كتاب الخزري/المقالة الثانية

​كتاب الرد والدليل في الدين الذليل
أو
كتاب الخزري​
 المؤلف يهوذا اللاوي


<1> ثم إن الخزري كان من أمره ما هو مذكور في تأريخ الخزر من كشفه سر منامه لوزيره، والمنام المتكرر عليه بأن يطلب العمل المرضي عند الله تعالى في جبال ورسان، ومشيهما جميعاً الملك ووزيره إلى الجبال القفرة على البحر، وكيف صادفاً في الليل تلك المغارة التي كان يسبت فيها القوم من اليهود في كل سبت، وكيف تظاهرا إليهم ودخلا في دينهم واختتنا في تلك المغارة، ورجعا إلى بلدهما مصرين بدين اليهود مسترين في السر لاعتقادهما، حتى تلطفا في كشف السر قليلاً قليلاً لأقوام من خواصهم، حتى كثروا وأشهروا ضميرهم، وتقوى على بقية الخزر وأدخلوهم في دين اليهود، واستعدوا العلماء والكتب من البلاد، وتعلموا التوراة، وما كان من نجابتهم وظهورهم على أعاديهم، واستفتاحهم البلاد، وما انكشف لهم من الكنوز وما انتهى إليه عسكرهم من الكثرة إلى مئين آلاف مع حبهم في الدين، وتشوقهم إلى بيت المقدس، حتى أقاموا هية القبة التي أقامها موسى ע"ה وتشريفهم لصرحا بني إسرائيل وتبركهم بهم على ما جاء في تأريخهم.

فلما درس الملك التوراة وكتب الأنبياء، اتخذ ذلك الحبر أستاذاً وجعل يسأله سؤالات عبرانية، فأول ما سأله عن الأسماء والصفات المنسوبة إلى الله، وما يظهر في بعضها من التجسيم على بعد ذلك عند العقل، وكذلك تبعده الشريعة أيضاً بفصيح من القول.

<2> قال الحبر: أسماء الله تعالى جميعاً، حاشا الـמפורש1، هي نعوت وصفات إضافية مأخوذة من انفعالات المخلوقات له بأسباب قضاياه وأقداره، فيسمى רחום2 عند صلاح حال من كان يشفق الناس من سوء حاله فينسبون إلى الله الرحمة والشفقة، وحقها عندنا ضعف نفس وخور طبيعة وليس ذلك في حقه تعالى. بل أنه حاكم عدل، يقضي بفقر إنسان وغنى آخر من غير أن يتغير هو ذاته، فلا يشفق للواحد ولا يغضب على الآخر، وقد نرى مثل هذا في حكام الناس، ترد عليهم المسائل فيقضون بما تقضيه الشريعة، فيسعد قوم وينحس قوم آخرون. فيصير عندنا باعتبار آثاره مرة אל רחום וחנון3 ومرة אל קנא ונוקם4، وهو تعالى لا يتغير من صفة إلى صفة، وبالجملة، فنتقسم الصفات حاشا השם המפורש יתברך 5 إلى ثلثة أقسام، إما تأثيرية، إما إضافية، وإما سلبية. فالتأثيرية مأخوذة من الآثار الصادرة عنه بوسائط طبيعية مثل מוריש ומעשיר משפיל אף מרומם6 وחנון ורחום7 وקנא ונוקם8 וגבור9 وשדי10 وأشباهها. وإما الضافية فمثل ברוך11 وמבורך12 وמהולל13 وקדוש14 وרם15 وנשא16 تؤخذ من تعظيم الناطقين له، وهذه وإن كثرت لا توجب له كثرة ولا تخرجه عن الوحدانية. وإما السلبية فمثل חי17 وאחד18 وראשון19 وאחרון20. وصف بهذه ليسلب عنه أضدادها لا لتثبت له هذه على ما نفهم نحن منها، فإنا لا نفهم نحن حياة إلا بحس وحركة. وقد تعالى عنهما، نصفه بـחי لنسلب صفة الجماد والموات من اجل الوهم الذي يسبق إليه أن ما ليس بحي فهو ميت. وليس يُلزم هذا عند العقل. بل قد تسلب الزمان مثلًا الحياة. وليس يلزم أن يكون ميتًا إذ ليس من شأنه قبول الحياة والموت، كما لا يلزم من قولك ال الحجر ليس هو عالم أن تصفه بأنه جاهل. وكما أن الحجر أقل من أن يقبل العلم والجهل كذلك الذات الإلهية أجل من أن يقبل الحياة والموت، وكما لا يقبل النور والظلمة، وكان لو سئلنا هل تلك الذات نيّرة أو ظلمة لقلنا على مجاز نيرة، مخافة الوهم أن يقول أن ما ليس بنير فهو ظلم. وأما على الحقيقة فلنا أن نقول لا يقبل النور والظلمة إلا الأجسام، والذات الإلهية فليست بجسم، فلا توصف بنور ولا بظلمة إلا بطريق التشبيه أو لسلب الصفة الناقصة، وكذلك لا يقبل الحياة والموت إلا الأجسام الطبيعية، والذات الإلهية منزهة مرفعة عنهما، فإن قيل حياة ليس كحياتنا فهو غرضنا، إذ لم نفهم نحن قط حياة إلا حياتنا، فكأنه قال لا ندري ما هو، فقولنا אל חי21، وאלהים חיים22، إنما هي إضافة مقابلة لصفة معبودات الأمم التي هي אלהים מתים23 لا يصدر عنها فعل. وعلى هذا السبيل أوّله أحد لنسلب عنه الكثرة، لا لنثبت له الوحدة المفهومة عندنا. لأن الواحد عندنا ما اتصلت أجزاؤه وتشابهت، كما تقول عظم واحد وعصبة واحدة وما واحد وهو واحد، وتقول في الزمان على طريق التشبيه بالجسم المتصل، يوم واحد، وسنة واحدة. والذات الإلهية منزهة عن الإتصال والانفصال، فنقول واحد لنسلب الكثرة. وكذلك ראשון24 لنسلب عنه التأخر، لا لنثبت له الإبتداء. وكذلك אחרון25 لنسلب عنه الفناء لا لنثبت له الإنتهاء. وجميع هذه الصفات ليست لازمة للذات ولا تتكثر بها. وأما الصفات المتعلقة بـשם המפורש יתברך26، فهي الإختراعية دون وسائط طبيعية، مثل יוצר وבורא وעושה נפלאות גדולות לבדו، يعني بمجرد قضائه إرادته دون واسطة سبب آخر. ولعل هذا أراد بقوله וארא אל אברהם וגו' באל שדי، يعني بطريق القوة والغلبة كما قال לא הניח איש לעשקם ויוכח עליהם מלכים. ولم يخترع لهم معجزة كما اخترع لـמשה27. فقال ושמי ה' לא נודעתי להם. أراد ובשמי ה'. لأن الباء في באל שדי تنوب عنها. ففعل مع משה28 وישראל29 ما لم يبق شكًا في النفوس أن خالق الدنيا هو خالق تلك الأشياء إختراعًا مقصودًا أوليׁا مثل מכות מצרים وקריעת ים סוף والـמן والـעמוד ענן وغير ذلك ليس لجلالتهم على אברהם30 יצחק31 وיעקב32 بل لأنهم جماعة والشك في نفوسهم. والـאבות33 في غاية من الإيمان ونقاء الصدور حتى لو لم يلقوا أبدًا إلا الشر لما اختل إيمانهم بالله. فلم يحتج معهم إلى هذا. ونسميه تعالى חכם לבב لأنه ذات عقل. وهو العقل وليس العقل صفة له. وأما אמיץ כח فمن الصفات التأثرية.

<3> قال الخزري: كيف تفعل في الصفات التي هي أجسم من هذه مثل רואה وשומע وמדבר وכותב את הלוחות وיורד על הר סיני وשמח במעשיו وמתעצב אל לבו؟

<4> قال الحبر: ألم أشبهه لك بقاضٍ عدل لا انحراف في أخلاقه فيصدر عن قضاياه إظهار قوم وإسعادهم فيسمى محبًا فيهم فارحًا بهم. ويقضي على آخرين بهدم ديارهم وتعفيه آثارهم فيوصف بضد هذا أنه مبغض فيهم غاضب عليهم. وأنه لا يخفي عليه شيء مما يفعل ولا مما يقال فهو רואה وשומע. وأنه تنفعل لإرادته الهواء وسائر الأجسام فتتشكل بأمره كما تشكلت السماوات والأرض. فيسمى מדבר وכותב. وكذلك يتشكل من الجسم اللطيف الروحاني الذي يسمى רוח הקודש الصور الروحانية المسماة כבוד ה'. ويتسمى مجازًا بـה'، وينزل إلى הר סיני34. وسنوسعه بيانًا إذا تكلمنا في العلوم.

<5> قال الخزري: هب أنك تتخلص في جميع الصفات حتى لا توجب كثرة فما الذي يخلصك من صفة الإرادة تنسبها إليه تعالى، والفيلسوف ينفيها عنه.

<6> قال الحبر: قد قاربنا التخلص أن لم يعارضنا بأكثر من الإرادة، نقول له يا أيها الفيلسوف ما الأمر الذي صير عندك السماوات أبدًا دائرة والفلك الأعلى حامل الجميع ولا مكان له ولا ميل في حركاته، وكرة الأرض مركوزة واقفة في وسطه دون ميل ولا سند. وصير نظام الكل على ما هو عليه من الكمية والكيفية والأشكال، ولا بد لك من الإقرار بذلك الأمر إذ لا تخلق الأشياء أنفسها ولا بعضها بعضًا، ذلك الأمر صير الهواء متشكلًا في الإسماع بالعشر كلمات، وصير الخط منقوشًا في الألواح فسمه إرادةً أو أمرًا أو كيف شئت.

<7> قال الخزري: قد تبين سر الصفات واندرج لي فهم معنى כבוד ה' وמלאכות ה' وשכינה.

<8> قال الحبر: إنها أسماء واقعة على أشياء مرئية عند الأنبياء كما يقال עמוד ענן ואש אוכלת ועב וערפל ואש ונוגה، كما يقول عن الضوء في الجدوات والعشوات وفي يوم جيم إن الضوء شعاع من قبل الشمس، وعلى أنها محجوبة، ويقال إن النور والشعاع من ذات الشمس، وليس كذلك، لكن الأجسام هو المنفعلة بمقابلتها فتستنير بها. كذلك الـכבוד شعاع نور إلهي ينفع عند قومه في أرضه.

<9> قال الخزري: قولك «عند قومه» قد تبين لي، وأما قولك «في أرضه» فيشق علي قبوله.

<10> قال الحبر: لا يشق قبول اختصاص أرض من جملة الأرضين وأنت ترى مواضع ينجب فيها نبات دون نبات، ومعادن دون معادن، وحيوان دون حيوان. ويختص أهله بصور وخلاق دون غيرهم، بتوسط المزاج، فإن بحسب المزاج يكون كمال النفس ونقصانها.

<11> قال الخزري: لكن لست أسمع عن ساكني الشام فضيلة على سائر الناس.

