أتسخر بي وأنت الملك . قال : فلقد رأيت رسول الله - - ضحك حتى بدت نواجذه " .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا عفان بن مسلم ، ثنا حماد بن سلمة ، ثنا ثابت ، عن أنس ، عن ابن مسعود أن رسول الله - - قال : " آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة ، فإذا ما جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين . فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها ، وأشرب من مائها . فيقول : - الله عز وجل - : يا ابن آدم ، لعلي إن أعطيتكها تسألني غيرها . فيقول : لا يا رب . ويعاهده أن لا يسأله غيرها ، وربه يعذره ؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول : يا رب ، أدنني من هذه لأشرب من مائها ، وأستظل بظلها ، لا أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها . فيقول : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ، فيعاهده أن لا يسأله غيرها ، وربه يعذره ؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها ، فيستظل

بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من

الأولتين فيقول : أي رب ، أدنني من هذه لأستظل بظلها ، وأشرب من مائها ، لا

أسألك غيرها . فيقول : يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ قال . بلى يا

رب لا أسألك غيرها . وربه يعذره ؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها ،

فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة ، فيقول : يا رب أدخلنيها . فيقول : يا ابن آدم ما يصريني منك ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ قال : يا رب ، أتستهزئ مني وأنت رب العالمين ؟ فضحك ابن مسعود فقال : ألا تسألوني مم

أضحك ؟ قال : هكذا ضحك رسول الله - - قالوا : مم تضحك يا رسول الله ؟ قال : من ضحك رب العالمين حين قال : أتستهزئ مني وأنت رب العالمين ؟ فيقول : إني لا أستهزئ منك ، ولكنى على ما أشاء قادر " .

ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يحيى - يعني ابن أبي بكير - ثنا زهير بن محمد ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن النعمان بن أبي عياش ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - - قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة ، ومثل له شجرة ذات ظل ، فقال : أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها ... " وساق الحديث بنحو حديث ابن مسعود فلم يذكر فيه : " فيقول : يا ابن آدم ما يصريني منك ... " إلى آخر الحديث ، وزاد فيه : " ويذكره الله سل كذا وكذا ، فإذا انقطعت به الأماني قال الله : هو لك وعشرة أمثاله ، ثم يدخل بيته ، فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين ، فيقولان : الحمد لله الذي أحياك وأحيانا لك . قال : فيقول : ما أعطي أحد مثل ما أعطيت " .

قد تقدم في كتاب الإيمان في أبواب الشفاعة جملة شافية من هذا الباب ، والحمد لله .

باب ذكر أول من يدخل الجنة

عدل

مسلم : حدثني عمرو بن محمد الناقد وزهير بن حرب ، قالا : ثنا هاشم ابن القاسم ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت ، لا أفتح لأحد قبلك " .

باب ذكر كم يدخل الجنة بغير حساب

عدل

مسلم : حدثني حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، أنا يونس ، عن ابن شهاب ، حدثني سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثه قال : سمعت رسول الله - - يقول : " يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر . قال أبو هريرة : فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه ، فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال رسول الله - - : اللهم اجعله منهم . ثم قام رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال رسول الله - - : سبقك بها عكاشة " .

مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا عبد العزيز - يعني ابن أبي حازم - عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - - قال : " ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ، أو سبعمائة ألف - لا يدري أبو حازم أيهما قال - متماسكون آخذ بعضهم بعضا ، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم ، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر " .

البزار : ثنا محمد بن عبد الملك ، ثنا أبو عاصم العباداني ، ثنا حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله - - : " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ، مع كل واحد من السبعين ألفا سبعون ألفا " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن حميد عن أنس إلا أبو عاصم . انتهى كلام أبي بكر البزار - رحمه الله .

أبو عاصم اسمه عبد الله بن عبيد الله ، قال ابن أبي حاتم : حدثني أبي قال : ثنا عمرو بن علي قال : ثنا أبو عاصم العباداني وكان صدوقا ثقة . وقال يحيى بن معين : أبو عاصم العباداني صالح الحديث ما به بأس . وقال أبو زرعة : أبو عاصم شيخ .

الترمذي حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد الألهاني ، سمعت أبا أمامة يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وثلاث حثيات من حثياته " .

أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا ابن أبي عدي ، ثنا هشام ابن عبد الله بن أبي عبد الله ، عن يحيى بن أبي كثير .

