كتاب الأم - المجلد الأول5

الأذان للكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أذان لكسوف ولا لعيد ولا لصلاة غير مكتوبة وإن أمر الإمام من يصيح الصلاة جامعة أحببت ذلك له فإن الزهري يقول كان النبي يأمر المؤذن في صلاة العيدين أن يقول الصلاة جامعة

قدر صلاة الكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يقوم الإمام في صلاة الكسوف فيكبر ثم يفتتح كما يفتتح المكتوبة ثم يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة إن كان يحفظها أو قدرها من القرآن إن كان لا يحفظها ثم ركع فيطيل ويجعل ركوعه قدر مائة آية من سورة البقرة ثم يرفع ويقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول ثم يرفع ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة ثم يركع بقدر سبعين آية من البقرة ثم يرفع فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة آية من البقرة ثم يركع بقدر قراءة خمسين آية من البقرة ثم يرفع ويسجد قال الشافعي: وإن جاوز هذا في بعض وقصر عنه في بعض أو جاوزه في كل أو قصر عنه في كل إذا قرأ أم القرآن في مبتدأ الركعة وعند رفعه رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة قال الشافعي: وإن ترك أم القرآن في ركعة من صلاة الكسوف في القيام الأول أو القيام الثاني لم يعتد بتلك الركعة وصلى ركعة أخرى وسجد سجدتي السهو كما إذا ترك أم القرآن في ركعة واحدة من صلاة المكتوبة لم يعتد بها كأنه قرأ بأم القرآن عند افتتاح الصلاة ثم ركع فرفع فلم يقرأ بأم القرآن حتى رفع ثم يعود لأم القرآن فيقرؤها ثم ركع وإن ترك أم القرآن حتى يسجد ألغى السجود وعاد إلى القيام حتى يركع بعد أم القرآن قال ولا يجزيء أن يؤم في صلاة الكسوف إلا من يجزيء أن يؤم في الصلاة المكتوبة فإن أم أمى قراء لم تجزيء صلاتهم عنهم وإن قرءوا معه إذا كانوا يأتمون به قال وإن أمهم قاريء أجزأت صلاته عنهم وإذا قلت لا تجزيء عنهم أعادوا بإمام ما كانت الشمس كاسفة وإن تجلت لم يعيدوا وإن امتنعوا كلهم من الإعادة إلا واحدا أمرت الواحد أن يعيد فإن كان معه غيره أمرتهما أن يجمعا

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

صفحة : 331

صلاة المنفردين في صلاة الكسوف

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو أو صفوان ابن عبد الله بن صفوان قال رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم لكسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين قال الشافعي: ولا أحسب ابن عباس صلى صلاة الكسوف إلا أن الوالي تركها لعل الشمس تكون كاسفة بعد العصر فلم يصل فصلى ابن عباس أو لعل الوالى كان غائبا أو امتنع من الصلاة قال فهكذا أحب لكل من كان حاضرا إماما أن يصلى إذا ترك الإمام صلاة الكسوف أن يصلى علانية إن لم يخف وسرا إن خاف الوالي في أي ساعة كسفت الشمس وأحسب من روى عنه أن الشمس كسفت بعد العصر وهو بمكة تركها في زمان بني أمية اتقاء لهم فأما أيوب بن موسى فيذهب إلى أن لا صلاة بعد العصر لطواف ولا غيره والسنة تدل على ما وصفت من أن يصلى بعد العصر لطواف والصلاة المؤكدة تنسى ويشتغل عنها ولا يجوز ترك صلاة الكسوف عندي لمسافر ولا مقيم ولا لأحد جاز له أن يصلى بحال فيصليها كل من وصفت بإمام تقدمه ومنفردا إن لم يجد إماما ويصليها كما وصفت صلاة الإمام ركعتين في كل ركعة ركعتين وكذلك خسوف القمر قال وإن خطب الرجل الذي وصفت فدكرهم لم أكره قال وإن كسفت الشمس ورجل مع نساء فيهن ذوات محرم منه صلى بهن وإن لم يكن فيهن ذوات محرم منه كرهت ذلك له وإن صلى بهن فلا بأس إن شاء الله تعالى فإن كن اللاتي يصلين نساء فليس من شأن النساء الخطبة ولكن لو ذكرتهن إحداهن كان حسنا قال وإذا صلى الرجل وحده صلاة الكسوف ثم أدركها مع الإمام صلاها كما يصنع في المكتوبة وكذلك المرأة فلا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء ولا للعجوز ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن وأحب إلى لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن

ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

صفحة : 332

الصلاة في غير كسوف الشمس والقمر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا آمر بصلاة جماعة في زلزلة ولا ظلمة ولا لصواعق ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات وآمر بالصلاة منفردين كما يصلون منفردين سائر الصلوات

كتاب الاستسقاء

متى يستسقى الإمام

وهل يسأل الامام رفع المطر إذا خاف ضرره

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس قال جاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادغ الله فدعا رسول الله فمطرنا من جمعة إلى جمعة قال فجاء رجل إلى رسول الله فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبيل وهلكت المواشي فقام رسول الله فقال اللهم على رءوس الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب قال الشافعي: فإذا كان جدب أو قلة ماء في نهر أو عين أو بئر في حاضر أو باد من المسلمين لم أحب للامام أن يتخلف عن أن يعمل عمل الاستسقاء وإن تخلف عن ذلك لم تكن عليه كفارة ولا قضاء وقد أساء في تخلفه عنه وترك سنة فيه وإن لم تكن واجبة وموضع فضل فإن قال قائل فكيف لا يكون واجبا عليه أن يعمل عمل الاستسقاء من صلاة وخطبة قيل لا فرض من الصلاة إلا خمس صلوات وفي الحديث عن رسول الله ما يدل على أن جدبا كان ولم يعمل رسول الله في أوله عمل الاستسقاء وقد عمله بعد مدة منه فاستسقى وبذلك قلت لا يدع الإمام الاستسقاء وإن لم يفعل الإمام لم أر للناس ترك الاستسقاء لأن المواشي لا تهلك إلا وقد تقدمها جدب دائم وأما الدعاء بالاستسقاء فمما لا أحب تركه إذا كان الجدب وإن لم يكن ثم صلاة ولا خطبة وإن استسقى فلم تمطر الناس أحببت أن يعود ثم يعود حتى يمطروا وليس استحبابي لعودته الثانية بعد الأولي ولا الثالثة بعد الثانية كاستحبابي للأولى وإنما أجزت له العود بعد الأولى أن الصلاة والجماعة في الأولى فرض وأن رسول الله إذا استسقى سقى أولا فإذا سقوا أولا لم يعد الإمام أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن سليمان بن عبد الله بن عويمر

صفحة : 333

الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت أصاب الناس سنة شديدة على عهد رسول الله فمر بهم يهودي فقال أما والله لو شاء صاحبكم لمطرتم ما شئتم ولكنه لا يحب ذلك فأخبر الناس رسول الله بقول اليهودي قال أو قد قال ذلك فقالوا نعم قال إني لأتنصر بالسنة على أهل نجد وإني لأرى السحابة خارجة من العين فأكرهها موعدكم يوم كذا أستسقى لكم فلما كان ذلك اليوم غدا الناس فما تفرق الناس حتى مطروا ما شاءوا فما أقلعت السماء جمعة وإذا خاف الناس غرقا من سيل أو نهر دعوا الله بكف الضرر عنهم كما دعا النبي بكف الضرر عن البيوت أن تهدمت وكذلك يدعو بكف الضرر من المطر عن المنازل وأن يجعل حيث ينفع ولا يضر البيوت من الشجر والجبال والصحارى إذا دعا بكف الضرر ولم آمر بصلاة جماعة وأمرت الإمام والعام يدعون في خطبة الجمعة وبعد الصلوات ويدعو في كل نازلة نزلت بأحد من المسلمين وإذا كانت ناحية مخصبة وأخرى مجدبة فحسن أن يستسقى إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين ويسأل الله الزيادة لمن أخصب من استسقائه لمن أجدب فإن ما عند الله واسع ولا أحضه على الاستسقاء لمن ليس بين ظهرانيه كما أحضه على الاستسقاء لمن هو بين ظهرانيه ممن قاربه ويكتب إلى الذي يقوم بامر المجدبين أن يستسقى لهم أو أقرب الأئمة بهم فإن لم يفعل أحببت أن يستسقى لهم رجل من بين ظهرانيهم

ID ' ' وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

صفحة : 334

من يستسقى بصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وكل إمام صلى الجمعة وصلى العيدين استسقى وصلى الخسوف ولا يصلى الجمعة إلا حيث تجب لأنها ظهر فإذا صليت جمعة قصرت منها ركعتان ويجوز أن يستسقى وأستحب أن يصلى العيدين والخسوف حيث لا يجمع من بادية وقرية صغيرة ويفعله مسافرون في البدو لأنها ليست بإحالة شيء من فرض وهي سنة ونافلة خير ولا أحب تركه بحال وإن كان أمري به واستحبابيه حيث لا يجمع ليس هو كاستحبابيه حيث يجمع وليس كأمري به من يجمع من الأئمة والناس وإنما أمرت به كما وصفت لأنها سنة ولم ينه عنه أحد يلزم أمره وإذا استسقى الجماعة بالبادية فعلوا ما يفعلون في الأمصار من صلاة أو خطبة وإذا خلت الأمصار من الولاة قدموا أحدهم للجمعة والعيدين والخسوف والاستسقاء كما قد قدم الناس أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف للصلاة المكتوبة ورسول الله يصلح بين بني عمرو بن عوف وعبد الرحمن في غزوة تبوك ورسول الله قد ذهب لحاجته ثم غبط رسول الله الناس بما صنعوا من تقديم عبد الرحمن بن عوف فإذا أجاز هذا رسول الله في المكتوبة غير الجمعة كانت الجمعة مكتوبة وكان هذا في غير المكتوبة مما ذكرت أجوز

ID ' ' الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

صفحة : 335

الاستسقاء بغير الصلاة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويستسقى الإمام بغير صلاة مثل أن يستسقى بصلاة وبعد خطبته وصلاته وخلف صلاته وقد رأيت من يقيم مؤذنا فيأمره بعد صلاة الصبح والمغرب أن يستسقى ويحض الناس على الدعاء فما كرهت من صنع ذلك

الأذان لغير المكتوبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا أذان ولا إقامة إلا للمكتوبة فأما الخسوف والعيدان والاستسقاء وجميع صلاة النافلة فبغير أذان ولا إقامة

كيف يبتديء الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان إذا أراد أن يستسقى أمر الناس فصاموا ثلاثة أيام متتابعة وتقربوا إلى الله عز وجل بما استطاعوا من خير ثم خرج في اليوم الرابع فاستسقى بهم وأنا أحب ذلك لهم وآمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صياما من غير أن أوجب ذلك عليهم ولا على إمامهم ولا أرى بأسا أن يأمرهم بالخروج ويخرج قبل أن يتقدم إليهم في الصوم وأولى ما يتقربون إلى الله أداء ما يلزمهم من مظلمة في دم أو مال أو عرض ثم صلح المشاجر والمهاجر ثم يتطوعون بصدقة وصلاة وذكر وغيره من البر وأحب كلما أراد الإمام العودة إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصموا قبل عودته إليه ثلاثا قال الشافعي: رحمه الله تعالى خرج رسول الله في الجمعة والعيدين بأحسن هيئة وروى أنه خرج في الاستسقاء متواضعا وأحسب الذي رواه قال متبذلا فأحب في العيدين أن يخرج بأحسن ما يجد من الثياب وأطيب الطيب ويخرج في الاستسقاء متنظفا بالماء وما يقطع تغير الرائحة من سواك وغيره وفي ثياب تواضع ويكون مشيه وجلوسه وكلامه كلام تواضع واستكانة وما أحببت للامام في الحالات من هذا أحببته للناس كافة وما لبس الناس والإمام مما يحل لهم الصلاة فيه أجزأه وإياهم

ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 336

خروج النساء والصبيان في الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وأحب أن يخرج الصبيان ويتنظفوا للاستسقاء وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن ولا أحب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم وأكره إخراج من خالف الإسلام للاستسقاء مع المسلمين في موضع مستسقى المسلمين وغيره وآمر بمنعهم من ذلك فإن خرجوا متميزين على حدة لم نمنعهم ذلك ونساؤهم فيما أكره من هذا كرجالهم ولو تميز نساؤهم لم أكره من مخرجهم ما أكره من مخرج بالغيهم ولو ترك سادات العبيد المسلمين العبيد يخرجون كان أحب إلي وليس يلزمهم تركهم والإماء مثل الحرائر وأحب إلى لو ترك عجائزهن ومن لا هيئة له منهن يخرج ولا أحب ذلك في ذوات الهيئة منهن ولا يجب على ساداتهن تركهن يخرجن

المطر قبل الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا تهيأ الإمام للخروج فمطر الناس مطرا قليلا أو كثيرا أحببت أن يمضى والناس على الخروج فيشكروا الله على سقياه ويسألوا الله زيادته وعموم خلقه بالغيث وأن لا يتخلفوا فإن فعلوا فلا كفارة ولا قضاء عليهم فإن كانوا يمطرون في الوقت الذي يريد الخروج بهم فيه استسقى بهم في المسجد أو أخر ذلك إلى أن يقلع المطر ولو نذر الإمام أن يستسقى ثم سقى الناس وجب عليه أن يخرج فيوفى نذره وإن لم يفعل فعليه قضاؤه وليس عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم ولا له أن يلزمهم أن يستسقوا في غير جدب وكذلك لو نذر رجل أن يخرج يستسقى كان عليه أن يخرج للنذر بنفسه فإن نذر أن يخرج بالناس كان عليه أن يخرج بنفسه ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم وأحب أن يخرج بمن أطاعه منهم من ولده وغيره فإن كان في نذره أن يخطب فيخطب ويذكر الله تعالى ويدعوا جالسا إن شاء لأنه ليس في قيامه إذا لم يكن واليا ولا معه جماعة بالذكر طاعة وإن نذر أن يخطب على منبر فليخطب جالسا وليس عليه أن يخطب على منبر لأنه لا طاعة في ركوبه لمنبر ولا بعير ولا بناء إنما أمر بهذا الإمام ليسمع الناس فإن كان إماما ومعه ناس لم يف نذره إلا بالخطبة قائما لأن الطاعة إذا كان معه ناس فيها أن يخطب قائما فإذا فعل هذا كله فوقف على منبر أو جدار أو قائما أجزأه من نذره ولو نذر أن يخرج فيستسقى أحببت له أن يستسقى في المسجد ويجزئه لو استسقى في بيته

صفحة : 337

أين يصلى للاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويصلى الإمام حيث يصلى العيد في أوسع ما يجد على الناس وحيث استسقى أجزأه إن شاء الله تعالى

الوقت الذي يخرج فيه الإمام للاستسقاء وما يخطب عليه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويخرج الإمام للاستسقاء في الوقت الذي يصل فيه إلى موضع مصلاه وقد برزت الشمس فيبتديء فيصلى فإذا فرغ خطب ويخطب على منبر يخرجه إن شاء وإن شاء خطب راكبا أو على جدار أو شيء يرفع له أو على الأرض كل ذلك جائز له

كيف صلاة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول خرج رسول الله إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون بالقراءة في الاستسقاء ويصلون قبل الخطبة ويكبرون في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضي الله عنه مثله قال الشافعي: أخبرني سعد بن إسحق عن صالح عن ابن المسيب عن عثمان بن عفان أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرني إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو الحويرث عن إسحق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه أن سأل ابن عباس عن التكبير في صلاة الاستسقاء فقال مثل التكبير في صلاة العيدين سبع وخمس أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله إلى المصلى يستسقى فاستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن إسحق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس مثله أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز أنه كبر في

صفحة : 338

الاستسقاء سبعا وخمسا وكبر في العيدين مثل ذلك أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة أن أبا بكر بن عمرو بن حزم أشار على محمد بن هشام أن يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قال الشافعي: فبهذا كله نأخذ فنأمر الإمام يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قبل القراءة ويرفع يديه عند كل تكبيرة من السبع والخمس ويجهر بالقراءة ويصلى ركعتين لا يخالف صلاة العيد بشيء ونأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين فإذا خافت بالقراءة في صلاة الاستسقاء فلا إعادة عليه وإن ترك التكبير فكذلك ولا سجود للسهو عليه وإن ترك التكبير حتى يفتتح القراءة في ركعة لم يكبر بعد افتتاحه القراءة وكذلك إن كبر بعض التكبير ثم افتتح بالقراءة لم يقض التكبير في تلك الركعة وكبر في الأخرى تكبيرها ولم يقض ما ترك من تكبير الأولى فإن صنع في الأخرى كذلك صنع هكذا يكبر قبل أن يقرأ ولا يكبر بعد ما يقرأ في الركعة التي افتتح فيها القراءة قال الشافعي: وهكذا هذا في صلاة العيدين لا يختلف وما قرأ به مع أم القرآن في كل ركعة أجزأه وإن اقتصر على أم القرآن في كل ركعة أجزأته وإن صلى ركعتين قرأ في إحداهما بأم القرآن ولم يقرأ في الأخرى بأم القرآن فإنما صلى ركعة فيضيف إليها أخرى ويسجد للسهو ولا يعتد هو ولا من خلفه بركعة لم يقرأ فيها وإن صلى ركعتين لم يقرأ في واحدة منهما بأم القرآن أعادهما خطب أم لم يخطب فان لم يعدهما حتى ينصرف أحببت له إعادتهما من الغد أو يومه إن لم يكن الناس تفرقوا وإذا أعادهما أعاد الخطبة بعدهما وإن كان هذا في صلاة العيد أعادهما من يومه ما بينه وبين أن تزول الشمس فإذا زالت لم يعدهما لأن صلاة العيد في وقت فإذا مضى لم تصل وكل يوم وقت لصلاة الاستسقاء ولذلك يعيدهما في الاستسقاء بعد الظهر وقبل العصر

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 339

الطهارة لصلاة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ولا يصلى حاضر ولا مسافر صلاة الاستسقاء ولا عيد ولا جنازة ولا يسجد للشكر ولا سجود للقرآن ولا يمس مصحفا إلا طاهرا الطهارة التي تجزيه للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة ولا يحل مس مصحف إلا بطهارة وسواء خاف فوت شيء من هذه الصلوات أو لم يخفه يكون ذلك سواء في المكتوبات

كيف الخطبة في الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويخطب الإمام في الاستسقاء خطبتين كما يخطب في صلاة العيدين يكبر الله فيهما ويحمده ويصلى على النبي ويكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه ويقول كثيرا استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا

الدعاء في خطبة الاستسقاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويقول اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا أللهم إن كنت أوجبت إجابتك لأهل طاعتك وكنا قد قارفنا ما خالفنا فيه الذين محضوا طاعتك فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتنا في سقيانا وسعة رزقنا ويدعو بما شاء بعد للدنيا والآخرة ويكون أكثر دعائه الاستغفار يبدأ به دعاءه ويفصل به بين كلامه ويختم به ويكون أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام ويحض الناس على التوبة والطاعة والتقرب إلى الله عز وجل قال الشافعي: وبلغنا أن رسول الله كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن النبي كان إذا استسقى قال اللهم أمطرنا أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي كان يقول عند المطر اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق اللهم على الظراب ومنابت الشجر اللهم حوالينا ولا علينا قال وروى سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق من اللأواء والجهد والضنك ما لا نشكو إلا اليك اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع

صفحة : 340

واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا قال الشافعي: وأحب أن يدعو الإمام بهذا ولا وقت في الدعاء ولا يجاوزه أخبرنا إبراهيم عن المطلب بن السائب عن ابن المسيب قال استسقى عمر وكان أكثر دعائه الاستغفار قال الشافعي: وإن خطب خطبة واحدة لم يجلس فيها لم يكن عليه إعادة وأحب أن يجلس حين يرقى المنبر أو موضعه الذي يخطب فيه ثم يخطب ثم يجلس فيخطب قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويبدأ فيخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الآخرة فيستقبل الناس في الخطبتين ثم يحول وجه إلى القبلة ويحول رداءه ويحول الناس أرديتهم معه فيدعوا سرا في نفسه ويدعو الناس معه ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم ويأمرهم بخير ويصلى على النبي ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو أكثر من القرآن ويقول استغفر الله لي ولكم ثم ينزل وإن استقبل القبلة في الخطبة الأولى لم يكن عليه أن يعود لذلك في الخطبة الثانية وأحب لمن حضر الاستسقاء استماع الخطبة والإنصات ولا يجب ذلك وجوبه في الجمعة