<12> قال الحبر: كذلك جبلكم هذا تقولون إنه ينجب فيه الكرم، لو لم تغرس فيه الدوالي وتفلح الفلاحة الذي ينبغي لها لم يثمر عنبًا، فالخصوصية الأولى للقوم الذين هم الصفوة واللباب كما ذكرت. ثم للأرض في ذلك معونه مع الأعمال والشرائع المقترنة بها التي هي كالفلاحة للكرم، لكن لا يصح لهذه الخاصة الإتصال بأمرٍ إلهيٍ في غير هذا الموضع، كما يصح للكرم النجابة في غير هذا الجبل.

<13> قال الخزري: وكيف ذلك وقد نبي من אדם הראשון35 إلى משה36 في غير ذلك الموضع، אברהם37 في אור כשדים38، وיחזקאל39 وדניאל40 في בבל41، وירמיהו42 في מצרים43.

<14> قال الحبر: كل من نبئ إنما نبأ فيها أو من أجلها. فنبئ אברהם44 ليمضي إليها. وיחזקאל45 وדניאל46 من أجلها. وقد كانا حضرًا في בית ראשון47 والـשכינה48 التي بحضورها كان يرقى إلى النبوة كل من استعد لها من الصفوة. وأما אדם הראשון فهي كانت تربته وفيها مات على ما نقل إلينا أن في الـמערה أربعة זוגות، אדם وחוה، وאברהם وשרה، وיצחק وרבקה، وיעקב وלאה. وهي الأرض المسماة לפני ה'، المقول عنها תמיד עיני ה' אלהיך בה. وعليها وقع التغاير والتحاسد بين הבל وקין أولًا لما أرادا أن يعلما من منهما المقبول ليكون خليفة آدم وصفوة ولبابه فيرث الأرض متصلًا بالأمر الإلهي، ويكون غيره كالقشور، فجرى ما جرى من قتل הבל، وبقي الملك عقيمًا، وقيل ויצא קין מלפני ה' يعني من تلك الأرض التي كانوا فيها، فكان נע ונד בארץ، وقال هو הן גרשת אתי היום מעל פני האדמה ומפניך אסתר. وكما قيل ויקם יונה לברוח תרשישה מלפני ה'. إنما هرب من موضع النبوة، فرده الله إليها من بطن الحوت، ونباه فيها. ولما ولد שת متشابهًا لآدم كما قيل ויולד בדמותו כצלמו، صار مكان הבל كما قيل כי שת לי אלהים זרע אחר תחת הבל כי הרגו קין. واستحق أن يتسمي בן אלהים مثل آدم واستحق تلك الأرض التي هي رتبة دون גן עדן، وعليها وقع تحاسد יצחק وישמעאל، حتى دفع ישמעאל قشرًا وأن قيل فيه הנה ברכתי אותו והפרתי אותו והרבתי אותו במאד מאד بالسعادة الدنيائية، ولكن قيل بعده ואת בריתי אקים את יצחק كناية عن اتصال الأمر الإلهي به وسعادة الآخرة، فليس لـישמעאל ברית ولا لـעשו وإن سعدوا. وعلى هذه الأرض وقع التحاسد بين يعقوب والعيس في البكورة والبركة، حتى اندفع עשו على قوته أمام יעקב على ضعفه. وأما نبوة ירמיהו بـמצרים فبها ومن أجلها. وكذلك نبوة משה وאהרן وמרים. وأما סיני وפארן فكلها من حدود الشام. لأنها دون ים סוף، كما قال تعالى ושתי את גבולך מים סוף ועד ים פלשתים וממדבר עד הנהר. فالـמדבר هو מדבר פארן وهو המדבר הגדול והנורא ההוא حدها في الجنوب. وהנהר هو פרת حدها في الشمال. وفيها الـמזבחות التي للآباء التي أجيبوا فيها بالنار السماوية والنور الإلهي. وقد كانت עקידת יצחק في جبل قفر وهو הר המוריה ثم كشف الغيب في أيام דוד وهو معمور، بأنه الموضع الخاص المهيا للـשכינה، وארונה היבוסי يفلح ويحرث فيه كما قال ויקרא אברהם את שם המקום ההוא ה' יראה אשר יאמר היום בהר ה' יראה. وأفصح في דברי הימים أن בית המקדש مبني في הר המוריה، فهناك لا محالة المواضع التي تستحق أن تسمى أبواب السماء. ألا ترى יעקב كيف لم ينسب الروي التي رآها إلى صفاء نفسه ولا إلى دينه وحسن يقينه، لكن نسبها إلى المكان كما قال ויירא ויאמר מה נורא המקום הזה. وقال عنه قبل ذلك ויפגע במקום. يعني الموضع الخاص، وألا ترى كيف نقل אברהם من بلدة لما نجب ووجب اتصاله بالأمر الإلهي وهو لب تلك الصفوة إلى الموضع الذي فيه يتم كماله، كما يجد الفلاح أصل الشجرة طيبة الثمر في برية من الأرض فينقلها إلى أرض مخدومة من شأنها أن ينجب فيها مثل ذلك الأصل فيربيه هناك فيصير بستانيًا بعد أن كان بريًا، ويصير كثيرًا بعد أن كان قليلًا، لا يوجد إلا متى اتفق وحيث اتفق. هكذا صارت النبوة في نسله في الشام كثر أهلها طول بقائهم مع القرائن المعينة من الطهارات والعبادات والقرابين، لا سيما بحضور الـשכינה. لأن الأمر الإلهي كالمرتقب لمن يستحق أن يتصل به فيصير له إلهًا، كالأنبياء والأولياء. كما أن العقل مرتقب لمن كملت طبائعه واعتدلت نفسه وأخلاقه أن يحل فيه على الكمال كالفلاسفة، كما أن النفس مرتقبة لمن كملت قواه الطبيعية كمالًا مستعدًا لفضيلة أزيد فتحل فيه كالحيوان كما أن الطبيعة مرتقبة للمزاج المتعادل في كيفيته لتحله فيصير نباتًا.

<15> قال الخزري: هذه جمل علم تحتاج إلى تفصيل ليس نحن الآن بسبيله، وسأسألك عنه في موضع العلم، فصل كلامك في فضائل ארץ ישראל49.

<16> قال الحبر: إنها كانت موقوفة لهداية المعمور مقررة لأسباط بني إسرائيل منذ تفرقت الألسن كما قال בהנחל עליון גוים. ولم يصح لـאברהם ليتصل بأمرٍ إلهي وأن يتعاهد ويتعاقد معه إلا بعد حصوله في هذه الأرض في مشهد בין הבתרים. فما ظنك بجملة صفوة استحقوا اسم עם ה' وفي أرض خاصة تسمت נחלת ה' في أوقات مفروضة من عنده تعالى لا مصطلح عليها ولا مأخوذة من علوم النجوم ولا غير ذلك بل ما يتسمى מועדי ה' مع طهارات وعبادات وكلمات وأفعال مقدرة من عنده تتسمى מלאכת ה' ועבודת ה'.

<17> قال الخزري: بهذا الإنتظام ينبغي أن يظهر כבוד ה'.

<18> قال الحبر: ألم تر كيف التزمت الأرض إسباتًا كما قال שבת הארץ، ושבתה הארץ שבת לה'. ولا يباح تبائعها بتاتًا كما قال כי לי הארץ. وأعلم أن מועדי ה' وשבתות ה' إنما تتعلق بـנחלת ה'.

<19> قال الخزري: أليس الأيام مفروضة الابتداء من الصين لأنها أول المشرق للمعمورة؟

<20> قال الحبر: هل ابتدأ السبت إلا מסיני ومن אלוש قبله حيث نزل المن أولًا وإلا فهل يدخل السبت إلا على من غابت له الشمس بعد סיני على تدريج إلى آخر الغرب ثم إلى ما تحت الأرض ثم إلى الصين الذي هو شرق المعمورة فيسمى السبت للصين بعد ארץ ישראל تمانية عشر ساعة، إذ الشام كالوسط للمعمورة، فغروب الشمس للشام هو نصف الليل للصين. ونصف النهار للشام هو غروب الشمس للصين. وهذا هو سر الـקביעות التي هي مبنية على י"ח שעות كما قال נולד קודם חצות בידוע שנראה סמוך לשקיעת החמה، والقصد به الشام موضع الشريعة، وهو الموضع الذي فيه أنزل آدم من גן עדן في ليلة السبت، ومنه ابتدأ التاريخ אחר ששת ימי בראשית. وابتدأ آدم يسمي الأيام. فكل ما عمرت الأرض واتصل بنو آدم كان عدهم للأيام على ما أصله آدم. ولذلك لم يختلف الناس في السبعة الأيام الجمعية فلا تعارضني بهؤلاء الذين ابتدأوها من وسط نهار آخر المعمورة في الغرب وهو مجيب الشمس لـארץ ישראל. وفيه خلق النور الأول، ثم الشمس، لأنه كان نورًا وغيب لحينه وصار ليلًا للمعمورة، واتصل النظام بتقدم الليل على النهار كما قال ויהי ערב ויהיה בקר. وكذلك وردت الشريعة מערב עד ערב. ولا تعارضني بهؤلاء المحدثين الراصدين سراق العلم ولا يقصدوا السرقة، لكنهم وجدوا علومًا مشكوكة مذ طمس عين النبوة، فتحكموا وتعقلوا ووضعوا أوضاعًا بحسب ما أعطاهم قياسهم. ومن جملة ذلك أن جعلوا الصين مبتدئ للأيام ضدًا للشريعة، لكن ليس بضد تام، إذ يتفقون مع أهل الشريعة في مبتدئ النهار أنه من الصين، وإنما الخلاف بيننا وبينهم في تقديمنا الليل قبل النهار فيجب أن تكون الـי"ח ساعة أصلًا في تسمية اليوم الجمعي، لأن الشام الذي هو موضع ابتدأ لتسمية الأيام بينه وبين الشمس في وقت ابتدأ التسمية ست ساعات فلا يزال يستمر اسم السبت مثلًا على أول اليوم الذي ابتدأت الشمس الدوران من آخر الغرب وراها آدم غاربة وهو في الشام السمي أول السبت، حتى وصلت إلى سمت رأسه بعد י"ח ساعة وصار غربًا لأول الصين، وسمي هناك أيضًا أول السبت وكان آخر حدود التسمية، لأن ما بعده إنما يتسمى بأنه شرق لمكان المبتدئ للأيام، ولا بد من موضع مشترك يكون آخر غربه وأول شرقه وهو لـארץ ישראל أول المعمورة. وليس هذا بحكم الشريعة فقط لكن بحكم الطبيعة أيضًا، فإنه لا يمكن أن تكون الأيام الجمعية مسماة تسمية واحدة بعينها للمعمورة كلها إلا بأن نفرض موضعًا يكون مبدأ للتسمية، وموضعًا مقاربًا لا أن يكون بعضه شرقًا لبعض، بل بعضه شرقًا محضًا وبعضه غربًا محضًا، وإلا فلا يتم للأيام تسمية محصلة إذ كل موضع من دائرة وسط الأرض مشارق ومغارب معًا، فتصير الصين شرقًا للشام وغربًا لأسفل الأرض، وأسفل الأرض شرقًا للصين وغربًا للغرب، والغرب شرقًا لأسفل الأرض وغربًا للشام، فلا شرق ولا غرب ولا ابتداء ولا انتهاء ولا أسماء محصلة للأيام، فالنظام المذكور أعطى أسماء محصلة للأيام من أرض الشام، لكن للتسمية عرض على كل حال إض لا يمكن تحصيل الآفاق نقطةً نقطةً من الأرض، فإن في ירושלם بعينها مشارق ومغارب كثيرة، وإن مشرق ציון مثلًا غير مشرق בית המקדש، ودوائر آفاقها مختلفة بالحقيقة التي لا تدركها الحواس، فضلًا عن دمشق من ירושלם، فلا بد من القول بأن سبت دمشق قبل سبت ירושלם، وسبت ירושלם قبل سبت מצרים، فلا بد الإقرار بالعرض. فالعرض الذي تختلف فيه الأقطار في تسمية يوم بعينه هو י"ח ساعة لا أكثر ولا أقل، يسمى أهل هذا القطر سبتًا، وقد خرج أهل قطر آخر عن السبت القطر بعد القطر حتى تتم י"ח من الوقت الذي ابتدأت فيه تسمية السبت حين تصير الشمس على سمت الشام، وتخف التسمية عن ذلك اليوم، وليس يبقى أحد ممن يسمى ذلك اليوم، يبتدئ بتسمية اليوم الذي يليه فلهذا قيل נולד קודם חצות בידוע שנראה סמוך לשקיעת החמה، كأنه قال נולד קודם חצות יום שבת בירושלם בידוע שנראה ביום שבת סמוך לשקיעת החמה، وذاك أن اسم يوم שבת استمر الـי"ח ساعة بعد انفصال تسمية موضع الإبتداء حتى عادت الشمس إلى سمت الشام بعد يوم وليلة ووجب ظهور الهلال لمن كان في أول الصين في عشية يوم السبت، واتفق مع قولهم צריך לילה ויום מהחדש. وقد ارتفع اسم السبت عن المعمورة، وابتدأ اسم الأحد وعلى أن الشام قد خرجت عن اسم السبت وصارت في وسط يوم الأحد، فإنما الغرض الإسم الجمعي الشائع في المعمورة ليقال لمن في الصين ولمن في الغرب في أي يوم عيدتم ראש השנה، فيقولوت السبت مثلًا، وعلى أن أحدهما قد كان خرج عن العيد إذ كان في العيد الآخر بإضافة مواضعهما إلى الشام. وأما بتسمية الأيام الجمعية فقد عيدا في يوم واحد بعينه. فقد تعلق علم שבתות ה' وמועדי ה' بالأرض التي هي נחלת ה'، إلى ما قد قرأته من تسميتها وהר קדשו وהדום רגליו وשער השמים وכי מציון תצא תורה. وما كان ما حرص الآباء على سكناهم فيها وهي بأيدي עובדי עבודה זרה، وشوقهم إليها، وحمل عظامهم إليها مثل יעקב وיוסף، ورغبة משה في رؤيتها ومُنع من ذلك فكان حرمانًا، ثم عرضت عليه من ראש הפסגה فكان أمتنانًا، وما كان من رغبة الأمم من فارس والهند ويونان وغيرهم أن يقرب عنهم ويدعي لهم في ذلك البيت المعظم، وما بذلوا من أموالهم على ذلك المكان وأن اعتقدوا نواميس آخر لما لم يقبلهم الناموس الحق، وما لها اليوم من التعظيم على عدم السكينة الظاهرة عنها، وأن جميع القبائل يحج إليها ويحرف عليها حاشانا لتعذيرنا وتعذيبنا، وما ذكر الأحبار من فضلها مما يطول.

