كتاب المواقف/موقف قلوب العارفين

​كتاب المواقف​ المؤلف النفري

موقف قلوب العارفين



موقف قلوب العارفين


أوقفني في قلوب العارفين وقال لي للعارفين إن رجعتم تسألوني عن معرفتي فما عرفتموني، وإن رضيتم القرار على ما عرفتم فما أنتم مني.

وقال لي أول ما ترث وتأخذ معرفتي من العارف كلامه.

وقال لي آية معرفتي إن لا تسألني عني ولا عن معرفتي.

وقال لي إذا ألفت معرفتي بينك وبين علم أو اسم أو حرف أو معرفة فجريت بها وأنت بها واجد وأنت بها ساكن فإنما معك علم معرفة لا معرفة.

وقال لي صاحب المعرفة هو المقيم فيها لا يخبر وصاحب المعرفة هو الذي إن تكلم تكلم فيها بكلام تعرفي وبما أخبرت به من نفسي.

وقال لي أنت من أهل ما لا تتكلم فيه وإن تكلمت خرجت من المقام وإذا خرجت من مقام فلست من أهله وإنما أنت به من العالمين وإنما أنت له من الزائرين.

وقال لي الأمر أمران أمر يثبت له عقلك وأمر لا يثبت له عقلك، وفي الأمر الذي يثبت له ظاهر وباطن وفي الأمر الذي لا يثبت له ظاهر وباطن.

وقال لي لن تدوم في عمل حتى ترتبه وتقضي ما يفوت منه وإن لم تفعل لم تعمل ولم تدم.

وقال لي كيف لا تحزن قلوب العارفين وهي تراني أنظر إلى العمل فأقول لسيئه كن صورة تلقي بها عاملك وأقول لحسنه كن صورة تلقي بها عاملك.

وقال لي قلوب العارفين تخرج إلى العلوم بسطوات الإدراك وذلك كبرها وهو الذي أنهاها عنه.

وقال لي يتعلق العارف بالمعرفة ويدعي أنه تعلق بي ولو تعلق بي هرب من النار كما يهرب من النكرة.

وقال لي قل لقلوب العارفين أنصتوا له لا لتعرفوا، واصمتوا له لتعرفوا، فإنه يتعرف إليكم كيف تقيمون عنده.

وقال لي قل لقلوب العارفين رأيت معرفتي أعلى من معرفة فوقفت في الأعلى ووقفت في حجابي، فأظهرت الوصول إلى عند عبادي فأنت في حجابي تدعيني وهم في حجابي لا يدعوني.

وقال لي قلوب العارفين أعرفي حالك منه فإن أمرك بتعريف العبيد فعرفيهم وأنت في تلك الحال أدرك لقلوبهم ولا نجاة لك إلا به.

وقال لي لقلوب العارفين لا تخرجي عن حالك وإن هديت إلي من ضل، أتضلين عني وتريدين أن تهدي إلي.

وقال لي وزن معرفتك كوزن ندمك.

وقال لي قلوب العارفين ترى الأبد وعيونهم ترى المواقيت.

وقال لي أصحابي عطل مما بدا، وأحبابي من وراء اليوم وغداً.

وقال لي لكل شيء أقمت الساعة فهي له منتظرة وعلى كل شيء تأتي الساعة فهو منها وجل.

وقال لي قل للعارفين كونوا من وراء الأقدار فإن لم يستطيعوا فمن وراء الأفكار.

وقال لي قل للعارفين وقل لقلوب العارفين قفوا لي لا للمعرفة، أتعرف إليكم بما أشاء من المعرفة وأثبت فيكم ما أشاء من المعرفة فإن وقفتم لي حملتم معرفة كل شيء وإن لم تقفوا لي غلبتك معرفة كل شيء فلم تحملوا لشيء معرفة.

وقال لي قل لقلوب العارفين لا تستقيموا على خلة فتقلبكم الخلة إلى الخلة.

وقال لي الأكل والنوم يحسبان على الحال التي يكونان فيها، إن كانا في العلم حسباً فيه إن كانا في المعرفة حسبا فيها.

وقال لي قل لقلوب العارفين من أكل في المعرفة ونام في المعرفة ثبت فيما عرف.

وقال لي قل لقلوب العارفين من خرج من المعرفة حين أكله لم يعد منها إلى مقامه.

وقال لي أنت طلبتي والحكمة طلبتك.

وقال لي الحكمة طلبتك وإذا كنت عبداً عبداً فإذا صيرتك عبداً ولياً كنت أنا طلبتك.

وقال لي إلتقط الحكمة من أفواه الغافلين عنها كما تلتقطها من أفواه العامدين لها، إنك تراني وحدي في حكمة الغافلين لا في حكمة العامدين.

وقال لي أكتب حكمة الجاهل كما تكتب حكمة العالم.

وقال لي أنا مجرى الحكمة فمن أشاء أشهده أنني أجريت فذلك حكيمها، ومن أشاء لا أشهده فذلك جاهلها فأكتب أنت يا من شهدها.

وقال لي القلوب لا تهجم علي ولا على من عندي.

وقال لي إذا هجمت على قلبك ولم يهجم عليك قلبك فأنت من العارفين.

وقال لي ما قدر المسئلة أن يناجي بها كرمي فبهذا فادعوني وقل يا رب اسألك بك ما قدر مسئلة أن يناجي بها كرمك.

وقال لي الشك حبس من محابسي أحبس في قلوب من لم يتحقق بمعارفي.

قالب:كتاب المواقف