ID ' ' وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

صفحة : 341

كيف تحويل الإمام رداءه في الخطبة

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم قال استسقى رسول الله وعليه خميصة له سوداء فأراد رسول الله أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه قال الشافعي: وبهذا أقول فنأمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله ويزيد مع تنكيسه فيجعل شقه الذي على منكه الأيمن على منكبه الأيسر والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن فيكون قد جاء بما أراد رسول الله من نكسه وبما فعل من تحويل الأيمن على الأيسر إذا خف له رداؤه فإن ثقل فعل ما فعل رسول الله وسلم من تحويل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر وما على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن ويصنع الناس في ذلك ما صنع الإمام فإن تركه منهم تارك أو الإمام أو كلهم كرهت تركه لمن تركه ولا كفارة ولا إعادة عليه ولا يحول رداءه إذا انصرف من مكانه الذي يخطب فيه وإذا حولوا أرديتهم أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها وإن اقتصر رجل على تحويل ردائه ولم ينكسه أجزأه إن شاء الله تعالى لسعة ذلك وكذلك لو اقتصر على نكسه ولم يحوله إلا نكسا رجوت أن يجزيه

ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

صفحة : 342

كرهية الاستمطار بالأنواء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال صلى لنا رسول الله الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب وأما من قال مطرنا نبوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكبقال الشافعي: رسول الله بأبي هو وأمي هو عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معانى وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية وأرى معنى قوله والله أعلم أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذلك فذلك كفر كما قال رسول الله لأن النوء وقت والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا ولا يمطر ولا يصنع شيئا فأما من قال مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا بوقت كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا ولا يكون هذا كفر وغيره من الكلام أحب إلى منه قال الشافعي: أحب أن يقول مطرنا في وقت كذا وقد روى عن عمر أنه قال يوم الجمعة وهو على المنبر كم بقى من نوء الثريا فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء فدعا ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطرا حيي الناس منه وقول عمر هذه يبين ما وصفت لأنه إنما أراد كم بقى من وقت الثريا ليعرفهم بأن الله عز وجل قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد بما جربوا في أوقات وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم قرأ ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه وقد مطر الناس فقال أجاد ما أقرى المجدح البارحة فأنكر عمر قوله أجاد ما أقرى المجدح لإضافة المطر إلى المجدح

ID ' ' أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

صفحة : 343

البروز للمطر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى بلغنا أن النبي كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده وروى عن ابن عباس أن السماء أمطرت فقال لغلامه أخرج فراشي ورحلي يصيبه المطر فقال أبو الجوزاء لابن عباس لم تفعل هذا يرحمك الله فقال أما تقرأ كتاب الله ونزلنا من السماء ماء مباركا فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب أنه رآه في المسجد ومطرت السماء وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه ثم رجع إلى مجلسه

السيل

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد أن النبي كان إذا سال السيل يقول يقول اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم عن إسحق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه إحد إلا تمسحنا به

ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

صفحة : 344

طلب الإجابة في الدعاء

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم قال حدثني عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي قال اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث قال الشافعي: وقد حفظت من غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيب وإقامة الصلاة

القول في الإنصات عند رؤية السحاب والريح

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرني من لا أتهم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سرى عنه قال الشافعي: أخبرني من أتهم قال قال المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي إذا أبصرنا شيئا في السماء يعنى السحاب ترك عمله واستقبل القبلة قال اللهم اني أعوذ بك من شر ما فيه فإن كشفه الله حمد الله تعالى وإن مطرت قال اللهم سقيا نافعا قال الشافعي: وأخبرني من لا أتهم قال حدثني أبو حازم عن ابن المسيب أن النبي كان إذا سمع حس الرعد عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سرى عنه فسئل عن ذلك فقال إني لا أدرى بما أرسلت أبعذاب أم برحمة قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال ما هبت ريح إلا جثا النبي على ركبتيه وقال اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا قال قال ابن عباس في كتاب الله عز وجل إنا أسلنا عليهم ريحا صرصرا و إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقال وأرسلنا الرياح لواقح وأرسلنا الرياح مبشرات قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال أخبرنا صفوان بن سليم قال قال رسول الله لا تسبوا وعوذوا بالله من شرها قال الشافعي: ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق الله عز وجل مطيع وجند من أجناده قال الشافعي: أخبرنا محمد بن عباس قال شكا رجل إلى النبي الفقر فقال النبي لعلك تسب الريح

صفحة : 345

أخبرنا الثقة عن الزهري عن ثابت بن قيس عن أبي هريرة قال أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر رضي الله عنه لمن حوله ما بغلكم في الريح فلم يرجعوا إليه شيئا فلبلغني الذي سأل عنه عمر من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أردكت عمر وكنت في مؤخر الناس فقلت يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح وإني سمعت رسول الله يقول الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فلا تسبوها واسألوا الله من خيرها وعوذوا بالله من شرها أخبرنا سفيان بن عيينة قال قلت لابن طاوس ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد قال كان يقول سبحان من سبحت له قال الشافعي: كأنه يذهب إلى قول الله عز وجل ويسبح الرعد بحمده

الإشارة إلى المطر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا من لا أتهم قال حدثنا سليمان بن عبد الله عن عروة بن قال الشافعي: ولم تزل العرب تكره الإشارة إليه في الرعد أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن مجاهدا كان يقول الرعد ملك والبرق أجنحة الملك يسقن السحاب قال الشافعي: ما أشبه ما قلا مجاهد بظاهر القرآن أخبرنا الثقة عن مجاهد أنه قال ما سمعت بأحذ ذهب البرق ببصره كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل يكاد البرق يخطف أبصارهم قال وبلغني عن مجاهد أنه قال وقد سمعت من تصيبه الصواعق كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وسمعت من يقول الصواعق ربما قتلت وأحرقت

ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

صفحة : 346

كثرة المطر وقلته

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب أن النبي قال ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء قال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن الناس مطروا ذات ليلة فلما أصبح النبي عدا عليهم فقال ما على الأرض بقعة إلا وقد مطرت هذه الليلة قال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال ليس السنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئا

أي الأرض أمطر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني إسحق بن عبد الله عن الأسود عن ابن مسعود أن النبي قال المدينة بين عيني السماء عين بالشام وعين باليمن وهي أقل الأرض مطرا قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال أخبرني يزيد أو نوفل بن عبد الملك الهاشمي أن النبي قال أسكنت أقل الأرض مطرا وهي بين عيني السماء يعني المدينة عين بالشام وعين باليمن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال يوشك أن تطر المدينة مطر لا يكن أهلها البيوت ولا يكنهم إلا مظال الشعر قال الشافعي: أخبرني ما لا أتهم عن صفوان بن سليم أن النبي قال يصيب المدينة مطر لا يكن أهلها بيت من مدرقال الشافعي: أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني محمد بن زيد بن مهاجر عن صالح بن عبد الله بن الزبير أن كعبا قال له وهو يعمل وتدا بمكة اشدد وأوثق فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال جاء مكة مرة سيل طبق ما بين الجبلين قال الشافعي: وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن

صفحة : 347

حنيف عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال يوشك المدينة أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر

أي الريح يكون بها المطر

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني عبد الله بن عبيدة عن محمد بن عمرو أن النبي قال نصرت بالصبا وكانت عذابا على من كان قبليقال الشافعي: وبلغني أن قتادة قال قال رسول الله ما هبت جنوب قط قال الشافعي: يعني أن الله خلقها تهب نشرا بين يدي رحمته من المطر أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود قال إن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتحمل الماء من السماء ثم تمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة ثم تمطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني إسحق بن عبد الله أن النبي قال إذا أنشئت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها

الحكم في تارك الصلاة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله تعالى من ترك الصلاة المكتوبة ممن دخل في الإسلام قيل له لم لا تصلى فإن ذكر نسيانا قلنا فصل إذا ذكرت وإن ذكر مرضا قلنا فصل كيف أطقت قائما أو قاعدا أو مضطجعا أوموميا فإن قال أنا أطيق الصلاة وأحسنها ولكن لا أصلى وإن كانت علي فرضا قيل له الصلاة عليك شيء لا يعمله عنك غيرك ولا تكون إلا بعملك فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك فإن الصلاة أعظم من الزكاة والحجة فيها ما وصفت من أن أبا بكر رضي الله عنه قال لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله قال الشافعي: يذهب فيما أرى والله تعالى أعلم إلى قول الله تبارك وتعالى أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأخبره أبو بكر أنه إنما يقاتلهم على الصلاة والزكاة وأصحاب رسول الله قاتلوا من منع الزكاة إذا كانت فريضة من فرائض الله جل ثناؤهونصب دونها أهلها فلم يقدر على أخذها منهم طائعين ولم كونوا مقهورين عليها فتوخذ منهم كما تقام عليهم الحدود كارهين وتؤخذ أموالهم لمن وجبت له بزكاة أو دين كارهين أو غير كارهين فاستحلوا قتالهم والقتال سبب القتل فلما كانت الصلاة وإن كان تاركها في أيدينا غير ممتنع منا فإنا لا نقدر على

صفحة : 348

أخذ الصلاة منه لأنها ليست بشيء يؤخذ من يديه مثل اللقطة والخراج والمال قلنا إن صليت وإلا قتلناك كما يكفر فنقول إن قبلت الإيمان وإلا قتلناك إذ كان الإيمان لا يكون إلا بقولك وكانت الصلاة والإيمان مخالفين معا ما في يديك وما نأخذ من مالك لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك وإن كرهت فإن شهد عليه شهود أنه ترك الصلاة سئل عما قالوا فإن قال كذبوا وقد يمكنه أن يصلى حيث لا يعلمون صدق وإن قال نسيت صدق وكذلك لو شهدوا أنه صلى جالسا وهو صحيح فإن قال أنا مريض أو تطوعت صدق قال الشافعي: وقد قيل يستتاب تارك الصلاة ثلاثا وذلك إن شاء الله تعالى حسن فإن صلى في الثلاث وإلا قتل وقد خالفنا بعض الناس فيمن ترك الصلاة إذا أمر بها وقال لا أصلها فقال لا يقتل وقال بعضهم أضربه وأحبسه وقال بعضه أحبسه ولا أضربه وقال بعضهم لا أضربه ولا أحبسه وهو أمين على صلاته قال الشافعي: فقلت لمن يقول لا أقتله أرأيت الرجل تحكم عليه بحكم برأيك وهو من أهل الفقه فيقول قد أخطأت الحكم ووالله لا أسلم ما حكمت به لمن حكم له قال فإن قدرت على أخذه منه أخذته منه ولم ألتفت إلى قوله وإن لم أقدر ونصب دونه قاتلته حتى آخذه أو أقتله فقلت له وحجتك أن أبا بكر قاتل من منع الزكاة وقتل منهم قال نعم قلت فإن قال لك الزكاة فرض من الله لا يسع جهله وحكمك رأى منك يجوز لغيرك عندك وعند غيرك أن يحكم بخلافه فكيف تقتلني على ما لست على ثقة من أنك أصبت فيه كما تقتل من منع فرض الله عز وجل في الزكاة الذي لا شك فيه قال لأنه حق عندي وعلي جبرك عليه قلت قال لك ومن قال لك إن عليك جبري عليه قال إنما وضع الحكام ليجبروا على ما رأوا قلت فإن قال لك على ما حكموا به من حكم الله أو السنة أو ما لا اختلاف فيه قال قد يحكمون بما فيه الاختلاف قلت فإن قال فهل سمعت بأحد منهم قاتل على رد رأيه فتقتدى به فقال وأنا لم إجد هذا فإني إذا كان لي الحكم فامتنع منه قاتلته عليه قلت ومن قال لك هذا وقلت أرأيت لو قال لك قائل من ارتد عن الإسلام إذا عرضته عليه فقال قد عرفته ولا أقول به أحبسه وأضربه حتى يقول به قال ليس ذلك له لأنه قد بدل دينه ولا يقبل منه إلا أن يقول به قلت أفتعدو الصلاة إذ كانت من دينه وكانت لا تكون إلا به كما لا يكون القول بالإيمان إلا به أن يقتل على تركها أو يكون أمينا فيها كما قال بعض أصحابك فلا نحبسه ولا نضربه قال لا يكون أمينا عليها إذا ظهر لي أنه لا يصليها وهي حق عليه قلت

صفحة : 349

أفتقتله برأيك في الامتناع من حكمك برأيك وتدع قتله في الامتناع من الصلاة التي هي أبين ما افترض الله عز وجل عليه بعد توحيد الله وشهادة أن محمدا رسول الله والإيمان بما جاء به من الله تبارك وتعالى

الحكم في الساحر والساحرة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال تبارك وتعالى واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعملون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله قال يا عائشة أما علمت أن الله أفتاني في أمر استفتيته فيه وقد كان رسول الله مكث كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجلي والآخر عند رأسي فقال الذي عند رجلي للذي عند رأسي ما بال الرجل قال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن أعصم قال وفيم قال في جف طلعة ذكر في مشط ومشاقة تحت رعونة أو رعوفة في بئر ذروان قال فجاء رسول الله فقال هذه التي أريتها كأن رءوس نخلها رءوس الشياطين وكأن ماءها نقاعة الحناء قال فأمر بها رسول الله فأخرج قالت عائشة فقلت يا رسول الله فهلا قال سفيان تعني تنشرت قالت فقال أما الله عز وجل فقد شفاني وأكره أن أثير على الناس منه شرا قال ولبيد بن أعصم من بني زريق حليف اليهود قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أنه سمع بجالة يقول كتب عمر أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقلنا ثلاث سواحر قال الشافعي: وأخبرنا أن حفصة زوج النبي قتلت جارية لها سحرتها قال الشافعي: والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئا وإن كان ما يسحر به كلاما لا يكون كفرا وكان غير معروف ولم يضر به أحدا نهى عنه فإن عاد عزر وإن

صفحة : 350

كان يعلم أنه يضر به أحدا من غير قتل فعمد أن يعمله عزر وإن كان يعمل علما إذا عمله قتل المعمول به وقال عمدت قتله قتل به قودا إلا أن يشاء أولياؤه أن يأخذوا ديته حالة في ماله وإن قال إنما أعلم بهذا لأقتل فيخطيء القتل ويصيب وقد مات مما عملت به ففيه الدية ولا قود وإن قال قد سحرته سحرا مرض منه ولم يمت منه أقسم أولياؤه لمات من ذلك العمل وكانت لهم الدية ولا قود لهم مال الساحر ولا يغنم إلا في أن يكون السحر كفرا مصرحا وأمر عمر أن يقتل السحار عندنا والله تعالى أعلم إن كان السحر كما وصفنا شركا وكذلك أمر حفصة وأما بيع عائشة الجارية ولم تأمر بقتلها فيشبه أن تكون لم تعرف ما السحر فباعتها لأن لها بيعها عندنا وإن لم تسحرها ولو أقرت عند عائشة أن السحر شرك ما تركت قتلها إن لم تتب أو دفعتها إلى الإمام ليقتلها إن شاء الله تعالى وحديث عائشة عن النبي على أحد هذه المعاني عندنا والله تعالى أعلم قال الشافعي: حقن الله الدماء ومنع الأموال إلا بحقها بالإيمان بالله وبرسوله أو عهد من المؤمنين بالله ورسوله لأهل الكتاب وأباح دماء البالغين من الرجال بالإمتناع من الإيمان إذا لم يكن لهم عهد قال الله تبارك وتعالى فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد إلى غفور رحيم قال الشافعي: أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي قال لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله قال الشافعي: والذي أراد الله عز وجل أن يقتلوا حتي يتوبوا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أهل الأوثان من العرب وغيرهم الذين لا كتاب لهم فإن قال قائل مادل على ذلك قيل له قال الله عز وجل قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم اله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عند يد وهم صاغرون قال الشافعي: فمن لم يزل على الشرك مقيما لم يحول عنه إلى الإسلام فالقتل على الرجال دون النساء منهم

ID ' ' وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 351

المرتد عن الإسلام

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن انتقل عن الشرك إلى إيمان ثم انتقل عن الإيمان إلى الشرك من بالغي الرجال والنساء استتيب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل قال الله عز وجل ولا يزالون قال الشافعي: أخبرنا الثقة من أصحابنا عن حماد عن يحيي بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عثمان بن عفان أن رسول الله قال لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس قال الشافعي: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة قال لما بلغ ابن عباس أن عليا رضي الله تعالى عنه حرق المرتدين أو الزنادقة قال لو كنت أنا لم أحرقهم ولقتلتهم لقول رسول الله من بدل دينه فاقتلوه ولم أحرقهم لقول رسول الله لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله قال الشافعي: أخبرنا مالك بن أني عن زيد ابن أسلم أن رسول قال من غير دينه فاضربوا عنقه قال الشافعي: حديث يحيى بن سعيد ثابت ولم أر أهل الحديث يثبتون الحديثين بعد حديث زيد لأنه منقطع ولا الحديث قبله قال ومعنى حديث عثمان عن النبي كفر بعد إيمان ومعنى من بدل قتل معنى يدل على أن من بدل دينه دين الحق وهو الإسلام لا من بدل غير الإسلام وذلك أن من خرج من غير دين الإسلام إلى غيره من الإديان فإنما خرج من باطل إلى باطل ولا يقتل على الخروج من الباطل إنما يقتل على الخروج من الحق لأنه لم يكن على الدين الذي أوجب الله عز وجل عليه الجنة وعلى خلافه النار إنما كان على دين له النار إن أقام عليه قال الله جل ثناؤه إن الدين عند الله الإسلام وقال الله عز وجل ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه إلى قوله من الخاسرين وقال ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب إلى قوله مسلمون قال الشافعي: وإذا قتل المرتد أو المرتدة فأموالهما فيء لا يرثها مسلم ولا ذمي وسواء ما كسبا من أموالهما في الردة أو ملكا قبلها ولا يسبى للمرتدين ذرية امتنع المرتدون في دارهم أو لم يمتنعوا أو لحقوا في الردة بدار الحرب أو أقاموا بدار الإسلام لأن حرمة الإسلام قد ثبتت للذرية بحكم الإسلام في الدين والحرية ولا ذنب لهم في تبديل آبائهم ويوارثون ويصلى عليهم ومن بلغ منهم الحنث أمر بالإسلام فإن أسلم وإلا قتل ولو ارتد المعاهدون فامتنعوا أو هربوا إلى دار الكفار وعندنا

صفحة : 352

ذراري لهم ولدوا من أهل عهد لم نسبهم وقلنا لهم إذا بلغوا ذلك إن شئتم فلكم العهد وإلا نبذنا إليكم فاخرجوا من بلاد الإسلام فأنتم حرب ومن ولد من المرتدين من المسلمين والذميين في الردة لم يسب لأن آباءهم لا يسبون ولا يؤخذ من ماله شيء ما كان حيا فإن مات على الردة أو قتل جعلنا ما له فيئا وإن رجع إلى الإسلام فما له وإذا ارتد رجل عن الإسلام أو امرأة استتيب أيهما ارتد فظاهر الخبر فيه أنه يستتاب مكانه فإن تاب وإلا قتل وقد يحتمل الخبر أن يستتاب مدة من المدد أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بم محمد بن عبد الله بن عبد القاري عن أبيه أنه قال قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري فسأله عن الناس فأخبره ثم قال هل كان فيكم من مغربة خبر فقال نعم رجل كفر بعد إسلامه قال فما فعلتم به قال قربناه فضربنا عنقه فقال عمر فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لله يترب ويراجع أمر الله إني لم أحضر ولم آمر ولم أرض إذ بلغنيقال الشافعي: وفي حبسه ثلاثا قولان أحدهما أن يقال ثبت عن النبي أنه قال يحل الدم بثلاث كفر بعد إيمان وهذا قد كفر بعد إيمانه وبدل دينه دين الحق ولم يأمر النبي فيه بأناة مؤقتة تتبع فإن قال قائل إن الله جل ثناؤه أجل بعض من قضى بعذابه أن يتمتع في داره ثلاثة أيام فإن نزول نقمة الله بمن عصاه مخالف لما يجب على الأئمة أن يقوموا به من حق الله فإن قال قائل ما دل على ذلك قيل دل عليه ما قضى الله تبارك وتعالي من إمهاله لمن كفر به وعصاه وقيل أسلناه مددا طالت وقصرت ومن أخذه بعضهم بعذاب معجل وإمهاله بعضهم إلى عذاب الآخرة الذي هو أخزى فأمضى قضاءه على ما أراد لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ولم يجعل هذا لأحد من خلقه فيما وجب من حقوقه فالمتأني به ثلاثا ليتوب بعد ثلاث كهيأته قبلها إما لا ينقطع منه الطمع ما عاش لأنه يؤيس من توبته ثم يتوب وإما أن يكون إغرامه يقطع الطمع منه فذلك يكون في مجلس وهذا قول يصح والله تعالى أعلم ومن قال لا يتأنى به من زعم أن الحديث الذي روى عن عمر لو حبستموه ثلاثا ليس بثابت لأنه لا يعلمه متصلا وإن كان ثابتا كأن لم يجعل على من قتله قبل ثلاث شيئا والقول الثاني أنه يحبس ثلاثا ومن قال به احتج بأن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أمر به وأنه قد يجب الحد فيتأني به الإمام بعض الأناة فلا يعاب عليه قال الربيع قال الشافعي: في موضع آخر لا يقتل حتى يجوز كل وقت صلاة فيقال له قم فصل فإن لم يصل قتل

