كفي فأيسر من مرد عناني

كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني

​كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني​ المؤلف ابن هانئ الأندلسي



كُفّي فأيسَرُ من مَرَدِّ عِنَاني
 
وقعُ الأسنَّة ِ في كلى الفرسانِ
ليسَ ادّخارُ البدرة ِ النّجلاءِ من
 
شِيَمي ولا مَنعُ اللُّهَى من شاني
هلْ للفتى في العَيشِ مِن مِندوحَة ٍ
 
إلاّ اصطفاءُ مودّة ِ الإخوانِ؟
و إذا الجوادُ جرى على عاداتهِ
 
فذرِ الجوادَ وغاية َ الميدانِ
لا أرهبُ الإعدامَ بعدَ تيقُّني
 
أن الغِنى شجَنٌ منَ الأشجان
ملأتْ يدي دلوي إلى أوذامها
 
و أعرتُ للعافي قوى أشطاني
و لقد سمعتُ اللَّهَ يندبُ خلقهُ
 
جهراً إلى الإفضالِ والإحسانِ
و إذا نجا من فتنة ِ الدّنيا امرؤٌ
 
فكأنّما يَنجو من الطوفانِ
يأبى ليَ الغدرَ الوفاءُ بذمَّتي
 
و الذَّمَّ آباهُ كما يأباني
إنّي لآنفُ أنّ يَميلَ بي الهَوَى
 
أو أنْ يَراني الله حَيثُ نَهاني
حِزْبُ الإمامِ منَ الوَرَى حِزْبي إذا
 
عدّوا وخلصانُ الهدى خلصاني
لا تَبعَدَنَّ عِصابَة ٌ شِيعِيّة ٌ
 
ظفروا ببغيتهمْ منَ الرَّحمنِ
قوْمٌ إذا ماجَ البرِيّة ُ والتَقَى
 
خَصْمانِ في المعبودِ يختَصِمانِ
تركوا سُيُوفَ في أغمادِها
 
وتَقَلّدُوا سَيفاً منَ القرآنِ
عقدوا الحبى بصدورِ مجلسهمْ كمنْ
 
عَرَفَ المُعِزَّ حَقيقَة َ العِرْفانِ
قد شرّفَ اللَّهُ الورى بزمانهِ
 
حتى الكَواكبُ والوَرَى سِيّانِ
و كفى بمنْ ميراثهُ الدّنيا ومن
 
خلقتْ لهُ وعبيدهُ الثَّقلانِ
و كفى بشيعتهِ الزّكيّة ِ شيعة ٍ
 
و كفى بهم في البرّ من صنوانِ
عُصِمت جَوارِحهم من العدوَى كما
 
وقيتْ جوانحهم منَ الأضغانِ
قد أيّدوابالقدسِ إلاّ أنّهمْ
 
قد أونسوا بالرُّوحِ والرَّيحانِ
للّهِ درُّهمُ بحيثُ لقيتهمُ
 
إنّ الكرامَ كريمة ُ الأوطانِ
يَغشَوَنَ ناديَ أفْلَحٍ فكأنّما
 
يفشونَ ربَّ التّاجِ من عدنانِ
حيُّوا جلالة َ قدرهِ فكأنّما
 
حيُّوا أمينَ اللّهِ في الإيوانِ
يردونَ جمّة َ علمهِ ونوالهِ
 
فكأنَّهمْ حيثُ التقى البحرانِ
حُفّتْ بِهِ شفعاؤهمْ واستَمطَرُوا
 
مِنْ جانِبَيهِ سَحائِبَ الغفرانِ
ورأوْهُ من حيثُ التَقَتْ أبصارُهمْ
 
مُتَصَوَّراً في صورة ِ البُرْهانِ
تنبو عقولُ الخلقِ عن إدراكهِ
 
وتكِلُّ عنهُ صَحائحُ الأذهانِ
تَستَكْبِرُ الأملاكُ قبلَ لِقائِهِ
 
وتَخِرُّ حينَ تَراهُ للأذْقانِ
