كتاب الأم - المجلد الأول3

صفحة: 194

صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يؤمه

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى وإذا افتتح الرجل الصلاة لنفسه لا ينوي أن يؤم أحدا فجاءت جماعة أو واحد فصلوا بصلاته فصلاته مجزئه عنهم وهو لهم إمام ولا فرق بينه وبين الرجل ينوي أن يصلى لهم ولو لم يجز هذا لرجل لم يجز أن ينوى إمامة رجل أو نفر قليل بأعيانهم لا ينوي إمامة غيرهم ويأتى قوم كثيرون فيصلون معهم ولكن كل هذا جائز إن شاء الله تعالى وأسأل الله تعالى التوفيق

كراهية الإمامة

قال الشافعي: رحمه تعالي روى صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي قال يأتى قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم ولكم قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يبلغ به النبي قال الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فأرشد الأئمة واغفر للمؤذنين قال الشافعي: فيشبه قول رسول الله والله تعالى أعلم إن أتموا فصلوا في أول الوقت وجاءوا بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال التشهد والذكر فيها لأن هذه غاية التمام وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم وإلا فعليهم ترك الاختيار بعمد تركه ولكم ما نويتم منه فتركتموه لاتباعه بما أمرتم باتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم وإن كان غيره أفضل منه فعليهم التقصير في تأخير الصلاة عن أول الوقت والإتيان بأقل ما يكفيهم من قراءة وركوع وسجود دون أكمل ما يكون عنها وإنما عليكم إتباعهم فيما أجزأ عنكم وعليهم التقصير من غاية الإتمام والكمال ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فأما أن يتركوا ظاهرا أكثر الصلاة حتى يذهب الوقت أو لم يأتوا في الصلاة بما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم ولا ترك الصلاة حتى يمضى وقتها ولا صلاتها بما لا يجزيء فيها وعلى الناس أن يصلوا لأنفسهم أو جماعة مع غير من يصنع هذا ممن يصلى لهم فإن قال قائل ما دليل ما وصفت قيل قال الله تبارك وتعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ويقال نزلت في أمراء السرايا وأمروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم فيه أن يردوه إلى حكم الله عز وجل ثم حكم الرسول فحكم الله ثم رسوله صلى الله

صفحة : 195

عليه وسلم أن يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزيء به وقال رسول الله من أمركم من الولاية بغير طاعة الله فلا تطيعوه فإذا أخروا الصلاة حتى يخرج وقتها أو لم يأتوا فيها بما تكون به مجزئة عن المصلى فهذا من عظيم معاصي الله الذي أمر الله عز وجل أن ترد إلى الله والرسول وأمر رسول الله أن لا يطاع وال فيها وأحب الأذان لقول النبي اغفر للمؤذنين وأكره الإمامة للضمان وما على الامام فيها وإذا أم رجل انبغى له أن يتقى الله عز ذكره ويؤدي ما عليه في الإمامة فإذا فعل رجوت أن يكون خيرا حالا من غيره M0اعلى الإمام قال الشافعي: رحمه الله تعالى وروى من وجه عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله يقول لا يصلى الإمام بقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم ويروى عن عطاء بن أبي رباح مثله وكذلك أحب للامام فإن لم يفعل وأدى الصلاة في الوقت أجزأة وأجرأهم وعليه نقص في أن خص نفسه دونهم أو يدع المحافظة على الصلاة في أول الوقت بكمال الركوع والسجود

من أم قوما وهم له كارهون

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يقال لا تقبل صلاة من أم قوما وهم له كارهون ولا صلاة امرأة وزوجها غائب عنها ولا عبد آبق حتى يرجع ولم أحفظ من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله وإنما عنى به والله تعالى أعلم الرجل غير الوالى يؤم جماعة يكرهونه فأكره ذلك للإمام ولا بأس به على المأموم يعنى في هذا الحال لأن المأموم لم يحدث شيئا كره له وصلاة المأموم في هذه الحال مجزئة ولا أعلم على الإمام إعادة لأن إساءته في التقدم لا تمنعه من أداء الصلاة وإن خفت عليه في التقدم وكذلك المرأة يغيب عنها زوجها وكذلك العبد يأبق أخاف عليهم في أفعالهم وليست على واحد منهم إعادة صلاة صلاها في تلك الحال وكذلك الرجل يخرج يقطع الطريق ويشرب الخمر ويخرج في المعصية أخاف عليه في عمله وإذا صلى صلاة ففعلها في وقتها لم أوجب عليه أن يعيدها ولو تطوع بإعادتها إذا ترك ما كان فيه ما كرهت ذلك له وأكره للرجل أن يتولى قوما وهم له كارهون وإن وليهم والأكثر منهم لا يكرهونه والأقل منهم يكرهونه لم أكره ذلك له إلا من وجه كراهية الولاية جملة وذلك أنه لا يخلو أحد ولى قليلا أو كثيرا أن يكون فيهم من يكرهه وإنما النظر في هذا إلى العام الأكثر لا إلى الخاص الأقل وجملة هذا أنى أكره الولاية بكل حال فإن ولى رجل قوما فليس له أن يقبل ولايتهم حتى يكون محتملا لنفسه للولاية بكل حال آمنا عنده على

صفحة : 196

من وليه أن يحابيه وعدوه أن يحمل غير الحق عليه متيقظا لا يخدع عفيفا عما صار إليه من أموالهم وأحكامهم مؤديا للحق عليه فإن نقص واحدة من هذا لم يحل له أن يلى ولا لأحد عرفه أن يوليه وأحب مع هذا أن يكون حليما على الناس وإن لم يكن فكان لا يبلغ به غيظه أن يجاوز حقا ولا يتناول باطلا لم يضره لأن هذا طباع لا يملكه من نفسه ومتى ولي وهو كما أحب له فتغير وجب على الوالي عزله وعليه أن لا يلي له ولو تولي رجل أمر قوم أكثرهم له كارهون لم يكن عليه في ذلك مأثم إن شاء الله تعالى إلا أن يكون ترك الولاية خيرا له أحبوه أو كروه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا كان أحدكم يصلى بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان يصلى لنفسه فليطل ماشاء قال الشافعي: وروى عن الني قال كان أخف الناس صلاة على الناس وأطول الناس صلاة لنفسه قال الشافعي: روى شريك ابن عبد الله بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله قال الشافعي: وأحب للامام أن يخفف الصلاة ويكملها كما وصف أنس ومن حدث معه وتخفيفها وإكمالها مكتوب في كتاب قراءة الإمام في غير هذا الموضع وإن عجل الإمام عما أحببت من تمام الإكمال من التثقيل كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا على من خلفه إذا جاء بأقل ما عليه في الصلاة

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 197

باب صفة الأئمة وليس في التراجم

أخبرنا الربيع قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله قال قدموا قريشا مولا تقدوها وتعلموا منها ولا تعالموها أو تعلموها الشك من ابن أبي فديك قال الشافعي: رحمه اللع تعالى أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن حكيم ابن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز وابن شهاب يقولان قال رسول الله من أهان قريشا أهانه الله أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن أنه بلغه أن رسول الله قال لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز وجل قال الشافعي: أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار أن رسول الله قال لقريش أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا فتلحون كما تلحى هذه الجريدة يشير إلى جريدة في يده قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن سليم بن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري عن أبيه عن جده رفاعة أن رسول الله نادى أيها الناس حدثنا الشافعي قال أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن عبد الله ابن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي أن قتادة بن النعمان وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله مهلا يا قتادة لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا أو يأتى منها رجال تحتقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله قال الشافعي: أخبرني مسلم بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله قال في قريش شيئا من الخير لا أحفظه وقال شرار قريش خيار شرار الناس أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا

صفحة : 198

أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية حدثنا الشافعي قال حدثني عمي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرقي قال وقف رسول الله على ثنية تبوك فقال ما ههنا شام وأشار بيده إلى جهة الشام حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله فقال يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع الله عليها فاستقبل رسول الله القبلة ورفع يديه فقل الناس هلكت دوس فقال اللهم اهد وسا وات بهم حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراورد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله قال لولا الهجرة لكنت أمرءا من الأنصار ولو أن الناس سلكوا واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصارى أو شعبهم حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني قال حدثني ابن الغسيل عن رجل سماه عن أنس بن مالك أن رسول الله خرج في مرضه فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم وبقى الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم وقال غيره عن الحسن ما لم يكن فيه حد وقال الجرجاني في حديثه إن رسول الله قال اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار وقال في حديثه إن النبي حين خرج بهش إليه النساء والصبيان من الأنصار فرق لهم ثم خطب وقال هذه المقالة قال الشافعي: وحدثني بعض أهل العلم أن أبا بكر قال ما وجدت أنا لهذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنويا أبو أن يملونا ولو أن أمنا تلاقى الذي يلقون منا لملت هم خلطونا بالنفوس وألجئوا إلى حجرات أدفأت وأظلت جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت بنا بعلنا في الواطئين وزلت قال الربيع هذا البيت االأخير ليس في الحديث حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال ما من المهاجرين أحد إلا وللأنصار عليه منة ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا في

صفحة : 199

الثمار وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة أخبرنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سملة عن أبي هريرة أن رسول الله قال بينا أنا أنزع على بئر أستقى قال الشافعي: يعني في النوم ورؤيا الأنبياء وحي قال رسول الله فجاء ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفيهما ضعف والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فنزع حتى استحالت في يده غربا فضرب الناس بعطن فلم أر عبقريا يفرى فريه وزاد مسلم بن خالد فأروى الظمأة وضرب الناس بعطن قال الشافعي: وقوله وفي نزعه ضعف يعنى قصر مدته وعجلة موته وشغله بالحرب لأهل الردة عن الافتتاح والتزيد الذي بلغه عمر في طول مدته وقوله في عمر فاستحالت في ديه غربا والغرب الدلو العظيم الذي إنما تنزعه الدابة أو الزرنوق ولا ينزعه الرجل بيده لطول مدته وتزيده في الإسلام لم يزل يعظم أمره ومناصحته للمسلمين كما يمتح الدلو العظيم أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع فقالت يا رسول الله إن رجعت لم أجدك كأنها تعني الموت قال فأتى أبا بكر أخبرنا الشافعي قال حدثنا يحيى بن سليم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال ولينا أبو بكر خير خليفة الله أرحمه وأحناه عليه

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

صفحة : 200

صلاة المسافر يؤم المقيمين

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد ابن أسلم عن أبيه عن عمر بن قال الشافعي: وهكذا أحب للامام أن يصلى مسافرا أو مقيما ولا يوكل غيره ويأمر من وراءه من المقيمين أن يتموا إلا أن يكونوا قد فقهوا فيكتفى بفقههم إن شاء الله تعالى وإذا اجتمع مسافرون ومقيمون فإن كان الوالي من أحد الفريقين صلى بهم مسافرا كان أو مقيما وإن كان مقيما فأقام غيره فصلى بهم فأحب إلي أن يأمر مقيما ولا يولى الإمامة إلا من ليس له أن يقصر فإن أمر مسافرا كرهت ذلك له إذا كان يصلى خلفه مقيم ويبنى المقيم على صلاة المسافر ولا إعادة عليه فإن لم يكن فيهم وال فأحب إلي أن يؤمهم المقيم لتكون صلاتهم كلها بإمام ويؤخر المسافرون عن الجماعة وإكمال عدد الصلاة فإن قدموا مسافرا فأمهم أجزأ عنهم وبنى المقيمون على صلاة المسافر إذا قصر وإن أتم أجزأتهم صلاتهم وإن أم المسافر المقيمين فأتم الصلاة أجزأته وأجزأت من خلفه من المقيمين والمسافرين صلاتهم

ID ' ' جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 201

صلاة الرجل بالقوم لا يعرفونه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن قوما في سفر أو حضر أو غيره ائتموا برجل لا يعرفونه فأقام الصلاة أجزأت عنهم صلاتهم ولو شكوا أمسلم هو أو غير مسلم أجزأتهم صلاتهم وهو إذا أقام الصلاة إمام مسلم في الظاهر حتى يعلموا أنه ليس بمسلم ولو عرفوه بغير الإسلام وكانوا ممن يعرفونه المعرفة الذي الأغلب عليهم أن إسلامه لا يخفى عليه ولو أسلم فصلى فصلوا وراءه في مسجد جماعة أو صحراء لم تجزئهم صلاته معه إلا أن يسألوه فيقول أسلمت قبل الصلاة أو يعلمهم من يصدقون أنه مسلم قبل الصلاة وإذا أعلمهم أنه أسلم قبل الصلاة فصلاتهم مجزئه عنهم ولو صلوا معه على علمهم بشركة ولم يعلموا إسلامه قبل الصلاة ثم أعلمهم بعد الصلاة أنه أسلم قبلها لم تجزهم صلاتهم لأنهم لم يكن لهم الإئتمام به على معفرتهم بكفره وإن لم يعلموا إسلامه قبل ائتمامهم به وإذا صلوا مع رجل صلاة كثيرة ثم أعلمهم أنه غير مسلم أو علموا من غيره أعادوا كل صلاة صلوها خلفه وكذلك لو أسلم ثم ارتد عن الإسلام وصلوا معه في ردته قبل أن يرجع إلى الإسلام أعادوا كل صلاة صلوها معه

إمامة المرأة للرجال

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا وهكذا لو كان ممن صلى مع المرأة خنثى مشكل لم تجزه صلاته معها ولو صلى معها خنثى مشكل ولم يقض صلاته حتى بان أنه امرأة أحببت له أن يعيد الصلاة وحسبت أنه لا تجزئه صلاته لأنه لم يكن حين صلى معها ممن يجوز له أن يأتم بها

ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 202

إمامة المرأة وموقفها في الإمامة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن عمار الدهنى عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة أن أم سلمة أمتهن فقامت وسطا قال الشافعي: روى الليث عن عطاء عن عائشة أنه صلت بنسوة العصر فقامت في وسطهن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن صفوان قال إن من السنة أن تصلى المرأة بالنساء تقوم في وسطهن قال الشافعي: وكان على ابن الحسين يأمر جارية له تقوم بأهله في شهر رمضان وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان قال الشافعي: وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها وآمرها أن تقوم في وسط الصف وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن إلا أن تقوم المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن وأحب إلي أن لا يؤم النساء منهن إلا حرة لأنها تصلى متقنعة فإن أمت أمة متقنعة أو مكشوفة الرأس حرائر فصلاتها وصلاتهن مجزئة لأن هذا فرضها وهذا فرضهن وإمامة القاعد والناس خلفه قيام أكثر من إمامة أمة مكشوفة الرأس وحرائر متقنعات إمامة الأعمى قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى قال فجاءه رسول الله فقال أين تحب أن نصلى فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى قال الشافعي: وسمعت عددا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلى بالناس في عدد غزوات له

صفحة : 203

قال الشافعي: وأحب إمامة الأعمى والأعمى إذا سدد إلي القبلة إلى كان أحرى أن لا يلهو بشيء تراه عيناه ومن أم صحيحا كان أو أعمى فأقام الصلوات أجزأت صلاته ولا أختار M0ممة الأعمى على الصحيح لأن أكثر من جعله رسول الله إماما بصير ولا إمامة الصحيح على الأعمى لأن رسول الله كان يجد عددا من الأصحاء يأمرهم بالإمامة أكثر من عدد من أمر بها من العمي

إمامة العبد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عبيدالله بن أبي مليكة أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق قال وكان إمام بني محمد بن أبي بكر وعروة قال الشافعي: والاختيار أن يقدم أهل الفضل في الإمامة على ما وصفت وأن يقدم الأحرار على المماليك وليس بضيق أن يتقدم المملوك الأحرار إماما في مسجد جماعة ولا في طريق ولا في منزل ولا في جمعة ولا عيد ولا غيره من الصلوات فإن قال قائل كيف يؤم في الجمعة وليست عليه قيل ليست عليه على معنى ما ذهبت إليه إنما ليست عليه بضيق عليه أن يتخلف عنها كما ليس بضيق على خائف ولا مسافر وأي هؤلاء صلى الجمعة أجزأت عنه وبين أن كل واحد من هؤلاء إذا كان إذا حضر أجزأت عنه وهي ركعتا الظهر التي هي أربع فصلاها بأهلها أجزأت عنه وعنهم

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 204

إمامة الأعجمي

أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرنا عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال حسبت أنه قال في أعلى الوادي ههنا وفي الحج قال فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان قال أخره السور بن مخرمة وقدم غيره فلبغ عمر بن الخطاب فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة عرفه بذلك فقال المسور أنظرني يا أمير المؤمنين أن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج فخشيت أن يسمع بعض الحاج قراءته فيأخذ بعجمته فقال هنالك ذهبت بها فقلت نعم فقال قد أصبت قال الشافعي: وأحب ما صنع المسور وأقر له عمر من تأخير رجل أراد أن يؤم وليس بوال وتقديم غيره إذا كان الإمام أعجميا وكذلك إذا كان غير رضي في دينه ولا عالم بموضع الصلاة وأحب أن لا يتقدم أحد حتى يكون حافظا لما يقرأ فصيحا به وأكره إمامة من يلحن لأنه قد يحيل باللحن المعنى فإن أم أعجمي أو لحان فأفصح بأم القرآن أو لحن فيها لحنا لا يحيل معنى شيء منها أجزأته وأجزأتهم وإن لحن فيها لحنا يحيل معنى شيء منها لم تجز من خلفه صلاتهم وأجزأته إذا لم يحسن غيره كما يجزيه أن يصلى بلا قراءة إذا لم يحسن القراءة ومثل هذا إن لفظ منها بشيء بالأعجمية وهو لا يحسن غيره أجزأته صلاته ولم تجز من خلفه قرءوا معه أو لم يقرءوا وإذا ائتموا به فإن أقاما معا أم القرآن أو لحنا أو نطق أحدهما بالأعجمية أو لسان أعجمي في شيء من القرآن غيرها أجزأته ومن خلفه صلاتهم إذا كان أراد القراءة لما نطق به من عجمة ولحن فإن أراد به كلاما غير القراءة فسدت صلاته فإن ائتموا به فسدت صلاتهم وإن خرجوا من صلاته حين فسدت فقدموا غيره أو صلوا لأنفسهم فرادى أجزأتهم صلاتهم

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 205

إمامة ولد الزنا

أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه قال الشافعي: وأكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من صلى خلفه صلاتهم وتجزيه إن فعل وكذلك أكره إمامة الفاسق والمظهر البدع ومن صلى خلف واحد منهم أجزأته صلاته ولم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة

إمامة الصبي لم يبلغ

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا أم الغلام الذي لم يبلغ الذي يعقل الصلاة ويقرأ الرجال البالغين فإذا أقام الصلاة أجزأتهم إمامته والاختيار أن لا يؤم إلا بالغ وأن يكون الإمام البالغ عالما بما لعله يعرض له في الصلاة

إمامة من لا يحسن يقرأ ويزيد في القرآن

قال وإذا أم الأمي أو من لا يحسن أم القرآن وإن أحسن غيرها من القرآن ولم يحسن أم القرآن لم يجز الذي يحسن أم القرآن صلاته معه وإن أم من لا يحسن أن يقرأ أجزأت من لا يحسن يقرأ صلاته معه وإن كان الإمام لا يحسن أم القرآن ويحسن سبع آيات أو ثمان آيات ومن خلفه لا يحسن أم القرآن ويحسن من القرآن شيئا أكثر مما يحسن الإمام أجزأتهم صلاتهم معه لأن كلا لا يحسن أم القرآن والإمام يحسن ما يجزيه في صلاته إذا لم يحسن أم القرآن وإن أم رجل قوما يقرءون فلا يدرون أيحسن يقرأ أم لا فإذا هو لا يحسن بقرأ أم القرآن ويتكلم بسجاعة في القرآن لم تجزئهم صلاتهم وابتدءوا الصلاة عليهم إذا سجع ما ليس من القرآن أن يخرجوا من الصلاة خلفه وإنما جعلت ذلك عليهم وأن يبتدئوا صلاتهم أنه ليس يحسن القرآن وإن سجاعته كالدليل الظاهر على انه لا يحسن يقرأ فلم يكن لهم أن يكونوا في شيء من الصلاة معه ولو علموا أنه يحسن يقرأ فابتدوا الصلاة معه ثم سجع أحببت لهم أن يخرجوا من إمامته ويبتدئوا الصلاة فإن لم يفعلوا أو خرجوا حين سجع من صلاته فصلوا لأنفسهم أو قدموا غيره أجزأت عنهم كما تجزيء عنهم لوصلوا خلف من يحسن يقرأ فأفسد صلاته بكلام عمد أو عمل ولا تفسد صلاتهم فإفساد صلاته إذا كان لهم على الابتداء أن يصلوا معه وإذا صلى لهم من لا يدرون يحسن يقرأ أم لا صلاة لا يجهر فيها أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة احتياطا ولا يجب ذلك عليهم عندي لأن