صفحة : 353

قال الشافعي: اختلف أصحابنا في المرتد فقال منهم قائل من ولد على الفطرة ثم ارتد إلى دين يظهره أو لا يظهره لم يستتب وقتل وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة ومن أسلم لم يولد عليها فأيهما ارتد فكانت ردته إلى يهودية أو نصرانية أو دين يظهره استتيب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل وإن كانت ردته إلى دين لا يظهره مثل الزندقة وما أشبهها قتل ولم ينظر إلى توبته وقال بعضهم سواء من ولد على الفطرة ومن لم يولد عليها إذا أسلم فأيهما ارتد استتبب فإن تاب قبل منه وإن لم يتب قتل قال الشافعي: وبهذا أقول فإن قال قائل لم اخترته قيل له لأن الذي أبحت به دم المرتد ما أباح الله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت

صفحة : 354

يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصم الله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل

صفحة : 355

مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين

صفحة : 356

قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد

صفحة : 357

الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة

صفحة : 358

الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا

صفحة : 359

نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد

صفحة : 360

إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر

صفحة : 361

لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا

صفحة : 362

يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا

صفحة : 363

الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة

صفحة : 364

المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن

صفحة : 365

شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم وتركوا في مساجد المسلمين قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصمالله به دماء المشركين ثم قول النبي كفر بعد إيمان فلا يعدو قوله أن يكون كلمة الكفر توجب دمه كما يوجبه الزنا بعد الإحصان فقتل بما أوجب دمه من كلمة الكفر إلى أي كفر رجع ومولدا على الفطرة كان أو غير مولود أو يكون إنما يوجب دمه كفر ثبت عنه إذا سئل النقلة عنه امتنع وهذا أولى المعنيين به عندنا لأنه روى عن النبي أنه قتل مرتدا رجع عن الإسلام وأبو بكر قتل المرتدين وعمر قتل طليحة وعيينة بن بدر وغيرهما قال الشافعي: والقولان اللذان تركت ليسا بواحد من هذين القولين اللذين لا وجه لما جاء عن النبي غيرهما وإنما كلف العباد الحكم على الظاهر من القول والفعل وتولى الله الثواب على السرائر دون خلقه وقد قال الله عز وجل لنبيه إذا جاءك

صفحة : 366

المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إلى قوله فطبع على قلوبهم قال وقد قيل في قوله الله عز وجل والله يشهد إن النافقين لكاذبون ما هم بمخلصين وفي قوله الله آمنوا ثم كفروا ثم أظهروا الرجوع عنه قال الله تبارك اسمه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فحقن بما أظهروا من الحلف ما قالوا كلمة الكفر دماءهم بما أظهروا قال وقول الله جل ثناؤه اتخذوا أيمانه جنة يدل على أن إظهار الإيمان جنة من القتل والله ولي السرائر قال الشافعي: أخبرنا يحيى بن حسان عن اللث بن سعد عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها قال رسول الله لا تقلته قلت يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها فقال رسول الله لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وانت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال قال الربيع معنى قول النبي إن شاء الله تعالى فإن قتلته فإنه بمنزلتك يعني أنه بمنزلتك حرام الدم وأنت إن قتلته بمنزلته كنت مباح الدم قبل أن يقول الذي قال قال الشافعي: وفي سنة رسول الله في المنافقين دلالة على أمور منها لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية ولا نصرانية ولا مجوسية ولا دين يظهرونه إنما إطهروا الإسلام وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد قال الشافعي: ولا رجع عن الإيمان أبدز أشد ولا زبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان ومنهم من أقر بعد الشهادة ومنهم من أقر بغير شهادة ومنهم من أنكر بعد الشهادة وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسول إلا غرورا فكلهم إذا قال ما قال وثبت على قوله أو جحد أو أقر

صفحة : 367

وأظهر الإسلام وترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل فإن الله عز وجل قال ولا تصل على أحد منهم مات أبدا إلى قوله فاسقون فإن صلاة رسول الله مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلى على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه وقد قضى الله إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نيرا وقال جل ثناؤه استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فإن قال قائل ما دل علي الفرق بينصم صلاة رسول الله إذ نهى عنهم وصلاة المسليمن غيره فإن رسول الله انتهى عن الصلاة عليهم بنهى الله له ولم ينه الله عز وجل ورسوله عنها ولا عن مواريثهم فإن قال قائل فإن ترك قتلهم جعل لرسول الله خاصة فذلك يدخل عليه فيما سواه من الأحكام فيقال فيمن ترك عليه السالم قتله أو قتله جعل هذا له خاصة وليس هذا لأحد إلا بأن تأتى دلالة على أن أمرا جعل خاصة لرسول الله وإلا فما صنع عام على الناس الاقتداء به في مثله إلا ما بين هو أنه خاص أو كانت عليه دلالة بخبر قال الشافعي: وقد عاشروا أبا بكر وعمر وعثمان أئمة الهدي وهم يعرفون بعضهم فلم يقتلوا منهم أحدا ولم يمنعوه حكم الإسلام في الظاهر إذا كانوا يظهرون الإسلام وكان عمر يمر بحذيفة بن اليمان إذا مات ميت فإن أشار عليه أن اجلس جلس واستدل على أنه منافق ولم يمنع من الصلاة عليه مسلما وإنما يجلس عمر عن الصلاة عليه أن الجلوس عن الصلاة عليه مباح له في غير المنافق إذا كان لهم مني صلى عليهم سواه وقد يرتد الرجل إلى النصرانية ثم يظهر التوبة منها وقد يمكن فيه أن يكون مقيما عليه لأنه قد يجوز له ذلك عنده بغير مجامعة النصارى ولا غشيان الكنائس فليس في ردته إلى دين لا يظهره إذا أظهر التوبة شيء يمكن بأن يقول قائل لا أجد دلالة على توبته بغير قوله إلا وهو يدخل في النصرانية وكل دين يظهره ويمكن فيه قبل أن يظهر ردته أن يكون مشتملا على الردة فإن قال قائل لم أكلف هذا إنما كلفت ما ظهر والله ولي ما غاب فأقبل القول بالإيمان إذا قاله ظاهرا وأنسبه إليه وأعمل به إذا عمل فهذا واحد في كل أحد سواء لا يختلف ولا يجوز أن يفرق بينه إلا بحجة إلا أن يفرق الله ورسوله بينه ولم نعلم لله حكما ولا لرسوله يفرق بينه وأحكام الله ورسوله تدل على أن ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر والظاهر ما أقر به أو ما قامت به بينة تثبت عليه فالحجة فيما وصفنا من

صفحة : 368

النافقين وفي الرجل الذي استفتى فيه المقداد رسول الله وقد قطع يده على الشرك وقول النبي فهلا كشفت عن قلبه يعنى أنه لم يكن لك إلا ظاهره وفي قول النبي في المتلاعنين إن جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أديعج جعدا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه فقال رسول الله إن أمره لبين لولا ما حكم الله وفي قول رسول الله إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلى فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضى له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشىء من حق أخيه فلا يأخذ به فإني إنما أقطع له قطعة من النار قال الشافعي: ففي كل هذا دلالة بينة أن رسول الله إذا لم يقض إلا بالظاهر فالحكام بعده أولى أن لايقضوا إلا على الظاهر ولا يعلم السرائر إلا الله عز وجل والظنون محرم على الناس ومن حكم بالظن لم يكن ذلك له والله تعالى أعلم قال الشافعي: وإذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام فهرب ولحق بدار الحرب أو غيرها وله نساء وأمهات أولاد ومكاتبون ومدبرون ومماليك وأموال ماشية وأرضون وديون له وعليه أمر القاضى نساءه أن يعتدون وأنفق عليهن من ماله وإن جاء تائبا وهن في عدتهن فهو على النكاح وإن لم يأت تائبا حتى مضى عدتهن فقد انفسخن منه وينكحن من شئن ووقف أمهات الأولاد فمتى جاء تائبا فهن في ملكه وينفق عليهن من ماله فإن مات أو قتل عتقن وكان مكاتبوه على كتابتهم تؤخذ نجومهم فإن عجزوا رجعوا رقيقا ونظر فيمن بقى من رقيقه فإن كان حبسهم أزيد في ماله حبسهم أو من كان منهم يزيد في ماله بخراج أو بصناعة أو كفاية لضيعة وإن كان حبسهم ينقص من ماله أو حبس بعضهم باع من كان حبسه منهم ناقصا لما له وهكذا يصنع في ماشيته وأرضه ودوره ورقيقه ويقتضى دينه ويقضي عنه ما حل من دين عليه فإن رجع تائبا سلم إليه ما وقف من ماله وإن مات أو قتل على ردته كان ما بقى من ماله فيئا قال الشافعي: وإلى جنى في ردته جناية لها أرش أخذ من ماله وإن جنى عليه فالجناية هدر لأن دمه مباح فما دون دمه أولى أن يباح من دمه قال وإن أعتق في ردته أحدا من رقيقه فالعتق موقوف ويستغل العبد ويوقف عليه فإن مات فهو رقيق وغلته مع عنقه فيء وإن رجع تائبا فهو حر وله ما غل بعد العتق قال وإن أقر في ردته بشيء من ماله فهو كما وصفت في العتق وكذلك

صفحة : 369

لو تصدق قال وإن وهب فلا تجوز الهبة لأنها لا تجوز إلا مقبوضة قال الشافعي: فإن قال قائل ما الفرق بينه وبين المحجور عليه في ماله يعتق فيبطل عتقه ويتصدق فتبطل صدقته ولا يلزمه ذلك إذا خرج من الولاية الفرق بينهما أن الله تبارك وتعالى يقول وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم فكان قضاء الله عز وجل أن تحبس عنهم أموالهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم رشد فكانت في ذلك دلالة على أن لا أمر لهم وأنها محبوسة برحمة الله لصلاحهم في حياتهم ولم يسطلوا على إتلافها فيما لا يلزمهم ولا يصلح معايشهم فبطل ما أتلفوا في هذا الوجه لأنه لا يلزمهم عتق ولا صدقة ولم يحبس مال المرتد بنظر ماله ولا بأنه له وإن كان مشركا ولو كان يجوز أن يترك على شركه لجاز أمره في ماله لأنا لا نلى على المشركين أموالهم فأجزنا عليه ما صنع فيه إن رجع إلى الإسلام وإن لم يرجع حتى يموت أويقتل كان لنا بموته قبل أن يرجع ما في أيدينا من ماله فيئا فإن قيل أو ليس ما له على حاله قيل بل ما له على شرط

الخلاف في المرتد

قال الشافعي: رحمه الله تعالى قال بعض الناس إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست ولم تقتل فقلت لمن يقول هذا القول أخبرا قلته أم قياسا قال بل خبرا عن ابن عباس وكان من أحسن أهل قال الشافعي: وقلت له قد حدث بعض محدثيكم عن أبي بكر الصديق أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فما كان لنا أن نحتج به إذ كان ضعيفا عند أهل العلم بالحديث قال فإني أقوله قياسا على السنة قلت فاذكره قال نهى رسول الله عن قتل النساء والولدان من أهل دار الحرب فإذا كان النساء لا يقتلن في دار الحرب كان النساء اللاتي ثبت لهن حرمة الإسلام أولى أن لا يقتلن قال الشافعي: فقلت له أو يشبه حكم دار الحرب في دار الإسلام قال وما الفرق بينه قلت أنت تفرق بينه قال وأني قلت أرأيت الكبير الفاني والراهب الأجير أيقتل من هؤلاء أحد في دار الحرب قال لا قلت فإن ارتد رجل فترهب أو ارتد أجيرا نقلته قال نعم قلت ولم وهؤلاء قد ثبت لهم حرمة الإسلام وصاروا كفارا فلم لا تحقن دماءهم قال لأن قتل هؤلاء كالحد ليس لي تعطيله قلت أرأيت ما حكمت به حكم الحد أنسقطه عن المرأة أرأيت القتل والقطع والرجم والجلد أتجد بين المرأة والرجل من المسلمين فيه فرقا قال لا قلت فكيف لم تقلتها بالحد في الردة

صفحة : 370

قال الشافعي: وقلت له أرأيت المرأة من دار الحرب أتغنم ما لها وتسبيها وتسترقها قال نعم قلت فتصنع هذا بالمرتدة في دار الإسلام قال لا قال فقلت له فكيف جاز لك أن تقيس بالشيء ما لا يشبهه في الوجهين قال الشافعي: وقال بعض الناس وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فقتل أو مات على ردته أو لحق بدار الحرب قسمنا ميراثه بين ورثته من المسلمين وقضينا كل دين عليه إلى أجل وأعتقنا أمهات أولاده ومدبريه فإن رجع إلى الإسلام لم نرد من الحكم شيئا إلا أن نجد من ماله شيئا في يدي أحد من ورثته فيردون عليه لأنه ماله ومن أتلف من ورثته شيئا مما قضينا له به ميراثا لم يضمنه قال الشافعي: فقلت لأعلى من قال هذا القول عندهم أصول العلم عندك أربعة أصول أوجبها وأولاها أن يؤخذ به فلا يترك كتاب الله وسنة نبيه فلا أعلمك إلا قد جردت خلافهما ثم القياس والمعقول عندك الذي يؤخذ به بعد هذين الإجماع فقد خالفت القياس والمعقول وقلت في هذا قولا متناقضا قال فأوجدني ما وصفت قلت له قال الله تبارك وتعالى إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد مع ما ذكر من آي المواريث ألا ترى أن الله عز وجل إنما ملك الأحياء بالمواريث ما كان الموتى يملكون إذا كانوا أحياء قال بلى قلت والأحياء خلاف الموتى قال نعم قلت أفرأيت المرتد ببعض ثغورنا يلحق بمسلحة لأهل الحرب يراها فيكون قائما بقتالنا أو مترهبا أو معتزلا لا تعرف حياته فكيف حكمت عليه حكم الموتى وهو حي بخبر قلته أم قياس قال ما قلته خبرا قلت وكيف عبت أن حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في امرأة المفقور تربص أربع سنين ثم تعتد ولم يحكما في ماله فقلت سبحان الله يجوز أن يحكم عليه بشيء من حكم الموتى وإن كان الأغلب أنه ميت لأنه قد يكون غير ميت ولا يحكم عليه إلا بيقين وحكمت أنت عليه في ساعة من نهار حكم الموتى في كل شيء برأيك ثم قلت قولا متناقضا قال فقال ألا تراني لو أخذته فقتلته قلت وقد تأخذه فلا تقتله بأخذه مبرسما أو أحرس فلا تقتله حتى يفيق فتستتيبه قال نعم قال وقلت له أرأيت لو كنت إذا أخذته قتلته أكان ذلك يوجب عليه حكم الموتى وأنت لم تأخذه ولم تقتله وقد تأخذه ولا تقتله بأن يتوب بعد ما تأخذه وقبل تغير حاله بالخرس قال فإني أقول إذا ارتد ولحق بدار الحرب فحكمه حكم ميت قال فقلت له أفيجوز أن يقال ميت يحيا بغير خبر قال فإن جاز هذا لك جاز لغيرك مثله ثم كان لأهل الجهل أن يتكلموا في الحلال

صفحة : 371

والحرام قال وما ذلك لهم قلت ولم قال لأن على أهل العلم أن يقولوا من كتاب أو سنة أو أمر مجمع عليه أو أثر أو قياس أو معقول ولا يقولون بما يعرف الناس غيره إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر ولا يجوز في القياس أن يخالف قلت هذا سنة قال نعم قلت فقد قلت بخلاف الكتاب والقياس والمعقول قال فأين خالفت القياس قلت أرأيت حين زعمت أن عليك إذا ارتد ولحق بدار الحرب أن تحكم عليه حكم الموتى وأنك لا ترد الحكم إذا جاء لأنك إذا حكمت به لزمك إن جاءت سنة فتركته لم تحكم عليه في ماله عشر سنين حتى جاء تائبا ثم طلب منك من كنت تحكم في ماله حكم الموتى أن تسلم ذلك إليه وقال قد لزمك أن تعطينا هذا بعد عشر سنين قال ولا أعطيهم ذلك وهو أحق بماله قلت له فإن قالوا إن كان هذا لزمك فلا يحل لك إلا أن تعطيناه وإن كان لم يلزمك إلا بموته فقد أعطيتناه في حال لا يحل لك ولا لنا ما أعطيتنا منه قال الشافعي: وقلت له أرأيت إذ زعمت أنك إذا حكمت عليه بحكم الموتى فهل يعدو الحكم فيه أن يكون نافذا لا يرد أو موقوفا عليه يرد إذا جاء قال ما أقول بهذا التحديد قلت أفتفرق بينه بخبر يلزم فنتبعه قال لا فقلت إذا كان خلاف القياس والمعقول وتقول بغير خبر أيجوز قال إنما فرق أصحابكم بغير خبر قلت أفرأيت ذلك ممن فعله منهم صوابا قال لا قلت أو رأيت أيضا قولك إذا كان عليه دين إلى ثلاثين سنة فلحق بدار الحرب فقضيت صاحب الدين دينه وهو مائة ألف دينار وأعتقت أمهات أولاده ومدبريه وقسمت ميراثه بين ابنيه فأصاب كل واحد منهما ألف دينار فأتلف أحدهما نصيبه والآخر بعينه ثم جاء مسلما من يومه أو غده فقال اردد على مالي فهو هذا وهؤلاء أمهات أولادي ومدبري بأعيانهم وهذا صاحب ديني يقول لك هذا ما له في يدي لم أغيره وهذان ابناي مالي في يد أحدهما أو قد صادني الآخر فأتلف مالي قال أقول له قد مضى الحكم ولا يرد غير أني أعطيك المال الذي في يد ابنك الذي لم يتلفه فقلت له فقال لك ولم تعطينيه دون مالي قال لأنه مالك بعينه فقلت له فمدبروه وأمهات أولاده ودينه المؤجل ماله بعينه فأعطه إياه قال لا أعطيه إياه لأن الحكم قد مضى به قلت ومضى ما أعطيت ابنه قال نعم قلت فحكمت حكما واحدا فإن كان الحق فأمضه كله وإن كان الحق رده فرده كله قال أرد ما وجدته بعينه قلت له فاردد إليه دينه المؤجل بعينه ومدبريه وأمهات أولاده قال أرد عين ما وجدت في يد وارثه قلت له أفترى هذا جواب فما زاد على أن قال فأين السنةقال الشافعي:

صفحة : 372

فقلت له أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول قال لا يرث المسلم الكافر قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله مثله قلت أفيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما قال بل كافر وبذلك أقتله قلت أفما تبين لك السنة أن المسلم لا يرث الكافر قال فإنا قد روينا عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه ورث مرتدا قتله وورثته من المسلمين قال فقلت أنا أسمعك وغيرك تزعمون أن ما روى عن علي من توريثه المرتد خطأ وأن الحفاظ لا يروونه في الحديث قال فقد رواه ثقة وإنما قلنا خطأ بالاستدلال وذلك ظن قال فقلت له روى الثقفي وهو ثقة عن جعفر بن محمد عن أبيه رحمهما الله تعالي عن جابر أن النبي قضى باليمين مع الشاهد فقلت فلم يذكر جابرا الحفاظ فهذا يدل على أنه غلط أفرأيت لو احتججنا عليك بمثل حجتك فقلنا هذا ظن والثقفي ثقة وان صنع غيره أوشك قال فإذا لا نصف قلت وكذلك لم تنصف أنت حين أخبرتني أن الحفاظ رووا هذا الحديث عن علي رضي الله تعالى عنه ليس فيه توريث ماله وقلت هذا غلط ثم احتججت به فقال لو كان ثابتا قلت فأصل ما نذهب إليه نحن وأنت وأهل العلم أن ما ثبت عن رسول الله وثبت عن غيره خلافه ولو كثروا لم يكن فيه حجة قال أجل ولكني أقول قد يحتمل قول النبي لا يرث المسلم الكافر الذي لم يسلم قط قال الشافعي: فقلت له أفتقول هذا بدلالة في الحديث قال لا ولكن عليا رضي الله تعالى عنه أعلم به فقلت أيروي علي عن النبي هذا الحديث فنقول لا يدع شيئا رواه عن النبي إلا وقد عرف معناه فيوجه على ما قلت قال ما علمته رواه عن النبي قلت أفيمكن فيه أن لا يكون سمعه قال نعم قال الشافعي: فقلت له أفترى لك في هذا حجة قال لا يشبه أن يكون يخفى مثل هذا عن علي رضي الله تعالى عنه فقلت وقد وجدتك تخبر عن النبي أنه قضى في بروع بنت واشق بمثل صداق نسائها وكانت نكحت على غير صداق فقضى بخلافه وقد سمعته وقال مثل قول علي ابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس فقلت لا حجة لأحد ولا في قوله مع النبي