أبو داود الطيالسي : حدثنا هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن رفاعة بن عرابة قال : " كنا مع النبي - - حتى إذا كنا بالقديد - أو قال : بقديد - جعل رجال منا يستأذنون إلى أهليهم ، فيأذن لهم ، فحمد الله ، وقال خيرا ، ثم قال : ما بال شق الشجرة الذي يلي رسول الله - - أبغض إليكم من الشق الآخر ؟ فلم تر عند ذلك من القوم إلا باكيا ، فقال رجل : يا رسول الله ، إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه - وقال أبو بكر : لشقي - فحمد الله ، وقال خيرا ، وقال : أشهد عند الله إلا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله من قبله ، ثم يسدد إلا سلك في الجنة . ثم قال : وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب ، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن الجنة " .

اللفظ لأبي داود ، حديث أبي بكر بمعناه .

باب ما أول طعام أهل الجنة

عدل

البخاري : حدثنا حامد بن عمر البكراوي ، عن بشر بن المفضل ، ثنا حميد ، عن أنس بن مالك " أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي - - المدينة ، فأتاه يسأله ، فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي : ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني به جبريل آنفا . قال ابن سلام : ذلك عدو اليهود من الملائكة . قال : أما أول أشراط الساعة : فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت ، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، فإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد . قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أنك رسول الله . قال : يا رسول الله ، إن اليهود قوم بهت ، فسلم عني قبل أن يعلموا إسلامي .

فجاءت اليهود ، فقال : أي رجل عبد الله فيكم قالوا : خيرنا وابن خيرنا ، وأفضلنا وابن أفضلنا . فقال النبي - - : أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : أعاذه الله من ذلك . فأعاد عليهم ، فقالوا مثل ذلك ، فخرج إليهم عبد الله ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فقالوا : شرنا وابن شرنا . وتنقصوه ، قال : هذا كنت أخاف يا رسول الله " .

باب من صفة الجنة وما أعد الله لأهلها فيها

عدل

مسلم : حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي وزهير بن حرب ، قال زهير : ثنا ، وقال سعيد : أنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " قال الله - عز وجل - : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . مصداق ذلك في كتاب الله - عز وجل - {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - - أنه قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة " .

وثنا قتيبة ، ثنا المغيرة الحزامي ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - بمثله ، وزاد : " لا يقطعها " .

قال مسلم : وثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، أنا المخزومي ، ثنا وهيب ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، عن رسول الله - - قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .

قال أبو حازم : فحدثت به النعمان بن أبي عياش ، فقال : حدثني أبو سعيد الخدري ، عن النبي - - قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها " .

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا عبدة بن سليمان وعبد الرحيم بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، ثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " يقول الله - عز وجل - : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . اقرءوا إن شئتم : {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، واقرءوا إن شئتم : {وظل ممدود} وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها ، واقرءوا إن شئتم : ^ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

البخاري : حدثنا محمد بن سنان ، ثنا فليح بن سليمان ، ثنا هلال بن علي ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة ، واقرءوا إن شئتم : {وظل ممدود} " .

" ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس ، أو تغرب " .

الترمذي : ثنا أبو سعيد الأشج ، ثنا زياد بن الحسن بن الفرات القزاز ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

مسلم : حدثني هارون بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، حدثني مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن النبي - - قال : " إن الله - عز وجل - يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة . فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، والخير في يديك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك . فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك . فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا " .

مسلم : حدثني هارون بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني مالك بن أنس ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - - قال : " إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم . قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم . قال : بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله ، وصدقوا المرسلين " .

مسلم : حدثنا عمرو الناقد ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، جميعا عن ابن علية - واللفظ ليعقوب - قال : ثنا إسماعيل بن علية ، أنا أيوب ، عن محمد قال : " إما تفاخروا وإما تذاكروا : الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟ فقال أبو هريرة : أو لم يقل أبو القاسم - - : إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما في الجنة أعزب " .

ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال : " اختصم الرجال والنساء أيهم في الجنة أكثر فسألوا أبا هريرة ، فقال : قال أبو القاسم - - . . " مثل حديث ابن علية .

