لم يزل قلبه إليهم مشوقا

لم يزلْ قلْبُهُ إليهم مَشوقا

​لم يزلْ قلْبُهُ إليهم مَشوقا​ المؤلف ابن الرومي


لم يزلْ قلْبُهُ إليهم مَشوقا
ثم أضحَى لديهمُ معلوقا
بانَ قلبي فشاقني وجديرٌ
حُقَّ للقلب بائناً أن يشوقا
يا فتى بان قلبُهُ وهو ثاوٍ
قُل لحاديك قد أنى أن تَسوقا
جَلَّ مِقدارُ ما نأى عنك فارحل
عِرمساً تترك الحَصى مدقوقا
فاطلُب القلب والذين سَبَوْهُ
عائقاً كل عائقٍ أن يعوقا
لم تدعني حبائلُ الشادنِ الأك
حل حتى نشِبتُ فيها نشوقا
علَّقتني حبالةٌ منه ما انفكْ
ك فيها بنَبْله مَرْشوقا
أحلالٌ أن يحزق الصيدَ صبراً
من رأى في حباله محزوقا
طالب اللَّهُ مُقلتيه السَّحوري
نِ بحقِّي وقدَّه الممشوقا
منع العينَ قُرةُ العين أن تل
تذَّ طعمَ الرُّقاد بل أن تذوقا
ما أنى مُسعِداً حماماً سجوعاً
فيه أو زاجراً غراباً نعوقا
ويْكَ ياعائب الحبيب لتسلى
عنه مهلاً طلبْتَ أحوى عقوقا
بأبينا حديثُ من عِبْتَ مسمو
عاً وبالنفس وجههُ مرموقا
قد رضينا الحبيبَ لوكان مَرْ
ضِيَّا لدينا بعهده موثوقا
أيها الذائقُ المُمِرَّاتِ صبراً
إنَّ شهداً في إثرها ملعوقا
آل نوبختَ ليس يعدمُ راجي
كُمُ صبوحاً من رفدكم وغَبوقا
كم نوالٍ لكم بكورٍ طروق
قد كفى نوبةً بكوراً طروقا
رُبَّ وادٍ أحلَّ من بعد إحرَا
مٍ فأضحى عفاؤه محلوقا
جُدتُم جودةً فأصبح رائي
ه بآثارها عليه مَروقا
طَفِقتْ تمطر العفاة سماءٌ
من جَداكم فما أساءتْ طُفوقا
حَسبُكم ويبَ غيركم قد تركتم
كل حرٍّ بفعلكم مرقوما
أيَّ جيدٍ ترونه ليس يُمسي
في عري عارفاتكم مربوقا
وإذا ماجريتُم في مدى الحك
مة خَلّفتُمُ الطَّلوبَ اللحوقا
وتُقاسون بالسَّراة ومازل
تُمْ تفوقونَ فائقاً لامفوقا
فتكونونَ للوجوه أنوفاً
وتكونون للرؤوس فُروقا
قد وسطتم وفقتُم وتقدّمْ
تُمْ فأنذرتُ حاسداً أن يموقا
لاتلجنَّ في معاندةِ الحقْ
قِ فتُعتدَّ جاهلاً مألوقا
كم عدو لكم غدا يجتديكم
ولقد بات نابُهُ محروقا
فاجتدى نخلةً قريباً جَناها
قد أنافتْ على النخيل بُسوقا
لايراها أشاءةً من يُسامي
ها ولا من بغَى جناها سحوقا
أيها الطالبون خيراً وشراً
إنَّ شوْكاً فيها وإنَّ عُذوقا
لاتزلْ عينُ شانيءٍ تتقذا
كم مَعوراً إنسانُها مبخوقا
ووقاكُمْ به الإِلهُ ولقَّا
هُ من الجائحات حداً حلوقا
لم أقل إذ صحبتكُمْ بعد أقوا
م تبدَّلتُ بعد نوقٍ عنوقا
يحذقُ الناس ماتعاطوا وما أح
سبُ مدحاً في مثلكم محذوقا
يا أبا سهلٍ الذي راع في السؤ
دد لا لاحقاً ولاملحوقا
بل سَبوقاً إلى البعيد من الغايا
تِ عند الجراء لامَسبوقا
والذي أبصَر السحابُ عطايا
ه فأضحى يشيمُ منه البروقا
ورآه العيُّوقُ في فلكِ المج
دِ فأمسى يخالُهُ العيُّوقا
والذي يَبهرُ البدورَ ببدرٍ
لايُرى كاسفاً ولاممحوقا
وإذا رامَهُ عدو رآه
جبلاً فوق رأسِه منتوقا
وإذا امتاحَهُ وليٌّ رآه
عارضاً واهي الكُلى معقوقا