صفحة : 206

الظاهر أن أحدا من المسلمين لا يتقدم قوما في صلاة إلا محسنا لما تجزيه به الصلاة إن شاء الله تعالى وإذا أمهم في صلاة يجهر فيها فلم يقرأ أعادوا الصلاة بترك القراءة ولو قال قد قرأت في نفسي فإن كانوا لا يعلمونه يحسن القراءة أحببت لهم أن يعيدوا الصلاة لأنهم لم يعلموا أنه يحسن يقرأ ولم يقرأ قراءة يسمعونها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار أن النبي كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار أن امكثوا ثم رجع وعلى جلده أثر الماء أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي مثل معناه أخبرنا الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي نحوه وقال إني كنت جنبا فنسيت أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي نحوه قال الشافعي: وبهذا نأخذ وهذا يشبه أحكام الإسلام لأن الناس إنما كلفوا في غيرهم الأغلب فيما يظهر لهم وأن مسلما لا يصلى إلا على طهارة فمن صلى خلف رجل ثم علم أن إمامه كان جنبا أو على غير وضوء وإن كانت امرأة أمت نساء ثم علمن أنها كانت حائضا أجزأت المأمومين من الرجال والنساء صلاتهم وأعاد الإمام صلاته ولو علم المأمومون من قبل أن يدخلوا في صلاته أنه على غير وضوء ثم صلوا معه لم تجزهم صلاتهم لأنه صلوا بصلاة من لا تجوز له الصلاة عالمين ولو دخلوا معه في الصلاة غير عالمين أنه على غير طهارة وعلموا قبل أن يكملوا الصلاة أنه على غير طهارة كان عليهم أن يتموا لأنفسهم وينوون الخروج من إمامته مع علمهم فتجوز صلاتهم فإن لم يفعلوا فأقاموا مؤتمين به بعد العلم أو غير ناوين الخروج من إمامته فسدت صلاتهم وكان عليهم استئنافها لأنهم قد ائتموا بصلاة من لا تجوز لهم الصلاة خلفه عالمين وإذا اختلف علمهم فعلمت طائفة وطائفة لم تعلم فصلاة الذين لم يعلموا أنه على غير طهارة جائزة وصلاة الذين علموا أنه على غير طهارة فأقاموا مؤتمين به غير جائزة ولو افتتح الإمام طاهرا ثم انتقضت طهارته فمضى على صلاته عامدا أو ناسيا كان هكذا وعمد الإمام ونسيانه سواء إلا

صفحة : 207

أنه يأثم بالعمد ولا يأثم بالنسيان إن شاء الله تعالى

إمامة الكافر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلا كافرا أم قوما مسلمين ولم يعلموا كفره أو يعلموا لم تجزهم صلاتهم ولم تكن صلاته إسلاما له إذا لم يكن تكلم بالإسلام قبل الصلاة ويعزر الكافر وقد أساء من صلى وراءه وهو يعلم أنه كافر ولو صلى رجل غريب بقوم ثم شكوا في صلاتهم فلم يدروا أكان كافرا أو مسلما لم تكن عليهم إعادة حتى يعلموا أنه كافر لأن الظاهر أن صلاته صلاة المسلمين لا تكون إلا من مسلم وليس من أم فعلم كفره مثل مسلم لم يعلم أنه غير طاهر لأن الكافر لا يكون إماما في حال والمؤمن يكون إماما في الأحوال كلها إلا أنه ليس له أن يصلى إلا طاهرا وهكذا لو كان رجل مسلم فارتد ثم أم وهو مرتد لم تجز من خلفه صلاته حتى يظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم فإذا أظهر التوبة بالكلام قبل إمامتهم أجزأتهم صلاتهم معه ولو كانت له حالان حال كان فيها مرتدا وحال كان فيها مسلما فأمهم فلم يدروا في أي الحالين أمهم أحببت أن يعيدوا ولا يجب ذلك عليهم حتى يعلموا أنه أمهم مرتدا ولو أن كافرا أسلم ثم أم قوما ثم جحد أن يكون أسلم فمن ائتم به بعد إسلامه وقبل جحده فصلاته جائزة ومن ائتم بعد جحده أن يكون أسلم لم تجزه صلاته حتى يجدد إسلامه ثم يؤمهم بعده

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

صفحة : 208

إمامة من لا يعقل الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا أم الرجل المسلم المجنون القوم فإن كان يجن ويفيق فأمهم في إفاقته فصلاته وصلاتهم مجزئة وإن أمهم وهو مغلوب على عقله لم يجزهم ولا إياه صلاتهم ولو أمهم وهو يعقل وعرض له أمر أذهب عقله فخرجوا من إمامته مكانهم صلوا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم وإن بنوا على الائتمام شيئا قل أو كثر معه بعد ما علموا أنه قد ذهب عقله لم تجزهم صلاتهم خلفه وإن أم سكران لا يعقل فمثل المجنون وإن أم شارب يعقل أجزأته الصلاة وأجزأت من صلى خلفه فإن أمهم وهو يعقل ثم غلب بسكر فمثل ما وصفت من المجنون لا يخالفه

موقف الإمام

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله في بيتنا وأم سليم خلفنا قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم بن دينار قال سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله فقال إما بقى من الناس أحد أعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى فلانه ولقد رأيت رسول الله حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر ثم ركع ثم نزل القهقري فسجد ثم صعد فقرأ ثم ركع ثم نزل القهقري ثم سجد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أنه أخبره أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله وأهله في طولها فنام رسول الله حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلى قال ابن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتبن ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح قال الشافعي: فما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة

صفحة : 209

وأنها كالإمامة في المكتوبة لا يختلفان ويدل على أن موقف الإمام أمام المأمومين منفردا والمأمومان فأكثر خلفه وإذا أم رجل برجلين فقام منفردا أمامهما وقاما صفا خلفه وإن كان موضع المأمومين رجال ونساء وخناثى مشكلون وقف الرجال يلون الإمام والخناثى خلف الرجال والنساء خلف الخناثى وكذلك لو لم يكن معه إلا خنثى مشكل واحد وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا واحدا أقام الإمام المأموم عن يمينه وإذا أم خنثى مشكلا أو امرأة قام كل واحد منهما خلفه لا بحذائه وإذا أم رجل رجلا فوقف المأموم عن يسار الإمام أو خلفه كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما وأجزأت صلاته وكذلك أن أم اثنين فوقفا عن يمينه ويساره أو عن يساره معا أو عن يمينه أو وقف أحدهما عن جنبه والآخر خلفه أو وقفا معا خلفه منفردين كل واحد منهما خلف الآخر كرهت ذلك لهما ولا إعادة على واحد منهما ولا سجود للسهو وإنما أجزت هذا لأن رسول الله أم ابن عباس فوقف إلى جنبه فإذا جاز أن يكون المأموم الواحد إلى جنب الإمام لم يفسد أن يكون إلى جنبه اثنان ولا جماعة ولا يفسد أن يكونوا عن يساره لأن كل ذلك إلى جنبه وإنما أجزت صلاة المنفرد وحده خلف الإمام لأن العجوز صلت منفردة خلف أنس وآخر معه وهما خلف النبي أمامهما قال أبو محمد رأيت النبي كأنه واقف على موضع مرتفع فوقفت خلفه وهو يصلى قائما فوقفت خلفه لأصلى معه فأخذني بيده فأوقفني عن يمينه فنظرت خلف ظهره الخاتم بين كتفيه يشبه الحاجب المقوس ونقط سواد في طرف الخاتم ونقط سواد في طرفه الآخر فقمت إليه فقبلت الخاتم ولو وقف بعض المأمومين أمام الإمام يأتم به أجزأت الإمام ومن صلى إلى جنبه أو خلفه صلاتهم ولم يجز ذلك من وقف أمام الإمام صلاته لأن السنة أن يكون الإمام أمام المأموم أو حذاءه لا خلفه وسواء قرب ذلك أو بعد من الإمام إذا كان المأموم أمام الإمام وكذلك لو صلى خلف الإمام صف في غير مكة فتعوج الصف حتى صار بعضهم أقرب إلى حد القبلة أو السترة ما كانت السترة من الإمام لم تجز الذي هو أقرب إلى القبلة منه صلاته وإن كان يرى صلاة الإمام ولو شك المأموم أهو أقرب إلى القبلة أو الإمام أحببت له أن يعيد ولا يتبين لي أن يعيد حتى يستيقن أنه كان أقرب إلى القبلة من الإمام ولو أم إمام بمكة وهم يصلون بها صفوفا مستديرة يستقبل كلهم إلى الكعبة من جهته كان عليهم والله تعالى أعلم عندي أن يصنعوا كما يصنعون في

صفحة : 210

الإمام وأن يجتهدوا حتى يتأخروا من كل جهة عن البيت تأخرا يكون في الإمام أقرب إلى البيت منهم وليس يبين لمن زال عن حد الامام وقربه من البيت عن الإمام إذا لم يتباين ذلك تباين الذين يصلون صفا واحدا مستقبلي جهة واحدة فيتحرون ذلك كما وصفت ولا يكون على واحد منهم أعادة صلاة حتى يعلم الذين يستقبلون وجه القبلة مع الإمام أن قد تقدموا الإمام وكانوا أقرب إلى البيت منه فإذا علموا أعادوا فأما الذين يستقبلون الكعبة كلها من غير جهتها فيجتهدون كما يصلون أن يكونوا أنأى عن البيت من الإمام فإن لم يفعلوا وعلموا أو بعضهم أنه أقرب إلى البيت من الإمام فلا إعادة عليه من قبل أنه والإمام وإن اجتمعا أن يكون واحد منهما يستقبل البت بجهته وكل واحد منهما في غير جهة صاحبه فإذا عقل المأموم صلاة الإمام أجزأته صلاته قال ولم يزل الناس يصلون مستديري الكعبة والإمام في وجهها ولم أعلمهم يتحفظون ولا أمروا بالتحفظ من أن يكون كل واحد منهم جهته من الكعبة غير جهة الإمام أو يكون أقرب إلى البيت منه وقلما يضبط هذا حول البيت إلا بالشيء المتباين جدا وهكذا لو صلى الإمام بالناس فوقف في ظهر الكعبة أو أحد جهتها غير وجهها لم يجز للذين يصلون من جهته إلا أن يكونوا خلفه فإن لم يعلموا أعادوا وأجزأ من صلى من غير جهته وإن صلى وهو أقرب إلى الكعبة منه والاختيار لهم أن يتحروا أن يكونوا خلفه ولو أن رجلا أم رجالا ونساء فقام النساء خلف الإمام والرجال خلفهن أو قام النساء حذاء الإمام فائتممن به والرجال إلى جنبهن كرهت ذلك للنساء والرجال والإمام ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا لأن ابن عيينة أخبرنا عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله يصلى صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازةقال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن مالك بن مغول عن عون بن جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه قال الشافعي: وإذا لم تفسد المرأة على الرجل المصلى أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه أو عن يساره أخرى أن لا تفسد عليه والخصى المجبوب أو غير المجبوب رجل يقف موقف الرجال في الصلاة ويؤم وتجوز شهادته ويرث ويورث ويثبت له سهم في القتال وعطاء في الفيء وإذا كان الخنثى مشكلا فصلي مع إمام وحده وقف خلفه وإن صلى مع جماعة وقف خلف صفوف الرجال وحده وأما صفوف النساء

صفحة : 211

صلاة الإمام قاعدا

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن محمد بن مطر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال الشافعي: وأمر رسول الله في حديث أنس ومن حدث معه في صلاة النبي أنه صلى بهم جالسا ومن خلفه جلوسا منسوخ بحديث عائشة أن رسول الله صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسا وصلوا خلفه قياما فهذا مع أنه سنة ناسخة معقول ألا ترى أن الإمام إذا لم يطق القيام صلى جالسا وكان ذلك فرضه وصلاة المأمومين غيره قياما إذا أطاقوه وعلى كل واحد منهم فرضه فكان الإمام يصلى فرضه قائما إذا أطاق وجالسا إذا لم يطق وكذلك يصلى مضطجعا وموميا إن لم يطق الركوع والسجود ويصلى المأمومون كما يطيقون فيصلى كل فرضه فتجزى كلا صلاته ولو صلى إمام مكتوبة بقوم جالسا وهو يطيق القيام ومن خلفه قياما كان الإمام مسيئا ولا تجزئه صلاته وأجزأت من خلفه لأنه لم يكلفوا أن يعلموا أنه يطيق القيام وكذلك لو كان يرى صحة بادية وجلدا ظاهر لأن الرجل قد يجد ما يخفى على الناس ولو علم بعضهم أنه يصلى جالسا من غير علة فصلي وراءه قائما أعاد لأنه صلى خلف من يعلم أن صلاته لا تجزي عنه ولو صلى أحد يطيق القيام خلف إمام قاعد فقعد معه لم تجز صلاته وكانت عليه الإعادة ولو صلى الإمام بعض الصلاة قاعدا ثم أطاق القيام كان عليه حين أطاق القيام أن يقوم في موضع القيام ولا يجزئه غير ذلك وإن لم يفعل فعليه أن يعيد تلك الصلاة وصلاة من خلفه تامة ولو افتتح الإمام الصلاة قائما ثم مرض حتى لا يطيق القيام كان له أن يجلس ليتم ما بقى من صلاته جالسا والمرأة تؤم النساء والرجل يؤم الرجال والنساء في هذا سواء وإن أمت أمة نساء فصلت مكشوفة الرأس أجزأتها وإياهن صلاتهن فإن عتقت فعليها أن تقنع فيما بقى من صلاتها ولو لم يفعل وهي عالمة أن قد عتقت وغير عالمة أعادت صلاتها تلك وكل صلاة صلتها مكشوفة الرأس

صفحة : 212

ومقام الإمام بينه وبين الناس مقصورة وغيرها

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أبي حازم قال سألوا سهل بن سعد عن منبر رسول الله من أي شيء هو وذكر الحديث أخبرنا ابن عيينة قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن همام قال صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفه فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود ألي قد نهى عن هذا قال حذيفة ألم ترني قد تابعتك قال الشافعي: وأختار للامام الذي يعلم من خلفه أن يصلى على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدون بركوعه وسجوده فإذا كان ما يصلى عليه منه متضايقا عنه إذا سجد أو متعاديا عليه كتضايق المنبر وتعاديه بارتفاع بعض درجه على بعض أن يرجع القهقري حتى يصير إلى الاستواء ثم يسجد ثم يعود إلى مقامه وإن كان متضايقا أو متعاديا أو كان يمكنه أن يرجع القهقري أو يتقدم فليتقدم أحب إلى لأن التقدم من شأن المصلين فإن استأخر فلا بأس وإن كان موضعه الذي يصلى عليه لا يتضايق إذا سجد ولا يتعادى سجد عليه ولا أحب أن يتقدم ولا يتأخر لأن النبي إنما رجع للسجود والله تعالى أعلم لتضايق المنبر وتعاديه وإن رجع القهقري أو تقدم أو مشى مشيا غير منحرف إلى القبلة متباينا أو مشى يسيرا من غير حاجة إلى ذلك كرهته له ولا تفسد صلاته ولا توجب عليه سجود سهو إذا لم يكن ذلك كثيرا متباعدا فإن كان كثيرا متباعدا فسدت صلاته وإن كان الإمام قد علم الناس مرة أحببت أن يصلى مستويا مع المأمومين لأنه لم يرو عن النبي أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة وكان مقامه فيما سواها بالأرض مع المأمومين فالاختيار أن يكون مساويا للناس ولو كان أرفع منهم أو أخفض لم تفسد صلاته ولا صلاتهم ولا بأس أن يصلى المأموم من فوق المسجد بصلاة الإمام في المسجد إذا كان يسمع صوته أو يرى بعض من خلفه فقد رأيت بعض المؤذنين يصلى على ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام فما علمت أن أحدا من أهل العلم عاب عليه ذلك وإن كنت قد علمت أن بعضهم أحب ذلك لهم لو أنهم هبطوا إلى المسجد قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا صالح مولى التوأمة أنه رأى أبا هريرة يصلى فوق ظهر المسجد الحرام بصلاة الإمام في المسجد قال الشافعي: وموقف المرأة إذا أمت النساء تقوم وسطهن فإن قامت متقدمة النساء لم تفسد

صفحة : 213

صلاتها ولا صلاتهن جميعا وهي فيما يفسد صلاتهن ولا يفسدها ويجوز لهن من المواقف ولا يجوز كالرجال لا يختلفن هن ولاهم قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول كان معاذ بن جبل يصلى مع النبي العشاء أو العتمة ثم يرجع فيصليها بقومه في بنى سلمة قال فأخر النبي العشاء ذات ليلة قال فصلى معه معاذ قال فرجع فأم قومه فقرأ بسورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فقالوا له أنا فقت قال لا ولكنى آتى رسول الله فأتاه فقال يا رسول الله إنك أخرت العشاء وإن معاذا صلى معك ثم رجع فأمنا فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت وصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدنا فأقبل النبي على معاذ فقال أفتان أنت يا معاذ أفتان أنت يا معاذ اقرأ بسورة كذا وسورة كذا قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا أبو الزبير عن جابر مثله وزاد فيه أن النبي قال اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والسماء والطارق ونحوها قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير يقول قال له اقرأ بسبح اسم ربك الأعلى والليل إذا يغشى والسماء والطارق فقال عمرو هو هذا أو نحوه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد قال أخبرني ابن جريج عن عمرو عن جابر قال كان معاذ يصلى مع النبي العشاء ثم ينطلق إلى قومه فيصليها لهم أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيدالله بن مقسم عن جابر بن عبد الله أن معاذ بن جبل كان يصلى مع رسول الله العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلى لهم العشاء وهي له نافلة أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله كان يصلى بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى لهم ركعتين ثم سلم قال الشافعي: والآخرة من هاتين للنبي نافلة وللآخرين فريضة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال وإن أدركت العصر بعد ذلك ولم تصل الظهر فاجعل التي أدركت مع الإمام الظهر وصل العصر بعد