أبلغْ أميرَ المؤمنينَ على النَّوى
 
قَوْلاً يُريهِ نَصيحتي ومكاني
إنّ السّيوفَ بذي الفَقارِ تشَرّفَتْ
 
ولَقَلَّ سيفٌ مثلُ أفلَحَ ثانِ
قد كنتُ أحسبُني تَقَصّيتُ الوَرَى
 
وبَلَوْتُ شِيعَة َ أهلِ كلّ زَمانِ
فإذا موالاة ُ البريّة ِ كلّها
 
جمعتْ لهُ في السّرّ والإعلان
و إذا الذينَ أعدُّهمْ شيعاً إذا
 
قيسوا إليهِ كعبّدِ الأوثان
نُضِحَتْ حرارَة ُ قَلبِهِ بمَوَدّة ٍ
 
ضربتْ عليهِ سرادقُ الإيمانِ
وحَنا جَوانحَ صَدرِهِ مَملوءة ً
 
علماً بما يأتي منَ الحدثانِ
يتبرّكُ الرّوحُ الزّكيُّ بقربهِ
 
نُسْكاً ويُرْوي مُهجَة َ الهَيمان
أمُعِزَّ أنصارِ المُعزّ منَ الوَرَى
 
والمُنزِلُ النُّصْابَ دارَ هَوانِ
بكَ دانَ ملكُ المشرقينِ وأهلهُ
 
وأنابَ بَعدَ النّكثِ والخُلعانِ
و إنّا وجدنا فتحَ مصرٍ آخراً
 
لكَ ذِكرُهُ في سالِفِ الأزْمانِ
فبعرمكَ انهدّتْ قوى أركانها
 
وبقُرْبك امتدّتْ إلى الإذْعانِ
وطأتَ بالغاراتِ مركبِ عزّها
 
والجيشَ حتى ذَلّ للرُّكبْانِ
فإليكَ ينسبُ حيثُ كنتَ وإنّما
 
فخرُ الصُّلِيَ لقادِحِ النّيرانِ
عصفتْ على الأعرابِ منكَ زعازعٌ
 
سكفتْ دمَ الأقرانِ بالأقرانِ
ما قرّ أعينُ آلِ قرَّة َ مذْ سقوا
 
بكَ ما سقوهُ منَ الحميمِ الآني
وقبيلة ً قتّلتها وقبيلة ً
 
أثكَلْتَها بالبَرْكِ في الأعطانِ
أخْلى البُحيرَة َ منهُمُ والبِيدَ مَا
 
خسفَ الصّعيدَ بشدّة ِ الرجفانِ
فشغلتَ أهلَ الخيمِ عن تطنيبها
 
وأسمتهمُ شرداً مع الظُّلمانِ
وَسَمتْ إلى الواحاتِ خَيلُكَ ضُمَّراً
 
حتى انتهت قدماً إلى أسوانِ
قد ظاهَرُوا لِبَدَ الدّرُوعِ عليهِمُ
 
إنّي مدَحتُك مُخلِصاً
وغَدَوْا حَوالَيْ مُتْرَفٍ لا يَنثَني
 
علماهُ عن إنسٍ ولا عن جانِ
فكَأنّ دينَكَ يوْمَ أرْدى كُفرَهُ
 
أجلٌ بطشتَ لهُ بعمرٍ فانِ
وكأنّ أسرابَ الجيادِ ضحى وقد
 
خفّت إليهِ كواسرُ العقبانِ
عطَفَتْ علَيهِ صدورَها وكأنّما
 
عَطَفَتْ على كِسرَى أنُو شروانِ
وكأنّما البرّاضُ صبّحَ أهلهُ
 
وكأنّ هجائنُ النّعمانِ
ظلت سيوفكَ وهي تأخذث روحهُ
 
كالنّارِ تَلفَحُهُ بغيرِ دُخانِ
حكَّمت بسعدَ المشتري لكَ ساعة ٌ
 
حكمت لهُ بالنّحسِ من كيوانِ
فعَجِبتُ كيفَ تخالَفَ القَدَرانِ في
 
عُقْباهُما وتَشابَهَ الأمَلانِ
رُعْتَ الأوابِدَ في الفَدافِدِ فجأة ً
 
بعجارفِ الرّديانِ والوخدانِ
وتَعَوّذَ الشّيطانُ منكَ وكَيدُهُ
 
