لم أر غير حمة الدؤوب

لم أرَ غيرَ حمة ِ الدؤوبِ

​لم أرَ غيرَ حمة ِ الدؤوبِ​ المؤلف أبو تمام


لم أرَ غيرَ حمةِ الدؤوبِ
تواصلث الادلاجَ بالتأويبِ
أَبعَدَ مِنْ أَيْنٍ ومِنْ لَغوبٍ
منها غداةُ الشارق المهضوبِ
تجائباً وليس من نجيبِ
شَبَّابةَ الأعناقَ بالعُجُوبِ
كاللَّيلِ أَوْ كاللُّوبِ أَوْ كالنُّوبِ
منقادةص لغادرٍ غربيبِ
كالشيعَةِ التفَّتْ على النَّقِيبِ
آخذةً بطاعةِ الجنوبِ
ناقضةً لمررِ الخطوبِ
تكفُّ غربَ الزمنِ العصيبِ
مَحَّاءَةً لِلأزمةِ اللَّزُوبِ
محو استلامِ الركنِ للذنوبِ
لما بدت للارضِ من قريبِ
تَشَوَّفَتْ لِوَيْلِها السَّكُوبِ
تَشَوُّفَ المَرِيضِ لِلطَّبِيبِ
وَطَرَبَ المُحِب لِلحَبِيبِ
وفَرْحَةَ الأدِيبِ بالأدِيبِ
وخيمت صادقةَ الشوبوبِ
فقام فيها الرعدُ كالخطيبِ
وحَنَّتِ الريحُ حَنِينَ النَّيبِ
والشمسُ ذَاتُ حاجِبٍ مَحْجُوبِ
قد غربت من غير ما غروبِ
والأرْضُ في رِدائِها القَشِيبِ
في زَاهِرٍ مِنْ نَبْتِها رَطيبِ
بعد اشتهابِ الثلجِ والصريبِ
كالكَهْلِ بعدَ السن والتَّحِنيبِ
تبدّلُ الشبابَ بالمشيبِ
كمْ آنستْ مِنْ جانبٍ غَرِيبِ
وغَلَبَتْ مِنَ الثَّرَى المَغْلُوبِ
و نفست عن بارضٍ مكروبِ
وسَكَّنَتْ مِنْ نافِرِ الجَنُوبِ
وأقنَعَتْ مِنْ بَلدٍ رَغيبِ
يَحفظُ عَهْدَ الغَيْثِ بالمَغِيبِ
لذيذةَ الريقِ مع الصبيبِ