كتاب الأم - المجلد الرابع5
كتب الأعاجم
قال الشافعي رحمه الله تعالى وما وجد من كتبهم فهو مغنم كله وينبغي للإمام أن يدعو من يترجمه فإن كان علما من طب أو غيره لا مكروه فيه باعه كما يبيع ما سواه من المغانم وإن كان كتاب شرك شقوا الكتاب وانتفعوا بأوعيته وأداته فباعها ولا وجه لتحريقه ولا دفنه قبل أن يعلم ما هو توقيح الدواب من دهن العدو قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا يوقح الرجل دابته ولا يدهن أشاعرها من أدهان العدو لأن هذا غير مأذون له به من الأكل وإن فعل رد قيمته زقاق الخمر والخوابي قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا ظهر المسلمون على بلاد الحرب حتى تصير دار الإسلام أو ذمة يجري عليها الحكم فأصابوا فيها خمرا في خواب أو زقاق أهراقوا الخمر وانتفعوا بالزقاق والخوابي وطهروها ولم يكسروها لأن كسرها فساد وإذا لم يظهروا عليها وكان ظفرهم بها ظفر غارة لا ظفر أن يجري بها حكم أهراقوا الخمر من الزقاق والخوابي فإن استطاعوا حملها أو حمل ما خف منها حملوه مغنما وإن لم يستطيعوا أحرقوه وكسروه إذا ساروا وإذا ظفروا بالكشوث في الحالين انتفعوا به وكذلك كل ما ظهروا عليه غير محرم وليس الكشوث وإن كان غير محرم وإ كان يطرح في السكر إذا كان حلالا بأولى أن يحرم من الزبيب والعسل اللذين يعمل منهما المحرم ولا يحرق هذا ولا هذا لأنهما غير محرمين ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1520
إحلال ما يملكه العدو قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل القوم بلاد العدو فأصابوا منها شيئا سوى الطعام فأصل ما يصيبونه سوى الطعام شيئان أحدهما محظور أخذه غلول والآخر مباح لمن أخذه فأصل معرفة المباح منه أن ينظر إلى بلاد الإسلام فما كان فيها مباحا من شجر ليس يملكه الآدمي أو صيد من بر أو بحر فأخذ مثله في بلاد العدو فهو مباح لمن أخذه يدخل في ذلك القوس يقطعها الرجل من الصحراء أو الجبل والقدح ينحته وما شاء من الخشب وما شاء من الحجارة البرام وغيرها إذا كانت غير مملوكة محرزة فكل ما أصيب من هذه فهو لمن أخذه لأن أصله مباح غير مملوك وكل ما ملكه القوم فأحرزوه في منازلهم فهو ممنوع مثل حجر نقلوه إلى منازلهم أو عود أو غيره أو صيد فأخذ هذا غلول البازي المعلم والصيد المقرط والمقلد قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أخذ الرجل بازيا معلما فهذا لا يكون إلا مملوكا ويرده في المغنم وهكذا إن أخذ صيدا مقلدا أو مقرطا أو موسوما فكل هذا قد علم أنه قد كان له مالك وهكذا إن وجد في الصحراء وتدا منحوتا أو قدحا منحوتا كان النحت دليلا على أنه مملوك فيعرف فإن عرفه المسلمون فهو لهم وإن لم يعرفوه فهو مغنم لأنه في بلاد العدو ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
صفحة : 1521
في الهر والصقر
قال الشافعي رحمه الله تعالى وما وجدنا من أموال العدو من كل شيء له ثمن من هر أو صقر فهو مغنم وما أصيب من الكلاب فهو مغنم إن أراده أحد لصيد أو ماشية أو زرع وإن لم يكن في الجيش أحد يريده لذلك لم يكن لهم حبسه لأن من اقتناه لغير هذا كان آثما ورأيت لصاحب الجيش أن يخرجه فيعطيه أهل الأخماس من الفقراء والمساكين ومن ذكر معهم إن أراده أحد منهم لزرع أو ماشية أو صيد فإن لم يرده قتله أو خلاه ولا يكون له بيعه وما أصاب من الخنازير فإن كانت تعدو إذا كبرت أمرته بقتلها كلها ولا تدخل مغنما بحال ولا تترك وهن عواد إذا قدر على قتلها فإن عجل به مسيرخلاها ولم يكن ترك قتلها بأكثر من ترك قتال المشركين لو كانوا بإزائه
في الأدوية
قال الشافعي رحمه الله تعالى الطعام مباح أن يؤكل في بلاد العدو وكذلك الشراب وإنما ذهبنا إلى ما يكون مأكولا مغنيا من جوع وعطش ويكون قوتا في بعض أحواله فأما الأدوية كلها فليست من حساب الطعام المأذون وكذلك الزنجبيل وهو مربب وغير مربب إنما هو من حساب الأدوية وأما الألايا فطعام يؤكل فما كان من حساب الطعام فلصاحبه أكله لا يخرجه من بلاد العدو وما كان من حساب الدواء فليس له أخذه في بلاد العدو ولا غيرها
ID ' ' (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
صفحة : 1522
الحربي يسلم وعنده أكثر من أربع نسوة قال الشافعي وإذا أسلم الرجل الحربي وثنيا كان أو كتابيا وعنده أكثر من أربع نسوة نكحهن في عقدة أو عقد متفرقة أو دخل بهن كلهن أو دخل ببعضهن دون بعض أو فيهن أختان أو كلهن غير أخت للأخرى قيل له أمسك أربعا أيتهن شئت ليس في الأربع أختان تجمع بينهما ولا ينظر في ذلك إلى نكاحه أية كانت قبل وبهذا مضت سنة رسول الله ﷺ قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا الثقة وأحسبه ابن علية عن معمر عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له رسول الله ﷺ أمسك أربعا وفارق سائرهن قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن رجلا من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة فقال له رسول الله ﷺ أمسك أربعا وفارق سائرهن قال الشافعي أخبرني من سمع ابن أبي الزناد يقول أخبرني عبدالمجيد بن سهيل بن عبدالرحمن بن عوف عن عوف بن الحرث عن نوفل بن معاوية الديلمي قال أسلمت وعندي خمس نسوة فقال لي رسول الله ﷺ أمسك أربعا أيتهن شئت وفارق الأخرى فعمدت إلى أقدمهن صحبة عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها قال الشافعي فخالفنا بعض الناس في هذا فقال إذا أسلم وعنده أكثر من أربع نسوة فإن كان نكحهن في عقدة فارقهن كلهن وإن كان نكح أربعا منهن في عقد متفرقة فيهن أختان أمسك الأولى وفارق التي نكح بعدها وإن كان نكحهن في عقد متفرقة أمسك الأربع الأوائل وفارق اللواتي بعدهن وقال أنظر في هذا إلى كل ما لو ابتدأه في الإسلام جاز له فأجعله إذا ابتدأه في الشرك جائزا له وإذا كان إذا ابتدأه في الإسلام لم يجز له جعلته إذا ابتدأه في الشرك غير جائز له قال الشافعي فقلت لبعض من يقول هذا القول لو لم يكن عليك حجة إلا أصل القول الذي ذهبت إليه كنت محجوجا به قال ومن أين قلت أرأيت أهل الأوثان لو ابتدأ رجل نكاحا في الإسلام بولي منهم وشهود منهم أيجوز نكاحه قال لا قلت أفرأيت أحسن حال نكاح كان لأهل الأوثان قط أليس أن ينكح الرجل بولي منهم وشهود منهم قال بلى قلت فكان يلزمك في أصل قولك أن يكون نكاحهن كلهن باطلا لأن أحسن شيء كان منه عندك لا يجوز في الإسلام مع انهم قد كانوا ينكحون في العدة وبغير شهود قال فقد أجاز المسلمون لهم نكاحهم قلنا اتباعا لأمر رسول الله ﷺ وأنت لم تتبع فيه أمر رسول الله ﷺ إذ كان رسول الله ﷺ حكم في نكاحهن
صفحة : 1523
حكما جمع أمورا فكيف خالفت بعضها ووافقت بعضها قال فأين ما خالفت منها قلت موجود على لسانك لو لم يكن فيه خبر غيره قال وأين قلت إذ زعمت أن رسول الله ﷺ عفا لهم عن العقد الفاسد في الشرك حتى أقامه مقام الصحيح في الإسلام فكيف لم تعفه لهم فتقول بما قلنا قال وأين عفا لهم عن النكاح الفاسد قلت نكاح أهل الأوثان كله قال فقد علمت أنه فاسد لو ابتدئ في الإسلام ولكن اتبعت فيه الخبر قلنا فإذا كان موجودا في الخبر أن العقد الفاسد في الشرك كالعقد في الإسلام كيف لم تقل فيه بقولنا تزعم ان العقود كلها فاسدة ولكنها ماضية فهي معفوة وما أدرك الإسلام من النساء وهو باق فهو غير معفو العدد فيه فنقول أصل العقد كله فاسد معفو عنه وغير معفو عما زاد من العدد فاترك ما زاد على أربع والترك إليك وأمسك أربعا قال فهل تجد على هذا دلالة غير الخبر مما نجامعك عليه قلت نعم قال الله عز وجل اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين إلى تظلمون فعفا رسول الله ﷺ عما قبضوا من الربا فلم يأمرهم برده وأبطل ما أدرك حكم الإسلام من الربا ما لم يقبضوه فأمرهم بتركه وردهم إلى رءوس أموالهم التي كانت حلالا لهم فجمع حكم الله ثم حكم رسوله ﷺ في الربا أن عفا عما فات وأبطل ما أدرك الإسلام فكذلك حكم رسول الله ﷺ في النكاح كانت العقدة فيه ثابتة فعفاها وأكثر من أربع نسوة مدركات في الإسلام فلم يعفهن وأنت لم تقل بأصل ما قلت ولا القياس على حكم الله ولا الخبر عن رسول الله ﷺ وكان قولك خارجا من هذا كله ومن المعقول قال أفرأيت لو تركت حديث نوفل بن معاوية وحديث ابن الديلمي اللذين فيهما البيان لقولك وخلاف قولنا واقتصرت على حديث الزهري أيكون فيه دلالة على قولك وخلاف قولنا قلنا نعم قال وأين قلت إذا كانوا مبتدئين في الإسلام لا يعرفون بابتدائه حلالا ولا حراما من نكاح ولا غيره فعلمهم رسول الله ﷺ أن لا يمسكوا أكثر من أربع دل المعقول على أنه لو كان أمرهم أن يمسكوا الأوائل كان ذلك فيما يعلمهم لأن كلا نكاح إلا أن يكون قليلا ثم هو أولى ثم أحرى مع أن حديث نوفل بن معاوية ثبت قاطع لموضع الاحتجاج والشبهة ID ' ' يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
صفحة : 1524
الحربي يصدق امرأته قال الشافعي رحمه الله تعالى فأصل نكاح الحربي كله فاسد سواء كان بشهود أو بغير شهود ولو تزوج الحربي حربية على حرام من خمر أو خنزير فقبضته ثم أسلما لم يكن لها عليه مهر ولو أسلما ولم تقبضه كان لها عليه مهر مثلها ولو تزوجها على حر مسلم أو مكاتب لمسلم أو أم ولد لمسلم أو عبد لمسلم ثم أسلما وقد قبضت أو لم تقبض لم يكن لها سبيل على واحد منهم كان الحر حرا ومن بقي مملوكا لمالكه الأول والمكاتب مكاتب لمالكه ولها مهر مثلها في هذا كله والله سبحانه تعالى الموفق كراهية نساء أهل الكتاب الحربيات قال الشافعي رحمه الله تعالى أحل الله تبارك وتعالى نساء أهل الكتاب وأحل طعامهم فذهب بعض أهل التفسير إلى أن طعامهم ذبائحهم فكان هذا على الكتابيين محاربين كانوا أو ذمة لأنه قصد بهم قصد أهل الكتاب فنكاح نسائهم حلال لا يختلف في ذلك أهل الحرب وأهل الذمة كما لو كان عندنا مستأمن غير كتابي وكان عندنا ذمة مجوس فلم تحلل نساؤهم إنما رأينا الحلال والحرام فيهم على أن يكن كتابيات من أهل الكتاب المشهور من أهل التوراة والإنجيل وهم اليهود النصارى فيحللن ولو كن يحللن في الصلح والذمة ويحرمن من المحاربة حل المجوسيات والوثنيات إذا كن مستأمنات غير إنا نختار للمرء أن لا ينكح حربية خوفا على ولده أن يسترق ويكره له أن لو كانت مسلمة بين ظهراني أهل الحرب أن ينكحها خوفا على ولده أن يسترقوا أو يفتنوا فأما تحريم ذلك فليس بمحرم والله تعالى أعلم ID ' ' ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه
صفحة : 1525
من أسلم على شيء غصبه أو لم يغصبه قال الشافعي رحمه الله تعالى روى ابن أبي مليكة مرسلا أن النبي ﷺ قال من أسلم على شيء فهو له وكان معنى ذلك من أسلم على شيء يجوز له ملكه فهو له وذلك كل ما كان جائزا للمسلم من المشركين أسلم عليه مما أخذه من مال مشرك لا ذمة له فإن غضب بعضهم بعضا مالا أو استرق منهم حرا فلم يزل في يده موقوفا حتى أسلم عليه فهو له وكذلك ما أصاب من أموالهم فأسلم عليها فهي له وهو إذا أسلم وقد مضى ذلك منه في الجاهلية كالمسلمين يوجفون على أهل دار الحرب فيكون لهم أن يسبوهم فيسترقوهم ويغنموا أموالهم فيتمولونها إلا أنه لا خمس عليهم من أجل أنه أخذه وهو مشرك فهو له كله ومن أخذ من المشركين من أحد من المسلمين حرا أو عبدا أو أم ولد أو مالا فأحرزه عليه ثم أسلم عليه فليس له منه شيء وكذلك لو أوجف المسلمون عليه في يدي من أخذه كان عليهم رد ذلك كله بلا قيمة قبل القسم وبعده لا يختلف ذلك والدلالة عليه من الكتاب وكذلك دلت السنة وكذلك يدل العقل والإجماع في موضع وإن تفرق في آخر لأن الله عز وجل أورث المسلمين أموالهم وديارهم فجعلها غنما لهم وخولا لإعزاز أهل دينه وإذلال من حاربه سوى أهل دينه ولا يجوز أن يكون المسلمون إذا قدروا على أهل الحرب تخولوهم وتمولوا أموالهم ثم يكون أهل الحرب يحوزون على الإسلام شيئا فيكون لهم أن يتخولوه أبدا فإن قال قائل فأين السنة التي دلت على ما ذكرت قيل أخبرنا عبدالوهاب بن عبدالمجيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن المشركين أسروا امرأة من الأنصار وأحرزوا ناقة للنبي ﷺ فانفلتت الأنصارية من الإسار فركبت ناقة النبي ﷺ فنجت عليها فأرادت نحرها حين وردت المدينة وقالت إني نذرت لئن أنجاني الله عليها لأنحرنها فمنعوها حتى يذكروا ذلك للنبي ﷺ فذكروه له فقال رسول الله ﷺ لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم وأخذ ناقته قال الشافعي رحمه الله تعالى فلو كان المشركون إذا أحرزوا شيئا كان لهم لانتفى أن تكون الناقة إلا للأنصارية كلها لأنها أحرزتها عن المشركين أو يكون لها أربعة أخماسها وتكون مخموسة ولكن رسول الله ﷺ لم ير لها منها شيئا وكان يراها على أصل ملكه ولا أعلم أحدا يخالف في أن المشركين إذا أحرزوا عبدا لرجل أو مالا له فأدركه قد أوجف المسلمون عليه قبل المقاسم أن يكون له بلا قيمة ثم اختلفوا بعد ما يقع في المقاسم فقال منهم
صفحة : 1526
قائل مثل ما قلت هو أحق به وعلى الإمام أن يعوض من صار في سهمه مثل قيمته من خمس الخمس وهو سهم النبي ﷺ وهذا القول يوافق الكتاب والسنة والإجماع ثم قال غيرنا يكون إذا وقع في المقاسم أحق به إن شاء بالقيمة وقال غيرهم لا سبيل إليه إذا وقع في المقاسم وإجماعهم على أنه لمالكه بعد إحراز العدو له وإحراز المسلمين عن العدو له حجة عليهم في أنه هكذا ينبغي أن يكون بعد القسم وإذا كانوا لو أحرزه مسلمون متأولين أو غير متأولين فقدروا عليه بأي وجه ما كان ردوه على صاحبه كان المشركون أن لا يكون لهم عليهم سبيل أولى بهم وما يعدوا الحديث لو كان ثابتا أن يكون من أسلم على شيء فهو له فيكون عاما فيكون مال المسلم والمشرك سواء إذا أحرزه العدو فمن قال هذا لزمه أن يقول لو أسلموا على حر مسلم كان لهم أن يسترقوه أو يكون خاصا فيكون كما قلنا بالدلائل التي وصفنا ولو كان إحراز المشركين لما أحرزوا من أموال المسلمين يصير ذلك ملكا لهم لو أسلموا عليه ما جاز إذا ما أحرز المسلمون ما أحرز المشركون أن يأخذه مالكه من المسلمين بقيمة ولا بغير قيمة قبل القسم ولا بعده وكما لا يجوز فيما سوى ذلك من أموالهم قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا الثقة عن نافع عن ابن عمر أن عبدا له أبق وفرسا له عار فأحرزه المشركون ثم أحرزه عليهم المسلمون فردا عليه بلا قيمة فلو أحرز المشركون امرأة رجل أو أم ولده مدبرة أو جارية غير مدبرة فلم يصل إلى أخذها ووصل إلى وطئها لم يحرم عليه أن يطأ واحدة منهن لأنهن على أصل ملكه والاختيار له أن لا يطأ منهن واحدة خوف الولد أن يسترق وكراهية أن يشركه في بضعها غيره
ID ' ' والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب
الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف
ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه
أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1527
المسلم يدخل دار الحرب فيجد امرأته قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل رجل مسلم دار الحرب بأمان فوجد امرأته أو امرأة غيره أو ماله أو مال غيره من المسلمين أو أهل الذمة مما غصبه المشركون كان له أن يخرج به من قبل أنه ليس بملك للعدو ولو أسلموا عليه لم يكن لهم فليس بخيانة كما لو قدر على مسلم غصب شيئا فأخذه بلا علم المسلم فأداه إلى صاحبه لم يكن خان إنما الخيانة أخذ مالا يحل له أخذه ولكنه لو قدر على شيء من أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئا قل أو كثر لأنه إذا كان منهم في أمان فهم منه في مثله ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين وأهل الذمة لأن المال ممنوع بوجوه أولها إسلام صاحبه والثاني مال من له ذمة والثالث مال من له أمان إلى مدة أمانه وهو كأهل الذمة فيما يمنع من ماله إلى تلك المدة الذمية تسلم تحت الذمي قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أسلمت الذمية تحت الذمي حاملا كانت لها النفقة حتى تضع حملها فإن أرضعته فلها أجر الرضاع وهي كالمبتوتة المسلمة الحامل أو أولى بالنفقة منها وإذا كان بين المشركين ولد فأي الأبوين أسلم فكل من لم يبلغ من الولد تبع للمسلم يصلي عليه إذا مات ويورث من المسلم ويرثه المسلم وإن كان الأبوان مملوكين لمشرك فأسلم أحدهما تبع المسلم الولدان الذين لم يبلغوا لأن حكمهم حكم الإسلام لا يجوز عندي إلا هذا القول ما كان الأولاد صغارا وكانوا تبعا لغيرهم لا يشرك دين الإسلام وغيره 1 في دين إلا كان الإسلام أولى به أو قول ثان أنهم إذا ولدوا على الشرك كانوا عليه حتى يعربوا عن أنفسهم فلو أسلم أبوهم لم يكن حكم واحد منهم حكم مسلم ولست أقول هذا ولا أعلم أحدا يقول به من أهل العلم فأما أن يقال الولد للأب فأين حظ الأم منه ولو اتبع الأم دون الأب كما يتبعها في العتق والرق كان أولى أن يغلط إليه من أن يقال هو للأب وإن كان الدين ليس من معنى الرق ولكنه من المعنى الذي وصفت من أن الإسلام إذا شارك غيره في الدين والملك كان الإسلام أولى والله تعالى أعلم ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث.