صفحة : 373

وقلت له فإن قال لك قائل قد يمكن أن يكون إنما قال هذا زيد وابن عمر وابن عباس لأنهم علموا أن النبي قد علم أن زوج بروع فرض لها بعد عقدة النكاح فحفظ معقل أن عقدة النكاح بعد فريضة وعلم هؤلاء أن الفريضة قد كانت بعد الدخول قال ليس في حديث معقل وهؤلاء لم يرووه فيكونون قالوه برواية وإنما قالوا عندنا بالرأي حتى يدعوا فيه رواية قال الشافعي: فقلت لم لا يكون ما رويت عن علي في المرتد هكذا قال وقلت له معاذ بن جبل يورث المسلم من الكافر ومعاوية وابن المسيب ومحمد بن علي وغيرهم ويقول بعضهم نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم ولا تحل لهم نساؤنا أفرأيت إن قال لك قائل فمعاذ بن جبل من أهل العلم من أصحاب رسول الله وقد يحتمل حديث رسول الله لا يرث المسلم الكافر منت أهل الأوثان لأن أكثر حكمه كان عليهم وليس يحل نساؤهم ولكن المسلم يرث الكافر من أهل الكتاب كما يحل له نكاح المرأة منهم قال ليس ذلك له والحديث يحتمل كثيرا مما حمل وليس معاذ حجة وإن قال قولا واحتمله الحديث لأنه لم يرو الحديث قلت فنقول لك ومعاذ يجهل هذا ويرويه أسامة بن زيد قال نعم قد يجهل السنة المتقدم الصحبة ويعرفها قليل الصحبة قال الشافعي: فقلت له كيف لم تقل هذا في المرتد قال الشافعي: فقطع الكلام وقال ولم قلت يكون مال المرتد فيئا قلت بأن الله تبارك وتعالى حرم دم المؤمن وماله إلا بواحدة ألزمه إياها وأباح دم الكافر وماله إلا بأن يؤدى الجزية أو يستأمن إلى مدة فكان الذي يباح به دم البالغ من المشركين هو الذي يباح به ماله وكان المال تبعا للذي هو أعظم من المال فلما خرج المرتد من الإسلام صار في معنى من أبيح دمه بالكفر لا بغيره وكان ماله تبعا لدمه ويباح بالذي أبيح به من دمه ولا يكون أن تنحل عنه عقدة الإسلام فيباح دمه ويمنع ماله قال الشافعي: فقال فإن كنت شبهته بأهل دار الحرب فقد جمعت بينهم في شيء وفرقته في آخر قلت وما ذاك قال أنت لا تغنم ماله حتى يموت أو تقتله وقد يغنم مال الحربي قبل أن يموت وتقتله قال الشافعي: فقلت له الحكم في أهل دار الحرب حكمان فأما من بلغته الدعوة فأغير عليه بغير

صفحة : 374

دعوة آخذ ماله وإن لم أقتله وأما من لم تبلغه الدعوة فلا أغير عليه حتى أدعوه ولا أغنم من ماله شيئا حتى أدعوه فيمتنع فيحل دمه وماله فلما كان القول في المرتد أن يدعى لم يغنم ماله حتى يدعى فإذا امتنع قتل وغنم ماله

كتاب الجنائز

باب ما جاء في غسل الميث

أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال مالك بن أنس ليس لغسل الميت حد ينتهي لا يجزيء دونه ولا يجاوز ولكن يغسل فينقى وأخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية أن رسول الله قال لهن في غسل بنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور قال الشافعي: وعاب بعض الناس هذا القول على مالك وقال سبحان الله كيف لم يعرف أهل المدينة غسل الميت والأحاديث فيه كثيرة ثم ذكر أحاديث عن إبراهيم وابن سيرين فرأى مالك معانيها على إنقاء الميت لأن روايتهم جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل وما يغسل به فقال غسل فلان فلانا بكذا وكذا وقال غسل فلان بكذا وكذا ثم ورأينا والله أعلم ذلك على قدر ما يحضرهم مما يغسل به الميت وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك واختلاف الحالات وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم فقال مالك قولا مجملا يغسل فينقى وكذلك روى الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وروى الغسل مجملا وذلك كله يرجع إلى الإنقاء وإذا أنقى الميت بماء قراح أو ماء عد أجزأه ذلك من غسله كما ننزل ونقول معهم في الحي وقد روى فيه صفة غسله قال الشافعي: ولكن أحب إلى أن يغسل ثلاثا بماء عد لا يقصر عن ثلاث لما قال النبي اغسلنها ثلاثا وإن لم ينقه ثلاثا أو خمسا قلنا يزيدون حتى ينقوها وإن أنقوا في أقل من ثلاث أجزأه ولا نرى أن قول النبي إنما هو على معنى الإنقاء إذ قال وترا ثلاثا أو خمسا ولم يوقت أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن أبي جعفر أن رسول الله غسل ثلاثا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عطاء قال يجزيء في غسل الميت مرة

صفحة : 375

فقال عمر بن عبد العزيز ليس فيه شيء مؤقت وكذلك بلغنا عن ثعلبه بن أبي مالك قال الشافعي: والذي أحب من غسل الميت أن يوضع على سرير الموتى ويغسل في قميص أخبرنا مالك عن جعفر ابن محمد عن أبيه أن رسول الله غسل في قميص قال فإن لم يغسل في قميص ألقيت على عورته خرقة لطيفة تواريها ويستر بثوب ويدخل بيتا لا يراه إلا من يلى غسله ويعين عليه ثم يصب رجل الماء إذا وضع الذي يلى غسله على يده خرقة لطيفة فيشدها ثم يبتديء بسفلته ينقيها كما يستنجي الحي ثم ينظف يده ثم يدخل التي يلي بها سفله فإن كان يغسله واحد أبدل الخرقة التي يلى بها سفلته وأخذ خرقة أخرى نقية فشدها على يده ثم صب الماء عليها وعلى الميت ثم أدخلها في فيه بين شفتيه ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء ويدخل أطراف أصابعه في منخريه بشيء من ماء فينقى شيئا إن كان هنالك ثم يوضئه وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ولحيته بالسدر فإن كان ملبدا فلا بأس أن يسرح بأسنان مشط مفرجة ولا ينتف شعره ثم يغسل شقه الأيمن ما دون رأسه إلى أن يغسل قدمه اليمنى ويحركه حتى يغسل ظهره كما يغسل بطنه ثم يتحول إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك ويقلبه على أحد شقيه إلى الآخر كل غسلة حتى لا يبقى منه موضع إلا أتى عليه بالماء والسدر ثم يصنع به ذلك ثلاثا أو خمسا ثم يمر عليه الماء القراح قد ألقى فيه الكافور وكذلك في كل غسله حتى ينقيه ويمسح بطنه فيها مسحا رفيقا والماء يصب عليه ليكون أخفى لشيء إن خرج منه قال وغسل المرأة شبيه بما وصفت من غسل الرجل قال الشافعي: وقال بعض الناس يغسل الأول بماء قراح ولا يعرف زعم الكافور في الماء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت دخل علينا رسول الله حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور قال الشافعي: وإن كانت امرأة ضفروا شعر رأسها كله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون ثم ألقيت خلفها قال الشافعي: وأنكر هذا علينا بعض الناس فقال يسدل شعرها من بين ثدييها وإنما نتبع في هذه الآثار ولو قال قائل تمشط برأيه ما كان إلا كقول هذا المنكر علينا

صفحة : 376

أخبرنا الثقة من أصحابنا عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون فألقيناها خلفها قال الشافعي: ونأمر بأمر رسول الله لمن غسلت وكفنت ابنته وبحديثها يحتج الذي عاب على مالك قوله ليس في غسل الميت شيء يوقت ثم يخالفه في غير هذا الموضع قال وخالفنا في ذلك فقال لا يسرح رأس الميت ولا لحيته وإنما يكره من تسريحه أن ينتف شعره فأما التسريح الرفيق فهو أخف من الغسل بالسدر وهو تنظيف وتمشية له قال ويتبع ما بين أظفاره بعود لين يخلل ما تحت أظفار الميت من وسخ وفي ظاهر أذنيه وسماخه قال والمنهى قال الشافعي: ومن أصحابنا من قال لا أرى أن يحلق بعد الموت شعر ولا يجز له ظفر ومنهم من لم ير بذلك بأسا وإذا حنط الميت وضع الكافور على مساجده والحنوط في رأسه ولحيته قال وإن وضع فيهما وفي سائر جسده كافورا فلا بأس إن شاء الله قال ويوضع الحنوط والكافور على الكرسف ثم يوضع على منخريه وفيه وأذنيه ودبره وإن كان له جراح نافذة وضع عليها قال فإن كان يخاف من ميتته أو ميته أن يأتى عند التحريك إذا حمل شيئا لعله من العلل استحببت أن يشد على سفليهما معا بقدر ما يراه يمسك شيئا إن أتى من ثوب صفيق فإن خف فلبد صفيق قال ويجب أن يكون في البيت الذي فيه الميت تبخير لا ينقطع حتى يفرغ من غسله ليوارى ريحا إن كانت متغيرة ولا يتبع بنار إلى القبر قال وأحب إلى إن رأى من المسلم شيئا أن لا يحدث به فإن المسلم حقيق أن يستر ما يكره من المسلم وأحب إلى أن لا يغسل الميت إلا أمين على غسله قال وأولى الناس بغسله أولاهم بالصلاة عليه وإن ولى ذلك غيره فلا بأس وأحب أن يغض الذي يصب على الميت بصره عن الميت فإن عجز عن غسله واحد أعانه عليه غيره قال ثم إذا فرغ من غسل الميت جفف في ثوب حتى يذهب ما عليه من الرطوبة ثم أدرج في أكفانه قال وأحب لمن غسل الميت أن يغتسل وليس بالواجب عندي والله أعلم وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها لا تنجسوا موتاكم ولا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين ويتبع جنائزه ويدفنه ولكن لا يصلى عليه وذلك أن النبي أمر عليا رضي الله عنه يغسل أبا طالب ولا بأس أن يعزى المسلم إذا مات قال الربيع إذا مات أبوه كافرا

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صفحة : 377

باب في كم يكفن الميت

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: رحمه الله ويكفن الميت في ثلاثة أثواب بيض وكذلك بلغنا أن النبي كفن ولا أحب أن يقمص ولا يعمم أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة قال الشافعي: وما كفن فيه الميت أجزأه إن شاء الله وإنما قلنا هذا لأن النبي كفن يوم أحد بعض القتلى بنمرة واحدة فدل ذلك على أن ليس فيه لا ينبغي أن نقصر عنه وعلى أنه يجزيء ما وارى العورة قال فإن قمص أو عمم فلا بأس إن شاء الله ولا أحب أن يجاوز بالميت خمسة أثواب فيكون سرفا قال وإذا كفن الميت في ثلاثة أثواب أجمرت بالعود حتى يعبق بها المجمر ثم يبسط أحسنها وأوسعها أولها ويدر عليه شيء من الحنوط ثم بسط عليه الذي يليه في السعة ثم ذر عليه من حنوط ثم بسط عليه الذي يليه ثم ذر عليه شيء من حنوط ثم وضع الميت عليه مستقليا وحنط كما وصفت لك ووضع عليه القطن كما وصفته لك ثم يثنى عليه صنفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ثم يثنى عليه صنفته الأخرى على شقه الأيسر كما يشتمل الإنسان بالساج يعني الطيلسان حتى توازيها صنفة الثوب التي ثنيت أولا بقدر سعة الثوب ثم يصنع بالأثواب الثلاثة كذلك قال ويترك فضل من الثياب عند رأسه أكثر من عند رجليه ما يغطيهما ثم يعطف فضل الثياب من عند الرأس والرجلين فإن خشى أن تنحل عقدت الثياب فإذا وضع في اللحد حلت عقده كلها قال وإن كفن في قميص جلع القميص دون الثياب والثياب فوقه وإن عمم جعلت العمامة دون الثياب والثياب فوقها وليس في ذلك ضيق إن شاء الله تعالى قال وإن لم يكن إلا ثوب واحد أجزأ وإن ضاق وقصر غطى به الرأس والعورة ووضع على الرجلين شيء وكذلك فعل يوم أحد ببعض أصحاب النبي قال الشافعي: فإن ضاق عن الرأس والعورة غطيت به العورة قال وإن مات ميت في سفينة في البحر صنع به هكذا فإن قدروا على دفنه وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين ويربطوهما بحبل ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه وهي أحب إلى من طرحه للحيتان يأكلوه فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم قال والمرأة يصنع بها في الغسل والحنوط ما وصفت وتخالف الرجل في الكفن إذا كان موجودا فتلبس الدرع وتؤزر وتعمم

صفحة : 378

وتلف ويشد ثوب على صدرها بجميع ثيابها قال وأحب إلى أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي في ابنته بذلك والسقط يغسل ويكفن ويصلى عليه إن استهل وإن لم يستهل غسل وكفن ودفن قال والخرقة التي توازى لفافة تكفيه قال والشهداء الذين عاشوا وأكلوا الطعام مثل الموتى في الكفن والغسل والصلاة والذين قتلوا في المعركة يكفنون بثيابهم التي قتلوا فيها إن شاء أولياؤهم والوالي لهم وتنزع عنهم خفاف كانت وفراء وإن شاء نزع جميع ثيابهم وكفنهم في غيرها فإن قال قائل فقد قال النبي زملوهم بكلومهم ودمائهم فالكلوم والدماء غير الثياب ولو كفن بعضهم في الثياب لم يكن هذا مضيقا وإن كفن بعض في غير الثياب التي قتل فيها وقد كفن رسول الله بعض شهداء أحد بنمرة كان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه فجعل على رجليه شيئا من شجر وقد كان في الحرب لا يشك أن قد كانت عليه ثياب قال الشافعي: وكفن الميت وحنوطه ومؤنته حتى يدفن من رأس ماله ليس لغرمائه ولا لوارثه منع ذلك فإن تشاحوا فيه فثلاثة أثواب إن كان وسطا لا موسرا ولا مقلا ومن الحنوط بالمعروف لا سرفا ولا تقصيرا ولو لم يكن حنوط ولا كافور في شيء من ذلك رجوت أن يجزيء قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى ولم يصل عليهم ودفنوا بكلومهم ودمائهم وكفنهم أهلوهم فيما شاءوا كما يكفن غيرهم إن شاءوا في ثيابهم التي تشبه الأكفان وتلك القمص والأزر والأردية والعمائم لا غيرها وإن شاءوا سلبوها وكفنوهم في غيرها كما يصنع بالموتى من غيرهم وتنزع عنهم ثيابهم التي ماتوا فيها ألا ترى أن بعض شهداء أحد كفن في نمرة وقد كان لا يشك إن شاء الله تعالى عليهم السلاح والثياب وقال بعض الناس يكفنون في الثياب التي قتلوا فهيا إلا فراء أو حشوا أو لبدا قال ولم يبلغنا أن أحدا كفن في جلد ولا فرو ولا حشو وإن كان الحشو ثوبا كله فلو كفن به لم أر به بأسا لأنه من لبوس عامة الناس فأما الجلد فليس يعلم من لباس الناس وقال بعض الناس يصلى عليهم ولا يغسلون واحتج بأن الشعبي روى أن حمزة صلى عليه سبعون صلاة وكان يوتى بتسعة من القتلى حمزة عاشرهم ويصلى عليهم ثم يرفعون وحمزه مكانه ثم يؤتى بآخرين فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعون صلاة قال وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا كان قد صلى عليهم عشرة عشرة في قول الشعبي فالصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان فنجلعه على أكثرها على

صفحة : 379

أنه صلى على اثنين صلاة وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات فمن أين جاءت سبعون صلاة وإن كان عنى سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع فهي إذا كانت تسع صلوات ست وثلاثون تكبيرة فمن أين جاءت أربع وثلاثون فينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه وقد كان ينبغي له أن يعارض بهذه الأحاديث كلها عينان فقد جاءت من وجوه متواترة بأن النبي لم يصل عليهم وقال زملوهم بكلومهم ولو قال قائل يغسلون ولا يصلى عليهم ما كانت الحجة عليه إلا أن يقال له تركت بعض الحديث وأخذت ببعض قال ولعل ترك الغسل والصلاة على من قتله جماعة المشركين إرادة أن يلقوا الله جل وعز بكلومهم لما جاء فيه عن النبي أن ريح الكلم ريح المسك واللون لون الدم واستغنوا بكرامة الله جل وعز لهم عن الصلاة لهم مع التخفيف على من بقى من المسلمين لما يكون فيمن قاتل بالزحف من المشركين من الجراح وخوف عودة العدو ورجاء طلبهم وهمهم بأهليهم وهم أهلهم بهم قال وكان مما يدل على هذا أن رؤساء المسلمين غسلوا عمر وصلوا عليه وهو شهيد ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب وغسلوا المبطون والحريق والغريق وصاحب الهدم وكلهم شهداء وذلك أنه ليس فيمن معهم من الأحياء معنى أهل الحرب فأما من قتل في المعركة وكذلك عندى لو عاش مدة ينقطع فيها الحرب ويكون الأمان وإن لم يطعم أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب غسل وكفن وصلي عليه قال الشافعي: وإن قتل صغير في معركة أو امرأة صنع بهما ما يصنع بالشهداء ولم يغسلا ولم يصل عليهما ومن قتل في العترك بسلاح أو غيره أو وطء دابة أو غير ذلك مما يكون به الحتف فحاله حال من قتل بالسلاح وخالفنا في الصبي بعض الناس فقال ليس كالشهيد وقال قولنا بعض الصحابة وقال الصغير شهيد ولا ذنب له فهو أفضل من الكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله أن رسول الله لم يصل على قتلي أحد ولم يغسلهم أخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم أخبرنا سفيان عن الزهري وثبته معمر عن ابن أبي الصغير أن النبي أشرف

صفحة : 380

على قتلى أحد فقال شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم وكلومهم

باب المقتول الذي يغسل ويصلى عليه

ومن لم يوجد وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ومن قتله مشرك منفردا أو جماعة في حرب من أهل البغي أو غيرهم أو قتل بقصاص غسل إن قدر على ذلك وصلى عليه لأن معناه غير معنى من قتله المشركون ومعنى من قتله مشرك منفردا ثم هرب غير معنى من قتل في زحف المشركين لأن المشركين لا يؤمن أن يعودوا ولعلهم أن يطلبوا واحدا منهم فيهرب وتؤمن عودته وأهل البغي منا ولا يشبهون المشركين ألا ترى أنه ليس لنا اتباعهم كما يكون لنا اتباع المشركين وقال بعض الناس من قتل مظلوما في غير المصر بغير سلاح فيغسل فقيل له إن كنت قلت هذا بأثر عقلناه قال ما فيه أثر قلنا فما العلة التي فرقت فيها بين هؤلاء أردت اسم الشهادة فعمر شهيد قتل في المصر وغسل وصلى عليه وقد نجد اسم الشهادة يقع عندنا وعندك على القتل في المصر بغير سلاح والغريق والمبطون وصاحب الهدم في المصر وغيره ولا نفرق بين ذلك ونحن وأنت نصلى عليهم ونغسلهم وإن كان الظلم به اعتللت فقد تركت من قتل في المصر مظلوما بغير سلاح من أن تصيره إلى حد الشهداء ولعله أن يكون أعظمهم أجرا لأن القتل بغير سلاح أشد منه وإذا كان أشد منه كان أعظم أجرا وقال بعض الناس أيضا إذا أغار أهل البغي فقتلوا فالرجال والنساء والولدان كالشهداء لا يغسلون وخالفه بعض أصحابه فقال الولدان أطهر وأحق بالشهادة قال الشافعي: وكل هؤلاء يغسل ويصلى عليه لأن الغسل والصلاة سنة من بنى آدم لا يخرج منها إلا من تركه رسول الله فهم الذين قتلهم المشركون الجماعة خاصة في قال الشافعي: من أكله سبع أو قتله أهل البغي أو اللصوص أو لم يعلم من قتله غسل وصلى عليه فإن لم يوجد إلا بعض جسده صلى على ما وجد منه وغسل ذلك العضو وبلغنا عن أبي عبيدة أنه صلى على رءوس قال بعض أصحابنا عن ثور بن زيد عن خالد بن معدان إن أبا عبيدة صلى على رءوس وبلغنا أن طائرا ألقى يدا بمكة في وقعة الجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها وصلوا عليها قال بعض الناس يصلى على البدن الذي فيه القسامة ولا يصلى على رأس ولا يد قال الشافعي: وإن كان لاقسامة فيه عنده ولم يوجد في أرض أحد فكيف نصلى عليه وما للقسامة والصلاة والغسل وإذا جاز أن يصلي على بعض جسده دون بعض فالقليل من يديه

