لحكمة أتينا الدنيا

​لحكمة أتينا الدنيا​ المؤلف صقر الشبيب


ليسَ في الأرضِ من طريقٍ يُؤدّي
سالكيهِ أو بعضَهُمْ للسعادَهْ
فلها اسمٌ بينَ الأنامِ شهيدٌ
ومُسمَّاهُ مُستَحيلُ الشَّهادَهْ
ما رأينا إلا شَقاءً عتيداً
لبني الأرضِ كُلِّهِمْ أو عَتَادَهْ
وعلى العلمِ بالشَّقَاء ترانا
نتمنَّى منَ البنينَ الزِّيادَهْ
أمُحِبٌ أولادَه الوالدُ المسـ
ـكينُ أَمْ كانَ مُبغِضاً أولادَهْ
إنْ يكُنْ والدُ البنينَ مُحبّاً
فلماذا قد فكَّ بابَ الولادَهْ
وهو بابٌ مُذْ مرَّ منهُ إلى الدُّنْـ
ـيا تمنَّى في وجهه إيصادَهْ
أفيَرضى المُحبُّ أن ينظرَ المحـ
ـبوبَ يشكُو من الشَّقاءِ اشتدادَهْ
أو يَكُن حاقداً يُريد انتقاماً
فسلُوهُ ماذا نَمَا أحقادَهْ
إنَّما يحقِدُ الحقودُ على مَنْ
قَدْ رآهُمْ بينَ الوَرَى أَضْدَادَهْ
وَبَنُوهُ في عالمِ الغيبِ لم يأ
تُوا بأمرٍ يَسُوءُ منه فُؤادَهْ
وإذاً ليسَ عن هوىً أو لبُغضٍ
رامَ ذُو النّسلِ نَسلَهُ وأرادَهْ
بل لأمرٍ أرادَهُ اللهُ تَمَّتْ
مِن بَنِيه إلى الوُجُودِ الوفادَهْ
وإذا ما ارَادَ ربُّكَ أمراً
بدأ الأمرَ قادراً وأعادَهْ
أوجدَ الوالدَ القديمَ لسِرٍّ
سابغِ الكَتْمِ يقتضي إيجَادَهْ
فأتى الوالدُ القَديمُ إلى الدُّنْـ
ـيا اضطراراً كما أَتَتْها الجرَادَهْ
ثُمَّ أغراهُ بالتناسلُ إغرا
ءً إليه أَلْقَى اضطراراً قيادَهْ
فَتَلَقَّى الوُجودُ مِنا مَسُوقاً
فمَسُوقاً كما تلَقَّى جمادَهْ
وتلقَّى أعلى الحَيَاوينِ والأدْ
نى وأزهارَ نَبتهِ وقَتَادَهْ
فترانا نحيا ونَهلِكُ مِثلَ الزْ
زَرعِ لاقى من بَاذِريه حصَادَهْ
بَذَرُوهُ ولم يَشَأْ ثُم قاموا
بحصادٍ - وما اشتهاهُ - أبَادَهْ
وأَرَانَا مُنذُ الولادةِ حتّى الْـ
ـمَوتِ في لا إرَادَةٍ أندَادَهْ
لو مَلَكتُ التَّصَرُّفَ الحُرَّ لم أخْـ
ضَعْ لطبعي وقد عَلِمتُ فسَادَهْ
لا ولا مِلتُ عن طريقِ حِجَائي
بعدَ عِلمِي صَلاحَهُ ورَشَادَهْ
ليسَ لي مِنْ إرادَةٍ في مقالٍ
قِيلَ عنِّي أساءهُ أو أجَادَهْ
ما أرَاهُ مؤَهِّلي لثَنَاءٍ
تقتضيه لِمَن أجادَ العادَهْ
أو أراهُ مُبرِّراً لانتقادي
من مُمِرٍّ لَمنْ أساءَ انتِقادَهْ
وكَقَولي جميعُ فِعلي فما تَمْـ
ـلِكُ كفِّي انحلالَه وانعقادَهْ
إنّما كانتِ الإرادةُ للمُو
دِعِ - ماشاءَ - من طِباعٍ عبَادَهْ
فإلى طبعِهِ المُركَّبِ فيهِ
اعْزُ إسرَافَ مُسرفٍ واقتصادَهْ
لا يُطيقُ المخلُوقُ تبديلَ طَبعٍ
بسواهُ وإن أطال جِهادَهْ
قسوَةُ الصَّخرِ لم تُعِدْها لِيَاناً
لَطَمَاتُ الأموَاجِ منْهُ صِلاَدَهْ
لا ولا الصَّخرُ قد ثنى ليَّنَ الما
ءِ قسيّاً وقد أدامَ جلادَهْ
كانَ هذا لحِكْمةٍ واكتناهُ الـ
كُنهِ منها أَعيَا الحِجَى واجتهادَهْ
ذاك مالا أَحُولُ عَنهُ اعتقاداً
تاركاً كُلَّ ناظرٍ واعتقادَهْ


Public domain هذا العمل في الملك العام في الكويت وفق القانون رقم 64 لسنة 1999 في شأن حقوق الملكية الفكرية (الكويت) لأن مدة حماية حقوق المؤلف قد انقضت.
الكويت
الكويت