صفحة : 1528
باب النصرانية تسلم بعد ما يدخل بها زوجها قال الشافعي رحمه الله تعالى في النصرانية تكون عند النصراني فتسلم بعد ما يدخل بها لها المهر فإن كانت قبضته وإلا أخذته بعد إسلامها أسلم أو لم يسلم فإن لم يكن دخل بها حتى أسلمت قبضت منه مهرا أو لم تقبضه فسواء ولا يعدو أن يكون لها نصف المهر لأنه لو أسلم كان أحق بها أو لا يكون لها شيء لأن فسخ النكاح جاء من قبلها فإذا كان هذا فعليها رد شيء إن كانت أخذته له كما لو أخذت منه شيئا عوضا من شيء كالثمن للسلعة ففاتت السلعة كان عليها رد الثمن فأما لها ما أخذت ولا تأخذ شيئا إن لم تكن أخذت فلا يشبه هذا من العلم شيئا والله سبحانه تعالى أعلم النصرانية تحت المسلم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا كانت النصرانية عند المسلم فطهرت من الحيضة جبرت على الغسل منها فإن امتنعت أدبت حتى تفعل لأنها تمنعه الجماع في الوقت الذي يحل له وقد قال الله عز وجل ولا تقربوهن حتى يطهرن فزعم بعض أهل التفسير أنه حتى يطهرن من الحيض قال الله تعالى فإذا تطهرن يعني بالماء فأتوهن من حيث أمركم الله فلما كان ممنوعا من أن يأتي زوجته إلا بأن تطهر من الحيضة وتطهر بالماء فيجتمع فيها المعنيان كان بينا أن نجبر النصرانية على الغسل من الحيضة لئلا يمنع الجماع فأما الغسل من الجنابة فهو مباح له أن يجامعها جنبا فتؤمر به كما تؤمر بالغسل من الوسخ والدخان وما غير ريحها ولا يبين لي أن تضرب عليه لو امتنعت منه لأنه غسل تنظيف لها ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 1529
نكاح نساء أهل الكتاب
قال الشافعي رحمه الله تعالى أحل الله تبارك وتعالى حرائر المؤمنات واستثنى في إماء المؤمنات أن يحللهن بأن يجمع ناكحهن أن لا يجد طولا لحرة وأن يخاف العنت في ترك نكاحهن فزعمنا أنه لا يحل نكاح أمة مسلمة حتى يجمع ناكحها الشرطين اللذين أباح الله نكاحها بهما وذلك أن أصل ما نذهب إليه إذا كان الشيء مباحا بشرط أن يباح به فلا يباح إذا لم يكن الشرط كما قلنا في الميتة تباح للمضطر ولا تباح لغيره وفي المسح على الخفين يباح لمن لبسهما كامل الطهارة ما لم يحدث ولا يباح لغيره وفي صلاة الخوف يباح للخائف أن يخالف بها الصلوات من غير الخوف ولا تباح لغيره وقال الله تبارك وتعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن فأطلق التحريم تحريما بأمر وقع عليه اسم المشرك قال والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والمحصنات منهن الحرائر فأطلقنا من استثنى الله إحلاله وهن الحرائر من أهل الكتاب والحرائر غير الإماء 1 كما قلنا لا يحل نكاح مشركة غير كتابية وقال غيرنا كذلك كان يلزمه أن يقول وغير حرة حتى يجتمع فيها أن تكون حرة كتابية فإذا كان النكاح إماء المؤمنين ممنوعا إلا بشرطين كان فيه الدلالة على أنه لا يجوز نكاح غير إماء المؤمنين مع الدلالة الأولى فإماء أهل الكتاب محرمات من الوجهين في دلالة القرآن والله تعالى أعلم
ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن
يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 1530
إيلاء النصراني وظهاره
قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا آلى النصراني من امرأته فتحا كما إلينا بعد الأربعة الأشهر حكمنا عليه حكمنا على المسلم في أن يفيء أو يطلق ونأمره إذا فاء بالكفارة ولا نجبره عليها لأنه لا يسقط عنه بالشرك من حق الله تعالى شيء وإن كان غير مقبول منه حتى يؤمن فاذا تظاهر من امرأته فرافعته ورضيا بالحكم فليس في الظهار طلاق فنحكم عليه وإنما فيه كفارة فنأمره بها ولا نجبره عليها كما قلنا في يمين الإيلاء قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا قذف النصراني امرأته فرافعته ورضيا بالحكم لاعنا بينهما وفرقنا ونفينا الولد كما نصنع بالمسلم ولو فعل وترافعا فأبى أن يلتعن عزرناه ولم نحده لأنه ليس على من قذف نصرانية حد وأقررناها معه لأنا لا نفرق بينهما إلا بالتعانه
فيمن يقع على جارية من المغنم
قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا وقع الرجل من المسلمين قد شهد الحرب على جارية من الرقيق قبل أن يقسم فإن لم تحمل أخذ منه عقرها وردت إلى المغنم فإن كان من أهل الجهالة نهي وإن كان من أهل العلم عزر ولا حد من قبل الشبهة في أنه يملك منها شيئا وإن أحصى المغنم فعرف قدر ملكه منها مع جماعة أهل المغنم وقع عنه من المهر بحصته وإن حملت فهكذا وتقوم عليه وتكون أم ولده وإذا كان الزنا بعينه فلا مهر فيه لأن رسول الله ﷺ نهى عن مهر البغي والبغي هي التي تمكن من نفسها فتكون والذي زنى بها زانيين محدودين فإذا كانت مغصوبة فهي غير زانية محدودة فلها المهر وعلى الزاني بها الحد
ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت
جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها
هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها
فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر
صفحة : 1531
المسلمون يوجفون على العدو فيصيبون سبيا فيهم قرابة قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أوجف المسلمون على العدو فكان فيهم ولد لمسلم مملوك للعدو أو كان فيهم ولد لمسلم لم يزل من أهل الحرب وقد شهد ابنه الحرب فصار له الحظ في أبيه أو ابنه منهم لم يعتق واحد منهما عليه حتى يقسموا فإذا صار أحدهما أو كلاهما في حظه عتق وإن لم يكن لم يعتق فإن قال قائل فأنت تقول إذا ملك أباه أو ولده عتق عليه فإنما أقول ذلك إذا اجتلب هو في ملكه بأن يشتريه أو يتهبه أو يزعم أنه وهب له أو أوصى له به لم أعتقه عليه حتى يقبله كان له رد الهبة والوصية فهو إذا أوجف عليه فله ترك حقه من الغنيمة ولا يعتق حتى يصير في ملكه بقسم أو شراء ولا يشبه هذا الجارية يطؤها وله فيها حق من قبل أنا ندرأ الحد بالشبهة ولا نثبت الملك بالشبهة والله تعالى أعلم المرأة تسبى مع زوجها قال الشافعي رحمه الله تعالى حكم رسول الله ﷺ في نساء أهل الحرب من أهل الأوثان حكمين فأما أحدهما فاللائي سبين فاستؤمن بعد الحرية فقسمهن رسول الله ﷺ ونهى من صرن إليه أن يطأ حائلا حتى تحيض أو حاملا حتى تضع وذلك في سبي أوطاس ودل ذلك على أن بالسباء نفسه انقطاع العصمة بين الزوجين وذلك أنه لا يأمر بوطء ذات زوج بعد حيضة إلا وذلك قطع العصمة وقد ذكر ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن قول الله عز وجل والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ذوات الأزواج أللاتي ملكتموهن بالسبي ولم يكن استيماؤهن بعد الحرية بأكثر من قطع العصمة بينهن وبين أزواجهن وسواء أسرن مع أزواجهن أو قبل أزواجهن أو بعد أو كن في دار الإسلام أو دار الحرب لا تقع العصمة إلا ما كان بالسباء الذي كن به مستأميات بعد الحرية وقد سبى رسول الله ﷺ رجالا من هوازن فما علمناه سأل عن أزواج المسبيات أسبوا معهن أو قبلهن أو بعدهن أو لم يسبوا ولو كان في أزواجهن معنى لسأل عنهن إن شاء الله تعالى فأما قول من قال خلاهن النبي ﷺ فرجعن إلى أزواجهن فإن كان المشركون استحلوا شيئا من نسائهم فلا حجة بالمشرك وإن كانوا أسلموا فلا يجوز أن يكن يرجعن إلى أزواجهن إلا بنكاح جديد من أن النبي ﷺ قد أباحهن لمالكيهن وهو لا يبيحهن والنكاح ثابت عليهن ولا يبيحهن إلا بعد انقطاع النكاح وإذا انقطع النكاح فلا بد من تجديد النكاح والله تعالى أعلم
صفحة : 1532
المرأة تسلم قبل زوجها والزوج قبل المرأة قال الشافعي رحمه الله تعالى سن رسول الله ﷺ في اللائي أسلمن ولم يسبين قبل أزواجهن وبعدهم سنة واحدة وذلك أن أبا سفيان وحكيم بن حزام أسلما بمر الظهران والنبي ﷺ ظاهر عليه ومكة دار كفر وبها أزواجهما ورجع أبو سفيان أمام النبي ﷺ مسلما وهند ابنت عتبة مشركة فأخذت بلحيته وقالت اقتلوا هذا الشيخ الضال وأقامت على الشرك حتى أسلمت بعد الفتح بأيام فأقرها رسول الله ﷺ على النكاح وذلك أن عدتها لم تنقض وصارت مكة دار الإسلام وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل وأقامتا بمكة مسلمتين في دار الإسلام وهرب زوجاهما مشركين ناحية اليمن إلى دار الشرك ثم رجعا فأسلم عكرمة بن أبي جهل ولم يسلم صفوان حتى شهد حنينا كافرا ثم أسلم قأقرهما رسول الله ﷺ على نكاحهما وذلك أن عدتهما لم تنقض وفي هذا حجة على من فرق بين المرأة تسلم قبل الرجل والرجل يسلم قبل المرأة وقد فرق بينهما بعض أهل ناحيتنا فزعم في المرأة تسلم قبل الرجل ما زعمنا وزعم في الرجل يسلم قبل المرأة خلاف ما زعمنا وأنها تبين منه إلا أن يتقارب إسلامه وهذا خلاف القرآن والسنة والعقل والقياس ولو جاز أن يفرق بينهما لكان ينبغي أن يقول في المرأة تسلم قبل الرجل قد انقطعت العصمة بينهما لأن المسلمة لا تحل لمشرك بحال والمرأة المشركة قد تحل للمسلم بحال وهي أن تكون كتابية فشدد في الذي ينبغي أن يهون فيه وهون في الذي ينبغي أن يشدد فيه لو كان ينبغي أن يفرق بينهما فإن قال رجل ما السنة التي تدل على ما قلت دون ما قال فما وصفنا قبل هذا وإن قال فما الكتاب قيل قال الله عز وجل فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن فلا يجوز في هذه الآية إلا أن يكون اختلاف الدينين يقطع العصمة ساعة اختلفا أو يكون يقطع العصمة بينهما اختلاف الدينين والثبوت على الاختلاف إلى مدة والمدة لا تجوز إلا بكتاب وسنة رسول الله ﷺ فقد دلت سنة رسول الله ﷺ على ما وصفنا وجمع رسول الله ﷺ بين المسلمة قبل زوجها والمسلم قبل امرأته فحكم فيهما حكما واحدا فكيف جاز ان يفرق بينهما وجمع رسول الله ﷺ بين المسلمة قبل زوجها والمسلم قبل امرأته فحكم فيهما حكما واحدا فكيف جاز أن يفرق بينهما وجمع الله عز وجل بينهما فقال لا هن حل لهم ولا
صفحة : 1533
هم يحلون لهن فإن قال قائل فإنما ذهبنا إلى قول الله عز وجل ولا تمسكوا بعصم الكوافر فهي كالآية قبلها لا تعدو أن يكون الزوج ساعة يسلم قبل امرأته تنقطع العصمة بينهما لأنه يسلم وهي كافرة أولا تكون العصمة تنقطع بينهما إلا إلى مدة فقد دل رسول الله ﷺ على المدة وقول من حكينا قوله لا قطع للعصمة بينهما إلا بإلاسلام حين كان متأول فكان وإن خالف قوله السنة قد ذهب إلى ما تأول ولا جعل لهما المدة التي دلت عليها السنة بل خرج من القولين وأحدث مدة لا يعرفها آدمي في الأرض فقال إذا تقارب فإذا جاز له أن يقول إذا تقارب قال إنسان التقارب بقدر النفس أو قدر الساعة أو قدر بعض اليوم أو قدر السنة لأن هذا كله قريب وإنما يحد مثل هذا رسول الله ﷺ فأما أن يحد هذا بالرأي والغفلة فهذا ما لا يجوز مع الرأي واليقظة والله تعالى أعلم الحربي يخرج إلى دار الإسلام قال الشافعي وإذا أسلم الزوج قبل المرأة والمرأة في دار الحرب وخرج إلى دار الإسلام لم ينكح أختها حتى تنقضي عدة امرأته ولم تسلم فتبين منه فله نكاح أختها وأربع سواها من قوتل من العرب والعجم ومن يجري عليه الرق قال الشافعي وإذا قوتل أهل الحرب من العجم جرى السباء على ذراريهم ونسائهم ورجالهم لا اختلاف في ذلك وإذا قوتلوا وهم من العرب فقد سبا رسول الله ﷺ بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب وأجرى عليهم الرق حتى من عليهم بعد فاختلف أهل العلم بالمغازي فزعم بعضهم أن النبي ﷺ لما أطلق سبى هوازن قال لو كان تاما على أحد من العرب سبى لتم على هؤلاء ولكنه إسار وفداء فمن أثبت هذا الحديث زعم أن الرق لا يجري على عربي بحال وهذا قول الزهري وسعيد بن المسيب والشعبي ويروي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز قال الشافعي أخبرنا سفيان عن يحيى بن يحيى الغساني عن عمر بن عبدالعزيز قال وأخبرنا سفيان عن الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لا يسترق عربي قال الربيع قال الشافعي ولولا أنا نأثم بالتمني لتمنينا أن يكون هذا هكذا قال الشافعي أخبرنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال في المولى ينكح الأمة يسترق ولده وفي العربي ينكحها لا يسترق ولده وعليه قيمتهم قال الربيع رأى الشافعي أن يأخذ منهم الجزية وولدهم رفيق ممن دان دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان قال الشافعي رحمه الله تعالى
صفحة : 1534
ومن لم يثبت هذا الحديث عن النبي ﷺ ذهب إلى أن العرب والعجم سواء وأنه يجري عليهم الرق حيث جرى على العجم والله تعالى أعلم قال الشافعي في الحربي يخرج إلى دار الإسلام مستأمنا وامرأته في دار الحرب على دينه لا تنقطع بينهما العصمة إنما تنقطع بينهما العصمة باختلاف الدينين فأما والدين واحد فلا تنقطع بينهما العصمة أرأيت لو أن مسلما أسرو امرأته أو دخل دار الحرب مستأمنا وامرأته أو أسلم هو وامرأته في دار الحرب فقدر على الخروج ولم تقدر امرأته أتنقطع العصمة بينهما وهما على دين واحد لا تنقطع العصمة إلا باختلاف الدينين قال الشافعي أي الزوجين أسلم فانقضت العدة قبل أن يسلم الآخر منهما فقد انقطعت العصمة بينهما وهو فسخ بغير طلاق وإذا طلق النصراني الذي امرأته النصرانية ثلاثا ثم أسلما فرق بينهما ولم تحل له حتى تنكح زوجا غيره وكذلك لو كان حربيا من قبل أنا إذا أثبتنا له عقد النكاح فجعلنا حكمه فيه كحكم المسلم لزمنا أن نجعل حكمه حكم المسلم فيما يفسخ عقد النكاح وفسخ عقد النكاح التحريم بالطلاق المسلم يطلق النصرانية قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا طلق المسلم امرأته النصرانية ثلاثا فنحكها نصراني أو عبد فأصابها حلت له إذا طلقها زوجها وانقضت عدتها لأن كل واحد من هذين زوج وإنما قال الله عز وجل حتى تنكح زوجا غيره فقد نكحت زوجا غيره وإذا جاز لنا أن نزعم أن النصراني ينكح النصرانية فيحصنها حتى نرجمها لو زنت لأن رسول الله ﷺ رجم يهوديين زنيا فقد زعمنا أن رسول الله ﷺ جعل نكاحه يحصنها فكيف يذهب علينا أن يكون لا يحلها وهو يحصنها ID ' ' على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
