كتاب ميزان الحكمة/المقالة الأولى/الباب الخامس



الباب الخامس
في مسائل معادة للبيان


وهو يشتمل على ثلاثة فصول:

الفصل الأول


في اختلاف أوزان الأجسام الثقال في بعد واحد من مركز العالم أقول إن الأجرام الأسطقسية لا تخلو عن معاوقة بعضها لبعض نحو جهتي المركز والمحيط بخلاف الأجرام الفلكية إذا حول من جوّ ألطف إلى جو أكثف أو خلافه الثاني إذا حول الجسم الواحد الثقيل من جوهر ما من الجو الألطف إلى الجو الأكثف يصير أخفّ وزنا ومن الأكثف إلى الألطف يصير أثقل وهذا حكم كلي لجميع الأجسام الثقال الثالث إذا فرض جسمان ثقيلان فإن كانا من جوهر واحد فأعظمهما جسماً أكثرهما وزناً الرابع وإذا كانا من جوهرين مختلفين وإتّفقا في الوزن ثم حولا إلى الجوّ الأكثف فيصيران أخفّ إلا إن المكتنز منهما وهو الذي هو أصغرهما جسماً أثقلهما وزناً والآخر أخفّهما الخامس وإن حولا إلى الجو الألطف فيصيران أثقل إلا أن المكتنز منهما وهو الذي هو أصغرهما جسما أخفّهما وزنا والآخر أثقلهما.


الفصل الثاني


الأول الجرم الثقيل إذا تحرك في مائع يعاوق بعضها بعضاً ولهذا يعاوق الماء جرم الشيء الثقيل الذي ألقى فيه ويوهن قوته وثقله بقدر جرمه حتى يخف الثقيل في الماء بقدر وزن الماء المساوي لجرمه فينقص عن ثقله بقدره وكلما كان الجرم المتحرك أعظم كانت المعاوقة أكثر وتسمى هذه المعاوقة في ميزان الحكمة الشول الثاني وإذا وزن جرم في الهواء ثم وزن في كفة الماء فإن عموده يشول بقدر وزن الماء الذي يساوي جرم الموزون ولهذا إذا نقص من الصنجات بقدره يعتدل العمود على موازاة سطح الأفق الثالث وتختلف قوة حركة الأجرام في الهواء والماء بسبب اختلاف أشكالها أيضا الأربع وإذا استقر جرم في الكفة إنما يشول بحسب مقدار جرمه لا بحسب شكله الخامس وقوته في حركته بحسب شكله لا جرمه السادس والأجرام الثقال يعاوقها الهواء وهي بذواتها في الحقيقة أثقل من ثقلها الموجود في ذلك الهواء السابع وإذا نقلت إلى هواء ألطف كانت أثقل وعلى خلافه إذا نقلت إلى هواء اكثف كانت أخف


الفصل الثالث


الأول كل جرم ثقيل معلوم الوزن لبعد مخصوص من مركز العالم فإنه تختلف زنته بحسب اختلاف بعده منه فإنه كلما كان أبعد كان أثقل وإذا قرب كان أخف ولهذا تكون نسبة الثقل كنسبة البعد إلى البعد منه الثاني إن ميل كل ثقل إلى مركز العالم ومسقط حجره من سطح الأرض هو مقدمة وهما على السهم الذي يخرج من مركز العالم ويمر على المقام المذكور الثالث كل شخصين متساويين قائمين على دائرة عظيمة من دوائر سطح الأرض تكون المسافة بين رأسيهما أكثر مما بين قاعدتيهما لأنهما على سهمين خارجين من مركز العالم ويصيران ساقي مثلث رأسه مركز العالم وقاعدته رأساهما وإذا وصل مقام الشخصين صار شكل مثلثين متشابهين فأطولهما ساقا أعظمهما قاعدة الأربع كل سطح مستو مواز للأفق فإن موقع العمود عليه من مركز العالم هو وسطه وأقرب أجزائه إلى مركز العالم مثل سطح ا ب و مركز العالم هـ والعمود على ا ب منه هو هـ ز وهو أقصر خط يقع بينهما الخامس كل مائع صبّ على سطح ا ب فيجتمع عند ز داخل سطح ا جـ ب الكروي من مركز هـ فإذا زاد حجمه عليه انصبّ من جوانب ا ب وإنما كان ذلك كذلك لأن كل ثقيل مائعا كان أو غيره يقصد من الصعود إلى الهبوط ويقف على السواء من مركز العالم ولهذا لا يكون وجه الماء مسطحا بل يكون محدبا كروي الشكل ولهذه العلة من كان في البحر وكان بالبعد منه منارة فأول ما يظهر منها رأسها ثم جعل يظهر ما تحته قليلاً كان مستورا لا محالة دون رأسه فلا ساتر إذا دونه غير حدبة الماء وكل كرة دحرجت على سطح ا ب فتتدحرج و تتقدم و تتأخر ثم تقف على نقطة ز بخلاف من ظنّ أنها تتحير و تتحرك دائما السادس من المائعات في الأواني تسع أكثر حجما إذا كانت أقل بعدا من مركز العالم وتسع أقل حجما إذا كانت في بعد أكثر مثاله انآء ا ب جـ على بعد هـ ز الأبعد والسطح الكروي المار على رأس الآنية من مركز العالم ا جـ ب ويسع فيه من المائع ما في تجويف الآنية وقطعة من سطح الكرة هي ما يحدها سطحا ا جـ ب ا ز ب وسهمها ز جـ وأما إذا كان على بعد ط ز الأقرب إذا فرضنا مركز العالم نقطة ط وقطعة سطح الكرة الحاوية على رأس الآنية ا د ب وسهمها زد فيزيد ما في الإناء بفضلة ما بين سطحي كرتين مختلفي البعد عن مركز العالم وذلك ما أردنا أن نذكر