صفحة : 381

والكثير من ذلك لهم سواء ولا يصلى على الرأس والرأس موضع السمع والبصر واللسان وقوام البدن ويصلى على البدن بلا رأس الصلاة سنة المسلمين وحرمة قليل البدن لأنه كان فيه الروح حرمة كثيره في الصلاة

باب اختلاط موتى المسلمين بموتى الكفار

وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا غرق الرجال أو أصابهم هدم أو حريق وفيهم مشركون كانوا أكثر أول أقل من المسلمين صلى عليهم وينوى بالصلاة المسلمين دون المشركين وقال بعض الناس إذا كان المسلمون أكثر صلى عليه ونوى بالصلاة المسلمين دون المشركين وإن كان المشركون أكثر لم يصل على واحد منهم قال الشافعي: لئن جازت الصلاة على مائة مسلم فيهم مشرك بالنية لتجوزن على مائة مشرك فيهم مسلم وما هو إلا أن يكونوا إذا خالطهم مشرك لا يعرف فقد حرمت الصلاة عليهم وإن الصلاة تحرم على المشركين فلا يصلى عليهم أو تكون الصلاة واجبة على المسلمين وإن خالطهم مشرك نوى المسلم بالصلاة ووسع ذلك المصلى وإن لم يسع الصلاة في ذلك مكان المشركين كانوا أكثر أو أقل قال الشافعي: وما نحتاج في هذا القول إلى أن نبين خطأه بغيره فإن الخطأ فيه لبين وما ينبغي أن يشكل على أحد له علم

ID ' ' صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

صفحة : 382

باب حمل الجنازة وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويستحب للذي يحمل الجنازة أن يضع السرير على كاهله بين العمودين المقدمين ويحمل بالجوانب الأربع وقال قائل لا تحمل بين العمودين هذا عندنا مستنكر فلم يرض أن جهل ما كان ينبغي له أن يعلمه حتى عاب قول من قال بفعله هذا وقد روى عن بعض أصحاب رسول الله أنهم فعلوا ذلك أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن ابن عوف قائما بين العمودين المقدمين واضعا السرير على كاهله وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن يوسف ابن ماهك أنه رأى ابن عمر في جنازة رافع بن خديح قائما بين قائمتي السرير أخبرنا الثقة عن إسحق بن يحيى ابن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال رأيت عثمان بن عفان يحمل بين عمودي سرير أمه فلم يفارقه حتى وضعه أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال رأيت ابن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور ابن مخرمة قال الشافعي: فزعم الذي عاب هذا علينا أنه مستنكر لا نعلمه إلا قال برأيه وهؤلاء أصحاب رسول الله وما سكتنا عنه من الأحاديث أكثر مما ذكرنا قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا مات المحرم غسل بماء وسدر وكفن في ثيابه التي أحرم فيها أو غيرها ليس فيها قميص ولا عمامة ولا يعقد عليه ثوب كما لا يعقد الحي المحرم ولا يمس بطيب ويخمر وجهه ولا يخمر رأسه ويصلى عليه ويدفن وقال بعض الناس إذا مات كفن كما يكفن غير المحرم وليس ميت إحرام واحتج بقول عبد الله بن عمر ولعل عبد اله بن عمر لم يسمع الحديث بل لا أشك إن شاء الله ولو سمعه ما خالفه وقد ثبت عن رسول الله قولنا كما قلنا وبلغنا عن عثمان بن عفان مثله وما ثبت عن رسول الله فليس لأحد خلافه إذا بلغه أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت سعيد

صفحة : 383

بن جبير يقول سمعت ابن عباس يقول كنا مع النبي فخر رجل عن بعيره فوقص فمات فقال النبي اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه قال سفيان وزاد إبراهيم ابن أبي بحرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي قال وخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ولا تمسوه طيبا فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عثمان بن عفان صنع نحو ذلك

وما يفعل بعد كل تكبيرة وليس في التراجم

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا صلى الرجل على الجنازة كبر أربعا وتلك السنة ورويت عن النبي أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف أخبره أن مسكينة مرضت فأخبر النبي بمرضها قال وكان رسول الله يعود المرضى ويسأل عنهم فقال رسول الله إذا ماتت فآذنوني بها فخرج بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوا رسول الله فلما أصبح رسول الله أخبر بالذي كان من شأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نوقظك ليلا فخرج رسول الله حتي صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات قال الشافعي: فلذلك نقول يكبر أربعا على الجنائز يقرأ في الأولى بأم القرآن ثم يصلى على النبي قال الشافعي: إنا صلينا على الجنازة وعلمنا كيف سنة الصلاة فيها لرسول الله فإذا وجدنا لرسول الله سنة اتبعناها أرأيت لو قال قائل أزيد في التكبير علي ما قلتم لأنها ليست بفرص أولا أكبر وأدعوا للميث هل كانت لنا عليه حجة إلا أن نقول قد خالفت السنة وكذلك الحجة على من قال لا يقرأ إلا أن يكون رجل لم تبلغه السنة فيها أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن النبي كبر على الميت أربعا وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى

صفحة : 384

أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فيها بفاتحة الكتاب فلما سلم سألته عن ذلك فقال سنة وحق أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة وقال إنما فعلت لتعلموا أنها سنة أخبرنا مطرف ابن مازن عن معمر عن الزهري قال أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلى على النبي ويخلص الدعاء للميت في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال حدثني محمد الفهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة قال الشافعي: والناس يقتدون بإمامهم يصنعون ما يصنعقال الشافعي: وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله إن شاء الله قال الشافعي: أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن الزهري عن أبي أمامة قال السنة أن يقرأ على الجناز بفاتحة الكتاب قال الشافعي: وأصحاب النبي لا يقولون بالسنة والحق إلا لسنة رسول الله إن شاء الله تعالى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحق بن عبد الله عن موسى بن وردان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة علي الجنازة وبلغنا ذلك عن أبي بكر الصديق وسهل بن حنيف وغيرهما من أصحاب النبي قال الشافعي: ولا بأس أن يصلى على الميت بالنية فقد فعل ذلك رسول الله بالنجاشي صلى عليه بالنية وقال بعض الناس لا يصلى عليه بالنية وهذا خلاف سنة رسول الله الذي لا يحل لأحد خلافها وما نعلمه روى في ذلك شيئا إلا ما قال برأيه قال ولا بأس أن يصلى على القبر بعد ما يدفن الميت بل نستحبه وقال بعض الناس لا

صفحة : 385

يصلى على القبر وهذا أيضا خلاف سنة رسول الله الذي لا يحل لأحد علمها خلافها قد صلى رسول الله على قبر البراء بن معرور وعلى قبر غيره أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي صلى على قبر امرأة وكبر أربعا قال الشافعي: وصلت عائشة على قبر أخيها وصلى ابن عمر على قبر أخيه عاصم بن عمر قال الشافعي: ويرفع المصلى يديه كلما كبر على الجنازة في كل تكبيرة للأثر والقياس على السنة في الصلاة وأن رسول الله رفع يديه في كل تكبيرة كبرها في الصلاة وهو قائم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة قال الشافعي: وبلغني عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير مثل ذلك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا وقال بعض الناس لا يرفع يديه رلا في التكبيرة الأولى وقال ويسلم تسليمة يسمع من يليه وإن شاء تسليمتين أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسلم في الصلاة على الجنازة قال الشافعي: ويصلى على الجنازة فياما مستقبلى القبلة ولو صلوا جلوسا من غير عذر أو ركبانا أعادوا وإن صلوا بغير طهارة أعادوا وإن دفنوه بغير صلاة ولا غسل أو لغير القبلة فلا بأس عندي أن يماط عنه التراب ويحول فيوجه للقبلة وقيل يخرج ويغسل ويصلى عليه ما لم يتغير فإن دفن وقد غسل ولم يصل عليه لم أحب إخراجه وصلى عليه في القبر قال الشافعي: وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر ثم يصلى على النبي ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت وليس في الدعاء شيء مؤقت وأحب أن يقول اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وارفع درجته وقه عذاب القبر وكل هول يوم القيامة وابعثه من الآمنين وإن كان مسيئا فتجاوز عنه وبلغه بمغفرتك وطولك درجات المحسنين اللهم فارق من كان يحب من سعة الدنيا والأهل وغيرهم إلى ظلمة القبر وضيقه وانقطع عمله وقد جئناك شفعاء له ورجونا له رحمتك وأنت

صفحة : 386

قال الشافعي: سمعنا من أصحابنا من يقول المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها ولم أسمع أحدا عندنا يخالف في ذلك وقال بعض الناس المشي خلفها أفضل واحتج بأن عمر إنما قدم الناس لتضايق الطريق حتى كأنا لم نحتج بغير ما رويا عن عمر في هذا الموضع واحتج بأن عليا رضي الله عنه قال المشي خلفه أفضل واحتج بأن الجنازة متبوعة وليست بتابعة وقال التفكر في أمرها إذا كان خلفها أكثر قال الشافعي: والحبة في أن المشي أمام الجنازة أفضل مشى النبي أمامها وقد علموا أن لعامة تقتدي بهم وتفعل فعلهم ولم يكونوا مع تعليمه العامة نعلمهم يدعون موضع الفضل في اتباع الجنازة ولم نكن نحن نعرف موضع الفضل إلا بفعلهم فإذا فعلوا شيئا وتتابعوا عليه كان ذلك موضع الفضل فيه والحجة فيه من مشى رسول الله أثبت من أن يحتاج معها إلى غيرها وإن كان في اجتماع أئمة الهدى بعده الحجة ولم يمشوا في مشيهم لتضايق الطريق إنما كانت المدينة أو عامتها فضاء حتى عمرت بعد فأين تضايق الطريق فيها ولسنا نعرف عن علي رضي الله عنه خلاف فعل أصحابه وقال قائل هذا الجنازة متبوعة فلم نر من مشى أمامها إلا لاتباعها فإذا مشى لحاجته فليس بتابع للجنازة ولا يشك عند أحد أن من كان أمامها هو معها ولو قال قائل الجنازة متبوعة فرأى هذا كلاما ضعيفا لأن الجنازة إنما هي تنقل لا تتبع أحدا وإنما يتبع بها وينقلها الرجال ولا تكون هي تابعة ولا زائلة إلا أن يزال بها ليس للجنازة عمل إنما العمل من تبعها ولمن معها ولو شاء محتج أن يقول أفضل ما في الجنازة حملها والحامل إنما يكون أمامها ثم يحملها لكان مذهبا والفكر للمتقدم والمتخلف سواء ولعمري لمن يمشى من أمامها الفكر فيها وإنما خرج من أهله يتبعها إن هذه لمن الغفلة ولا يؤمن عليه إذا كان هكذا أن يمشى وهو خلفها أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة عن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب يقدم الناس أما زينب بنت جحش

صفحة : 387

أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد مولى السائب قال رأيت ابن عمر وعبيد بن عمير يمشيان أمام الجنازة فتقدما فجلسا يتحدثان فلما جازت بهما الجنازة قاما قال الشافعي: وبحديث ابن عمر وغيره أخذنا في أنه لا بأس أن يتقدم فيجلس قبل أن لا يؤتى بالجنازة ولا ينتظر أن يأذن له أهلها في الجلوس وينصرف أيضا بلا إذن وأحب إلى لو استتم ذلك كله قال الشافعي: أحب حمل الجنازة من أين حملها ووجه حملها أن يضع ياسرة السرير المقدمة على عاتقه الأيمن ثم ياسرته المؤخرة ثم يامنة لسرير المقدمة على عاتقه الأيسر ثم يامنته المؤخرة وإذا كان الناس مع الجنازة كثيرين ثم أتى على مياسره مرة أحببت له أن يكون أكثر حمله بين العمودين وكيفما يحمل فحسن وحمل الرجل والمرأة سواء ولا يحمل النساء الميت ولا الميتة وإن ثقلت الميتة فقد رأيت من يحمل عمدا حتى يكون من يحملها على ستة وثمانية على السرير وعلى اللوح إن لم يوجد السرير وعلى المحمل وما حمل عليه أجزأ وإن كان في موضع عجلة أو بعض حاجة تتعذر فخيف عليه التغير قبل يهيأ له ما يحمل عليه حمل على الأيدي والرقاب ومشى بالجنازة أسرع سجية مشى الناس لا الإسراع الذي يشق علي ضعفة من يتبعها إلا أن يخاف تغيرها أو انبجاسها فيعجلونها ما قدروا ولا أحب لأحد من أهل الجنازة الإبطاء في شيء من حالاتها من غسل أو وقوف عند القبر فإن هذا مشقة على من يتبع الجنازة

ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

صفحة : 388

باب الخلاف في إدخال الميت القبر

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وسل الميت سلا من قبل رأسه وقال بعض الناس يدخل معترضا من قبل القبلة وروى حماد عن إبراهيم أن النبي أدخل من قبل القبلة معترضا أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار والجدار الذي للحد لجنبه قبلة البيت وأن لحده تحت الجدار فكيف يدخل معترضا واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء ولا يمكن إلا أن يسل سلا أو يدخل من خلاف القبلة وأمور الموتى وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت وحضور الأئمة وأهل الثقة وهو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها ورسول الله والمهاجرون والأنصار بين أظهرنا ينقل العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يسل سلا ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت ثم لم يعلم حتى روى عن حماد عن إبراهيم أن النبي أدخل معترضا أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج عن عمر ان بن موسى أن رسول الله سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك أخبرنا الثقة عن عمرو بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال سل رسول الله من قبل رأسه وأخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وابن الضر لا اختلاف بينهم في ذلك أن رسول الله سل من قبل رأسه وأبو بكر وعمر قال الشافعي: ويسطح القبر وكذلك بلغنا عن النبي أنه سطح قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصى من حصى الروضة وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح وقال بعض الناس يسنم القبر ومقبرة المهاجرين والأنصار عندنا مسطح قبورها ويشخص من الأرض نحو من شبر ويجعلعليها البطحاء مرة ومرة تطين ولا أحسب هذا من الأمور التي ينبغي أن ينقل فيها أحد علينا وقد بلغني عن القاسم ابن محمد قال رأيت قبر النبي وأبي بكر وعمر مسطحه قال ويغسل الرجل امرأته إذا ماتت والمرأة زوجها إذا مات وقال بعض الناس تغسل

صفحة : 389

المرأة زوجها ولا يغسلها فقيل له لم فرقت بينهما قال أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء فقلت وأوصت فاطمة أن يغسلها علي رضي الله عنهما قال وإنما قلت أن تغسله هي لأنها في عدة منه قلنا إن كانت الحجة الأثر عن أبي بكر فلو لم يرو عن طلحة رضي الله عنه ولا ابن عباس ولا غيرهما في ذكل شيء كانت الحجة عليك بأن قد علمنا أنه لا يحل لها منه إلا ما حل له منها قال ألا ترى أن له أن ينكح إذا ماتت أربع نسوة سواها وينكح أختها فقيل له العدة والنكاح ليسا من الغسل في شيء أرأيت قولك ينكح أختها أو أربعا سواها أنها فارقت حكم الحياة وصارت كأنها ليست زوجة أو لم تكن زوجة قط قيل نعم قيل فهو إذا مات زوج أو كأنه لم يكن زوجا قال بل ليس بزوج قد انقطع حكم الحياة عنه كما انقطع عنها غير أن عليها منه عدة قلنا العدة جعلت عليها بسبب ليس هذا ألا ترى أنها تعتد ولا يعتد وأنها تتوفى فينكح أربعا ويتوفى تنكح دخل بها أو لم يدخل بها حتى تعتد أربعة وعشرا شيء جعله الله تعالى عليها دونه وأن كل واحد من الزوجين فيما يحل له ويحرم عليه من صاحبه سواء أرأيت لو طلقها ثلاثا أليست عليها منه عدة قال بلى قلت فكذلك لو بانت بإيلاء أو لعان قال بلى قيل فإن بانت منه ثم مات وهي في عدة الطلاق أتغسله قال لا قلت ولم قد زعمت أن غسلها إياه دون غسله إياها إنما هو بالعدة وهذه تعتد قال ليست له بامرأة قلت فما ينفعك حجتك بالعدة كالعبث كان ينبغي أن تقول تغسله إذا زعمت أن العدة تحل لها منه ما يحرم عليها فلا يحرم عليها غسله قيل أفيحل لها في العدة منه وهما حيان أن تنظر إلى فرجه وتمسكه كما كان يحل لها قبل الطلاق قال لا قيل وهي منه في عدة قال ولا تحل العدة ههنا شيئا ولا تحرمه إنما يحله عقد النكاح فإذا زال بان لا يكون له عليها فيه رجعة فهي منه فيما يحل له ويحرم كما تعد النساء قيل وكذلك هو منها قال نعم قيل فلو قال هذا غيركم ضعفتموه وهي لا تعدو وهو لا يعدو إذا ماتت أن يكون عقد النكاح زائلا بلا زوال للطلاق فلا يحل له غسلها ولا لها غسله أو يكون ثابتا فيحل لكل منهما من صاحبه ما يحل للآخر أو نكون مقلدين لسلفنا في هذا فقد أمر أبو بكر وسط المهاجرين والأنصار أن تغسله أسماء وهو فيما يحل له ويحرم عليه أعلم وأتقى لله وذلك دليل على أنه كان إذا رأى لها أن تغسله إذا مات كان له أن يغسلها إذا مات لأن العقد الذي حلت له به هو العقد الذي به حل لها ألا ترى أن الفرج كان حراما قبل العقد فلما انعقد حل حتى تنفسخ العقدة فلكل واحد من الزوجين فيما يحل لكل واحد منهما من صاحبه ما للآخر لا يكون للواحد منهما

صفحة : 390

في العقد شيء ليس لصاحبه ولا إذا انفسخت لم يكن له عليها الرجعة شيء لا يحل لصاحبه ولا إذا مات شيء لا يحل لاصحبه فهما في هذه الحالات سواء أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله إلا نساؤه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمارة عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس أن فاطمة بنت رسول الله أوصتها أن تغسلها إذا

باب العمل في الجنائز

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حق على الناس غسل الميت والصلاة عليه ودفنه لا يسع عامتهم تركه وإذا قام بذلك منهم من فيه كفاية له أجزأ إن شاء الله تعالي وهو كالجهاد عليهم حق أن لا يدعوه وإذا ابتدر منهم من يكفى الناحية التي يكون بها الجهاد أجزأ عنهم والفضل لأهل الولاية ذلك عن أهل التخلف عنه قال الشافعي: وإنما ترك عمر عندنا والله أعلم عقوبة من مر بالمرأة التي دفنها أظنه كليب لأن المار المنفرد قد كان ياتكل على غيره ممن يقوم مقامه فيه وأما أهل رفقة متفردين في طريق غير مأهولة لو تركوا ميتا منهم وهو عليهم أن يواروه فإنه ينبغي للإمام أن يعاقبهم لاستخفافهم بما يجب عليهم من حوائجهم في الإسلام وكذلك كل ما وجب على الناس فضيعوه فعلى السلطان أخذه منهم وعقوبتهم فيه بما يرى غير متجاوز القصد في ذلك قال وأحب إذا مات الميت أن لا يعجل أهله غسله لأنه قد يغشى عليه فيخيل إليهم أنه قد مات حتى يروا علامات الموت المعروفة فيه وهو أن تسترخي قدماه ولا تنتصبان وأن تنفرج زندا يديه والعلامات التي يعرفون بها الموت فإذا رأوها علجوا غسله ودفنه فإن تعجيله تأدية الحق إليه ولا ينتظر بدفن الميت أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن قبيصة بن ذؤيب كان يحدث أن رسول الله أغمض أبا سلمة قال الشافعي: ويطبق فوه وإن خيف استرخاء لحييه شد بعصابة قال ورأيت من يلين مفاصله ويبسطها لتلين ولا تجسو ورأيت الناس يضعون الحديدة السيف أو غيره على بطن الميت والشيء من الطين المبلول كأنهم يذودون أن تربو بطنه فما صنعوا من ذلك مما رجوا وعرفوا أن فيه دفع