صفحة : 1535
وطء المجوسية إذا سبيت قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا سبى المجوسي وأهل الأوثان لم توطأ منهن امرأة بالغ حتى تسلم وإن سبى منهن صبيات فمن كان منهن مع أحد أبويه ولم يسلم فلا توطأ لأن دينها دين أبيها وأمها وإن أسلم أحد أبويها وهي صبية وطئت فإذا سبيت منفردة ليست مع أحد أبويها وطئت لأنا نحكم لها بحكم الإسلام ونجبرها عليه ما لم تكن بالغا مشركة أو صغيرة مع أحد أبويها مشركا فإذا حكمنا لهم بحكم الإسلام لم يكن لتحريم فرجها معنى ذبيحة أهل الكتاب ونكاح نسائهم قال الشافعي من دان دين اليهود والنصارى من الصابئين والسامرة أكلت ذبيحته وحل نساؤه وقد روي عن عمر أنه كتب إليه فيهم أو في أحدهم فكتب بمثل ما قلنا فإذا كانوا يعرفون باليهودية أو النصرانية فقد علمنا أن النصارى فرق فلا يجوز إذا جمعت النصرانية بينهم أن نزعم أن بعضهم تحل ذبيحته ونساؤه وبعضهم تحرم إلا بخبر يلزم مثله ولم نعلم في هذا خبرا فمن جمعه اليهودية والنصرانية فحكمه حكم واحد وقال لا تؤكل ذبيحة المجوسي وإن سمى الله عليها الرجل تؤسر جاريته أو تغصب قال الشافعي وإذا اغتصبت جارية الرجل أم ولد كانت أو غير أم ولد وأحرزها المشركون أو غيرهم فصارت إليه لم يكن عليه استبراء في شيء من هذه الحالات لأنها لم تملك عليه كما لا يكون عليه استبراء لو غابت عنه فلم يدر لعلها فجرت أو فجر بها والاخيتار له في هذا كله أن لا يقربها حتى يستبرئها قال الشافعي وإذا اشترى الرجل جارية من المغنم أو وقعت في سهمه أو من سوق المسلمين لم يقبلها ولم يباشرها ولم يتلذذ منها بشيء حتى يستبرئها ID ' ' وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث.
صفحة : 1536
الرجل يشتري الجارية وهي حائض قال الشافعي وإذا ملك الرجل جارية بشراء أو غيره وهي في أول حيضتها أو وسطها أو آخرها لم تكن هذه الحيضة استبراء كما لا تكون من العدة في قول من قال العدة الحيض ولا قول من قال العدة الطهر وعليه أن يستبرئها بحيضة أمامها طهر ويجزيها حيضة واحدة وإذا ارتابت المستبرأة لم توطأ حتى تذهب الريبة ولا وقت في ذلك إلا ذهاب الريبة وإن كانت مشتراة لم ترد بهذا وأريها النساء فإن قلن هذا حمل أو داء ردت عدة الأمة التي لا تحيض قال الشافعى اختلف الناس في استبراء الأمة التي لا تحيض من صغر أو كبر فقال بعضهم شهر قياسا على الحيضة وقال بعضهم شهر ونصف وليس لهذا وجه وهو إما أن يكون شهرا وإما أن يكون ما ذهب إليه بعض أصحابنا من ثلاثة أشهر قال الشافعي استبراء الأمة شهر إذا كانت ممن لا تحيض قياسا على حيضة لأن الله عز وجل أقام ثلاثة أشهر مقام ثلاثة قروء فلكل حيضة من ملك الأختين فأراد وطأهما قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا ملك الرجل الأختين بأي وجه ما كان فله أن يطأ أيتهما شاء وإذا وطئ إحداهما لم يجز له وطء الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطئ بأي وجه ما حرم من نكاح أو عتاقة أو كتابة فإذا كان ذلك فوطئ الأخرى ثم عجزت المكاتبة أو طلقت ثبت على وطء التي وطئ بعدها ولم يكن له أن يطأ العاجزة ولا المطلقة فتكون في هذه الحال وأختها في الحالة الأولى ID ' ' وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى: (وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
صفحة : 1537
وطء الأم بعد البنت من ملك اليمين قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا يحل وطء الأم بعد البنت ولا البنت بعد الأم من ملك اليمين ولا يحل وطء المملوكات بشيء لا يحل من وطء الحرائر مثله إلا أنهن يخالفن الحرائر في معنيين فيكون للرجل أن يملك الأم وولدها ولا يكون له أن ينكح الأم وابنتها ويجمع بين الأختين من الملك ولا يجمع بينهما من النكاح ويطأ من الولائد ما شاء بالملك في وقت واحد ولا يكون له أن يجمع بين أكثر من أربع بالنكاح التفريق بين ذوي المحارم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا ملك الرجل أهل البيت لم يفرق بين الأم وولدها حتى يبلغ الولد سبعا أو ثمان سنين فإذا بلغ ذلك جاز أن يفرق بينهما فإن قال قائل فمن أين وقت سبعا أو ثمان سنين قيل روينا عن النبي ﷺ أنه خير غلاما بين أبويه وعن عمر رضي الله عنه والغلام غير بالغ عندنا وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه خير غلاما بين أمه وعمه وكان في الحديث عن علي رضي الله تعالى عنه والغلام ابن سبع أو ثمان سنين ثم نظر إلى أخ له أصغر منه فقال وهذا لو بلغ مبلغ هذا خيرناه فجعلنا هذا حدا لاستغناء الغلام والجارية وأنه أول مدة يكون لهما في أنفسهما قول وكذلك ولد الولد من كانوا فأما الأخوان فيفرق بينهما فإن قال قائل فكيف فرقتم بين الأخوين ولم تفرقوا بين الولد وأمه قيل السنة في الأم وولدها ووجدت حال الولد من الوالد مخالفا حال الأخ من أخيه ووجدتني أجبر الولد على نفقة الوالد والوالد على نفقة الولد في الحين الذي لا غنى لواحد منهما عن صباحه ولم أجدني أجبر الأخ على نفقة أخيه ID ' ' والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى: (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل ولا يكاد يقدر عليه. وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج . صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
صفحة : 1538
الذمي يشتري العبد المسلم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا اشترى الذمي عبدا مسلما فالشراء جائز وأجبره على بيعه وإنما منعني من أن أجعل الشراء فيه باطلا أنه لو أسلم عنده جبرته على بيعه ولو أعتقه أو وهبة لمسلم أو تصدق به عليه أو مات ولا وارث له قبض عنه وجاز فيه العتق في حياته والصدقة والهبة ولا يكون هذا إلا لمن يكون ملكه ثابتا مدة من المدد وإن كنت لا أثبته على الأبد كما أثبت ملك المسلم وإذا كان للذمي مملوكان امرأة ورجل بينهما ولد فأيهما أسلم جبرت السيد على بيع المسلم منهما والولد الصغار لأنهم مسلمون بإسلام أي الأبوين أسلم الحربي يدخل دار الإسلام بأمان قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان ومعه مملوكة أو مملوك فأسلما أو أسلم أحدهما جبرته على بيعهما أو بيع المسلم منهما ودفعت إليه ثمنهما وليس له أمان يعطى به أن يملك مسلما وأمان الذمي المعاهد أكثر من أمانه وأنا أجبره على بيع من أسلم من مماليكه العبد الذي يكون بين المسلم والذمي فيسلم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا كان العبد الكافر بين مسلم وذمي وأسلم جبرت الكافر على بيع نصيبه فيه وجبريه على بيع كله أكثر من جبريه على بيع نصيبه وإذا حصار المسلمون المشركين فاستأمن رجل من المشركين لجماعة بأعيانهم كان لهم الأمان ولم يكن الأمان لغيرهم وكذلك لو استأمن لعدد كان الأمان لأولئك العدد وليس لغيرهم وهكذا إن قال تؤمن لي مائة رجل وأخلي بينك وبين البقية كان الأمان في المائة الرجل إليه فمن سمى فهو آمن 1 ومن لم يستثن فليس بآمن وهكذا إن قال تؤمن لي أهل الحصن على أن أدفع إليك مائة منهم فلا بأس والمائة رقيق كانوا من حريهم أو رقيقهم من قبل أني إذا قدرت عليهم كانوا جميعا رقيقا فلما كنت قادرا على بعضهم كانوا رقيقا وكان من أمنت غير رقيق وليس هذا بنقض للعهد ولا رجوع في صلح إنما هذا صلح على شرط فمن أدخله المستأمن في الأمان فهو داخل فيه ومن أخرجه منه ممن لم أعطه الأمان فهو خارج منه حكمه حكم مشرك يجري عليه الرق إذا قدر عليه ID ' ' والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما
صفحة : 1539
الأسير يؤخذ عليه العهد قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا أسر المسلم فأحلفه المشركون أن يثبت في بلادهم ولا يخرج منها على أن يخلوه فمتى قدر على الخروج منها فليخرج لأن يمينه يمين مكره ولا سبيل لهم على حبسه وليس بظالم لهم بخروجه من أيديهم ولعله ليس بواسع أن يقيم معهم إذا قدر على التنحي عنهم ولكنه ليس له أن يغتالهم في أموالهم وأنفسهم لأنهم إذا أمنوه فهم في أمان منه ولا نعرف شيئا يروى خلاف هذا ولو كان أعطاهم اليمين وهو مطلق لم يكن له الخروج إذا كان غير مكره إلا بأن يلزمه الحنث وكان له أن يخرج ويحنث لأنه حلف غير مكره وإنما ألغينا عنه الحنث في الأسير يأمنه العدو على أموالهم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أسر العدو الرجل من المسلمين فخلوا سبيله وأمنوه وولوه ضياعهم أو لم يولوه فأمانهم إياه أمان لهم منه وليس له أن يغتالهم ولا يخونهم وأما الهرب بنفسه فله الهرب وإن أدرك ليؤخذ فله أن يدافع عن نفسه وإن قتل الذي أدركه لأن طلبه ليؤخذ إحداث من الطالب غير الأمان فيقتله إن شاء ويأخذ ماله ما لم يرجع عن طلبه الأسير يرسله المشركون على أن يبعث إليهم قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أسر المشركون المسلم فخلوه على فداء يدفعه إليهم إلى وقت وأخذوا عليه إن لم يدفع الفداء أن يعود في إسارهم فلا ينبغي أن يعود في إسارهم ولا ينبغي للإمام إذا أراد أن يعود أن يدعه والعودة وإذا كانوا امتنعوا من تخليته إلا على مال يعطيهموه فلا يعطيهم منه شيئا لأنه مال أكرهوه على أخذه منه بغير حق فإن كان أعطاهموه على شيء فأخذه منهم لم يحل له إلا أداؤه إليهم بكل حال وهكذا لو صالحهم مبتدئا على شيء انبغى له أن يؤديه إليهم إنما أطرح عنه ما استكره عليه ID ' ' سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت
صفحة : 1540
المسلمون يدخلون دار الحرب بأمان فيرون قوما قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل جماعة من المسلمين دار الحرب بأمان فسبي أهل الحرب قوما من المسلمين لم يكن للمستأمنين قتال أهل الحرب عنهم حتى ينبذوا إليهم فإن نبذوا إليهم فحذروهم وانقطع الأمان بينهم كان لهم قتالهم فأما ما كانوا في مدة الأمان فليس لهم قتالهم الرجل يدخل دار الحرب فتوهب له الجارية قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل M0لجل دار الحرب بأمان فوهبت له جارية أو غلام أو متاع لمسلم قد أحرزه عليه أهل الحرب ثم خرج به إلى دار الإسلام فعرفه صاحبه وأثبت عليه بينة أو أقر له الذي هو في يديه بدعواه فعليه أن يدفعه إليه بلا عوض يأخذه منه ويجبره السلطان على دفعه الرجل يرهن الجارية ثم يسبيها العدو قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا رهن الرجل جارية بألف درهم وذلك قيمتها ثم سباها العدو ثم أخذها صاحبها الراهن بثمن أو غير ثمن فهي على الرهن كما كانت لا يخرجها السباء من الرهن ولو وجدت في يدي رجل من المسلمين أخرجت من يديه إلى ملك مالكها الذي سبيت عنه وكانت على الرهن وإذا سبى المشركون الحرة والمدبرة والمكاتبة وأم الولد والعبد وأخذوا المال فكله سواء متى ظهر عليه المسلمون قبل المقاسم أو بعدها أخرج من يدي من هو في يديه وكانت الحرة حرة والمكاتبة مكاتبة والمدبرة مدبرة والأمة أمة والعبد عبدا وأم الولد أم ولد والمتاع على حاله لأن المشركين لا يملكون على المسلمين ولو ملكوه عليهم ملك بعضهم على بعض ملكوا الحرة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة كما يسبي بعضهم بعضا ثم يسلمون فيقر المسبى خولا للسابي ID ' ' خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن
صفحة : 1541