وإذا الخصْمُ لبَّس الحقَّ بالبا
طلِ كان المميِّز الفاروقا
مالقينا مثل البُثوق اللواتي
مُنحتْ منك بعد برٍّ عُقوقا
لاقُصوراً من الكرامة عنا
غيرَ أن اللقاء أضحى معوقا
تركت لي حشاً عليك خَفوقا
وفؤاداً إليك صبَّاً مشوقا
عجباً من خليفةٍ وأميرٍ
كلَّفا البحر أن يَسدَّ البثوقا
كيف يُرجى لسدَّ بثْقٍ جوادٌ
لم يزل ماءُ جُوده مبثوقا
أريحيٌّ تُخاف بائقةُ الطوفا
نِ من بطنِ كفه أن تبوقا
وليَ السَّد وهو أقومُ بالفت
ح وإن كان قد يسدُّ الفتوقا
وجديرٌ شرواه أن يرتقَ المف
توق طوراً ويفتق المرتوقا
شقَّ بحراً من البحارِ وأرسى
جبلاً شامخاً يفوقُ الأنوقا
هزَّ للماء هذمةً كعصا مو
سى فأضحى عموده مفروقا
بَيْن فرقيه برزخٌ مثل رضوى
عفق البثقَ فانتهى معفوقا
وثنى النِّيلَ نحو مَسْلِكه الأرْ
شِد لما اعتدى وجار فُسوقا
يابن نُوبختَ وابن أبنائه الصي
د كذا تُشْبه الغصونُ العروقا
لاعَدمناك حُوّلا قُلبيا
مخلطا مزيلا فَتُوقا رتوقا
لتقلَّدتَ حفر اسناءة النِّي
ل كميشا تُخال سيفاً دلوقا
تسبقُ الفجرَ بالغدوِّ عيها
ثم لاتستفيقُ إلا غُسوقا
لازماً بطنها تراها قناةً
وترى طِينها هناك خَلوقا
وترى السَّافياتِ تجري بها الأر
واحُ مسكاً يَذْرونه مسحوقا
كم حُلوقٍ بَلَلْتها قد أفاءت
لك ذِكراً في الناس يشجي الحُلوقا
كان مما حدَّثتُ ضيْفك أن قل
تُ وقد حَلَّ في ذُراك طروقا
لو ترانا في بطن إسنايةِ النِّي
ل لأبصرتَ هارباً مرهوقا
هارباً من مَغوثةٍ كم أغاثت
من لهيفٍ ونفَّست مخنوقا
تقدُم الماء وهو يتبعُنا في
ها مُخلَّى سبيلُه مدْفوقا
كلما استقبلْتُه فيها صعودا
ءُ شققْنا له هناك شُقوقا
فإذا ما احزأَلَّ فيها نَجوْنا
منه عدواً فلا يسيء اللُّحوقا
والمساحي تسوقُهُ نحو مجرا
هُ فيا حُسنه هناك مسوقا
عجباً أن تفرَّ منه وقد حُم
مِل من ميرةِ الحياةِ وسوقا
بل لتطريقنا له وهو المه
روبُ منه ولم يكن ذاك مُوقا
دأبُنا ذاك سائرَ اليوم حتى
ملأ الماءُ بطنها المشقوقا
لو تراها وقد تسامتْ ذُراها
خِلت أمواجَها جمالاً ونوقا
صنعُ والٍ يُمسي ويصبح مصبو
حاً بإتعاب جسمه مَغبوقا
وهبَ النفسَ للعلا فجَزَتْهُ
رتبةً تفرع النجوم سُموقا
يا أبا سهلٍ الذي راق مرئي
اً وطابَ المخبور منه مَذوقا
لم تزل مبدئاً مُعيدَ الفضلِ
وبما أنت فاعلٌ محقوقا
لا عجيبٌ صفاءُ ودِّك للخِل
ل إذا كان خيمُك الرَّاووقا
مثلُ ذاك الطِّباع صُفَّي من الأق
ذاء مستأثراً بذاك سَبُوقا
قد قرأنا كتابك الحسن النَّظ
مِ فخلْناهُ لؤلؤاً منسوقا
ووقفنا على خطَابك إيا
يَ فأصبحتُ وامقاً موموقا
وبأني معشوقُ نفسك لا تُضْ
حِي وتُمسي إلا إليَّ مشوقا
فرأينا تطولاً وسمعنا
منطقاً مونقاً كوجهك رُوقا
إن تكن عاشقاً لعبدك تَعشقْ
عاشقاً لم تزل له مَعشوقا
ولأنت المحقوقُ بالعشق لا المر
زوقُ لكن إخالُني المرزوقا
غير أني إذا تأمَّلتُ إخلا
