له الويل من ليل تطاول آخره
له الويل من ليل تطاول آخره
لَهُ الوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تِطَاول آخِرهْ،
وَوَشْكِ نَوَى حَيٍّ تُزَمُّ أبَاعِرُهْ
إذا كانَ وِرْدُ الدّمعِ بالنّأيِ أعوَزَتْ،
بغَيرِ تَداني الحِلّتَينِ، مَصَادِرُهْ
أدارَهُمُ الأُولى بِدارَةِ جُلْجُلٍ!
سَقَاكِ الحَيَا رَوْحَاتُهُ وَبَوَاكِرُهْ
وَجَاءَكَ يَحكي يوسُفَ بنَ مُحَمّدٍ،
فَرَوّتْكِ رَيّاهُ، وَجادَكِ ماطِرُهْ
عَلى أنّهُ، لَوْ شَاءَ رَبْعُكِ بَيّنَتْ
مَعالِمُهُ للصّبّ أينَ تُمَاضِرُهْ
وإنّي لَثَانٍ مِنْ عِنَانَي، فَسائِلٌ
جآذِرَهُ، أينَ استَقَرّتْ جآذِرُهْ؟
تَقَضّى الصّبَا، إلاّ خَيَالاً يَعُودُني
بهِ ذو دَلالٍ، أحوَرُ الطَّرْفِ، فاترُهْ
يَجُوبُ سَوَادَ اللّيل من عِندِ مُرْهَفٍ،
ضَعيفِ قَوَامِ الخَصرِ سُودٍ غَدائرُهْ
فيُذكِرُني العهدَ القَديمَ وَلَيْلَةً،
لَدى سَمُرَاتِ الجِزْعِ إذ نامَ سامرُهْ
وَعَهْداً أبَيْنَا فيهِ، إلاّ تَبايُناً،
فَلا أنَا نَاسِيهِ، وَلاَ هُوَ ذاكِرُهْ
رأيتُ أبا يَعقُوبَ، والنّاسُ ذو حِجًى
يُؤمِّلُهُ، أوْ ذُو ضَلالٍ يُحاذِرُهْ
هوَ المَلِكُ المَرجوُ للدّينِ والعُلا،
فَلِلّهِ تَقْوَاه، ولِلْمَجدِ سائرُهْ
لهُ البأسُ يخشَى، والسّماحةُ تُرْتَجى،
فَلاَ الغَيثُ ثَانِيهِ، وَلاَ اللّيثُ عاشرُهْ
وَقُورُ النّوَاحي، والنّدى يَستَخِفُّهُ
لنَا، وأمِيرُ الشّرْقِ، والجُودُ آمرُهْ
إذا وَقَعَتْ بالقُرْبِ مِنْهُ مُلِمّةٌ،
ثَنَى طَرْفَهُ نَحْوَ الحُسَامِ يُشَاوِرُهْ
إذا خَرِسَ الأبطالُ في حَمَسِ الوَغَى،
عَلَتْ فَوْقَ أصْوَاتِ الحَديدِ زَماجرُهْ
إذا التَهَبَتْ في لحظِ عَيْنَيْهِ غَضْبَةٌ،
رأيْتَ المَنَايَا في النّفُوسِ تُؤامِرُهْ
وَلاَ عِزّ للإشْرَاكِ مِنْ بَعدِ ما التَقَتْ
على السّفحِ من عَليا طَرُونَ عَساكرُهْ
وَلَيْسَ بِهِ ألاّ يَكُونَ مَرَامُهَا
عَسيراً، ولَكِنْ أسلَمَ الغابَ خادِرُهْ
وَمَا كَانَ بُقرَاطُ بنُ آشُوطَ عِندَهُ
بأوّلِ عَبْدٍ، أوبقَتْهُ جَرَائرُهْ
وَقد شاغَبَ الإسْلاَمَ، خَمسينَ حِجّة،
فلا الخَوْفُ ناهيهِ، وَلا الحِلْمُ زَاجرُهْ
وَلَمّا التَقَى الجَمعَانِ لمْ تَجتَمعْ لَهُ
يَداهُ، وَلَمْ يَثبُتْ عَلى البيضِ ناظرُهْ