المدبرة تسبى فتوطأ ثم تلد ثم يقدر عليها صاحبها قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا سبى المشركون المدبرة فوطئها رجل منهم فولدت أولادا ثم سبيت وأولادها ردت إلى مالكها الذي دبرها وأولادها كما ترد المملوكة غير مدبرة ولا يبطل السباء تدبيرها ولا يبطله إلا أن يرجع فيه المدبر فإن مات المدبر قبل أن يحرزها المسلمون فهي حرة وأولادها في قول من أعتق ولد المدبرة بعتقها وولاؤها للذي دبرها وولاء ولدها الذين أعتقوا بعتقها فإن ولدت بعدهم أولادا فولاؤهم لموالي أبيهم وقال في المكاتبة كما قال في المدبرة إلا أن المكاتبة لا تعتق بموت سيدها إنما تعتق بالأداء المكاتبة تسبى فتوطأ فتلد قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا ولدت المكاتبة أولادا في دار الحرب وهي مسبية ثم أدت فعتقت عتق ولدها بعتقها في قول يعتق ولد المكاتبة بعتق أمه وإن عجزت رقت ورق ولدها قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا أسلمت أم ولد النصراني حيل بينه وبينها وأخذ بنفقتها وأمرت أن تعمل له في موضعها ما يعمل مثلها لمثله فإن مات فهي حرة وإن أسلم خلى بينه وبينها ولا يجوز فيها ما ذهب إليه بعض الناس من أن تعتق وتسعى في قيمتها من قبل أنها إن كان الإسلام يعتقها فلا ينبغي أن يكون عليها سعاية وإن كان الإسلام لا يعتقها فما سبب عتقها وما سبب سعايتها قال الشافعي رحمه الله تعالى العتق لو كان من قبل سيدها وأعتق منها سهما من مائة سهم عتقت كلها ولم يكن العتق من قبل سيدها ولا من قبل شريك له فإن قال من قبل نفسها فهي لا تقدر على أن تعتق نفسها فإن قال منهم قائل وهل ثبت الرق لكافر على مسلم قيل أنت تثبته قال وأين قلت زعمت أن عبد الكافر إذا أسلم فأعتقه الكفار أو باعه أو وهبه أو تصدق به أجزت هذا كله فيه ولو كان الإسلام يزيل ملكه عنه ما جاز له من هذا شيء وأنت تزعم أن للكافر أن يشتري المؤمن ثم يكون عليه بيعه ويكون لمشتريه أن يرده على ملك الكافر بالعيب ثم تقول للكافر بعه فإن زعمت أنك تجبره على بيعه قيل فقل هذا في مدبره ومكاتبه فإن قلت لا قيل فكذا قل في أم ولده ليس الإسلام بعتق لها ولا أجد السبيل إلى بيعها لما سبق فيها ولا يجوز قول من قال أعتقها ولا سعاية عليها من قبل أنه لا يعتق الأمة لم تلد إذا أسلمت وهي لنصراني ولا العبد ويقول آمره ببيعهما والرجل لا يكون عهدة البيع عليه إلا فيما
صفحة : 1542
يملك وهو يجيز العتق والهبة والصدقة وهذا لا يجوز إلا لمالك فإن قال لا أجده يملك من أم الولد إلا الوطء فقد حرم عليه الوطء فهو يملك الرجل من أم ولده أن يأخذ مالها وكسبها والجناية عليها ويستعمها وتموت فيصير إليه ما حوت وهذا كله غير وطئها ولو كان إذا حرم عليه الفرج عتقت أم الولد كان لو زوج مالك أم ولده أو كاتبها انبغى أن يعتقها عليه من قبل أنه قد حيل بينه وبين فرجها وحول بين الرجل وبين الفرج بسبب لا يمنع شيئا غيره وقد قال قائل تسعى في نصف قيمتها كأنه جعل نصفها حرا بالولد ونصفها مملوكا إلى أن يموت السيد ولا أعرف للولد حصة من العتق متبعضة 1 ولو كانت حرة كلها من قبل أن الولد من السيد وهو لو أعتق السيد منها سهما من ألف سهم جعلها حرة كلها فلا أعرف لما ذهب إليه وجها وإذا دخل الحربي بعبده أو أمته دار الإسلام مستأمنا فأسلما جبر على بيعهما ولم يترك يخرج بهما الأسير لا تنكح امرأته قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أسر المسلم فكان في دار الحرب فلا تنكح امرأته إلا بعد تيقن وفاته عرف مكانه أو خفي مكانه وكذلك لا يقسم ميراثه ما يجوز للأسير في ماله وما لا يجوز قال الشافعي رحمه الله تعالى وما صنع الأسير من المسلمين في دار الحرب أو دار الإسلام أو المسجون وهو صحيح في ماله غير مكره عليه فهو جائز من بيع هبة وصدقة وغير ذلك فهو جائز لا نبطل على واحد منهم إلا ما نبطل على الصحيح المطلق فإن كان مريضا فهو كالمريض في حكمه وهكذا ما صنع الرجل في الحرب عند التقاء الصفين وقبل ذلك ما لم يجرح وهكذا ما صنع إذا قدم ليقتل فيما من قتله فيه بد وفيما يجد قاتله السبيل إلى تركه مثل القتل في القصاص الذي يكون لصاحبه عفوه ومثل قتل عصبته القاتل الذي قد تتركه وأما إذا قدم ليرجم في الزنا فلا يجوز له في ماله إلا الثلث لأنه لا سبيل إلى تركه والحامل يجوز ما صنعت في مالها ما لم يحدث لها مرض مع حملها أو يضربها الطلق فإن ذلك مرض مخوف فأما ما قبل ذلك فما صنعت فيه فهو جائز وهكذا الرجل في السفينة في الموضع المخوف من الغرق وغير المخوف لأن النجاة قد تكون في المخوف والهلاك قد يكون في غيره ولا وجه لقول من قال تجوز عطية الحامل حتى تستكمل ستة أشهر ثم تكون كالمريض في عطيتها بعد الستة عندي ولا لما تأول من قول الله عز وجل حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما وليس في هذا دلالة على حد
صفحة : 1543
الإثقال متى هو أهو التاسع أو الثامن أو السابع أو السادس أو الخامس أو الرابع أو الثالث حتى يتبين ومن ادعى هذا بوقت لم يجز له إلا بخبر ولا يجوز أن يكون الإثقال المخوف إلا حين تجلس بين القوابل فإن قيل هي بعد الستة مخالفة لها قبل ستة فكذلك هي بعد شهر مخالفة لها قبل الشهر بعد الشهرين وفي كل يوم زادت فيه أن يكبر ولدها وتقرب من وضع حملها وليس إلا ما قلنا أو أن يقول رجل الحمل كله مرض ولا يفرق بين أوله وآخره فإن قال هذا فهو معروف في الإثقال وغير الإثقال فالمرض الثقيل والمرض الخفيف عنده وعند الناس في العطية سواء ولا فرق في الحكم بين المريض المخوف عليه الدنف وبين المريض الخفيف المرض فيما أعطيا ووهبا وقد يقال لهذا ثقيل ولهذا خفيف وما أعلم الحامل بعد الشهر الأول إلا أثقل وأسوأ حالا وأكثر قيئا وامتناعا من الطعام وأشبه بالمريض منها بعد ستة أشهر وكيف تجوز عطيتها في الوقت الذي هي فيه أقرب من المرض وترد عطيتها في الوقت الذي هي فيه أقرب إلى الصحة فإن قال هذا وقت يكون فيه الولد تاما لو خرج فخروجه تاما أشبه لسلامة أمة من خروجه لو خرج سقطا والحكم إنما هو لأمه ليس له والله أعلم
الحربي يدخل أمان وله مال في دار الحرب ثم يسلم
قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل الحربي بلاد الإسلام بأمان وخلف في دار الحرب أموالا وودائع في يد مسلم ويدي حربي ويدي وكيل له ثم أسلم فلا سبيل عليه ولا على ماله ولا على ولده الصغار ما كان له عقار أو غيره وهكذا لو أسلم في بلاد الحرب وخرج إلى دار الإسلام لا سبيل على مال مسلم حيث كان أسلم ابنا شعبة القرظيان ورسول الله ﷺ محاصر بني قريظة فأحرز لهما إسلامهما أنفسهما وأموالهما دورا كانت أو عقارا أو غيره ولا يجوز أن يكون مال المسلم مغنوما بحال فأما ولده الكبار وزوجته فحكمهم حكم أنفسهم يجري عليهم ما يجري على أهل الحرب من القتل والسباء وإن سبيت امرأته حاملا منه لم يكن إلى إرقاق ذي بطنها سبيل من قبل أنه إذا خرج فهو مسلم بإسلام أبيه ولا يجري السباء على مسلم
ID ' ' ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة
للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1544
الحربي يدخل دار الإسلام بأمان فأودع ماله ثم رجع قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا داخل الحربي دار الإسلام بأمان فأودع وباع وترك مالا ثم رجع إلى دار الحرب فقتل بها فدينه وودائعه وما كان له من مال مغنوم عنه لا فرق بين الدين والوديعة وإذا قدم الحربي دار الإسلام بأمان فمات فالأمان لنفسه وماله ولا يجوز أن يؤخذ من ماله شيء وعلى الحاكم أن يرده إلى ورثته حيث كانوا ولا يقبل إن لم تعرف ورثته شهادة أحد غير المسلمين ولا يجوز في هذه الحال ولا في غيرها شهادة أحد خالف دين الإسلام لقول الله تبارك وتعالى ذوي عدل منكم وقوله ممن ترضون من الشهداء وهذا مكتوب في كتاب الشهادات قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أعتق الحربي عبده في دار الحرب ثم خرجا إلينا ولم يحدث له قهرا في بلاد الحرب يستعبده به فأراد استعباده ببلاد الإسلام لم يكن له أن يستعبده مسلما كان العبد أو كافرا أو مسلما كان السيد أو كافرا ولو أحدث له قهرا ببلاد الحرب أو لحر مثله ولم يعتقه حتى يخرج إلينا بأمان كان عبدا له قال وإن كانت الأرض المفتتحة من أهل الشرك بلاد عنوة أو صلح تخلى منه أهله إلى المسلمين على شيء أخذوه منهم أمان أو غيره فهي مملوكة كما يملك الفيء والغنيمة وإن تركها أهلها الذين كانت لهم ممن أوجف عليها أو غيرهم فوقفها السلطان على المسلمين فلا بأس أن يتكارى الرجل منها الأرض ليزرعها وعليه ما تكاراها به والعشر كما يكون عليه ما تكارى به أرض المسلم والعشر ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
صفحة : 1545
الصلح على الجزية قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا أعرف أن النبي ﷺ صالح أحدا من أهل الجزية على شيء إلا ما أوصف صالح أهل أيلة على ثلثمائة دينار وكان عددهم ثلثمائة رجل وصالح نصرانيا بمكة يقال له موهب على دينار وصالح ذمة اليمن على دينار دينار وجعله على المحتلمين من أهل اليمن وأحسب كذلك جعله في كل موضع وإن لم يحك في الخبر كما حكى خبر اليمن ثم صالح أهل نجران على حلل يؤدونها فدل صلحه إياهم على غير الدنانير على أنه يجوز ما صالحوا عليه وصالح عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أهل الشام على أربعة دنانير وروى عنه بعض الكوفيين أنه صالح الموسر من ذمتهم على ثمانية وأربعين والوسط على أربعة وعشرين والذي دونه على اثنى عشر درهما ولا بأس بما صالح عليه أهل الذمة وإن كان أكثر من هذا إذا كان العقد على شيء مسمى بعينه وإن كان أضعاف هذا وإذا انعقد لهم العقد على شيء مسمى لم يجز عندي أن يزاد على أحد منهم فيه بالغا يسره ما بلغ وإن صالحوا على ضيافة مع الجزية فلا بأس وكذلك لو صالحوا على مكيلة طعام كان ذلك كما يصالحون عليه من الذهب والورق ولا تكون الجزية إلا في كل سنة مرة ولو حاصرنا أهل المدينة من أهل الكتاب فعرضوا علينا أن يعطونا الجزية لم يكن لنا قتالهم إذا أعطوناها وأن يجري عليهم حكمنا وإن قالوا نعطيكموها ولا يجري علينا حكمكم لم لم يلزمنا أن نقبلها منهم لأن الله عز وجل قال حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فلم أسمع مخالفا في أن الصغار أن يعلو الحكم الإسلام على حكم الشرك ويجري عليهم ولنا أن نأخذ منهم متطوعين وعلى النظر للإسلام وأهله وإن لم يجر عليهم الحكم كما يكون لنا ترك قتالهم ولو عرضوا علينا أن يعطونا الجزية ويجري عليهم الحكم فاختلفنا نحن وهم في الجزية فقلنا لا نقبل إلا كذا وقالوا لا نعطيكم إلا كذا رأيت والله تعالى أعلم أن يلزمنا أن نقبل منهم دينارا دينارا لأن النبي ﷺ قد أخذه من نصراني بمكة مقهور ومن ذمة اليمن وهم مقهورون ولم يلزمنا أن نأخذ منهم أقل منه والله تعالى أعلم لأنا لم نجد رسول الله ﷺ ولا أحدا من الأئمة أخذ منهم أقل منه واثنا عشر درهما في زمان عمر رضي الله تعالى عنه كانت دينارا فإن كان أخذها فهي دينار وهي أقل ما أخذ ونزداد منهم ما لم نعقد لهم شيئا مما قدرنا عليه وإن كتب في العقد لهم أن يخفف عمن افتقر منهم إلى أن يجد كان ذلك جائزا وإن لم يكن في العقدة كان ذلك لازما لهم والبالغون منهم في
صفحة : 1546
ذلك سواء الزمن وغير الزمن فإن أعوز أحدهم بجزيته فهي دين عليه يؤخذ منه متى قدر عليها وإن غاب سنين ثم رجع أخذت منه لتلك السنين إذا كانت غيبته في بلاد الإسلام والحق لا يوضع عن شيخ ولا مقعد ولو حال عليه حول أو أحوال ولم تؤخذ منه ثم أسلم أخذت منه لأنها كانت لزمته في حال شركه فلا يضع الإسلام عنه دينا لزمه لأنه حق لجماعة المسلمين وجب عليه ليس للإمام تركه قبله كما لم يكن له تركه قبله في حال شركه فتح السواد قال الشافعي رحمه الله تعالى لست أعرف ما أقول في أرض السواد إلا ظنا مقرونا إلى علم وذلك أني وجدت أصح حديث يرويه الكوفيون عندهم في السواد ليس فيه بيان ووجدت أحاديث من أحاديثهم تخالفه منها أنهم يقولون السواد صلح ويقولون السواد عنوة ويقولون بعض السواد صلح وبعضه عنوة ويقولون إن جرير بن عبدالله البجلي وهذا أثبت حديث عندهم فيه أخبرنا الثقة عن ابن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبدالله قال كانت بجيلة ربع الناس فقسم لهم ربع السواد فاستغلوه ثلاث أو أربع سنين أنا شككت ثم قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ومعي فلانة ابنة فلان امرأة منهم لا يحضرني ذكر اسمها فقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم لكم ولكني أرى أن تردوا على الناس قال الشافعي رحمه الله تعالى وكان في حديثه وعاضني من حقي فيه نيفا وثمانين دينارا وكان في حديثه فقالت فلانة قد شهدا أبي القادسية وثبت سهمه ولا أسلمه حتى تعطيني كذا أو تعطيني كذا فأعطاها إياه قال وفي هذا الحديث دلالة إذ أعطى جريرا البجلي عوضا من سهمه والمرأة عوضا من سهم أبيها أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه فجعله وفقا للمسلمين وهذا حلال للإمام لو افتتح اليوم أرضا عنوة فأحصى من افتتحها وطابوا نفسا عن حقوقهم منها أن يجعلها الإمام وقفا وحقوقهم منها إلا الأربعة الأخماس ويوفى أهل الخمس حقوقهم إلا أن يدع البالغون منهم حقوقهم فيكون ذلك لهم والحكم في الأرض كالحكم في المال وقد سبى النبي ﷺ هوازن وقسم الأربعة الأخماس بين المسلمين ثم جاءته وفود هوازن مسلمين فسألوه أن يمن عليهم بأن يعطيهم ما أخذ منهم فخيرهم بين الأموال والسبي فقالوا خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا فنختار أحسابنا فترك لهم رسول الله ﷺ حقه وحق أهل بيته فسمع بذلك المهاجرون فتركوا له حقوقهم فسمع بذلك
صفحة : 1547
