كتاب الاعتبار/الباب الأول/أسامة في دمشق

​كتاب الاعتبار
 المؤلف أسامة بن المنقذ
أسامة في دمشق



أسامة في دمشق

(1138 - 1144 م)


فاقتضت الحال مسيري إلى دمشق، ورسل أتابك تتردد في طلبي إلى صاحب دمشق فأقمت فيها ثماني سنين، وشهدت فيها عدة حروب، واجزل لي صاحبها العطية والإقطاع وميزني بالتقريب والإكرام يضاف ذلك إلى اشتمال الأمير معين الدين رحمة الله علي وملازمتي له ورعايته لأسبابي. ثم جرت أسباب أوجبت مسيري إلى مصر، فضاع من حوائج داري وسلاحي مالم أقدر على حمله، فرطت في أملاكي ما كان نكبة أخرى. كل ذلك والأمير معين الدين رحمه الله محسن مجمل كثير التأسف على مفارقتي مقرّ بالعجز عن أمري، حتى انه انفذ إلي كاتبه الحاجب محمود المسترشدي رحمه الله قال والله لو أن معي نصف الناس لضربت بهم النصف الأخر، ولو أن معي ثلثهم لضربت بهم الثلثين وما فارقتك. لكن الناس كلهم قد تمالوا علي ومالي بهم طاقة. وحيث كنت فالذي بيننا من المودة على أحسن حاله. ففي ذلك أقول

معين الدين كم لك طوق منّ
يحيدي مثل أطواق الحمام
يعبدني لك الإحسان طوعاً
وفي الإحسان رقٌ للكرام
فصار إلى مودتك انتسابي
وإن كنت العظامي العصامي
ألم تعلم بأني لانتمائي
إليك رمى سوادي كل رام
ولولا أنت لم يصحب شماسي
لقسر دون إعذارالحسام
ولكن خفت من نار الأعادي
عليك فكنت إطفاء الضرام