لمن خافقات قد تعودت النصرا

لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا

​لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا​ المؤلف ابن سهل الأندلسي


لمَن خافِقاتٌ قَدْ تَعوَّدَتِ النصرا
هوافٍ بها الإسلامُ والملكُ قد قّرا
يريها الهدى بيضاً لمسترشدٍ بها
وإن كانَ يُبديها نجيعُ العِدى حُمرا
لئن لقَّبُوها بالعُقابِ فإنّها
قد اتّخَذَتْ قلبَ العدوّ لها وكرا
لقد فتكَ الأسطولُ في الشرَّ فتكةً
غَدا غِبُّها حُلواً ومشهدها مُرّا
أتتكَ بفتحٍ أوردَ الملكَ عَذْبَه
وأهدَتْ به الحربُ العوانُ يداً بِكرا
حكَتْ في بديعِ الشكلِ عنقاءَ مُغْرباً
و سميتِ الغربانَ إذ نعتِ النكرا
جرى ابنُ خلاص والأنامَ إلى مدًى
فقامَ جميعاً بالذي فاتهم طرا
و كمْ ديمةٍ جادتْ فأورتْ صدى الثرى
ولم يَرْوَ ظامٍ يقصدُ اللُّججَ الخُضْرا
فشا خوفهُ في الرومِ حتى حسامهُ
لهم صنمٌ سنوا السجودَ لهُ جهرا
وأحْسبُهُمْ قد ثَلّثُوه فإنّهم
يَرَوْنَ عَلَيْهِ النُّورَ والماءَ والجَمْرا
لقد عاقهمْ عن كلّ وجهٍ ومذهبٍ
فأمسَوْا، وهمْ سكانُ أوطانهم، أسرى
غذا حيوانَ البرّ والبحرِ سيفهُ
فَلَوْ نَطَقَتْ قامَتْ تُقرِّظُه جهرا
بمَلْحَمَةٍ في البحرِ تُشْبعُ حوتَهُ
و في البرّ أخرى تشبعُ الذيبَ والنسرا
جَوارٍ إذا المَوْجُ الخضَمُّ ازدهى بها
تَخَيّلْتَها الكثبانَ حامِلَةً زهرا
مساعٍ ثنتْ شاكي السماكينِ أعزلاً
جباناً بها النصرا
ومرقًى سما عِنْد السُّها ومَسالكٌ
إلى المجدِ لم تشرع فمذهبها الشعري
بصيرٌ بطرقِ البأسِ والجودِ لم تزلْ
وقائعُهُ جهراً ومعروفُهُ سرّا
لَهُ سِيَرٌ أذكرْنَنا عُمَراً إلى
مواقِفَ في الهيجاءِ أنْسَيْنَنا عَمْرا
ربيعَ النّدى نورَ الهدَايَةِ لم يَزَلْ
فينصرُ مقتراً ويطعمُ معتراً
إذا ما احتبى في القومِ أو خطرَ اقتدى
بحكمتهِ لقمانُ أو عزّه كسرى
يقودُ عصياتِْ القلوبِ بيانهُ
فلَوْلا تُقاه كنتُ أحسبه سحرا
محيّاً ضياءُ الشمسِ فِيهِ ذُبالةٌ
وكفٌّ يمِينُ الغادِياتِ لها يُسْرَى
ولَوْ أنَّ عند الزُّهرِ بعضَ خلالِهِ
لما كان رأيُ العينِ يستصغرُ الزهرا
لئن جاء في أخرى الزمانِ زمانهُ
فإنَّ ذبابَ السيفِ أشرفهُ قدرا
أتى بعدهمْ أعلى وأنجدَ منهمُ
كما شفعُ الأعدادِ في الرتبة الصغرى
حكى يوسفاً في العدلِ والصدقِ واغتدت
عطاياهُ نيلاً واغتدَتْ سبتَةٌ مصرا
وكانَتْ ثُغورُ الغربِ تبكي أسًى فقَدْ
غذا كلُّ ثغرٍ ما عدا سبتةً ثغرا
تدومُ عطاياهُ وَيُحْمَدُ غِبُّها
و صوبُ الحيا إن دام إلمامهُ ضرّا
وما في أيادِيهِ الكريمةِ مَطْعَنٌ
تُعابُ بِهِ إلا تَعبُّدُهُ الحُرّا
ملأتُ يدي منه ومن نجلهِ الرضى
وَمَنْ رُزِقَ اليُسرين لم يَرْهَبِ العسرا
وأنَّسَ من وحشِ المُنى جودُ كفّهِ
و ألبسَ أعطافي برودَ المنى خضرا
ألا والبس النُعمى.....
.......
أبو القاسم المعيي الكرامَ بغتيةٍ
من السبق فيها يحسدُ القرح المهرا
إذا نالَ بالأهلِ القضاعيُّ خُلَّةً
من الفضلِ زادتهُ سجيته عشرا
خلعتَ على عطفيهِ مجدكَ فارتدى
كذا الأصل يكسو فرعه الورقَ النضرا
تَحَلّى المعالي في صِباهُ، وإنّما
يرى الحليُ من بينِ الأناملِ في الصغرى
و تمَّ ثناءً في الشبابِ، وهكذا
تَرى الروضَ في أسحاره يبعثُ النشرا
أتاكَ وقدْ أضحى منَ الخشي قلبهُ
ولا أضلعٌ تحويه إلاّ القنا السُّمرا
بحيثُ بدتْ عوجُ القسيَّ أهلةً
و قدْ أحدقتْ من وجههِ قمراً بدراً
لعَمْري لقَدْ حاط البلادَ مسيرُهُ
وأوسَعها حُسناً بأوْبَتهِ الغَرَّا
هو الكوكبُ الدريُّ يحرسُ أفقهُ
إذا انقضَّ أو يكسوه نوراً إذا قرّا
بِطَنْجَة لمّا سار يتبعُهُ الرِّضى
وسبتةَ لما زار تَقْدُمُه البشرى
كما اخْترق الغيثُ البلادَ محبَّباً
تهشُّ لهُ أرضٌ وتشكرهُ أخرى
ألا هكذا فليسعَ للمجدِ منْ سعى
ويجري لآمادِ المكارِمِ مَنْ أجرى
ودُونَك أبكارَ القوافي وإن بدا
عَلَيْها حياءٌ فهوَ من شيَمِ العَذْرا
مُنَضَّرةً بِيضَ الوجوهِ تخالُها
على صفحةِ الطرسِ الدراريَّ والدُّرَّا
بنو العبدِ رقٌّ مثلُهُ، وخواطري
عبيدُك، لكن تُنتج الكَلِمَ الحُرَّا
أمنتُ بكَ الأيامَ بلْ خفتها فقدْ
أفدتُ غنًى أخشى على مثله الدهرا