صك ودِّي أهَّلتني أن أروقا
أنا من إن عشقته فلودٍّ
خالصٍ منه لم يكن ممذوقا
وكأني وقد طويتُ إليك النا
سَ جاوزتُ نحو ماءٍ خُروقا
ولعمري لقد وَردْتُكَ عذباً
لاجوى آجناً ولا مطروقا
دائمَ العهد لا يُنقِّلكَ الغد
رُ إذا خِيل بعضهُم زاووقا
إن تكن جاحداً لنُعماك عندي
لاتجدني لها كفوراً سَروقا
تلك شمسٌ لها لديك غروبٌ
وتلاقي لها لديَّ شروقا
إن هذا من الأمور لَبِدعٌ
حين ترعي الأمور عيناً رَموقا
شرقُ شمسٍ فيه تغيب وغربٌ
فيه تُبدي صباحها المفتوقا
أنت من راشني أثيثَ رياشي
وكسا اللحم عظمِيَ المعروقا
واتّقاني بحقِّ سلطان ودّي
قِسمةً ماذممتُها وطسوقا
مُجرياً ذاك سُنَّةً لي ما دا
م نهارٌ لليلهِ موسوقا
ولما كنتَ مستودع الما
ءِ سِقاءً مُهزَّما مخروقا
لا ولا مثل زارعٍ في سباخٍ
غادرت جُلَّ زرعه ماروقا
أنا ممن يستقرِض العُرف مف
عولاً ويقضِي أضعافه منطوقا
ورأيناك لاتقاضي إذا أق
رضت قرضاً إلا لساناً نطوقا
بل وجدناك لامُريغاً جزاءً
بل إلى البذل لا سواه تؤوقا
حاشَ للَّه لم تكن عند إفضا
لٍ إلى غير ذاته لتتوقا
يا مُهاناً تِلادُهُ كل هُونٍ
متحفَّى بضيفه مَرفوقا
سالماً عِرضُه وإن بات بالأل
سن من عاذلاته مسلُوقا
نُصبَ وفدين ركب ماءٍ وطوراً
ركب ظهرٍ يعول سباسب خُوقا
لاكمن أعتَب العواذل مذْمو
ماً فأضحى أديمُهُ ممزوقا
كم وعيدٍ أخلفت لو حُقَّ أمسى
من أصابت سماؤه مصعوقا
وعِداتٍ أنجزَت عفواً وحاشى
عِدة منك أن تَشوك بروقا
ياسَميَّ الصدوقِ في الوعد إس
ماعيلَ أنى يكون إلا صَدوقا
ورَعاً أن تُقارف البخل كفَّا
كَ وهيهاتَ أن تُلاقي فروقا
رابط الجأش في الخطوب وماتع
دمُ قلباً من خوف ذمٍّ خَفوقا
تركُب السيفَ في المعالي ولكنْ
تتقي شفرةَ اللسان العَروقا
وتشيمُ الأمورَ غير مُضاهٍ
راعيَ الثَّلة النؤومَ النعوقا
قد بلونا يومَيْك يابن عليٍّ
فحمدنا المغيومَ والمطلوقا
يومك الحاتميِّ والتارك الخص
مَ مزلاً مقامُهُ زُحلوقا
لك يومٌ من الندى ذو سماءٍ
لم تزل ثرَّةَ الفروغ دفوقا
شفْعَ يوم من الحجى ذي حجاجٍ
تدع الشبهةَ الثَّبوت زَلوقا
تنتحي مقتلَ الخصيم وقَوراً
لاخفيفاً عند الخُفوف نَزوقا
منطقياً تُصرِّف الجنس والفص
لَ وما ولَّدا جَموعاً فروقا
بارَ حمدُ الرجال بين ملوك النْ
ناس حتى أقمتَ للحمد سوقا
وغدا الشعرُ في فنائك مبرو
راً وقد كان برهةً معقوقا
فابقَ يفديك من يفي بك مَفْ
ديَّاً ومن ليس عادلاً ثُفروقا
إن تقدَّم مُنافسيك فلن يُذ
كر للنصل إن تقدَّم فُوقا
غير ماطاعنٍ على من يُسامي
كَ ولكن لفائقٍ أن يفوقا
لو مدحناكَ بالمديح الذي قد قي
ل في الناس لم يكن مسروقا
ولكُنَّا في ما فعلناه كالحكا
م رَدُّوا على مُحقٍّ حقوقا
مدح الأولونَ قوماً بأخلا
قكَ من قبل أن تُرى مخلوقا
نَحَلوهم ذخائراً لك بالبا
طلِ منقِيلهم وكان زَهوقا
فانتزعنا الغُصوبَ من غاصبيها
فحبا صادقٌ بها مصدوقا