لا قوم أكرم من تميم إذ غدت
لا قَوْمَ أكْرَمُ من تَمِيمٍ، إذْ غَدَتْ
عُوذُ النّسَاءِ يُسَقْنَ كَالآجَالِ
الضّارِبُونَ إذا الكَتِيبَةُ أحجَمَتْ،
وَالنّازِلُونَ غَداةَ كُلّ نِزَالِ
وَالضّامِنُونَ عَلى المَنِيّةِ جَارَهُمْ،
وَالمُطْعِمُونَ غَداةَ كُلّ شَمالِ
أبَني غُدانَة! إنّني حَرّرْتُكُمْ،
وَوَهَبْتُكُمْ لَعَطِيّةَ بنِ جِعَالِ
فَوَهَبتُكمْ لأحقّكُمْ بقَديمِكُمْ
قِدْماً، وَأفْعَلِهِ لِكُلّ نَوَالِ
لَوْلا عَطِيّةُ لاجْتَدَعْتُ أُنُوفَكُمْ
مِنْ بَينِ ألأمِ آنُفٍ وَسِبَالِ
إني كَذَاكَ إذا هَجَوْتُ قَبِيلَةً،
جَدّعْتُهُمْ بِعَوَارِمِ الأمْثَالِ
أبَنُو كُلَيْبٍ مِثْلُ آلِ مُجاشِعٍ؛
أمْ هَلْ أبُوكَ مُدَعْدِعاً كَعِقَالِ
دَعْدِعْ بِأعْنَقِكَ التّوائِمَ، إنّني
في بَاذِخٍ، يا ابن المَرَاغَةِ، عَالي
وابنُ المَرَاغَةِ قَدْ تَحَوّلَ رَاهِباً،
مُتَبَرْنِساً لِتَمَسْكُنٍ وَسُؤالِ
وَمُكَبَّلٍ تَرَكَ الحَديدُ بِسَاقِهِ
أثَراً مِنَ الرَّسَفَانِ في الأحْجَالِ
وَفَدَتْ عَلَيْهِ شُيُوخُ آلِ مُجاشَعٍ
مِنْهُمْ، بِكُلّ مُسَامحٍ مِفْضَالِ
فَفَدَوْهُ، لا لثَوابِهِ، وَلقَدْ يُرَى
بيَمِينِهِ نَدَبٌ مِنَ الأغْلالِ
مَا كَانَ يَلْبَسُ تَاجَ آلِ مُحَرِّقٍ،
إلاّ هُمُ وَمَقَاوِلُ الأقْوَالِ
كانَتْ مُنَادَمَةُ المُلُوكِ وَتَاجُهُمْ
لمُجاشِعٍ وَسُلافَةُ الجِرْيَالِ
وَلَئِنْ سَألْتَ بَني سُلَيْمٍ أيُّنَا
أدْنَى لِكُلّ أرُومَةٍ وَفَعَالِ
لَيُنَبّئَنّكَ رَهْطُ مَعْنٍ، فَأتهِمْ
بالعِلْمِ، وَالأنِفُونَ مِنْ سَمّالِ
إنّ السّمَاءَ لَنَا عَلَيْكَ نُجُومُهَا،
وَالشّمْسُ مُشرِقَةٌ، وَكُلُّ هِلالِ
وَلَنا مَعاقِلُ كُلّ أعْيَطَ بَاذِخٍ،
صَعْبٍ، وَكُلُّ مَبَاءَة مِحْلالِ
إنّ ابن أخْتِ بَني كُلَيبٍ خَالُهُ،
يَوْمَ التّفَاضُلِ، ألأمُ الأخْوَالِ
بَعْلُ الغَرِيبَةِ مِنْ كُلَيْبٍ مُمسِكٌ
مِنْهَا، بِلا حَسَبٍ وَلا بِجمالِ
إني وَجَدْتُ بَني كُلَيْبٍ إنّمَا
خُلِقُوا، وَأُمِّكَ، مُذْ ثَلاثُ لَيالِ
يُرْوِيهِمُ الثَّمْدُ، الّذِي لَوْ حَلّهُ
جُرَذانِ مَا نَدّاهُمَا بِبِلالِ