وَلَمْ يَرْضَ من جَرْزَانَ حِرْزاً يُجِيرُهْ،
وَلاَ في جِبَالِ الرّومِ رَيْداً يُجاوِرُهْ
فَجَاءَ مَجيءَ العَيْرِ قادَتْهُ حَيرَةٌ
إلى أهرَتِ الشّدقَينِ تَدمى أظافِرُهْ
وَمَنْ كَانَ في استِسْلاَمِهِ لائِماً لَهُ،
فإنّي عَلى ما كانَ مِنْ ذَاكَ عاذِرُهْ
وَكَيفَ يَفُوتُ اللّيثَ في قيدِ لحظَةٍ،
وَكَانَ عَلى شَهْرَيْنِ، وَهوَ مُحَاصِرُهْ
تَضَمّنَهُ ثِقلُ الحَديدِ، فأُحكِمَتْ
خَلاخِلُهُ مِنْ صَوْغِهِ، وأسَاوِرُهْ
فإنْ أدْرَكَتْهُ بالعِرَاقِ مَنِيّةٌ،
فَقاتِلُهُ، عِندَ الخَليفَةِ، آسِرُهْ
بتَدْبِيرِكَ المَيمونِ أُغْلِقَ كَيْدُهُ
عَلَيْهِ، وَكَلّتْ سُمرُهُ وَبَوَاتِرُهْ
وَطَيِّكَ سِرّاً، لَوْ تَكَلّفَ طَيَّهُ
دُجَى اللّيلِ عَنّا لَمْ تَسَعْهُ ضَمَائِرُهْ
وَلَمْ يَبقَ بِطْرِيقٌ لَهُ مثلُ جُرْمِهِ
بأَرّانَ، إلاّ عَازِبُ اللّبّ طائِرُهْ
كَسَرْتَهُمُ كَسَرَ الزّجَاجَةِ بَعدَهُ،
وَمَنْ يَجْبِرُ الوَهْيَ الذي أنتَ كاسرُهْ
فإنْ يَكُ هذا أوّلَ النّقصِ فيهِمِ،
وكنتَ لَهُمْ جاراً، فَما هو آخِرُهْ
وَمَا مُسْلِمُ الثّغْرِ، المُعَانِدِ رَبَّهُ،
بِنَاءٍ عن الكأسِ، التي اشتَفّ كافرُهْ
وَقَدْ عَلِمَ العاصي، وإنْ أمعَنَتْ بهِ
محَلّتُهُ في الأرْضِ، أنّكَ زَائِرُهْ
حُسَامٌ، وَعَزْمٌ كالحُسامِ، وَجَحْفَلٌ
شِدادٌ قُوَاهُ، مُحصدَاتٌ مَرَائِرُهْ
قَليلُ فُضُولِ الزّادِ، إلاّ صَوَاهلاٌ
ظَهَارِيُّ طَعْنٍ، أوْ حَديداًٌ يُظاهِرُهْ
إذا انْبَتّ في عَرْضِ الفَضَاءِ فمَذحِجٌ
مَيامِنُهُ، والحَيُّ قَيسٌ مَيَاسِرُهْ
تهول الصدور الهائلات سليمة
واعصره في السابغات وعامرة
أمَعشَرَ قَيسٍ، قَيسِ عَيلانَ، إنّكُمْ
حُماةُ الوَغَى، يوْمَ الوَغى، وَمَساعِرُهْ
عَجِلْتُمْ إلى نَصْرِ الأميرِ، وَلَمْ يَزَلْ
يُوَالَى مُوَالِيهِ، ويُنْصَرُ ناصِرُهْ
وإنْ يَكثُرِ الإحْسانُ مِنكُمْ، فإنّهُ
بأنْعُمِهِ جازٍ عَلَيْهِ، وَشَاكِرُهْ
غَدا قِسْمَةً عَدْلاً، فَفيكُمْ نَوَالُهُ،
وَفي سَرْوِ نَبْهَانَ بنِ عَمْروٍ مآثِرُهْ
وَلاَ عَجَبٌ إنْ تَشهَدوا الطّعنَ دونَهُ،
وَمَا عَشَرَتْكُمْ في نَداهُ عَشائِرُهْ
وَلَوْ لمْ تَكُنْ إلاّ مَساعيكُمُ التي
يَقُومُ بها، بينَ السّماطَينِ، شاعرُهْ