<21> قال الخزري: أسمعني من ذلك ما حضرك من نكتها.

<22> قال الحبر: من ذلك قولهم הכל מעלין לארץ ישראל ואין הכל מורידין. وحكمهم على المرأة إذا أبت عن المسير مع زوجها لـארץ ישראל תצא בלא כתובה. وبعكس ذلك إذا أبى الرجل المسير مع المرأة لـארץ ישראל יוציא ויתן כתובה. وقولهم לעולם ידור אדם בארץ ישראל ואפילו בעיר שרובה גוים ואל ידור בחוצה לארץ ואפילו בעיר שרובה ישראל، שכל הדר בארץ ישראל דומה למי שיש לו אלוה، וכל הדר בחוצה לארץ דומה למי שאין לו אלוה. וכן הוא אומר בדוד כי גרשוני היום מהסתפח בנחלת ה' לאמר לך עבוד אלהים אחרים. לומר לך כל הדר בחוצה לארץ כעובד עבודה זרה. وقد جعلوا لـמצרים فضيلة على سائر البلاد، وحكموا على سائر البلاد מקל וחומר وقالوا ומה מצרים שנכרתה עליה ברית אסור، שאר ארצות לא כל שכן. ومن قولهم כל הקבור בארץ ישראל כאלו קבור תחת המזבח. ويحمدون من مات فيها أكثر ممن حمل إليها ميتًا، لقولهم אינו דומה קולטתו מחיים כקולטתו לאחר מיתה، بل قالوا فيمن كان يمكنه سكناها ولا يسكنها ثم أمر أن يُحمل إليها بعد موته، בחייכם ונחלתי שמתם לתועבה، במיתתכם ותבואו ותטמאו את ארצי. وبلغ من حرج ר' חנניה إذ سئل هل يجوز لـפלוני أن يمضي לחוצה לארץ ליבם زوجة أخيه، أن قال אחיו נשא גויה ברוך המקום שהרגו הוא ירד אחריו. ومن تحريمهم بيع عقار لـנכרי وتحريمهم بيع نقض الدار وتركها خرابة. وما يتعلق من قولهم אין דנין דיני קנסות אלא בארץ ישראל. وإلا يخرج العبد إلى חוצה לארץ. وغير ذلك كثير. وقولهم אוירה דארץ ישראל מחכים. ومن تحبيبهم الأرض قالوا כל המהלך ארבע אמות בארץ ישראל מובטח לו שהוא בן העולם הבא. وقال ר' זירא للـמין المعترض عليه اقتحامه جواز أولوادي في غير مخاصة حرصًا على الوجاز لـארץ ישראל، דוכתא דמשה ואהרן לא זכו ליה מי ימר דזכינא ליה.

<23> قال الخزري: إنك إذن مقصر في حق شريعتك، إذ لا توم هذا المكان وتجعله دار حياتك ومماتك وأنت تقول רחם על ציון כי היא בית חיינו، وتعتقد أن الـשכינה راجعة إليها، ولو لم يكن لها من الفضيلة إلا بقاء الـשכינה بها طول خمس مائة عامًا لكان للنفوس سكون إليها وخلوص فيها، كما يعرضنا في مواضع الصالحين والأنبياء، فكيف وهي שער השמים. وقد اتفقت الأمم على ذلك، فعند النصارى إن النفوس إليها تحشر، ومنها يعرج بها إلى السماء. وعند الإسلام إنها موضع المعراج، ومن هناك عرج بالأنبياء إلى السماء. وهو موضع الحشر يوم القيامة. وهي للجميع قبلة وحج. وإن سجودك وركوعك نحوها إما رأي وإما عبادة دون فكرة. وقد كان آباؤكم الأولون يختارونها مسكنًا على مواضع منشأهم، ويختارون الغربة فيها أكثر من أهلية في مكانهم. هذا وكانت حينئذٍ لا تسكنها سكينة ظاهرة، بل هي مملوة من الدنآت والدنس وعبادات الأوثان، وهم لا أمل لهم غير لزومها ولا يخرجون منها في أواقت الجلاء والجوع إلا بإذن من عند الله تعالى ثم يرغبون في حمل عظامهم إليها.

<24> قال الحبر: لقد وبختني يا ملك الخزر وهذا الذنب هو الذي منع من تمام وعد الله في בית שני في قوله רני ושמחי בת ציון، فقد كان الأمر الإلهي مستعدًا ليردها كأول مرة لو أجابوا كلهم للانصراف وتطيب نفوسهم، وإنما استجاب بعضهم، وبقي أكثرهم وأشرفهم في בבל راضين بالذمة والعبودية ولا يفارقون مساكنهم وأحوالهم. ولعل فيهم لغز שלמה قوله אני ישנה לבי ער، كنّى بالنوم عن الـגלות، وبنباهة القلب عن بقاء النبوة بينهم، קול דודי דופק دعوة الله لهم للرجوع. שראשי נמלא טל كناية عن الـשכינה الخارجة عن ظل الـמקדש. وقال פשטתי את כתנתי كناية عن كسلهم عن الإجابة للرجوع. وقال דודי שלח ידו מן החור إلحاح עזרא وנחמיה والأنبياء ע"ס، حتى أجاب بعضهم إجابة غير موفاة فأعطوا بقدر نيتهم، فجأت الأمور مقصرة بتقصيرهم. فإن الأمر الإلهي إنما يتمكن من المر بقدر استعداده له، إن كان قليلًا فقليل وإن كان كثيرًا فكثير. فلو استعددنا للقاء رب آبائنا بالنية الخالصة لساعدنا منه ما ساعد الآباء بمصر، فما نطقنا השתחוו להר קדשו، وהשתחוו להדום רגליו، המחזיר שכינתו לציון، وغير ذلك، إلا كنطق الزرزور الببغاء لا نحصل ما نقول في هذا ولا في غيره كما قلت يا أمير الخزر.

<25> قال الخزري: كفاني هذا من هذا الغرض، وأريد أن تقرب لي ما قرأته في القرابين مما يشق على العقول قبوله، كقوله את קרבני לחמי לאשי ריח ניחחי، يقول عن القرابين أنها قرابين الله وطعامه وشمامه.

