لله قدرك ما أجل وأشرفا

لِلَّهِ قَدْرُكَ مَا أَجَلَّ وَأَشْرَفا

​لِلَّهِ قَدْرُكَ مَا أَجَلَّ وَأَشْرَفا​ المؤلف ابن حيوس


لِلَّهِ قَدْرُكَ مَا أَجَلَّ وَأَشْرَفا
وَمَضَاءُ عَزْمِكَ أَيَّ حَادِثَةٍ كَفا
إنَّ الملوكَ جميعهمْ ما أمَّلوا
ساعينَ ما أحرزتهُ متوقِّفا
وكفاكَ أنَّكَ مذحويتَ مدى العلى
خَلَّفْتَ كُلاًّ دُونَهُ مُتَخَلِّفا
قدْ كانَ يذكرُ منْ مضى زمناً فمذْ
عَفَّى الْعِيَانُ عَلَى حَدِيثِهِمُ عَفا
كَانَتْ جَهَاماً سُحْبُهُمْ فَتَقَطَّعَتْ
فِي الْجَوِّ مُذْ هَبَّتْ رِيَاحُكَ حَرْجَفا
كَمْ خُضْتَ مَلْحَمَةً تَرُوعُ عُيَيْنَةً
وَغَفَرْتَ ذَنْباً يَسْتَفِزُّ الأحْنَفَا
وَأَنَلْتَ وَفْراً لَوْ حَوَاهُ حَاتِمٌ
للوى غريمَ المكرماتِ وسوَّفا
قسمَ الفخارُ فللورى أكدارهُ
ولمصطفى الملكِ المظفَّرِ ما صفا
مَلِكٌ إِذَا مَا نَابَ خَطْبٌ كَفَّهُ
وإذا أنابَ إليهِ ذو جرمٍ عفا
يَقْظَانُ إِنْ أَسْدى إِلى بَاغٍ يَداً
أخفى وإنْ أعدى على باغٍ حفا
أَبَداً يُؤَسِّسُ مَا بَنى فَفِعَالُهُ
لاَ تَقْتَفي أَثَراً وَلَكِنْ تُقْتَفا
يَزْدَادُ جُوداً كُلَّما بَخِلَ الْحَيَا
وَيَلِينُ إِنْ صَرْفُ الزَّمانِ تَعَجْرفَا
تَلْقى جَمِيلَ الصُّنْعِ مِنْهُ خَلِيقَةً
كَرَماً وَمِنْ كُلِّ الأنَامِ تَكَلُّفا
عَزْمٌ إِذَا صَدَعَ النَّوَائِبَ صَدَّها
وندىً إذا أعطى الرَّغائبَ أسرفا
فطريدُ هذا البأسِ مبذولُ الحمى
أبداً وعافي ذي المواهبِ يعتفا
إِنَّ الْخِلاَفَةَ لَمْ يُرَوَّعْ سِرْبُها
منذُ انتضتكَ فكنتَ عضباً مرهفا
فَالْحَقُّ مُرْتَجَعٌ بِسَيْفِ إِمَامِهِ
وَالْمُلْكُ مُمْتَنِعٌ بِعِزِّ مَنِ اصْطَفا
لتزدْ بكَ العلياءُ طولاً إنَّها
عهدتْ إليكَ وكنتَ أوفى منْ وفا
أَعْطَيْتَ لاَ مُتَكَلِّفَاً وَمَنَعْتَ لاَ
متخوِّفاً وحكمتَ لا متحيِّفا
فَرَأَتْكَ أَنْدى مَنْ سَخا وَ أَعَزَّ مَنْ
أعْدَى وأَعْدَلَ مُسْتَعانٍ أَنْصَفا
هممٌ إذا هممٌ أذالتْ أهلها
بَلَغَتْ بِصاحِبِها الْمَحَلَّ الأشْرَفا
حكمتْ لعزِّكَ أنْ تذلَّ لهُ العدى
وَأَبَتْ لِجارِكَ أَنْ يُرى مُسْتَضْعفَا
إنْ نوَّمتْ أهلَ الشَّآمِ فبعدما
منعتْ عيونَ عدوِّهمْ أنْ تطرفا
جارَ الزَّمانُ فما رأوهُ منصفاً
حتّى رأول هامَ الطُّغاةِ منصَّفا
ذُدْتَ الْخُطُوبَ حَدِيِثَها وَقَدِيمَها