صفحة : 214

ذلك قال ابن جريج قال عطاء بعد ذلك وهو يخبر ذلك وقد كان يقال ذلك إذا أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل الذي أدركت مع الإمام الظهر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن عطاء كانت تفوته العتمة فيأتى والناس في القيام فيصلى معهم ركعتين ويبنى عليها ركعتين وأنه رآه يفعل ذلك ويعتد به من العتمة قال الشافعي: أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال عطاء من نسى العصر فذكر أنه لم يصلها وهو في المغرب فليجعلها العصر فإن ذكرها بعد أن صلى المغرب فليصل العصر وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وعن رجل آخر من الأنصار مثل هذا المعنى ويروى عن أبي الدرداء وابن عباس قريبا منه وكان وهب بن منبه والحسن وأبو رجاء العطاردي يقولون جاء قوم إلى أبي رجاء العطاردي يريدون أن يصلوا الظهر فوجدوه صلى فقالوا ما جئنا إلا لنصلى معك فقال لا أخيبكم ثم قام فصلى بهم ذكر ذلك أبو قطن عن أبي خلدة عن أبي رجاء العطاردي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال إنسان لطاوس وجدت الناس في القيام فجعلتها العشاء الآخرة قال أصبت قال الشافعي: وكل هذا جائز بالسنة وما ذكرنا ثم القياس ونية كل مصل نية نفسه لا يفسدها عليه أن يخالفها نية غيره وإن أمه ألا ترى أن الإمام يكون مسافرا ينوي ركعتين فيجوز أن يصلى وراءه مقيم بنيته وفرضه أربع أولا ترى أن الإمام يسبق الرجل بثلاث ركعات ويكون في الآخرة فيجزي الرجل أن يصليها معه وهي أول صلاته أو لا ترى أن الإمام ينوي المكتوبة فإذا نوى من خلفه أن يصلى نافلة أو نذرا عليه ولم ينو المكتوبة يجزى عنه أو لا ترى أن الرجل بفلاة يصلى فيصلى بصلاته فتجزئه صلاته ولا يدري لعل المصلي صلى نافلة أو لا ترى أنا نفسد صلاة الإمام ونتم صلاة من خلفه ونفسد صلاة من خلفه ونتم صلاته وإذا لم تفسد صلاة المأموم بفساد صلاة الإمام كانت نية الإمام إذا خالفت نية المأموم أولى أن لا تفسد عليه وإن فيما وصفت من ثبوت سنة رسول الله الكفاية من كل ما ذكرت وإذا صلى الإمام نافلة فائتم به رجل في وقت يجوز له فيه أن يصلى على الانفراد فريضة ونوى الفريضة فهي له فريضة كما إذا صلى الإمام فريضة ونوى المأموم نافلة كانت للمأموم نافلة لا يختلف ذلك وهكذا إن

صفحة : 215

أدرك الإمام في العصر وقد فاتته الظهر فنوى بصلاته الظهر كانت له ظهر او يصلى بعدها العصر وأحب إلي من هذا كله أن لا يأتم رجل إلا في صلاة مفروضة يبتدئانها معا وتكون نيتهما في صلاة واحدة

خروج الرجل من صلاة الإمام

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا ائتم الرجل بإمام فصلى معه ركعة أو افتتح معه ولم يكمل الإمام الركعة أو صلى أكثر من ركعة فلم يكمل الإمام صلاته حتى فسدت عليه استأنف صلاته وإن كان مسافرا والإمام مقيما فعليه أن يقضي صلاة مقيم لأن عدد صلاة الإمام لزمه وإن صلى به الإمام شيئا من الصلاة ثم خرج المأموم من صلاة الإمام بغير قطع من الإمام للصلاة ولا عذر للمأموم كرهت ذلك له وأحببت أن يستأنف احتياطا فإن بنى على صلاة لنفسه منفردا لم يبن لي أن يعيد الصلاة من قبل أن الرجل خرج من صلاته مع معاذ بعد ما افتتح الصلاة معه صلى لنفسه فلم نعلم أن النبي أمره بالإعادة

الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلى للناس فقال نعم فصلى أبو بكر وجاء رسول الله والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله فأشار إليه رسول الله أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يده فحمد الله على ما أمره رسول الله من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله فصلى بالناس فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلى بين يدي رسول الله ص ثم قال رسول الله مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء قال الشافعي: أخبرنا مالك عن إسمعيل بن أبي حكيم عن عطاء ابن يسار أن رسول الله كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار بيده أن امكثوا ثم رجع رسول الله صلى الله

صفحة : 216

عليه وسلم وعلى جلده أثر الماء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود ابن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي بمثل معناه قال الشافعي: والاختيار إذا أحدث الإمام حدثا لا يجوز له معه الصلاة من رعاف أو انتقاض وضوء أو غيره فإن كان مضى من صلاة الإمام شيء ركعة أو أكثر أن يصلى القوم فرادى لا يقدمون أحدا وإن قدموا أو قدم إمام رجلا فأتم لهم ما بقى من الصلاة أجزأتهم صلاتهم وكذلك لو أحدث الإمام الثاني والثالث والرابع وكذلك لو قدم الإمام الثاني أو الثالث بعض من في الصلاة أو تقدم بنفسه ولم يقدمه الإمام فسواء وتجزيهم صلاتهم في ذلك كله لأن أبا بكر قد افتتح للناس الصلاة ثم استأخر فتقدم رسول الله فصار أبو بكر مأموما بعد أن كان إماما وصار الناس يصلون مع أبي بكر بصلاة رسول الله وقد افتتحوا بصلاة أبي بكر وهكذا لو استأخر الإمام من غير حدث وتقدم غيره أجزأت من خلفه صلاتهم واختار أن لا يفعل هذا الإمام وليس أحد في هذا كرسول الله وإن فعله وصلى من خلفه بصلاته فصلاتهم جائزة مجزية عنهم وأحب إذا جاء الإمام وقد افتتح الصلاة غيره أن يصلى خلف المتقدم إن تقدم بأمره أو لم يتقدم قد صلى رسول الله خلف عبد الرحمن بن عوف في سفره إلى تبوك فإن قيل فهل يخالف هذا استئخار أبي بكر وتقدم النبي قيل هذا مباح وللامام أن يفعل أي هذا شاء والاختيار أن يأتم الإمام بالذي يفتتح الصلاة ولو أن إماما كبر وقرأ أو لم يقرأ إلا أنه لم يركع حتى ذكر أنه على غير طهارة كان مخرجه أو وضوؤه أو غسله قريبا فلا بأس أن يقف الناس في صلاتهم حتى يتوضأ ويرجع ويستأنف ويتمون هم لأنفسهم كما فعل رسول الله حين ذكر أنه جنب فانتظره القوم فاستأنف لنفسه لأنه لا يعتد بتكبيره وهو جنب ويتمون لأنفسهم لأنهم لو خرجوا من صلاته صلوا لأنفسهم بذلك التكبير فإن كان خروجه متباعدا وطهارته تثقل صلوا لأنفسه بذلك التكبير لو أشار إليهم أن ينتظروه وكلمهم بذلك كلاما فخالفوه وصلوا لأنفسهم أو قدموا غيره أجزأتهم صلاتهم والاختيار عندي والله تعالى أعلم للمأمومين إذا فسدت على الإمام صلاته أن يتموا فرادى ولو أن إماما صلى ركعة ثم ذكر أنه جنب فخرج

صفحة : 217

فاغتسل وانتظره القوم فرجع فبنى على الركعة فسدت عليهم صلاتهم لأنهم يأتمون به وهم عالمون أن صلاته فاسدة لأنه ليس له أن يبنى على صلاها جنبا ولو علم ذلك بعضهم ولم يعلمه بعض فسدت صلاة من علم ولم تفسد صلاة من لم يعلم قال الشافعي: وإذا أم الرجل القوم فذكر أنه على غير طهر أو انتقضت طهارته فانصرف فقدم آخر أو لم يقدمه فقدمه بعض المصلين خلفه أو تقدم هو متطوعا بنى على صلاة الإمام وإن اختلف من خلف الإمام فقدم بعضهم رجلا وقدم آخرون غيره فأيهما تقدم أجزأهم أن يصلوا خلفه وكذلك إن تقدم غيرهما ولو أن إماما صلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا قد فاتته تلك الركعة مع الإمام أو أكثر فإن كان المتقدم كبر مع الإمام قبل أن يحدث الامام مؤتما بالإمام فصلى الركعة التي بقيت على الإمام وجلس في مثنى الإمام ثم صلى الركعتين الباقيتين على الإمام وتشهد فإذا أراد السلام قدم رجلا لم يفته شيء من صلاة الإمام فسلم بهم وإن لم يفعل سلموا هم لأنفسهم آخرا وقام هو فقضى الركعة التي بقيت عليه ولو سلم هو بهم ساهيا وسلموا لأنفسهم أجزأتهم صلاتهم وبنى هو لنفسه وسجد للسهو وإن سلم عامدا ذاكرا لأنه لم يكمل الصلاة فسدت صلاته وقدموا هم رجلا فسلم بهم أو سلموا لأنفسهم أي ذلك فعلوا أجزأتهم صلاتهم ولو قام بهم فقاموا وراءه ساهين ثم ذكروا قبل أن يركعوا كان عليهم أن يرجعوا فيتشهدوا ثم يسلموا لأنفسهم أو يسلم بهم غيره ولو اتبعوه فذكروا رجعوا جلوسا ولم يسجدوا وكذلك لو سجدوا إحدى السجدتين ولم يسجدوا الأخرى أو ذكروا وهم سجود قطعوا السجود على أي حال ذكروا أنهم زائدون على الصلاة وهم فيها فارقوا تلك الحال إلى التشهد ثم سجدوا للسهو وسلموا ولو فعل هذا بعضهم وهو ذاكر لصلاته عالم بأنه لم يكمل عددها فسدت عليه صلاته لأنه عمد الخروج من فريضة إلى صلاة نافلة قبل التسليم من الفريضة ولا خروج من صلاة إلا بسلام قال أبو يعقوب البويطي ومن أحرم جنبا بقوم ثم ذكر فخرج فتوضأ ورجع لم يجز له أن يؤمهم لأن الإمام حينئذ إنما يكبر للافتتاح وقد تقدم ذلك إحرام القوم وكل مأموم أحرم قبل إمامه فصلاته باطلة لقول النبي فإذا كبر فكبروا وليس كالمأموم يكبر خلف الإمام في آخر صلاة الإمام وقد كبر قوم خلف الإمام في أول صلاة الإمام فيحدث الإمام فيقدم الذي أحرم معه في آخر صلاته وقد تقدم إحرامه إحرم من أدرك أول صلاة الإمام من هذا بسبيل قال الشافعي: من أحرم قبل الإمام فصلاته باطلة

صفحة : 218

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلين وقفا ليكون كل واحد منهما إماما لمن خلفه ولا يأتم واحد منهما بصاحبه كان أحدهما إمام الآخر أو بحذائه قريبا أو بعيدا منه فصلى خلفهما ناس يأتمون بهما معا لا بأحدهما دون الآخر كانت صلاة من صلى خلفهما معا فاسدة لأنهم لم يفردوا النية في الائتمام بأحدهما دون الآخر ألا ترى أن أحدهما لو ركع قبل الآخر فركعوا بركوعه كانوا خارجين بالفعل دون النية من إمامة الآخر إلى غير صلاة أنفسهم ولا إمام أحدثوه لم يكن لهم إماما قبل إحداثهم ولو أن الذي أخر الركوع الأول قدم الركوع الثاني فائتموا به كانوا قد خرجوا بالفعل دون النية من إمامته أولا ومن إمامة الذي قدم الركوع الأول بعده ولو ائتموا بهما معا ثم لم ينووا الخروج من إمامتهما معا والصلاة لأنفسهم لم تجزهم صلاتهم لأنهم افتتحوا الصلاة بإمامين في وقت واحد وليس ذلك لهم فإن قيل فقد ائتم أبو بكر بالنبي والناس بأبي بكر قيل الإمام رسول الله وأبو بكر مأموم علم بصلاة رسول الله لأن رسول الله كان جالسا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائما يرى ويسمع ولو ائتم رجل برجل وائتم الناس بالمأموم لم تجزهم صلاتهم لأنه لا يصلح أن يكون إماما مأموما إنما الإمام الذي يركع ويسجد بركوع نفسه وسجوده لا بركوع غيره وسجوده ولو أن رجلا رأى رجلين معا واقفين معا فنوى أن يأتم بأحدهما لا بعينه فصليا صلاة واحدة لم تجزه صلاته لأنه لم ينو ائتماما بأحدهما بعينه وكذلك لو صليا منفردين فائتم بأحدهما لم تجزه صلاته لأنه لم ينو الائتمام بالذي صلى بصلاته بعينه ولا تجزئه صلاة خلف إمام حتى يفرد النية في إمام واحد فإذا أفردها في إمام واحد أجزأته وإن لم يعرفه بعينه ولم يره إذا لم تكن نيته مشتركة بين امامين أو مشكوكا فيها في أحد الإمامين

ID ' ' هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 219

ائتمام الرجلين أحدهما بالآخر وشكهما

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولو أن رجلين صليا معا فائتم أحدهما بالآخر كانت صلاتهما مجزئة ولو صليا معا وعلما أن أحدهما ائتم بالآخر وشكا معا فلم يدريا أيهما كان إمام صاحبه كان عليهما معا أن يعيدا الصلاة لأن على المأموم غير ما على الإمام في الصلاة وكذلك على الإمام غير ما على المأموم ولو شك أحدهما ولم يشك الآخر أعاد الذي شك وأجزأ الذي لم يشك صلاته ولو صدق الذي شك لم يشك كانت عليه الإعادة وكل ما كلف علمه في نفسه من عدد الصلاة لم يجزه فيه إلا علم نفسه لا علم غيره ولو شك فذكره رجل فذكر ذلك على نفسه لم تكن عليه إعادة لأنه يدع الإعادة الآن بعلم نفسه لا بعلم غيره ولو كانوا ثلاثة أو أكثر فعلموا أن قد صلوا بصلاة أحدهم وشك كل واحد منهم أكان الإمام أو المأموم أعادوا معا ولو شك بعضهم ولم يشك بعضهم أعاد الذين شكوا ولم يعد الذين لم يشكوا وكانت كالمسألة قبلها وكذلك لو كثر عددهم

باب المسبوق

وليس في التراجم وفيه نصوص فمنها في باب القول في الركوع الذي سبق في تراجم الصلاة وهو قوله رضي الله عنه ولو أن رجلا أدرك الإمام راكعا فركع قبل أن يرفع الإمام ظهره من الركوع اعتد بتلك الركعة ولو لم يركع حتى رفع الإمام ظهره من الركوع لم يعتد بتلك الركعة ولا يعتد بها حتى يصير راكعا والإمام راكع بحاله ولو ركع الإمام فاطمأن راكعا ثم رفع رأسه من الركوع فاستوى قائما أو لم يستو إلا أنه قد زايل الركوع إلى حال لا يكون فيها تام الركوع ثم عاد فركع ليسبح فأدركه رجل في هذه الحال راكعا فركع معه لم يعتد بهذه الركعة لأن الإمام قد أكمل الركوع أولا وهذا ركوع لا يعتد به من الصلاة قال الربيع وفيه قول آخر أنه إذا ركع ولم يسبح ثم رفع رأسه ثم عاد فركع ليسبح فقد بطلت صلاته لأن ركوعه الأول كان تاما وإن لم يسبح فلما عاد فركع ركعة أخرى فيها كان قد زاد في الصلاة ركعة عامدا فبطلت صلاته بهذا المعنى ومن النصوص في المسبوق ما ذكره في باب الصلاة من اختلاف العراقيين وإذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ثم لم يركع حتى رفع الإمام رأسه من الركوع فإن أبا حنيفة كان يقول يسجد معه ولا يعتد بتلك الركعة أخبرنا بذلك عن الحسن عن الحكم عن إبراهيم وبه يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول يركع ويسجد ويحتسب بذلك من صلاته

صفحة : 220

قال الشافعي: ومن أدرك الإمام راكعا فكبر ولم يركع حتى رفع الإمام رأسه سجد مع الإمام ولم يعتد بذلك السجود لأنه لم يدرك ركوعه ولو ركع بعد رفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك الركعة لأنه لم يدركها مع الإمام ولم يقرأ لها فيكون صلى لنفسه بقراءة ولا صلى مع الإمام فيما أدرك مع الإمام ومنها في مختصر البويطي في باب الرجل يسبقه الإمام ببعض الصلاة قال الشافعي: ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة لم يقم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين هذا نصه في البويطي وفي جمع الجوامع في باب من سبقه الإمام بشيء حكى هذا الكلام أولا ولم ينسبه للبويطي ثم نقل عن الشافعي رضي الله عنه أنه قال وأحب لو مكث قليلا قدر ما يعلم أنه لو كان عليه سهو سجد فسجد معه ومن دخل المسجد فوجد الإمام جالسا في الركعة الآخرة فليحرم قائما وليجلس معه فإذا سلم قام بلا تكبير فقضى صلاته وإذا أدرك الإمام في الركعة فليقم إذا فرغ الإمام من صلاته بغير تكبير فإن أدركه في الثنتين فليجلس معه فإذا أراد أن يكون بعد فراغ الإمام من الركعتين الآخرتين لقضاء ما عليه فليقم بتكبير ومن كان خلف الإمام قد سبقه بركعة فسمع نغمة فظن أن الإمام قد سلم فقضى الركعة التي بقيت عليه وجلس فسمع سلام الإمام فهذا سهو تحمله الإمام عنه ولا يعتد بها ويقضى الركعة التي عليه ولا يشبه هذا الذي خرج من صلاة فعاد فقضى لنفسه فإن سلم الإمام وهو راكع أو ساجد ألغى جميع ما عمل قبل سلام الإمام وابتدأ ركعة ثانية بقراءتها وركوعها وسجودها بعد سلام الإمام قاله في رواية البويطي وابن أبي الجارود وأحب لمن خلف الإمام أن لا يسبقه بركوع ولا سجود ولا عمل فإن كان فعل فركع الإمام وهو راكع أو ساجد فذلك مجزيء عنه وإن سبقه فركع أو سجد ثم رفع قبله فقال بعض الناس يعود فيركع بعد ركوعه وسجوده حتى يكون إما راكعا وإما ساجدا معه وإما متبعا لا يجزئه إذا ائتم به في عمل الصلاة إلا ذلك وقال في كتاب استقبال القبلة وإن رفع رأسه قبل الإمام فأحب إلي أن يعود فإن لم يفعل كرهته واعتد بتلك الركعة وقال في الإملاء وإذا ترك أن يركع ويسجد مع الإمام فإن كان وراءه يعتد بتلك الركعة إذا ائتم به وإن سبقه الإمام بذلك فلا بأس أن يضع رأسه ساجدا ويقيم راكعا بعد ما سبقه الامام إذا كان في واحدة منهما مع الامام وإن قام قبله عاد حتى يقعد بقدر ما سبقه الامام بالقيام فإن لم يفعل وقد جلس وكان في بعض السجود والركوع معه فهو كمن ركع وسجد ثم رفع قبله فذلك يجزيء عنه وقد أساء في ذلك كله وإذا دخل مع الامام وقد سبقه بركعة فصلى الإمام خمسا ساهيا

صفحة : 221

واتبعه هو ولا يدرى أنه سها أجزأت المأموم صلاته لأنه قد صلى أربعا وإن سبقه وهو يعلم أنه قد سها بطلت صلاته وما أدرك مع الإمام فهو أول صلاته لا يجوز لأحد أن يقول عندي خلاف ذلك وإن فاتته مع الامام ركعتان من الظهر وأدرك الركعتين الأخيرتين صلاهما مع الإمام فقرأ بأم القرآن وسورة إن أمكنه ذلك وإن لم يمكنه قرأ ما أمكنه وإذا قام قضى ركعتين فقرأ في كل واحدة منها بأم القرآن وسورة وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه وإن فاتته ركعة من المغرب وصلى ركعتين قضى ركعة بأم القرآن وسورة ولم يجهر وإن أدرك منها ركعة قام فجهر في الثانية وهي الأولى من قضائه ولم يجهر في الثالثة وقرأ فيها بأم القرآن سورة هذا آخر ما نقله في جمع الجوامع من النصوص وظاهر هذا النص أن من أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة أتى بالثانية بعد سلام الإمام جهرا كما في الصبح وهكذا في العيد والاستسقاء وخسوف القمر وإنما يتوقف في الجواب في الجمعة بذلك لأنها لا تسوغ للمنفرد وهذا قد صار منفردا بخلاف الصبح ونحوها ولم تشرع للمنفرد وهذا التوقف ليس بمعتبر من أن حكم الجمعة ثابت له وانفراده بهذه الحالة لا يصيرها ظهرا وقد نص في الأم في صلاة الخوف في ترجمة تقدم الإمام في صلاة الخوف على شيء يدل على أن المسبوق يجهر في الركعة الثانية فقال في أواخر الترجمة المذكورة وإن كان خوف يوم الجمعة وكان محروسا إذا خطب بطائفة وحضرت معه طائفة الخطبة ثم صلى بالطائفة التي حضرت الخطبة ركعة وثبت قائما فأتموا لأنفسهم بقراءة يجهرون فيها ثم وقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة التي لم تصل فصلت معه الركعة التي بقيت عليه من الجمعة وثبت جالسا فأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم فقد صرح الشافعي بأن الطائفة الأولى تتم لأنفسها الركعة الباقية بقراءة يجهرون فيها وقد صرح بذلك القاضي أبو الطيب في تعليقه فقال يصلون لأنفسهم ركعة يجهرون فيها بالقراءة لأن حكم المنفرد في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة كحكم الإمام في الركعة الثانية ولم يتعرض الشافعي لجهر الفرقة الثانية في الركعة الثانية لأنها في حكم القدوة ومن كان مقتديا فإنه يسر وبذلك صرح القاضي أبو الطيب وغيره فإن قيل إنما جهرت الفرقة الأولى من الركعة الثانية لبقاء حكم الجمعة بالنسبة إلى الإمام بخلاف المسبوق قلنا هذا تخيل له وجه ولكن الأرجح أنه لا فرق لأنهم منفردون في هذه الحالة كالمسبوق وقد نقل هذا النص عن الأمام الشيخ أبو حامد وغيره ولم يتعرضوا للجهر الذي ذكرناه وتعرض له ابن الصباغ في الشامل بعد نقل النص المذكور وفي اختلاف العراقيين في أول باب الصلاة وإذا أتى الرجل إلى الإمام في أيام التشريق وقد سبقه