<26> قال الحبر: إن قوله לאשי يسهل كل صعب. يقول إن ذلك القربان واللحم والـריח ניחח المنسوبة لي إنما هي לאשי، يعني النار المنفعلة عن أمره تعلى التي طعامها القرابين. ثم يأكل الـכהנים بقية نصيبها. وأما الغرض فحسن النظام ويحله الملك حلول تشريف لا حلول تمكن وضع، مثال الأمر الإلهي النفس الناطقة الحالة في بدن طبيعي بهيمي لما اعتدلت طبائعه وانتظمت قواه الريسة والمروسة انتظامًا مستعدًا لحال أشرف من حال البهائم، استحق حلول الملك العقلي عنده ليهديه ويرشده ويصحبه مهما بقي ذلك النظام. فإذا فسد النظام فارقه فيخيل للجاهل أن العقل محتاج إلى المأكل والمشارب والأرياح لما يراه باقيًا ببقائها مفارقًا بمفارقتها، وليس كذلك. لكن الأمر الإلهي جواد يريد الخير بالكل، فمتى انتظم شيء واستعد لقبول تدبيره لم يمنعه ولا توقف عن الإفاضة عليه نورًا وحكمةً وإلهامًا. ومتى انخرم نظامه لم يقبل ذلك النور فكان فساده، ويتنزه الأمر الإلهي عن أن يدركه خلال أو اختلال. فجميع ما هو في סדר עבודה من الخدمة والقرابين والتباخير والأغاني والمأكل والمشارب على غاية من التطهير والتقديس يقال فيه עבודת ה' وלחם אלהיך وغير ذلك. إنما هي كناية عن رضائه عن حسن النظام في الأمة والأئمة وقبوله ضيافتهم مثلًا وحلوله عندهم تشريفًا لهم وهو المقدس المنزه عن الإلتذاذ بطعامهم وشرابهم، وإنما طعامهم لأنفسهم كما أن هضم المعدة والكبد إذا صلح ثم صلح صفوة في القلب، وصفو الصفو في الروح، صلح القلب والروح والدماغ بذلك الغذاء. وصلحت أيضًا آلات الهضم وسائر الأعضاء بالأرواح السائرة إليها من الشريانات والعصب والعروق الساكنة، وبالجملة صلح المزاج باسره وكان مستعدّا لقبول تدبير النفس الناطقة التي هي جوهر مفارق يقارب جوهر الملائكة المقول عنهم די מדרהון עם בשרא לא איתוהי. فيحل البدن حلول رياسة وسياسة لا حلول مكان، وهي ليس يأكل من ذلك الغذاء شيءً لأنه منزه عنه فالأمر الإلهي لا يحل إلا نفسًا قابله للعقل، والنفس لا ترتبط إلا بروح حار غريزي. والروح الغريزي لا بد له من ينبوع به يرتبط ارتباط اللهيب برأس الفتيل، ومثال الفتيل هو القلب، والقلب محتاج إلى مادة دم. والدم لا يتكون إلا بآلات الهضم، فاحتاج إلى المعدة والكبد وخوادمها، وكذلك احتاج القلب إلى الرئة والحلق والأنف والحجاب والعضل المحرك لعضل الصدر لخدمة التنفس، لتعديل مزاج القلب بالهواء الداخل والدخان الخارج، واحتاج لنفي فضلات الغذاء إلى آلات من قوى دافعة وآلات البراز والبول، فكان الجسد من جميع ما ذكرنا واحتاج إلى ما ينقل الجسد من مكان إلى مكان لطلب ما يحتاج إليه وللنفور مما يضره، وإلى آلات تغلب إليه وتدفع عنه، فاحتاج إلى اليدين والقدمين، واحتاج إلى مشؤورين مميزين منذرين بما يخاف ويرجئ، محصلين لما كان، مدونين مذكرين بالسلاف ليحذر عن مثله في المستأنف أو ليرجأ فاحتاج إلى الحواس الظاهرة والباطنة. وكان الرأس محلها بتأييد القلب وإمداده. فصار البدن كله منتظمًا نظامًا واحدًا راجعًا إلى تدبير القلب الذي هو المحل الأول للنفس وإن حلت الدماغ فحلولًا ثانيًا بتوسط القلب.

وهكذا انتظمت الملة الحية الإلهية كقول יהושע בזאת תדעון כי אל חי בקרבכם. انفعلت النار لإرادة الله عند رضائه عن الملة، فكانت علامة القبول لضيافتهم وهديتهم. لأن النار ألطف وأشرف ما تحت فلك القمر من الأجسام، فكان محلها دسم شحوم القرابين وقتارها ودخان البخورات والأدهان على معهود النار أنها لا تعلق إلا بالدسم والدهن كالحرارة الغريزية التي تعلق باللطيف الدسم من الدم، فأمر تعالى بـמזבח העולה وמזבח הקטרת والـמנורה ثم الـעולות وקטרת הסמים وשמן המאור وשמן המשחה. أما מזבח העולה فلتتصل به النار الظاهرة المشهورة. وמזבח הזהב فلنار هي أخفى وألطف. وأما الـמנורה فليتصل بها نور الحكمة والإلهام. والـשלחן ليتصل به الخصب والخيرات الجسدية كما قال الـחכמים הרוצה שיחכים ידרים، הרוצה שיעשיר יצפין. وكل هذا كرامة للـארון والـכרובים التي هي بمنزلة القلب والرئة مرفرفة عليه وأحتيج لهذه الآلات وخوادم مثل כיור וכנו وמלקחים وמחתות وקערות وכפות وמנקיות وסירות وמזלגות، وغير ذلك. واحتيج إلى ما يصونها המשכן והאהל ומכסהו وصيانة للكل חצר המשכן وآلاته. حتى أحتيج حملة لهذه الجملة فاختار الله لذلك بني לוי لأنهم المقربون لا سيما من وقت العجل إذ قيل ויאספו אליו כל בני לוי، فاختار لأشرفهم وهي אלעזר أشرف الأشياء وألطفها كما قيل ופקדת אלעזר בן אהרן הכהן שמן המאור וקטרת הסמים ומנחת התמיד ושמן המשחה. هذه التي تعلق بها النار اللطيفة ونور الحكمة والإلهام، نعم ونور النبوة بالـאורים وبالـתמים. ولأشرف طوائف الـלוים بعده وهم بني קהת حمل الأعضاء الباطنة הארון והשלחן והמנורה והמזבחות וכלי הקדש אשר ישרתו בהם. وفيهم قيل כי עבודת הקדש עליהם בכתף ישאו. كما ليس للأعضاء الباطنة عظام تعين في حملها بل القوى والأرواح تحملها مع تعلقها بما يلاصقها. ولمن دونهم بني גרשון حمل الأعضاء اللينة الخارجة مثل יריעות המשכן ואהל מועד מכסהו ומסכה התחש אשר עליו מלמעלה. ولمن دونهم بني מררי حمل الأعضاء الصلبة קרסיו קרשיו בריחיו עמודיו ואדניו. واعينت الطبقتان في حملها بالعجل بحسب حملها שתי העגלות לגרשון, וארבע העגלות למררי כפי עבודתם. وكل ذلك بترتيب ونظام حكمي إلهي. ولست أجزم ولا أقطع وعياذًا بالله أن الغرض من هذه الخدمة هذا النظام الذي أقوله، بل ما هو أخفى وأعلى وأنها شريعة من عند الله. ومن قبلها قبولًا تامًّا دون أن يتعقل فيها ولا يتحكم فهو أفضل ممن تعقل وبحث. لكن من زهق عن تلك الدرجة العالية إلى البحث فالأبشه أن يوجه فيها وجه الحكمة من أن يتركها لظنون سوء وشكوك مؤديه إلى الـהלכה.

<27> قال الخزري: لقد أغربت يا حبر في تشبيهك إلا أن الرأس وحواسه لم أسمع لها تشبيهًا ولا لـשמן המשחה.

<28> قال الحبر: نعم إن أصل العلم مودع في الـארון الذي هو بمنزلة القلب وهي العشر كلمات وفروعها وهي الـתורה إلى جانبه كما قال ושמתם אתו מצד ארון ברית ה' אלהיכם. فمن هناك ينفرع العلمان علم الشريعة وحملتها الـכהנים، وعلم الوحي وحملته الـנביאים، وهم كانوا بمنزلة المشؤورين المميزين المنذرين للأمة المدونين المؤرخين فهم رأس الأمة.

<29> قال الخزري: فأنتم اليوم جسد بلا رأس وبلا قلب.

<30> قال الحبر: بل أنا كما قلت نعم ولا جسد، لكن أعضاء مفرقة بمنزلة העצמות היבשות التي رآها יחזקאל. ولكن يا ملك الخزر هذه العظام التي بقي لها طبع من طبائع الحيوان وقد كانت آلات لقلب ورأس وروح ونفس وعقل خير من أجساد مصورة من الرخام والغص برؤوس وأعين وآذان وجميع الآلات ولم يلحقها قط روح حياة ولا يمكن أن يحل بها وإنما هي تشبيه وتصوير كالإنسان وليست بإنسان.

<31> قال الخزري: هو كما تقول.

<32> قال الحبر: إن الملل الأموات التي رامت أن تتشبه بالملة الحية لم تقدر على أكثر من التشبيه الظاهر أقامت بيوتًا لله فلم يظهر لله فيها أثر، تزهدت وتنسكت ليظهر عليها الوحي فلم يظهر، ففسقت وعصت وطغت فلم ينزل بها نار سماوية ولا وباء فجاءه ليحقق أنه عقاب من الله على ذلك العصيان، أصيب قلبهم أعني ذلك البيت الذي يستقبلونه فلم تتغير حالهم، وإنما تتغير حالهم حسب كثرتهم وقلتهم وقوتهم وضعفهم واختلافهم وإئتلافهم على طريق الطبيعة والإتفاق. ونحن متى أصيب قلبنا الذي هو بيت المقدس فقد تلفنا، الذي إذا جبر فقد جبرنا كنا في قلة أو في كثرة وعلى أي حال اتفق، لأن مؤلفنا الإله الحي، وهو مالكنا وماسكنا في هذه الحال على ما نحن عليه من الفرق والتشتت.

<33> قال الخزري: نعم لا يتوهم مثل هذا التفرق على أمة إلا وتستحيل إلى أمة أخرى لا سيما مع طول هذه المدة، وكم أمة تلفت كالت بعدكم، ولم يبق لها ذكر، אדום وמואב وעמון وארם وפלשת وכשדים وמדי وפרס وיון والبرهامة والصابة وغيرهم كثير.

<34> قال الحبر: ولا تظن مساعدتي لك في القول إقرارًا مني بأنا بمنزلة الأموات بل لنا اتصال بذلك الأمر الإلهي بالشرائع التي جعلها صلة بيننا وبينه، كالختانة المقول فيها והיתה בריתי בבשרכם לברית עולם. والسبت المقول فيه כי אות היא ביני וביניכם לדורותיכם. حاشا ברית אבות وברית الـתורה التي ألزمها مرة في חורב وثانية في ערבות מואב، مع الوعد والوعيد المقرونين بها في פרשת כי תוליד בנים וג' وما اندرج فيها من قوله تعالى אם יהיה נדחן בקצה השמים וגו'. כי אל רחום ה' אלהיך וגו' ومثل פרשת והיה כי יבואו עליך וג' ושבת עד ה' אלהיך וג'. وשירת האזינו، وغير ذلك فلسنا بمنزلة الميت. لكنا بمنزلة المريض المدخول الذي يئس الأطباء من بريه، ويطمع في ذلك من طريق المعجزات وخرق العادات كقوله התחינה העצמות האלה. وكالمثل المضروب في הנה ישכיל עבדי. من قوله לא תאר לו ולא הדר. וכמסתר פנים ממנו يعني أنه من سماجة الظاهر وقبح المنظر بمنزلة الأشياء القذرة التي يستقذر الإنسان إليها فيستر وجهه عنها. נבזה וחדל אישים איש מכאובות וידוע חולי.

<35> قال الخزري: وكيف يكون هذا مثلًا لـישראל وهو يقول אכן חליינו הוא נשא. وישראל إنما حلّ بهم ما حلّ بسبب ذنوبهم.

<36> قال الحبر: إن ישראל في الأمم بمنزلة القلب في الأعضاء أكثرها أمراضًا وأكثرها صحةً.

<37> قال الخزري: زدني بيانًا.