لمّا ذعرتَ جزيرة َ الشيطانِ
سارتْ جيادكَ في الفلا سيرَ القطا
 
يحمِلْنَ ظُلْماناً على ظُلْمانِ
ضمنّتَ صهوة َ كلّ طرفٍ مثلهُ
 
وحملتَ سرحاناً على سرحانِ
في مَهْمَهٍ، ما جابَهِ الرُّكبانُ مُذْ
 
طُرِدَتْ من الدّنيا بَنو مَرْوانِ
لو سارَ فيهِ الشَّنفرى فتراً لما
 
حملتهُ في وعسائه قدمان
يجتبنَ كلّ ملمّعٍ بالآلِ ما
 
للجِن بالتّعريسِ فيهِ يَدانِ
خضنَ الظّلامِ إليهِ ثمّ اجتنبهُ
 
ومَرَقنَ من سِجفَيْهِ كالحُسبانِ
كَم غُلْنَ من مُستَكبِرٍ في قَوْمِه
 
متَمَنَّعٍ بالعِزّ والسُّلطانِ
أو في درُوعِ البأسِ من مُستَلْئِمٍ
 
أو في ثِيابِ الخَزّ من نَشوانِ
باتتْ تحيّيهِ سقاة ُ مدامة ٍ
 
فغَدَتْ تُحَيّيهِ سُقاة ُ طِعانِ
يهوي السِّنانُ إليهِ وهوَ يظنُّهُ
 
كأسَ الصَّبوحِ على يدِ النَّدمانِ
ولكمْ سلبتَ بها عزيزاً تاجهُ
 
وتركتَ فيها من عبيطٍ قان
ومُجَدَّلاً فوْقَ الثَّرَى ونَجيعُهُ
 
و الرّوحُ من ودجيهِ مختلطانِ
وكمِ استبَحنَ وكم أبحنكَ من حمى ً
 
وحقوفِ رَملٍ في معاطِفِ بانِ
و كواعبٍ محفوفة ٍ بعصائبٍ
 
قد كُلِّلتَ بالدُّرّ والمَرْجانِ
و المسكُ يعبقُ في البرودِ كأنَّها
 
زهرُ الرّبيعِ مفوَّفُ الألوانِ
لم يبقَ إلاّ السّدُّ تخرقُ ردمهُ
 
فلقد أطاعكَ في الورى العصرانِ
وبَلغتَ قُطرَ الأرضِ بالعزْمِ الذي
 
لم تُؤتَهُ الأفلاكُ في الدّوَرَانِ
و جمعتَ شملَ المتَّقينَ على الهدى
 
وتألّفَتْ بكَ أنفُسُ الحيوانِ
فزكتْ بكَ الأعمالُ حقَّ زكاتها
 
ونجَتْ بكَ الأرْواحُ في الأبدانِ
لوْ يقرنُ اللَّهُ البلادَ بمثلها
 
ضاقتْ بعزمكَ والصَّبيرِ الدّاني
تندي بآلافِ الألوفِ إلى مدى ً
 
يعيا على الحسّابِ والحسبانِ
يا سَيفَ عِتْرَة ِ هاشِمٍ وسِنانَها
 
و شهابها في حالكِ الأدجانِ
لوْ سرتُ أطلبُ هل أرى لكَ مشبهاً
 
لطلبتُ شيئاً ليسَ في الإمكانِ
كلُّ الدُّعاة ِ إلى الهُدَى كالسّطرِ في
 
بَطنِ الكتابِ وأنتَ كالعنوانِ
أنتَ الحَقيقَة ُ أُيّدَتْ بحَقيقَة ٍ
 
و سواكَ عينُ الإفكِ والبهتانِ
إنّي لأستَحيي منَ العَليا إذا
 
قابَلْتُ ما أوْلَيتني بَعيانِ
أعْجَلتَ في يوْمي رَجائي في غَدٍ
 
فكأنّني في جنَّة ِ الرِّضوانِ
ولبِسْتُ ما ألبَستَني من نِعمَة ٍ
 
فبها شكرتكَ لا بطولِ لساني
 
حتى إذا ما ضاقَ ذَرْعُ بَياني
كادَتْ تَسيلُ معَ المَدائحِ مُهجتي
 
لوْلا ارتِباطُ النّفسِ بالجُثمانِ