صفحة : 391

مكروه رجوت أن لا يكون به بأس إن شاء الله تعالى ولم أر من شأن الناس أن يضعوا الزاووق يعني الزئبق في أذنه وأنفه ولا أن يضعوا المرتك يعني المرداسنج على مفاصله وذلك شيء تفعله الأعاجم يريدون به البقاء للميت وقد يجعلونه في الصندوق ويفضون به إلى الكافور ولست أحب هذا ولا شيئا منه ولكن يصنع به كما يصنع باهل الإسلام ثم يغسل والكفن والحنوط والدفن فإنه صائر إلى الله جل وعز والكرامة له برحمة الله تعالى والعمل الصالح قال وبغلني أنه قيل لسعد بن أبي وقاص نتخذ لك شيئا كأنه الصندوق من الخشب فقال اصنعوا بي ما صنعتم برسول الله انصبوا علي اللبن وأهيلوا على التراب

باب الصلاة على الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى إذا حضر الولي الميت أحببت أن لا يصلى عليه إلا بأمر وليه لأن هذا من الأمور الخاصة التي أرى الولي أحق بها من الوالي والله تعالى أعلم وقد قال بعض من له علم الوالي أحق وإذا حضر الصلاة عليه أهل القرابة فأحقهم به الأب والجد من قبل الأب ثم الولد وولد الولد ثم الأخ للأب والأم ثم الأخ للأب ثم أقرب الناس من قبل الأب وليس من قبل الأم لأنه إنما الولاية للعصبة فإذا استوى الولاة في القرابة وتشاحوا وكل ذي حق فأحبهم إلى أسنهم إلا أن تكون حاله ليست محمودة فكان أفضلهم وأفقههم أحب إلى فإن تقاربوا فأسنهم فإن استووا وقلما يكون ذلك فلم يصطلحوا أقرع بينهم فأيهم خرج سمهه ولى الصلاة عليه قال والحر من الولاة أحق بالصلاة عليه من المملوك ولا بأس بصلاة المملوك عن الجنازة وإذا حضر رجل ولي أو غير ولي مع نسوة بعلا رجلا ميتا أو امرأة فهو أحق بالصلاة عليها من النساء إذا عقل الصلاة وإن لم يبلغ مملوكا كان أو حرا فإن لم يكن يعقل الصلاة صلين على الميت صفا منفردات وإن أمتهن إحداهن وقامت وسطهن لم أر بذلك بأسا فقد صلى الناس على رسول الله أفرادا لا يؤمهم أحد وذلك لعظم أمر رسول الله وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد وصلوا عليه مرة بعد مرة وسنة رسول الله في الموتى والأمر المعمول به إلى اليوم أن يصلى عليهم بإمام ولو صلى عليهم أفرادا أجزأهم الصلاة عليهم إن شاء الله تعالى وأحب أن تكون الصلاة على الميت صلاة واحدة هكذا رأيت صلاة الناس لا يجلس بعد الفراغ منها لصلاة من فاتته الصلاة عليه ولو جاء ولي له ولا يخاف على الميت التغير فصلى عليه رجوت أن لا يكون بذلك بأس إن شاء الله تعالى قال وإن أحدث

صفحة : 392

الإمام انصرف فتوضأ وكبر من خلفه ما بقى من التكبير فرادى لا يؤمهم أحد ولو كان في موضع وضوئه قريبا فانتظروه فبنى على التكبير رجوت أن لا يكون بذلك بأس ولا يصلى على الجنازة في مصر إلا طاهرا قال ولو سبق رجل ببعض التكبير أن لا يكون بذلك بأس ولا يصلى على الجنازة في مصر إلا طاهرا قال لم ينتظر بالميت حتى يقضى تكبيره ولا ينتظر المسبوق الإمام أن يكبر ثانية ولكنه يفتتح لنفسه وقال بعض الناس إذا خاف الرجل في المصر فوت الجنازة تيمم وصلي وهذا لا يجيز التيمم في المصر لصلاة نافلة ولا مكتوبة إلا لمريض زعم وهذا غير مريض ولا تعدو الصلاة على الجنازة أن تكون كالصلوات لا تصلى إلا بطهارة الوضوء وليس التيمم في المصر للصحيح المطيق بطهارة أو تكون كالذكر فيصلى عليها إن شاء غير طاهر خاف الفوت أو لم يخف كما يذكر غير طاهر

باب اجتماع الجنائز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لو اجتمعت جنائز رجال ونساء وصبيان وخناثى جعل الرجال مما يلي الإمام وقدم إلى الإمام أفضلهم ثم الصبيان يلونهم ثم الخناثى يلونهم ثم النساء خلفهم مما يلي القبلة وإن تشاح ولاة الجنائر وكن مختلفات صلى ولى الجنازة التي سبقت ثم إن شاء ولى سواها من الجنائز استغنى بتلك الصلاة وإن شاء أعاد الصلاة على جنازته وإن تشاحوا في موضع الجنائز فالسابق أحق إذا كانوا رجالا فإن كن رجالا ونساء وضع الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة ولم ينظر في ذلك إلى السبق لأن موضعهن هكذا وكذلك الخنثى ولكن إن سبق ولى الصبى لم يكن عليه أن يزيل الصبى من موضعه ووضع ولي الرجل الرجل خلفه إن شاء أو يذهب به إلى موضع غيره فإن افتتح المصلى على الجنازة الصلاة فكبر واحدة أو اثنتين ثم أتى بجنازة أخرى وضعت حتى يفرغ من الصلاة على الجنازة التي كانت قبلها لأنه افتتح الصلاة ينوى بها غير هذه الجنازة المؤخرة قال ولو صلى الإمام على الجنازة غير متوض ومن خلفه متوضئون أجزأت صلاتهم وإن كان كلهم غير متوضئين أعادوا وإن كان فيهم ثلاثة فصاعدا متضئون أجزأت وإن سبق بعض الأولياء بالصلاة على الجنازة ثم جاء ولي غيره أجببت أن لا توضع للصلاة ثانية وإن فعل فلا بأس إن شاء الله تعالى قال ولو سقط لرجل شيء له قيمة في قبر فدفن كان له أن يكشف عنه حتى يأخذ ما سقط أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وإن مات ميت بمكة أو المدينة أحببت أن يدفن في مقابرهما

صفحة : 393

وكذلك إن مات ببلد قد ذكر في مقبرته خبر أحببت أن يدفن في مقابرها فإن كانت ببلد لم يذكر ذلك فيها فأحب أن يدفن في المقابر لحرمة المقابر والدواعي لها وأنه مع الجماعة أشبه من أن لا يتغوط ولا يبال على قبره ولا ينبش وحيثما دفن الميت فحسن إن شاء الله تعالي وأحب أن يعمق للميت قدر بسطة وما أعمق له ووورى أجزأ وإنما أحببت ذلك أن لا تناله السباع ولا يقرب على أحد إن أراد نبشه ولا يظهر له ريح ويدفن في موضع الضرورة من الضيق والعجلة الميتان والثلاثة في القبر إذا كانوا ويكون الذي للقبلة منهم أفضلهم وأسنهم ولا أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال وإن كانت ضرورة ولا سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها وهي خلفه ويجعل بين الرجل والمرأة في القبر حاجز من تراب وأحب إحكام القبر ولا وقت فيمن يدخل القبر فإن كانوا وترا أحب إلى وإن كانوا ممن يضبطون الميت بلا مشقة أحب إلى وسل الميت من قبل رأسه وذلك أن يوضع رأس سريره عند رجل القبر ثم يسل سلا ويستر القبر بثوب نظيف حتى يسوي على الميت لحده وستر المرأة إذا دخلت قبرها أوكد من ستر الرجل وتسل المرأة كما يسل الرجل وإن ولى إخراجها من نعشها وحل عقد من الثياب إن كان عليها وتعاهدها النساء فحسن وإن وليها الرجل فلا بأس فإن كان فيهم ذو محرم كان أحب إلى وإن لم يكن فيهم ذو محرم فذو قرابة وولاء وإن لم يكن فالمسلمون ولاتها وهذا موضع ضرورة ودونها الثياب وقد صارت ميتة وانقطع عنها حكم الحياة قال وتوضع الموتى في قبورهم على جنوبهم اليمنى وترفع رءوسهم بحجر أو لبنة ويسندون لئلا ينكبوا ولا يستلقوا وإن كان بأرض شديدة لحد لهم ثم نصب على لحودهم اللبن نصبا ثم يتبع فروج اللبن بكسار اللبن والطين حتى يحكم ثم أهيل التراب عليها وإن كانوا ببلد رقيقة شق لهم شق ثم بنيت لحودهم بحجارة أو لبن ثم سقفت لحودهم عليهم بالحجارة أو الخشب لأن اللبن لا يضبطها فإن سقفت تتبعت فروجها حتى تنظم قال ورأيتهم عندنا يضعون على السقف الإذخر ثم يضعون عليه التراب مثريا ثم يهيلون التراب بعد ذلك إهالة قال الشافعي: هذا الوجه الأثر الذي يجب أن يعمل به ولا يترك وكيفما وورى الميت أجزأ إن شاء اله تعالي ويحثى من على شفير القبر بيديه معا التراب ثلاث حثيات أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهما أن النبي حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا قال الشافعي: وأحب تعجيل دفن الميت إذا بان موته فإذا أشكل أحببت الأناة به حتى يتبين

صفحة : 394

موته وإن كان الميت غريقا أحببت التأني به بقدر ما يولى من حفره وإن كان مصعوقا أحببت أن يستأني به حتى يخاف تغيره وإن بلغ ذلك يومين أو ثلاثة لأنه بلغني أن الرجل يصعق فيذهب عقله ثم يفيق بعد اليومين وما أشبه ذلك وكذلك لو كان فزعا من حرب أو سبع أو فزعا غير ذلك أو كان مترديا من جبل وإذا مات الميت فلا تخفى علامات الموت به إن شاء الله تعالى فإن خفيت على البعض لم تخف على الكل وإذا كانت الطواعين أو موت الفجأة واستبان الموت فلم يضبطه أهل البيت إلا أن يقدموا بعض الموتى فقدموا الوالدين من الرجال والنساء ثم قدموا بعد من رأوا فإن كان امرأتان لرجل أقرع بينهما أيتهما تقدم وإذا خيف التغيير على بعض الموتى قدم من كان يخاف عليه التغيير لا من لا يخاف التغيير عليه ويقدم الكبار على الصغار إذا لم يخف التغيير على من تخلف وإذا كان الضرورة دفن الاثنان والثلاثة في قبر وقدم إلى القبلة أفضلهم وأقرؤهم ثم جعل بينه وبين الذي يليه حاجز من تراب فإن كانوا رجالا ونساء وصبيانا جعل الرجل الذي يلي القبلة ثم الصبي ثم المرأة وراءه وأحب إلى لو لم تدفن المرأة مع الرجال وإنما رخصت في أن يدفن الرجلان في قبر بالسنة لم أسمع أحدا من أهل العلم إلا يتحدث أن النبي أمر بقتلى أحد اثنان في قبر واحد وقد قيل ثلاثة

ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع

سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ

الحديث.

وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة

أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.

هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة

القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال

صفحة : 395

باب ما يكون بعد الدفن

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: وقد بلغني عن بعض من مضى أنه أمر أن يقعد عند قبره إذا أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما أحب أن أدفن بالبقيع لأن أدفن في غيره أحب إلى إنما هو واحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أكون في جواره وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه أخبرنا مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت كسر عظم الميت ككسر عظم الحي قال الشافعي: تعنى في المأثم وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن وأحب أن لا يزاد في القبر تراب من غيره وليس بأن يكون فيه تراب من غيره بأس إذا زيد فيه تراب من غيره ارتفع جدا وإنما أحب أن يشخص على وجه الأرض شبرا أو نحوه وأحب أن لا يبنى ولا يجصص فإن ذلك يشبه الزينة والخيلاء وليس الموت موضع واحد منهما ولم أر قبول المهاجرين والأنصار مجصصة قال الراوي عن طاوس إن رسول الله نهى أن تبنى القبول أو تجصص قال الشافعي: وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما يبنى فيها فلم أر الفقهاء يعيبون ذلك فإن كانت القبور في الأرض يملكها الموتى في حياتهم أو ورثتهم بعدهم لم يهدم شيء أن يبنى منها وإنما يهدم أن هدم ما لا يملكه أحد فهدمه لئلا يحجر على الناس موضع القبر فلا يدفن فيه أحد فيضيق ذلك بالناس قال الشافعي: وإن تشاح الناس ممن يحفر للموتى في موضع من المقبرة وهي غير ملك لأحد حفر الذي يسبق حيث شاء وان جاءوا معا اقرع الوالي بينهم وإذا دفن الميت فلي لأحد حفر قبره حتى يأتى عليه مدة يعلم أهل ذلك البلد أن ذلك قد ذهب وذلك يختلف بالبلدان فيكون في السنة وأكثر فإن عجل أحد بحفر قبره فوجد ميتا أو بعضه أعيد عليه التراب وإن خرج من عظامه شيء أعيد في القبر قال وإذا كانت أرض لرجل فأذن بأن يقبر فيها ثم أراد أخذها فله أخذ ما لم يقبر فيه وليس له أخذ ما قبر فيه منها وإن قبر قوم في أرض لرجل بلا إذنه فأردا تحويلهم عنها أو بناءها أو زرعها أو حفرها آبارا كرهت ذلك له وإن شح فهو أحق بحقه وأحب لو ترك الموتى حتى يبلوا قال وأكره وطء القبر والجلوس والاتكاء عليه إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه فذلك موضع ضرورة فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى وقال بعض أصحابنا لا بأس بالجلوس عليه وإنما نهى عن الجلوس عليه للتغوظ

صفحة : 396

قال الشافعي: وليس هذا عندنا كما قال وإن كان نهى عنه للمذهب فقد نهى عنه وقد نهى عنه مطلقا لغير المذهب أخبرنا الربع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبيه عن جده قال تبعت جنازة مع أبي هريرة فلما كان دون القبور جلس أبو هريرة ثم قال لأن أجلس على جمرة فتحرق ردائي ثم قميصي ثم إزاري ثم تفضي إلى جلدي أحب إلى من أن أجلس على قبر امريء مسلم قال وأكره أن يبنى على القبر مسجد وأن يسوى أو يصلى عليه وهو غير مسوى أو يصلى إليه قال وإن صلى إليه أجزأه وقد أساء أخبرنا مالك أن رسول الله قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقى دينان بأرض العرب قال وأكره هذا للسنة والآثار وأنه كره والله تعالي أعلم أن يعظم أحد من المسلمين يعني يتخذ قبره مسجدا ولم تؤمن في ذلك الفتنة والضلال على من يأتى بعد فكره والله أعلم لئلا يوطأ فكره والله أعلم لأن مستودع الموتى من الأرض ليس بأنظف الأرض وغيره من الأرض أنظف

باب القول عند دفن الميت

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وإذا وضع الميت في قبر قال من يضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله وأحب أن يقول اللهم أسلمه إليك الإشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدار والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به إن عاقبته عاقبته بذنبه وإن عفوت فأنت أهل العفو اللهم أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك اللهم اشكر حسنته وتجاوز عن سيئته وشفع جماعتنا فيه واغفر ذنبه وافسح له في قبره وأعذه من عذاب القبر وأدخل عليه الأمان والروح في قبره ولا بأس أخبرنا مالك عن ربيع يعني ابن أبي عبد الرحمن عن بي سعيد الخدري أن رسول الله قال ونهيتكم عن زيارة القبول فزوروها ولا تقولوا هجرا قال الشافعي: ولكن لا يقال عندها هجر من القول وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة فأما إذا زرت تستغفر للميت ويرق قلبك وتذكر أمر الآخرة بهذا مما لا أكرهه ولا أحب المبيت في القبور للوحشة على البائت وقد رأيت الناس عندنا يقاربون من ذوي القرابات في الدفن وأنا أحب ذلك وأجعل الوالد أقرب إلى القبلة من الولد إذا أمكن ذلك وكيفما دفن أجزأ إن شاء الله وليس في التعزية شيء مؤقت يقال لا يعدى إلى غيره

صفحة : 397

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جده قال لما توفى رسول الله وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول إن في الله عزاء كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فإن المصاب من حرم الثواب قال الشافعي: قد عزى قوم من الصالحين بتغزية مختلفة فأحب أن يقول قائل هذا القول ويترحم على الميت ويدعو لمن خلفه قال والتعزية من حين موت الميت في المنزل والمسجد وطريق القبور وبعد الدفن ومتى عزى فحسن فإذا شهد الجنازة أحببت أن تؤخر التعزية إلى أن يدفن الميت إلا أن يرى جزعا من المصاب فيعزيه عند جزعه ويعزى الصغير والكبير والمرأة إلا أن تكون امرأة شابة ولا أحب مخاطبتها إلا لذي محرم وأحب لجيران الميت أو ذي قرابته أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم فإن ذلك سنة وذكر كريم وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا لأنه لما جاء نعي جعفر قال رسول الله اجعلوا لآل جعفر طعاما فإن قد جاءهم أمر يشغلهم أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن جعفر عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال جاء نعى جعفر فقال رسول الله إجلعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم أو ما يشغلهم شك سفيان قال الشافعي: وأحب لقيم أهل أهل الميت عند المصيبة أن يتعاهد أضعفهم عن احتمالها بالتعزية بما يظن من الكلام والفعل أنه يسليه ويكف من حزنه وأحب لولي الميت الابتداء بأولى من قضاء دينه فإن كان ذلك يستأخر سأل غرماءه أن يحللوه ويحتالوا به عليه وأرضاهم منه بأي وجه كان أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبه عن عمر بن أبي سلمة أظنه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه قال وأحب إن أوصى بشيء أن يعجل الصدقة عنه ويجعل ذلك في أقاربه وجيرانه وسبيل الخير وأحب مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه وأن لا ينهر ولا يقهر فإن الله عز وجل قد أوصى به

ID ' ' تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون

خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م

صفحة : 398

باب القيام للجنازة

أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: ولا يقوم للجنازة من شهدها والقيام لها منسوخ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمر بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود ابن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كان رسول الله يقوم في الجنائز ثم جلس بعد أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمه بهذا الإسناذ أو شبيها بهذا وقال قام رسول الله وأمر بالقيام ثم جلس وأمر بالجلوس قال الشافعي: ويصلي على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك يدفن في أي ساعة شاء من ليل أو نهار وقد دفنت على عهد رسول الله مسكينة ليلا فلم ينكر ودفن أبو بكر ليلا ودفن المسلمون بعد ليلا وقال بعض أصحابنا لا يصلى عليها مع اصفرار الشمس ولا مع طلوعها حتى تبرز واحتج في ذلك بأن ابن عمر قال لأهل جنازة وضعوها على باب المسجد بعد الصبح إما إن تصلوا عليها الآن وإما أن تدعوها حتى ترتفع الشمس قال وابن عمر يروى عن النبي قال لا يتحرى أحدكم بصلاته طلوع الشمس ولا غروبها وقد يكون ابن عمر سمع هذا من النبي خاصة ولم يسمع عن النبي النهي عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس فرأى هذا حمله على كل صلاة ولم ير النهي إلا فيما سمع قال وقد جاء عن رسول الله ما دل علي أنه نهيه عن الصلاة في هذه الساعات إنما يعني به صلاة النافلة فأما كل صلاة كرهت فلا وأثبتنا ذلك في كتاب الصلاة ولو كان علي كل صلاة وكانت الصلاة على الجنائز صلاة لا تحل إلا في وقت صلاة ما صلى على ميت العصر ولا الصبح وقد يجوز أن يكون ابن عمر أراد بذلك أن لا يجلس من تبع الجناز ولا يتفرق من أهل المسجد حتى يكثر المصلى عليها فإن أصحابنا يتحرون بالجنائز انصراف الناس من الصلاة لكثرة المصلين فيقول صلوا مع كثرة الناس أو أخروا إلى أن يأتى المصلون للضحى أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أهل المدينة بإسناد لا أحفظه أنه صلى على عقيل ابن أبي طالب والشمس مصفرة قبل المغيب قليلا ولم ينتظر به مغيب الشمس قال الشافعي: وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه النائحة على الانفراد لكن يعزى بما

صفحة : 399

أمر الله عز وجل من الصبر والاسترجاع وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر قال وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر ولا أن يعلن إلا خيرا ولا يدعون بحرب قبل الموت فإذا مات أمسكن أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحرث بن عتيك أخبره عن عبد الله بن عتيك أن رسول الله جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجلع ابن عتيك يسكتهن فقال رسول الله دعن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال إذا مات