<38> قال الحبر: القلب فيه أمراض متصلة تتداوله من هموم وغموم وحذر وحقد وعداوات وحب وبغض وأخواف ومزاجة مع الإيحان في تقلب وتغير من نفس زائد أو ناقص فضلًا عن غذاء ردي أو مشروب ردي، والحركات والرياضات والنوم واليقظة كلها تؤثر فيه وغيره من الأعضاء في الرفاهية.

<39> قال الخزري: قد تبين كيف هو أكثر الأعضاء مرضًا فكيف هو أكثرها صحةً؟

<40> قال الحبر: أيمكن أن يتمكن منه خلط يحدث فيه فلغموني وسرطان وثولوله وقرحة وخدر واسترخاء كما يتمكن في سائر الأعضاء.

<41> قال الخزري: لا يمكن ذلك لأن بأيسر من هذا يكون الموت ولأن القلب بذكاء حسه لصفو دمه وكثرة روحه يشعر بأدنى سبب موذ فيدفع عن نفسه مهما بقي له رفق للدفع، وغيره لا يشعر شعوره فيتمكن فيه الخلط حتى تتمكن منه هذه الأمراض.

<42> قال الحبر: فشعوره وحسه هو غالب كثرة الأمراض إليه وهو السبب في اندفاعها عنه في أول حلولها قبل أن تتمكن.

<43> قال الخزري: نعم.

<44> قال الحبر: والأمر الإلهي منا بمنزلة النفس من القلب ولذلك قال רק אתכם ידעתי מכל משפחות האדמה על כן אפקוד את כל עונותיכם. هذه الأمراض. وأما الصحة فكقول العلماء מוחל לעונות עמו מעביר ראשון ראשון. لأنه لا يترك عليها ذنوبًا كثيرة متركبة فتسبب هلاكنا بالأبتات كما فعل بالـאמורי إذ قال כי לא שלם עון האמורי עד הנה. وتركه حتى تمكن مرض ذنوبه فقتله. فكما أن القلب من عنصره وجوهره صاف معتدل المزاج تتصل به النفس الناطقة كذلك ישראל من جهة عنصرهم وجوهرهم وكما يلحق القلب من سائر الأعضاء أمراض من شهوة الكبد والمعدة والأنثين من سوء مزاجهما كذلك نال ישראל الأمراض من تشبههم بالأمم كما قيل ויתערבו בגוים וילמדו מעשיהם. فلا يستبعد أن يقال في مثل هذا אכן חליינו הוא נשא ומכאובינו סבלם. فصرنا متكلفين. والعالم في دعة وراحة والبلايا الحالة بنا سبب لصلاح ديننا وخلوص الخالص منا وخروج الزيف عنا فبخلوصنا وبصلاحنا يتصل الأمر الإلهي بالدنيا كما علمت أن العناصر انساقت ليكون منها المعادن ثم النبات ثم الحيوان ثم الإنسان ثم صفوة آدم، فالكل مناسق من أجل تلك الصفوة ليتصل بها الأمر الإلهي. وتلك الصفوة من أجل صفوة الصفوة كالأنبياء والأولياء. وبذلك أطرد قول القائل תן פחדך ה' אלהינו על כל מעשיך. ثم תן כבוד לעמך. ثم צדיקים יראו וישמחו. لأنهم صفوة الصفوة.

<45> قال الخزري: لقد نبهت وشبهت ولقد أحسنت في التنبيه والتشبيه. لكن كان ينبغي أن نرى منكم العباد والزهاد أكثر منهم في غيركم.

<46> قال الحبر: لقد يعز على نسيانك ما وطأته عندك من الأصول وأقررت أنت بها، ألم نتفق أنه لا يتقرب إلى الله إلا بأعمال مأمور بها من عند الله، أتظن التقرب هو الخشوع والتذلل وما جرى مجراهما.

<47> قال الخزري: نعم مع العدل هكذا أظن قرأته في كتبكم كما قيل ומה ה' אלהיך שואל מעמך כי אם ליראה את ה' אלהיך וגו' ומה ה' אלהיך דורש ממך وغير ذلك كثير.

<48> قال الحبر: هذه وأمثالها هي النواميس العقلية وهي التوطئة والمقدمة للشريعة الإلهية متقدمة لها بالطبع وبالزمان، لا بد منها في سياسة أي جماعة كانت من الناس حتى جماعة اللصوص لا بد فيها من التزام العدل فيما بينهم وإلا لا تدوم صحبتهم. ولما بلغ عصيان ישראל إلى حد تسهلوا بالشرائع العقلية والسياسية التي لا بد منها لكل جماعة كما لا بد لكل فراد من الأمور الطبيعية من أكل وشرب وحركة وسكون ونوم ويقظة، وتمسكوا مع هذا بالعبادات من القرابين وغير ذلك من الشرائع الإلهية السمعية قنع منهم بالدون وقيل لهم يا ليت لو حافظتم على الشرائع التي يلتزمها أقل الجماعات وأدونها من لزوم العدل والخير والإقرار بفضل الله لأن الشريعة الإلهية لا تتم إلا بعد كمال الشريعة السياسية والعقلية. وفي الشريعة العقلية لزوم العدل والإقرار بفضل الله فمن فاته هذا كيف له بالقرابين والسبت والختانة وغير ذلك مما لم يوجبه العقل ولا ينفيه وهي الشرائع التي بها خصوا ישראל زیادة على العقليات وبها حصل لهم فضل الأمر الإلهي فلم يدروا كيف وجبت هذه الشرائع كما لم يدروا كيف اتفق أن ينزل כבוד ה' بينهم وאש ה' אכלת قرابينهم، وكيف سمعوا خطاب الرب وكيف جرى لهم كل ما جرى مما لا تحتمله العقول لولا العيان والمشاهدة التي لا مدفع فيها، فلمثل هذا قيل لهم ומה ה' דורש ממך وעולותיכם ספו על זבחיכם وغير ذلك مما أشبهه، أيمكن أن يقتصر الإسرائيلي على עשות משפט وאהבת חסד ويختصر الـמילה والسبت وسائر الشرائع ويفلح.

<49> قال الخزري: لا، بحسب ما قدمته، وإنما يصير على رأي الفلاسفة رجلًا فاضلًا ولا يبالي بأي وجه تقرب بالتهود أو بالتنصر أو غير ذلك أو بما يخترعه لنفسه. وقد رجعنا إلى التعقل والقياس والتحكم ويصير جميع الناس مجتهدين موجودين على التشرع بما أدى إليه قياسهم وهذا محال.

<50> قال الحبر: فالشريعة الإلهية لا تتعبدنا بالتزهد لكن بالإعتدال وإعطاء كل قوة من قوى النفس والبدن نصيبها بالعدل دون إسراف لأن الإسراف في قوة واحدة تقصير عن أخرى، فمن مال مع قوة الشهوة قصر عن قوة الفكر، وبالعكس. ومن مال مع الغلبة قصر عن غيرها، فليس طول الصيام عبادة لمن كان خامل الشهوات ساقطها ضعيف البدن، بل التنعم هنا نقض وحذر. ولا التقلل من المال عبادة إذا اتفق حلالًا هينًا لا يشغله اكتسابه عن العلم والعمل، لا سيما لمن كان ذا عيل وبنين وأمال في نفقات ترضى الله. بل التكثر أولى به. وبالجملة فشريعتنا مقسمة بين الـיראה والـאהבה والـשמחה. تتقرب إلى ربك بكل واحدة منها. فليس خشوعك في أيام الـתענית بأقرب من الله من فرحك في שבתות و ימים טובים إذا كان فرحك عن فكرة ونية. فكما أن الـתחנונים محتاجة إلى فكرة ونية. كذلك الفرح بأمره وشريعته يحتاج إلى فكرة ونية لتفرح بنفس الشريعة محبة في مشرعها. وترى ما فضلك به وكأنك في ضيافته مدعو إلى مائدته ونعمه تشكر على ذلك إضمارًا وإظهارًا. وإن تخطى بك الطرب إلى حد الغناء والرقص فرحًا منك بالشريعة خاصة كان ذلك الغناء والرقص عبادة وصلة بينك وبين الأمر الإلهي. وهذا الأمور أيضًا لم تتركها شريعتنا مهملة بل مضبوطة، إذ ليس في وسع البشر تقسيط مصالح قوى الأنفس والأبدان وتقرير ما تغل الأرض حتى تعطل في שמטה وיובל ويعطى منها الـמעשר وغير ذلك. ففرض عطلة السبت وعطلة الأعياد وعطلة الأرض والكل זכר ליציאת מצרים وזכרון למעשה בראשית. لأن الأمرين متقارنان لأنهما انقضيا بمجرد الإرادة الإلهية لا بإتفاق ولا بطبيعة وكما قال تعالى: כי שאל נא לימים ראשונים וגו'. השמע עם קול אלהים וגו'. הנסה אלהים וגו'. فصار التحفظ بالسبت هو بعينه الإقرار بالربوبية. لكن كأنه إقرار بنطق عملي لأن من اعتقد السبت من إن فيه كان الفراغ من מעשה בראשית فقد أقر بالحدث لا شك. وإن أقر بالحدث أقر بالمحدث الصانع تعالى. ومن لم يعتقده وقع في شكوك القدم ولم يصف اعتقاده لخالق العالم تعالى، فالتحفظ بفرائض السبت أقرب إلى الله من التعبد والتزهد والإنقطاع. فانظر كيف صار الأمر الإلهي المرتبط بـאברהם ثم بجمهور صفوته وبالأرض المقدسة يساوق الأمة درجةً درجةً ويحافظ على النسل حتى لا يشذ منهم شاذ ويضعهم في أحفظ مكان وأطيبه وأخصبه وينميهم ذلك النمو المعجزي حتى ينقلهم ويغرسهم في التربة المشاكلة للصفوة فتسمى بـאלהי אברהם وאלהי הארץ كما تسمى יושב הכרובים وיושב ציון وשוכן ירושלים تشبيهًا لهذه المواضع بالسماوات كما قيل היושבי בשמים. ولظهر نوره في هذه كظهور نوره في السماء لكن بواسطة قوم يستحقون قبول ذلك النور فهو يفيضه عليهم ويتسمى ذلك منه אהבה. وهي التي رسمت لنا وفرضت علينا أن نعتقدها ونسبح ونشكر عليها في אהבת עולם אהבתנו. لنتصور الإبتداء منه لا منا كما نقول في خلقه الحيوان مثلًا أنه لم يخلق نفسه. لكن الله صوره وأتقنه إذ رأى مادة تصلح لتلك الصورة. كذلك كان هو تعالى المبادر المبتدئ لإخراجنا من مصر لنكون له عسكرًا ويكون لنا ملكًا. كما قال אני ה' אלהיכם המוציא אתכם מארץ מצרים להיות לכם לאלהים. بل قد قال أيضًا ישראל אשר בך אתפאר.

<51> قال الخزري: لقد تجاوز القول ههنا تجاوزًا عظيمًا وتسامحت الخطابة تسامحًا كثيرًا إن يكون الخالق يفتخر ببشر.

