كفي شئونك ساعة فتأملي

كفي شئونك ساعة فتأملي

​كفي شئونك ساعة فتأملي​ المؤلف ابن دارج القسطلي


كفي شئونك ساعة فتأملي
في ليلها بشرى الصباح المقبل
وتنجزي وعد المشارق وانظري
واستخبري زهر الكواكب واسألي
فلعل غايات الدجى أن تنتهي
وعسى غيايات الأسى أن تنجلي
لا تخدعي بدموع عينك في الورى
قلبا يعز عليه أن تتذللي
وتجملي لشجا النوى لا تمكني
أيدي الصبابة من عنان تجملي
لا تحذلي بالعجز عزمي بعدما
شافهت أعجاز النجوم الأفل
فليسعدن الحزم إن لم تسعدي
وليفعلن الجد إن لم تفعلي
ولأعسفن الليل غير مشيع
ولأركبن الهول غير مذلل
ولأسطون على الزمان بعزمتي
ولأنحين على الخطوب بكلكلي
ولأرمين مقاتل النوب التي
ولعت مع المتخلفين بمقتلي
فإذا رأيت النجم يبدي أفقه
منه بقية جمر نار المصطلي
وتخلف العيوق فهو كأنه
سار تضلل في فضاء مجهل
وتعرض الدبران بين كواكب
مزق كسرب قطا ذعرن بأجدل
وكواكب الجوزاء تهوي جنحا
مثل الخوامس قد عدلن لمنهل
وكأنما الشعرى سراج توقد
وقف على طرق النجوم الضلل
وكأن ملتزم الفراقد قطبها
ركب على عرفان دائر منزل
وتحولت أم النجوم كأنها
زهر تراكم فوق مجرى جدول
ورأيت جنح الليل ناط رواقه
من كل أفق بالسماك الأعزل
فهناك وافتك السعود طوالعا
تقضي لصدق تيمن وتفاؤل
فهي المنى فتيقني وهو السرور
فأبشري وهو الصباح فأملي
وتجرعي غصص التنائي واجمعي
بين المطي وليلهن الأليل
واستوطني وحش الفلاة ووطني
نفسا لبرح تودع وترحل
فلأعقدن عليك أكرم ذمة
ولأبنين عليك أشيد معقل
بعزائم لا تنثني وبصائر
لا تنتهي ووسائل لا تأتلي
حتى رأيت العيس وهي لواغب
يشرعن في نهر الصباح الأول
والفجر يرفع جفن طرف أدعج
والليل يغضي جفن طرف أكحل
فكأنما في الجو فارس أبلق
يشتد في آثار فارس أشعل
ولدي للمنصور شكر صنائع
تنأى الركاب بعبئها المتحمل
نشر ينم من الحقائب عرفه
أرجا ويشرق من خلال الأرحل
يهدي ثناء الممحلات إلى الحيا
وثنا الرياض إلى الغمام المسبل
بكرائم لم تمتهن وعقائل
لم تمتثل ومصونة لم تبذل
حملت بها أم العلوم وأرضعت
من در أخلاف الربيع الحفل
وكفيلة بالحمد تهديه إلى
ملك بغايات المنى متكفل
حتى تؤدي الحمد عند مسوف
وتفي بعهد الشكر عند مؤجل
وتنيخ ركب النازل المتوسل
في ظل عفو المنعم المتفضل
وتحط رحل المذنب المتنصل
في ظل عقر العائد المتطول
فلاسلمن إليه همة نازع
وحبال منقطع وكف مؤمل
ملك توسط من ذؤابة يعرب
في الجوهر المتخير المتنخل
بسقت به أعراق ملك أشرقت
بعلاه في شرف المحل المعتلي
عن كل معدوم القرين مكرم
ومعظم في المالكين مبجل
وغمام عرف في الزمان الممحل
وسراج نور في الكريهة مشعل
يختال تاج الملك فوق جبينه
لما تبوأ منه أكرم منزل
فكأن صفحة وجهه شمس الضحى
وصلت ببدر بالنجوم مكلل
العائدون بكل فضل معجز
والدافعون لكل خطب معضل
ورثوا السيادة كابرا عن كابر
واستوجبوها آخرا عن أول
وتبوأوا دار النبوة والهدى
صنعا وتفضيلا من الملك العلي
فتخير الرحمن طيب ثراهم
دارا وقبرا للنبي المرسل
وتفردوا بالمكرمات وأحرزوا
جزل الثناء من الكتاب المنزل
هم انجبوك وقلدوك سيوفهم
للنصر تبلي في الإله وتبتلي
فضربت أشياع الضلال بعزمة
عجلت إليهم بالحمام المعجل
فأعدت أرضهم وليس لمعقل
قصد وليس لمفلت من معقل
بعزائم ومخائل أعيت على
بأس الشجاع وحيلة المتحيل
فتركت حزب الشرك بين مصرع
ومعفر ومجدل ومرمل
وثنيت حزب الدين بين مملك
ومظفر ومغنم ومنفل
فاسعد بعيد عاد وهو مبشر
لك بالنعيم وبالبقاء الأطول
وبمشهد للملك أعيا دونه
فكر اللبيب ومقلة المتأمل
أمتك أبصار الخلائق واصلي
نور بتعجيل السرور الأعجل
وتيمموك من المصلى فانثنوا
ساعين بين مكبر ومهلل
متزاحمين على يمين أصبحت
مبسوطة لمؤمل ومقبل
وتواضعت صيد الملوك مهابة
يضعون أوجههم مكان الأرجل
ورأوا هلال الملك فوق سريره
بسنا المكارم والهدى المتهلل