صفحة : 222

بركعة فسلم الإمام عند فراغه فإن أبا حنيفة كان يقول يقوم الرجل فيقضي ولا يكبر معه لأن التكبير ليس من الصلاة إنما هو بعدها وبه يأخذ يعني أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول يكبر ثم يقوم فيقضى قال الشافعي: وإذا سبق الرجل بشيء من الصلاة في أيام التشريق فسلم الإمام فكبر لم يكبر المسبوق بشيء من الصلاة وقضى الذي عليه فإذا سلم كبر وذلك أن التكبير أيام التشريق ليس من الصلاة إنما هو ذكر بعدها وإنما يتبع الإمام فيما كان من الصلاة وهذا ليس من الصلاة

باب صلاة المسافر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا الآية قال فكان بينا في كتاب الله تعالى أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان قوله لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة رخصة لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحال وكما كان قوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم يريد والله تعالى أعلم أن تتجروا في الحج لا أن حتما عليهم أن يتجروا وكما كان قوله فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن وكما كان قوله ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم الآية لا إن حتما عليهم أن يأكلوا من بيوتهم ولا بيوت غيرهم قال الشافعي: والقصر في الخوف والسفر بالكتاب ثم بالسنة والقصر في السفر بلا خوف سنة والكتاب يدل على أن القصر في السفر بلا خوف رخصة من الله عز وجل لا أن حتما عليهم أن يقصروا كما كان ذلك في الخوف والسفر أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن يعلي بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب إنما قال الله عز وجل أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فقد أمن الناس فقال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته أخبرنا إبراهيم بن محمد عن طلحة ابن عمرو عن عطاء عن عائشة قالت كل ذلك قد فعل رسول اله قصر الصلاة في السفر وأتم

صفحة : 223

أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال قال رسول الله خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وأفطروا أو قال لم يصوموا قال فالاختيار والذي أفعل مسافرا وأحب أن يفعل قصر الصلاة في الخوف والسفر وفي السفر بلا خوف ومن أتم الصلاة فيهما لم تفسد عليه صلاته جلس في مثنى قدر التشهد أو لم يجلس وأكره ترك القصر وأنهى عنه إذا كان رغبة عن السنة فيه وأكره ترك المسح على الخفين رغبة عن السنة فيه ومن ترك المسح على الخفين غير رغبة عن السنة لم أكره له ذلك قال ولا اختلاف أن القصر إنما هو في ثلاث صلوات الظهر والعصر والعشاء وذلك أنهن أربع فيصليهن ركعتين ركعتين ولا قصر في المغرب ولا الصبح ومن سعة لسان العرب أن يكون أريد بالقصر بعض الصلاة دون بعض وإن كان مخرج الكلام فيها عاما فإن قال قائل قد كره بعض الناس أن أتم بعض أمرائهم بمنى قيل الكراهية وجهان فإن كانوا كرهوا ذلك اختيارا للقصر لأنه السنة فكذلك نقول ونختار السنة في القصر وإن كرهوا ذلك أن قاصرا قصر لأنه لا يرى القصر إلا في خوف وقد قصر النبي في غير خوف فهكذا قلنا نكره ترك شيء من السنن رغبة عنها ولا يجوز أن يكون أحد ممن مضى والله تعالى أعلم كره ذلك إلا على أن يترك رغبة عنه فإن قيل فما دل على ذلك قيل صلاتهم مع من أتم أربعا وإذا صلوا وحدانا صلوا ركعتين وأن ابن مسعود ذكر إتمام الصلاة بمنى في منزله وعابه ثم قام فصلى أربعا فقيل له في ذلك فقال الخلاف شر ولو كان فرض الصلاة في السفر ركعتين لم يتمها إن شاء الله تعالى منهم أحد ولم يتمها ابن مسعود في منزله ولكنه كما وصفت ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم فإن قال فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها فرضت الصلاة ركعتين قيل له قد أتمت عائشة في السفر بعد ما كانت تقصر فإن قال قائل فما وجه قولها قيل له تقول فرضت لمن أراد من المسافرين وقد ذهب بعض أهل هذا الكلام إلى غير هذا المعنى فقال إذا فرضت ركعتين في السفر وأذن الله تعالى بالقصر في الخوف فصلاة الخوف ركعة فإن قال فما الحجة عليهم وعلى أحد إن تأول قولها على غير ما قلت قلنا ما لا حجة في شيء معه بما ذكرنا من الكتاب ثم السنة ثم إجماع العامة على أن صلاة المسافرين أربع مع الإمام المقيم ولو كان فرض صلاتهم ركعتين ما جاز لهم أن يصلوها أربعا مع مقيم ولا غيره

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 224

جماع تفريع صلاة المسافر

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: لا تختلف صلاة المكتوبة في الحضر والسفر إلا في الأذان والوقت والقصر فأما ما سوى ذلك فهما سواء ما يجهر أو يخافت في السفر فيما يجهر فيه ويخافت في الحضر ويكمل في السفر كما يكمل في الحضر فأما التخفيف فإذا جاء بأقل ما عليه في السفر والحضر أجزأه لا أرى أن يخفف في السفر عن صلاة الحضر إلا من عذر ويأتى بما يجزيه والإمامة في السفر والحضر سواء ولا أحب ترك الأذان في السفر وتركه فيه أخف من تركه في الحضر وأختار الاجتماع للصلاة في السفر وإن صلت كل رفقة على حدتها أجزأها ذلك إن شاء الله تعالى وإن اجتمع مسافرون ومقيمون فإمامة المقيمين أحب إلي ولا بأس أن يؤم المسافرون المقيمين ولا يقصر الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية التي سافر منها كلها فإذا دخل أدنى بيوت القرية التي يريد المقام بها أتم أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك قال صليت مع رسول الله الظهر بالمدينة أربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر أنه سمع أنس بن مالك يقول مثل ذلك إلا أنه قال بذي الحليفة أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس مثل ذلك قال وفي هذا دليل أن الرجل لا يقصر بنية السفر دون العمل في السفر فلو أن رجلا نوى أن يسافر فلم يثبت به سفره لم يكن له أن يقصر قال ولو أثبت به سفره ثم نوى أن يقيم أتم الصلاة ونية المقام مقام لأنه مقيم وتجتمع فيه النية وأنه مقيم ولا تكون نية السفر سفرا لأن النية تكون منفردة ولا سفر معها إذا كان مقيما والنية لا يكون لها حكم إلا بشيء معها فلو أن رجلا خرج مسافرا يقصر الصلاة ثم افتتح الظهر ينوي أن يجمع بينها وبين العصر ثم نوى المقام في الظهر قبل أن ينصرف من ركعتين كان عليه أن يبنى حتى يتم أربعا ولم يكن عليه أن يستأنف لأنه في فرض الظهر لا في غيرها لأنه كان له أن يقصر إن شاء ولم يحدث نية في المقام وكذلك إذا فرغ من الركعتين ما لم يسلم فإذا سلم ثم نوى أن يقيم أتم فيما يستقبل ولم يكن عليه أن يعيد ما مضى ولو كان نوى في صلاة الظهر المقام ثم سلم من الركعتين استأنف الظهر أربعا ولو لم ينو المقام فافتتح ينوى أن يقصر ثم بدا له أن يتم قبل أن يمضي من صلاته شيء أو بعد كان ذلك له ولم تفسد عليه صلاته لأنه لم يزد في صلاته شيئا ليس منها إنما ترك القصر الذي كان مباحا له وكان التمام غير محظور عليه ولو صلى

صفحة : 225

مسافر بمسافرين ومقيمين ونوى أن يصلى ركعتين فلم يكمل الصلاة حتى نوى أن يتم الصلاة بغير مقام أو ترك الرخصة في القصر كان على المسافرين والمقيمين التمام ولم تفسد على واحد من الفريقين صلاته وكانوا كمن صلى خلف مقيم ولو فسدت على مسافر منهم صلاته وقد دخل معه كان عليه أن يصلى أربعا وكان كمسافر دخل في صلاة مقيم ففسدت عليه صلاته فعليه أن يصلى أربعا لأنه وجب عليه عدد صلاة مقيم في الصلاة التي دخل معه فيها قال ولو صلى مسافر خلف مسافر ففسدت عليه صلاته فانصرف ليتوضأ فعلم أن المسافر صلى ركعتين لم يكن عليه إلا ركعتان وإن علم أن المسافر صلى أربعا أو لم يعلم صلى أربعا أو ثنتين صلى أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو صلى مسافر خلف رجل لا يعلم مسافر هو أو مقيم ركعة ثم انصرف الإمام من صلاته أو فسدت على المسافر صلاته أو انتقض وضوؤه كان عليه أن يصلى أربعا لا يجزيه غير ذلك ولو أن مسافرا صلى بمسافرين ومقيمين فرعف فقدم مقيما كان على المسافرين والمقيمين والإمام الراعف أن يصلوا أربعا لأنه لم يكمل لواحد من القوم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم ولو صلى مسافر بمسافرين ومقيمين ركعتين أتم المقيمون وقصر المسافرون إن شاءوا فإن نووا أو واحد منهم أن يصلوا أربعا كانوا كالمقيمين يتمون بالنية وإنما يلزمهم التمام بالنية إذا نووا مع الدخول في الصلاة أو بعده وقبل الخروج منها الإتمام فأما من قام من المسافرين إلى الصلاة ينوى أربعا فلم يكبر حتى نوى اثنتين أو نوى أربعا بعد تسليمه من اثنتين فليس عليه أن يصلى أربعا ولو أن مسافرا أم مسافرين ومقيمين فكانت نيته اثنتين فصلى أربعا ساهيا فعليه سجود السهو وإن كان معه مقيمون صلوا بصلاته وهم ينوون بها فريضتهم فهي عنهم مجزئة لأنه قد كان له أن يتم وتكون صلاتهم خلفه تامة وإن كان من خلفه من المسافرين نووا إتمام الصلاة لأنفسهم فصلاتهم تامة وإن كانوا لم ينووا إتما الصلاة لأنفسهم إلا بأنهم رأوا أنه أتم لنفسه لا سهوا فصلاتهم مجزئة لأنه قد كان لزمهم أن يصلوا أربعا خلف من صلى أربعا وإن كانوا صلوا الركعتين معه على غير شيء من هذه النية وعلى أنه عندهم ساه فاتبعوه ولم يريدوا الاتمام لأنفسهم فعليهم إعادة الصلاة ولا أحسبهم يمكنهم أن يعلموا سهوه لأن له أن يقصر ويتم فإذا أتم فعلى من خلفه اتباعه مسافرين كانوا أو مقيمين فأي مسافر صلى مع مسافر أو مقيم وهو لا يعرف أمسافر إمامه أم مقيم فعليه أن يصلى أربعا إلا أن يعلم أن المسافر لم يصل إلا ركعتين فيكون له أن يصلى ركعتين وإن خفى ذلك عليه كان عليه أن يصلى أربعا لا يجزيه غير ذلك لأنه لا يدري لعل المسافر كان

صفحة : 226

ممن يتم صلاته تلك أولا وإذا افتتح المسافر الصلاة بنية القصر ثم ذهب عليه أنوى عند افتتاحها الاتمام أو القصر فعليه الإتمام فإذا ذكر أنه فاتتحها ينوى القصر بعد نسيانه فعليه الاتمام لأنه كان فيها في حال عليه أن يتم ولا يكون له أن يقصر عنها بحال ولو أفسدها صلاها تماما لا يجزيه غير ذلك ولو افتتح الظهر ينويها لا ينوي بها قصرا ولا إتماما كان عليه الاتمام ولا يكون القصر إلا أن تكون نيته مع الدخول في الصلاة لا تقدم النية الدخول ولا الدخول نية القصر فإذا كان هذا فله أن يقصر وإذا لم يكن هكذا فعليه أن يتم ولو افتتحها ونيته القصر ثم نوى أن يتم أو شك في نيته في القصر أتم في كل حال ولو جهل أن يكون له القصر في السفر فأتم كانت صلاته تامة ولو جهل يقصر وهو يرى أن ليس له أن يقصر أعاد كل صلاة قصرها ولم يعد شيئا مما لم يقصر من الصلاة ولو كان رجل في سفر تقصر فيه الصلاة فأتم بعض الصلوات وقصر بعضها كان ذلك له كما لو وجب عليه الوضوء فمسح على الخفين صلاة ونزع وتوضأ وغسل رجليه صلاة كان ذلك له وكما لو صام يوما من شهر رمضان مسافرا وأفطر آخر كان له ذلك وإذا رقد رجل عن صلاة في سفر أو نسيها فذكرها في الحضر صلاها صلاة حضر ولا تجزيه عندي إلا هي لأنه إنما كان له القصر في حال فزالت تلك الحال فصار يبتديء صلاتها في حال ليس له فيها القصر ولو نسى صلاة ظهر لا يدري أصلاة حضر أو سفر لزمه أن يصليها صلاة حضر إن صلاها مسافرا أو مقيما ولو نسى ظهرا في حضر فذكرها بعد فوتها في السفر صلاها صلاة حضر لا يجزيه غير

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

صفحة : 227

السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قصر رسول الله في سفره إلى مكة وهي تسع أو عشر فدل قصره على أن يقصر في مثل ما قصر فيه وأكثر منه ولم يجز القياس على قصره إلا بواحدة من اثنتين أن لا يقصر إلا في مثل ما قصر فيه وفوقه فلما لم أعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله الذي قصر فيه لم يجز أن نقيس على هذا الوجه كان الوجه الثاني أن يكون إذا قصر في سفر ولم يحفظ عنه أن لا يقصر فيما دونه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر كما يتيمم ويصلى النافلة على الدابة حيث توجهت فيما وقع عليه اسم سفر ولم يبلغنا أن يقصر فيما دون يومين إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين وذلك ستة وأربعون ميلا بالهاشمي ولا يقصر فيما دونها وأما أنا فأحب أن لا أقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي وإن ترك القصر مباح لي فإن قال قائل فهل في أن يقصر في يومين حجة بخبر متقدم قيل نعم عن ابن عباس وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل أنقصر إلى عرفة فقال لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف قال وأقرب هذا من مكة ستة وأربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهي مسيرة ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة أخبرنا مالك عن نافع عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك قال مالك وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك قال مالك وذلك نحو من أربعة برد قال الشافعي: وإذا أراد الرجل أقل سفر تقصر فيه الصلاة لم يقصر حتى يخرج من منزله الذي يسافر منه وسواء كان المنزل قرية أو صحراء فإن كانت قرية لم يكن له أن يقصر حتى يجاوز بيوتها ولا يكون بين يديه منها بيت منفردا ولا متصلا وإن كان في صحراء لم يقصر حتى يجاوز البقعة التي فيها منزله فإن كان في عرض واد فحتى يقطع عرضه وإن كان في طول واد فحتى يبين عن موضع منزله وإن كان في حاضر مجتمع فحتى يجاوز مطال الحاضر ولو كان في حاضر

صفحة : 228

مفترق فحتى يجاوز ما قارب منزله من الحاضر وإن قصر فلم يجاوز ما وصفت أعاد الصلاة التي قصرها في موضعه ذلك فإن خرج فقصد سفرا تقصر فيه الصلاة ليقيم فيه أربعا ثم يسافر إلى غيره قصر الصلاة إلى أن يبلغ الموضع الذي نوى المقام فيه فإن بلغه وأحدث نية في أن يجعله موضع اجتياز لا مقام أتم فيه فإذا خرج منه مسافرا قصر ويتم بنية المقام لأن المقام يكون بنية ولا يقصر بنية السفر حتى يثبت به السير ولو خرج يريد بلدا يقيم فيها أربعا ثم بلدا بعده فإن لم يكن البلد الذي نوى أن يأتيه أولا مما تقصر إليه الصلاة لم يقصرها إليه وإذا خرج منه فإن كان الذي يريد مما تقصر إليه الصلاة قصر من موضع مخرجه من البلد الذي نوى أن يقيم به أربعا قصر وإلا لم يقصر فإن رجع من البلد الثاني يريد بلده قاصدا وهو مما تقصر إليه الصلاة قصر ولو كانت المسألة بحالها فكانت نيته أن يجعل طريقه على بلد لا يعرجه عن الطريق ولا يريد به مقاما كان له أن يقصر إذا كانت غاية سفره إلى بلد تقصر إليه الصلاة لأنه لم ينو بالبلد دونه مقاما ولا حاجة وإنما هو طريق وإنما لا يقصر إذا قصد في حاجة فيه وهو مما لا تقصر إليه الصلاة وإذا أراد بلدا تقصر إليه الصلاة فأثبت به سفره ثم بدا له قبل أن يبلغ البلد أو موضعا تقصر إليه الصلاة الرجوع إلى بلده أتم وإذا أتم فإن بدا له أن يمضى بوجهه أتم بحاله إلا أن يكون الغاية من سفره مما تقصر إليه الصلاة من موضعه الذي أتم إليه وإذا أراد رجل بلدا له طريقان القاصد منهما إذا سلك لم يكن بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة والآخر إذا سلك كان بينه وبينه ما تقصر إليه الصلاة فأي الطريقين سلك فليس له عندي قصر الصلاة إنما يكون له قصر الصلاة إذا لم يكن إليها طريق إلا مسافة قدر ما تقصر إليها الصلاة إلا من عدو يتخوف في الطريق القاصد أو حزونة أو مرفق له في الطريق الأبعد فإذا كان هكذا كان له أن يقصر إذا كانت مسافة طريقه ما يقصر إليه الصلاة قال الشافعي: وسواء في القصر المريض والصحيح والعبد والحر والأنثى والذكر إذا سافروا معا في غير معصية الله تعالى فأما من سافر باغيا على مسلم أو معاهد أو يقطع طريقا أو يفسد في الأرض أو العبد يخرج آبقا من سيده أو الرجل هاربا ليمنع حقا لزمه أو ما في مثل هذا المعنى أو غيره من المعصية فليس له أن يقصر فإن قصر أعاد كل صلاة صلاها لأن القصر رخصة وإنما جعلت الرخصة لمن لم يكن عاصيا آلا ترى إلى قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه وهكذا لا يمسح على الخفين ولا يجمع الصلاة مسافر في معصية وهكذا لا يصلى إلى غير

