لعلك يا شمس عند الأصيل

لعلك يا شمس عند الأصيل

​لعلك يا شمس عند الأصيل​ المؤلف ابن دارج القسطلي


لعلك يا شمس عند الأصيل
شجيت لشجو الغريب الذليل
وألقوا على مروان صفوة أنفس
تعالى بها جد الزمان وجده
وسيفك منهم سهمك الصائب الذي
يزيد غناء كلما زاد بعده
رميت به آفاق رومة فانثنى
يقود بنود الروم نحوك بنده
فرب حمي الغل في غيل ملكها
بعيد على شأو الجنائب قصده
متى يرم صرف الدهر لا يعد نفسه
وإن يرمه صرف المكاره بعده
تجلى ابن يحيى في سناك لغيه
فبصره أن اصطناعك رشده
فما أبطأت إذا أبطأت يد قادح
أتاك وقد أورى لك النجح زنده
ولا غاب من وافاك من أرض رومة
بغاب من الخطي تزأر أسده
كتائب لو يرمى بها الدهر قبلنا
لزلزل ذو القرنين منها وسده
كأن فضاء الأرض ألبس منهم
لبوسا من الماذي قدر سرده
تهد بهم شم الجبال فإن هفوا
فحظك يرمي جمعهم فيهده
فما ينظر الأعداء إلا عجاجة
يسير بها الرحمن فيها وعبده
إلى يوم فلج ساطع لك نوره
وميقات فتح صادق لك وعده
على بادئ الإنعام فيه تمامه
وحق على سبط الخلافة حمده
فكوني شفيعي إلى ابن الشفيع
وكوني رسولي إلى ابن الرسول
فإما شهدت فأزكى شهيد
وإما دللت فأهدى دليل
على سابق في قيود الخطوب
ونجم سنا في غثاء السيول
ينادي الندى لسقام الضياع
ويشكو إلى الملك داء الخمول
وعز على العلم مثواه أرضا
على حكم دهر ظلوم جهول
ويعجب كيف دنا من علي
ولم تنفصم حلقات الكبول
وكيف تنسم آل النبي
وأبطأ عنه شفاء الغليل
وأطواد عزهم ماثلات
له وهو يرنو بطرف كليل
وأبحرهم زاخرات إليه
ويرشف في الثمد المستحيل
وقد آذنوه الخصيب المريع
ومرتعه في الوخيم الوبيل
تجزأ من جنتي مأرب
بخمط وأثل وسدر قليل
غريب وكم غربت راحتاه
في الأرض من وجه بكر بتول
مكرمة ما نأت عن بلاد
ولا قربت من شبيه مثيل
تضيء لها مظلمات النفوس
وتروى بها ظامئات العقول
وتطلع في زاهرات النجوم
ومطلعها جانح للأفول
شريد السيوف وفل الحتوف
يكيد بأفلاذ قلب مهول
تهاوت بهم مصعقات الرواعد
في مدجنات الضحى والأصيل
بوارق ظلماء ظلم تبيح
دمى من حمى أو دما من قتيل
فأذهل مرضعة عن رضيع
وأنسى الحمائم ذكر الهديل
وشط الصريخ على ذي الصراخ
وفات المعول ذات العويل
فما تهتدي العين فيها سبيلا
سوى سبل العبرات الهمول
ولا يعرف الموت فيها طريقا
إلى النفس إلا بعضب صقيل
ركبت لها محملا للنجاة
وصيرت قصدك فيه عديلي
فردت على عقبيها المنون
بواق مجير ورأي أصيل
وقد سمتها بنفيس التلاد
على أنفس ضائعات الذحول
فهلت اليسار بيسرى جواد
وحطت الذمار بيمنى بخيل
نفوسا حنت قوس عطفي عليها
فكن سهام قسي الخمول
ومن دوننا آنسات الديار
نهاب الحمى موحشات الطلول
يهيج فيها زفير الرياح
مدامع شجو السحاب المخيل
وتلطم فيها أكف البروق
خدود عراص علينا ثكول
تظلم من هاطلات الغمام
وتشكو من الريح جر الذيول
مغاني السرور لبسن الحداد
على لابسات ثياب الذهول
خطيبات خطب النوى والمهور
مهارى عليها رحال الرحيل
فمن حرة جليت بالجلاء
وعذراء نصت بنص الذميل
ولا حلي إلا جمان الدموع
يسيل على كل خد أسيل
فبدلن من بعد خفض النعيم
بشق الحزون ووعث السهول
ومن قصر الليل تحت الحجال
بهول السرى تحت ليل طويل
ومن علل الماء تحت الظلال
صلاء القلوب بحر الغليل
ومن طيب نفح بنور الرياض
تلظى لفح بنار المقيل
ومن أنسها بين ظئر وترب
سرى ليلها بين ذيب وغول
ومن كل مرأى محيا جميل
تلقي الخطوب بصبر جميل
لعل عواقبه أن تتم
فيهدي الغريب سواء السبيل
إلى الهاشمي إلى الطالبي
إلى الفاطمي العطوف الوصول
إلى ابن الوصي إلى ابن النبي
إلى ابن الذبيح إلى ابن الخليل
إلى المستجار من المستجير
إلى المستقال من المستقيل
إلى المستضاف المليك العزيز
من المستضيف الغريب الذليل
سلام وأنت ابن بدء السلام
من ضيفه المكرمين الدخول
غداة يضيف أهل السماء
إلى منزل آلف للنزيل
فرد سلام حليم منيب
وجاء بعجل كريم عجول
وأعطانه مألف للضيوف
وموطن ذي عيلة أو معيل
شرائع خلدها في الأنام
من كل أرض وفي كل جيل
وما زال من آله حافظ
معالمها حفظ بر وصول
بأنفس مجد سراع إليها
وأيد عليها شهود عدول
فسمي جدك عمرو الكرام
بهشم الثريد زمان المحول
وشيبه ساقي الحجيج الكفيل
بمأوى الغريب وقوت الخليل
وضيف حتى وحوش الفلاة
وأهدى القرى لهضاب الوعول
وإن أبا طالب للضيوف
لأطلب من ضيفه للحلول
ولا مثل والدك المصطفى
لركب وفود وحي خلول
يبادرهم بابتناء القباب
ويكرمهم بدنو النزول
ويخلع عن منكبيه الرداء
سرورا وفرشا لضيف القيول
يروح عليهم بغر الجفان
ويغدو لهم بالغريض النشيل
قرى عاجلا يقتضي شربه
من الكوثر العذب والسلسبيل
فأنتم هداة حياة وموت
وأنتم أئمة فعل وقيل
وسادات من حل جنات عدن
جميع شبابهم والكهول
وأنتم خلائف دنيا ودين
بحكم الكتاب وحكم العقول
ووالدكم خاتم الأنبياء
لكم من مجد حفي كفيل
تلذ بحملكم عاتقاه
على حمله كل عبء ثقيل
ورحب على ضمكم صدره
إذا ضاق صدر أب عن سليل
ويطرقه الوحي وهنا وأنتم
ضجيعاه بين يدي جبرئيل
وزودكم كل هدي زكي
وأودعكم كل رأي أصيل
...................
....................