لا يُنْعِمُونَ فَيَسْتَثِيبُوا نِعْمَةً
لهُمُ، وَلا يَجْزُونَ بِالافْضَالِ
يَتَرَاهَنُونَ على جِيَادِ حَمِيرِهِمْ،
مِنْ غَايَةِ الغَذَوَانِ وَالصَّلْصَالِ
وَكَأنّمَا مَسَحُوا بِوَجْهِ حِمَارِهم
ذي الرّقمَتَينِ جَبِينَ ذي العُقّالِ
يَتْبَعْنَهُمْ، سَلَفاً على حُمُرَاتهِمْ،
أعْداءَ بَطْنِ شُعَيْبَةِ الأوْشَالِ
وَيَظلّ من وَهَجِ الهَجِيرَةِ عَائِذاً
بالظّلّ، حَيثُ يَزُولُ كلَّ مزَالِ
وَحَسِبْتَ حَرْبي وَهي تَخطِرُ بالقَنا
حَلْبَ الحِمَارَةِ يا ابنَ أُمّ رِعَالِ
كَلاَ وَحَيْثُ مَسَحْتُ أيْمَنَ بَيَتِهِ
وَسَعَيْتُ أشْعَثَ مُحْرِماً بحَلالِ
تَبْكي المَرَاغَةُ بالرَّغَامِ على ابْنِها،
وَالنّاهِقَاتُ يَنُحْنَ بِالإعْوَال
سُوقي النّوَاهِقَ مأتَماً يَبْكِينَهُ
وَتَعَرّضِي لِمُصَاعِدِ القُفّالِ
سَرِباً مَدامِعُها، تَنُوحُ على ابْنِها،
بِالرّمْلِ قَاعِدَةً على جَلاّلِ
قالُوا لها: احْتَسبي جَرِيراً إنّهُ
أوْدَى الهِزَبْرُ بِهِ أبُو الأشْبَالِ
ألْقَى علَيْهِ يَدَيْهِ ذُو قَوْمِيّةٍ،
وَرْدٌ، فَدَقّ مَجَامِعَ الأوْصَالِ
قَدْ كُنْتُ لَوْ نَفَعَ النّذِيرُ نَهَيْتُهُ
ألاّ يَكُونَ فَرِيسَةَ الرّئْبَالِ
إني رَأيْتُكَ إذْ أبَقْتَ فَلَمْ تَئِلْ،
خَيّرْتَ نَفْسَكَ مِنْ ثَلاثِ خِلالِ
بَينَ الرّجُوع إليّ وَهْيَ فَظِيعَةٌ
في فِيكَ مُدْنِيَةٌ مِنَ الآجَالِ
أوْ بَينَ حَيّ أبي نَعَامَةَ هَارِباً،
أوْ بِاللّحَاقِ بطَيّيء الأجْبَالِ
وَلَقدْ هَمَمتَ بقَتلِ نَفسِكَ خالياً،
أوْ بِالفِرَارِ إلى سَفِينِ أوَالٍ
فَالآنَ يا رُكْبَ الجِداءِ هَجَوْتُكمْ
بهِجَائِكُمْ وَمُحَاسبِ الأعْمالِ
فاسْألْ فإنّكَ من كُلَيْبٍ وَالتَمِسْ
بِالعَسْكَرين بَقِيّةَ الأظْلالِ
إنّا لَتُوزَنُ بِالجِبَالِ حُلُومُنَا،
وَيَزِيدُ جَاهِلُنَا على الجُهّالِ
فَاجْمَعْ مَساعيَكَ القصَارَ وَوَافِني
بِعُكَاظَ يَا ابنَ مُرَبِّقِ الأحْمَالِ
واسْألْ بِقَوْمِكَ يا جَرِيرُ وَدارِمٍ
مَنْ ضَمّ بَطْنُ مِنىً مِنَ النُّزَالِ
تَجِدِ المَكَارِمَ وَالعدِيدَ كِلَيْهِما