صفحة : 229

القبلة نافلة ولا يخفف عمن كان سفره في معصية الله تعالى ومن كان من أهل مكة فحج أتم الصلاة بمنى وعرفة وكذلك أهل عرفة ومنى ومن قارب مكة ممن لا يكون سفره إلى عرفة مما تقصر فيه الصلاة وسواء فيما تقصر فيه الصلاة السفر المتعب والمتراخي والخوف في السفر بطلب أو هرب والأمن لأن القصر إنما هو في غاية لا في تعب ولا في رفاهية ولو جاز أن يكون بالتعب لم يقصر في السفر البعيد في المحامل وقصد السير وقصر في السفر القاصد على القدمين والدابة في التعب والخوف فإذا حج القريب الذي بلده من مكة بحيث تقصر الصلاة فأزمع بمكة مقام أربع أتم وإذا خرج إلى عرفة وهو يريد قضاء نسكه لا يريد مقام أربع إذا رجع إلى مكة قصر لأنه يقصر مقامه بسفر ويصلى بينه وبين بلده وإن كان يريد إذا قضى نسكه مقام أربع بمكة أتم بمنى وعرفة ومكة حتى يخرج من مكة مسافرا فيقصر وإذا ولى مسافر مكة بالحج قصر حتى ينتهي إلى مكة ثم أتم بها وبعرفة وبمنى لأنه انتهى إلى البلد الذي بها مقامه ما لم يعزل وكذلك مكة وسواء في ذلك أمير الحاج والسوقة لا يختلفون وهكذا لو عزل أمير مكة فأراد السفر أتم حتى يخرج من مكة وكان كرجل أراد سفرا ولم يسافر

تطوع المسافر

قال وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصر أو لم يقصر وثابت عن رسول الله أنه كان يتنفل ليلا وهو يقصر وروى عنه أنه كان يصلى قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل العصر أربعا وثابت عنه أنه تنفل عام الفتح بثمان ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح

ID ' ' هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 230

باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة

أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن حميد قال سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه ما سمعتم في مقام المهاجر بمكة قال السائب بن يزيد حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله قال يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا فبهذا قلنا إذا أزمع المسافر أن يقيم بموضع أربعة أيام ولياليهن ليس فيهن يوم كان فيه مسافرا فدخل في بعضه ولا يوم يخرج في بعضه أتم الصلاة واستدلالا بقول رسول الله يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا وإنما يقضى نسكه في اليوم الذي يدخل فيه والمسافر لا يكون دهره سائرا ولا يكون مقيما ولكنه يكون مقيما مقام سفر وسائرا قال فأشبه ما قال رسول الله من مقام المهاجر ثلاثا حد مقام السفر وما جاوزه كان مقام الإقامة وليس يحسب اليوم الذي كان فيه سائرا ثم قدم ولا اليوم الذي كان فيه مقيما ثم سار وأجلى عمر رضي الله تعالى عنه أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة وأقام رسول الله بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيره إلى عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه فلما لم يكن النبي مقيما في سفر قصر فيه الصلاة أكثر من ثلاث لم يجز أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر لأن المعقول أن المسافر الذي لا يقيم فكان غاية مقام المسافر ما وصفت استدلالا بقول رسول الله ومقامه فإن قصر المجمع مقام أربع فعليه إعادة كل صلاة صلاها مقصورة وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به أربعا فأقام ببلد لحاجة أو علة من مرض وهو عازم على الخروج إذا أفاق أو فرغ ولا غاية لفراغه يعرفها قد يرى فراغه في ساعة ولا يدرى لعله أن لا يكون أياما فكل ما كان في هذا غير مقام حرب ولا خوف حرب قصر فإذا جاوز مقام أربع أحببت أن يتم وإن لم يتم أعاد ما صلى بالقصر بعد أربع ولو قيل الحرب وغير الحرب في هذا سواء كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لى أن عليه الإعادة وإن اخترت ما وصفت وإن كان مقامه لحرب أو خوف حرب فإن رسول الله أقام عام الفتح لحرب هوازن سبع عشرة أو ثمان عشرة يقصر ولم يجز في المقام للخوف إلا واحد من قولين إما أن يكون ما جاوز مقام النبي من هذا العدد أتم فيه المقيم الصلاة وإما أن يكون له القصر أما كانت هذه حالة أو يقضى الحرب فلم

صفحة : 231

أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب أو خوف أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقى فلانا أتم وإن لقى فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام ونية السفر لا يكون له بها القصر حتى يكون معها سفر فتجتمع النية والسفر ولو قدم البلد فقال إن قدم فلان أقمت فانتظره أربعا أتم بعدها في القول الذي اخترت وإن لم يقدم فلان فإذا خرج من منازل القرية قصر وإن سافر رجل من مكة إلى المدينة وله فيما بين مكة والمدينة مال أو أموال أو ماشية أو مواش فنزل بشيء من ماله كان له أن يقصر ما لم يجمع المقام في شيء منها أربعا وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء قد قصر أصحاب رسول الله معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد منهم بمكة دار أو أكثر وقرابات منهم أبو بكر له بمكة دار وقرابة وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له بمكة دار وقرابة فلم أعلم منهم أحدا أمره رسول الله بالإتمام ولا أتم ولا أتموا بعد رسول الله في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ منهم القصر بها ولو خرج رجل يريد لقاء رجل أو أخذ عبد له أو ضالة ببلد مسيره أقل ما تقصر إليه الصلاة أو أكثر فقال إن لقيت الحاجة دون البلد رجعت لم يكن له أن يقصر حتى تكون نيته بلوغ البلد الذي تقصر إليه الصلاة لا نية له في الرجوع دونه بحال قال الشافعي: ولو خرج يريد بلدا تقصر إليه الصلاة بلا نية أن يبلغه بكل حال وقال لعلي أبلغه أو أرجع عنه لم يقصر حتى ينوى بكل حالة بلوغه ولو خرج ينوي بلوغه لحاجة لا ينوي إن قضاها دونه الرجوع كان له القصر فمتى لقى الحاجة دونه أو بدا له أن يرجع بلا قضاء الحاجة

صفحة : 232

وكان موضعه الذي بلغ مما لا تقصر إليه الصلاة أتم في رجوعه وإن كان موضعه الذي بلغ مما تقصر إليه الصلاة لو ابتدأ إليه السفر ثم بدا له الرجوع منه قصر الصلاة ولو بدا له المقام به أتم حتى يسافر منه ثم يقصر إذا سافر ولو خرج رجل يريد بلدا ثم بلدا بعده فإن كان البلد الأدنى مما تقصر إليه الصلاة قصرها وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصرها فإذا خرج منها فإن كان بينه وبين البلد الذي يريد ما تقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن لم يقصر لأني أجعله حينئذ مثل مبتديء سفره كابتدائه من أهله وإذا رجع من البلد الأقصى فإن أراد بلده فإن كان بينهما ما يقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن يقصر وإن أراد الرجوع إلى البلد الذي بينه وبين بلده ثم بلده لم يقصر إلا أن يكون أراد به إياها طريقا فيقصر وإذا خرج رجل من مكة يريد المدينة قصر فإن خاف في طريقه وهو بعسفان فأردا المقام به أو الخروج إلى بلد غير المدينة ليقيم أو يرتاد الخير به جعلته إذا ترك النية الأولى من سفره إلى المدينة مبتدئا السفر من عسفان فإن كان السفر الذي يريده من عسفان على ما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر وإن كان على ما تقصر إليه الصلاة قصر وكذلك إذا رجع منه يريد مكة أو بلدا سواه جعلته مبتدئا سفرا منه فإن كانت حيث يريد ما تقصر إليه الصلاة قصر وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر والمسافر في البر والبحر والنهر سواء وليس يعتبر بسير البحر والنهر كما لا يعتبر بسير البرد ولا الخيل ولا نجب الركاب ولا زحف المقعد ولا دبيب الزمن ولا سير الأجمال الثقالله القصر أما كانت هذه حالة أو يقضى الحرب فلم أعلم في مذاهب العامة المذهب الآخر وإذا لم يكن مذهبا المذهب الآخر فالأول أولى المذهبين وإذا أقام الرجل ببلد أثناءه ليس ببلد مقامه لحرب أو خوف أو تأهب لحرب قصر ما بينه وبين ثمان عشرة ليلة فإذا جاوزها أتم الصلاة حتى يفارق البلد تاركا للمقام به آخذا في سفره وهكذا إن كان محاربا أو خائفا مقيما في موضع سفر قصر ثماني عشرة فإذا جاوزها أتم وإن كان غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف قصر أربعا فإذا جاوزها أتم فإذا أجمع في واحدة من الحالين مقام أربع أتم خائفا كان أو غير خائف ولو سافر رجل فمر ببلد في سفره فأقام به يوما وقال إن لقيت فلانا أقمت أربعا أو أكثر من أربع قصر حتى يلقى فلانا فإذا لقى فلانا أتم وإن لقى فلانا فبدا له أن لا يقيم أربعا أتم لأنه قد نوى المقام بلقائه ولقيه والمقام يكون بالنية مع المقام لاجتماع النية والمقام ونية السفر لا يكون له بها القصر حتى يكون معها سفر فتجتمع النية والسفر ولو قدم

صفحة : 233

البلد فقال إن قدم فلان أقمت فانتظره أربعا أتم بعدها في القول الذي اخترت وإن لم يقدم فلان فإذا خرج من منازل القرية قصر وإن سافر رجل من مكة إلى المدينة وله فيما بين مكة والمدينة مال أو أموال أو ماشية أو مواش فنزل بشيء من ماله كان له أن يقصر ما لم يجمع المقام في شيء منها أربعا وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء قد قصر أصحاب رسول الله معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد منهم بمكة دار أو أكثر وقرابات منهم أبو بكر له بمكة دار وقرابة وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له بمكة دار وقرابة فلم أعلم منهم أحدا أمره رسول الله بالإتمام ولا أتم ولا أتموا بعد رسول الله في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ منهم القصر بها ولو خرج رجل يريد لقاء رجل أو أخذ عبد له أو ضالة ببلد مسيره أقل ما تقصر إليه الصلاة أو أكثر فقال إن لقيت الحاجة دون البلد رجعت لم يكن له أن يقصر حتى تكون نيته بلوغ البلد الذي تقصر إليه الصلاة لا نية له في الرجوع دونه قال الشافعي: ولو خرج يريد بلدا تقصر إليه الصلاة بلا نية أن يبلغه بكل حال وقال لعلي أبلغه أو أرجع عنه لم يقصر حتى ينوى بكل حالة بلوغه ولو خرج ينوي بلوغه لحاجة لا ينوي إن قضاها دونه الرجوع كان له القصر فمتى لقى الحاجة دونه أو بدا له أن يرجع بلا قضاء الحاجة وكان موضعه الذي بلغ مما لا تقصر إليه الصلاة أتم في رجوعه وإن كان موضعه الذي بلغ مما تقصر إليه الصلاة لو ابتدأ إليه السفر ثم بدا له الرجوع منه قصر الصلاة ولو بدا له المقام به أتم حتى يسافر منه ثم يقصر إذا سافر ولو خرج رجل يريد بلدا ثم بلدا بعده فإن كان البلد الأدنى مما تقصر إليه الصلاة قصرها وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصرها فإذا خرج منها فإن كان بينه وبين البلد الذي يريد ما تقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن لم يقصر لأني أجعله حينئذ مثل مبتديء سفره كابتدائه من أهله وإذا رجع من البلد الأقصى فإن أراد بلده فإن كان بينهما ما يقصر فيه الصلاة قصر وإن لم يكن يقصر وإن أراد الرجوع إلى البلد الذي بينه وبين بلده ثم بلده لم يقصر إلا أن يكون أراد به إياها طريقا فيقصر وإذا خرج رجل من مكة يريد المدينة قصر فإن خاف في طريقه وهو بعسفان فأردا المقام به أو الخروج إلى بلد غير المدينة ليقيم أو يرتاد الخير به جعلته إذا ترك النية الأولى من سفره إلى المدينة مبتدئا السفر من عسفان فإن كان السفر الذي يريده من عسفان على ما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر وإن كان على ما تقصر إليه الصلاة قصر

صفحة : 234

وكذلك إذا رجع منه يريد مكة أو بلدا سواه جعلته مبتدئا سفرا منه فإن كانت حيث يريد ما تقصر إليه الصلاة قصر وإن كان مما لا تقصر إليه الصلاة لم يقصر والمسافر في البر والبحر والنهر سواء وليس يعتبر بسير البحر والنهر كما لا يعتبر بسير البرد ولا الخيل ولا نجب الركاب ولا زحف المقعد ولا دبيب الزمن ولا سير الأجمال الثقال ولكن إذا سافر في البحر والنهر مسيرة يحيط العلم أنها لو كانت في البر قصرت فيها الصلاة قصر وإن كان في شك من ذلك لم يقصر حتى يستيقن بأنها مسيرة ما تقصر فيها الصلاة والمقام في المراسي والمواضع التي قام فيها في الأنهار كالمقام في البر لا يختلف فإذا أزمع مقام أربع في موضع أتم وإذا لم يزمع مقام أربع قصر وإذا حبسه الريح في البحر ولم يزمع مقاما إلا ليجد السبيل إلى الخروج بالريح قصر ما بينه وبين أربع فإذا مضت أربع أتم كما وصفت في الاختيار فإذا أثبت به مسيرة قصر فإن ردته الريح قصر حتى يجمع مقام أربع فيتم حين يجمع بالنية مقام أربع أو يقيم أربعا إن لم يزمع مقاما فيتم بمقام أربع في الاختيار وإذا كان الرجل مالكا للسفينة وكان فيها منزله وكان معه فيها أهله أو لا أهل له معه فيها فأحب إلى أن يتم وله أن يقصر إذا سافر وعليه حيث أراد مقاما غير مقام سفر أن يتم وهو فيها كالغريب يتكاراها لا يختلفان فيما له غير أني أحب له أن يتم وهكذا أجراؤه وركبان مركبه وإذا كان الرجل من أهل البادية فداره حيث أراد المقام وإن كان ممن لا مال له ولا دار يصير إليها وكان سيارة يتبع أبدا مواقع القطر حل بموضع ثم شام برقا فانتجعه فإن استيقن أنه ببلد تقصر إليه الصلاة قصر وإن شك لم يقصر وإن استيقن أن ببلد تقصر إليه الصلاة وكانت نيته إن مر بموضع مخصب أو موافق له في المنزل دونه أن ينزل لم يقصر أبدا ما كانت نيته أن ينزل حيث حمد من الأرض ولا يجوز له أن يقصر أبدا حتى يكون على يقين من أنه يريد سفرا لا عرجة له عنه إلا عرجة المنزل ويبلغ ويكون السفر مما تقصر فيه الصلاة قال الشافعي: ولو خرج قوم من بلد يريدون بلدا تقصر فيه الصلاة ونيتهم إذا مروا بموضع مخصب أو يرتعوا فيه ما احتملهم لم يكن لهم أن يقصروا فإن كانت نيتهم أن يرتعوا فيه اليوم واليومين لا يبلغوا أن ينووا فيه مقام أربع فلهم أن يقصروا وإذا مروا بموضع فأرادوا فيه مقام أربع أتموا فإن لم يريدوا مقام أربع وأقاموا أربعا أتموا بعد مقام الأربع في الاختيار

ID ' ' وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 235

إيجاب الجمعة

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية وقال الله عز وجل وشاهد مشهود قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن نافع بن جبير وعطاء بن يسار عن النبي أنه قال شاهد يوم الجمعة ومشهود يوم عرفة أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن النبي مثله أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال وحدثني عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن النبي مثله قال الشافعي: ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله تبارك وتعالى قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله نحن الآخرون ونحن السابقون بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيننة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مثله إلا أنه قال بائد أنهم قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع السبت والأحد قال الشافعي: والتنزيل ثم السنة يدلان على إيجاب الجمعة وعلم أن يوم الجمعة اليوم الذي بين الخميس والسبت من العلم الذي يعلمه الجماعة عن الجماعة عن النبي وجماعة من بعده من المسلمين كما نقلوا الظهر أربعا والمغرب ثلاثا وكانت العرب تسميه قبل الإسلام عروبة قال الشاعر نفسي الفداء لأقوام هموا خلطوا يوم العروبة أزوادا بأزواد قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن

صفحة : 236

كعب القرظى أنه سمع رجلا من بني وائل يقول قال رسول الله تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبيا أو مملوكا قال الشافعي: ومن كان مقيما ببلد تجب فيه الجمعة من بالغ حر لا عذر له وجبت عليه الجمعة قال الشافعي: والعذر المرض الذي لا يقدر معه على شهود الجمعة إلا بأن يزيد في مرضه أو يبلغ به مشقة غير محتملة أو يحبسه السلطان أو من لا يقدر على الامتناع منه بالغلبة أو يموت بعض من يقوم بأمره من قرابة أو ذي آصرة من سهر أو مودة أو من يحتسب في ولاية أمره الأجر فإن كان هذا فله ترك الجمعة قال الشافعي: وإن مرض له ولد أو والد فرآه منزولا به وخاف فوت نفسه فلا بأس عليه أن يدع له الجمعة وكذلك إن لم يكن ذلك به وكان ضائعا لا قيم له غيره أو له قيم غيره له شغل في وقت الجمعة عنه فلا بأس أن يدع له الجمعة قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن ابن أبي ذئب أن ابن عمر دعى وهو يستحم للجمعة لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت فأتاه وترك الجمعة قال الشافعي: وإن أصابه غرق أو حرق أو سرق وكان يرجو في تخلفه عن الجمعة دفع ذلك أو تدارك شيء فات منه فلا بأس أن يدع له الجمعة وكذلك إن ضل له ولد أو مال من رقيق أو حيوان أو غير فرجا في تخلفه تداركه كان ذلك له قال الشافعي: فإن كان خائفا إذا خرج إلى الجمعة أن يحبسه السلطان بغير حق كان له التخلف عن الجمعة فإن كان السلطان يحبسه بحق مسلم في دم أو حد لم يسعه التخلف عن الجمعة ولا الهرب في غير الجمعة من صاحبه إلا أن يكون يرجو أن يدفع الحد بعفو أو قصاص بصلح فأرجو أن يسعه ذلك قال الشافعي: وإن كان تغيبه عن غريم لعسره وسعه التخلف عن الجمعة وإن كان موسرا قال الشافعي: وإن كان يريد سفرا لم أحب له في الاختيار أن يسافر يوم الجمعة بعد الفجر ويجوز له أن يسافر قبل الفجر قال الشافعي: وإن كان مسافرا قد أجمع مقام أربع فمثل المقيم وإن لم يجمع مقام أربع فلا يحرج عندي بالتخلف عن الجمعة وله أن يسير ولا يحضر الجمعة

صفحة : 237

قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه أن عمر أبصر رجلا عليه هيئة السفر وهو يقول لولا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت فقال له عمر فاخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر قال الشافعي: وليس على المسافر أن يمر ببلد جمعة إلا أن يجمع فيه مقام أربع فتلزمه الجمعة إن كانت في مقامه وإذا لزمته لم يكن له أن يسافر بعد الفجر يوم الجمعة حتى يجمعقال الشافعي: وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة وأحب للعبيد إذا أذن لهم أن يجمعوا وللعجائز إذا أذن لهم وللغلمان ولا أعلم منهم أحدا يخرج بترك الجمعة بحال قال الشافعي: والمكاتب والمدبر والمأذون له في التجارة وسائر العبيد في هذا سواء قال الشافعي: وإذا أعتق بعض العبد فكانت الجمعة في يومه الذي يترك فيه لنفسه لم أرخص له في ترك الجمعة وإن تركها لم أقل له أنه يحرج كما يحرج الحر لو تركها لأنها لازمة للحر بكل حال إلا قال الشافعي: ومن قلت لا جمعة عليه من الأحرار للعذر بالحبس أو غيره ومن النساء وغير البالغين والمماليك فإذا شهد الجمعة صلاها ركعتين وإذا أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى وأجزأته عن الجمعة قال الشافعي: وإنما قيل لا جمعة عليهم والله تعالى أعلم لا يحرجون بتركها كما يكون المرء فقيرا لا يجد مركبا وزادا فيتكلف المشي والتوصل بالعمل في الطريق والمسألة فيحج فيجزى عنه أو يكون كبيرا لا يقدر على الركوب فيتحامل على أن يربط على دابة فيكون له حج ويكون الرجل مسافرا أو مريضا معذورا بترك الصوم فيصوم فيجزي عنه ليس أن واحدا من هؤلاء لا يكتب له أجر ما عمل من هذا فيكون من أهله وإن كان لا يحرج بتركه قال الشافعي: ولا أحب لواحد ممن له ترك الجمعة من الأحرار للعذر ولا من النساء وغير البالغين والعبيد أن يصلى الظهر حتى ينصرف الإمام أو يتأخى انصرافه بأن يحتاط حتى يرى أنه قد انصرف لأنه لعله يقدر على إتيان الجمعة فيكون إتيانها خيرا له ولا أكره إذا انصرف الإمام أن يصلوا جماعة حيث كانوا إذا كان ذلك غير رغبة عن الصلاة مع الإمام قال الشافعي: وإن صلوا جماعة أو فرادى بعد الزوال وقبل انصراف الإمام فلا إعادة عليهم لأنهم معذورن بترك الجمعة قال الشافعي: وإن صلوا جماعة أو فرادى فأدركوا الجمعة مع الإمام قال الشافعي: فأما من عليه الجمعة ممن لا عذر له في التخلف عنها فليس له أن يصلى الجمعة