<52> قال الحبر: هل كنت تستسهل ذلك في خلقة الشمس؟

<53> قال الخزري: نعم لعظيم آثارها لأنها بعد الله السبب في الكون وبها ومن أجلها ينتظم الليل والنهار وفصول السنة، وتتكون المعادن والنبات والحيوان، وبنورها الباهر يكون الأبصار والألوان المبصرة، فكيف لا يكون خلقها فخرًا لخالقها عند الناطقين؟

<54> قال الحبر: أوليس نور البصائر ألطف وأشرف من نور الأبصار أولم يكن أهل الأرض في عمي وطغيان قبل بني إسرائيل حاشا الأفراد الذين ذكرناهم. فقوم يقولون أن لا خالق، بل لا جزء من العالم أحق بأن يكون مخلوقًا من أن يكون خالقًا فالكل قديم. وقوم يقولون إن الفلك هو القديم وخالق الكل فيعبدونه. وقوم يدعون بأن النار هي ذات النور والأفعال القوية العجيبة وهي التي ينبغي أن تعبَد وأن النفس نار. وقوم يعبدون غير ذلك من شمس وقمر وكواكب وصور حيوانات يتعلقون بصور الفلك. وقوم يعبدون ملوكهم أو علماءهم، وكلهم يصفق أنه لا يظهر في العالم أثر وفعل خارج عن العادة والطبيعة. حتى المتفلسفون الذين لطف نظرهم وصفاء رأيهم وأقروا بسبب أول لا يشبه الأشياء وليس كمثله، أحالوا بقياسهم أن يكون له أثر في العالم لي سيما في الجزئيات، التي ينزهونه ويرفعونه عن أن يدريها فضلًا عن أن يحدث فيها حدثًا، حتى صفت تلك الجملة التي الستحقت حلول النور عليها وقضى المعجزات لها وخرق العادات، وظهر عيانًا أن للدنيا مالكًا وحافظًا وضابطًا، يعلم ما دق وما غل، ويجازي على الخير والشر. فصارت هداية للقلوب وكل ما جاء بعدها لم يقدر أن يشذ عن أصولها، حتى صارت اليوم المعمورة كلها مقرة بالقدم لله والحدث للعالم، وبرهانهم على ذلك بنو إسرائيل وما قضى لهم وما انقضى عليهم.

<55> قال الخزري: إن هذا لفخر عظيم، ومن البيان لسحر، وبحق قيل לעשות לו שם עולם ותעשה לך שם כהיום הזה وלתהלה ולשם ולתפארת.

<56> قال الحبر: ألم تر كيف وطأ דוד في مدح الـתורה إذ قدم وصف الشمس في השמים מספרים כבוד אל. فوصف عموم نورها وصفاء جرمها وقوام طريقها وجمال مناظرها، وأتبع ذلك بقوله תורת ה' תמימה وما يتبعه، كأنه يقول لا تعجبوا من هذه الأوصاف لأن الـתורה أظهر وأبهر وأشهر وأرفع وأنفع، ولوا بني إسرائيل لم تكن الـתורה، نعم ولم يفضلوا من أجل משה بل إنما فضل משה من أجلهم، لأن الـאהבה إنما كانت في الجمهور זרע אברהם יצחק ויעקב، واختيار משה لتوصيل الخير إليهم على يديه. فنحن لا نتسمى بأمة משה، بل أمة الله كما قيل עם ה'، وעם אלהי אברהם. فليس دليل الأمر الإلهي تدقيق الألفاظ ورفع الحواجب وأخفى سواد العين والتكثير بالتحنين والتضرع والحركات والأقوال التي ليس وراءها أفعال، لكن النيات الخالصة التي دليلها أفعال من شأنها أن تشق على الإنسان، لكن يفعلها بغاية الحرص والمحبة كالقصد إلى الموضع الخاص من أي موضع كان، والحج ثلث مرات في السنة، وما يتبع ذلك من الشقاء والنفقات، وهي يمتثله بغاية الفرح والإبتهاج وكإخراج מעשר ראשון وמעשר שני وמעשר עני، والـראיון، وترك غلات في الـשמטה والـיובלים. ونفقات السبوت والأعياد وعطلتها، وإعطاء الـבכורים والـבכורות وמתנות כהונה وראשית הגז وראשית עריסותיכם، حاشا الـנדרים والـנדבות، وحاشا كل ما يلزمه على كل זדון وكل שגגה، والـשלמים، وما يلزمه من الـקרבנות على الأعراض التي تطرأ عليه من النجاسات، وعلى كل ولادة تكون عنده، وكل זיבות وكل צרעת، وغير ذلك كثير. كل ذلك بأمر الله تعالى لا تعقل ولا تحكم، ولا في قدرة البشر تقدير هذا مترتبًا متناسبًا لا يخاف دخول الخلل منه كأنه قسط ישראל وقدرهم وقدر غلات أرض الشام نباتًا وحيوانًا وقدر שבט לוי وأمر في الـמדבר بهذه النسب علماء منه بأن هذه النسبة إذا انتظمت بقوى ישראל بوفرهم ولم ينقص الـלוים شيء، ولم يصل الأمر إلى ضعف שבט أو משפחה بما جعل أيضًا من انصراف الكل في سنة الـיובל كما كان في السنة الأولى من قسمة الأرض إلى تفاصيل ودقائق تضيق الصحف عنها يرى من تدبرها أنها ليست من تدابير بشري، سبحان مدبرها، לא עשה כן לכל גוי ומשפטים בל ידעום. وبقي هذا النظام في الدولتين نحو ألف وثلث مائة عامًا ولو استقام القوم لبقي כימי השמים על הארץ.

<57> قال الخزري: إنكم اليوم في حيرة من هذه اللوازم العظيمة وأي أمة تقدر على حرز هذا النظام؟

<58> قال الحبر: الجماعة التي رقيبها ومعاقبها ومثيبها للحين في ما بينها أعني الـשכינה ألا ترى قول יהושע: לא תוכלו לעבוד את ה' כי אלהים קדושים הוא וגו'. هذا وقد كانت جماعته من التحفظ في حد لم يوجد فيهم عاص في حرم יריחו أكثر من עכן في جملة أكثر من ست مائة ألف، ثم كان من العقاب للوقت على جماعة ما كان، وما كان من عقوبة مريم والـצרעת، وعقوبة עזה، وعقوبة נדב وאביהוא، وعقوبة אנשי בית שמש כי ראו בארון ה'. وقد كان من معجزات الـשכינה أن يظهر السخط اليسير على ذنوب ما للوقت في الحيطان وفي الثياب. وإذا قوى ظهر في الأبدان على منازل من القوة والضعف. والـכהנים موقوفون لهذا العلم الدقيق ولتمييز ما منه إلهي فينتظر به الأسابيع كما انتظر في مريم، وما منه مزاجي متمكن وغير متمكن وهي علم غريب حث عليه تعالى השמר בנגע הצרעת לשמור מאד ולעשות ככל אשר יורו אתכם הכהנים הלוים וגו'.

<59> قال الخزري: هل عندك في هذا بعض إقناع وتقريب؟

<60> قال الحبر: قد قلت لك إن لا مناسبة بين عقولنا والأمر الإلهي وينبغي أن لا نروم تعليل مثل هذه العظائم. لكني أقول بعد الإستغفار والتبري من القطع أنه كذلك أنه ربما تعلقت الـצרעת والـזיבות من نجاسة الميت لأن الموت هو الفساد الأعظم، والعضو الأبرص كالميت، والمني الفاسد كذلك لأنه كان ذا روح طبيعي متهيئ ليكون نطفة ويتكون منه إنسان ففساده مضاد لخصوصية الحياة والروح، وليس يدرك مثل هذا الفساد للطافته إلا ذوو الأرواح اللطيفة والأنفس الشريفة التي تعلق بالإلهية بالنبوة أو الرؤية الصادقة والخيالات المتحققة. نعم وقد وجد قوم ثقلًا في نفوسهم مهما لم يطهروا من جنابتهم وقد جرب أنهم يفسدون بمسهم الأشياء اللطيفة كالنواوير والخمور. وأكثرنا يتغير من قرب الموتى والمقابر. وتشوش نفوسهم مدة في البيت الذي كان فيه الميت. ومن كان غليظ الفؤاد لا يتغير لذلك، كما نرى مثل ذلك في العقليات من يطلب صفاء فكر في العلوم البرهانية، أو صفاء نفس للصلاة والدعاء يجد للأغذية الغليظة ولزيادة المأكول والمشروب ضررًا، وكذلك يجد الضرر من مجالسة النساء وصحبة ذوي الهزل والاشتغال بالاشعار الهزلية الغزلية.

<61> قال الخزري: يقنعني هذا عند تشكك النفس لما ذا ينجس هذا الفضل الجوهري أعني المني وكله روح ما لا ينجس البول والبراز على سماغة رائحته ومنظره مع كثرته. وبقي على צרעת הבגד והבית.

<62> قال الحبر: قد قلت إنها من خصوصيات الـשכינה، فإنها كانت في ישראל بمنزلة الروح في جسد الإنسان، تفيدهم حياة إلهية وتكسبهم رونقًا وجمالًا ونورًا في أنفسهم وأبدانهم وهياتهم ومساكنهم، ومتى انقبضت عنهم سخفت آراؤهم وسمجت أبدانهم وتغير جمالهم وإذا انقبضت عن الأفراد ظهر على شخص شخص آثار انقباض نور الـשכינה عنه، كما ترى أثر انقباض الروح دفعة للفزع والهم يغير البدن ونرى في النساء والصبيان لضعف أرواحهم يعرض في أبدانهم آثار سود وخضر من الخروج بالليل، وينسب ذلك للشياطين، وربما عرض من ذلك ومن رؤية الموتى والقتلى أمراض عسيرة الزوال في البدن والنفس.

<63> قال الخزري: أرى شريعتكم ينطوي فيها كل دقيق وغريب، من العلوم ما ليس كذلك في غيرها.

<64> قال الحبر: بل الـסנהדרין كانوا مكلفين ألا يفوتهم علم من العلوم الحقيقية والتخيلية والإصطلاحية حتى السحر واللغات وكيف يوجد دائمًا سبعون شيخًا عالمًا أن لم تكن العلوم شائعة مبثوثة في الأمة، فمتى ما مات شيخ خلفه آخر مثله. وكيف لا يكون ذلك وكلها محتاج إليها في الشريعة، فالطبيعية منها محتاج إليها في الفلاحة لمعرفة الـכלאים، والتحفظ من الـשביעית والـערלה، وفي تمييز النبات وأنواعه كي تبقى على ما خلقت عليه ولا يختلط نوع بنوع علم دقيق، هل الخندروس مثلًا من نوع الـشعير، أو الـסלת من نوع الـקמח، والقنبيط من نوع الكرنب ومعرفة قوى أصولها، ومقدار امتدادها في الأرض، وما يبقى لسنة أخرى، وما لم يبق ليعلم كم يترك بين نوع ونوع في المكان وفي الزمان. ثم في تمييز أنواع الحيوان لهذا الغرض، وغرض آخر في ما له سم وما لا له سم. ثم معرفة الـטריפות التي هي أدق من كل ما أتى به أرسطاطاليس من معرفة مقاتل الحيوان للإبعاد عن أكل الميتة، وفي القليل الذي بقي عندنا من هذا العلم ما يبهر العقول ثم معرفة العيوب التي من أجلها يتأخر الـכהנים عن الخدمة. وعيوب الحيوان الذي يبعد عن القرابين. ثم في تفرقة أصناف الـזיבות للرجل وللإمرأة وكمية أدوار الـנדות، وفي تفاصيل ذلك علوم لا يقدر عليها البشر بطريق قياسية دون معونة إلهية.