الأنصار فتركوا له حقوقهم ثم بقي قوم من المهاجرين الآخرين والفتحيين فأمر فعرف على كل عشرة واحدا ثم قال ائتوني بطيب أنفس من بقي فمن كره فله علي كذا وكذا من الإبل إلى وقت كذا فجاءوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس وعتيبة بن بدر فإنهما أبيا ليعيرا هوازن فلم يكرههما رسول الله ﷺ على ذلك حتى كانا هما تركا بعد بأن خدع عتيبة عن حقه وسلم لهم رسول الله ﷺ حق من طاب نفسا عن حقه وهذا أولى الأمور بعمر بن الخطاب رضي الله عنه تعالى عندنا في السواد وفتوحه إن كانت عنوة فهو كما وصفت ظن عليه دلالة يقين وإنما منعنا أن نجعله يقينا بالدلالة أن الحديث الذي فيه تناقض لا ينبغي أن يكون قسم إلا عن أمر عمر رضي الله تعالى عنه لكبر قدره ولو تفوت عليه فيه ما انبغى أن يغيب عنه قسمة ثلاث سنين ولو كان القسم ليس لمن قسم له ما كان لهم منه عوض ولكان عليهم أن تؤخذ منهم الغلة والله سبحانه تعالى أعلم كيف كان ولم أجد فيه حديثا يثبت إنما أجدها متناقضة والذي هو أولى بعمر عندي الذي وصفت فكل بلد فتحت عنوة فأرضها ودارها كدنانيرها ودراهمها وهكذا صنع رسول الله ﷺ في خيبر وبني قريظة فلمن أوجف عليها أربعة أخماس والخمس لأهله من الأرض والدنانير والدراهم فمن طاب نفسا عن حقه فجائز للإمام حلال نظرا للمسلمين أن يجعله وقفا على المسلمين تقسم غلته فيهم على أهل الخراج والصدقة وحيث يرى الإمام منهم ومن لم يطب عنه نفسا فهو أحق بحقه وأيما أرض فتحت صلحا على أن أرضها لأهلها ويؤدون عنها خراجا فليس لأحد أخذها من أيدي أهلها وعليهم فيها الخراج وما أخذ من خراجها فهو لأهل الفيء دون أهل الصدقات لأنه فيء من مال مشرك وإنما فرق بين هذا والمسألة الأولى أن ذلك وإن كان من مشرك فقد ملك المسلمون رقبة الأرض فيه فليس بحرام أن يأخذه صاحب صدقة ولا صاحب فيء ولا غني ولا فقير لأنه كالصدقة الموقوفة يأخذها من وقفت عليه من غني وفقير وإذا كانت الأرض صلحا فإنها لأهلها ولا بأس أن يأخذها منهم المسلمون بكراء ويزرعونها كما نستأجر منهم إبلهم وبيوتهم ورقيقهم وما يجوز لهم إجارته منهم وما دفع إليهم أو إلى السلطان بوكالتهم فليس بصغار عليهم إنما هو دين عليه يؤديه والحديث الذي يروى عن النبي ﷺ لا ينبغي لمسلم أن يؤدي خراجا ولا لمشرك أن يدخل المسجد الحرام إنما هو خراج الجزية ولو كان خراج الكراء ما حل له أن يتكارى من مسلم ولا كافر شيئا ولكنه خراج الجزية وخراج الأرض إنما هو كراء لا محرم عليه
صفحة : 1548
وإذا كان العبد النصراني فأعتقه وهو على النصرانية فعليه الجزية وإذا كان العبد النصراني لمسلم فأعتقه المسلم فعليه الجزية إنما نأخذ الجزية بالدين والنصران ممن عليه الجزية ولا ينفعه أن يكون مولاه مسلما كما لا ينفعه أن يكون أبوه وأمه مسلمين
في الذمي إذا اتجر في غير بلده
قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا اتجر الذمي في بلاد الإسلام إلى أفق من الآفاق في السنة مرارا لم يؤخذ منه إلا مرة واحد كما لا تؤخذ منه الجزية إلا مرة واحدة وقد ذكر عن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى أنه أمر فيما ظهر من أموالهم وأموال المسلمين أن يؤخذ منهم شيء وقته وأمر أن يكتب لهم براءة إلى مثله من الحول ولولا أن عمر أخذه منهم ما أخذنا منهم فهو يشبه أن يكون أخذه إياه منهم على أصل صلح أنهم إذا اتجروا أخذ منهم ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة مرتين ولا أكثر فلما كانت الجزية في كل سنة مرة كان ينبغي أن يكون هذا عندنا في كل سنة مرة إلا أن يكونوا صولحوا عند الفتح على أكثر من ذلك فيكون لنا أن نأخذ منهم ما صولحوا عليه ولسنا نعلمهم صولحوا على أكثر ويؤخذ منهم كما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر اتباعا له على ما أخذه لا نخالفه
ID ' ' ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه
صفحة : 1549
نصارى العرب قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذ صالح رسول الله ﷺ أكيدر الغساني وكان نصرانيا عربيا على الجزية وصالح نصارى نجران على الجزية وفيهم عرب وعجم وصالح ذمة اليمن على الجزية وفيهم عرب وعجم واختلفت الأخبار عن عمر في نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبني تغلب فروى عنه أنه صالحهم على أن تضاعف عليهم الصدقة ولا يكرهوا على غير دينهم ولا يصبغوا أولادهم في النصرانية وعلمنا أنه كان يأخذ جزيتهم نعما ثم روى أنه قال بعد ما نصارى العرب بأهل كتاب أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبدالله بن دينار عن سعد الفلجة أو ابنه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم قال الشافعي رحمه الله تعالى فأرى للإمام أن يأخذ منهم الجزية لأن رسول الله ﷺ أخذها من النصارى من العرب كما وصفت وأما ذبائحهم فلا أحب أكلها خبرا عن عمر وعن علي بن أبي طالب وقد نأخذ الجزية من المجوس ولا نأكل ذبائحهم فلو كان من حل لنا أخذ الجزية منه حل لنا أكل ذبيحته أكلنا ذبيحة المجوس ولا ننكر إذا كان في أهل الكتاب حكمان وكان أحد صنفيهم تحل ذبيحته ونساؤه والصنف الثاني من المجوس لا تحل لنا ذبيحته ولا نساؤه والجزية تحل منهما معا أن يكون هكذا في نصارى العرب فيحل أخذ الجزية منهم ولا تحل ذبائحهم والذي يروى من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في إحلال ذبائحهم إنما هو من حديث عكرمة أخبرنيه ابن الدراوردي وابن أبي يحيى عن ثور الديلمي عن عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال قولا حكئا هو إحلالها وتلا ومن يتولهم منكم فإنه منهم ولكن صاحبنا سكت عن اسم عكرمة وثور لم يلق ابن عباس والله أعلم ID ' ' الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي وكل منهم إمام وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا وأنت تريد الأيام والليالي جميعا كما سبق من كلام سيبويه وكما دلت
صفحة : 1550
الصدقة قال الشافعي رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني عن رجل أن عمر رضي الله تعالى عنه صالح نصارى بني تغلب على أن لا يصبغوا أبناءهم ولا يكرهوا على غير دينهم وأن تضاعف عليهم الصدقة قال الشافعي وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا رامهم على الجزية فقالوا نحن عرب ولا نؤدي ما تؤدي العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله تعالى عنه لا هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن ضعف عليهم الصدقة قال الشافعي ولا أعلمه فرض على أحد من نصارى العرب ولا يهودها الذين صالح والذين صالح بناحية الشام والجزيرة إلا هذا الفرض فأرى إذا عقد لهم هذا أن يؤخذ منهم عليه وأرى للإمام في كل دهر إن امتنعوا أن يقتصر عليهم بما قبل منهم فإن قبلوا أخذه وإن امتنعوا جاهدهم عليه وقد وضع رسول الله ﷺ الجزية على أهل اليمن دينارا على كل حالم والحالم المحتلم وكذلك يؤخذ منهم وفيهم عرب وصالح نصارى نجران على كسوة تؤخذ منهم وكذلك تؤخذ منهم وفي هذا دلالتان إحداهما أن تؤخذ الجزية على ما صالحوا عليه والأخرى أنه ليس لما صالحوا عليه وقت إلا ما ترضوا عليه كائنا ما كان وإذا ضعفت عليهم الصدقة فانظر إلى مواشيهم وأطعمتم وذهبهم وورقهم وما أصابوا من معادن بلادهم وركازها كل ما أخذت فيه من مسلم خمسا فخذ منهم خمسين وعشرا فخذ منهم عشرين ونصف عشر فخذ منهم عشرا وربع عشر فخذ منهم نصف عشر وعددا من الماشية فخذ منهم ضعف ذلك العدد ثم هكذا صدقاتهم لا تختلف ولا تؤخذ منهم من أموالهم حتى يكون لأحدهم من الصنف من المال ما لو كان لمسلم وجب فيه الزكاة فإذا كان ذلك ضعف عليهم الزكاة وقد رأيت رسول الله ﷺ وضع الجزية عن النساء والصغار لأنه إذا قال خذ من كل حالم دينارا فقد دل على أنه وضع عمن دون الحالم ودل على أنه لا يؤخذ من النساء 1 ولا يؤخذ من نصارى بني تغلب وغيرهم ممن معهم من العرب لأنه لا يؤخذ ذلك منهم على الصدقة وإنما يؤخذ منهم على الجزية وإن نحى عنهم من اسمها لا عنهم من اسمها ولا يكرهون على دين غير دينهم لأن النبي ﷺ أخذ الجزية من أكيدر دومة وهو عربي وأخذها من عرب اليمن ونجران وأخذها الخلفاء بعده منهم وأخذها منهم على أن لا يأكلوا ذبائحهم لأنهم
صفحة : 1551
ليسوا من أهل الكتاب أخبرنا الثقة سفيان أو عبدالوهاب أو هما عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال قال علي رضي الله تعالى عنه لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم أو من دينهم إلا بشرب الخمر شك الشافعي قال الشافعي وإنما تركنا أن نجبرهم على الإسلام أو نضرب أعناقهم لأن النبي ﷺ أخذ الجزية من نصارى العرب وأن عثمان وعمر وعليا قد أقروهم وإن كان عمر قد قال هكذا وكذلك لا يحل لنا نكاح نسائهم لأن الله تبارك وتعالى إنما أحل لنا من أهل الكتاب الذين عليهم نزل وجميع ما أخذ من ذمي عربي وغيره فمسلكه مسلك الفيء قال وما تجر به نصارى العرب وأهل ذمتهم فإن كانوا يهودا فسواء تضاعف عليهم فيه الصدقة وما تجر به نصارى بني إسرائيل الذين هم أهل الكتاب فقد روى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فيهم أنه أخذ منهم في بعض تجاراتهم العشر وفي بعضها نصف العشر وهذا عندنا من عمر أنه صالحهم عليه كما صالحهم على الجزية المسماة ولست أعرف الذين صالحهم على ذلك من الذين لم يصالحهم فعلى إمام المسلمين أن يفرق الكتب في الآفاق ويحكي لهم ما صنع عمر فإنه لا يدري من صنع به ذلك منهم دون غيره فإن رضوا به أخذه منهم وإن لم يرضوا به جدد بينه وبينهم صلحا فيه كما يجدد فيمن ابتدأ صلحه ممن دخل في الجزية اليوم وإن صالحوا على أن يؤدوا في كل سنة مرة من غير بلدانهم فكذلك وإن صالحوا أن نأخذ منهم كلما اختلفوا وإن اختلفوا في السنة مرارا فذلك وكذلك ينبغي لإمام المسلمين أن يجدد بينه وبينهم في الضيافة صلحا فإنه روى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه جعل عليهم ضيافة ثلاثة أيام وروى عنه أنه جعل ضيافة يوم وليلة فإذا جدد عليهم الصلح في الضيافة جدد بأمر بين أن يضيف الرجل الموسر كذا والوسط كذا ولا يضيف الفقير ولا الصبي ولا المرأة وإن كانا غنيين لأنه لا تؤخذ منهم الجزية والضيافة صنف منها وسمي أن يطعموهم خبز كذا بأدم كذا ويعلفوا دوابهم من التبن كذا ومن الشعير كذا حتى يعرف الرجل عدد ما عليه إذا نزل به ليس أن ينزل به العساكر فيكلف ضيافتهم ولا يحتملها وهي مجحفة به وكذلك يسمي أن ينزلهم من منازلهم الكنائس أو فضول منازلهم أو هما معا قال الشافعى حيثما زرع النصراني مع نصارى العرب ضعف عليه الصدقة كما وصفت وحيثما زرع النصراني الإسرائيلي لم يكن عليه في زرعه شيء وإنما الخراج كراء الأرض كما لو تكارى أرضا من رجل فزرعها أدى الكراء والعشر والنصراني من نصارى العرب إذا زرع الخراج ضعفت عليه العشر وأخذت منه الخراج وإذا قدم
صفحة : 1552
المستأمن من أرض الحرب فكان على النصرانية أو المجوسية أو اليهودية فنكح وزرع فلا خراج عليه ويقال له إن أردت المقام فصالحنا على أن تؤدى الجزية وجزيته على ما صالح عليه وإن أبى الصلح أخرج وإن غفل عنه سنة أو سنين فلا خراج عليه ولا يجب عليه الخراج إلا بصلحه ونمنعه الزرع إلا بأن يؤدي عنه ما صالح عليه وإن غفل حتى يصرمه لم يؤخذ منه شيء وإن كان المستأمن وثنيا لم يترك حتى يقيم في دار الإسلام سنة ولم تؤخذ منه جزية وإن غفل عنه حتى زرع سنة أو أكثر دفع إليه وأخرج وإن كانت المرأة مستأمنة فتزوجت في بلاد الإسلام ثم أرادت الرجوع إلى بلاد الحرب فذلك إلى زوجها إن شاء أن يدعها تركها وإن شاء أن يحبسها حبسناها له بسلطان الزوج على حبس امرأته لا بغير ذلك ومتى طلقها أو مات عنها فلها أن ترجع فإن كان لها منه ولد فليس لها أن تخرج أولاده إلى دار الحرب لأن ذمتهم ذمة أبيهم ولها أن تخرج بنفسها وإذا أبق العبد إلى بلاد العدو ثم ظهر عليهم أو أغار العدو على بلاد الإسلام فسبوا عبيدا وظهر عليهم المسلمون فاقتسموا العبيد أو لم يقتسموا فسادتهم أحق بهم بلا قيمة ولا يكون العدو يملكون على مسلم شيئا إذا لم يملك المسلم على المسلم بالغلبة فالمشرك الذي هو خول للمسلم إذا قدر عليه أولى أن لا يملك على مسلم ولا يعدو المشركون فيما غلبوا عليه أن يكونوا مالكين لهم كملكهم لأموالهم فإذا كان هذا هكذا ملكوا الحر وأم الولد والمكاتب وما سوى ذلك من الرقيق والأموال ثم لم يكن لسيد واحد من هؤلاء أن يأخذه قبل القسمة بلا قيمة ولا بعد القسمة بقيمة كما لا يكون له أن يأخذ سائر أموال العدو أو لا يكون ملك العدو ملكا فيكون كل امرئ على أصل ملكه ومن قال لا يملك العدو الحر ولا المكاتب ولا أم الولد ولا المدبرة وهو يملك ما سواهن فهو يتحكم ثم يزعم أنهم يملكون ملكا محالا فيقول يملكونه وإن ظهر عليهم المسلمون فأدركه سيده قبل القسم فهو له بلا شيء وإن كان بعد القسم فهو له إن شاء بالقيمة فهؤلاء ملكوه ولا ملكوه فإن قال قائل فهل فيما ذكرت حجة لمن قاله قيل لا إلا شيء يروى لا يثبت مثله عند أهل الحديث عن عمر رضي الله تعالى عنه فإن قال فهل لك حجة بأنهم لا يملكون بحال قلنا المعقول فيه ما وصفنا وإنما الحجة على من خالفنا ولنا فيه حجة بما لا ينبغي خلافه من سنة رسول الله ﷺ الثابتة وهو يروي عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أخبرنا سفيان وعبدالوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أن قوما أغاروا فأصابوا امرأة من الأنصار وناقة للنبي ﷺ
صفحة : 1553