صفحة : 238

إلا مع الإمام فإن صلاها بعد الزوال وقبل انصراف الإمام لم تجز عنه وعليه أن يعيدها إذا انصرف الإمام ظهرا أربعا من قبل أنه لم يكن أن يصليها وكان عليه إتيان الجمعة فلما فاتته صلاها قضاء وكان كمن ترك الصلاة حتى فاته وقتها ويصليها قضاء ويجمعها ولا أكره جمعها إلا أن يجمعها استخفافا بالجمعة أو رغبة عن الصلاة خلف الأئمة قال الشافعي: وآمر أهل السجن وأهل الصناعات عن العبيد بأن يجمعوا وإخفاؤهم الجمع أحب إلي من إعلانه خوفا أن يظن بهم أنهم جمعوا رغبة عن الصلاة مع الأئمة

العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لما كانت الجمعة واجبة واحتملت أن تكون تجب على كل مصل بلا وقت عدد مصلين وأين كان المصلى من منزل مقام وظعن فلم نعلم خلافا في أن لا جمعة عليه إلا في دار مقام ولم أحفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا وقد قال غيرنا لا تجب إلا على أهل مصر جامع قال الشافعي: وسمعت عددا من أصحابنا يقولون تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به وكان أقل ما علمناه قيل به ولم يجز عندي أن أدع القول به وليس خبر لازم يخالفه وقد يروى من حيث لا يثبت أهل الحديث أن رسول الله جمع حين قدم المدينة بأربعين رجلا وروى أنه كتب إلى أهل قرى عرينة أن يصلوا الجمعة والعيدين وروى أنه أمر عمرو بن حزن أن يصلى العيدين بأهل نجران قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كل قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا الثقة عن سليمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام إلى مكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا قال الشافعي: فإذا كان من أهل القرية أربعون رجلا والقرية البناء والحجارة واللبن والسقف والجرائد والشجر لأن هذا بناء كله وتكون بيوتها مجتمعة ويكون أهلا لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا ظعن حاجة مثل ظعن أهل القرى وتكون بيوتها مجتمعة اجتماع بيوت القرى فإن لم تكن مجتمعة فليسوا أهل قرية ولا يجمعون ويتمون إذا كانوا أربعين رجلا حرا بالغا فإذا كانوا هكذا رأيت والله تعالى أعلم إن عليهم الجمعة فإذا صلوا الجمعة أجزأتهم

صفحة : 239

قال الشافعي: وإذا بلغوا هذا العدد ولم يحضروا الجمعة كلهم رأيت أن يصلوها ظهرا وإن كانوا هذا العدد أو أكثر منه في غير قرية كما وصفت لم يجمعوا وإن كانوا في مدينة عظيمة فيها مشركون من غير أهل الإسلام أو من عبيد أهل الإسلام ونسائهم ولم يبلغ الأحرار المسلمون البالغون فيها أربعين رجلا لم يكن عليهم أن يجمعوا ولو كثر المسلمون مارين بها وأهلها لا يبلغون أربعين رجلا لم يكن عليهم أن يجمعوا قال الشافعي: ولو كانت قرية فيها هذا العدد أو أكثر منه ثم مات بعضهم أو غابوا أو انتقل منهم حتى لا يبقى بها أربعون رجلا لم يكن لهم أن يجمعوا ولو كثر من يمر بها من المسلمين مسافرا أو تاجرا غير ساكن لم يجمع فيها إذا لم يكن أهلها أربعون قال الشافعي: وإن كانت قرية كما وصفت فتهدمت منازلها أو تهدم من منازلها وبقى في الباقي منها أربعون رجلا فإن كان أهلها لازمين لها ليصلحوها جمعوا كانوا في مظال أو غير مظال قال الشافعي: وإذا كان أهلها أربعين أو أكثر فمرض عامتهم حتى لم يواف المسجد منهم يوم الجمعة أربعون رجلا حرا بالغا صلوا الظهر قال الشافعي: ولو كثر أهل المسجد من قوم مارين أو تجار لا يسكنونها لم يكن لهم أن يجمعوا إذا لم يكن معهم من أهل البلد المقيمين به أربعون رجلا حرا بالغا قال الشافعي: ولو كان أهلها أربعين رجلا حرا بالغا وأكثر ومنهم مغلوب على عقله وليس من بقى منهم أربعين رجلا صحيحا بالغا يشهدون الجمعة كلهم لم يجمعوا إذا كان أهل القرية أربعين فصاعدا فخطبهم الإمام يوم الجمعة فانفض عنه بعضهم قبل تكبيرة الصلاة حتى لا يبقي معه أربعون رجلا فإن ثابوا قبل أن يكبر حتى يكونوا أربعين رجلا صلى بهم الجمعة وإن لم يكونوا أربعين رجلا حتى يكبر لم يصل بهم الجمعة وصلوها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو انفضوا عنه فانتظرهم بعد الخطبة حتى يعودوا أحببت له أن يعيد خطبة أخرى إن كان في الوقت مهلة ثم يصليها جمعة فإن لم يفعل صلاها ظهرا أربعا ولا يجوز أن يكون بين الخطبة والصلاة فصل يتباعد قال الشافعي: وإن خطب بهم وهم أقل من أربعين رجلا ثم ثاب الأربعون قبل أن يدخل في الصلاة صلاها ظهرا أربعا ولا أراها تجزيء عنه حتى يخطب بأربعين فيفتتح الصلاة بهم إذا كبر

صفحة : 240

قال الشافعي: ولا أحب في الأربعين إلا من وصفت عليه فرض الجمعة من رجل حر بالغ غير مغلوب على عقله مقيم لا مسافرقال الشافعي: فإن خطب بأربعين ثم كبر بهم ثم انفضوا من حوله ففيها قولان أحدهما إن بقى معه اثنان حتى تكون صلاته صلاة جماعة تامة فصلى الجمعة أجزأته لأنه دخل فيها وهي مجزئة عنهم ولو صلاها ظهرا أربعا أجزأته والقول الآخر أنها لا تجزئه بحال حتى يكون معه أربعون حين يدخل ويكمل الصلاة ولكن لو لم يبق منهم إلا عبدان أو عبد وحر أو مسافران أو مسافر ومقيم صلاها ظهرا قال الشافعي: وإن بقى معه منهم بعد تكبيره اثنان أو أكثر فصلاها جمعة ثم بان له أن الاثنين أو أحدهما مسافر أو عبد أو امرأة أعادها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولم يجزئه جمعة في واحد من القولين حتى يكمل معه الصلاة اثنان ممن عليه جمعة فإن صلى وليس وراءه اثنان فصاعدا ممن عليه فرض الجمعة كانت عليهم ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو أحدث الإمام قبل أن يكبر فقدم رجلا ممن حضر الخطبة وخلفه أقل من أربعين رجلا صلوها ظهر أربعا لا يجزئهم ولا الإمام المحدث إلا ذلك من قبل أن إمامته زالت وابتدلت بإمامة رجل لو كان الإمام مبتدئا في حاله تلك لم يجزئه أن يصليها إلا ظهرا أربعا قال الشافعي: وإذا افتتح الإمام جمعة ثم أمرته أن يجعلها ظهرا أجزأه ما صلى منها وهو ينوي الجمعة لأن الجمعة هي الظهر يوم الجمعة إلا أنه كان له قصرها فلما حدث حال ليس له فيها قصرها أتمها كما ببتديء المسافر ركعتين ثم ينوى المقام قبل أن يكمل الركعتين فيتم الصلاة أربعا ولا يستأنفها قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله قال الشافعي: وإذا كان قوم ببلد يجمع أهلها وجبت الجمعة على من يسمع النداء من ساكني المصر أو قريبا منه بدلالة الآية قال الشافعي: وتجب الجمعة عندنا على جميع أهل المصر وإن كثر أهلها حتى لا يسمع أكثرهم النداء لأن الجمعة تجب بالمصر والعدد وليس أحد منهم أولى بأن تجب عليه الجمعة من غيره إلا من عذر قال الشافعي: وقولى سمع النداء إذا كان المنادي صيتا وكان هو مستمعا والأصوات هادئة فأما

صفحة : 241

إذا كان المنادي غير صيت والرجل غافل والأصوات ظاهرة فقل من يسمع النداء قال الشافعي: ولست أعلم في هذا أقوى مما وصفت وقد كان سعيد بن زيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة أميال فيشهدان الجمعة ويدعانها وقد كان يروي أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها ويروي أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن زيد عن سعيد بن المسيب أنه قال الشافعي: وإذا كانت قرية جامعة وكان لها قرى حولها متصلة الأموال بها وكانت أكثر سوق تلك القرى في القرية الجامعة لم أرخص لأحد منهم في ترك الجمعة وكذلك لا أرخص لمن على الميل والميلين وما أشبه هذا ولا يتبين عندي أن يخرج بترك الجمعة إلا من سمع النداء ويشبه أن يحرج أهل المصر وإن عظم بترك الجمعة

من يصلى خلفه الجمعة

والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلدة وغير أمير مجزئة كما تجزيء الصلاة خلف كل من سلف قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدنا العيد مع علي رضي الله عنه وعثما محصور قال الشافعي: وتجزيء الجمعة خلف العبد والمسافر كما تجزيء الصلاة غيرها خلفهما فإن قيل ليس فرض الجمعة عليهما قيل ليس يأثمان بتركها وهما يؤجران على أدائها وتجزيء عنهما كما تجزيء عن المقيم وكلاهما عليه فرض الصلاة بكمالها ولا أرى أن الجمعة تجزيء خلف غلام لم يحتلم والله تعالى أعلم ولا تجمع امرأة بنساء لأن الجمعة إمامة جماعة كاملة وليست المرأة ممن لها

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

صفحة : 242

الصلاة في مسجدين فأكثر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يجمع في مصر وإن عظم أهله وكثر عامله ومساجده إلا في موضع المسجد الأعظم وإن كانت له مساجد عظام لم يجمع فيها إلا في واحد وأيها جمع فيه أولا بعد الزوال فهي الجمعة وإن جمع في آخر سواه يعده لم يعتد الذين جمعوا بعده بالجمعة وكان عليهم أن يعيدوا ظهرا أربعا قال الشافعي: وسواء الذي جمع أولا الوالى أو مأمور أو رجل أو تطوع أو تغلب أو عزل فامتنع من العزل بمن جمع معه أجزأت عنه الجمعة ومن جمع مع الذي بعده لم تجزه الجمعة وإن كان واليا وكانت عليه إعادة الظهر قال وهكذا إن جمع من المصر في مواضع فالجمعة الأولى وما سواها لا تجزيء إلا ظهرا قال الشافعي: وإن أشكل على الذين جمعوا أيهم جمع أولا أعادوا كلهم ظهرا أربعاقال الشافعي: ولو أشكل ذلك عليهم فعادوا فجمعت منهم طائفة ثانية في وقت الجمعة أجزأهم ذلك لأن جمعتهم الأولى لم تجز عنهم وهم أولا حين جمعوا أفسدوا ثم عادوا فجمعوا في وقت الجمعة قال الربيع وفيه قول آخر أن يصلوا ظهرا لأن العلم يحيط أن إحدى الطائفتين قد صلت قبل الأخرى فكما جازت الصلاة للذين صلوا أولا وإن لم يعرفوها لم يجز لأحد أن يصلى الجمعة بعد تمام جمعة قد تمت

ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

صفحة : 243

الأرض تكون بها المساجد

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وإذا اتسعت البلد وكثرت عمارتها فبنيت فيها مساجد كثيرة عظام وصغار لم يجز عندي أن يصلى الجمعة فيها إلا في مسجد واحد وكذلك إذا اتصلت بالبلد الأعظم منها قريات صغار لم أحب أن يصلى إلا في المسجد الأعظم وإن صلى في مسجد منها غيره صليت الظهر أربعا وإن صليت الجمعة أعاد من صلاها فيها قال وتصلي الجمعة في المسجد الأعظم فإن صلاها الإمام في مسجد من مساجدها أصغر منه كرهت ذلك له وهي مجزئة عنه قال وإن صلى غير إمام في مسجدها الأعظم والإمام في مسجد أصغر فجمعة الإمام ومن معه مجزئة ويعيد الآخرون الجمعةقال الشافعي: وإن وكل الإمام من يصلى فصلى وكيل الإمام في المسجد الأعظم أو الأصغر قبل الإمام وصلى الإمام في مسجد غيره فجمعة الذين صلوا في المسجد الأعظم أو الأصغر قبل الإمام مجزئة ويعيد الآخرون ظهرا قال الشافعي: وهكذا إذا وكل الإمام رجلين يصلى أيهما أدرك فأيهما صلى الجمعة أولا أجزأه وإن صلى الآخر بعده فهي ظهر وإن كان وال يصلى في مسجد صغير وجاء وال غيره فصلى في مسجد عظيم فأيهما صلى أولا فهي الجمعة وإذا قلت أيهما صلى أولا فهي الجمعة فلم يدر أيهما صلى أولا فأعاد أحدهما الجمعة في الوقت أجزأت وإن ذهب الوقت أعادا معا فصليا معا أربعا أربعا قال الربيع يريد يعيد الظهرقال الشافعي: والأعياد مخالفة الجمعة الرجل يصلى العيد منفردا ومسافرا وتصليه الجماعة لا يكون عليها جمعة لأنها لا تحيل فرضا ولا أرى بأسا إذا خرج الإمام إلى مصلاه في العيدين أو الاستسقاء أن يأمر من يصلى بضعفه الناس العيد في مموضع من المصر أو مواضع قال وإذا كانت صلاة الرجل منفردا مجزئة فهي أقل من صلاة جماعة بأمر وال وإن لم يأمر الوالي فقدموا واحدا أجزأ عنهم قال الشافعي: وهكذا لو قدموا في صلاة الخسوف في مساجدهم لم أكره من هذا شيئا بل أحبه ولا أكرهه في حال إلا أن يكون من تخلف عن الجماعة العظمى أقوياء على حضورها فأكره ذلك لهم أشد الكراهية ولا إعادة عليهم فأما أهل العذر بالضعف فأحب لهم ذلك قال الشافعي: والجمعة مخالفة لهذا كله قال وإذا صلوا جماعة أو منفردين صلوا كما يصلى الإمام لا يخالفونه في وقت ولا صلاة ولا بأس أن يتكلم متكلمهم بخطبة إذا كان بأمر الوالي فإن لم يكن بأمر الوالي كرهت له ذلك كراهية الفرقة في الخطبة ولا أكره ذلك في الصلاة كما لا أكرهه في

صفحة : 244

وقت الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ووقت الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر قبل أن يخرج الإمام من صلاة الجمعة فمن صلاها بعد الزوال إلى أن يكون سلامه منها قبل آخر وقت الظهر فقد صلاها في وقتها وهي له جمعة إلا أن يكون في بلد قد جمع فيه قبله قال الشافعي: ومن لم يسلم من الجمعة حتى يخرج آخر وقت الظهر لم تجزه الجمعة وهي له ظهر وعليه أن يصليها أربعا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم ابن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع أو نحوه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك قال قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها قال الشافعي: ووجهها الباب قال الشافعي: ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا تصلى الجمعة حتى تزول الشمس قال الشافعي: ولا يجوز أن يبتديء خطبة الجمعة حتى يتبين زوال الشمس قال الشافعي: فإن ابتدأ رجل خطبة الجمعة قبل أن تزول الشمس ثم زالت الشمس فأعاد خطبته أجزأت عنه الجمعة وإن لم يعد خطبتين بعد الزوال لم تجز الجمعة عنه وكان عليه أن يصليها ظهرا أربعا وإن صلى الجمعة في حال لا تجزيء عنه فيه ثم أعاد الخطبة والصلاة في الوقت أجزأت عنه وإلا صلاها ظهرا والوقت الذي تجوز فيه الجمعة ما بين أن تزول الشمس إلى أن يدخل وقت العصر قال الشافعي: ولا تجزيء جمعة حتى يخطب الإمام خطبتين ويكمل السلام منها قبل دخول وقت العصر قال الشافعي: فإذا دخل أول وقت العصر قبل أن يسلم منها فعليه أن يتم الجمعة ظهرا أربعا فإن لم يفعل حتى خرج منها فعليه أن يستأنفها ظهرا أربعا قال الشافعي: ولو اغفل الجمعة 1 حتى يعلم أنه خطب أقل من خطبتين وصلى أخف من ركعتين لم يخرج من الصلاة حتى يدخل

صفحة : 245

وقت العصر كان عليه أن يصلي ظهرا أربعا ولا يخطبقال الشافعي: وإن رأى أنه يخطب أخف خطبتين ويصلى أخف ركعتين إذا كانتا مجزئتين عنه قبل دخول أول وقت العصر لم يجز له إلا أن يفعل فإن خرج من الصلاة قبل دخول العصر فهي مجزئة عنه وإن لم يخرج منها حتى يدخل أو وقت العصر أتمها ظهرا أربعا فإن لم يفعل وسلم استأنف ظهرا أربعا لا يجزيه غير ذلك فإن خرج من الصلاة وهو يشك ومن معه أدخل وقت العصر أم لا فصلاتهم وصلاته مجزئة عنهم لأنهم على يقين من الدخول في الوقت وفي شك من أن الجمعة لا تجزئهم فهم كمن استيقن بوضوء وشك في انتقاضه قال الشافعي: وسواء شكوا أكملوا الصلاة قبل دخول الوقت بظلمة أو ريح أو غيرهما قال الشافعي: ولا يشبه الجمعة فيما وصفت الرجل يدرك ركعة قبل غروب الشمس كان عليه أن يصلى العصر بعد غروبها وليس للرجل أن يصلى الجمعة في غير وقتها لأنه قصر في وقتها وليس له القصر إلا حيث جعل له

وقت الأذان للجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يؤذن للجمعة حتى تزول الشمس قال الشافعي: وإذا أذن لها قبل الزوال أعيد الأذان لها بعد الزوال فإن أذن لها مؤذن قبل الزوال وآخر بعد الزوال أجزأ الأذان الذي بعد الزوال ولم يعد الأذان الذي قبل الزوالقال الشافعي: وأحب أن يكون الأذان يوم الجمعة حين يدخل الإمام المسجد ويجلس على موضعه الذي يخطب عليه خشب أو جريد أو منبر أو شيء مرفوع له أو الأرض فإذا فعل أخذ المؤذن في الأذان فإذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه قال الشافعي: وأحب أن يؤذن مؤذن واحد إذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المبنر على عهد رسول الله وأبى بكر وعمر فلما كانت خلافه عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك قال الشافعي: وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية والله تعالى إعلم

صفحة : 246

قال الشافعي: وأيهما كان فالأمر الذي على عهد رسول الله أحب إلى قال الشافعي: فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له ولا يفسد شيء منه صلاته قال الشافعي: وليس في الأذان شيء يفسد الصلاة لأن الأذان ليس من الصلاة إنما هو دعاء

