كل من رام في الوجود اتصالا

كلُّ منْ رامَ في الوجودِ اتصالا

​كلُّ منْ رامَ في الوجودِ اتصالا​ المؤلف محيي الدين بن عربي


كلُّ منْ رامَ في الوجودِ اتصالا
بوجودي قد رام أمراً مُحالا
قدْ قطعنا لرؤيةِ السرِّ شوقاً
واشتياقاً فيافياً ورمالا
ثم إني لما وصلتُ إليه
لم أجد غيرنا فزدت نكالا
قلتُ ربي فقالَ لبيكَ عبدي
لم أجد غير حيرةٍ لي ضلالا
قالَ لي هكذا هوَ الأمرُ فاعلمْ
لمْ يزد طالبوهُ إلا خبالا
كلُّ قلبٍ يبغي الوصولَ إليهِ
معلمٌ بالفراقِ منهُ تعالى
وكذا منْ يقولُ ربي بقلبي
جدٌّ والجدٌّ لمْ ينلهُ فنالا
حيرةٌ مثله فقال شُخيصٌ
غاطسٌ في السرابِ ماءً زلالا
ثمَّ لمَّا أتاهُ لمْ يلفَ إلا
عدماً حاصلاً وقدْ كانَ آلا
يثبتُ الجهلَ ههنا ثم أيضا
ههنا والجهولُ نال الوبالا
وجدَ اللهُ عندَهُ فكفاهُ
صاحبُ الآلِ كانَ أحسنَ آلا
إخوتي هل رأيتهمُ أو سمعتم
أنَّ شخصاً أتى إليهِ فمالا
عنهُ عنْ غيرِ حاصلٍ مستلذٍّ
لا وحقِّ الإلهِ جلَّ جلالا
ما رأيناه في سوى الحق عينا
وقصاراه أنْ يكون خيالا
وهوَ شرعٌ مقررٌ مستفادٌ
جاء بالكاف نوره يتلالا
لقلوبٍ دنت إليه اشتياقا
فكساها مهابةً وجمالا
لا وحقِّ الهوى ومتبعيهِ
ما رأينا في الهجر إلا الوصالا
لمْ ينلْ كلُّ طالبٍ مستفيدٍ
عينَ كونِ الحبيبِ إلا كَلالا
فاطلب الأمر بالوجودِ تجدْه
عندَ حبلِ الوريدِ يشكو المطالا
قلت مذ أنت ههنا قال دهري
إنَّ ربي أتيتُ عنهُ مثالا
وأنا ما أريدُ إلا إلهي
حبه الدهرَ لا أريدُ اتصالا
بسوى الله قال عينُ وجودي
حققِ الأمرَ يا فتى استقلالا
يدرى قطعاً من أبصر البدر تما
إنهُ كانَ في العيانِ هلالا
ثمَّ لمَّا تزايدَ الأمرُ فينا
عاد في نقصه يريد الكمالا
كلُّ نقصٍ تراهُ فهوَ كمالٌ
للذي جاء فيه أنَّ المثالا
يستر الشيء خلفه وهو كشفٌ
عند من يعرفُ الحلال حلالا
حكمَ العلمُ أنَّ ما كانَ رجماً
إنه كانَ في الهواءِ اشتعالا
وهوَ نجمٌ كما تراهُ ولكنْ
جعلَ الجوَّ للرجومِ مجالا
هو نار وفي الحقيقةِ نورٌ
فيه شغلٌ لمنْ يريدُ اشتغالا
وأتى الربُّ للحرارةِ فيها
رحمةً للورى فمدَّ الظلالا
فنعمنا بها فعشنا ملوكا
ليسَ نبغي ضداً فنبغي قتالا
في نعيمٍ بهِ وظلِّ ظليلٍ
مستريحينَ لا نقطّ ذبالا
إنْ ترد أنْ تكون فيه مكانا
أكثر الصوم ههنا والوصالا
كلُّ من مال عنك فيما تراه
لا تقلْ عنهُ إنهُ عنكَ مالا
فتغيظ العدوّ قولا وفعلا
وتسرُّ الوليَّ فعلاً وحالا
سمى المال في العموم لميل
فيك والعبدُ مال عنه ممالا