كم ألحم السيف في أبناء ملحمة

كم ألحمَ السَّيف في أبناءِ مَلحمة ٍ

​كم ألحمَ السَّيف في أبناءِ مَلحمة ٍ​ المؤلف ابن عبد ربه


كم ألحمَ السَّيف في أبناءِ مَلحمةٍ
ما منهمُ فوقَ ظهرِ الأرض دَيَّارُ
وأوردَ النَّارَ منْ أرواحِ مارقةٍ
كادَتْ تَمَيَّزُ مِنْ غَيْظٍ لَها النَّارُ
كأنَّما صَالَ في ثِنْيَي مُفاضتِهِ
مُسْتَأْسِدٌ حَنِقُ الأَحْشاءِ هَرَّارُ
لمَّا رأى الفِتْنةَ العَمياءَ قدْ رَحُبتْ
منها على الناسِ آفاقٌ وأقطارُ
وَأَطْبَقَتْ ظُلْمٌ مِنْ فَوقِها ظُلمٌ
مَا يُسْتَضاءُ بِها نُورٌ ولا نارُ
قادَ الجِيادَ إلى الأعْداءِ ساريةً
قُبَّاً طَواها كطَيِّ الْعَصْبِ إِضْمَارُ
ملمومةً تتبارى في مُلملمةٍ
كأَنَّها، لاعْتِدالِ الخَلْقِ، أَفْهارُ
تَزْوَرُّ عِنْدَ احْتماسِ الطَّعْنِ أَعْيُنُها
وهنَّ منْ فرُجاتِ النَّقْعِ نُظَّارُ
تفوتُ بالثأرِ أقواماً وتُدركهُ
منْ آخرينَ إذا لم يُدركِ الثارُ
فانسابَ ناصرُ دينِ اللهِ يقدُمُهُمْ
وحَوْلَه مِنْ جنُودِ اللّهِ أَنصارُ
كتائبٌ تتبارى حولَ رايتهِ
وَجَحْفَلٌ كسَوادِ اللَّيْلِ جَرَّارُ
قومٌ لهمْ في مكرِّ الليلِ غمغمةٌ
تَحْتَ الْعَجاجِ وَإِقْبالٌ وَإدْبارُ
مِنْ كلِّ أَرْوَعَ لا يَرْعَى لِهاجِسَةٍ
كأنهُ مخْدرٌ في الغيل هصًّارُ
في قَسطَلٍ مِنْ عَجاج الحَرْبِ مُدَّ لَهُ
بينَ السَّماءِ وبينَ الأرضِ أستارُ
فكمْ بساحتهمْ منْ شِلوِ مُطَّرَحٍ
كأنَّهُ فوقَ ظهرِ الأرضِ إجَّارُ
كأنَّما رَأسُهُ أَفْلاقُ حَنْظَلَةٍ
وساعِداهُ إلَى الزَّنْدينِ جُمَّارُ
وكم على النَّهْرِ أَوْصالاً مُقَسَّمةً
تَقَسَّمَتْها المَنايا فَهْيَ أَشْطارُ
قَدْ فُلِّقَتْ بِصَفيحِ الهِندِ هَامُهُمُ
فَهُنَّ بَينَ حَوَامي الخَيْلِ أَعْشارُ