الترمذي : حدثنا سفيان بن وكيع ، ثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، عن النبي - - قال : " إن أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة ضوء وجوههم على مثل ضوء القمر ليلة البدر ، والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب دري في السماء ، لكل رجل منهم زوجتان ، على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن .

مسلم : حدثنا قتيبة وزهير بن حرب - واللفظ لقتيبة - قالا : ثنا جرير ، عن عمارة ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " إن أول زمرة يدخلون الجنة على صور القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، ولا يتفلون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم - عليه السلام - ستون ذراعا في السماء " .

مسلم : حدثنا أبو كريب وأبو بكر بن أبي شيبة ، قالا : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد نجم في السماء إضاءة ، ثم هم بعد ذلك منازل ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، ولا يبزقون ، أمشاطهم الذهب ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك ، وأخلاقهم على خلق رجل واحد على طول أبيهم - آدم عليه السلام - ستون ذراعا " قال ابن أبي شيبة : " على خلق رجل " وقال أبو كريب : " على خلق " وقال ابن أبي شيبة : " على صورة أبيهم " .

مسلم : حدثنا محمد بن رافع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة ، عن رسول الله - - فذكر أحاديث منها ، وقال رسول الله - - : " أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ، ولا يتمخطون ، ولا يتغوطون فيها ، آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ، ومجامرهم من الألوة ، ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا " .

مسلم : حدثنا الحسن الحلواني ، ثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله - - : " يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ، ولا يتغوطون ، ولا يتمخطون ، ولا يبولون ، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك ، يلهمون التسبيح والحمد كما يلهمون النفس " .

البزار " حدثنا عمرو بن علي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن ثمامة بن عقبة ، عن زيد بن أرقم قال : " جاء رجل من اليهود إلى رسول الله - - فقال : يا أبا القاسم ، تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ فقال : والذي نفسي بيده إن الرجل منهم ليؤتى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة . قال : فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة . قال : عرق يفيض مثل ريح المسك ، فإذا كان ذلك ضمر له بطنه " .

قال أبو بكر : لا نعلم حدث الأعمش عن ثمامة غير يعني هذا الحديث ، وحديثا آخر . انتهى كلام أبي بكر .

قال يحيى بن معين : ثمامة بن عقبة ثقة . ذكر ذلك ابن أبي حاتم .

الترمذي : حدثنا عبد بن حميد ، أخبرنا عبد الله بن مسلمة ، عن محمد بن عبد الله بن مسلم ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : " سئل رسول الله - - ما الكوثر ؟ قال : ذلك نهر أعطانيه الله - يعني : في الجنة - أشد بياضا من اللبن ، وأحلى من العسل ، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر . قال عمر : إن هذه لناعمة . قال رسول الله - - : آكلها أنعم منها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن ، ومحمد بن عبد الله بن مسلم هو ابن أخي ابن شهاب الزهري ، وعبد الله بن مسلم قد روى عن ابن عمر .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " من يدخل الجنة ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه " . مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد - واللفظ لإسحاق - قال : أنا عبد الرزاق قال : قال الثوري : حدثني أبو إسحاق ، أن الأغر حدثه ، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ، عن النبي - - قال : " ينادي مناد : إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا . فذلك قوله عز وجل - : {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} .

مسلم : حدثني سعيد بن منصور ، عن أبي قدامة - وهو الحارث بن عبيد - عن أبي عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ، عن النبي - - قال : " إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا ، للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن ، فلا يرى بعضهم بعضا " .

وحدثني أبو غسان المسمعي ، ثنا أبو عبد الصمد ، ثنا أبو عمران بهذا الإسناد ، أن رسول الله - - قال : " في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن " .

وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا همام ، عن أبي عمران بهذا الإسناد ، عن النبي - - قال : الخيمة درة طولها في السماء ستون ميلا ، في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون " .

الترمذي : حدثنا علي بن حجر ، ثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس أن رسول الله - - قال : " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم أو موضع يده في الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحا ، ونصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح .

النسائي : أخبرنا عمرو بن منصور ، أنا حرمي بن حفص ، ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة ، حدثني العلاء بن عبد الله ، أنا حنان بن خارجة حدثه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " بينا نحن عند رسول الله - - إذ جاء رجل فقال : يا رسول الله ، أخبرنا عن ثياب الجنة أخلق تخلق أو نسج تنسج ؟ فضحك بعض القوم ، فقال لهم : تضحكون أن جاهلا يسأل عالما ؟ فجلس يسيرا أو قليلا فقال رسول الله - - : أين السائل عن ثياب الجنة ؟ قال : ها هو ذا يا رسول الله . قال : بل تشقق عنها ثمر الجنة . قالها ثلاثا " .