متى يحرم البيع

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع قال الشافعي: والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي كان على عهد رسول الله وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر فإن أذن مؤذن قبل جلوس الإمام على المنبر وبعد الزوال لم يكن البيع منهيا عنه كما ينهى عنه إذا كان الإمام على المنبر وأكرهه لأن ذلك الوقت الذي أحب للإمام أن يجلس فيه على المنبر وكذلك إن أذن مؤذن قبل الزوال والإمام على المنبر لم ينه عن البيع إنما ينهي عن البيع إذا اجتمع أن يؤذن بعد الزوال والإمام على المنبرقال الشافعي: وإذا تبايع من لا جمعة عليه في الوقت المنهى فيه عن البيع لم أكره البيع لأنه لا جمعة عليهما وإنما المنهى عن البيع المأمور بإتيان الجمعة قال الشافعي: وإن بايع من لا جمعة عليه من عليه جمعة كرهت ذلك لمن عليه الجمعة لما وصفت ولغيره أن يكون معينا له على ما أكره له ولا أفسخ البيع بحال قال الشافعي: ولا أكره البيع يوم الجمعة قبل الزوال ولا بعد الصلاة لأحد بحال وإذا تبايع المأموران بالجمعة في الوقت المنهي فيه عن البيع لم يبن لي أن أفسخ البيع بينهما لأن معقولا أن النهي عن البيع في ذلك الوقت إنما هو الإتيان الصلاة لا أن البيع يحرم بنفسه وإنما يفسخ البيع المحرم لنفسه ألا ترى لو أن رجلا ذكر صلاة ولم يبق عليه من وقتها إلا ما يأتي بأقل ما يجزيه منها فبايع فيه كان عاصيا بالتشاغل بالبيع عن الصلاة حتى يذهب وقتها ولم تكن معصية التشاغل عنها تفسد بيعه والله تعالى أعلم

ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 247

التبكير إلى الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة والهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن سمي عن أبى صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر قال الشافعي: وأحب لكل من وجبت عليه الجمعة أن يبكر إلى الجمعة جهده فكلما قدم التبكير كان أفضل ما جاء عن رسول الله ولأن العلم يحيط أن من زاد في التقرب إلى الله تعالى كان أفضل قال الشافعي: فإن قال قائل إنهم مأمورون إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة بأن يسعوا إلى ذكر الله فإنما أمروا بالفرض عليهم وأمرهم بالفرض عليهم لا يمنع فضلا قدموه عن نافلة لهم

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

صفحة : 248

المشي إلى الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال ما سمعت عمر قط فامضوا إلى ذكر الله قال الشافعي: ومعقول أن السعي في هذا الموضع العمل قال الله عز وجل إن سعيكم لشتى وقال وأن ليس للانسان إلا ما سعى وقال عز ذكره وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها قال الشافعي: قال زهير سعى بعـدهـم قـوم لـكـي يدركـوهـم

فلم يفعـلـوا ولـم يلـيمـوا ولـم يألـوا

وزادني بعض أصحابنا في هذه البيت ومـايك مـن خـير أتــوه فـــإنـــمـــا

تــوارثـــه آبـــاء آبـــائهـــم قـــبـــل

وهل يحـمـل الـخـطـى إلا وشـيجـه

وتغـرس إلا فـي مـنـابـتـهـا الـنـخـل

قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عيتك عن جده جابر ابن عيتك صاحب النبي قال إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك قال الشافعي: وفيما وصفنا من دلالة كتاب الله عز وجل أن السعي العمل وفي أن رسول الله قال إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا ما فاتكم فاقضوا قال الشافعي: والجمعة صلاة كاف من أن يروى في ترك العدو على القدمين إلى الجمعة عن أحد دون رسول الله شيء وما علمت أحدا روى عن رسول الله في الجمعة أنه زاد فيها على مشيه إلى سائر الصلوات ولا عن أحد من أصحابه قال الشافعي: ولا تؤتى الجمعة إلا ماشيا كما تؤتى سائر الصلوات وإن سعى إليها ساع أو إلى غيرها من الصلوات لم تفسد عليه صلاته ولم أحب ذلك له

ID ' ' الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

صفحة : 249

الهيئة للجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عن رأي حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة والوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة ثم جاء رسول الله منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطار ما قلت فقال رسول الله لم أكسكها لتلبسها فكساها عمر أخا له مشركا بمكة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق أن رسول الله قال في جمعة من الجمع يا مشعر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان منكم عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليك بالسواك قال الشافعي: فنحب للرجل أن يتنظف يوم الجمعة بغسل وأخذ شعر وظفر وعلاج لما يقطع تغير الريح من جميع جسده وسواك وكل ما نظفه وطيبه وأن يمس طيبا مع هذا إن قدر عليه ويستحسن من ثيابه ما قدر عليه ويطيبها اتباعا للسنة ولا يؤذي أحدا قاربه بحال وكذلك أحب له في كل عيد وآمره به وأحبه في كل صلاة جماعة وآمره به وأحبه في كل أمر جامع للناس وإن كنت له في الأعياد من الجمع وغيرها أشد استحبابا للسنة وكثرة حاضرها قال الشافعي: وأحب ما يلبس إلى البياض فإن جاوزه بعصب اليمن والقطري وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما ينسج فحسن وإذا صلاها طاهر متوارى العورة أجزأه وإن استحببت له ما وصفت من نظافة وغيرها قال الشافعي: وهكذا أحب لمن حضر الجمعة من عبد وصبي وغيره إلا النساء فإني أحب لهن النظافة بما يقطع الريح المتغيرة وأكره لهن الطيب وما يشهرن به من الثياب بياض أو غيره فإن تطيبن وفعلن ما كرهت لهن لم يكن عليهن إعادة صلاة وأحب للامام من حسن الهيئة ما أحب للناس وأكثر منه وأحب أن يعتم فإنه كان يقال إن النبي كان يعتم ولو

ID ' ' أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 250

الصلاة نصف النهار يوم الجمعة

أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني اسحق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك أنه أخبره أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا ولم يتكلم أحد قال الشافعي: وحدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال حدثني ثعلبة بن أبي مالك أن قعود الامام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام وأنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضى الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا قال الشافعي: فإذا راح الناس للجمعة صلوا حتى يصير الإمام على المنبر فإذا صار على المنبر كف منهم من كان صلى ركعتين فأكثر تكلم حتى يأخذ في الخطبة فإذا أخذ فيها أنصت

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

صفحة : 251

من دخل المسجد يوم الجمعة والامام على المنبر ولم يركع

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال دخل رجل يوم الجمعة والنبي يخطب فقال له أصليت قال لا قال فصل ركعتين قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر عن النبي مثله وزاد في حديث جابر وهو سليك الغطفاني قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله قال رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس ليجلسوه فأبي أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما قضينا الصلاة أتيناه فقلنا يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفعلوا بك فقال ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من رسول الله رأيت رسول الله وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال أصليت قال لا قال فصل ركعتين ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا فأعطى رسول الله الرجل منها ثوبين فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي يخطب فقال له النبي أصليت قال لا قال فصل ركعتين ثم حث رسول الله على الصدقة فطرح الرجل أحد ثوبيه فصاح به رسول الله وقال خذه فأخذه ثم قال رسول الله انظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة وأمرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد ثوبيه قال الشافعي: وبهذا نقول ونأمر من دخل المسجد والامام يخطب والمؤذن يؤذن ولم يصل ركعتين أن يصليهما ونأمره أن يخففهما فإنه روى في الحديث أن النبي أمر بتخفيفهما قال الشافعي: وسواء كان في الخطبة الأولى أو في الآخرة فإذا دخل والامام في آخر الكلام ولا يمكنه أن يصلى ركعتين خفيفتين قبل دخول الامام في الصلاة فلا عليه أن لا يصليهما لأنه أمر بصلاتهما حيث يمكنانه وحيث يمكنانه مخالف لحيث لا يمكنانه وأرى للامام أن يأمره بصلاتهما ويزيد في كلامه بقدر ما يكملهما فإن لم يفعل الامام كرهت ذلك له ولا شيء عليه وإن لم يصل الداخل في حال تمكنه فيه كرهت ذلك له ولا إعادة ولا قضاء عليه

صفحة : 252

قال الشافعي: وإن صلاهما وقد أقيمت الصلاة كرهت ذلك له وأن أدرك مع الامام ركعة فقد أدرك الجمعة قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأكره تخطى رقاب الناس يوم الجمعة قبل دخول الامام وبعده لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب وبذلك أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها مع الفضل في التبكير إليها وقد روى عن الحسن مرسلا أن النبي رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له النبي آنيت وآذيت وروى عن النبي رواه أبو هريرة أنه قال ما أحب أن أترك الجمعة ولي كذا وكذا ولأن أصليها بظهر الحرة أحب إلى من أن أتخطى رقاب الناس وإن كان دون مدخل رجل زحام وأمامه فرجة فكان تخطيه إلى الفرجة بواحد أو اثنين رجوت أن يسعه التخطى وإن كثر كرهته له ولم أحبه إلا أنه لا يجد السبيل إلى مصلى يصلى فيه الجمعة إلا بأن يتخطى فيسعه التخطى إن شاء اله تعالى وإن كان إذا وقف حتى تقام الصلاة تقدم من دونه حتى يصل إلى موضع تجوز فيه الصلاة كرهت له التخطى وإن فعل ما كرهت له من التخطى لم يكن عليه إعادة صلاة وإن كان الزحام دون الامام الذي يصلى الجمعة لمم أكره له من التخطى ولا من أن يفرج له الناس ما أكره للمأموم لأنه مضطر إلى أن يمضي إلى الخطبة والصلاة لهم

ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

صفحة : 253

النعاس في المسجد يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال كان ابن عمر يقول للرجل إذا نعس يوم الجمعة والامام يخطب أن يتحول منه قال الشافعي: وأحب للرجل إذا نعس في المسجد يوم الجمعة ووجد مجلسا غيره ولا يتخطى فيه أحدا أن يتحول عنه ليحدث له القيام واعتساف المجلس ما يذعر عنه النوم وإن ثبت وتحفظ من النعاس بوجه يراه ينفى النعاس عنه فلا أكره ذلك له ولا أحب إن رأى أنه يمتنع من النعاس إذا تحفظ أن يتحول وأحسب من أمره بالتحول إنما أمره حين غلب عليه النعاس فظن أن لن يذهب عنه النوم إلا بإحداث تحول وإن ثبت في مجلسه ناعسا كرهت ذلك له ولا إعادة عليه إذا لم يرقد زائلا عن حد الاستواء

مقام الإمام في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كان النبي إذا خطب استند إلى جذع نخلة من سوارى المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله فاعتنقها فسكنت قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال كان رسول الله يصلى إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فتسمع الناس خطبتك قال نعم فصنع له ثلاث درجات فهي التي أعلى المنبر فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله بدا للنبي أن يقوم على المنبر فيخطب عليه فمر إليه فلما جاوز ذلك الجذع الذي كان يخطب إليه خار حتى انصدع وانشق فنزل النبي لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في بيته حتى بلى وأكلته الأرضة وصار رفاتا قال الشافعي: فبهذا قلنا لا بأس أن يخطب الامام على شيء مرتفع من الأرض وغيرها ولا بأس أن ينزل عن المنبر للحاجة قبل أن يتكلم ثم يعود إلى المنبر وإن نزل عن النبر بعد ما تكلم

صفحة : 254

استأنف الخطبة لا يجزئه غير ذلك لأن الخطبة لا تعد خطبة إذا فصل بينها بنزول يطول أو بشيء يكون قاطعا لها قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما الآية قال الشافعي: فلم أعلم مخالفا أنها نزلت في خطبة النبي يوم الجمعة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال كان رسول الله يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق يقال لها البطحاء كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والابل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكبر فعيرهم الله بذلك فقال وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال كان النبي يخطب يوم الجمعة خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن عبد الله بن نافع عن ابن عمر عن النبي مثله قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة عن النبي وأبى بكر وعمر أنهم كانوا يخطبون يوم الجمعة خطبتين علىالمنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما قال الشافعي: فإذا خطب الإمام خطبة واحدة وصلى الجمعة عاد فخطب خطبتين وصلى الجمعة فإن لم يفعل حتى ذهب الوقت صلاها ظهرا أربعا ولا يجزئه أقل من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فإن فصل بينهما ولم يجلس لم يكن له أن يجمع ولا يجزيه أن يخطب جالسا فإن خطب جالسا من علة أجزأه من خلفه وإن خطب جالسا وهم يرونه صحيحا فذكر علة فهو أمين على نفسه وكذلك هذا في الصلاة وإن خطب جالسا وهم يعلمونه صحيحا للقيام لم تجزئه ولا إياهم الجمعة وإن خطب جالسا ولا يدرون أصحيح هو أو مريض فكان صحيحا أجزأتهم صلاتهم لأن الظاهر عندهم أن لا يخطب جالسا إلا مريض وإنما عليهم الاعادة إذا خطب

صفحة : 255

جالسا وهم يعلمونه صحيحا فإن علمته طائفة صحيحا وجهلت طائفة صحته أجزأت الطائفة التي لم تعلم صحته الصلاة ولم تجز الطائفة التي علمت صحته وهذا هكذا في الصلاة قال الشافعي: وإنما قلنا هذا في الخطبة أنها ظهر إلا أن يفعل فيها فاعل على فعل رسول الله من خطبتين يفصل بينهما بجلوس فيكون له أن يصليها ركعتين فإذا لم يفعل فعل رسول الله فهي على أصل فرضها قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا عن سلمة بن الأكوع أنه قال خطب رسول الله خطبتين وجلس جلستين وحكى الذي حدثني قال استوى رسول الله على الدرجة التي تلى المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب الخطبة الثانية وأتبع هذا الكلام الحديث فلا أدرى أحدثه عن سلمة أم شيء فسره هو في الحديث قال الشافعي: وأحب أن يفعل الامام ما وصفت وإن أذن المؤذن قبل ظهور الامام على المنبر ثم ظهر الإمام على المنبر فتكلم بالخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب أخرى أجزأه ذلك إن شاء الله لأنه قد خطب خطبتين فصل بينهما بجلوس قال ويعتمد الذي يخطب على عصا أو قوس أو ما أشبههما لأنه بلغنا أن النبي كان يعتمد على عصا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء أكان رسول الله يقوم على عصا إذا خطب قال نعم كان يعتمد عليها اعتمادا قال الشافعي: وإن لم يعتمد على عصا أحببت أن يسكن جسده ويديه إما بأن يضع اليمنى على اليسرى وإما أن يقرهما في موضعهما ساكنتين ويقل التلفت ويقبل بوجهه قصد وجهه ولا أحب أن يتلفت يمينا ولا شمالا ليسمع الناس خطبته لأنه إن كان لا يسمع أحد الشقين إذا قصد بوجهه تلقاءه فهو لا يلتفت ناحية يسمع أهلها إلا خفى كلامه على الناحية التي تخالفها مع سوء الأدب من التلفقال الشافعي: وأحب أن يرفع صوته حتى يسمع أقصى من حضره إن قدر على ذلك وأحب أن يكون كلامه كلاما مترسلا مبينا معربا بغير الإعراب الذي يشبه العي وغير التمطيط وتقطيع الكلام ومده وما يستنكر منه ولا العجلة فيه عن الإفهام ولا ترك الإفصاح بالقصد وأحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا قال الشافعي: أخبرنا سعيد بن سالم ومالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن

صفحة : 256

عمر قال الشافعي: وإذا فعل ما كرهت له من إطالة الخطبة أو سوء الأدب فيها أو في نفسه فأتى بخطبتين يفصل بينهما بجلوس لم يكن عليه إعادة وأقل ما يقع عليه اسم خطبة من الخطبتين أن يحمد الله تعالى ويصلى على النبي ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى ويحمد الله عز ذكره ويصلى على النبي ويوصى بتقوى الله ويدعو في الآخرة لأن معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض هذا أوجز ما يجمع من الكلام قال الشافعي: وإنما أمرت بالقراءة في الخطبة أنه لم يبلغنا أن رسول الله خطب في الجمعة إلا قرأ فكان أقل ما يجوز أن يقال قرأ آية من القرآن وأن يقرأ أكثر منها أحب إلى وإن جعلها خطبة واحدة عاد فخطب خطبة ثانية مكانه فإن لم يفعل ولم يخطب حتى يذهب الوقت أعاد الظهر أربعا فإن جعلها خطبتين لم يفصل بينها بجلوس أعاد خطبته فإن لم يفعل صلى الظهر أربعا وإن ترك الجلوس الأول حين يظهر على المنبر كرهته ولا إعادة عليه لأنه ليس من الخطبتين ولا فصل بينهما وهو عمل قبلهما لا منهما

القراءة في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله ابن أبي بكر عن حبيب بن عبد الرحمن ابن إساف عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان أنها سمعت النبي يقرأ ب ق وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة وأنها لم تحفظها إلا من رول الله يوم الجمعة وهو على المنبر من كثرة ما كان النبي يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن أبي بكر بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان مثله قال إبراهيم ولا أعلمني إلا سمعت أبا بكر بن حزم يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال إبراهيم وسمعت محمد بن أبي بكر يقرأ قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن حلجلة عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن عمر كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة إذا الشمس كورت حتى يبلغ علمت نفس ما أحضرت ثم يقطع السورة أخبرنا لربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام عن أبيه أن عمر ابن الخطاب قرأ

صفحة : 257

بذلك على المنبر قال الشافعي: وبلغنا أن عليا كرم الله وجهه كان يقرأ على المنبر قل أيها الكافرون و قل هو الله أحد فلا تتم الخطبتان إلا بأن يقرأ في إحداهما آية فأكثر والذي أحب أن يقرأ ب ق في الخطبة الأولى كما روى عن رسول الله لا يقر عنها وما قرأ أجزأه إن شاء الله تعالى وإن قرأ على المنبر سجدة لم ينزل ولم يسجد فإن فعل وسجد رجوت أن لا يكون بذلك بأس لأنه ليس يقطع الخطبة كما لا يكون قطعا للصلاة أن يسجد فيها سجود القرآن قال الشافعي: وإذا سجد أخذ من حيث بلغ من الكلام وإن استأنف الكلام فحسن قال الشافعي: وأحب أن يقدم الكلام ثم يقرأ الآية لأنه بلغنا ذلك وإن قدم القراءة ثم تكلم فلا بأس وأحب أن تكون قراءته ما وصفت في الخطبة الأولى وأن يقرأ في الخطبة الثانية آية أو أكثر منها ثم يقول أستغفر الله لي ولكم قال الشافعي: بلغني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا كان في آخر خطبة قرأ آخر النساء يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إلى آخر السورة وحيث قرأ من الخطبة الأولى والآخرة فبدأ بالقراءة أو بالخطبة أو جعل القراءة بين ظهراني الخطبة أو بعد الفراغ نها إذا أتى بقراءة أجزأه إن شاء الله تعالى

ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 258

كلام الامام في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال الشافعي: وحديث جابر وأبي سعيد أن رسول الله قال لرجل دخل المسجد وهو على المنبر فقال أصليت فقال لا فقال فصل ركعتين وفي حديث أبي سعيد فتصدق الرجل بأحد ثوبيه فقال النبي انظروا إلى هذا الذي قال الشافعي: ولا بأس أن يتكلم الرجل في خطبة الجمعة وكل خطبة فيما يعنيه ويعنى غيره بكلام الناس ولا أحب أن يتكلم فيما لا يعنيه ولا يعني الناس ولا بما يقبح من الكلام وكل ما أجزت له أن يتكلم به أو كرهته فلا يفسد خطبته ولا صلاتهمصاس

كيف استحب أن تكون الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا عبد العزيز عن جعفر عن أبيه عن جابر قال كان النبي قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن النبي خطب يوما فقال إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا عمرو أن النبي خطب يوما فقال في خطبته ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضى فيها ملك قادر ألا وإن الخير كله بحذافيره في الجنة ألا وإن الشر كله بحذافيره في النار ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم قال حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي ابن حاتم قال خطب رجل عند رسول الله فقال ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي اسكت فبئس

