كتاب المواقف/موقف العبادة الوجهية

​كتاب المواقف​ المؤلف النفري

موقف العبادة الوجهية



موقف العبادة الوجهية


أوقفني في العبادة والوجهية وقال لي هي صاحبة الروح والريحان عند الموت.

وقال لي العبادة الوجهية طريق المقربين إلى ظل العرش.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية ستأتيك الجنة فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك وستأتيك النار فتتراءى لقلبك وتتمثل لنفسك، وأنا الحق الذي لا يتراءى ولا يتمثل فإن نظرت إلى النار فرقت فلم تحمل لي حكمة، وإن نظرت إلى الجنة سكنت فلم تحمل لي أدب المعرفة.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه وجهك إلي وجه وجه همك إلي وجه وجه قلبك إلي وجه وجه سمعك إلي وجه وجه سكونك إلي.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية إذا أتتك النار والجنة فسأشهدك منهما مواضع المعرفة وسأشهدك في مواضع المعرفة آثار النظر وسأشهدك في آثار الظر مواضع التسبيح فاذهب عن كل آثار بكل آثار تذهب عن زخارف الجنة وعن بأساء النار.

وقال لي إنما أشهدتك الآثار بعد الآثار لاذهبك عن الجنة والنار لأن الآثار هي الاغيار.

وقال لي لا أرضى لك أن تقيم في شيء وإن رضيته أنت عندي أكبر منه فأقم عندي لا عنده.

وقال لي أتدري ماذا أعددت لصاحب العبادة الوجهية، عتب أبوابهم من شرف قباب من سواهم وأبوابهم من شرف مقاصير من سواهم.

وقال لي كل أحد في الجنة يأتيني فيقف في مقامه إلا أهل العبادة الوجهية فإنهم يأتوني مع الناس عامة وآيتهم من دون الناس خاصة.

وقال لي فضل المنزل الذي آتيه على المنزل الذي لا آتيه كفضلي على كل ما أنا منشئه.

وقال لي أهل العبادة الوجهية أهل الصبر الذي لا يهرم وأهل الفهم الذي لا يعقم.

وقال لي أهل العبادة الوجهية وجوه الناس ترفع إليهم الوجوه يوم القيامة.

وقال لي أهل العبادة الوجهية أهلي أهل خلتي أهل الشفاعة إلي أهل زيارتي.

وقال لي كما يأتيك التثبيت في تهجدك كذا يأتيك التثبيت في يوم موردك.

وقال لي إذا وقفت بين يدي فبقدر ما تقبل الخاطر يأتيك الروع وبقدر ما تنفيه ينتفى عنك الحكم والروع.

وقال لي أنت على أعوادك بما أنت فيه في القيام، وأنت في مطلعك بما أنت به في الركوع، وأنت في متوسدك بما أنت به من السجود.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية وجه كل شيء ما أشهدك أنه متعلق بي منه فتشهده فتعمله فتعرفه لا يتعبر لا فتعبره ولا يترجم لك فتترجمه فذلك من العلم الصامت.

وقال لي إذا سترت عنك وجه كل شيء رأيت ذلك المعنى الذي شهدته متعلقاً بي منه داعياً لك إلى التعلق به.

وقال لي إذا كشفته لك فلا أستره أو تستره، وإذا عرفته فلا أنكره أو تنكره.

وقال لي يا صاحب العبادة الوجهية أتدري ما وجه همك فتقبل به علي أم تدري ما وجه قلبك فتقبل به علي، وجه همك أقصاه ووجه قلبك سكونه.

وقال لي همك جميعه فكل همك وجه، ووجه قلبك جميعه فكل قلبك وجه، فأين صرفت الوجه انصرف وأين أقبلت به أقبل.

وقال لي سكون قلبك عين قلبك وهو الطمأنينة، وأقصى همك عين همك وهو موضع الغرض.

وقال لي إذا سميتك فلم تعمل على التسمية فلا اسم لك عندي ولا عمل.

وقال لي إذا سميتك فعملت على التسمية فأنت من أهل الظل.

وقال لي أهل الأسماء أهل الظل.

وقال لي لا يقف في ظل عرشي إلا مسمى عمل على تسميته.

وقال لي صلوة المتهجد بالليل بذر يسقيه ماء عمل بالنهار.

وقال لي اللسان يسقي ما بذر اللسان والأركان تسقي ما بذرت الأركان.

وقال لي إن أردت أن تنقطع إلي فأظهرني على لسانك وادع إلى طاعتي بمواعظك ينقطع عنك القاطعون ويواصلك في الواصلون.

وقال لي يا كاتب الكتبة الوجهية ويا صاحب العبارة الرحمانية إن كتبت لغيري محوتك من كتابي وإن عبرت بغير عبارتي أخرجتك من خطابي.

وقال لي يا كاتب الكتبة الرحمانية ويا فقيه الحكمة الربانية.

وقال لي يا كاتب النعماء الإلهية ويا صاحب المعرفة الفردانية.

وقال لي يا كاتب القدس المسطور بأقلام الرب على أوجه محامده أنت في الدنيا والآخرة كاتب.

وقال لي يا كاتب النور المنشور على سرادقات العظمة اكتب على رفارفها تسبيح ما سبح واكتب على تسبيح ما سبح معرفة من عرف.

وقال لي أنت كاتب العلم والأعلام وأنت كاتب الحكم والأحكام.

وقال لي أنت كاتب الرحمن في يوم المزار وأنت كاتب الرحمن في دار القرار.

وقال لي يا كاتب الجلال في دار الجلال اكتب بأقلام الكمال على أوراق الإقبال.

وقال لي أنت كاتب المجد المجيد وأنت كاتب الحمد الحميد.

وقال لي اقرأ كتابك بعين المغفرة واختم كتابك بخاتم الزلفة.

وقال لي أنت كاتب المنن والإحسان وأنت كاتب البيان والبرهان.

وقال لي أنت كاتب الحضرة الدائمة وأنت كاتب القيومية القائمة.

وقال لي أنت الكاتب فاكتب لي بأقلام تسليمك إلي واختم كتابك بخاتم الغيرة علي.

وقال لي إذا سميتك فتسم ولا تتسم عند نفسك.

وقال لي علمك يرجع إلي بما حوى ونفسك ترجع إليها بما حوت، فإذا تسميت عند علمك رجع إلي به ربك وإذا تسميت عند نفسك رجعت إليها بها وبك.

قالب:كتاب المواقف