في دارِمٍ وَرَغَائِبَ الآكَالِ
وَإذا عَدَدْتَ بَني كُلَيْبٍ لمْ تجِدْ
حَسبَاً لهُمْ يُوفي بشِسْعِ قِبَالِ
لا يَمْنَعُونَ لَهُمْ حَرَامَ حَلِيلَةٍ
بِمَهَابَةِ مِنْهُمْ وَلا بِقِتَالِ
أجَرِيرُ إنَّ أبَاكَ إذْ أتْعبَتْهُ
قَصَرَتْ يَداهُ وَمَدَّ شَرَّ حِبَالِ
إنّ الحِجَارَةَ لَوْ تَكَلّمُ خَبّرَتْ
عَنْكُمْ بِألأمِ دِقّةٍ وَسِفَالِ
لَوْ تَعْلَمُونَ غَداةَ يُطْرَدُ سَيبُكم
بالسّفْحِ بَينَ مُلَيْحَةٍ وَطِحَالِ
وَالحَوْفَزَانُ مَسَوِّمٌ أفْرَاسهُ،
وَالمُحْصَناتُ يَجُلْنَ كلَّ مَجالِ
يَحْدُرْنَ مِنْ أُمُلِ الكَثِيبِ عَشيّةً،
رَقصَ اللّقَاحِ وَهُنّ غَيرُ أوَالِ
حتى تَدارَكَهَا فَوَارِسُ مَالِكٍ
رَكْضاً بِكُلّ طُوَالَةٍ وَطُوَالِ
لمّا عَرَفْنَ وُجُوهَنَا وَتَحَدّرَتْ
عَبَرَاتُ أعْيُنِهِنّ بِالإسْبَالِ
وَذَكَرْنَ مِنْ خَفَرِ الحَياءِ بَقِيّةً
بَقِيَتْ وَكُنّ قُبَيْلُ في أشْغَالِ
وَارَيْنَ أسْوقَهُنّ حِينَ عَرَفْنَنا
ثِقَةً وَكُنّ رَوَافِعَ الأذْيَالِ
بِفَوَارِسٍ لحقُوا، أبُوهُم دارِمٌ،
بِيضُ الوُجُوهِ على العَدُوّ ثِقَالِ
كِنّا إذا نَزَلَتْ بِأرْضِكَ حَيّةٌ
صَمّاءُ تَخْرُجُ من صُدُوعِ جِبَالِ
يُخْشَى بَوَادِرُها شَدَخْنَا رَأسَها
بمُشَدِّخَاتٍ للرّؤوسِ عَوَالي
إنّا لَنَنْزِلُ ثَغْرَ كُلّ مَخُوفَةٍ
بِالمُقْربَاتِ كَأنّهُنّ سَعَالي
قُوداً ضَوَامِرَ في الرّكُوبِ، كَأنّهَا
عِقْبَانُ يَوْمِ تَغَيّمٍ وَطِلالِ
شُعْثاً شَوَازِبَ، قَدْ طَوَى أقرَابَها
كَرُّ الطّرَادِ، لَوَاحِقُ الآطَالِ
بِأُولاكَ تَمْنَعُ أنْ تُنَفِّقَ، بَعْدَمَا
قَصّعْتَ بَينَ حُزُونَةٍ وَرِمَالِ
وَبهِنّ نَدْفَعُ كَرْبَ كُلّ مُثَوِّبٍ،
وَتَرَى لها خُدداً بِكُلّ مَجَالِ
إني بَنى لي دارِمٌ عَادِيّةً
في المَجْدِ، لَيْسَ أرُومُها بمُزَالِ
وَأبي الّذي وَرَدَ الكُلابَ مُسَوِّماً،
وَالخَيْلُ تَحْتَ عَجاجِها المُنّجالِ
تَمْشِي كَوَاتِفُها، إذا مَا أقْبَلَتْ،
بِالدّارِعِين تَكَدُّسَ الأوْعَالِ
قَلِقاً قَلائِدُها، تُقادُ إلى العِدَى
رُجُعَ الغَذيّ كَثَيرَةَ الأنْفَالِ