حَتَّى لَصارَ حَدِيثُها مُسْتَطْرفَا
وَحَمَيْتَ مِنْ بُلْدَانِهِمْ ما لَمْ يَزَلْ
غَرَضاً لِعادِيَةِ الرَّدى مُسْتَهْدَفا
حصَّنتَ طارفها وكمْ متوسِّطٍ
لولاكَ أصبحَ بالقنا متطرِّفا
فَلَهُمْ لَدَيْكَ حِياضُ جُودٍ قَدْ صَفا
لِلوَارِدِينَ وَظِلُّ أَمْنٍ قَدْ ضَفا
وشأوتَ منهلَّ السَّحابِ بنائلٍ
لمَّا طفا أعيا السَّحابَ الأوطفا
فاضَلْتَهُ فَفَضَلْتَهُ لَمَّا هَمى
وخلفتهُ بنداكَ حينَ تخلَّفا
يا منْ نفوسُ الخلقِ بعضُ هباتهِ
وسحائبُ النَّكباتِ ممَّا كشَّفا
أَمَّا وَقَدْ أَوْطَنْتَ آسادَ الشَّرى
مِمَّنْ طَغى أَوطانَ حَيَّاتِ السَّفا
فَلَيَعْسُرَنَّ عَلَى اللَّيالي بَعْدَما
كلَّفتها الإسهالَ أنْ تتعسَّفا
قدْ دانتِ الدُّنيا لعزَّتكَ الَّتي
منعتْ نفوساً أنْ تعزَّ فتعزفا
وَتَحَقَّقَ الإِسْلاَمُ أَنْ لاَ عُدَّةً
تَحْمِيهِ إِلاَّ عُدَّةُ ابْنِ الْمُصْطَفى
مَنْ كانَ رَأَيُكَ رُمْحَهُ وَمَجِنَّهُ
لمْ يلقَ ريبَ الدَّهرِ أعزلَ أكشفا
خالفتَ رأيَ الدَّهرِ فيَّ ولمْ تزلْ
تعدي على الأقوى الأذلَّ الأضعفا
فَأَجَرتَنِي لَمَّا عَدَا وَلَطَفْتَ بِي
لمَّا قسا ووصلتني لمَّا جفا
أوسعتني حلماً وزدتَ تطوُّلاً
وعطفتَ عفواً قبلَ أنْ تستعطفا
وَهَدَيْتَنِي كَرَماً إِلى سُبُلِ الْغِنى
فلأهدينَّ لكَ الثَّناءَ مفوَّقا
يَسْتَوْقِفُ الرُّكْبَانَ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ
فَإِذَا يَمُرُّ عَلَى الْقَطِينِ اسْتُوقِفا
باقٍ على الأيَّامِ يخلفُ ما توى
فِيهِ إِذَا وَعْدُ الأمَانِي أَخْلَفا
وَهِيَ الْمَنَاقِبُ لَنْ يَسِيرَ حَدِيثُها
حَتَّى يَسيِرَ بِهِ الْقَرِيضُ فَيُوجِفا
لا تطلبنَّ لهنَّ غيري ناظماً
مَاكُلُّ مَنْ أَلْفى الْجَوَاهِرَ أَلَّفا
معَ أنَّ مجدكَ لا يُحاطُ بوصفهِ
قدْ جلَّ حتّى دقَّ عنْ أنْ يوصفا
منْ حسنِ ذي الأيَّامِ دامَ بهاؤها
قَدْ كادَتِ الأعْيَادُ أَنْ لاَ تُعْرَفا
فاسلمْ على غيرِ الزَّمانِ لأمَّةٍ
لولاكَ لمْ يكُ شملها متألِّفا
إِنِّي إِذَا عَدَّ الرِّجالُ قَدِيمَهُمْ
ورأيتُ كلاًّ ذاكراً ما أسلفا
ألغيتُ آبائي وشامخَ ما بنوا
لي منْ علىً وعددتُ هذا الموقفا
لاَ تُكْذَبَنَّ فَلَيْسَتِ الأَشْعَارُ لِي
حتّى تنكِّبَ عنْ سواكَ وتصدُفا
وَقْفٌ عَلَى ذَا الْمَلكِ مَدَّاحٌ مَتى
لَمْ يَسْعَ فِي الطَّلَبِ الشَّرِيفِ تَوَقَّفا