صفحة : 259

الخطيب أنت ثم قال النبي من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا تقل ومن يعصهما قال الشافعي: فبهذا نقول فيجوز أن تقول ومن يعص الله ورسوله فقد غوى لأنك أفردت معصية الله وقلت ورسوله استئناف كلام وقد قال الله تبارك وتعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم وهذا وإن كان في سياق الكلام استئناف كلام قال ومن أطاع الل فقد أطاع رسوله ومن عصى الله فقد عصى رسوله ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله ومن عصى رسوله فقد عصى الله لأن رسول الله عبد من عباده قام في خلق الله بطاعة الله وفرض الله تبارك وتعالى على عباده طاعته لما وفقه الله تعالى من رشده ومن قال ومن يعصهما كرهت ذلك القول له حتى يفرد اسم الله عز وجل ثم يذكر بعده اسم رسوله لا يذكره إلا منفردا قال الشافعي: وقال رجل يا رسول الله ما شاء الله وشئت فقال رسول الله صلى الله عليه قال الشافعي: وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية لأن طاعة رسول الله ومعصيته تبع لطاعة الله تبارك وتعالى ومعصيته لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله عز وجل فأمر بها رسول الله فجاز أن يقال فيه من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله لما وصفت والمشيئة إرادة الله تعالى قال الشافعي: قال الله عز وجل وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل فيقال لرسول الله ما شاء الله ثم شئت ويقال من يطع الله ورسوله على ما وصفت من أن الله تبارك وتعالي تعبد الخلق بأن فرض طاعة رسول الله فإذا أطيع رسول الله فقد أطيع الله بطاعة رسوله قال الشافعي: وأحب أن يخلص الإمام ابتداءا النقصه الخطبه بحمد الله والصلاة على رسوله والعظة والقراء ولا يزيد على ذلك قال الشافعي: أخربنا عبد المجيد عن ابن جريج قال لعطاء ما الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي أو عمن بعد النبي عليه الصلاة والسلام قال لا إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرا

صفحة : 260

الانصات للخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله قال إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي مثل معناه إلا أنه قال لغيت قال ابن عيينة لغيت لغية أبي هريرة قال الشافعي: أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قلما يدع ذلك إذا خطب إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا له وأنصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة ثم لا يكبر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبروه أن قد استوت فيكبر قال الشافعي: وأحب لكل من حضر الخطبة أن يستمع لها وينصت ولا يتكلم من حين يتكلم قال الشافعي: ولا بأس أن يتكلم والإمام على المنبر والمؤذنون يؤذنون وبعد قطعهم قبل كلام الإمام فإذا ابتدأ في الكلام لم أحب أن يتكلم حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة فإن قطع الآخرة فلا بأس أن يتكلم حتى يكبر الإمام وأحسن في الأدب أن لا يتكلم من حين يبتديء الإمام الكلام حتى يفرغ من الصلاة وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له ولم يكن عليه إعادة الصلاة ألا ترى أن النبي كلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق على المنبر وكلموه وتداعوا قتله وأن النبي كلم الذي لم يركع وكلمه وأن لو كانت الخطبة في حال الصلاة لم يتكلم من حين يخطب وكان الإمام أولاهم بترك الكلام الذي إنما يترك الناس الكلام حتى يسمعوا كلامه قال الشافعي: فإن قيل فما قول النبي قد لغوت قيل والله أعلم فأما ما يدل على ما وصفت من كلام رسول الله من كلمه رسول الله بكلامه فيدل على ما وصفت وإن الانصات للامام اختيار وإن قوله لغوت تكلم به في موضع الأدب فيه أن لا يتكلم والأدب في موضع الكلام أن لا يتكلم إلا بما يعنيه وتخطي رقاب

صفحة : 261

الناس يوم الجمعة في معنى الكلام فيما لا يعني الرجل قال الشافعي: ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم عن هشام بن حسان قال لا بأس أن يسلم ويرد عليه السلام والامام يخطب يوم الجمعة وكان ابن سيرين يرد إيماء ولا يتكلم قال الشافعي: ولو عطس رجل يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد عن هشام عن الحسن عن النبي قال إذا عطس الرجل والامام يخطب يوم الجمعة فشمته قال الشافعي: وكذلك إذا أراد أن يأتيه رجل فأوما إليه فلم يأته فلا بأس أن يتكلم وكذلك لو خاف على أحد أو جماعة لم أر بأسا إذا لم يفهم عنهم بالإيماء أن يتكلم والإمام يخطب قال الشافعي: ولا بأس إن خاف شيئا أن يسأل عنه ويجيبه بعض من عرف إن سأل عنه وكل ما كان في هذا المعنى فلا بأس بذلك للامام وغيره ما كان مما لا يلزم المرء لأخيه ولا يعنيه في نفسه فلا أحب الكلام به وذلك أن يقول له أنصت أو يشكو إليه مصيبة نزلت أو يحدثه عن سرور حدث له أو غائب قدم أو ما أشبه هذا لأنه لا فوت على واحد منهما في علم هذا ولا ضرر عليه في ترك إعلامه إياه قال الشافعي: وإن عطش الرجل فلا بأس أن يشرب والإمام على المنبر فإن لم يعطش فكان يتلذذ بالشراب كان أحب إلي أن يكف عنه قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن لم يسمع الخطبة أحببت له من الانصات ما أحببته للمستمع قال الشافعي: وإذا كان لا يسمع من الخطبة شيئا فلا أكره أن يقرأ في نفسه ويذكر الله تبارك اسمه ولا يكلم الآدميين قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يذكر الله في نفسه بتكبير وتهليل وتسبيح قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم قال لا أعلمه إلا أن منصور بن المعتمر أخبرني أنه سأل إبراهيم أيقرأ والإمام يخطب يوم الجمعة وهو لا يسمع الخطبة فقال عسى أن لا يضره قال الشافعي: ولو فعل هذا من سمع خطبة الإمام لم تكن عليه إعادة ولو أنصت للاستماع كان حسنا

صفحة : 262

الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا قال الشافعي: أخبرنا ابن عيينة عن عبيدالله بن عمر بن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله قال الشافعي: وأكره للرجل من كان إماما أو غير إمام أن يقيم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن نأمرهم أن يتفسحوا قال الشافعي: ولا يجوز أن يقام الرجل إلا أن يجلس الرجل حيث يتيسر له إما في موضع مصلى الإمام وإما في طريق عامة فأما أن يستقبل المصلين بوجهه في ضيق المسجد وكثرة من المصلين ولا يحول بوجهه عن استقبال المصلين فإن كان ذلك ولا ضيق على المصلين فيه فلا بأس أن يستقبلهم بوجهه ويتنحون عنه وأحسن في الأدب أن لا يفعل ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة عليه للصلاة قال الشافعي: وبهذا نأخذ فمن عرض له ما يخرجه ثم عاد إلى مجلسه أحببت لمن جلس فيه أن يتنحى عنه قال الشافعي: وأكره للرجل أن يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة وغيره ويجلس فيه ولا أرى بأسا إن كان رجل إنما جلس لرجل ليأخذ له مجلسا أن يتنحى عنه لأن ذلك تطوع من الجالس وكذلك إن جلس لنفسه ثم تنحى عنه بطيب من نفسه وأكره ذلك للجالس إلا أن يكون يتنحى إلى موضع شبيه به في أن يسمع الكلام ولا أكرهه للجالس الآخر لأنه بطيب نفس الجالس الأول ومن فعل من هذا ما كرهت له فلا إعادة للجمعة عليه قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي قال إذا قام أحدكم من مجلسه يوم الجمعة ثم رجع إليه فهو أحق به قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبي عن ابن عمر أن النبي قال لا يعمد الرجل إلى الرجل فيقيمه من مجلسه ثم يقعد فيه أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال سليمان ابن موسى عن جابر أن النبي قال لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا

ID ' ' وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

صفحة : 263

الإحتباء في المسجد يوم الجمعة والامام على المنبر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحتبى والإمام يخطب يوم الجمعة قال الشافعي: والجلوس والإمام على المنبر يوم الجمعة كالجلوس في جميع الحالات إلا أن يضيق الرجل على من قاربه فأكره ذلك وذلك أن يتكيء فيأخذ أكثر مما يأخذ الجالس ويمد رجليه أو يلقى يديه خلفه فأكره هذا لأنه يضيق إلا أن يكون برجله علة فلا أكره له من هذا شيئا وأحب له إذا كانت به علة أن يتنحى إلى موضع لا يزدحم الناس عليه فيفعل من هذا ما فيه الراحة

القراءة في صلاة الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي لبيد عن سعد المقبري عن أبي هريرة أن النبي قرأ في ركعتي الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين قال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيدالله بن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون فقال عبيدالله فقلت له قرأت بسورتين كان علي رضي الله تعالى عنه يقرأ بهما في الجمعة فقال إن رسول الله كان يقرأ بهما قال الشافعي: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني مسعر ابن كدام عن معبد بن خالد عن سمرة بن جندب عن النبي أنه كان يقرأ في الجمعة سبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية قال الشافعي: أحب أن يقرأ يوم الجمعة في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون لثبوت قراءة النبي بهما وتواليهما في التأليف وإذ كان من يحضر الجمعة بفرض قال الشافعي: وما قرأ به الإمام يوم الجمعة وغيرها من أم القرآن وآية أجزأه وإن اقتصر على أم القرآن أجزأه ولم أحب ذلك له قال الشافعي: وحكاية من حكى السورتين اللتين قرأ بهما النبي في الجمعة تدل على أنه جهر بالقراءة وأنه صلى الجمعة ركعتين وذلك ما لا اختلاف فيه علمته فيجهر الإمام بالقراءة في الجمعة ويصليها ركعتين إذا كانت جمعة فإن صلاها ظهرا خافت بالقراءة وصلى

صفحة : 264

أربعا قال الشافعي: وإن خافت بالقراءة في الجمعة أو غيرها مما يجهر فيه بالقراءة أو جهر بالقراءة فيما يخافت فيه بالقراءة من الصلاة كرهت ذلك له ولا إعادة ولا سجود للسهو عليه قال الشافعي: وإن بدأ الإمام يوم الجمعة فقرأ بسورة المنافقين في الركعة الأولى قبل أم القرآن عاد فقرأ أم القرآن قبل أن يركع أجزأه أن يركع بها ولا يعيد سورة المنافقين ولو قرأ معها بشيء من الجمعة كان أحب إلى ويقرأ في الركعة الثانية بسورة الجمعة

القنوت في الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى حكى عدد صلاة النبي الجمعة فما علمت أحدا منهم حكى أنه قنت فيها إلا أن تكون دخلت في جملة قنوته في الصلوات كلهن حين قنت على قتلة أهل بئر معونة ولا قنوت في شيء من الصلوات إلا الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلهن إن شاء الإمام

من أدرك ركعة من الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله قال من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة قال الشافعي: فكان أقل ما في قول رسول الله فقد أدرك الصلاة إن لم تفته الصلاة قال الشافعي: ومن لم تفته الصلاة صلى ركعتينقال الشافعي: ومن أدرك ركعة من الجمعة بنى عليها ركعة أخرى وأجزأته الجمعة وإدراك الركعة أن يدرك الرجل قبل رفع رأسه من الركعة فيركع معه ويسجد فإن أدركه وهو راكع فكبر ثم لم يركع معه حتى يرفع الإمام رأسه من الركعة ويسجد معه لم يعتد بتلك الركعة وصلى الظهر أربعا قال الشافعي: وإن ركع وشك في أن يكون تمكن راكعا قبل أن يرفع الإمام رأسه لم يعتد بتلك قال الشافعي: وإن ركع مع الامام ركعة وسجد سجدتين ثم شك في أن يكون سجد سجدتين مع الإمام أو سجدة سجد سجدة وصلى ثلاث ركعات حتى يكمل الظهر أربعا لأنه لا يكون مدركا لركعة بكمالها إلا بأن يسجد سجدتين وكذلك لو أدرك مع الإمام ركعة ثم أضاف إليها أخرى ثم شك في سجدة لا يدرى أهي من الركعة التي كانت مع الإمام أو الركعة التي صلى

صفحة : 265

لنفسه كان مصليا ركعة وقاضيا ثلاثا ولا يكون له جمعة حتى يعلم أن قد صلى مع الإمام ركعة بسجدتين

الرجل يركع مع الامام ولا يسجد معه يوم الجمعة وغيرها

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أمر رسول الله المأمومين أن يركعوا إذا ركع الإمام ويتبعوه في عمل الصلاة فلم يكن للمأموم أن يترك اتباع الإمام في عمل الصلاة قال الشافعي: وصلى رسول الله صلاة الخوف بعسفان فركع وركعوا وسجد فسجدت طائفة وحرسته أخرى حتى قام من سجوده ثم تبعته بالسجود مكانها حين قام قال الشافعي: فكان بينا والله تعالى أعلم في سنن رسول الله أن على المأموم اتباع الامام ما لم يكن للمأموم عذر يمنعه اتباعه وأن له إذا كان له عذر أن يتبعه في وقت ذهاب العذر قال الشافعي: فلو أن رجلا مأموما في الجمعة ركع مع الإمام ثم زحم فلم يقدر على السجود بحال حتى قضى الإمام سجوده تبع الإمام إذا قام الإمام فأمكنه أن يسجد سجد وكان مدركا للجمعة إذا صلى الركعة التي بقيت عليه وهكذا لو حبسه حابس من مرض لم يقدر معه على السجود أو سهو أو نسيان أو عذر ما كان قال الشافعي: وإن كان إدراكه الركعة الآخرة وسلم الإمام قبل يمكنه السجود سجد وصلى الظهر أربعا لأنه لم يدرك مع الإمام ركعة بكمالها قال الشافعي: وإن أدرك الأولى ولم يمكنه السجود حتى ركع الإمام الركعة الثانية لم يكن له أن يسجد للركعة الأولى إلا أن يخرج من إمامة الامام فإن سجد خرج من إمامة الامام لأن أصحاب النبي إنما سجدوا للركعة التي وقفوا عن السجود لها بالعذر بالحراسة قبل الركعة الثانية قال الشافعي: ويتبع الإمام فيركع معه ويسجد ويكون مدركا معه الركعة ويسقط عنه واحدة ويضيف إليها أخرى ولو ركع معه ولم يسجد حتى سلم الامام سجد سجدتين وكان مصليا قال الشافعي: فإن أمكنه أن يسجد على ظهر رجل فتركه بغير عذر خرج من صلاة الامام فإن صلى لنفسه أجزأته ظهرا وإن لم يفعل وصلى مع الإمام أعاد الظهر ولا يكون له أن يمكنه مع

صفحة : 266

الإمام ركوع ولا سجود فيدعه بغير عذر ولا سهو إلا خرج من صلاة الإمام ولو جاز أن يكون رجل خلف الامام يمكنه الركوع والسجود ولا عذر له لم يكن به غير خارج من صلاة الإمام جاز أن يدع ذلك ثلاث ركعات ويركع في الرابعة فيكون كمبتديء الصلاة حين ركع وسجد معه ويدع ذلك أربع ركعات ثم يركع ويسجد فيتبع الامام في الركعة التي قبل سجوده قال الشافعي: ولو سها عن ركعة اتبع الإمام ما لم يخرج الامام من صلاته بالركوع والسجود أو يركع الامام ثانية فإذا ركع ثانية ركعها معه وقضى التي سها عنها ولو خرج الإمام من صلاته وسها عن ثلاث ركعات وقد جهر الإمام في ركعتين ركع وسجد بلا قراءة واجتزأ بقراءة الإمام في ركعة في قول من قال لا يقرأ خلف الإمام فيما يجهر فيه الامام ثم قرأ لنفسه فيما بقى ولم يجزه غير ذلك ولو كان فيما يخافت فيه الامام فإن كان قرأ اعتد بقراءته في ركعة وإن لم يكن قرأ لم يعتد بها ويقرأ فيما بقى بكل حال لا يجزئه غير ذلك

الرجل يرعف يوم الجمعة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا دخل الرجل في صلاة الإمام يوم الجمعة حضر الخطبة أو لم يحضرها فسواء فإن رعف الرجل الداخل في صلاة الإمام بعد ما يكبر مع الامام فخرج يسترعف فأحب الأقاويل إلي فيه أنه قاطع للصلاة ويسترعف ويتكلم فإن أدرك مع الامام ركعة أضاف إليها أخرى وإلا صلى الظهر أربعا وهذا قول المسور ابن مخرمة وهكذا إن كان بجسده أو ثوبه نجاسة فخرج فغسلها ولا يجوز أن يكون في حال لا تحل فيها الصلاة ما كان بها ثم بنى على صلاته والله تعالى أعلم قال الشافعي: وإن رجع وبنى على صلاته رأيت أن يعيد وإن استأنف صلاته بتكبيرة افتتاح كان حينئذ داخلا في الصلاة

ID ' ' سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 267

رعاف الامام وحدثه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أصل ما نذهب إليه أن صلاة الإمام إذا فسدت لم تفسد صلاة من خلفه فإذا كبر الإمام يوم الجمعة ثم رعف أو أحدث فقدم رجلا أو تقدم الرجل بغير أمره بأمر الناس أو غير أمرهم وقد كان المتقدم دخل في صلاة الإمام المحدث قبل أن يحدث كان الإمام المقدم الآخر يقوم مقام الامام الأول وكان له أن يصلى بهم ركعتين وتكون له ولهم الجمعة قال الشافعي: ولو دخل المتقدم مع الإمام في أول صلاته أو بعد ما صلى ركعة فرعف الأمام قبل الركوع أو بعده وقبل السجود فانصرف ولم يقدموا أحدا فصلوا وحدانا فمن أدرك منهم مع الإمام ركعة بسجدتين أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة ومن لم يدرك ركعة بسجدتين كاملتين صلى الظهر أربعا قال الشافعي: ولو أن الإمام يوم الجمعة رعف فخرج ولم يركع ركعة وقدم رجلا لم يدرك التكبيرة فصلى بهم ركعتين أعادوا الظهر أربعا لأنه ممن لم يدخل معه في الصلاة حتى خرج الإمام من الإمامة وهذا مبتديء ظهرا أربعا لا يجهر فيها بالقراءة ولو صلى الإمام بهم جنبا أو على غير وضوء الجمعة أجزأتهم وكان عليه أن يعيد ظهرا أربعا لنفسه قال الشافعي: ولو أعاد الخطبة ثم صلى بطائفة الجمعة لم يكن له ذلك وكان عليه أن يعود فيصلى ظهرا أربعا قال الشافعي: فإن فعل فذكر وهو في الصلاة أن عليه الظهر فوصلها ظهرا فقد دخلها بغير نية صلاة أربع فأحب إلي أن يبتديء الظهر أربعا وقد يخالف المسافر يفتتح ينوى القصر ثم يتم لأنه كان للمسافر أن يقصر ويتم والمسافر نوى الظهر بعينها فهو داخل في نية فرض الصلاة والمصلى الجمعة لم ينو الظهر بحال إنما نوى الجمعة التي فرضها ركعتان إذا كانت جمعة والذي ليس له أن يصليها جمعة أربعا فإن أتمها ظهرا أربعا رجوت أن لا يضيق عليه إن شاء الله تعالى وما أحب أن يفعل ذلك بحال وإنما لم يتبين لي إيجاب الاعادة عليه لأن الرجل قد يدخل مع الإمام ينوى الجمعة ولا يكمل له ركعة فتجرى عليه أن يبنى على صلاته مع الإمام ظهرا وإن كان هذا قد يخالفه في أنه مأموم تبع الإمام لم يؤت من نفسه والأول إمام عمد فعل نفسه ولو أحدث الإمام الذي خطب بعد ما كبر فقدم رجلا كبر معه ولم يدرك الخطبة فصلى ركعة ثم أحدث فقدم رجلا أدرك معه الركعة صلى ركعة ثانية فكانت له ولمن أدرك معه الركعة الأخيرة جمعة وإن

صفحة : 268