لمن يا مي هاتيك القباب
لِمَن يا مَيُّ هاتيكِ القِبابُ
لِمَن يا مَيُّ هاتيكِ القِبابُ
عَلى جَبَلٍ تَضَلُّ بِهِ الشِعابُ
أَشيمُ خِلالَها يا مَيُّ بَرقاً
فَهَل جادَت بِطَلعَتِها الرَبابُ
قِبابٌ تَسطَعُ الأَنوارَ فيها
وَيَسطَعُ في جَوانِبِها المَلابُ
قَد اِستَنكَهَتها فَنَشيتُ عُرفاً
يُضَوِّعُ كُلَّما مَرَّت كِعابُ
تَقومُ عُلا عَلى سَمرِ العَوالي
وَيَحرُسُها مِنَ البيضِ القُبابُ
وَتَرمي لِلمَطلِ عَلى حِماها
سِهاماً فَوقَ ما حَوَت الجِعابُ
غَدَت لِظِبائِها وَظَبيُ ذَويها
قُلوبُ القَومِ تَخضَعُ وَالرِقابُ
لَعَمري نَعَم حَيِّ أَبيكَ نِزارَ
كَأَسَدِ البَرِّ اَحذَرَهُنَّ غابُ
كُماةٌ تَسبِقُ الأَرواحُ شَداً
سَوابِحُ تَحتَها الخَيلَ العُرابُ
لَهُم غُرَرٌ مَواطِنٌ صادِقاتٌ
وَغاراتٍ تَميدُ بِها الرِحابُ
يَخوضُ فَتاهُم الغَمَراتُ حَرباً
وَنيرانُ القِتالِ لَها التِهابُ
وَيَرجِعُ بِالغَنيمَةِ بَعدَ صِدقٍ
وَلَيسَ غَنيمَةَالبَطَلِ الأَيابُ
يَطولُ وَلَيسَ يَجهَضُهُ خُطارُ
فَينَكاً أَو يَغيبُهُ الغِيابُ
يَذوقُ عَذابَ بَدءِ الأَمرِ لَكِن
عَواقِبُهُ لِمَورِدِهِ عَذابُ
تَقابَلَتِ الأُمورُ فَكُلُّ مُرِّ
يُعاقِبهُ اللَذيذُ المُستَطابُ
وَلَولا المَرُّ لَم تَشعُر بِعَذبِ
وَلَولا العَذبُ لَم يُشعِركَ صابُ
وَكُلُّ صُعوبَةٍ فَلَها سُهولُ
وَكُلُّ سُهولَةٍ فَلَها عِقابُ
أَما لَو لَم يَكُن طَرَفاً نَقيضُ
لَما قيلَ الخِطابُ لَهُ جَوابُ
وَأَفضَلُ ذي شُروعٍ مَن تَراهُ
يُقارِنُ غِبَّ مَبدَأَهُ الصَوابُ
وَمَن طَلَبَ الصَوابُ وَلَم يَقابِل
وُجوهَ الأَمرِ أَعجَزَهُ الطِلابُ
وَمَن عَدِمَ الصَوابَ وَقَد نَحاهُ
بِأَحسَنِ ما يَجِدُّ فَلا يُعابُ
وَمَن خاضَ العُبابَ بِقَصدِ رِبحٍ
فَإِنَّ الدُرَّ ماضَمَّ العُبابُ
وَمَن حَسِبَ الحَياةَ مَدى طَويلاً
يَكذِبُ ظَنَّهُ الأَجَلُ القُرابُ
إِذا وَلّى شَبابَ المَرءِ يَوماً
فَلَيسَ يُعيدُ صَبوَتَهُ الخُضابُ
أَلا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً
تَقولُ وَإِنَّما ذَهَبَ الشَبابُ
فَلا يَشغَلُ فُؤادَكَ في شَبابٍ
عَنِ العَمَلِ السَماعِ أَو الشَرابُ
وَلا يَقعُدكَ عَن عَمَلِ فَراغٍ
وَلَو لَم يَعقِبِ العَمَلَ اِكتِسابُ
فَإِنَّ السَيفَ طَبعُ الهِندِ يَصدا
إِذا ما طالَ يَخبَأُهُ القَرابُ
وَإِنَّ المَرءَ أَن يَلزَمَ سُكوناً
تَوَلّى هَيكَلَ الجَسَدَ الخَرابُ
سَيَعلَمُ كُلَّ مَن عَرَفَ المَعالي
بِأَنَّ الشُغلَ لِلعَليا نِصابُ
وَمَن في طَوقِهِ أَمرٌ فَعَيبٌ
لَدى إِجرائِهِ فيهِ اِرتِيابُ
وَمَن أَضحى لِأَمرٍ غَيرَ كُفؤٍ
فَأَليَقُ ما يَليقُ بِهِ اِجتِنابُ
أَلَم تَرَ ما أَصابَ السُحبَ لِما
تَبارى كَفُّ يوسُفَ وَالسَحابُ
وَلَم تَرَ ما أَصابَ الشُهبَ لِما
تَراءى وَجهُ يوسُفَ وَالشِهابُ
فَلا عَجَبُ إِذا ما نالَ فَوقاً
فَفَضلُ اللَهِ ذاكَ وَلا حِسابُ
بِهِ راجَت مِنَ العَلياءِ سوقٌ
وَعَزَّ بِهِ مِنَ الحُسنى جَنابُ
وَقَد زَهَرَت زِنادُ العِلمِ لِما
بِهِ مِن شُبهَةٍ رَفعُ الحِجابُ
وَقَد نِلنا رَغائِبَنا وَكانَت
أَمانِيّاً كَما لَمَعَ السَرابُ
غَدا مِن عُصبَةِ الأَفرادِ فَضلاً
بِما يَغدو مِنَ السَيفِ لَهُ صِحابُ
لَقَد جابَت مَدائِحُهُ البَوادي
عَلى نَكظٍ وَغِناها الرِكابُ
فَلَيسَ لِبَدرٍ شَهَرَتهُ مَغيبٌ
وَلَيسَ لِشَمسٍ بَهجَتُهُ ضَبابُ
كَأَنَّ خِلالَهُ أَن رَمَت مَدحاً
لِأَنواعِ الثَنا مِنها اِنتِهابُ
أَرومُ بِهِ الوَفاءَ فَمِن قُصوري
يَقومُ بِكُلِّ بَيتٍ لي عِتابُ
تَكَلَّ مَناطِقَ البُلَغاءِ فيهِ
وَلَو كانَت مَناطِقَنا الحِرابُ
لَقَد شَيَّدَت مَدرَسَةً تَعالَت
عَلى هامِ السِماكِ لَها كَعابُ
نَظَمتُ بِها مِنَ الأَصقاعِ وَلَداً
يَبلُغُهُم لِساحَتِكَ اِجتِيابُ
وَمَن يَترُكُ لِعُمرِكَ والِدَيهِ
إِلَيكَ فَما يُعَنِّفُهُ اِغتِرابُ
لِيَهنِكَ بِالسَلامِ مُرورِ عيدٍ
وَلَكِن ما لِبَهجَتِهِ ذَهابُ
وَلا زالَت بِكَ الأَعيادَ تَزهو
وَعيَشُكَ لِلسُعودِ لَهُ اِجتِذابُ
فَدُم لِلغَوثِ غَيثاً مُستَمِرّاً
وَبَدراً لَيسَ يُدرِكُهُ غِيابُ