كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس/مقدمة الناشر


يقول الناشر


الحمد لله تعالى خالق الأولين والآخرين والصلاة والسلام على رسوله الأعظم سيدنا محمد المرسل رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ورسل الله أجمعين.

أما بعد فإن أقوال النبي في معانيها هي قانون سعادة للعالمين في شؤونهم كلها، وفي ألفاظها هي الأساس الخالد لصرح المعجم العربي.

لذلك ترى العلماء حافين من حولها يجرحون من يطمع أن ينزل سوءاً بساحتها وقد حاول أعداء الإسلام وبعض المخذولين من المنتحلين له أن يدسوا أحاديث سقيمة في عسكر1 الصحاح فانتدب العلماء الباحثون لردها فألفوا في ذلك مصنفات في العلل والموضوعات - هذا الكتاب من أجمعها فقد ضم بين طرفيه زهاء ثلاثة آلاف ومائتي حديث، ميز طيبها من خبيثها بعرضها على ميزان الجرح والتعديل.

وزاد على ذالك بيان مراتب الأحاديث الدائرة على الألسنة، ودل على ما كان منها من قبيل الحكم المأثورة، وسرد ما يقارب معنى بعضها من السنن، وشرح معاني الآثار يبسط قد لا يوجد بعضه مجموعا في غيره.

ورتبه على الحروف ليكون كمعجم يرجع إليه في ذلك.

واعتمد في تصنيفه على أوثق ما كتب في هذا الباب وهو «المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للحافظ السخاوي2»

واستدرك عليه مما في مؤلفات الثقات كالحافظ ابن حجر والسيوطي والنجم الغزي في كتابه (إتقان ما يحسن من بيان الأخبار الدائرة على الألسن)، ومما كتبه الحافظ ابن الجوزي والصغاني في الموضوعات، وملا علي القاري في كتابه (الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة) وهما كبير وصغير، وقد نقل منهما، وغير ذلك من الأمهات.

وينقل بالواسطة من كتب لا يمكن حصرها، من أعظمها كتاب "العلل" للدارقطني الذي يقول الحافظ الذهبي أنه لم يؤلف مثله في الإسلام.

ووضع للكتاب خاتمة أبطل فيها نسبة بعض مصنفات اشتهرت بنسبتها لأناس كذبا، وبين افتئات بعضهم على التاريخ بقولهم إن قبر نوح عليه السلام في البقاع من أراضي الشام، ومدفن أبي بن كعب في دمشق، وإن مقبر الإمام الحسين في القاهرة، وزيف دعوى القائلين بتعيين قبر السيدة نفيسة في القاهرة، ونقض مزاعم القائلين باجتماع الإمامين الشافعي وأحمد بشيبان الراعي وسؤاله عن سجود السهو، إلى غير ذلك مما يتصل بالتاريخ والحديث، وانتهى إلى ذكر ضوابط جامعة في الموضوعات.فحاجة الباحث والطالب إليه ليست دون اضطرار الواعظ والخطيب لتوقي الموضوعات - التي حشيت في بعض كتب الوعظ - وتعرف درجات الأحاديث التي يذكرون بها.

وأول نسخة عثرت عليها من هذا الكتاب هو الأصل الذي قدمته للمطبعة، وكنت ابتعته من أحد علماء دمشق - وكان به ضنينا - ثم اطلعت على نسخة منه في خزانة آل العطار بدمشق الشام، والثالثة هي نسخة دار الكتب المصرية.

ومع أن الأصل الذي دفعته للمطبعة هو أصح هذه النسخ فقد احتجت - والكتاب في الحديث النبوي - إلى الرجوع إلى نسخة الدار كثيرا، ثم اضطررت إلى طلب نسخة آل العطار فتفضل بإرسالها الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد العطار جزاه الله خيرا فوصلت إلي بعد أن بلغ الطبع الى (حرف الحاء المهملة في الصفحة 338) فقابلت بهاما بعد ذلك وأشرت هنا إلى التصحيحات والاختلافات الواقعة قبل ذلك:

وفي العزم أن نلحق بآخر الكتاب فهرسا لأكثر أحاديثه مرتبة على أبواب كتب السنن، والله سبحانه الموفق.


  1. العكسر: الجمع من كل شيء، ومن الأحاديث الصحيحة ما يطرد الدخيل بنفسه بقوة لغته ومعناه.
  2. وقد اشتهر أنه أحفل كتاب في الموضوع، ولكن كتابنا يعدل ضعفه.