كتاب المواقف/موقف اسمع عهد ولايتك

​كتاب المواقف​ المؤلف النفري

موقف اسمع عهد ولايتك



موقف اسمع عهد ولايتك


أوقفني وقال لي ما أفطرت لتأتمر للعلم ولا ربيتك لتقف على باب سواي ولا علمتك لتجعل علمي ممراً تعبر عليه إلى النوم عنه ولا اتخذتك جليساً لتسألني ما يخرجك عن مجالستي.

وقال لي ما أسفرت لك في الشباب لأشقيك في المشيب.

وقال لي اعرف من أنت فمعرفتك من أنت هي قاعدتك التي لا تنهدم وهي سكينتك التي لا تزل.

وقال لي فرضت عليك أن تعرف من أنت أنت ولي وأنا وليك.

وقال لي اسمع عهد ولايتك لا تتأول علي بعلمك ولا تدعني من أجل نفسك وإذا خرجت فإلي وإذا دخلت فإلي وإذا نمت فنم في التسليم إلي وإذا استيقظت فاستيقظ في التوكل علي.

وقال لي بقدر ما توظف لنفسك من العمل لي يسقط عنك من العمل لك، وبقدر ما يسقط عنك من العمل لك يكون قيامي بك وقيوميتي لك.

وقال لي استعن بالدعاء إلي على الوقوف في مقامك بين يدي.

وقال لي إن لم تدع إلي فسكوتك يدعو إليك بما عرف منك فاحذرني لا تكون لسكوتك داعية لنفسك إلى نفسك وأنت تحتسب علي بالسكوت قربة إلي.

وقال لي أكتب في عهدك إذا تعرفت إليك سقطت المعارف من سواك وإذا لم أتعرف إليك فمعرفتك على أيدي العارفين.

وقال لي الليل لي لا للقرآن يتلى، الليل لي لا للمحامد والثناء.

وقال لي الليل لي لا للدعاء، إن سر الدعاء الحاجة وإن سر الحاجة النفس وإن سر النفس ما تهوى.

وقال لي إن كان صاحبك في ليلك من أجل القرآن بلغ أقصى همك إلى جزئك فإذا بلغه فارق فلا ليلك ليل القرآن ولا ليلك ليل الرحمن، وإن كان صاحبك في ليلك من أجل المحامد والثناء بلغ أقصى همك إلى اجتهادك فإذا بلغه فارق وإذا فارق فليل النوام نمت أم لم تنم بلى من كان لي ليله نام أو لم ينم فذاك صاحب الليل وصاحب فقه الليل أشرفت به على الليل وعلى أهل الليل فهو بمقاماتهم فيه أعرف ولمبالغ نهاياتهم فيه أدرك.

وقال لي كيف تنظر إلى السماء والأرض وكيف تنظر إلى الشمس والقمر وكيف تنظر إلى كل شيء كان منظوراً لعينك أو كان منظوراً لقلبك وذاك أن تنظر إليه بادياً مني وهو أن تنظر إلى حقائق معارفه التي تسبح بحمدي وتقول ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

وقال لي لا تذهب عن هذه الرؤية تختطفك المرئيات ولا تخرج صفتك عن هذه الرؤية تختطفك صفتك.

وقال لي إن لم تخرج صفتك عن هذه الرؤية صبرت عن صفتك وعن دواعي صفتك وإذا صبرت عن صفتك وعن دواعي صفتك قيل بين يدي فلان وقلت لملائكتي فلان ولي فشهرتك بي وكتبت إلى جبينك ولايتي وأشهدتك أنني معك أين كنت وقلت لك قل فقلت واشفع فوقع.

وقال لي إن لم تخرج صفتك عن هذه الرؤية وقفت في مقام العصمة وأثبت فيك حشمة من الشهوات وحياء من تناول من العادات.

وقال لي إنما أظهرت الشهوات ستراً على المستور لأنه لا يستطيع أن يقوم بين يدي إلا في سترة فمن كشف له عن نفسه لم أستره من بعدها بنفسه.

وقال لي إذا رأيت نفسك كما ترى السموات والأرض رأيت الذي يراها منك هو أنت لا إلى حاجة ترجع ولا إلى خليقة تسكن فلسترى إياك ما ابتليتك بصفة لا تثبت في حكمك ولا تقوم في مقامك فصفتك ترجع لا أنت وصفتك تميل لا أنت تميل.

وقال لي لو أحببت الدنيا جمعت بها علي.

وقال لي لأن تكون لك أحسن من أن تكون بك ولأن تكون بك أحسن من أن تكون فيك ولأن تكون فيك أحسن من أن تكون لا في ولا فيك.

قالب:كتاب المواقف