فكانت المرأة والناقة عندهم ثم انفلتت المرأة فركبت الناقة فأتت المدينة فعرفت ناقة النبي ﷺ فقالت إني نذرت لئن نجاني الله عليها لأنحرنها فمنعوها أن تنحرها حتى يذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال بئسما جزيتها أن نجاك الله عليها ثم تنحريها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم وقالا معا أو أحدهما في الحديث وأخذ النبي ﷺ ناقته قال الشافعي فقد أخذ النبي ﷺ ناقته بعد ما أحرزها المشركون وأحرزتها الأنصارية على المشركين ولو كانت الأنصارية أحرزت عليهم شيئا ليس لمالك كان لها في قولنا أربعة أخماسه وخمسه لأهل الخمس وفي قول غيرنا كان لها ما أحرزت لا خمس فيه وقد أخبر النبي ﷺ أنها لا تملك ماله وأخذ ماله بلا قيمة أخبرنا الثقة عن مخرمة بن بكير عن أبيه لا أحفظ عمن رواه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال فيما أحرز العدو من أموال المسلمين مما غلبوا عليه أو أبق إليهم ثم أحرزه المسلمون مالكوه أحق به قبل القسم وبعده فإن اقتسم فلصاحبه أخذه من يدي من صار في سهمه وعوض الذي صار في سهمه قيمته من خمس الخمس وهكذا حر إن اقتسم ثم قامت البينة على حريته في الأمان قال الشافعي رحمه الله تعالى وقال رسول الله ﷺ المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم قال فإذا أمن مسلم بالغ حر أو عبد يقاتل أو لا يقاتل أو امرأة فالأمان جائز وإذا أمن من دون البالغين والمعتوه قاتلوا أو لم يقاتلوا لم نجز أمانهم وكذلك إن أمن ذمي قاتل أو لم يقاتل لم نجز أمانه وإن أمن واحد من هؤلاء فخرجوا إلينا بأمان فعلينا ردهم إلى مأمنهم ولا نعرض لهم في مال ولا نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممن يجوز أمانه ولا يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم وإذا أشار إليهم المسلم بشيء يرونه أمانا فقال أمنتهم بالإشارة فهو أمان فإن قال لم أؤمنهم بها فالقول قوله وإن مات قبل أن يقول شيئا فليسوا بآمنين إلا أن يجدد لهم الوالي أمانا وعلى الوالي إذا مات قبل أن يبين أو قال وهو حي لم أؤمنهم أن يردهم إلى مأمنهم وينبذ إليهم قال الله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله وقال الله عز وجل في غير أهل الكتاب وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فحقن الله دماء من لم يدن دين أهل الكتاب من المشركين بالإيمان لا غيره وحقن دماء من دان دين أهل الكتاب بالإيمان أو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون
صفحة : 1554
والصغار أن يجري عليهم الحكم لا أعرف منهم خارجا من هذا من الرجال وقتل يوم حنين دريد بن الصمة ابن مائة وخمسين سنة في شجار لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي ﷺ فلم ينكر قتله ولا أعرف في الرهبان خلاف أن يسلموا أو يؤدوا الجزية أو يقتلوا ورهبان الديارات والصوامع والمساكين سواء ولا أعرف يثبت عن أبي بكر رضي الله عنه خلاف هذا ولو كان يثبت لكان يشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم وأن لا يتشاغلوا بالمقام على صوامع هؤلاء كما يؤمرون أن لا يقيموا على الحصون وأن يسيحوا لأنها تشغلهم 1 وأن يسيحوا لأن ذلك أنكى للعدو وليس أن قتال أهل الحصون محرم عليهم وذلك أن مباحا لهم أن يتركوا 2 ولا يقتلوا كان التشاغل بقتال من يقاتلهم أولى بهم وكما يروى عنه أنه نهى عن قطع الشجر المثمر ولعله لا يرى بأسا بقطع الشجر المثمر لأنه قد حضر رسول الله ﷺ يقطع الشجر المثمر على بني النضير وأهل خيبر والطائف وحضره يترك وعلم أن رسول الله ﷺ وقد وعد بفتح الشام فأمرهم بترك قطعه لتبقى لهم منفعته إذ كان واسعا لهم ترك قطعه وتسبى نساء الديارات وصبيانهم وتؤخذ أموالهم قال الشافعي ويقتل الفلاحون والأجراء والشيوخ الكبار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية ID ' ' عليه الآية الكريمة وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام وجعل الأيام تابعة لليالي أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها كقولك: سرت خمسا وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم. ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول فإن الحذف فيه أفصح هذا إن ثبت: صمنا خمسة كما ادعاه أبو حيان ولعله أخذه من ابن عصفور فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه. وقال شيخنا أبو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود أو
صفحة : 1555
المسلم أو الحربي يدفع إليه الحربي مالا وديعة قال الشافعي رضي الله عنه وأموال أهل الحرب مالان فمال يغصبون عليه ويتمول عليهم فسواء من غصبه عليهم من مسلم أو حربي منهم أو عن غيرهم وإذا أسلموا معا أو بعضهم قبل بعض لم يكن على الغاصب لهم أن يرد عليهم من ذلك شيئا لأن أموالهم كانت مباحة غير ممنوعة بإسلامهم ولا ذمتهم ولا أمان لهم ولا لأموالهم من خاص ولا عام ومال له أمان وما كان من المال له أمان فليس للذي أمن صاحبه عليه أن يأخذه منه بحال وعليه أن يرده فلو أن رجلا من أهل الحرب أودع مسلما أو حربيا في دار الحرب أو في بلاد الإسلام وديعة وأبضع منه بضاعة فخرج المسلم من بلاد الحرب إلى بلاد الإسلام أو الحربي فأسلم كان عليهما معا أن يؤديا إلى الحربي ماله كما يكون علينا لو أمناه على ماله أن لا نعرض لماله والوديعة إذا أودعنا أو أبضع معنا فذلك أمان منه لنا ومثل أمانه على ماله أو أكثر وهكذا الدين في الأمة يسبيها العدو قال الشافعي رحمه الله تعالى في الأمة للمسلم يسبيها العدو فيطؤها رجل منهم فتلد له أولادا ويولد لأولادها أولاد فيتناتجون ثم يظهر عليهم المسلمون فإنه يأخذها سيدها وأولادها الذين ولدتهم من الرجال والنساء وننظر إلى أولاد أولادها فنأخذ بني بناتها ولا نأخذ بني بنيها من قبل أن الرق إنما يكون بالأم لا بالأب كما ينكح الحر الأمة فيكون ولده رقيقا وكما ينكح العبد الحرة فيكون ولده كلهم أحرار قال الشافعي رضي الله عنه في علج دل قوما من المسلمين على قلعة على أن يعطوه جارية سماها فلما انتهوا إلى القلعة صالح صاحب القلعة على أن يفتحها لهم ويخلوا بينه وبين أهله ففعل فإذا أهله تلك الجارية فأرى أن يقال للدليل إن رضيت العوض عوضناك قيمتها وإن لم ترض العوض فقد أعطينا ما صالحناك عليه غيرك فإن رضي العوض أعطيه وتم الصلح وإن لم يرض العوض قيل لصاحب القلعة قد صالحنا هذا على شيء صالحناك عليه بجهالة منا به فإن سلمت إليه عوضناك منه وإن لم تسلمه إليه نبذنا إليك وقاتلناك وإن كانت الجارية قد أسلمت قبل أن يظفر بها فلا سبيل إليها ويعطي قيمتها وإن ماتت عوض منها بالقيمة ولا يبين في الموت كما يبين إذا أسلمت ID ' ' ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ الفصيح وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام وهو غريب
صفحة : 1556
في الأسير يكره على الكفر قال الشافعي رحمه الله تعالى في الأسير يكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان لا تبين منه امرأته وإن تكلم بالشرك ولا يحرم ميراثه من المسلمين ولا يحرمون ميراثهم منه إذا علم أنه إنما قال ذلك مكرها وعلمهم ذلك أن يقول قبل قوله أو مع قوله أو بعد قوله إني إنما قلت ذلك مكرها وكذلك ما أكرهوا عليه من غير ضر أحد من أكل لحم الخنزير أو دخول كنيسة ففعل وسعه ذلك وأكره له أن يشرب الخمر لأنها تمنعه من الصلاة ومعرفة الله إذا سكر ولا يبين أن ذلك محرم عليه وإذا وضع عنه الشرك بالكره وضع عنه ما دونه مما لا يضر أحدا ولو أكرهوه على أن يقتل مسلما لم يكن له أن يقتله قال الشافعي رضي الله عنه في رجل أسر فتنصر وله امرأة فمر به قوم من المسلمين فأشرف عليهم وهو في الحصن فقال إنما تنصرت بلساني وأنا أصلي إذا خلوت فهذا مكره ولا تبين منه امرأته النصراني يسلم في وسط السنة قال الشافعي رحمه الله تعالى إذا أسلم الذمي قبل حلول وقت السنة سقطت عنه وإن أسلم بعد حلولها فهي عليه قال الشافعي رضي الله عنه كل من خالف الإسلام من أهل الصوامع وغيرهم ممن دان دين أهل الكتاب فلا بد من السيف أو الجزية قال الشافعي رحمه الله كل شيء بيع وفيه فضة مثل السيف والمنطقة والقدح والخاتم والسرج فلا يباع حتى تخلع الفضة فتباع الفضة بالفضة ويباع السيف على حدة ويباع ما كان عليه من فضة بالذهب ولا يباع بالفضة ID ' ' غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث. وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا) لتغليب الليالي على الأيام. انتهى. هذا كله في الأيام والليالي أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته قال تعالى: (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) وقال تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون
صفحة : 1557
الزكاة في الحلية من السيف وغيره قال الشافعي رضي الله عنه الخاتم يكون للرجل من فضة والحلية للسيف لا زكاة عليه في واحد منهما في قول من رأى أن لا زكاة في الحلي وإن كانت الحلية لمصحف أو كان الخاتم لرج من ذهب لم تسقط عنه الزكاة ولولا أنه روى أن النبي ﷺ تختم بخاتم فضة وأنه كان في سيفه حلية فضة ما جاز أن يترك الزكاة فيه من رأى أن لا زكاة في الحلي لأن الحلي للنساء لا للرجال العبد يأبق إلى أرض الحرب قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا أبق العبد إلى بلاد العدو كافرا كان أو مسلما سواء لأنه على ملك سيده وأنه لسيده قبل المقاسم وبعدها وإن كان مسلما فارتد فكذلك غير أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل في السبي قال الشافعي رضي الله عنه وإذا سبى النساء والرجال والولدان ثم أخرجوا إلى دار الإسلام فلا بأس ببيع الرجال من أهل الحرب وأهل الصلح والمسلمين قد فادى رسول الله ﷺ الأسرى فرجعوا إلى مكة وهم كانوا عدوه وقاتلوه بعد فدائهم ومن عليهم وقاتلوه بعد المن عليهم وفدى رجلا برجلين فكذلك لا بأس ببيع السبي البوالغ من أهل الحرب والصلح ومن كان من الولدان مع أحد أبويه فلا بأس أن يباع من أهل الحرب والصلح ولا يصلى عليه إن مات قد باع رسول الله ﷺ سبى بني قريظة من أهل الحرب والصلح فبعث بهم أثلاثا ثلثا إلى نجد وثلثا إلى تهامة وهؤلاء مشركون أهل أوثان وثلثا إلى الشام وأولئك مشركون فيهم الوثني وغير الوثني وفيهم الولدان مع أمهاتهم ولم أعلم منهم أحدا كان خليا من أمه فإذا كان مولود خليا من أمه لم أر أن يباع إلا من مسلم وسواء كان السبي من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب لأن بني قريظة كانوا أهل كتاب ومن وصفت أن النبي ﷺ من عليهم كانوا من أهل الأوثان وقد من على بعض أهل الكتابين فلم يقتل وقتل أعمى من بني قريظة بعد الإسار وهذا يدل على قتل من لا يقاتل من الرجال البالغين إذا أبى الإسلام أو الجزية قال ويقتل الأسير بعد وضع الحرب أوزارها وقد قتل النبي ﷺ بعد انقطاع الحرب بينه وبين من قتل في ذلك الأسر وكذلك يقتل كل مشرك بالغ إذا أبى الإسلام أو الجزية وإذا دعا الإمام
صفحة : 1558
الأسير إلى الإسلام فحسن وإن لم يدعه وقتله فلا بأس وإذا قتل الرجل الأسير قبل بلوغ الإمام وبعده في دار الحرب وبعد الخروج منها بغير أمر الإمام فقد أساء ولا غرم عليه من قبل أنه لما كان الإمام أن يرسله ويقتله ويفادى به كان حكمه غير حكم الأموال التي ليس للإمام إلا إعطاؤها من أوجف عليها ولكنه لو قتل طفلا أو امرأة عوقب وغرم أثمانهما ولو استهلك مالا غرم ثمنه وإذا سيق السبي فأبطئوا أوجفوا ولا محمل لهم بحال فإن شاءوا قتلوا الرجال وإن شاءوا تركوهم وكذلك إن خيفوا وليس لهم قتل النساء ولا الولدان بحال ولا قتل شيء من البهائم إلا ذبحا لمأكله لا غيره لا فرس ولا غيره فإن اتهم الإمام الذي يسوق السبي أحلفه ولا شيء عليه وإذا جنت الجارية من السبي جناية لم يكن للإمام أن يمنعها من المجني عليه ولا يفديها من مال الجيش وعليه أن يبيعها بالجناية فإن كان ثمنها أقل من الجناية أو مثلها دفعه إلى المجني عليه وإن كان أكثر فليست له الزيادة على أرش جنايته والزيادة لأهل العسكر وإن كان معها مولود صغير وولدت بعد ما جنت وقبل تباع بيعت ومولودها وقسم الثمن عليهما فما أصابها كان للمجني عليه كما وصفت وما أصاب ولدها فلجماعة الجيش لأنه ليس للجاني قال والبيع في أرض الحرب جائز فمن اشترى شيئا من المغنم ثم خرج فلقيه العدو فأخذوه منه فلا شيء له وكان ينبغي للوالي أن يبعث مع الناس من يحوطهم قال الشافعي رحمه الله تعالى يجزئ في الرقاب الواجبة المولود على الإسلام الصغير وولد الزنا والله أعلم
ID ' ' خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) وقال تعالى: (ما يكون م
ثلاثة إلا رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) و قال تعالى: (عليها تسعة عشر) وقال تعالى:
(وكنتم أزواجا ثلاثة) فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر وقد حذف في الآية الأولى والثانية
والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة وثبتت التاء في جميع ذلك وكذلك قوله تعالى:
(ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل
ولا يكاد يقدر عليه.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة لأن
العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر
كقوله الله تعالى: (وثمانية أيام) فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها فتقول: سومزوكل ةظوفحم قوقحلا عيمج .
