لما دعا داعي الهوى لبيته

لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ

​لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ​ المؤلف لسان الدين الخطيب


لمّا دعا داعي الهوى لبّيْتُهُ
وحثَثْتُ رحْلي مُسْرعا وأتيْتُهُ
وحَجَجْتُ كعْبتهُ فما من منْسكٍ
إلا أقمْتُ شعارَهُ وقضَيْتُهُ
ولو أنني أنصفتُ حجّ لي الهوى
عيناي زمْزمُهُ وقلبي بيْتَه
من مُنْصِفي من جيرةٍ لم يَرْحمُوا
دمْعاً على عَرَصاتِهم أجْرَيْتُه
راعوا فُؤادي بالصُّدودِ وما رَعَوْا
عهْداً لهم حافَظْتُهُ ورَعَيْتُه
طاوَعْتُ قلبي حين لجّ لَجاجُهُ
في حُبّهم ولو انتهى لنهَيْته
من ذا يُواسي في أسًى حالفْتُه
أم من يُعاني مِن جَوىً عانَيْتُه
مهما زَجَرْتُ صبابتي حرَّضْتُها
وإذا كفَفْتُ تشوُّقي أغْريْتُه
يا من سُكوتي في هواهُ تفكُّرٌ
في شأنِهِ وإذا نَطَقْتُ عَنَيْتُه
يا من أموّهُ بالصِّفاتِ وبالحُلى
من أجْلِهِ وأغارُ إن سَمّيْتُه
يا روضةً غرسَتْ لِحاظي وردَها
وسكبْتُ دمعي ديمةً وسقيْتُه
فإذا جنيتُ بناظري من زَهْرها
كتب الهوى ذنباً عليَّ جَنيتُه
أدَّى إلي الطَّيفُ عنك رسالةً
فقرأتُها ولو اسطتعتُ قريتهُ
ما كان ضرَّكَ لو أبحْتَ مقامَهُ
فبثثتُهُ شكواي أو ناجَيْتُه
قالت فِداكَ أبي فؤادُك في يدي
عانٍ ولو أنِّي أشاء فديتُه
طبُّ المسيحِ لديَّ منه مسحةً
أيقيمٌ داء كلَّما داويتهُ
أهدى لمن يبغي الشِّفاء من الجوى
فيفيقُ مضناه ويحيا ميتُه
بيدي حياةُ متيَّمي وحِمامُهُ
فلكم تلافيْتُ الذي أفنيتُه
أسألتَ يوماً يوسُفاً مولى الورى
شِيَمَ الندى والباسِ واستجْدَيْتَه
مَلِكٌ إذا بذلَ الحبا قال الحيا
أخشى الفضيحَةَ إن أنا جاريْتُه
أمر العُلا ونهى فقالت طاعةٌ
ما شاء شِئْتُ وما أباه أبيْتُه
وسما انتماءً في ذؤابةِ خزرجٍ
فزكت أرومتُهُ وقدِّسَ بيتُه
بيتٌ عمادُ علاهُ سعد عُبادةٍ
وطنابُهُ الأنصار نِعْمَ البيتُ
مولاي قابل بالقبولِ وبالرِّضا
نظماً بدرِّ ثناك قد حلّيْتُه
رقَّتْ معانيه لديّ فلو جرى
سَحَراً نسيمُ الرَّوضِ لاسْتجفَيتُه
وعلى احتكامي في القَريضِ وإنني
يرويهِ عنِّي الدَّهرُ إن روَيْتُه
فلقد هممْتُ بأن أقوم بواجبٍ
من حقِّ مدحِكَ ثم ما وفَّيتُهُ