وفي علم الأفلاك ومسيرها ما صار الـעבור بعض نتائجه. وجلالة قانون الـעיבור معلومة، وما تأصل فيه لهذه الأمة الضعيفة المادة القوية الصورة، وكيف لا، وهي غير محسوسة بين الأمم لقلتها وذلتها وتشتتها، وتنظمها بقايا الشريعة الإلهية نظامًا صاروا به كواحد. ومن أغربها الـעיבור بالأصول المنقولة عن בית דוד من תקופת לבנה الذي لم يختل منذ ألف ومئين سنين، وقد اختلت إرصاد الراصدين من יוון وغيرهم، واحتيج فيها إلى إصلاح وزيادات بعد مائة عام. وهذا بقي على صحته لاقترانه بالنبوة. ولو صحبه اختلال في دقيقة في الأصل لكانت اليوم الفضيحة لبعد ما كان يوجد بين الـמולד والـראיה وكذلك لا شك كانت عندهم תקופת חמה وغيرها من الكواكب.

وأما علم الموسيقى فتخيل أمة تفضل الألحان وتوقفها على أجل قومها وهم בני לוי ينتحلون الأغاني في البيت المعظم في الأوقات المعظمة، وقد كفوا طلب المعايش بما يأخذون من العشور، فلا شغل لهم غير الموسيقى، والصناعة معظمة عند الناس كما هي في نفسها لا مهجنة ولا ضائعة، والقوم من شرف العنصر وذكاء الطبع حيث هو، ومن رؤسائهم في الصناعة דוד وשמואל، فما تظن بالموسيقى هل أحكموها أم لا؟

<65> قال الخزري: هناك لا محالة تمت وكملت، وهناك حركت الأنفس كما يقال إنها تنقل النفس من خلق إلى ضده وليس يمكن أن تكون اليوم في نسبة مما كانت إذ صارت هجينة، ويحملها الخدم والمهجورون من الناس، لكنها يا حبر ضاعت على شرفها كما ضعتم على شرفكم.

<66> قال الحبر: وما ظنك بعلوم שלמה وقد تكلم على جميع العلوم بتأييد إلهي وعقلي وغريزي وكان أهل الأرض يقصدونه لينقلوا علومه إلى الأمم، حتى من الهند. فجميع العلوم إنما نقل أصولها وجملها من عندنا إلى الـכשדים أولًا. ثم إلى פרס ומדי ثم إلى יון ثم إلى الروم. ولبعد العهد وكثرة الوسائط لا يذكر في العلوم أنها نُقلت من العبرانية، لكن من اليونانية والرومية والفضل للعبرانية في ذات اللغة وفي ما ضمنت من المعاني.

<67> قال الخزري: وهل للعبرانية فضل إلى اللغات، وهي أكمل وأوسع نرى ذلك عيانًا؟

<68> قال الحبر: عرضها ما عرض حامليها، ضعفت بضعفهم، وضاقت بقلتهم، وهي في ذاتها أشرف نقلًا وقياسًا. أما النقل فإنها اللغة التي أوحى بها إلى אדם وחוה وبها تلافظًا كما يدل على ذلك اشتقاق אדם من אדמה وאשה من איש وחוה من חי وקין من קניתי وשת من שת وנח من ינחמנו مع شهادة التوراة ونقل الكافة إلى עבר إلى נח إلى אדם. وأنها لغة עבר، وبه تسمت عبرانية لأنه بقي عليها وقت الـפלגה وتشتت الألسنة وقد كان אברהם سريانيًا في אור כשדים. لأن السريانية لغة כשדים وكانت له العبرانية لغة خاصة לשון הקדש. والسريانية לשון חול. لذلك حملها ישמעאל إلى العرب العرابة، فصارت هذه الثلث لغات متشابهة السريانية والعربية والعبرانية في أسمائها وأنحياها وتصاريفها. وأما فضلها قياسًا فباعتبار القوم المستعملين لها فيما احتيج إليه من المخاطبة لا سيما مع النبوة الشائعة فيهم والحاجة إلى الوعظ والأغاني والتسابيح، وملوكهم مثل משה وיהושע وדויד وשלמה. أيمكن أن تنقصهم عبارة عند حاجتهم إليها عن شيئ كما تنقصنا نحن اليوم لذهاب اللغة عندنا؟ أرأيت وصف الـתודה للـמשכן والـאפוד والـחשן وغير ذلك إذ احتاج إلى أسماء غريبة؟ ما أكمل ما وجده وما أجمل انتظام الوصف. وكذلك أسماء الأمم وأصناف الطيور والأحجار، واعتبر تسابيح דוד، وشكاوى איוב وجدله مع أصحابه، ووعظ ישעיה ووعده ووعيده وغيرهم.

<69> قال الخزري: غايتك في هذا وغيره أن تسويها مع غيرها من اللغات في الكمال، فأين الفضيلة الزائدة؟ بل يفضلها غيرها بالأشعار المنظومة المنطبقة على الألحان.

<70> قال الحبر: قد تبين أن الألحان مستغنية عن وزن الكلام وأن بالفراغ والملأ يقدر أن يلحن הודו לה' כי טוב بلحن לעושה נפלאות גדולות לבדו. هذا في الألحان ذوات الأعمال. وأما القرضيات المهتوتة الانشادية التي فيها يجمل النظام فاختصرت لفضيلة هي أرفع وأنفع.

<71> قال الخزري: وما هي؟

<72> قال الحبر: لأن المقصود من اللغة تحصيل ما في نفس المخاطب في نفس السامع. وهذا القصد لا يتم على كماله إلا بالمشافهة لأن للمشافهة فضلًا على المكاتبة. وكما قيل מפי סופרים ולא מפי ספרים. لما يستعان بالمشافهة بالوقوف في موضع القطع، والتمادي في موضع الوصل، وبتشديد النطق وتليينه، وبإشارات وبإيماءات من تعجب وسؤال وخبر وترغيب وترهيب وتضرع، وحركان تقصر عنها العبارة الساذجة. وربما استعان المتكلم بحركات عينيه وحواجبه وجملة رأسه ويديه ليفهم السخط والرضا والتضرع والتجبر على المقادير التي يريد. وفي هذه البقايا التي تبقت لنا من لغتنا المخلوقة المخترعة دقائق ولطائف انطبعت فيها لتفهيم المعاني ولتقوم مقام تلك الاستعمالات المشافهية وهي الـטעמים التي يقرأ بها الـמקרא يشكل فيها القطع والوصل ويفصل مواضع السؤال من الجواب والابتداء من الخبر والحفز من التواني والأمر من الرغبة يحتمل أن تؤلف في ذلك تواليف. فمن يكون هذا غرضه فإنه لا محالة يدفع المنظوم. لأن المنظوم لا يمكن إنشاده إلا بطريقة واحدة، فيصل على الأكثر في موضع الفصل، ويقف في موضع الوصل، ولا يمكن التحفظ من هذا إلا عن تكلف كثير.

<73> قال الخزري: بحق دفعت فضيلة سماعية بجنب فضيلة معنوية لأن النظم يلذذ المسموع. وهذا الضبط يحصل المعاني لكني أراكم معشر اليهود ترومون فضيلة النظم وتحكون غيركم من الأمم وتدخلون العبرانية في أوزانها.

<74> قال الحبر: وهذا من تكلفنا وخلافنا، أما كفى أطراحنا لهذه الفضيلة المذكورة إلا أنّا نفسد وضع لغتنا التي وضعت للألفة فنردها للشتات.

<75> قال الخزري: وكيف ذلك؟

<76> قال الحبر: ألم تر مائة رجل يقرون الـמקרא كأنهم شخص واحد، يقطعون في آن واحد ويصلون قراءتهم كواحد؟

<77> قال الخزري: قد اعتبرت ذلك ولم أر مثله في العجم ولا في العرب، ولا يمكن ذلك في إنشاد الشعر، فأخبرني كيف حصلت هذه الفضيلة في هذه اللغة، وكيف أفسدها الوزن؟

<78> قال الحبر: بأن جمع فيها بين ساكنين ولم يجمع فيها بين ثلث حركات إلا تحاملًا فجاء الكلام إلى السكون وأكسب هذه الفضيلة أعني الألفة والنشاط على القراءة وسهل بذلك الحفظ وحصول المعاني في النفس، وأول ما يفسد عروض الشعر أمر هذين الساكنين فيطرح الـמלעיל والـמלרע فيصير אָכְלָה وאׂוכְלָה سواء. אִמְרוּ وאָמְרוּ سواء في اللحن. אׂומַר وאׂומֵר. وكذلك يصير שַׁבְתִּי وשַׁבְתִּי سواء على ما بينهما من البون من ماضٍ ومستقبل. وقد كان لنا اتساع في طريق الـפיוט الذي لا يفسد لغة إذا حرز لكن أدركنا في القول المنظوم ما أدرك أبائنا في ما قيل عنهم ויתערבו בגוים וילמדו מעשיהם.

<79> قال الخزري: أسألك هل تعلم سببًا لتحرك اليهود عند قراءة العبرانية؟

<80> قال الحبر: ذكر أنه لتنبيه الحرارة الغريزية. وما أظنه إلا من الباب الذي نحن فيه، لما أمكن جملة منهم القراءة פה אחד أمكن أن يجتمع عشرة وأكثر على مصحف واحد. ولذلك صارت مصاحفنا كبارًا فيلجأ كل واحد من العشرة إلى الميل مع الأحيان لرؤية الحرف، ثم يعود. ويكون هذا ميلًا ورجوعًا لكون المصحف في الأرض. ويكون هذا السبب الأول، ثم صارت عادة من الرؤية والمشاهدة والمحاكاة التي هي في طبع الناس. وغيرنا يقرأ كل واحد في مصحفه ويضم مصحفه إلى عينه أو ينضم هو إليه بقدر ما يريد من غير أن يضايقه صاحبه فيه، فليس يحتاج إلى ميل وارتفاع.