أَكَلَتْ دَوَابِرَهَا الإكَامُ فَمَشيُها،
مِمّا وَجِينَ، كَمِشْيَةِ الأطْفَالِ
فكأنّهُنّ، إذا فَزعنَ لصَارِخٍ،
وَشَرَعْنَ بَينَ سَوَافِلٍ وَعوَالِ
وَهَزَزْنَ مِنْ جَزَعٍ أسِنّةَ صُلَّبٍ،
كَجُزُوعِ خَيْبَرَ أوْ جُزُوعِ أوَالِ
طَيْرٌ تُبَادِرُ رَائِحاً ذا غَبْيَةٍ،
بَرْداً، وَتَسْحَقُهُ خَرِيقَ شَمَالِ
عَلِقَتْ أعِنّتُهُنّ في مَجْرُومَةٍ،
سُحُقٍ مُشَذَّبَةِ الجُذُوعِ طِوَالِ
تَغْشَى مُكَلِّلَةً عَوَابِسُهَا بِنَا
يَوْمَ اللّقَاءِ أسِنّةَ الأبْطَالِ
تَرْعَى الزّعَانِفُ حَوْلَنَا بِقِيَادِهَا
وَغُدُوُّهُنّ مُرَوَّح التَّشْلالِ
يَوْمَ الشُّعَيْبَةِ، يَوْمَ أقْدَمَ عَامِرٌ
قُدّامَ مُشْعِلَةِ الرُّكُوبِ غَوَالِ
وَتَرَى مُرَاخِيَها يَثُوبُ لحَاقُهَا،
وِرْدَ الحَمَامِ حَوَائِرَ الأوْشَالِ
شُعْثاً، قَدِ انْتَزَعَ القِيَادُ بُطُونَها
مِنْ آلِ أعْوَجَ ضُمّرٍ، وَفِحَالِ
شُمُّ السّنَابِكِ، مُشْرِفٌ أقْتَارُها،
وَإذا انْتُضِينَ غَداةَ كُلّ صِقَالِ
في جَحْفَلٍ لَجِبٍ كأنّ شَعَاعَهُ
جَبَلُ الطَّرَاةِ مُضَعْضَعُ الأمْيَالِ
يَعْذِمْنَ، وَهْيَ مُصِرّةٌ آذانَهَا،
قَصَرَاتِ كُلّ نجيبَةٍ شِمْلالِ
وَتَرَى عطِيّةَ، والأتَانُ أمَامَهُ،
عَجِلاً يَمُرّ بِهَا عَلَى الأمْثَالِ
وَيَظَلّ يَتْبَعُهُنّ، وَهَو مُقَرْمِدٌ،
مِنْ خَلْفِهِنّ، كَأنّهُ بِشِكَالِ
وَتَرى عَلى كَتِفَيْ عَطِيّة مَائلاً
أرْبَاقهُ عُدِلَتْ لَهُ بِسخَالِ
وَتَرَاهُ مِنْ حَمْيِ الهَجِيرَةِ لائِذاً
بالظّلّ، حِينَ يَزُولُ كُلَّ مَزَالِ
تَبِعَ الحِمَارَ مُكَلَّماً، فأصَابَهُ
بِنَهِيقِهِ مِنْ خَلْفِهِ بِنِكَالِ
وابنُ المَرَاغَةِ قَدْ تَحَوّلَ رَاهباً،
مُتَبَرْنِساً لِتَمَسْكُنٍ وَسُؤالِ
يَمْشِي بهَا حَلِماً يُعَارِضُ ثَلّةً،
قُبْحاً لتلكَ، عَطيَّ، مِن أعْدالِ
نَظَرُوا إليّ بِأعْيُنٍ مَلْعُونَةٍ،
نَظَرَ الرّجَالِ، وَمَا هُمُ برِجَالِ
مَتَقَاعِسينَ على النَواهِقِ بالضّحى،
يَمْرُونَهُنّ بِيَابِسِ الأجْذَالِ
إنّ المَكَارِمَ، يا كُلَيْبُ، لغيرِكُمْ،
وَالخَيْلَ يَوْمَ تَنَازُلِ الأبْطَالِ