حنان لا أعلم روى عنه إلا العلاء بن عبد الرحمن .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ومحمود بن غيلان قالا : ثنا أبو داود الطيالسي ، عن عمران القطان ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبي - - قال : " يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع . قيل : يا رسول الله ، أو يطيق ذلك ؟ قال : يعطى قوة مائة " .

وفي الباب عن زيد بن أرقم ، قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح غريب لا نعرفه من حديث قتادة عن أنس إلا من حديث عمران القطان .

البزار : حدثنا محمد بن ثواب ، ثنا حسين - يعني ابن علي - عن زائدة ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : " قيل : يا رسول الله ، أنفضي إلى نسائنا في الجنة ؟ فقال : إي والذي نفسي بيده ، إن الرجل ليفضى في اليوم الواحد إلى مائة عذراء " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة إلا حسين ابن علي .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أنا عاصم بن علي ، ثنا المسعودي ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه : " أن رجلا سأل النبي - - فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من خيل ؟ قال : إن الله أدخلك الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت . قال : وسأله رجل فقال : يا رسول الله ، هل في الجنة من إبل ؟ قال : فلم يقل له ما قال لصاحبه ، قال : إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك " .

روى علقمة عن عبد الرحمن بن سابط عن النبي - - نحوه بمعناه قال : وهذا أصح من حديث المسعودي .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، أنا يزيد بن هارون ، أنا همام ، ثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - - قال : " في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها درجة ، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، ومن فوقها يكون العرش ، فإذا أسلمتم الله فسلوه الفردوس " .

حدثنا أحمد بن منيع ، ثنا يزيد بن هارون بإسناده نحوه .

الترمذي : حدثنا عباس العنبري ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا إسرائيل ، عن محمد بن جحادة ، عن عطاء ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو أسامة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة عن أبي سعيد " أن ابن صياد سأل النبي - - عن تربة الجنة ؟ فقال درمكة بيضاء مسك خالص " .

مسلم : حدثنا نصر بن علي ، ثنا بشر - يعني ابن مفضل - عن أبي مسلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : " قال رسول الله - - لابن صياد : ما تربة الجنة ؟ قال : درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم . قال : صدقت " .

النسائي : أخبرنا هشام بن عمار ، عن يحيى بن حمزة ، حدثني زيد بن واقد ، حدثني خالد بن عبد الله بن حسين ، حدثني أبو هريرة ، أن النبي - - قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ، ومن شرب في آنية الذهب والفضة في الدنيا لم يشرب فيها في الآخرة . ثم قال رسول الله - - : لباس أهل الجنة ، وشراب أهل الجنة ، وآنية أهل الجنة " .

البخاري : حدثنا علي بن عبد الله ، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ، عن أبي عمران ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه ، عن النبي - - قال : " جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر على وجهه في جنة عدن " .

مسلم : حدثني حرملة بن يحيى ، أنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس أن النبي - - قال : " أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ ، وإذا ترابها المسك " .

هذا مختصر من حديث طويل قد تقدم في أول الكتاب في باب الإسراء .

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا الجريري ، عن حكيم بن معاوية ، عن أبيه عن النبي - - قال : " إن في الجنة بحر الماء ، وبحر العسل ، وبحر الخمر ، وبحر اللبن ، ثم تشقق الأنهار بعد " .

قال أبو عيسى : هذا حديث صحيح ، وحكيم بن معاوية هو والد بهز بن حكيم ، والجريري اسمه سعيد بن إياس ، ويكنى أبا مسعود .

البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا محمد بن مطرف ، ثنا أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، عن النبي - - قال : " في الجنة ثمانية أبواب ، فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون " .

الترمذي : حدثنا بندار ، ثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن عامر الأحول ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقد اختلف أهل العلم في هذا ، فقال بعضهم : في الجنة جماع ، ولا يكون ولد ، هكذا روي عن طاوس ومجاهد وإبراهيم النخعي ، وقال محمد : قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي - - " إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة كما يشتهي " ولكن لا يشتهي . قال محمد : وقد روي عن أبي رزين العقيلي عن النبي - - قال : " إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد " .

باب ما جاء أن أهل الجنة لا ينامون

عدل

البزار : حدثنا الفضل بن يعقوب ، ثنا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : " قيل : يا رسول الله ، أينام أهل الجنة ؟ قال : النوم أخو الموت " .

وهذا الحديث لا نعلم أحدا أسنده عن ابن المنكدر عن جابر إلا الثوري ولا عن الثوري إلا الفريابي .

باب ما جاء في زيارة أهل الجنة ربهم

عدل

الترمذي : حدثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا عبد الحميد ابن حبيب بن أبي العشرين ، ثنا الأوزاعي ، ثنا حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب " أنه لقي أبا هريرة ، فقال أبو هريرة : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة . فقال سعيد : أفيها سوق ؟ قال : نعم ، أخبرني رسول الله - - أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ، ثم يؤذن في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم ، ويبرز لهم عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ، فتوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر بن ياقوت ، ومنابر من زبرجد ، ومنابز من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم - وما فيهم من دني - على كثبان المسك والكافور أن يرون ما أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا . قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، وهل نرى ربنا ؟ قال : نعم ، قال : هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ قلنا : لا . قال : كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم ، ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منهم : يا فلان ابن فلان ، أتذكر يوم قلت كذا وكذا . فيذكر بعض غدراته في الدنيا ، فيقول : يا رب أفلم تغفر لي . فيقول : بلى ، فسعة مغفرتي بلغت بك منزلتك هذه . فبينما هم على ذلك ، غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ، ويقول ربنا : قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم . فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ، ولم يخطر على القلوب ، فيجعل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيها ولا يشترى ، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا ، فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونه - وما فيهم دني - فيروعه ما يرى عليه من اللباس ، فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منه ، وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها ، ثم ننصرف إلى منازلنا ، فتتلقانا أزواجنا فيقلن : مرحبا وأهلا لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه . فيقول : إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار - جل جلاله - وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

باب في قوله تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}

عدل

الترمذي : حدثنا محمد بن بشار ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، ثنا حماد ابن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، عن النبي - - " في قوله تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : إن لكم عند الله موعدا . قالوا : ألم يبيض وجوهنا ، وينجينا من النار ، ويدخلنا الجنة ؟ قالوا : بلى . قال : فيكشف الحجاب ، قال : فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه " .

قال أبو عيسى : هذا حديث إنما أسنده حماد بن سلمة ورفعه ، وروى سليمان بن المغيرة هذا الحديث عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله .

باب ما جاء أن في الجنة سوقا

عدل

مسلم : حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد الجبار البصري ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك أن رسول الله - - قال : " إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة ، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقولون لهم أهلوهم : والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا " .

باب من صفة النار وصفة أهلها وما أعد الله لهم فيها

عدل

الترمذي : حدثنا أبو كريب ، ثنا عبدة بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، ثنا أبو سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - - قال : " لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل إلى الجنة ، فقال : انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . قال : فجاءها ونظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها ، قال : فرجع إليه ، قال : فوعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها . فأمر بها فحفت بالمكاره ، فقال : ارجع إليها فانظر ما أعددت لأهلها فيها . قال : فرجع إليها فإذا هي قد حفت بالمكاره ، فرجع إليه فقال : وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد . قال : فذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها . فإذا هي يركب بعضها بعضا ، فرجع إليه فقال : وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها . فأمر بها فحفت بالشهوات ، فقال : ارجع إليها . فرجع إليها فقال : وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

مسلم : حدثنا عمر بن حفص بن غياث ، ثنا أبي ، عن العلاء بن خالد الكاهلي ، عن شقيق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام ، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها " .

مسلم : حدثنا قتيبة ، ثنا المغيرة - يعني ابن عبد الرحمن الحزامي - عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم . قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله . قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها " .

الترمذي : حدثنا عباس بن محمد الدوري البغدادي ، ثنا يحيى بن أبي بكير ، ثنا شريك ، عن عاصم - هو ابن بهدلة - عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء مظلمة " .

روى هذا موقوفا ، قال أبو عيسى : وهو أصح - يعني : الموقوف - قال : ولا نعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك .

مسلم : حدثنا يحيى بن أيوب ، ثنا خلف بن خليفة ، ثنا يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : " كنا مع رسول الله - - إذ سمع وجبة ، فقال النبي - - : تدرون ما هذا ؟ قال : قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفا ، فهو يهوي في النار الآن حين انتهى إلى قعرها " .

الترمذي : حدثنا محمود بن غيلان ، ثنا أبو داود ، أنا شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس " أن رسول الله - - قرأ هذه الآية {اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} قال رسول الله - - : لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

الترمذي : حدثنا سويد ، أنا عبد الله ، عن سعيد بن يزيد أبي شجاع ، عن أبي السمح ، عن عيسى بن هلال الصدفي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - - : " لو أن رضاضة مثل هذه - وأشار إلى مثل الجمجمة - أرسلت من السماء إلى الأرض ، وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت إلى الأرض قبل الليل ، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها " .

قال أبو عيسى : هذا إسناد حسن صحيح .

قاسم بن أصبغ : أخبرنا محمد بن معاوية ، ثنا حفص بن محمد ، ثنا إسحاق ابن يسار ، ثنا أحمد بن صالح ، ثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله - - قال : " لو أن دلوا من غسلين يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا " .

وبهذا الإسناد ، عن رسول الله - - أنه قال : " ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره ، والصعود جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفا ، ثم يهوي كذلك أبدا " .

قال قاسم : وثنا محمد بن معاوية ، ثنا جعفر بن محمد ، ثنا يزيد - هو ابن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب - ثنا ابن وهب بهذا الإسناد أن رسول الله - - قال : " لو أن مقمعا من حديد وضع في الأرض ، فاجتمع الثقلان ما أقلوه من الأرض " .

وهذا الإسناد عن النبي - - قال : " لو ضرب بمقمع من حديد الجبل لتفتت ، فصار غبارا " .

الترمذي : حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " يخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران ، وأذنان تسمعان ، ولسان ينطق يقول : إني وكلت بثلاث : بكل جبار عنيد ، وكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح .

الترمذي : حدثنا سويد ، أخبرنا عبد الله ، عن سعيد بن يزيد أبي شجاع ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - - قال : " {وهم فيها كالحون} قال : تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، وأبو الهيثم اسمه سليمان ابن عمرو العتواري ، وكان يتيما في حجر أبي سعيد .

الترمذي : حدثنا سويد ، أخبرنا عبد الله ، أنا صفوان بن عمرو ، عن عبيد الله بن بسر ، عن أبي أمامة عن النبي - - " في قوله : {يسقى من ماء صديد ، بتجرعه} قال : يقرب إلى فيه فيكرهه ، فإذا أدني منه شوي وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره يقول الله : {وسقوا ماء حميما فقطع أمعاهم} ويقول : {وإن يستغيوثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب} " .

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب ، وهكذا قال محمد بن إسماعيل عن عبيد الله بن بسر ، ولا نعرف عبيد الله بن بسر إلا في هذا الحديث وقد روى صفوان بن عمرو عن عبد الله بن بسر صاحب النبي - - غير هذا الحديث .

الترمذي : حدثنا سويد ، أنا عبد الله ، أنا سعيد بن يزيد ، عن أبي السمح ، عن ابن حجيرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن الحميم ليصب على رءوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه ، فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ، ثم يعاد كما كان " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب ، ابن حجيرة هو عبد الرحمن بن حجيرة المصري .

مسلم : حدثني زهير بن حرب ، ثنا جرير ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أخا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار " .

مسلم : حدثنا عمرو الناقد ، ثنا يزيد بن هارون ، أنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - - : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم ، هل رأيت خيرا قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يا رب . ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال : يا ابن آدم ، هل رأيت بؤسا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله يا رب ، ما مر بي بؤس قط ، ولا رايت شدة قط " .

البزار : حدثنا محمد بن موسى القطان الواسطي ، ثنا عبد الرحيم بن هارون ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن شبيب ، عن جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن رسول الله - - إلا أبو هريرة ، ولا نعلم له طريقا غير هذا الطريق ، وهذا الحديث رواه عن هشام أبو عبيدة الحداد وعبد الرحيم ، ولم نسمعه إلا من محمد بن موسى ، عن عبد الرحيم ، وإنما يعرف هذا الحديث بأبي عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل .

مسلم : حدثنا سريج بن يونس ، ثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن الحسن ابن صالح ، عن هارون بن سعد ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - - : " ضرس الكافر - أو ناب الكافر - مثل أحد ، وغلظ جلده مسيرة ثلاث " .

مسلم : حدثنا أبو كريب وأحمد بن عمرو الوكيعي ، قالا : ثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة يرفعه قال : " ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاث للراكب المسرع " ولم يذكر الوكيعي : " في النار " .

الترمذي : حدثنا عباس الدوري ، ثنا عبيد الله بن موسى ، أنا شيبان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي - - قال : " إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا ، وإن ضرسه مثل أحد ، وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة " .

قال : هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش .

روى ابن أبي شيبة هذا الحديث قال فيه : " أربعون ذراعا بذراع الجبار " رواه عن عبيد الله بن موسى بإسناد الترمذي .

وروى الترمذي ، عن هناد بن السري ، عن علي بن مسهر ، عن الفضل بن يزيد ، عن أبي المخارق ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله - - : " إن الكافر ليسحب لسانه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه الناس " .

وقال : حديث غريب ، وأبو المخارق ليس بمعروف .

وأبو المخارق ذكره ابن أبي حاتم ، وقال : اسمه مغراء ، روى عن ابن عمر ، روى عنه : أبو إسحاق الهمداني ، والأعمش ، والحسن بن عبيد الله ، وليث بن أبي سليم ، ويونس بن أبي إسحاق . وقال البخاري : مغراء من بني عائذ أراه أبا المخارق ، روى عن ابن عمر ، روى عنه أبو إسحاق والليث والحسن ابن عبد الله .

مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا أبي ، ثنا شعبة ، عن أبي عمران الجوني ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - - قال : " يقول الله لأهون أهل النار عذابا : لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديا بها ؟ فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم آلا تشرك - أحسبه قال : ولا أدخلك النار - فأبيت إلا الشرك " .

البخاري : حدثني محمد بن بشار ، ثنا غندر ، ثنا شعبة بهذا الإسناد قال : " يقول الله - تبارك وتعالى - لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم : ألا تشرك بي شيئا ، فأبيت إلا أن تشرك بي " .

باب ذكر أهون أهل النار عذابا

عدل

مسلم : حدثنا عبيد الله بن عمر ومحمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن عبد الملك الأموي ، قالوا : ثنا أبو عوانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن العباس أنه قال : " يا رسول الله ، هل نفعت أبا طالب بشيء فإنه كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : نعم ، هو في ضحضاح من نار ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار " .

مسلم : ثنا ابن أبي عمر ، ثنا سفيان ، عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الله بن الحارث قال : سمعت العباس يقول : " قلت : يا رسول الله ، إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك ، فهل نفعه ذلك ؟ قال : نعم . وجدته في غمرات من النار ، فأخرجته إلى ضحضاح " .

مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أبو أسامة ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - - : " إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا ، وإنه لأهونهم عذابا " .

قال مسلم : وثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا ليث ، عن ابن الهاد ، عن عبد الله ابن خباب ، عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله - - ذكر عنده عمه أبو طالب ، فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه " .

مسلم : وحدثنا محمد بن مثنى وابن بشار - واللفظ لابن مثنى - قالا : ثنا محمد بن جعفر ، ثنا شعبة ، سمعت أبا إسحاق يقول : سمعت النعمان بن بشير يخطب ، وهو يقول : سمعت رسول الله - - يقول : " إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه " .

باب ذكر من أشد الناس عذابا

عدل

قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الترمذي ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله - - : " إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة : رجل قتل نبيا أو قتله بني ، أو مصور يصور التماثيل " .

باب أخذ النار من المعذبين على قدر أعمالهم

عدل

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا يونس بن محمد ، ثنا شيبان بن عبد الرحمن قال : قال قتادة : سمعت أبا نضرة يحدث ، عن سمرة ، أنه سمع النبي - - يقول : " إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه إلى عنقه " .

وحدثني عمرو بن زرارة ، أنا عبد الوهاب - يعني : ابن عطاء - عن سعيد ، عن قتادة بهذا الإسناد قال : " منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته " .

البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، ثنا الحجاج بن المنهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد عن النبي - - : " إن أهون أهل النار عذابا : رجل منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه مع أجزاء العذاب ، ومنهم من في النار إلى صدره مع أجزاء العذاب ، ومنهم من في النار إلى ترقوته مع أجزاء العذاب ، ومنهم من قد اغتمس فيها " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد إلا حماد بن سلمة .

باب ذكر الخلود

عدل

الترمذي : حدثنا قتيبة ، ثنا عبد العزيز بن محمد ، عن العلاء ، بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - - قال : " يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول : ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدون . فيمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاوير تصاويره ، ولصاحب النار ناره ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ، ويبقى المسلمون ، فيطلع عليهم رب العالمين ، فيقول : ألا تتبعون الناس ؟ فيقولون : نعوذ بالله منك ، نعوذ بالله منك ، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا . وهو يأمرهم ويثبتهم ، ثم يتوارى ، ثم يطلع فيقول : ألا تتبعون الناس ؟ فيقولون : نعوذ بالله منك ، نعوذ بالله منك ، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا . وهو يأمرهم ويثبتهم ، قالوا : وهل نراه يا رسول الله ؟ قال : وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى ، ثم يطلع ، فيعرفهم نفسه ، ثم يقول : أنا ربكم فاتبعوني . فيقول المسلمون ، ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه : سلم سلم ، ويبقى أهل النار فيطرح منهم فيها فوج ، ثم يقال : هل امتلأت ؟ فتقول : هل من مزيد ؟ ثم يطرح فيها فوج ،

فيقال : هل امتلأت ؟ فتقول : هل من مزيد ؟ حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمه فيها وأزوى بعضها إلى بعض ، ثم قال : قط . قالت : قط قط . فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، قال : أتي بالموت ملبيا ، فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، فيطلعون خائفين ، ثم يقال : يا أهل النار ، فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة ، فيقال لأهل الجنة وأهل النار : هل تعرفون هذا ؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء : قد عرفناه هذا الموت وكل بنا ، فيضجع فيذبح ذبحا على السور ، ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود لا يموت ، ويا أهل النار ، خلود لا موت " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب - وتقاربا في اللفظ - قالا : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - - : " يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح - زاد أبو كريب : فيوقف بين الجنة والنار ، واتفقا في الحديث - فيقال : يا أهل الجنة : هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ، فيقولون : نعم ، هذا الموت . ثم يقال : يا أهل النار ، هل تعرفون هذا ؟ قال : فيشربون وينظرون ويقولون : نعم ، هذا الموت . قال : فيؤمر

به فيذبح ، قال : ثم يقال : يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار ، خلود فلا موت . ثم قرأ رسول الله - - : {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون} وأشار بيده إلى الدنيا " .

مسلم : حدثنا زهير بن حرب وحسن الحلواني وعبد بن حميد ، قال عبد : أخبرني ، وقال الآخران : ثنا يعقوب - وهو ابن إبراهيم بن سعد - ثنا أبي ، عن صالح قال : ثنا نافع ، أن عبد الله قال : إن رسول الله - - قال : " يدخل الله أهل الجنة الجنة ، ويدخل أهل النار النار ، ثم يقوم مؤذن بينهم ، فيقول : يا أهل الجنة ، لا موت ، ويا أهل النار ، لا موت ، كل خالد فيما هو فيه " .

مسلم : وحدثني هارون بن سعيد الأيلي وحرملة بن يحيى ، قالا : ثنا ابن وهب ، ثنا عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن أباه حدثه ، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - - قال : " إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ، ثم ينادي مناد : يا أهل الجنة لا موت ، ويا أهل النار لا موت . فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ، ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم " .

الترمذي : حدثنا سفيان بن وكيع ، ثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد يرفعه قال : " إذا كان يوم القيامة أتي بالموت كالتيس الأملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، فيذبح وهم ينظرون ، فلو أن أحدا مات فرحا مات أهل الجنة ، ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار " .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .

البزار : حدثنا أحمد بن منصور ، ثنا عثمان بن حماد بن سلمة ، عن علي ابن زيد ، عن عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس بن مالك ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - - قال : " من كتب عليه الخلود لم يخرج منها . يعني من النار " .

علي بن زيد ضعفه البخاري وجماعة غيره ، وقال أبو بكر البزار : علي بن زيد ثقة مشهور بصري .

تم كتاب الحشر والجنة بحمد الله وعونه يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب القدر