لولا قضاؤك بين الحكم والحكم

لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ

​لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ​ المؤلف ابن سهل الأندلسي


لولا قضاؤكَ بينَ الحكمِ والحكمِ
لمَا جَرَى السيفُ في شأوٍ مَعَ القلمِ
لكَ الندى والهدى نجلو بنورهما
ليلاً من الجهلِ أو ليلاً من العدمِ
أطلعتَ صبحَ الهدى والعدلِ فامتحقا
دُجُنَّةَ الفاحِمَينِ: الظُّلْمِ والظُّلَمِ
فانهضْ بجدكَ في حسمِ الضلالِ كما
دبّ السّنا في الدجى والبرءُ في سقمِ
لا يغرقُ البحرُ في غمرِ السرابِ ولا
يخلُّ بالنبعِ فرعُ الضالِ والسلمِ
لو أنَّ أرضاً سعتْ شوقاً لمصلحها
جاءتكَ أندلسٌ تمشي على قدمِ
ألبستَ حمصَ سلاحاً لا يفلُّ وقدْ
سلَّ النِّفاقُ عَلَيها سيفَ مُنتقِمِ
وخلِّ قَوْماً تلوا ما لَيْس ينفعُهُمْ
كأنما عكفوا فيه على صنمِ
ظَنّوا الشّقاوةَ فِيما فِيهِ فوزُهُمُ
لا تثقلُ الدرعُ إلا عندَ منهزمِ
غَرَّتْهُمُ بهجَةُ الآمالِ إذ بَسَمَتْ
وهَل يَسُرُّ ابتسامُ الشيبِ في اللممِ
أضحى أبو عمرو ابن الجدّ منفرداً
في الناسِ كالغُرّةِ البيضاءِ في الدهمِ
مجبباً كالصِّبا في نفسِ ذي هَرَمٍ
معظَّماً كالغِنى في عينِ ذي عَدَمِ
لَوْ شاءَ بالسَّعْدِ ردَّ السهمَ في لُطُفٍ
بَعْدَ المُروقِ، ونالَ النجمَ من أَممِ
أغرُّ ينظرُ طرفُ الفضلِ عن حورٍ
منهُ ويشمخُ أنفُ المجدِ عن شممِ
لَوْ أنَّ للبدرِ إشْرَاقاً كَغُرَّتِهِ
كانَ الكُسوفُ عَلَيْهِ غيرَ متّهَمِ
دارَتْ نُجومُ العُلا مِنْهُ عَلى عَلَمٍ
و أضرمتْ منهُ نارُ الفخرِ في علمِ
موكلٌ بحقوقِ الملكِ يحفظها
بالمجدِ والجدّ حفظَ الشكرِ للنعمِ
نامتْ بهِ مقلةُ التوحيدِ آمنةً
وعينُهُ لَمْ تَذُقْ غَمضاً ولَمْ تنمِ
تضحي الرياضُ هشيماً إذ تحاربهُ
ويورقُ الصخرُ إن ألقى يدَ السَّلَمِ
حمى الهدى وأباحَ الرفدَ سائلهُ
فالرفدُ في حربٍ والدينُ في حرمِ
فجودُ راحتهِ ريٌّ بلا شرقٍ
وضوءُ سيرتهِ نورٌ بِلا ظُلَمِ
يا مَنْ عَلى المَدْحِ شَينٌ في سواهُ كما
يستقبحُ التاجُ معقوداً على صنمِ
و منْ جرى نيلهُ بحراً فغاصَ بهِ
أهلُ الثناءِ عَلى دُرٍّ مِنَ الكلمِ
لئِنْ هزَزْتُكَ للدهرِ الخؤونِ فَما
هززتُ للحربِ غيرَ الصارمِ الخذِمِ
و إن جنيتُ بكَ الترفيةَ من شطفٍ
فربَّ مغفِرةٍ تُنجي مِنَ النّدَمِ