ثم فضيلة النقط وضبط الـשבעה מלכים وما لنا من تحرير وتدقيق والفوائد الحاصلة من التفرقة بين الـקמץ والـפתח والـצירי والـסגל وفائدته في المعاني يفرق بها بين الماضي والمستقبل. مثل שמתי وשמתי ואברכהו ואברכהו. ويفرق بين فعل وصفة مثل חכם وחכם وبين הא الاستفهام وהא المعرفة. مثل העולה היא למעלה. وغير ذلك إلى ما تفيد من حسن انتظام ادراج الكلام في جمع الساكنين حتى تأتي الكلام العبراني قراءة تستوي فيها جماعة دون لحن. وللحن أيضًا شروط آخر لأن جهات النطق في العبرانية بالقسمة ثلث ضمة وفتحة وكسرة، وبقسمة ثانية ضمة كبرى وهي קמץ ووسطى وهي חולם وصغرى وهي שרק وفتحة كبرى وهي פתח وصغرى وهي סגול وكسرة كبرى وهي צירי وصغرى وهي חירק، والـשבא محركة بهذه كلها بشرائط وهي الحركة وحدها دون زيادة، وغيرها تقتضي ساكنة بعدها، فالـקמץ يتبعه ساكن ممدود فلا يتبعه דגש في الوضع الأول وإن اتبعه דגש فلضرورة في الوضع الثاني أو الثالث وساكنه الممدود إما ألف وإما هاء مثل ברא. وربما تبع الساكن الممدود ساكن ظاهر مثل קאם الـחולם يتبعه ساكن ممدود وساكنه واو أو ألف مثل לא לו، وربما تبعه ساكن ظاهر مثل שור שמאל. الـצירי يتبعه ساكن ممدود وساكنه ألف أو ياء مثل יוצא وיוצאי. وأما الهاء فليست للـצרי بالطبع بالوضع الأول. لكن بالوضع الثاني الـשרק متروك للثلثة الأوضاع قد يتبعه الممدود وقد يتبعه الـדגש والساكن الظاهر وساكنه الواو وحدها مثل לו وללון وלקח. الـחרק مثل الـשרק مثل לין وלי وלבי. الـפתח والـסגל لا يتبعهما ساكن ممدود في الوضع الأول وإنما يمدهما الوضع الثاني. أما للاعتماد عليه أو للحن أو لموضع قطع وفصل فالوضع الأول تلتزم شرائطه مهما نظرت إلى حرف حرف وكلمة كلمة ولم تعنِ بإصلاح إدراج الكلام المؤلف منها من وصل وقطع وكلمة كبيرة وصغيرة وغير ذلك فحينئذٍ تتضع لك الـשבעה מלכים على وضعها الأول دون خلاف والـשבא على قدرها دون גיעיא. والوضع الثاني ينظر في حسن تأليف الألفاظ وإدراجه فربما غير من الوضع الأول لإصلاح الثاني والوضع الثالث هو التلحين وربما غير شيئًا من الوضعين المتقدمين ولا ينكر في الوضع الأول تتالي ثلث حركات لا يتخللها ساكن ولا דגש بل تتصل حركة שבאية بعد حركة שבאية ثلث وأكثر كما يجوز ذلك في العربية لكن ذلك منكر في الوضع الثاني فمتى اتفقت ثلث حركات في الوضع الأول مد إحداها الوضع الثاني بقدر ساكن مثل משכני לשכני רצפת إذ العبرانية تستثقل توالي ثلث حركات إلا في التقاء مثلين مثل שררך أو א'ה'ח'ע' נהרי נחלי فإن شئت مددت وإن شئت أسرعت. وكذلك جوز الوضع الأول اجتماع حركتين متواليتين ممدودتين بقدر ساكنين ورأى الوضع الثاني أن النطق بذلك يسمج فيسقط أحد المدين ويبقى الثاني مثل שׂמתי وשׂמתי وكل ما ماثله. ألا ترى פָּעַל وأصحابه النطق بها بعكس النقط تمد العين وهي פתח وتهمل الفاء وهي קמץ. ومد العين إنما هو لاعتماد لا لساكن لين. ولذلك أبقى אמר לי وעשה לי على الوضع الأول لما اعتمد على الحرف الصغير. وهكذا نرى פָּעָל بـקמצين وهو فعل ماضٍ فنطلب علة ذلك فنجده في אתנח أو סוף פסוק فنقول إن هذا الساكن تمكن في الوضع الثاني من أجل الوقوف والقطع فيطرد لنا هذا حتى نجد פָּעָל بـקמציين أيضًا في זקף فنطلب علته فنجده موضع قطع في المعنى وكان يستحق أن يكون אתנח أو סוף פסוק لولا ضروريات آخر ألجأت ألا يقع في אתנח ولا في סוף פסוק. كما نجد أيضًا في אתנח وסוף פסוק פתחين على غير ذلك من الاطراد مثل וַיֵּלַךְ وكل וַיּׂאמַר وזָקַנְתִּי وתִשָּׁבַרְנָה. فوجد علة וַיּׂאמַר مراعاة المعنى إذ لا يستحق וַיּׂאמֶר الوقف فيه لاضطراره إلى ما بعده في تتميم المعنى، إلا قليلًا مثل כאשר אָמָר. فإن معناه تام بالاحالة على ما تقدم فيستحق الـקמץ لأنه موضع قطع. وأما וַיֵּלַךְ وתִּשָּׁבַרְנָה فكان حقه أن يكون וַיֵּלָךְ وתִּשָּׁבָרְנָה، فصعب نقل الكسرة إلى فتحة كبرى دون تدريج لكن نقلت إلى פתח. ولعل זָקַנְתִּי من هذا الطريق من أجل أن أصله זָקֵן فنقل الـצירי عند الوقف إلى פתח.

وكذلك نتعجب من פֶּעֶל وكل ما جاء وزنه מלעיל ممدود الفاء وهو بـסגול حتى نتفكر أنه لو لم تمد الفاء لضمت ضرورة نطق العبراني إلى مد العين فيصير מלרע ويصير بين العين واللام ساكن لين بعد סגול وهذا شنيع وليس بشنيع في الفاء إذ لا بد لهن من ساكن. وموضع الساكن فارغ فتلك المدة التي هي מלעיל إنما هي ساكن ظاهر بإزاء פֶּן עֶל لا بإزاء פאן עֶל. نعم إنه إذا كان في אתנח وסוף פסוק رجع פֶּעֶל بإزاء פָּאן עֶל فرأينا ضرورة المد كما قلنا في שמתי وשמתי.

وكذلك نتعجب من שַעַר وנַעַר وأصحابها لامتداد فائها وهي פתח ونتفكر فنرى أنها مقام פֶּעֶל وإنما فتحت من أجل א'ח'ה'ע'. ولذلك لم تتغير عند الإضافة كما يتغير נָהָר وקָהָל عند الإضافة لأنها على زنة דָבָר. وكذلك نجد אֶעֱשֶׂה יַעֲשֶׂה אֶבְנֶה אֶקְנֶה بـסגול مع ساكن لين فنتفكر في المثال الأول الذي هو אֶפְעַל יִפְעַל. ونرى أن عين الفعل لم يبن على مد بل على ساكن ظاهر مع פתח أبدا ونعذر لما لم ينقط بـפתח גדול فيقال אֶעֱשַׂה إذ لا تقع فتحة على هاء لينة إلا بـקמץ. والـקמץ ممدود وعين الفعل ليس بممدود أصلًا إلا أن تنقل إليها حركة أو تقع إلى ألف مثل אֵצֵא.

فوجب نقل אֶעֱשֶׂה إلى סגול لأنه أقل الحركات تمكنًا ويشارك الـצרי إذا احتيج في الوضع الثاني إلى تمكينه عوضّا منه في الوقفات ويكاد ألا يظهر للهاء في אעשה مكان إلا في القطع أو في اللحن، ويستسهل الـדגש معها – אֶעֱשֶׂה לָּךְ אֶבְנֶה לִּי – حتى لا تظهر ما ليس كذلك في אֵצֵא وאָבֵא وיָּבֵא. فلا يتبعها דגש ويتقدمها צירי لإظهار الألف. وألا ترى استخفافهم بالهاء حتى اسقطوها من الخط واللفظ – ויבן ויקן ויעש – فكيف تمكن بالـצרי بل إنما تعطي أقل الحركات وهي الـסגול هذا في الوضع الأول حتى ينقلها الوضع الثاني إلى الـצרי عند القطع.

وكذلك نتعجب من מַרְאֶה وמַעֲשֶׂה وמִקְנֶה وأصحابها لما نراها في الإضافة بـצרי وفي غير الإضافة بـסגול. ونظن الحق كان في عكس هذا. فإذا تفكرنا في لام الفعل المعتلة وهي الـהי أنها محسوبة كالعدم وكان هذه الأسماء إنما هي מרא، מעש، מקן، فلم تستحق غير الـסגל حتى تأتي ضرورة لإظهارها بساكن لين في מראה وמעשה وמראיהן وמעשיהן فصير الـסגל צרי. ليقوم عند الإضافة مقام الـפתח في מַרְאָם وמַעֲשָׂם والذي جاء على الوضع الأول ولم يغيره الثاني في النقط لكن في اللفظ בֵּן مفصولة بـצרי ومضافة بـסגול. وربما مدة اللحن مثل פֵּעֵל وهو على وضعه الأول بـסגל وربما حفزه اللحن בן آخر. وهو على وضعه الأول بـצרי ولا إشتباه في פֵּעֵל מלרע أنه بـצרי. ولواضع هذا العلم الدقيق أسرار تخفي عنا وربما وقفنا على بعضها يقصد بها التنبيه على تفاسير كقولنا في העולה היא وفي ما يفرق بين الماضي والمستقبل وبين الانفعال والمنفعل فينقط נֶאֱסָף אל עמי بـקמץ وכאשר נֶאֱסַף وينقط וַיִּשְׁחַט وיִשְׁחָט. وإن لم تكن في موضع قطع لفظي فهي في موضع قطع معنوي. وكثيرًا ما يحمل الـסגול التابع للـזרקה محمل الـאתנח والـסוף פסוק والـזקף فيتغير الوضع الأول. ولو اتسعت في هذا الباب لطال الكتاب وإنما أعرضت عليك ذوقًا من هذا العلم الدقيق وأنه ليس مهملًا بل معللًا مضبوطًا.

<81> قال الخزري: كفاني هذا تعجيبًا بهذه اللغة وأرغب أن تنتقل معي إلى صفة المتعبد عندكم، ثم أسألك عن احتجاجكم على القرائين، ثم أطلب منك في الآراء والاعتقادات أصولًا، ثم أطلبك بما بقي عندكم من العلوم القديمة.

  1. الصريح
  2. رَحوم=رحيم
  3. إله رحمن ورحيم
  4. إله غيور ومنتقم
  5. الاسم الصريح تبارك
  6. يُفْقِرُ وَيُغْنِي، يُذِلُّ وَيُعِزُّ
  7. رحمن ورحيم
  8. غيور ومنتقم
  9. بطل
  10. شداي، وهو اسم من أسماء الله مذكور في الكتاب المقدس. تختلف الآراء حول معناه الدقيق ولكن يترجم على الأغلب بمعنى "القوي"
  11. مبارك
  12. مبارك
  13. مسبح
  14. قدوس
  15. عالي
  16. سامٍ
  17. حي
  18. أحد، واحد
  19. أول
  20. آخر
  21. إله حي
  22. إله حي، نفس المعنى بصيغة الجمع
  23. آلهة ميتة
  24. أول
  25. آخر
  26. الاسم الصريح تبارك
  27. موسى
  28. موسى
  29. إسرائيل
  30. إبراهيم
  31. إسحاق
  32. يعقوب
  33. آباء
  34. جبل سيناء
  35. الإنسان الأول أو آدم
  36. موسى
  37. إبراهيم
  38. أور الكلدانيين
  39. حزقيال
  40. دانيال
  41. بابل
  42. إرميا
  43. مصر
  44. إبراهيم
  45. حزقيال
  46. دانيال
  47. الهيكل الأول
  48. سكينة
  49. أرض إسرائيل