صمنا ستا ولبثنا عشرا وتريد الأيام ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب ولا
صفحة : 1559
العدو يغلقون الحصون على النساء والأطفال والأسرى هل ترمى الحصون بالمنجنيق قال الشافعي رضي الله تعالى عنه إذا كان في حصن المشركين نساء وأطفال وأسرى مسلمون فلا بأس بأن ينصب المنجنيق على الحصن دون البيوت التي فيها الساكن إلا أن يلتحم المسلمون قريبا من الحصن فلا بأس أن ترمى بيوته وجدرانه فإذا كان في الحصن مقاتلة محصنون رميت البيوت والحصون وإذا تترسوا بالصبيان المسلمين أو غير المسلمين والمسلمون ملتحمون فلا بأس أن يعمدوا المقاتة دون المسلمين والصبيان وإن كانوا غير ملتحمين أحببت له الكف عنهم حتى يمكنهم أن يقاتلوهم غير متترسين وهكذا إن أبرزوهم فقالوا إن رميتمونا وقاتلتمونا قاتلناهم والنفط والنار مثل المنجنيق وكذلك الماء والدخان في قطع الشجر وحرق المنازل قال الشافعي رحمه الله تعالى ولا بأس بقطع الشجر المثمر وتخريب العامر وتحريقه من بلاد العدو وكذلك لا بأس بتحريق ما قدر لهم عليه من مال وطعام لا روح فيه لأن رسول الله ﷺ حرق نخل بني النضير وأهل خيبر وأهل الطائف وقطع فأنزل الله عز وجل في بني النضير ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها الآية فأما ما له روح فإنه يألم مما أصابه فقتله محرم إلا بأن يذبح فيؤكل ولا يحل قتله لمغايظة العدو لأن رسول الله ﷺ قال من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأله الله عنها قيل وما حقها يا رسول الله قال أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي به ولا يحرق نحلا ولا يغرق لأنه له روح وإذا كان المسلمون أسرى أو مستأمنين في دار الحرب فقتل بعضهم بعضا أو قذف بعضهم بعضا أو زنوا بغير حربية فعليهم في هذا كله الحكم كما يكون عليهم لو فعلوه في بلاد الإسلام إنما يسقط عنهم لو زنى أحدهم بحربية إذا أدعى الشبهة ولا تسقط دار الحرب عنهم فرضا كما لا تسقط عنهم صوما ولا صلاة ولا زكاة والحدود فرض عليهم كما هذه فرض عليهم قال وإذا أصاب الرجل حدا وهو محاصر للعدو أقيم عليه الحد ولا يمنعنا الخوف عليه من اللحوق بالمشركين أن نقيم عليه حدا لله عز وجل فلو فعلنا توقيا أن يغضب ما أقمنا الحد عليه أبدا لأنه يمكنه من كل موضع أن يلحق بدار الحرب والعلة أن يلحق بدار الحرب فيعطل عنه الحد إبطالا لحكم الله عز وجل ثم حكم رسول الله ﷺ بعلة جهالة وغيا قد أقام رسول الله ﷺ الحد
صفحة : 1560
بالمدينة والشرك قريب منها وفيها شرك كثير موادعون وضرب الشارب بحنين والشرك قريب منه وإذا أصاب المسلم نفسه بجرح خطأ فلا يكون له عقل على نفسه ولا على عاقلته ولا يضمن المرء ما جنى على نفسه وقد يروى أن رجلا من المسلمين ضرب رجلا من المشركين في غزاة أظنها خيبر بسيف فرجع السيف عليه فأصابه فرفع ذلك إلى النبي ﷺ فلم يجعل له النبي ﷺ في ذلك عقلا وإذا نصب القوم المنجنيق فرموا بها فرجع الحجر على أحدهم فقتله فديته على عواقل الذين رموا بالمنجنيق فإن كان ممن رمى به معهم رفعت حصته من الدية وذلك أن يكونوا عشرة هو عاشرهم فجناية العشر على نفسه مرفوعة عن نفسه وعاقلته ولا يضمن هو ولا عاقلته عما جنى على نفسه وعلى عواقلهم تسعة أعشار ديته وعلى الرامين الكفارة ولا يكون كفارة ولا عقل على من سددهم وأرشدهم وأمرهم حيث يرمون لأنه ليس بفاعل شيئا إنما تكون الكفارة والدية على الذين كان بفعلهم القتل وتحمل العاقلة كل شيء كان من الخطأ ولو كان درهما أو أقل منه إذا حملت الأكثر حملت الأقل وقد قضى النبي ﷺ على العاقلة بدية الجنين وإذا دخل المسلم دار الحرب مستأمنا فادان دينا من أهل الحرب ثم جاءه الحربي الذي أدانه مستأمنا قضيت عليه بدينه كما أقضي به للمسلم والذمي في دار الإسلام لأن الحكم جار على المسلم حيث كان لا نزيل الحق عنه بأن يكون بموضع من المواضع كما لا تزول عنه الصلاة أن يكون بدار الشرك فإن قال رجل الصلاة فرض فكذلك أداء الدين فرض ولو كان المتداينان حربيين فاستأمنا ثم تطالبا ذلك الدين فإن رضيا حكمنا فليس علينا أن نقضي لهما بالدين حتى نعلم أنه من حلال فإذا علمنا أنه من حلال قضينا لهما به وكذلك لو أسلما فعلمنا أنه حلال قضينا لهما به إذا كان كل واحد منهما مقرا لصاحبه بالحق لا غاصب له عليه فإن كان غصبه عليه في دار الحرب لم أتبعه بشيء لأني أهدر عنهم ما تغاصبوا به فإن قال قائل ما دل على أنك تقضي له به إذا لم يغصبه قيل له أربى أهل الجاهلية في الجاهلية ثم سألوا رسول الله ﷺ فأنزل الله تبارك وتعالى اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين وقال في سياق الآية وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم فلم يبطل عنهم رءوس أموالهم إذا لم يتقابضوا وقد كانوا مقرين بها ومستيقنين في الفضل فيها فأهدر رسول الله ﷺ لهم ما أصابوا من دم أو مال لأنه كان على وجه الغصب لا على وجه الإقرار به وإذا أحصن الذميان ثم زنيا ثم تحاكما إلينا رجمناهما وكذلك لو أسلما
صفحة : 1561
بعد إحصانهما ثم زنيا مسلمين رجمناهما إذ عددنا إحصانهما وهما مشركان إحصانا نرجمهما به فهو إحصان بعد إسلامهما ولا يكون إحصانا مرة وساقطا أخرى والحد على المسلم أوجب منه على الذمي وإذا أتيا جميعا فرضى أحدهما ولم يرض الآخر حكمنا على الراضي بحكمنا وأي رجل أصاب زوجة صحيحة النكاح حرة ذمية أو أمة مسلمة وهو حر بالغ فهو محصن وكذلك الحرة المسلمة يصيبها المسلم وكذلك الحرة الذمية يصيبها الزوج المسلم أو الذمي إنما الإحصان الجماع بالنكاح لا غيره فمتى وجدنا جماعا بنكاح صحيح فهو إحصان للحر منهما وإذا دخل الرجل دار الحرب فوجد في أيديهم أسرى رجالا ونساء من المسلمين فاشتراهم وأخرجهم من دار الحرب وأراد أن يرجع عليهم بما أعطى لم يكن ذلك له وكان متطوعا بالشراء لما ليس يباع من الأحرار فإن كانوا أمروه بشرائهم رجع عليهم بما أعطى فيهم من قبل أنه أعطى بأمرهم وكذلك قال بعض الناس ثم رجع فنقض قوله فزعم أن رجلا لو دخل بلاد الحرب وفي أيديهم عبد لرجل اشتراه بغير أمر الرجل ولا العبد كان له إلا أن يشاء سيد العبد أن يعطيه ثمنه وهذا خلاف قوله الأول إذا زعم أن المشتري غير مأمور متطوع لزمه أن يزعم أن هذا العبد لسيده ولا يرجع على سيده بشيء من ثمنه وهكذا نقول في العبد كما نقول في الحر لا يختلفان وإنما غلط فيه من قبل أنه يزعم أن المشركين يملكون على المسلمين وأنه اشتراه مالك من مالك ويدخل عليه في هذا الموضع أنه لا يكون عليه رده إلى سيده لأنه اشتراه مالك من مالك وكذلك لو كان الذمي اشتراه وإذا أسرت المسلمة فنكحها بعض أهل الحرب أو وطئها بلا نكاح ثم ظهر عليها المسلمون لم تسترق هي ولا ولدها لأن أولادها مسلمون بإسلامها فإن كان لها زوج في دار الإسلام لم يلحق به هذا الولد ولحق بالناكح المشرك وإن كان نكاحه فاسدا لأنه نكاح شبهة وإذا دخل المستأمن بلاد الإسلام فقتله مسلم عمدا فلا قود عليه وعليه الكفارة في ماله وديته فإن كان يهوديا أو نصرانيا فثلث دية المسلم وإن كان مجوسيا أو وثنيا فهو كالمجوسي فثمانمائة درهم في ماله حالة فإن قتله خطأ فديته على عاقلته وعليه الكفارة في ماله أخبرنا فضيل بن عياض عن منصور عن ثابت الحداد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في اليهودي والنصراني أربعة آلاف أربعة آلاف وفي المجوسي ثمانمائة درهم أخبرنا بن عيينة عن صدقة بن يسار قال أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن دية اليهودي والنصراني قال قضى فيه عثمان بن عفان بأربعة آلاف فإن كان مع هذا المستأمن المقتول مال رد إلى ورثته كما يرد
صفحة : 1562
مال المعاهد إلى ورثته إذا كان الدم ممنوعا بالإسلام والأمان فالمال ممنوع بذلك وإذا دخل المسلم أو الذمي دار الحرب مستأمنا فخرج بمال من مالهم يشتري لهم به شيئا فأما ما مع المسلمين فلا نعرض له ويرد على أهله من أهل دار الحرب لأن أقل ما فيه أن يكون خروج المسلم به أمانا للكافر فيه 1 وإذا استأمن العبد من المشركين على أن يكون مسلما ويعتق فذلك للإمام أمن رسول الله ﷺ في حصار ثقيف من نزل إليه من عبد فأسلم فشرط لهم أنهم أحرار فنزل إليه خمسة عشر عبدا من عبيد ثقيف فأعتقهم ثم جاء سادتهم بعدهم مسلمين فسألوا رسول الله ﷺ أن يردهم إليهم فقال هم أحرار لا سبيل عليهم ولم يردهم وإذا وجد الرجل من أهل الحرب على قارعة الطريق بغير سلاح وقال جئت رسولا مبلغا قبل منه ولم نعرض له فإن ارتيب به أحلف فإذا حلف ترك وهكذا لو كان معه سلاح وكان منفردا ليس في جماعة يمتنع مثلها لأن حالهما جميعا يشبه ما ادعيا ومن ادعى شيئا يشبه ما قال لا يعرف بغيره كان القول قوله مع يمينه وإذا أتى الرجل من أهل الشرك بغير عقد عقد له المسلمون فأراد المقام معهم فهذه الدار لا تصلح إلا لمؤمن أو معطى جزية فإن كان من أهل الكتاب قيل له إن أردت المقام فأد الجزية وإن لم ترده فارجع إلى مأمنك فإن استنظر فأحب إلى أن لا ينظر إلا أربعة أشهر من قبل أن الله عز وجل جعل للمشركين أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر وأكثر ما يجعل له أن لا يبلغ به الحول لأن الجزية في الحول فلا يقيم في دار الإسلام مقام من يؤدي الجزية ولا يؤديها وإن كان من أهل الأوثان فلا تؤخذ منه الجزية بحال عربيا كان أو أعجميا ولا ينظر إلا كإنظار هذا وذلك دون الحول وإذا دخل قوم من المشركين بتجارة ظاهرين فلا سبيل عليهم لأن حال هؤلاء حال من لم يزل يؤمن من التجار وإذا دخل الحربي دار الإسلام مشركا ثم أسلم قبل يؤخذ فلا سبيل عليه ولا على ماله ولو كان جماعة من أهل الحرب ففعلوا هذا كان هذا هكذا ولو قاتلوا ثم أسروا فأسلموا بعد الإسار فهم فيء وأموالهم ولا سبيل على دمائهم للإسلام فإذا كان هذا ببلاد الحرب فأسلم رجل في أي حال ما أسلم فيها قبل أن يؤسر أحرز له إسلامه دمه ولم يكن عليه رق وهكذا إن صلى فالصلاة من الإيمان أمسك عنه فإن زعم أنه مؤمن فقد أحرز ماله ونفسه وإن زعم أنه ﷺ صلاته وأنه على غير الإيمان كان فيئا إن شاء الإمام قتله وحكمه حكم أسرى المشركين قال الشافعي رضي الله عنه ولو أن قوما من أهل دار الحرب لجئوا إلى الحرم فكانوا ممتنعين فيه
صفحة : 1563
أخذوا كما يؤخذون في غير الحرم فنحكم فيهم من القتل وغيره كما نحكم فيمن كان في غير الحرم فإن قال قائل وكيف زعمت أن الحرم لا يمنعهم وقد قال رسول الله ﷺ في مكة هي حرام بحرمة الله لم تحلل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ولم تحلل لي إلا ساعة من نهار وهي ساعتها هذه محرمة قيل إنما معنى ذلك والله أعلم أنها لم تحلل أن ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها فإن قال ما دل على وصفت قيل أمر النبي ﷺ عند ما قتل عاصم بن ثابت وخبيب 1 وابن حسان بقتل أبي سفيان في داره بمكة غيلة إن قدر عليه وهذا في الوقت الذي كانت فيه محرمة فدل على أنها لا تمنع أحدا من شيء وجب عليه وأنها إنما يمنع أن ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها والله أعلم الحربي يدخل دار الإسلام بأمان ويشتري عبدا مسلما قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما فلا يجوز فيه إلا واحد من قولين أن يكون الشراء مفسوخا وأن يكون على ملك صاحبه الأول أو يكون الشراء جائزا وعليه أن يبيعه فإن لم يظهر عليه حتى يهرب به إلى دار الحرب ثم أسلم عليه فهو له إن باعه أو وهبه فبيعه وهبته جائزة ولا يكون حرا بإدخاله إياه دار الحرب ولا يعتق بالإسلام إلا في موضع وهو أن يخرج من بلاد الحرب مسلما كما أعتق النبي ﷺ من خرج من حصن ثقيف مسلما فإن قال قائل أفرأيت إن ذهبنا إلى أن النبي ﷺ إنما أعتقهم بالإسلام دون الخروج من بلاد الحرب قيل له قد جاء النبي ﷺ عبد مسلم ثم جاءه سيده يطلبه فاشتراه النبي ﷺ منه بعبدين ولو كان ذلك يعتقه لم يشتر منه حرا ولم يعتقه هو بعد ولكنه أسلم غير خارج من بلاد منصوب عليها حرب ID ' ' يتوقف فيه إلا جاهل غبي. والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف كما حكاه الكسائي وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري فينبغي أن يتوقف فيه إذ ليس في كلامه تصريح بنقله نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب. وطعن بعضهم في حكاية الكسائي ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله
صفحة : 1564
عبد الحربي يسلم في بلاد الحرب قال الشافعي رضي الله عنه ولو أسلم عبد الحربي في دار الحرب ولم يخرج منها حتى ظهر المسلمون عليها كان رقيقا محقون الدم بالإسلام الغلام يسلم قال الشافعي رضي الله عنه وإذا أسلم الغلام العاقل قبل أن يحتلم أو يبلغ خمس عشرة سنة وهو للذمي ووصف الإسلام كان أحب إلي أن يبيعه وأن يباع عليه والقياس أن لا يباع عليه حتى يصف الإسلام بعد الحلم أو بعد استكمال خمس عشرة سنة فيكون في السن التي لو أسلم ثم ارتد بعدها قتل وإنما قلت أحب إلي أن يباع عليه قياسا على من أسلم من عبيده 1 أجبره على بيعه وهو لم يصف الإسلام وإنما جعلته مسلما بحكم غيره فكأنه إذا وصف الإسلام وهو يعقله في مثل ذلك المعنى أو أكثر منه وإن كان قد يخالفه فيحتمل الأول أن يكون قياسا كان صحيحا وهذا قياس فيه شبهة في المرتد قال الشافعي رحمة الله عليه وإذا ارتد الرجل عن الإسلام ولحق بدار الحرب أو هرب فلم يدر أين هو أو خرس أو عته أوقفنا ماله فلم نقض فيه بشيء وإن لم يسلم قبل انقضاء عدة امرأته بانت منه وأوقفنا أمهات أولاده ومدبريه وجميع ماله وبعنا من رقيقه مالا يرد عليه وما كان بيعه نظرا له ولم يحلل من ديونه المؤجلة شيء فإن رجع إلى الإسلام دفعنا إليه ماله كما كان بيده قبل ما صنع فإن مات أو قتل قبل الإسلام فماله فيء يخمس فتكون أربعة أخماسه للمسلمين وخمسه لأهل الخمس فإن زعم بعض ورثته أنه قد أسلم قبل أن يموت كلف البينة فإن جاء بها أعطى ماله ورثته من المسلمين وإن لم يأت بها وقد علمت منه الردة فماله فيء وإن قدم ليقتل فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وقتله بعض الولاة الذين لا يرون أن يستتاب بعض المرتدين فميراثه لورثته المسلمين وعلى قاتله الكفارة والدية ولولا الشبهة لكان عليه القود وقد خالفنا في هذا بعض الناس وقد كتبناه في كتاب المرتد وإذا عرضت الجماعة لقوم من مارة الطريق وكابروهم بالسلاح فإن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا المال نفوا من الأرض ونفيهم أن يطلبوا فينفوا من بلد إلى بلد فإذا ظفر بهم أقيمت عليهم أي هذه
صفحة : 1565
الحدود كان حدهم ولا يقطعون حتى يبلغ قدر ما أخذ كل واحد منهم ربع دينار فإن تابوا من قبل أن يقدر عليهم سقط عنهم مالله من هذه الحدود ولزمهم ما للناس من مال أو جرح أو نفس حتى يكونوا يأخذونه أو يدعونه فإن كانت منهم جماعة ردءا لهم حيث لا يسمعون الصوت أو يسمعونه عزروا ولم يصنع بهم شيء من هذه الحدود ولا يحد ممن حضر المعركة إلا من فعل هذا لأن الحد إنما هو بالفعل لا بالحضور ولا التقوية وسواء كان هذا الفعل في قرية أو صحراء ولو أعطاهم السلطان أمانا على ما أصابوا 2 كان ما أعطاهم عليه الأمان من حقوق الناس باطلا ولزمه أن يأخذ لهم حقوقهم إلا أن يدعوها ولو فعلوا غير مرتدين عن الإسلام ثم ارتدوا عن الإسلام بعد فعلهم ثم تابوا أقيمت عليهم تلك الحدود لأنهم فعلوها وهم ممن تلزمهم تلك الحدود ولو كانوا ارتدوا عن الإسلام قبل فعل هذا ثم فعلوه مرتدين ثم تابوا لم نقم عليهم شيئا من هذا لأنهم فعلوه وهم مشركون ممتنعون قد ارتد طليحة فقتل ثابت ابن أفرم وعكاشة بن محصن بيده ثم أسلم فلم يقد منه ولم يعقل لأنه فعل ذلك في حال الشرك ولا تباعة عليه في الحكم إلا أن يوجد مال رجل بعينه في يديه فيؤخذ منه ولو كانوا ارتدوا ثم فعلوا هذا ثم تابوا ثم فعلوا مثله أقيمت عليهم الحدود في الفعل الذي فعلوه وهم مسلمون ولم تقم عليهم في الفعل الذي فعلوه وهم مشركون قال وللشافعي قول آخر في موضع آخر إذا ارتد عن الإسلام ثم قتل مسلما ممتنعا وغير ممتنع قتل به وإن رجع إلى الإسلام لأن المعصية بالردة إن لم تزده شرا لم تزده خيرا فعليه القود قال الربيع قياس قول الشافعي أنه إذا سرق العبد من المغنم فبلغت سرقته تمام سهم حر وأكثر فكان ربع دينار وأكثر أنه يقطع لأنه يزعم أنه لا يبلغ بالرضخ للعبد سهم رجل فإذا بلغ سهم رجل والذي بلغه بعد سهم رجل ربع دينار أو أكثر من السهم بربع قطع قال الشافعي رحمه الله تعالى وإذا ارتد العبد عن الإسلام ولحق بدار الحرب ثم أمنه الإمام على أن لا يرده إلى سيده فأمانه باطل وعليه أن يدفعه إلى سيده فلو حال بينه وبين سيده بعد وصوله إليه فمات في يديه ضمن لسيده قيمته وكان كالغاصب وإن لم يمت كان لسيده عليه أجرته في المدة التي حبسه عنه فيها وإذا ضرب الرجل بالسيف ضربة يكون في مثلها قصاص اقتص منه وإن لم يكن فيها قصاص فعليه الأرش ولا تقطع يد أحد إلا السارق وقد ضرب صفوان بن المعطل حسان بن ثابت بالسيف ضربا شديدا على عهد رسول الله ﷺ فلم يقطع صفوان وعفا حسان بعد أن برأ فلم يعاقب رسول الله ﷺ صفوان وهذا يدل أن لا عقوبة
صفحة : 1566
على من كان عليه قصاص فعفى عنه في دم ولا جرح وإلى الوالي قتل من قتل على المحاربة لا ينتظر به ولي المقتول وقد قال بعض أصحابنا ذلك قال ومثله الرجل يقتل الرجل من غير نائرة واحتج لهم بعض من يذهب مذاهبهم بأمر المحدر بن زياد ولو كان حديثه مما نثبته قلنا به فإن ثبت فهو كما قالوا ولا أعرفه إلى يومي هذا ثابتا وإن لم يثبت فكل مقتول قتله غير المحارب فالقتل فيه إلى ولي المقتول من قبل أن الله جل وعلا يقول ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وقال عز وجل فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف فبين في حكم الله عز وجل أنه جعل العفو أو القتل إلى ولي الدم دون السلطان إلا في المحارب فإنه قد حكم في المحاربين أن يقتلوا أو يصلبوا فجعل ذلك حكما مطلقا لم يذكر فيه أولياء الدم وإذا كان ممن قطع الطريق من أخذ المال ولم يقتل وكان أقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى والحكم الأول في يده اليمنى ورجله اليسرى ما بقي منهما شيء لا يتحول إلى غيرهما فإذا لم يبق منهما شيء يكون فيه حكم تحول الحكم إلى الطرفين الآخرين فكان فيهما ولا نقطع قطاع الطريق إلا فيما تقطع فيه السراق وذلك ربع دينار يأخذه كل واحد منهم فصاعدا أو قيمته وقطع الطريق بالعصا والرمي بالحجارة مثله بالسلاح من الحديد وإذا عرض اللصوص لقوم فلا حد إلا في فعل وإن اختلفت أفعالهم فحدودهم بقدر أفعالهم من قتل منهم وأخذ المال قتل وصلب ومن قتل منهم ولم يأخذ مالا قتل ولم يصلب ومن أخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف ومن كثر جماعتهم ولم يفعل شيئا من هذا قاسمهم ما أصابوا أو لم يقاسمهم عزر وحبس وليس لأولياء الذين قتلهم قطاع الطريق عفو لأن الله جل وعز حدهم بالقتل أو القتل والصلب أو القطع ولم يذكر الأولياء كما ذكرهم في القصاص في الآيتين فقال عز وجل ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا وقال في الخطأ فدية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا وذكر القصاص في القتلى ثم قال عز وجل فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف فذكر في الخطأ والعمد أهل الدم ولم يذكرهم في المحاربة فدل على أن حكم قتل المحارب مخالف لحكم قتل غيره والله أعلم قال الشافعي كل ما استهلك المحارب أو السارق من أموال الناس فوجد بعينه أخذ وإن لم يوجد بعينه فهو دين عليه يتبع به قال وإن تاب المحاربون من قبل أن نقدر عليهم سقط عنهم ما لله عز وجل من الحد ولزمهم ما للناس من حق فمن قتل منهم دفع إلى أولياء المقتول فإن شاء عفا وإن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية حالا من مال القاتل ومن جرح منهم
صفحة : 1567
جرحا فيه قصاص فالمجروح بين خيرتين إن أحب فله القصاص وإن أحب فله عقل الجروح فإن كان فيهم عبد فأصاب دما عمدا فلولي الدم بالخيار بين أن يقتله أو يباع له فتؤدى إليه دية قتيله إن كان حرا وإن كان عبدا فقيمة قتيله فإن فضل من ثمنه شيء رد إلى مالكه فإن عجز عن الدية لم يضمن مالكه شيئا وإن كان كفافا للدية فهو لولي القتيل إلا أن يشاء مالك العبد إذا عفى له عن القصاص أن يتطوع بدية الذي قتله عبده أو قيمته وإذا كانت في المحاربين امرأة فحكمها حكم الرجال لأني وجدت أحكام الله عز وجل على الرجال والنساء في الحدود واحدة قال الله تبارك وتعالى الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وقال والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ولم يختلف المسلمون في أن تقتل المرأة إذا قتلت وإذا أحدث المسلم حدثا في دارالإسلام فكان مقيمآ بها ممتنعا أو مستخفيا أو لحق بدار الحرب فسأل الأمان على إحداثه فإن كان فيها حقوق للمسلمين لم ينبغ للإمام أن يؤمنه عليها ولو أمنه عليها فجاء طالبها وجب عليه أن يأخذه بها وإن كان ارتد عن الإسلام فأحدث بعد الردة ثم استأمن أو جاء مؤمنا سقط عنه جميع ما أحدث في الردة والامتناع. قد ارتد طليحة عن الإسلام وثنيأ وقتل ثابت بن أقرم وعكاشة بن محصن ثم أسلم فلم يقد بواحد منهما ولم يؤخذ منه عقل لواحد منهما وإنما أمر الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام فقال: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ولم أعلم أمر بذلك في أحد من أهل الإسلام. فإن قال قائل: فلم لا تجعل ذلك في أهل الإسلام الممتنعين كما تجعله في المشركين الممتنعين قيل: لما وصفنا من سقوط ما أصاب المشرك في شركه وامتناعه من دم أو مال عنه وثبوت ما أصاب المسلم في امتناعه مع إسلامه فإن الحدود إنما هي على المؤمنين لا على المشركين ووجدت الله عز وجل حد المحاربين وهم ممتنعون كما حد غيرهه وزادهم في الحد بزيادة ذنبهم ولم يسقط عنهم بعظم الذنب شيئآ كما أسقط عن المشركين. وإذا أبق العبد من سيده ولحق بدار الحرب ثم استأمن الإمام عى أن لا يرده على سيده فعليه أن يرده على سيده. وكذلك لوقال: على أنك حر كان عليه أن يرده إلى سيده وأمان الإمام في حقوق الناس باطل. وإذا قطع الرجل الطريق على رجلين أحدهما أبوه أو ابنه وأخذ المال فإن كان ما أخذ من حصة الذي ليس بأبيه يبلغ ربع دينار فصاعدا قطع كان مالهمما مختلطا أو لم يكن لأن أحدهما لا يملك بمخالطته مال غيره إلا مال نفسه فإن استيقنا أن قد وصل إليه ربع دينار من غير مال أبيه أو ابنه قطعناه. وإذا قطع أهل
صفحة : 1568
الذمة على المسلمين حدوا حدود المسلمين وإذا قطع المسلمون. على أهل الذمة حدوا حدودهم لو قطعوا على المسلمين إلا أني أتوقف في أن أقتلهم إن قتلوا أو أضمنم الدية. وإذا سرق الرجل من المغنم وقد حضر القتال - عبدا كان أو حرا - لم يقطع لأن لكل واحد منهما فيه نصيب الحر بسهمه والعبد بما يرضخ له ويضمن. وكذلك كل من سرق من بيت المال وكذلك كل من سرق من زكاة الفطر وهو من أهل الحاجة. ومن سرق خمرا من كتابي وغيره فلا غرم عليه ولا قطع. وكذلك إن سرق ميتة من مجوسي فلا قطع ولا غرم لا يكون القطع والغرم إلا فيما يحل ثمنه فإذا بلغت قيمة الظرف ربع دينار قطعته من قبل أنه سارق لشيئين: وعاء يحل بيعه والانتفاع به إذا غسل وخمر قد سقط القطع فيها ما يكون عليه القطع لو سرق شاتين إحداهما ذكية والأخرى ميتة وكانت قيمة الذكية ربع دينار لم يسقط عنه القطع أن يكون معها ميتة والميتة كلا شيء وكأنه منفرد بالذكية لأنه سارق لهما والله أعلم. تم - بحمد الله وعونه وتوفيقه - الجزء الرابع من كتاب الأم للإمام محمد بن إدريس الشافعي ويليه - إن شاء