لاح لي من جانب الأفق شعاع

لاحَ لي من جانب الأفق شعاع

​لاحَ لي من جانب الأفق شعاع​ المؤلف سيد قطب


لاحَ لي من جانب الأفق شعاع

بينما أخبطُ في داجي الظلام

في صحارى اليأس أسرى في ارتياع

حيث تبدو موحشات كالرجام

،

حيثُ يسري الهول فيها واجما

ويطوف الرعب فيها حائما

والفناء المحض يبدو جاثما

،

وترى الأشباح في رأس التلاع

كالسعالى، أو كأشباح الحمام

فاغرات تتشهّى الابتــلاع

تنهش اللحمَ، وتفري في العظام

فتلفّتّ على الضـوء يلوح

مثلما تلمعُ عينُ الساهرِ

أو كما تهمس في الأجداث روح

أو كمعنى شاردٍ في الخاطرِ

،

قد تلفتّ بقلب مستطار

شفّه الذعر وأضناه العثار

طالما رجّى تباشير النهار

،

ثم أزمعتُ إلى الأفق الصبوح

أرتجي فيهِ أمـان الحائرِ

أصعد الرابي وأهوى في السفوح

وكأني طيف جنّ نافر

ثم ماذا؟ ثم قد ساد الحلك!

فجأة والقبس الهادي خبا

ثم أحسست بدقات الفلك

لاهثات تتراخى تعبا!

،

رجفةُ الخائف أضناهُ العياء

وهو يعدو لاهثاً عدو الطلاء

قبلما يلحقها غول الفناء

،

وإذا قلبي خفوق منتهك

ليس يدري لخلاص سببا

حولهُ الظلمةُ في أيّ سلك

حيث ينسى الهاربون الهربا

قلتُ ماذا؟ قال لي رجع الصدى

إيه ماذا؟! قلتُ للوهم علاما!

قال لي اخشع أنت في وادي الردى

حيث يطوى الضـوء طرا والظلاما!

،

ها هنا تثوي الأماني، ها هنا

في مهاوي اليأس في كهف الفنا

كل شيء هالك، حتى أنا!

،

ثم ضاع الصوت يفنى بددا

وتلاشى تاركا منه التماما

وإذا بي عدت أسري مفرداً

لا أرى شيئاً، ولا أدري إلاما؟!

1932