غسل الميت

أخبرنا الربيع بن سليمان قال لم أسمع هذا الكتاب من الشافعي وإنما أقرؤه على المعرفة قال الشافعي: أول ما يبدأ به من يحضر الميت من أوليائه أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه وأن يشد تحت لحييه عصابة عريضة وتربط من فوق رأسه كيلا يسترخى لحيه الأسفل فينفتح فوه ثم يجسو بعد الموت ولا ينطبق ويرد يديه حتى يلصقهما بعضديه ثم يبسطهما ثم يردهما ثم يبسطهما مرات يلبقى لينهما فلا يجسو وهما إذا لينا عند خروج الروح تباقى لينهما إلى وقت دفنه ففكتا وهما لينتان ويلين كذلك أصابعه ويرد رجله من باطن حتى يلصقهما ببطون فخذيه كما وصفت فيما يصنع في يديه ويضع على بطنه شيئا من طين أو لبنة أو حديدة سيف أو غيره فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو ويخرج من تحته الوطيء كله ويفضى به إلى لوح إن قدر عليه أو سرير ألواح مستو فإن بعض أهل التجربة يزعم أنه يسرع انتفاخه على الوطيء ويسلب ثيابا إن كانت عليه ويسجي ثوبا يغطى به جميع جسده ويجعل من تحت رجله ورأسه وجنبيه لئلا ينكشف فإذا أحضروا له غسله وكفنه وفرغوا من جهازه فإن كان على يديه وفي عانته شعر فمن الناس من كره أخذه عنه ومنهم من أرخص فيه فمن أرخص فيه لم ير بأسا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم ويأخذ من شاربه ويقلم من أظفاره ويصنع به بعد الموت ما كان فطرة في الحياة ولا يأخذ من شعر رأسه ولا لحيته شيئا لأن ذلك إنما يؤخذ زينة أو نسكا وما وصفت مما يؤخذ فطرة فإن نوره أنقاه من نورة وإن لم ينوره اتخذ

صفحة : 400

قبل ذلك عيدانا طوالا الأخله من شجر لين لا يجرح ثم استخرج جميع ما تحت أظفار يديه ورجليه من الوسخ ثم أفضى به إلى مغتسله مستورا وإن غسله في قميص فهو أحب إلى وأن يكون القميص سخيفا رقيقا أحب إلى وإن ضاق ذلك عليه كان أقل ما يستره به ما يوارى ما بين سرته إلى ركبته لأن هذا هو العورة من الرجل في الحياة ويستر البيت الذي يغسله فيه بستر ولا يشركه في النظر إلى الميت إلا من لا غنى له عنه ممن يمسكه أو يقلبه أويصب عليه ويغضون كلهم وهو عنه الطرف وإلا فيما لا يجزيه فيه إلا النظر إليه ليعرف ما يغسل منه وما بلغ الغسل وما يحتاج إليه من الزيادة في الغسل ويجعل السرير الذي يغسله عليه كالمنحدر قليلا وينفذ موضع مائه الذي يغسله به من البيت فإنه أحرز له أن ينضح فيه شيء انصب عليه ولو انتضح لم يضره إن شاء الله تعالى ولكن هذا أطيب للنفس ويتخذ إناءين إناء يغرف به من الماء المجموع لغسله وإناء يصب فيه ذلك الإناء ثم يصب الإناء الثاني عليه ليكون إناء الماء غير قريب من الصب على الميت ويغسله بالماء غير السخن لا يعجبني أن يغسل بالماء المسخن ولو غسل به أجزأ إن شاء الله تعالى فإن كان عليه وسخ وكان ببلد بارد أو كانت به علة لا يبلغ الماء غير المسخن أن ينقى جسده غاية الإنقاء ولو لصق بجسده مالا يخرجه إلا الدهن دهن ثم غسل حتى يتنظف وكذلك إن طلى بنورة ولا يفضى غاسل الميت بيده إلى شيء من عورته ولو توقى سائر جسده كان أحب إلى ويعد خرقتين نظيفتين قبل غسله فيلف على يده إحداهما ثم يغسل بها أعلى جسده وأسفله فإذا أفضى إلى ما بين رجليه ومذاكيره فغسل ذلك ألقاها فغسلت ولف الأخرى وكلما عاد على المذاكير وما بين الإليتين ألقى الخرقة التي على يده وأخذ الأخرى المغسولة لئلا يعود بما مر على المذاكير وبما بين الإلتين على سائر جسده إن شاء الله

ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:

(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية

والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:

(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل

ولا يكاد يقدر عليه.

وقال النووي في قوله : (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن

العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر

صفحة : 401

باب عدة غسل الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أقل ما يجزيء من غسل الميت الإنقاء كما يكون أقل ما يجزيء في الجنابة وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثا فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس فإن لم يبلغ ما يحب فسبع ولا يغسله بشيء من الماء إلا ألقى فيه كافورا للسنة وإن لم يفعل كرهته ورجوت أن يجزئه ولست أعرف أن يلقى في الماء ورق سدر ولا طيب غير كافور ولا غيره ولكن يترك ماء على وجهه ويلقى في الكافور

ما يبدأ به في غسل الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى يلقى الميت على ظهره ثم يبدأ غاسله فيوضئه وضوءه للصلاة ويجلسه إجلاسا رفيقا ويمر يده على بطنه إمرارا رفيقا بليغا ليخرج شيئا إن كان فيه ثم فإن خرج شيء ألقاه وألقى الخرقة عن يده ووضأه ثم غسل رأسه ولحيته بالسدر حتى ينقيهما ويسرحهما تسريحا رفيقا ثم يغسله من صفحة عنقه اليمنى صبا إلى قدمه اليمنى وغسل في ذلك شق صدره وجنبه وفخذه وساقه الأيمن كله يحركه له محرك ليتغلغل الماء ما بين فخذيه ويمر يده فيما بينهما وليأخذ الماء فيغسل يامنة ظهره ثم يعود على شقه الأيسر فيصنع به ذلك ثم يحرف على جنبه الأيسر فيغسل ثانية ظهره وقفاه وفخذه وساقه إلى قدمه وهو يراه ممكنا ثم يحرف على جنبه الأيمن حتى يصنع بياسرة قفاه وظهره وجميع بدنه وإليتيه وفخذيه وساقه وقدمه مثل ذلك وأي شق حرفه إليه لم يحرفه حتى يغسل ما تحته وما يليه ليحرفه على موضع نقي نظيف ويصنع هذا في كل غسلة حتى يأتيه على جميع غسله وإن كان على بدنه وسخ بحي إلى إمكان غسله بأشنان ثم ماء قراح وإن غسله بسدر أو إشنان أو غيره لم نحسب شيئا خالطه من هذا شيء يعلو فيه غسلا ولكن إذا صب عليه الماء حتى يذهب هذا أمر عليه بعده الماء القراح كما وصفت وكان غسله بالماء وكان هذا تنظيفا لا يعد غسل طهارة والماء ليس فيه كافور كالماء فيه شيء من الكافور ولا يغير الماء عن سجية خلقته ولا يعلو فيه منه إلا ريحه والماء بحالة فكثرة الكافور في الماء لا تضر ولا تمنعه أن يكون طهارة يتوضأ به الحي ولا يتوضأ الحي بسدر مضروب بماء لأن السدر لا يطهر ويتعهد بمسح بطن الميت في كل غسلة ويقعد عند آخر كل غسلة فإذا فرغ من آخر غسلها تعهدت يداه ورجلاه وردتا لئلا تجسوا ثم مدتا فألصقتا بجنبه وصف بين قدميه وألصق أحد كعبيه بالأخر وضم إحدى فخذيه إلى

صفحة : 402

الأخرى فإن خرج من الميت بعد الفراغ من غسله شيء أنقى واعتدت غسلة واحدة ثم يستجف في ثوب فإذا جف صير في أكفانه

عدد كفن الميت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى أحب عدد كفن الميت إلى ثلاثة أثواب بيض ريطات ليس فيها قميص ولا عمامة فمن كفن فيها بديء بالتي يريدون أن تكون أعلاها فبسطت أولا ثم بسطت الأخرى فوقها ثم الثالثة فوقهما ثم حمل الميت فوضع فوق العليا ثم أخذ القطن منزوع الحب فجعل فيه الحنوط والكافور وألقى على الميت ما يستره ثم أدخل بين إلييه إدخالا بليغا وأكثر ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل فإن خيف أن يأتى شيء لعلة كانت به أو حدثت يرد بها أدخلوا بينه وبين كفنه لبدا ثم شدوه عليه كما يشد التبان الواسع فيمنع شيئا إن جاء منه من أن يظهر أو ثوبا صفيقا أقرب الثياب شبها باللبد وأمنعها لما يأتى منه إن شاء الله تعالى وشدوه عليه خياطة وإن لم يخافوا ذلك فلفوا مكان ذلك ثوبا لا يضرهم وإن تركوه رجوت أن يجزئهم والاحتياط بعمله أحب إلى ثم يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور فيوضع على فيه ومنخريه وعينيه وموضع سجوده فإن كانت به جراح نافذ وضع عليها ويحنط رأسه ولحيته ولو ذر الكافور على جميع جسده وثوبه الذي يدرج فيه أحببت ذلك ويوضع الميت من الكفن الموضع الذي يبقى من عند رجليه منه أقل ما بقى من عند رأسه ثم تؤخذ صنفة الثوب اليمنى فترد على شق الرجل الأيسر ثم تؤخذ صنفته اليسرى فترد على شق الرجل الأيمن حتى يغطى بها صنفته الأولى ثم يصنع بالثوب الذي يليه مثل ذلك ثم بالثوب الأعلى مثل ذلك وأحب أن يذر بين أضعافها حنوط والكافور ثم يجمع ما عند رأسه من الثياب جمع العمامة ثم يرد على وجهه حتى يإتى به صدره وما عند رجليه كذلك حتى يؤتى به على ظهر رجليه إلى حيث بلغ فإن خافوا انتشار الثياب من الطرفين عقدوها كيلا تنتشر فإن أدخلوه القبر لم يدعوا عليه عقدة إلا حلوها ولا خياطة إلا فتقوها وأضجعوه على جنبه الأيمن ورفعوا رأسه بلبنة وأسندوه لئلا يستلقى على ظهره وأدنوه في اللحد من مقدمه كيلا ينقلب على وجهه فإن كان ببلد شديد التراب أحببت أن يلحد له وينصب اللبن على قبره ثم تسد فرج اللبن ثم يهال التراب عليه وإن كان ببلد رقيق ضرح له والضرح أن تشق الأرض ثم تبنى ثم يوضع فيه الميت كما وصفت ثم سقف بألواح ثم سدت فرج الألواح ثم ألقى على الألواح والفرج إذخر وشجر ما كان فيمسك التراب أن

صفحة : 403

ينتخل على الميت فوضع مكتلا مكتلا لئلا يتزايل الشجر عن مواضعه ثم أهيل عليه التراب والإهالة عليه أن يطرح من على شفير القبر التراب بيديه جميعا عليه ويهال بالمساحي ولا نحب أن يزداد في القبر أكثر من ترابه ليس لأنه يحرم ذلك ولكن لئلا يرتفع جدا ويشخص القبر عن وجه الأرض نحو من شبر ويسطح ويوضع عليه حصباء وتسد أرجاؤه بلبن أو بناء ويرش على القبر ويوضع عند رأسه صخرة أو علامة ما كانت فإذا فرغ من القبر فذلك أكمل ما يكون من اتباع الجنازة فلينصرف من شاء والمرأة في غسلها وتعاهد ما يخرج منها مثل الرجل وينبغي أن يتفقد منها أكثر ما يتفقد من الرجل وإن كان بها بطن أو كانت نفساء أو بها علة أحتيط فخيط عليها لبد ليمنع ما يأتي منها إن جاء والمشي بالجنازة الإسراع وهو فوق سجية المشي فإن كانت بالميت علة يخاف لها أن تجيء منه شيء أحببت أن يرفق بالمشيء وأن يدارى لئلا يأتى منه أذى وإذا غسلت المرأة ضفر شعرها ثلاثة قرون فألقين خلفها وأحب لو قريء عند القبر ودعى للميت وليس في ذلك دعاء مؤقت وأحب تعزية أهل الميت وجاء الأثر في تعزيتهم وأن يخص بالتعزية كبارهم وصغارهم العاجزون عن احتمال المصيبة وأن يجعل لهم أهل رحمهم وجيرانهم طعاما لشغلهم بمصيبتهم عن صنعة الطعام

ID ' ' كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .

صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا

يتوقف فيه إلا جاهل غبي.

والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه

الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن

يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما

سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.

وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله

ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت

جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت

عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها

هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت

صفحة : 404

العلل في المبيت

قال الشافعي: رحمه الله تعالى وإذا كان الميت مصعوقا أو ميتا غما أو محمولا عليه عذاب أو حريقا أو غريقا أو به علة قد توارت بمثل الموت استؤنى بدفنه وتعوهد حتى يستيقن موته لا وقت غير ذلك ولو كان يوما أو يومين أو ثلاثة ما لم يبن به الموت أو يخاف أثره ثم غسل ودفن وإذا استيقن موته عجل غسله ودفنه وللموت علامات منها امتداد جلدة الولد مستقبله قال الربيع يعنى خصاه فإنها تفاض عند الموت وافتراج زندي يديه واسترخاء القدمين حتى لا ينتصبان وميلان الأنف وعلامات سوى هذه فإذا رؤيت دلت على الموت

من يدخل قبر الرجل

قال الشافعي: رحمه الله تعالى لا يضر الرجل من دخل قبره من الرجال ولا يدخل النساء قبر رجل ولا امرأة إلا أن لا يوجد غيرهن وأحب أن يكونوا وترا في القبر ثلاثة أو خمسة أو سبعة ولا يضرهم أن يكونوا شفعا ويدخله من يطيقه وأحبهم أن يدخل قبره أفقههم ثم أقربهم به رحما ثم يدخل قبر المرأة من العدد مثل من يدخل قبر الرجل ولا تدخله امرأة إلا أن لا يوجد غيرها ولا بأس أن يليها النساء لتخليص شيء إن كن يلينه وحل عقد عنها وإن وليها الرجال في ذلك كله فلا بأس إن شاء الله تعالى ولا أحب أن يليها إلا زوج أو ذو محرم إلا أن لا يوجد وإن لم يوجدوا أحببت أن يليها رقيق إن كانوا لها فإن لم يكونوا فخصيان فإن لم يكن لها رقيق فذو محرم أو ولاء فإن لم يكونوا فمن وليها من المسلمين ولا بأس إن شاء الله تعالى وتغسل المرأة زوجها والرجل امرأته إن شاء وتغسلها ذات محرم منها أحب إلى فإن تكن فامرأة من المسلمين ويدخل المرأة قبرها إذا لم يكن معها من قرابتها أحد الصالحون الذين لو احتاجت إليهم في حياتها لجاز لهم أن ينظروا إليها ويشهدوا عليها

ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها

فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر

على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.

ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه

والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب

الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف

صفحة : 405

باب التكبير على الجنائز

قال الشافعي: رحمه الله تعالى ويكبر على الجنائز أربعا ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويسلم عن يمينه وشماله عند الفراغ ويقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ثم يصلى على النبي ويدعو لجملة المؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت ومما يستحب في الدعاء أن يقول اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحبائه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم فإن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه وبلغه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين وإذا أدخل قبره أن يقال اللهم أسلمه إليك الأهل والإخوان ورجع عنه كل من صحبه وصحبه عمله اللهم فزد في حسنته واشكره واحطط سيئته واغفر له واجمع له برحمتك الأمن من عذابك واكفه كل هول دون الجنة اللهم واخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين باب الحكم فيمن دخل في صلاة أو صوم هل له قطع ما دخل فيه قبل تمامه وليس في التراجم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: من دخل في صوم واجب عليه من شهر رمضان أو قضاء أو صوم نذر أو كفارة من وجه من الوجوه أو صلى مكتوبة في وقتها أو قضاها أو صلاة نذرها أو صلاة طواف لم يكن له أن يخرج من صوم ولا صلاة ما كان مطيقا للصوم والصلاة على طهارة في الصلاة وإن خرج من واحد منهما بلا عذر مما وصفت أو ما أشبهه عامدا كان مفسدا آثما عندنا والله تعالى أعلم وكان عليه إذا خرج منه الإعادة لما خرج منه بكماله فإن خرج منه بعذر من سهو أو انتقاض وضوء أو غير ذلك من العذر كان عليه أن يعود فيقضى ما ترك من الصوم والصلاة بكماله لا يحل له غيره طال تركه له أو قصر وأصل هذا إذا لم يكن للمرء ترك صلاة ولا صوم قبل أن يدخل فيه وكان عليه أن يعود فيقضى ما ترك بكماله فخرج منه قبل إكماله عاد ودخل فيه فأكمله لأنه إذا لم يكمله بعد دخوله فيه فهو بحاله لأنه قد وجب عليه فلم يأت به كما وجب عليه وإنما تكمل صلاة المصلى الصلاة الواجبة وصوم الصائم الواجب عليه إذا قدم فيه مع دخوله في الصلاة نية يدخل بها في الصلاة فلو كبر لا ينوى واجبا من الصلاة أو دخل في الصوم

صفحة : 406

لا ينوى واجبا لم تجزه صلاته ولا صيامه من الواجب عليه منهما وما قلت في هذا داخل في دلالة سنة أو أثر لا أعلم أهل العلم اختلفوا فيه قال الشافعي: ومن تطوع بصلاة أو طواف أو صيام أحببت له أن لا يخرج من شيء منه حتى يأتى به كاملا إلا من أمر يعذر به كما يعذر في خروجه من الواجب عليه بالسهو أو العجز عن طاقته أو انتقاض وضوء في الصلاة أو ما أشبهه فإن خرج بعذر أو غير عذر فلو عاد له فكمله كان أحب إلى وليس بواجب عندي أن يعود له والله تعالى أعلم فإن قال قائل ولم لا يعود لما دخل فيه من التطوع من صوم وصلاة وطواف إذا خرج منه كما يعود لما وجب عليه قيل له إن شاء الله تعالى لاختلاف الواجب من ذلك والنافلة فإن قال قائل فأين الخلاف بينهما قيل له إن شاء الله تعالى لا اختلاف مختلفان قبل الدخول فيهما وبعده فإن قال قائل ما وجد في اختلافهما قيل له أرأيت الواجب عليه أكان له تركه قبل أن يدخل فيه فإن قال لا قيل أفرأيت النافلة أكان له تركها قبل أن يدخل فيها فإن قال نعم قيل أتفراهما متباينتين قبل الدخول فإن قال نعم قيل أفرأيت الواجب عليه من صوم وصلاة لا يجزئه أن يدخل فيه لا ينوي الصلاة التي وجبت بعينها والصوم الذي وجب عليه بعينه فإن قال لا ولو فعل لم يجزه من واحد منهما قيل له أفيجوز له أن يدخل في صلاة نافلة وصوم لا ينوي نافلة بعينها ولا فرضا أفتكون نافلة فإن قال نعم قيل له وهل يجوز له وهو مطيق على القيام في الصلاة أن يصلى قاعدا أو مضطجعا وفي السفر راكبا أين توجهت به دابته يوميء إيماء فإن قال نعم قيل له وهل يجوز له هذا في المكتوبة فإن قال لا قيل أفتراهما مفترقتين بين الافتراق قبل الدخول فيهما ومع الدخول وبعد الدخول عندنا وعندك استدلالا بالسنة وما لم أعلم من أهل العلم مخالفا فيه

ID ' ' ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه

أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن

ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.

وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو

ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة

للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب

غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال

صفحة : 407

باب الخلاف فيه

قال الشافعي: رحمه الله تعالى فخالفنا بعض الناس وآخر في هذا فكلمت بعض الناس ولكمني ببعض ما حكيت في صدر هذه المسألة وأتيت على معانيه وأجابني بجمل ما قلت غير أني لا أدرى لعلى أوضحتها حين كتبتها بأكثر من اللفظ الذي كان منى حين كلمته فلم أحب أن أحكى إلا ما قلت على وجهه وإن كنت لم أحك إلا معنى ما قلت له بل تحريت أن يكون أقل ما قلت له وأن آتى على ما قال ثم كلمني فيها هو وغيره ممن ينسب إلى العلم من أصحابه مما سأحكى إن شاء الله تعالى ما قالوا وقلت فقال لي قد علمت أن فقهاء المكيين وغيرهم وأحدا من فقهاء المدنيين يقولون ما قلت لا يخالفونك فيه وقد وافقنا في قولنا بعض المدنيين فخالفك مرة وخالفنا في شيء منه فقلت لا أعرفه بعينه فاذكر قولك والحجة فيه ذكر من لا يحتج إلا بما يرى مثله حجة ولا تذكر مما يوافق قولك قول من لا يرى قول حجة بحال قال أفعل ثم قال أخبرني ابن جريج عن ابن شهاب أو أخبرنا ثقة عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين فأهدى لهما شيء فذكرتا ذلك للنبي قال صوما يوما مكانه فقلت هل عندك حجة من رواية أو أثر لازم غير هذا قال ما يحضرني الآن شيء غيره وهذا الذي كنا نبنى عليه من الأخبار في هذا قال فقلت له هل تقبل منى أن أحدثك مرسلا كثيرا عن ابن شهاب وابن المنكدر ونظرائهما ومن هو أسن منهما عمرو بن دينار وعطاء وابن المسيب وعروة قال لا قلت فكيف قبلت عن ابن شهاب مرسلا في شيء ولا تقبله عنه ولا عن مثله ولا أكبر منه في شيء غيره قال فقال فلعله لم يحمله إلا عن ثقة قلت وهكذا يقول لك من أخذ بمرسله في غير هذا ومرسل من هو أكبر فيقول كلما غاب عنى مما يمكن فيه أن يحمله عن ثقة أو عن مجهول لم تقم على به حجة حتى أعرف من حمله عنه بالثقة فأقبله أو أجهله فلا أقبله قلت ولم إلا أنك إنما أنزلته بمنزلة الشهادات ولا تأمن أن يشهد لك شاهدان على ما لم يريا ولم يسميا من شهدا على شهادته قال أجل وهكذا نقول في الحديث كله قال فقلت له وقد كلمني في حديث ابن شهاب كلام من كأنه لم يعلم فيه ومن حديث ابن شهاب هذا عند ابن شهاب وفيه شيء يخالفه ولم نعرف ثقة ثبتا يخالفه وهو أولى أن تصير إليه منه في حديث ابن شهاب قال فكان ذاهبا عند ابن شهاب قلت نعم أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال الحديث الذي رويت عن حفصه وعائشة عن النبي قال ابن جريج فقلت له أسمعته من

صفحة : 408

عروة بن الزبير قال لا إنما أخبرنيه رجل بباب عبد الملك بن مروان أو رجل من جلساء عبد الملك ابن مروان قال الشافعي: فقلت له أفرأيت لو كنت ترى الحجة تقوم بالحديث المرسل ثم علمت أن ابن شهاب قال في الحديث ما حكيت له أتقبله قال لا هذا يوهنه بأن يخبر أنه قبله عن رجل لا يسميه ولو عرفه لسماه أو وثقه قال الشافعي: فقال أفليس يقبح أن يدخل رجل في صلاته ثم يخرج منها قبل أن يصلى ركعتين وفي صوم فيخرح منه قبل أن يتم صوم يوم أو في طواف فيخرج منه قبل أن يكمل سبعا فقلت له وقد صرت إذ لم تجد حجة فيما كنت تحتج به إلى أن تكلم كلام أهل الجهالة قال الذي قلت أحسن قلت أتقول أن يكمل الرجل ما دخل فيه قال نعم قلت وأحسن منه أن يزيد على أضعافه قال أجل قلت أفتوجبه عليه قال لا قلت له أفرأيت رجلا قويا نشيطا فارغا لا يصوم يوما واحد تطوعا أو لا يطوف سبعا أو لا يصلى ركعة هو أقبح فعلا أم من طاف فلم يكمل طوافا حتى قطعه من عذر فلم يبن أو صنع ذلك في صوم أو صلاة قال الذي امتنع من أن يدخل من ذلك سيء قلت أفتأمره إذا كان فعله أقبح أن يصلى ويصوم ويطوف تطوعا أمرا توجبه عليه قال لا قلت فليس قولك أحسن وأقبح من موضع الحجة بسبيل ههنا إنما هو موضع اختيار قال نعم فلم يدخل الاختيار في موضع الحجة وقد أجزنا له قبل أن نقول هذا ما اخترت له وأكثر قلنا ما نحب أن يطيق رجل صوما فيأتى عليه شهر لا يصوم بعضه ولا صلاة فيأتى عليه ليل ولا نهار إلا تطوع في كل واحد منهما بعدد كثير من الصلاة وما يزيد في ذلك أحد شيئا إلا كان خيرا له ولا ينقص منه أحد إلا والحظ له في ترك النقص ولكن لا يجوز لعالم أن يقول لرجل هذا معيب وهذا مستخف والاستخفاف والعيب بالنية والفعل وقد يكون الفعل والترك ممن لا يستخف فقال فيما قلت من الرجل يخرج من التطوع في الصلاة أو الصوم أو الطواف فلا يجب عليه قضاؤه خبر يلزم أو قياس يعرف قلت نعم قال فاذكر بعض ما يحضرك منها قلنا أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت دخل على رسول الله فقلت إنا خبأنا لك حيسا فقال أما أني كنت أريد الصوم ولكن قربيه قال الشافعي: فقال قد قيل إنه يصوم يوما مكانه قال الشافعي: فقلت له ليس فيما حفظت عن سفيان في الحديث وأنا أسألك قال فسل قلت

صفحة : 409

أرأيت من دخل في صوم واجب عليه من كفارة أو غيرها له أن يفطر ويقضى يوما مكانه قال لا قلت أفرأيت إن كان من دخل في التطوع عندك بالصوم كمن وجب عليه أيجوز أن تقول من غير ضرورة ثم يقضى قال لا قلت ولو كان هذا في الحديث وكان على معنى ما ذهبت إليه كنت قد خالفته قال فلو كان في الحديث أيحتمل معنى غير أنه واجب عليه أن يقضيه قلت نعم يحتمل إن شاء تطوع يوما مكانه قال وأياما أفتجد في شيء روى عن النبي ما يدل على ما وصفت قلت نعم أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة فبينما هو على المنبر إذ قال يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة فسلها عن صلاة رسول الله بعد العصر قال أبو سلمة فذهبت معه إلى عائشة وبعث ابن عباس عبد الله بن الحرث بن نوفل معنا فأتي عائشة فسألها عن ذلك فقالت له اذهب فسل أم سلمة فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها فقالت أم سلمة يدخل علي رسول الله ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما قالت أم سلمة فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم أكن أراك تصليها قال إني كنت أصلى ركعتين قبل الظهر وأنه قال الشافعي: وثابت عن رسول الله أنه قال أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل وإنما أراد والله تعالى أعلم المداومة على عمل كان يعمله فلما شغل عنه عمله في أقرب الأوقات منه ليس أن ركعتين قبل العصر واجبتان ولا بعدها وإنما هما نافلة وقال عمر بن الخطاب من فاته شيء من صلاة الليل فليصله إذا زالت الشمس فإنه قيام الليل ليس أنه يوجب قيام الليل ولا قضاءه ولكن يقول من أراد تحرى فصلى فليفعل أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي فأمره أن يعتكف في الإسلام وهو على هذا المعنى والله تعالى أعلم أنه إنما أمره إن أراد أن يسبق باعتكاف اعتكف ولم يمنعه أنه نذره في الجاهلية أخبرنا الدراوردي وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله تعالى عنهما عن جابر أن النبي صام في سفره إلى مكة عام الفتح في شهر رمضان وأمر الناس أن يفطروا فقيل له إن الناس صاموا حين صمت فدعا بإناء فيه ماء فوضعه على يده وأمر من بين يديه أن يحبسوا فلما حبسوا ولحقه من وراءه رفع الإناء إلى فيه فشرب وفي حديثهما أو حديث أحدهما وذلك بعد

صفحة : 410

العصر أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال خرج النبي من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم ثم رفع إناء فيه ماء فوضعه على يده وهو على الرحل فحبس من بين يديه وأدركه من وراءه ثم شرب والناس ينظرون قال الشافعي: فقال هذا في شهر رمضان قلت فذلك أوكد للحجة عليك أنه إذا كان له أن يفطر في السفر في شهر رمضان لا علة غيره برخصة الله وكان له أن يصوم إن شاء فيجزى عنه من أفطر قبل أن يستكمله دل هذا على معنى قولي من أنه لما كان له قبل الدخول في الصوم أن لا يدخل فيه كان بالدخول فيه في تلك الحال غير واجب عليه بكل حال وكان له إذا دخل فيه أن يخرج منه بكل حال كما فعل رسول الله فالتطوع بكل وجه أولى أن يكون هكذا من الفرض الذي له تركه في ذلك الوقت إلى أن يقضيه في غيره قال فتقول بهذا قلت نعم أقوله اتباعا لأمر النبي وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم قال لي فقد ذكر لي أنك تحفظ في هذا أثرا عن بعض أصحاب رسول الله فقلت له الذي جئتك به أقطع للعذر وأولى أن تتبعه من الأثر قال فاذكر الأثر قلت فإن ذكرته بما ثبت بمثله عن واحد من أصحاب رسول الله ولم تأت بشيء يخالفه ثابت عن واحد منهم تعلم أن فيما قلنا الحجة وفي خلافه الخطأ قال فاذكره قلت أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أن ابن عباس كان لا يرى بأسا أن يفطر الإنسان في صيام التطوع ويضرب لذلك أمثالا رجل قد طاف سبعا ولم يوفه فله ما احتسب أو صلى ركعة ولم يصل أخرى فله أجر ما احتسب أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال كان ابن عباس لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأسا أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن الزبير عن جابر أنه كان لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأسا أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء أنه كان يأتي أهله حين ينتصف النهار أو قبله فيقول هل من غداء فيجده أولا يجده فيقول لأصومن هذا اليوم فيصومه وإن كان

صفحة : 411

مفطرا وبلغ ذلك الحين وهو مفطر قال ابن جريج أخبرنا عطاء وبلغنا أنه كان يفعل ذلك حين يصبح مفطرا حتى الضحى أو بعده ولعله أن يكون وجد غداء أو لم يجده قال الشافعي: في قوله يصبح مفطرا يعني يصبح لم ينوه صوما ولم يطعم شيئا قال الشافعي: وهذا لا يجزيء في صوم واجب حتى ينوي صومه قبل الفجر أخبرنا الثقات من أصحابنا عن جرير بن عبد المجيد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه قال دخل عمر ابن الخطاب المسجد فصلى ركعة ثم خرج فسئل عن ذلك فقال إنما هو تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص أخبرنا غير واحد من أهل العلم بإسناد لا يحضرني ذكره فيما يثبت مثله عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مثل معنى ما روى عن عمر لا يخالفه أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال حدثني من رأي أبا ذر يكثر الركوع والسجود فقيل له أيها الشيخ تدرى على شفع تنصرف أم على وتر قال لكن الله يدرى أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي تميم المنذري عن مطرف قال أتيت بيت المقدس فإذا أنا بشيخ يكثر الركوع والسجود فلما انصرف قلت إنك شيخ وإنك لا تدري على شفع انصرفت أم على وتر فقال إنك قد كفيت حفظه وإنى لأرجو أني لا أسجد سجدة إلا رفعني الله بها درجة أو كتب لي بها حسنة أو جمع لي كلتيهما قال عبد الوهاب الشيخ الذي صلى وقال المقالة أبو ذر قال الشافعي: قول أبي ذر لكن الله يدري وقوله قد كفيت حفظه يعنى علم الله به ويتوسع وإن لم يعلم هو والله أعلم وهذا لا يتسع في الفرض إلا أن ينصرف على عدد لا يزيد فيه ولا قال الشافعي: وقلت مذهبك فيما يظهر اتباع الواحد من أصحاب رسول الله إذا لم يخالفه غيره من روايتك وراية أصحابك الثابتة عندهم ما وصفت عن علي وعمر وأبي ذر من الرواية التي لا يدفع عالم أنها غاية في الثبت روينا عن ابن عباس ونحن وأنت نثبت روايتنا عن جابر بن عبد الله ويروى عن أبي ذر عدد من أصحاب رسول الله ما يوافق ما قلنا فلو لم يكن في هذا دلالة من سنة لم يكن فيه إلا الآثار وأيا كان لم يك على أصل مذهبك أن تقول قولنا فيه وأنت تروى عن عمر إذا أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب

صفحة : 412

المهر وتقول ولو تصادقا أنه لم يمسها وجب المهر والعدة اتباعا لقول عمر فترد على من خالفه وقد خالفه ابن عباس وشريح وتأول حجة لقول الله تعالى وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ولقوله فما لكم عليهن من عدة تعتدونها قالوا إنما أوجب الله المهر والعدة في الطلاق بالمسيس فقلت لا تنازع عمر ولا تتأول معه بل تتبعه وتتبع ابن عباس في قوله من نسى من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما وفي قوله ما الذي نهى عنه رسول الله في الطعام أن يباع حتى يقبض ثم يقول برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله فقلت لا يجوز أن يباع شيء أشترى حتى يقبض اتباعا لابن عباس وتروى ذلك حجة على من خالفك إذا كان معك قول ابن عباس وتروى عن علي رضي الله عنه في امرأة المفقود خلاف عمر وتحتج به عليه وترى لك فيه حجة على من خالفك ثم تدع عمر وعليا وابن عباس وجابرا وأبا ذر وعددا من أصحاب رسول الله متفقة أقاويلهم وأفعالهم وتخالفهم على أقاويلهم بالقياس ثم تخطيء القياس أرأيت لا يمكن أحدا في قول واحد منهم أن يدخل عليك قياسا صحيحا ومعهم دلائل السنة التي ليس لأحد خلافها قال أفتكون صلاة ركعة واحدة قلت مسألتك مع ما وصفت من الأخبار جهالة أو تجاهل فإن زعمت أن لنا ولك أن نكون متكلمين مع سنة أو أثر عن بعض أصحاب النبي فقد سألت في موضع مسألة وإن زعمت أن أقاويلهم غاية ينتهى إليها لا تجاوز وإن لم يكن معها سنة لم يكن لمسألتك موضع قال أفرأيت إن كنعت عن القول في الصيام والطواف وكلمتك في الصلاة وزعمت أني لا أقيس شريعة بشريعة ولا يكون ذلك لك فلما لم أجد في الصوم حديثا يثبت يخالف ما ذهبت إليه ولا في الطواف وكنعت عن الكلام فيهما قلت ورجعت إلى إجازة أن يخرج من صوم التطوع والطواف فقال بل أقف فيه قلت أفتقبل من غيرك الوقوف عند الحجة قال لعلى سأجد حجة فيما قلت قلت فإن قال لك غيرك فلعلى سأجد الحجة عليك فلا أقبل منك أيكون ذلك له وبايده وقوفك والخبر الذي يلزم مثله عندك ثابت بخلاف قولك فإن قال فإن قلت لك في الصلاة أن النبي قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم بين كل ركعتين قلت فأنت تخالف هذا فتقول صلاة النهار أربع وصلاة الليل مثنى قال بحديث قلت فهو إذن يخالف هذا الحديث فإيهما الثابت قلت فاقتصر على صلاة الليل وأنت تعرف الحديث فيها وتثبته قلت نعم وليست لك حجة فيه إن لم تكن عليك قال وكيف قلت إنما سن رسول الله

صفحة : 413

أن تكون صلاة الليل مثنى لمن أراد صلاة تجاوز مثنى فأمر بأن يسلم بين كل ركعتين لئلا تشتبه بصلاة الفريضة لا أنه حرام أن يصلى أقل من مثنى ولا أكثر قال وأين أجاز أن يصلى أقل من مثنى قلت في قوله فإذا خشى الصبح صلى واحدة يوتر بها ما قد صلى فقد صلى ركعة واحدة منفردة وجعلها صلاة وقد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي كان يوتر بخمس ركعات لا يسلم ولا يجلس إلا في أخراهن وروى ابن عباس أن النبي سلم من الركعة والركعتين وأخبر أن وجه الصلاة في التطوع أن تكون مثنى ولم يحرم أن تجاوز مثنى ولا تقصر عنه قال فإن قلت بل حرم أن لا يصلي إلا مثنى قلت فأنت إذن تخالف أن زعمت أن الوتر واحدة وإن زعمت أنه ثلاث لا يفصل بسلام بينهن أو أكثر فليس واحدة ولا ثلاث مثنى قال فقال بعض من حضره من أصحابه ليس الذي ذهب إليه من هذا بحجة عليك عنده فما زال الناس يأمرون بأن يصلوا مثنى ولا يحرمون دون مثنى فإذا جاز أن يصلى غير مثنى قلت فلم أحتج به قال الشافعي: قلت له نحن وأنت مجمعون على إنما يحب للرجل إذا قرأ السجدة طاهرا أن يسجد وأنت توجبها عليه أفسجدة لا قراءة فيها أقل أم ركعة قال هذا ستة وأثر قلت له ولا يدخل على السنة ولا الأثر قال لا قلت فلم أدخلته علينا في السنة والأثر وإذا كانت سجدة تكون صلاة ولم تبطلها بقول النبي صلاة الليل مثنى لأنه لم يبلغ بها أن يجاوز بها مثنى فيقصر بها على مثنى فكيف عبث أن نقول أقل من مثنى وأكثر من سجدة صلاة قال فإن قلت السجود واجب قلنا فذلك أوكد للحجة عليك أن يجب من الصلاة سجدة بلا قراءة ولا ركوع ثم تعيب أن يجوز أكثر منها قلت له سجد رسول الله سجدة شكرا لله عز وجل قال الشافعي: أخبرنا بذلك الدراوردي وسجد أبو بكر شكرا لله تبارك وتعالى حين جاءه قتل مسيلمة وسجد عمر حين جاءه فتح مصر شكرا لله جل اسمه فإذا جاز أن يتطوع لله بسجدة فكيف كرهت أن يتطوع بأكثر منها وقلت له ولو أن رجلا ذهب في قول الله تبارك وتعالى في المزمل حين خفف قيام الليل ونصفه قال فاقرءوا ما تيسر منه يعني صلوا ما تيسر أن يكون جعل ذلك إليهم فيما قد وضع عنهم فرضه بلا توقيت كان أقرب إلى أن يشبه أن يكون هذا له حجة والله تعالى أعلم منك وقد أوتر عثمان بن عفان وسعد وغيرهما بركعة في الليل لم يزيدوا عليها

صفحة : 414

أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عتبة بن محمد بن الحرث أن كريبا مولى ابن عباس أخبره أنه رأى معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة لم يزد عليها فأخبر ابن عباس فقال أصاب أي بنى ليس أحد منا أعلم من معاوية هي واحدة أو خمس أو سبع إلى أكثر من ذلك الوتر ما شاء أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن زيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن التيمي عن صلاة طلحة قال إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان قال قلت لأغلبن الليلة على المقام فقمت فإذا برجل يزحمني متقنعا فنظرت فإذا عثمان قال فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد سجود القرآن حتى إذا قلت هذه هوادي الفجر فأوتر بركعة لم يصل غيرها قال الشافعي: فقال فما حجتك على صاحبك الذي خالف مذهبك قلت له حجتي عليك حجتي عليه ولو سكت عن جميع ما احتججت به عليك سكات من لم يعرفه كنت محجوجا على لسان نفسك قال وأين قلت هل تعدو النافلة من الصلاة والطواف من الصيام كما قلت من أنها لم يجب على الرجل الدخول فيها فدخل فيها فقطعها أن لا يكون عليه بدلها إذا لم يكن أصلها مما يلزمه تأديته أو تكون غير واجبة عليه فإذا دخل فيها وجبت بدخوله فيها فلزمه تمامها قال ما تعدو واحدا من هذين قلت فقوله خارج من هذين قال وكيف قلت يزعم أن من قطع صلاة أو صياما أو طوافا من غير عذر يلزمه أن يقضيه كما يلزمه قضاء المفروض عليه من هذا كله ومن قطع من عذر لم يزمه أن يقضيه وهو يزعم في المفروض عليه أنه يلزمه إذا قطعه من علة أن يقضية كما يلزمه إذا قطعه من غير عذر قال ليس لقائل هذا حجة يحتاج عالم معه إلى مناظراته وقد كنت أعلم أنه يوافقنا منه في شيء ويخالفنا في شيء لم أعرفه حتى ذكره قلت فهكذا قوله قال فلعل عنده فيه أثرا قلنا فيوهم أن عنده أثرا ولا يذكره وأنت تراه يذكر من الآثار ما لا يوافق قوله لا ترى أنت له فيه حجة ولا أثرا قال الشافعي: فقال فبقيت لنا عليك حجة وهي أنك تركت فيها بعض الأصل الذي ذهبت إليه قال الشافعي: فقلت وما هي قال أنت تقول من تطوع بحج أو عمرة فدخل فيهما لم يكن له الخروج منهما وهما نافلة فما فرق بين الحج والعمرة وغيرهما من صلاة وطواف وصوم قلت الفرق الذي لا أعلمك ولا أحد يخالف فيه قال فما هو قلت أفرأيت من أفسد صلاته أو صومه أو طوافه أيمضى في واحد منها أو يستأنفها قال بل يستأنفها قلت ولو مضى في صلاة فاسدة أو

صفحة : 415

صوم أو طواف لم يجزه وكان عاصيا ولو فسدت طهارته ومضى مصليا أو طائفا لم يجز قال نعم قلت يؤمر بالخروج منها قال نعم قلت أفرأيت إذا فسد حجه وعمرته أيقال له أخرج منهما فإنه لا يجوز له أن يمضى في واحد منهما وهو فاسد قال لا قلت ويقال له اعمل للحج والعمرة وقد فسدا كما تعمله صحيحا لا تدع من عمله شيئا للفساد واحجج قابلا واعتمر وافتد قال نعم قلت أفتراهما يشبها شيئا مما وصفت والله أعلم

بسم الله الرحمن الرحيم